شرفة نيرون… وحريق سوريا !
راجح الخوري
تكاد الدموع التي ذرفت على سوريا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة تتجاوز سيول الدماء التي تسفح يومياً في هذا البلد المنكوب منذ ما يزيد على 18 شهراً.
وقياساً بفصول المذبحة المفتوحة، التي اقترب عدد ضحاياها من ثلاثين الفاً، تبدو المنصة التي تناوب زعماء العالم عليها لإلقاء البكائيات على ما يجري في سوريا أشبه بشرفة نيرون حيث وقف يتفرج على حريق روما.
لم يكد بان كي – مون يفتتح الجمعية العمومية قائلاً: “إن الازمة السورية كارثة اقليمية لها تداعيات تهدد السلام والأمن الدوليين”، حتى وقف باراك اوباما ليقول: “إن نظام بشار الأسد يجب ان ينتهي… ويجب ان لا يكون المستقبل لديكتاتور يذبح شعبه “، لكن هذا الكلام ليس جديداً، فمنذ عام ونصف عام كرر اوباما القول”إن الأسد انتهى” وها هو يرى الآن انه “يجب ان ينتهي”!
ولقد كان من المثير امس انه في حين وقف فرنسوا هولاند داعياً المجتمع الدولي الى “تحرك عاجل في سوريا لأن هناك ضرورة ملحة على الاقل لحماية المناطق التي حررتها المعارضة”، كان وليم هيغ يؤكد “ان أي تدخل عسكري يحتاج الى دعم كامل من اميركا حيث انه لا يمكن دولا مثل بريطانيا وفرنسا القيام بتلك المهمة وحدهما”، وهذا الامر تأكد منذ تعثر التدخل الاطلسي في ليبيا مما استدعى تدخلاً اميركياً انهى نظام القذافي.
لكن يبدو ان الوضع في سوريا مختلف تماماً الى درجة تؤكد النظرية القائلة ان هناك تفاهماً بين اميركا وروسيا على ان يستمر القتال الى درجة إنهاك الطرفين، النظام والمعارضة، فمن جهة يتم تجويف الدولة من قوتها وهو ما يسدد ضربة الى النفوذ الايراني في المنطقة، ومن جهة ثانية يتم قتل المزيد من عناصر التطرف التي لم تكن اصلاً من نسيج المعارضة السورية ولكنها تتسرب الآن الى الداخل، الأمر الذي يلائم الهواجس الروسية حيال الشيشان ودول القوقاز.
بازاء كل هذا بدت دعوة امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى تدخل عسكري عربي في سوريا لوقف النزاع على طريقة “قوات الردع العربية” التي سبق لها ان دخلت الى لبنان، وكأنها تعكس يأساً من الشرعية الدولية ومجلس الأمن، إذ ليس خافياً عليه انه من الصعب تأمين مثل هذه القوات، فمصر غارقة في سيناء، والعراق ينفذ الأجندة الايرانية ويقف الى جانب الأسد، والجزائر تؤيد النظام، ودول “الربيع العربي” لم تستجمع قواها، اما دول الخليج فعلى كتفها “الحمّال الايراني” كما يقال… ثم ان قوات الردع التي دخلت لبنان سرعان ما حولها النظام السوري قوات احتلال لا تزال بصماته عالقة حتى اليوم.
التهار