صفحات الثقافة

عزرا پاوند: إثنتا عشرة قصيدة

 

 

ترجمة: ابراهيم الماس

 

التحيّة

 

أوه… جيلٌ من الغرور التام

وعدم الرّاحة التّامة،

رأيتُ الصيادين يتنزهون في الشّمس

رأيتهم مع عائلاتٍ غير مرتبة

رأيتُ ابتساماتهم مليئةً بالأسنان

وسمعتُ الضحكةَ الخشنة.

 

وأنا أكثر سعادة منكم

وهم كانوا أكثر سعادة منّي:

وكذلك السمك الذي يسبح في البحيرة

دون أن يملك حتّى ملابس.

 

راحة

 

هذا شيءٌ آخر من محبّاتنا القديمة

أعبُرْ ولتكن صامتاً يا «رلاس»*

لأجل النهار

الذي فقدَ شيئاً ما منذ عبرت هذه السيّدة ؛

لقد فَقدَ شيئاً

كان ولكنه هامشي.

 

*Rullus الاسم يعني باللاتينية : قروي، فلاح فظ ، وربما يقصد به رلاس سيرفلوس الذي دافع عن حقوق الناس في روما، وأنشأ لجنة مكونة من عشرة أشخاص تتولى توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء في القرن الأول قبل الميلاد.

 

شبه كابوس

 

هو يكون، وهو لا يكون، أنا عاقلٌ بما يكفي،

منذ أن جئت وهذا المكانُ يرفرف حولي،

هذا اختلاقٌ تعمّر من زهر الخريف،

وثمّة هناك لونٌ مختلف

لونٌ مائلٌ للذهب،

والمرءُ يتلمّس دربه في هذه الأشياء

كما لو طحلبٌ ناعم يطفو ويختفي

في الأسفل فرقعاتٌ خضراء بطيئة

وشاحبة من تحت الموجة،

وسط هذه الأشياء ما هو أكبر من الأسماء التي تمتلك

وأنّ هذا من الأشياء المألوفة عن الإله.

 

أخذ الرخصة من صديق

 

جبالٌ زرقاء نحو الشمال من الجدران،

نهرٌ أبيض يلتف حيالها

هنا يجب أن يحدث الانفصال

ونخرج خلال ألف ميلٍ من العشب الميت.

العقلُ مثل سحابة واسعة تطفو

الغروبُ مثل انصرافِ معارف قديمة

ينحني فوق أيديها المشبوكة في مسافة

تصهل أحصنتنا بعضها على بعض

بينما نحن نفترق.

 

قطٌّ أليف

 

يطيبُ لي أنْ أكون بين نساء جميلات

فلماذا على المرء أن يكذب دائماً

في مثل هذه الأمور؟

أكررُ:

يطيبُ لي أنْ أتحدّثَ مع نساء جميلات

حتى لو لم نتحدّث إلا بالهراء!

 

فمواءُ المجسّات اللامرئيّة

مثيرٌ ومُبهج في الوقت نفسه.

 

اللقاء

 

طوال الفترةِ التي كانوا يتحدّثون بِها عن الأخلاق الجديدة

عيناها كانتا تستطلعانني

 

وعندما نهضتُ لأغادر

أصابعها صارت مثل نسيجِ منديلٍ

من الورق الياباني.

 

مَظْلَمَةُ سلالمِ الجوهرة *

 

مُسبقاً

الخطوات الجواهريّةً بيضاءُ تماماً مع الندى،

فات أوانُ أنْ يبلّل الندى شاشَ جواربي الطويلة،

فقد تخلّيتُ عن ستارة البلّور

وصرتُ أشاهد القمرَ خلال الخريف الصافي.

 

* كتب عزرا باوند هذه القصيدة بعدما ترجم قصيدة للشاعر الصيني لي بو وهي : «أنصت لسلالم الجوهرة لِشكواها بينما أنت تقرأ».

 

الإبرة

 

تعال، وإلّا فسينسلُّ هذا المدُّ الرائع بعيداً

تفادى ساعةَ أفوله شرقاً،

الآن! فالإبرةُ ترتجف في روحي!

 

هنا ! لقد امتلكنا الفضيلةَ والساعةَ الصالحة!

هنا قضينا نهارَنا ! نهارك ونهاري.

تعال الآن قبل أن تستدير هذه القوّة، التي تدنو منا،

بالعكس من القطب.

لا تسخر من فيضان النجوم، والأشياء في المستقبل

آه يا حبُّ! تعال الآن! هذه الأرض تُدير الشرَّ ببطءٍ

الأمواجُ تضجر، قريباً سوف تندفع بعيداً

الكنزُ كنزُنا! إجعلنا معه أرضاً ثابتة،

حرّكنا وخذ المدّ مع فضيلته التّالية

والتزم بهِ

تحت بعضِ قوىً مُحايدة

حتى يستدير الاتجاه جانباً.

 

العودة

 

انظرْ! هم يعودون؛ إيه، أُنظرْ إلى الحركات التجريبيّة،

والأقدامِ البطيئة، الاضطرابُ في الخطوةِ

الشّكُ يتمايل!

 

انظرْ! هم يعودون واحداً تلو الآخر

بخوفٍ، مثل نصف يقظة؛

كما لو على الثلج

أنْ يتردّد ويغمغم في الرّيح،

ونصف عودة؛

هؤلاء كانوا «المجنّح بالرّعب» الذي لا تنتهك حرمته

الآلهات ذوات الحذوة الرفيعة

كانت معهم الفضّةُ، تلاحقهم

وتشمشم أثرَ الهواء!

 

سياج! سياج!

كانت هذه خفّة الحركة في الإغارة؛

كانت هذه الرائحة الحادّة؛

كانت هذه أرواحاً من الدم

 

بطيئون فوق الرّسَن

وشاحِبون رِجالُ الرّسَنِ .

 

الحُجرة العليا

 

تعالْ! لِنشفق على أولئك الذين هُم

أفضلُ حالاً منا.

تعال يا صديقي وتذكّرْ أنّ الغنيَّ لديه خَدَمٌ

لا أصدقاء،

ونحنُ لدينا أصدقاء وليس عندنا خدم

تعال .. لنشفق على المتزوّج والأعزب.

 

الفجرُ يدخل بأقدامه الصغيرةِ

مثل كعكةِ بافلوفا مُذهّبة

وأنا بالقرب من رغبتي.

أبداً، ليس من حياةٍ فيها أفضل من

هذه الساعةِ من البرودة النقيّة

ساعة الاستيقاظ معاً.

 

الشجرة

 

وقفتُ ساكِناً وكنتُ بين الغابةِ شجرة .

مُدرِكاً حقيقةَ أشياء لَمْ تُرى من قبل ؛

عن «دافني»* وعن إنحناءةِ غصنِ الغار

وعن وليمة الإله للزوجين المُسنّين

تلك الّتي انبتت البلّوط _ الدردار وسط الغابة .

لم يكن ذلك إلا حين كانت الألهاتُ تتضرّع بلطفٍ ،

وخلالها كانت تحضر

حتّى الموقد في بيتِ قلبيهما

لذلك هما يفعلان هذا الشيء الغريب ؛

مع ذلك كنتُ بين الغابة شجرةً .

وفهمتُ اشياءَ كثيرة وجديدة

كانت في رأسي بِمرتبةِ الحماقةِ من قبل.

 

بحيرة في جزيرة صغيرة

 

آه إلهي، آه فينوس، آه عطارد، يا شفيع السرّاق

اتضرع اليك،

اعطني في الوقت المناسب دكانَ سجائر صغير

فيه صناديقٌ صغيرةٌ برّاقة

مكوّمة بأناقةٍ فوق الرّفوف

والقطعُ المرخية في الكعك المُحلّى

والتبغ المفروم

وحيث فرجينيا اللّامعة

سائبة تحت أغلفة زجاجٍ برّاقة

وحيث زوجُ الميزان غير المدهون جيداً

وسقوطُ « الفوتيلز» من أجل كلمة أو إثنتين في المضي

من اجل نَقْفِ كلمةٍ ولكي أصفف شعورها قليلا

آه إلهي، آه فينوس، آه عطارد، يا شفيع السرّاق

اعرني دكانَ تبغٍ صغير

أو اجعلني في أيّ مهنةٍ

ماعدا مهنة الكتابةِ اللّعينة هذه

حيث طوالَ الوقت يحتاج المرءُ ذهنَ أمرء آخر.

 

* دفني : حوريّة كان يطاردها أبولو ولكي تنجو منه تحوّلت إلى شجرة غار . ألهة الجمال أبولو كان يسخر من الطفل كيوبيد، لم يعلم انّه ابن إيروس الهة الحب . كان لديها سهمان واحد للحب وآخر للبغض . فأردته بسهم الحب فأغرم بـ «دافني» وظل يلاحقها وأرادت أن تنجو منه فتحوّلت إلى شجرة غار . وقف أمام الشجرة ، لم يعرف ماذا يفعل فقرّر أن يمنح أوراقها الخضرة الدائمة.

 

 

(ملحق كلمات) العدد ٢٨٣٠ السبت ٥ آذار ٢٠١٦

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى