صفحات العالم

جديد الساحة الإيرانية الواحدة/ وليد شقير

أخبار «الساحة الواحدة المفتوحة» من طهران الى العراق واليمن ودول الخليج وصولاً الى سورية وفلسطين ولبنان، تتداخل في شكل دراماتيكي منذ أيام، عسكرياً وسياسياً، وتزيد تعقيد المشهد الإقليمي على أي مراقب.

فعلى مساحة هذه الدول تجري المناورات والحروب بالواسطة، والمفاوضات، بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والغرب عموماً، وبين إيران والدول الخليجية أيضاً في بعض دول هذه الساحة الواحدة التي تتصرف طهران على أن لأذرعها أدواراً متفاوتة فيها توظفها إما في الهجوم أو في الدفاع من أجل مصالحها.

جديد أخبار الساحة الواحدة التي تقتضي فتح الحدود بين الدول وعدم إقامة أي وزن لسيادة كل منها، هو ما يحصل منذ أيام على الحدود اللبنانية – السورية، إن في البقاع الشرقي والشمالي أو في مناطق الشمال، التي شهدت أمس غارات جوية سورية غير مسبوقة على الأراضي اللبنانية تستهدف السوريين الهاربين من المعارك ولا ترحم اللبنانيين القاطنين على هذه الحدود. وهي عمليات لا ترحم اللبنانيين حتى وإن كان مصدرها جهات معارضة للنظام، عبر رمي الصواريخ على مناطق تقع تحت نفوذ «حزب الله»، رداً على قتاله إلى جانب النظام داخل الأراضي السورية.

وأخطر الجديد في أخبار الساحة الواحدة المفتوحة هو التفجير الذي تعرضت له دورية إسرائيلية في الجولان الثلثاء الماضي، في أبرز خرق لاتفاقية فصل القوات بين إسرائيل وسورية منذ توقيعها عام 1974، والرد الإسرائيلي عليها بقصف مراكز للجيش السوري في المنطقة السورية المحررة. سبق ذلك اتهام إسرائيل «حزب الله» بالتسلل الى مزارع شبعا لزرع عبوة بدورية إسرائيلية، ثم اتهامها الحزب بالتسلل الى منطقة سورية في جبل الشيخ للغرض نفسه، حيث افاد بعض التقارير أن القوات الإسرائيلية استهدفت عناصره. وتبع ذلك تسريبات بأن متفجرة الجولان هي من صنع أيادي الحزب أو قوات إيرانية باتت موجودة على الحدود مع المنطقة التي تحتلها إسرائيل.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل إن التحرش بالإسرائيليين من البوابة السورية مقدمة لفتح الحدود السورية مع إسرائيل في عملية تبادل الضربات والرد عليها، بدلاً من الاستخدام التقليدي للحدود اللبنانية مع إسرائيل في هذه العملية، والتي كان يتقنها النظام السوري بالتعاون مع إيران في العقود الماضية؟ وهل إن طهران قررت الرد على الضغط الإسرائيلي على واشنطن بضرورة الحصول على تنازلات من طهران في نشاطها الإقليمي، لا سيما من طريق «حزب الله» انطلاقاً من لبنان، بموازاة التنازلات التي تقدمها في ملفها النووي؟

التقارير الديبلوماسية أشارت الى أن التشكيك المتواصل عند تل أبيب بجدوى الانفتاح الأميركي – الإيراني، يعود في شكل رئيسي الى أنه لم يتطرق الى ما يطمئنها الى ضمان أمنها حيال النشاط الإيراني، وهو نشاط يقلقها ليس فقط من زاوية ملفها النووي، بل أيضاً من زاوية وجودها على الحدود معها في لبنان، والآن في سورية، بفعل الترسانة العسكرية التي بحوزة الحزب، والتي استوجبت الغارة الإسرائيلية الجوية على منطقة جنتا البقاعية في 26 شباط (فبراير) الماضي، مخافة إضافة أسلحة جديدة إليها من سورية.

إلا أن طهران ليست في وارد تقديم التنازلات على صعيد دورها الإقليمي قبل أن يتضح مصير الاتفاق على النووي بينها وبين دول 5+1، أو لأن التوازنات فيها أوجبت توزيعاً للأدوار بين حكامها: المرشد السيد علي خامنئي يسعى مع الرئيس حسن روحاني من أجل خفض العقوبات تمهيداً لإلغائها من أجل إعادة تنشيط الاقتصاد، على أن تترك الساحة الإقليمية للحرس الثوري الإيراني كي يحتفظ بأوراقه التي تحدد جزءاً كبيراً من مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية، والتي تنعكس على دوره في السياسة الداخلية وتوازناتها. وفي الحالتين، فإن طهران تحتاج الى ضغط مقابل للذي تمارسه إسرائيل على دول الغرب كي تدفعها الى تنازلات تتعدى الملف النووي.

هل يسلم لبنان من لعبة الأمم الجهنمية هذه فيما الضربات والردود عليها باتت في الجولان المحتل؟ وهل يصمد تطمين الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر بوغدانوف قبل أشهر بأن الجبهة اللبنانية ستكون الأهدأ، أم أن وحدة المسار والمصير بين البلدين ستنزلق به الى أبعد من تلقي الضربات السورية في شماله وشرقه؟

مهما كان الجواب الذي ستكشفه الأشهر المقبلة، فإن النتيجة الأساسية لمزيد من التورط الإيراني ولـ «حزب الله» في سورية من أجل حماية قدرة النظام على حماية دويلته المفترضة بين دمشق والساحل السوري، أخذت تستدرج المزيد من التدخل الإسرائيلي في الازمة السورية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى