سورية.. إلى متى الصمت الدولي؟
طارق الحميد
أخرج نظام مبارك جماله وبغاله لتهاجم المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة فهب العالم أجمع مطالبا النظام بالرحيل، من واشنطن إلى لندن، مرورا بباريس، وحتى أنقرة، الجميع قالوا لنظام مبارك ارحل، بينما يرسل النظام السوري جيشه ومدرعاته لقمع مواطنين عزل ولا نسمع من المجتمع الدولي ما يستحق حتى التوقف عنده!
بكل تأكيد، إننا اليوم شهود على نفاق المجتمع الدولي، لكن السؤال هو: إلى متى سيستمر الصمت الدولي حول ما يحدث بحق العزل السوريين؟ الواضح، وللأسف، أن المجتمع الدولي بانتظار يوم غد الجمعة، ففي حال خرجت المدن السورية مثل الجمعة الماضية، فحينها سيعي المجتمع الدولي أنه لا مناص من الوقوف مع الشعب السوري المنتفض، وإن لم تخرج مظاهرات على غرار الأسبوع الماضي، أو أكثر منه، فلن يتحرك المجتمع الدولي إلا في حال بلغ عدد الضحايا السوريين الألف، أو أكثر، رغم أن عدد القتلى إلى الآن قد شارف على الخمسمائة قتيل، وهذا أمر محزن جدا.
فحديث المجتمع الدولي عن الاستقرار في المنطقة حديث لا يجدي نفعا، فإذا كانت الإدارة الأميركية، ومعها الفرنسيون والبريطانيون، حريصين على استقرار المنطقة برمتها كما يقولون، فإن عليهم أن يجدوا حلا للصراع العربي الإسرائيلي. والحلول كثيرة، لكنها تتطلب قيادات سياسية جادة، وهذا ما لم تظهره إدارة أوباما حتى الآن. ولو كان الغرب حريصا على استقرار المنطقة لما كان قد مارس تلك الضغوط الرهيبة على نظام مبارك ليرحل «الآن» كما قال الأميركيون، بينما يلتزمون صمتا مريبا مع ما يحدث في سورية. ولذا فالواضح اليوم هو أن الغرب حريص على حماية الحدود الإسرائيلية الآمنة مع سورية منذ السبعينات، وهذا ما يقصده الغرب عندما يتحدث عن الاستقرار.
فبينما درعا ودوما وبانياس، وغيرها، مقطوعة عن العالم، والأخبار والصور شحيحة، ولليوم الثالث على التوالي، حيث يمنع الإعلام من التغطية، علما بأنه حتى في مناطق الحروب الملتهبة يسمح للإعلام بالتواجد، إلا أنه في الحالة السورية شبه مستحيل، فإننا مع كل ذلك نجد أن المجتمع الدولي في صمت مطبق، وجميع تصريحاته متضاربة، وحمالة أوجه.
ولذا فإن الواضح أن الغرب بات أمام خيارين؛ فإما جمعة ملتهبة غدا على غرار الجمعة الماضية تخرج فيها المظاهرات في مدن سورية كثيرة، وحينها يعرف الغرب أن القمع لم يخمد الانتفاضة السورية، خصوصا أن تكرار مظاهرات الجمعة الماضية سيجعل من الصعب على النظام السوري نشر جيشه في كل المدن والقرى السورية المتظاهرة. وبالتالي، سيصعد حينها المجتمع الدولي ضد النظام.. أو أن المجتمع الدولي سيلتزم الصمت إلا في حال وصلت أرقام الضحايا إلى الألف قتيل أو أكثر، للأسف.
من دون شك، إن ما يحدث بحق العزل في سورية أمر يدمي القلب، لكن غدا الجمعة سيكون يوم حسم، أو سيساعد على وضوح المشهد الحقيقي في سورية. فما إن يفرغ المصلون من صلاة الجمعة، إلا وسنعلم إلى أي اتجاه سيذهب السوريون، وكيف سيتعامل المجتمع الدولي مع أحداث سورية.
الشرق الأوسط