فترة اختبار لثوار سوريا
ديفيد إغناتيوس
ثمة قاعدة عامة أساسية في نزاعات الشرق الأوسط، مفادها أنه كلما تم الإعلان عن محادثات سلام، يكثف كل طرف القتال بحيث يمكنه الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأراضي قبل رسم خطوط وقف إطلاق النار.
يحدث هذا الصراع على السيطرة الآن في سوريا، قبل المفاوضات المزمع إجراؤها في جنيف الشهر المقبل التي سوف سترعاها بشكل مشترك كل من الولايات المتحدة وروسيا. غير أن المعركة الدائرة على الأرض حامية الوطيس، كما أن الطلب على الأسلحة الإضافية قوي جدا، إلى حد أن أي شخص متشكك يجب أن يسأل عما إذا كانت محادثات جنيف ستتم بالأساس أم لا. ربما يتعين على الطرفين القتال لفترة أطول قليلا قبل أن يكونا على أهبة الاستعداد للدخول في محادثات.
من البديهي أنه لن يرغب أي من الطرفين في التفاوض من موقف ضعف. وبالنسبة لنظام الرئيس بشار الأسد، يعني هذا المزيد من الأسلحة الروسية ومعركة عنيفة (مدعومة من قبل حزب الله) للسيطرة على مدينة القصير ذات الموقع الاستراتيجي، التي تربط دمشق بالمعقل العلوي للأسد في الشمال الغربي. علاوة على ذلك، فإن الأسد يساوم بشراسة حول المرحلة الانتقالية، زاعما أنه سيبقى في السلطة فقط حتى إدلاء الشعب السوري بصوته في الانتخابات.
جاء ملخص جيد لمدى استعداد الثوار للمشاركة في مؤتمر جنيف من محادثة هاتفية تمت يوم الاثنين مع اللواء سليم إدريس، قائد المجلس العسكري الأعلى للثوار. وتحدث من الأردن، حيث تلقت قواته للتو شحنة جديدة ممثلة في 35 طنا من الأسلحة، وقال إدريس إن هذه الأسلحة ستلعب دورا مساعدا، ولكنها ليست متقدمة بالدرجة الكافية لمجابهة دبابات وطائرات الأسد المقاتلة في القصير.
وأشار إدريس إلى أنه لن يحضر محادثات جنيف ما لم تحقق الولايات المتحدة وحلفاؤها «توازنا عسكريا» بمنحه أسلحة حديثة مضادة للدبابات والطائرات. وقال إدريس: «ليس من المجدي الدخول في مفاوضات في الوقت الذي نعاني فيه ضعفا على الأرض».
إن قوات الثوار في حالة افتقار دائم للذخيرة، بحسب إدريس.
وحسبما أفاد أحد مصادر الثوار، فقد طلب من الولايات المتحدة سرا 700 طن من الذخيرة أسبوعيا على مدى الشهر المقبل للمساعدة في تقوية شوكة الثوار وتوفير مصدر قوة وتأثير قبل اجتماع جنيف.
وقال قائد الثوار إن الأسد «يستعد لإرسال ممثلين من النظام إلى جنيف في موقف غاية في القوة. إنهم يحاولون إخبارنا بأننا ضعفاء ولسنا متحدين، وأن علينا أن نقبل كل ما يقولونه». وحتى في حالة عدم حصول إدريس على المزيد من الأسلحة من الغرب، فقد أوضح أنه «مستعد للقتال لمائة عام» من أجل إسقاط النظام.
وأخبرتني مصادر من الثوار بأن إدريس يعتقد أنه سيكون «عملا انتحاريا» بالنسبة لأي زعيم معارضة أن يذهب إلى جنيف من دون «ضوء أخضر» يفيد بأنه سيتم خلع الأسد والدائرة المقربة منه إبان المرحلة الانتقالية.
بعث إدريس بخطاب إلى وزير الخارجية جون كيري نهاية الأسبوع الماضي يلخص فيه هذه المواقف التي تسبق التفاوض. وقال إن «الهدف الملح» الآن هو وقف القتال ومنع حدوث «انهيار كامل للدولة». وأشار إلى أن قواته «سوف ترحب بانتقال سلمي» إلى «سلطة مؤقتة» جديدة سوف تضم كلا من المعارضة «وأفرادا من النظام السابق لم يصدروا أوامر بارتكاب الأعمال الوحشية أو يشاركوا فيها».
وكتب إدريس إلى كيري: «كي يكون للمفاوضات قيمة حقيقية، ينبغي أن نصل إلى توازن عسكري استراتيجي، الذي من دونه سيشعر النظام بأنه قادر على إملاء أوامره، أو على الأقل أن نتمهل لفترة كافية من الوقت». ودعا إلى إصلاح الجيش، مع حل الأجهزة الأمنية التي تدير نظام الدولة البوليسية التي يقودها الأسد.
وخلال المقابلة، قال إدريس إنه كان يأمل فتح قنوات مع روسيا قبل محادثات جنيف. وهو على استعداد لمقابلة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، لمناقشة دور روسيا المستقبلي، وأنه سيصطحب معه ثلاثة آخرين من قادة الثوار.
وقد حاول إدريس أيضا مخاطبة مخاوف البيت الأبيض من احتمال سقوط الأسلحة الحديثة المضادة للطائرات الممنوحة للثوار في أيدي الجماعات الإرهابية. وقال إن الأسلحة المتقدمة يمكن السيطرة عليها من قبل المقاتلين المدربين الذين خاضوا تجربة الجيش السوري، وأن المتعهدين الموثوق بهم يمكنهم نقلها والتحقق من سلامتهم.
تتجلى قوة المتطرفين داخل صفوف المعارضة بشكل مؤسف في الوضع الجاري في شمال شرقي سوريا. يقال إن «جبهة النصرة»، التي تعتبر فرعا من تنظيم القاعدة، لعبت دورا قويا على وجه الخصوص في منطقة دير الزور، من خلال سيطرتها على مبيعات القطن المحلية وتوزيع 100 عربة تم الاستيلاء عليها على المقاتلين والتخطيط لتسويق النفط بالمنطقة. ووصف مصدر من المعارضة الموقف بأنه «مقلق جدا».
هنا، يكمن أكبر اختبار بالنسبة لإدريس. إن عليه أن يتحدث بلغة الدبلوماسية، لكن يجب في الوقت نفسه أن يظهر قوته كقائد عسكري وألا يكتفي بقتال الأسد في الغرب، بل يقاتل الإرهابيين والقادة العسكريين في الشمال والشرق.
* خدمة «واشنطن بوست»
الشرق الأوسط