سوريا: اكتشفنا مراقبا عربيا!
طارق الحميد
يبدو أننا في صدد اكتشاف أول مراقب عربي حقيقي في سوريا، وربما أكثر، من بين جملة من سميتهم من قبل بوفد المتفرجين العرب، وهو على عكس رئيس البعثة العربية بسوريا، كما أنه، أي المراقب الحقيقي، قد نسف كل جهود أمين عام الجامعة العربية الذي حاول «ترقيع» تصريحات الجنرال السوداني.
فقد بثت قناة «العربية» شريطا يظهر أحد المراقبين العرب، ويتحدث بلهجة مغاربية، يقول فيه إن قناصة النظام الأسدي موجودون بدرعا، ويطالب بانسحابهم، وبكلام واضح، ومباشر، ينسف كل ما قاله الجنرال السوداني عن الأوضاع الجيدة بسوريا، وينسف أيضا التوضيح، أو «الترقيع» الذي قام به أمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي، على خلفية تصريحات الجنرال السوداني، حيث قال العربي إن ما قصده رئيس البعثة العربية بالأوضاع الجيدة بسوريا لم يكن المقصود به الأوضاع على الأرض، وإنما تعاون النظام الأسدي، والحقيقة أن الشريط الذي بثته قناة «العربية» للمراقب العربي الحقيقي الذي شكا من القناصة الأسديين، ينفي كلام العربي، ويجعله غير ذي قيمة، مما يظهر جديا أن الجامعة العربية مرتبكة، ومتناقضة.
فما يحدث بسوريا لا يتطلب وفودا، ومراقبين، وإنما يتطلب جهدا حقيقيا لوقف آلة القتل الأسدية هناك؛ فما يفعله نظام الأسد بالسوريين جريمة حقيقية، ومجرد الصمت عنها يعد شراكة حقيقية مع أداة القتل الأسدية، فالقصة ليست عاطفة، أي الدفاع عن السوريين وإدانة بشار الأسد، كما أن الفذلكة العربية تعتبر عجزا، وليس عقلانية.
فما يحدث بسوريا من قبل الطاغية وآلته القاتلة، ليس بحاجة إلى وفود ومراقبين، بل هو أمر مثبت، ومن دون الحاجة لجنرال سوداني أعظم إنجازاته خدمة نظام البشير، أو وفد من المتفرجين العرب، الذين لم نجد بينهم إلا مراقبا حقيقيا واحدا، حتى الآن، امتلك الجرأة للتحدث أمام كاميرا من سوريا، وقال إن قناصة الأسد موجودون بالفعل، فكم كانت لافتة تلك اللوحة التي حملها المتظاهرون بحماه تقول: «المراقبون كالأشباح فلم نر منهم أحدا في حماه»!
فالمطلوب اليوم، وهو ما قلناه مرارا وتكرارا، أن يتم منح السوريين منطقة عازلة، وفرض لحظر الطيران، سواء تحت مظلة مجلس الأمن، أو خارجه، ودون الاكتراث بما يقوله، أو يفعله، الروس الذين هرعوا لإصدار بيان يشيد بجهود النظام الأسدي، وتعاونه مع المراقبين العرب، وذلك عطفا على تصريحات الدابي التي حاول الأمين العام للجامعة «ترقيعها»، حيث تقول الخارجية الروسية في بيانها إنه «بالنظر إلى التصريحات العلنية التي أدلى بها رئيس البعثة، مصطفى الدابي، الذي ذهب في أولى زياراته إلى مدينة حمص.. يبدو الوضع مطمئنا»، هكذا وبكل بساطة! فموسكو لا تكترث بالضحايا السوريين، وإن بلغ عددهم الستة آلاف قتيل، ولذا فلا بد من تحرك حقيقي لمساعدة السوريين على طي صفحة سيئة بتاريخ سوريا، والمنطقة كلها، نحتاج إلى موقف عربي شجاع، مثل موقف ذاك المراقب العربي الحقيقي، والشجاع.
الشرق الأوسط