سوريا: جهاد “حزب الله” سيجر جهاداً مضاداً
علي حماده
يوما بعد يوم تتكشف تفاصيل جديدة عن حجم تورط “حزب الله” في سوريا لا سيما في المناطق المحاذية للحدود مع لبنان، من منطقة الزبداني وصولا الى القصير وحمص. والحال ان الجنازات التي عادت الى لبنان اخيرا وفي مقدمها جنازة احد كبار القادة الميدانيين المؤسسين لميليشيا الحزب منذ ثمانينات القرن الماضي، ادت الى إضفاء صدقية معينة على معلومات سابقة عن تورط الحزب في سوريا، خصوصا ان جنازات لعناصر من الحزب حصلت في الاشهر الماضية. والاهم بل الاخطر ان “حزب الله” في بياناته الرسمية وكلمات التأبين التي ألقاها كبار مسؤوليه ومشايخه وصفت مقتل مقاتليه في سوريا بأنه “واجب جهادي”. اي ان الحزب اعطى تورطه في الدم السوري الصفة الجهادية تماما مثلما يعطي قتاله ضد اسرائيل. فهل اصبح سفك دم السوريين في القصير وحمص جهادا؟
الواقع ان الصاق الصفة الجهادية على تورط “حزب الله” هو عامل جديد يدخل في الحساب، فالواجب الجهادي في المبدأ لا تحده ولاية بشر، ولا ولاية سياسية لنظام او دولة او سلطة. وبالتالي تعني الصفة الجهادية ان الحزب قرر ان يتجاوز لبنان، والحكم، والسلطة، والنظام، والقانون الوضعي، ورأي الشركاء في الوطن. من هنا خطورة الموضوع، وضرورة التنبه الى ان هذا الامر مؤداه الى انزلاق لبناني شامل في الصراع في سوريا. فقتل السوريين على أرضهم وفي معركة يخوضونها لتحرير بلدهم من نظام يقتل ابناءهم له تداعيات خطيرة، وله ثمن باهظ سيدفعه الحزب وبيئته وبالتالي سيدفعه كل اللبنانيين. فالمسألة لا يمكن حصرها بقرار حزب او ميليشيا بل يعني ان ثمة وظيفة اقليمية منوطة بهذا الحزب ينفذها من دون تلفت الى المعطى اللبناني الحساس. بالامس صدرت اصوات عن “الجيش الحر” في سوريا تهدد “حزب الله” برد مزلزل في قلب الضاحية. وكل يوم تصلنا انباء ومعلومات تفيد بان الحزب يقاتل بالفعل في معركة حمص ويساهم في اسقاط ما تبقى من احياء ثائرة، مع ما يستتبع ذلك من مجازر مروعة ستنفذها قوات بشار في حق الاهالي. وهنا سنسمع من سيرمي بمسؤولية سفك دماء السوريين على “حزب الله”.
ان تورط “حزب الله” في اطار “الواجب الجهادي” سيستدعي “جهادا” مضادا لا يقل دموية عنه. ومن يلعب لعبة استغلال الدين لتنفيذ اجندات سياسية او وظائف خارجية لن ينتظر طويلا حتى يأتيه رد مقابل مثله يستغل الدين، ولا يعترف بالحدود ولا بالانظمة، ولا بالقوانين، ولا بحياة الناس.
على “حزب الله” ان يتنبه جيدا، وان يحاذر الوقوع في المنزلق الخطير الذي ينحدر فيه. فاللعب بدماء السوريين الثائرين هو بمثابة اللعب بدمائنا نحن لأن اقحامنا في القتل والقتال في سوريا سيفجر لبنان كله بدءا من بيئة “حزب الله” المختطفة.
النهار