صفحات سورية

سوريا.. هوية بدل ضائع


ابو النور

كلما اتذكر ان عمي قال لي منذ فترة قريبة بعد ان صار عمري 55 سنة انو نحنا بالاصل كرد يزداد خجلي من نفسي لانني كنت اعتقد طيلة السنوات الاربيعين الماضية على الاقل ان اصولي تركية كما قال لي ابي يوما ما..وازداد حنقا عندما اتذكر انني لم اعرف الفرق بين العلوي والسني الا على يد احد زملائي اللبنانيين في ثانوية الشهيد فايز منصور التي دشنوها بنا في البرامكة عشية حرب تشرين نحن طلاب الادبي المنقولين من ثانوية ابن الاثير على كتف سوق الهال القديم لانها راحت على القص لتبقى مع اطلال شارع الثورة الى الان ..

وأكثر ما يحز في نفسي بلا طولة سيرة انني تعرفت على الفارس المقدام سيد البر والبحر والجو حافظ الاسد عندما كنت شخاخا في الثانوية المذكور في الصف الاول الاعدادي واستمر كابوس معرفتي به حتى تركت سوريا الثورة وعمري 33 عاما بعد عشر سنوات مدة الحصول على الموافقة الامنية للدراسة والعودة براس غليص الدكتوراه ..والانكى من ذلك انني سافرت من مطار دمشق بعد اشكالين : الاول تزوير تاريخ الموافقة الامنية التي انتهت صلاحيتها وتحتاج الى حوالي السنة للحصول على غيرها والثاني ان وجود زميل لي في احدى الصحف انذاك انقذني من ازمتي العصبية واستدنت منه في المطار مبلغ 4000 ليرة فرق وزن عن حقيبة اضافية في اغراضي كان فيها كتب كان من الواجب الوطني دفعها والا فلم يكن هناك حل الا العودة للبيت.. ومما يزيد حنقى عندما اتذكر هذا الحادث عام 1990 اتذكر ان موظف الوزن والضابط الذي ارسلني لاسترد اغراضي من طبّن الطيارة هما من الطائفة العلوية الكريمة ولكن صديقي الذي انقذني من المأزق قبل ان اقلاع الطائرة باقل من نصف ساعة هو ايضا من الطائفة العلوية السورية وليس التركية.. ومما يزيد من استهزائي بكل اصل في سوريا الحبيبة انني تعرفت على استاذ الاساتذة في سوريا ومؤسس اول مجمع للغة العربية في بلاد العرب والمسلمين والمسيحيين حين اصبحت طالبا في البكاليوريا ومن ثم في الجامعة وهو اللهم عافينا محمد كرد على المولود في غوطة دمشق الشرقية ولم يقل لي احد ولم اقرا انه يتقن اللغة الكردية اذ بقي مثلي يعيش بعل على اللغات الاجنبية العربية واشباهها..ومما اجده مهزل من مهازل القرن ان يحاضر فينا في يوم من الايام طلابا واساتذة وقديسين ومخابرات..في مدرج في كلية الاداب بجامعة دمشق مستشرق الماني معروف ويفاجئنا باقتراح اختيار اللهجة الدمشقية كبديل للغة العربية الفصحى لان الفصحى اصبحت انتيكا لا تصلح لشيء في هذا العصر وكنا انذاك في نسبعينات من القرن الماضي قائلا بابتسامة باردة اذا ما عملتوا متلنا نحنا الالمان واخترتوا واحدة من ” لغاتكن” الكتيرة فالشغلة رح تكون مكركبة في المستقبل .. ووما اجده مثيرا للانتباه ان كثير من منافيخ باب الحارة ومن يقلدهم يحملون كنى كردية او سواها ويلبسون صايات مثل التي يلبسها البرزاني في العراق …ومما يلفت انتباهي ان زوجتي التي لم اعلم انها كردية فعلا الا بعد ان طلقتها ” لان راسها كردي” تتهمني بانني انا راسي كردي… ومما يؤكد ثقتي بان الانسان لا يتجزأ مهما كانت ادعاءاته ومفاخره ان من اكثر من احترمتهم وتركوا اثرا في حياتي ينتمي اغلبهم الى المسيحية قبل الاسلام ديني الذي اعتز بالانتماء اليه ولكنني لم اصل الا نادرا بناء على طلب اولادي احيانا..

يذكرني الحالمون بالقوميات والاديان بمندوب سوريا في الامم المتحدة ( الحمصي) الذي كان يصفن في جلسة حاسمة في مجلس الامن الدولي وعندما سئل عن رايه في الازمة السورية قال قبل كل شيء اريد ان اعرف هالطاولة المدوّرة الكبيرة كيف دخلت من هالباب الصغير؟؟.. الله محيي تراب حمص..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى