سوريا والمهل العربية!
طارق الحميد
لم يأت اجتماع اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمناقشة الملف السوري في الدوحة بجديد سوى إعطاء مهلة عربية جديدة لنظام بشار الأسد، على أن يوقع على البروتوكول العربي الخاص بإرسال مراقبين إلى سوريا.. مهلة جديدة رغم أن آلة القتل لم تتوقف يوما، منذ التحرك العربي!
ورغم كل القرارات التاريخية التي اتخذها العرب بحق النظام الأسدي، والتي لا يمكن التقليل منها، فإن الإشكالية تكمن في أن آلة القتل لم تتوقف، وترويع السوريين مستمر، مما يحتم طرح السؤال التالي: هل لا يزال العرب يتوقعون أن يوفي النظام الأسدي بأي من تعهداته، أو حتى يحترم المبادرة العربية، وإن وقع على بروتوكول المراقبين؟ العرب ليسوا بحاجة لإرسال مراقبين إلى سوريا من أجل أن يتأكدوا من أن آلة القتل والمظاهر المسلحة للنظام الأسدي لم تتوقف عن قمع السوريين، فبإمكان العرب مشاهدة الفضائيات وما تبثه من سوريا، أو مشاهدة ما يبث من أشرطة على موقع «يوتيوب» من داخل سوريا، كما أن العرب ليسوا بحاجة للتأكد من حجم جرائم النظام الأسدي طالما أن الأمم المتحدة تقول إن ما يفعله النظام الأسدي بحق السوريين يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية. واللافت أن عربنا كانوا من ضمن من صوت بالإيجاب مع القرار الأممي الخاص بحقوق الإنسان، فما الذي يمنع العرب إذن من نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن، ويخوضون المعركة المستحقة مع روسيا وغيرها، بدلا من تضييع الوقت باجتماعات لا طائل منها؟ خصوصا أن العرب يعون أنه حتى لو وقع النظام الأسدي على البروتوكول العربي الخاص بإرسال مراقبين، فإنه لن يلتزم، وسيماطل، وهذا أمر ثابت.
الإشكالية التي يبدو أن العرب لم يولوها عناية أن آلة القتل لم تتوقف، فيوميا يقع قتلى من الأبرياء السوريين، بينما العرب مشغولون بالمذكرات التفسيرية التي يقدمها النظام الأسدي، وهذا أمر محزن ومحبط. صحيح أن هناك من يردد أن السياسة ليست لغة عواطف، لكن الأصح أيضا أن حقن الدماء واجب ديني وأخلاقي وحتى سياسي، وإلا ارتضينا شريعة الغاب فيما بيننا. فالواقع في سوريا يقول إن النظام لم يعد يجيد إلا لغة القتل والتنكيل، وحجم المظاهرات ضد بشار الأسد وصل إلى مرحلة تؤكد أنه لا يوجد خط رجعة، فيوم الجمعة الماضي وحده سجل قرابة 240 نقطة تظاهر ضد الأسد، ومنها إحراق صور حسن نصر الله في قلب العاصمة دمشق، هذا عدا عن حجم الانقسامات المتزايدة في صفوف الجيش السوري، بل إن المتظاهرين السوريين تجاوزوا سقف الجامعة العربية بشكل كبير وخرجوا يوم الجمعة الماضي بمظاهرات تطالب بفرض المنطقة العازلة.
كل ذلك يعد بمثابة رسالة واضحة للعرب مفادها أن انتظارهم غير مبرر، والمهل التي تعطى للنظام الأسدي ليست مبررة، وعلى العرب أن ينقلوا المعركة إلى مجلس الأمن، حفاظا على الدماء السورية من آلة القتل التي لم تتوقف لحظة، منذ قرابة ثمانية أشهر من عمر الثورة السورية.
الشرق الأوسط