صفحات العالم

بوتين يطلب العون… ولو في الصين!/ موناليزا فريحة

 

يذهب الرئيس فلاديمير بوتين الى الصين في ذروة التوتر بين بلاده والغرب. يطمح الى الرد على العقوبات الغربية الخجولة وتجميد الارصدة وحظر السفر بإبرام ما وصفه مراقبون بأنه صفقة العمر. يقابل المقاطعة الغربية المترددة لبلاده بالسعي الى وضع حجر أساس لما يأمل في أن يكون “القرن الاوراسي”.

الحلف بين الدبّ الروسي والعملاق الاصفر هو قائم أصلاً وبأشكال مختلفة.فالبلدان اللذان لم تكن علاقتهما سهلة دوماً، عضوان في مجموعة البريكس للدول الصاعدة، وفي مجموعة شانغهاي للتعاون، وهي الثقل الآسيوي الموازن للاطلسي، وفي مجموعة العشرين ودول عدم الانحياز.وقلما اختلف البلدان على قرار في مجلس الامن. ومع ذلك، لم تكن تجارة الطاقة بينهما مزدهرة. وعلى رغم رغبة موسكو في تنويع مصادرها بعيدا من الاسواق الباهظة الثمن والمضطربة في أفريقيا و الشرق الاوسط، تتردد كثيراً في دفع الاسعار التي كانت تفرضها موسكو على أوروبا.

عوامل عدة تبدلت أخيراً. لم تعد موسكو تمسك بأوراق اللعبة، والوقت لم يعد لمصلحتها. اقتصادها يرسل اشارات سلبية منذ ما قبل ثورة كييف وضم القرم. وعليها التحسب لعقوبات اقتصادية شديدة يلوّح بها الغرب، وايجاد بديل سريع من الاسواق الاوروبية التي تبدو جادة في البحث عن مصادر جديدة للطاقة. ومع أن الاتفاقات المحتملة لا تعوّض موسكو الا ثلث ما تبيعه من أوروبا، فانها تبعث باشارة دعم للصادرات الروسية.

وفي السياسة، يطمح بوتين في الصين الى مكاسب ديبلوماسية. فمع أنه يتطلع شرقا منذ عودته الى الكرملين عام 2012، فان الضغوط الجيوسياسية التي تتعرض لها بلاده في أوروبا، تجعل تحسين العلاقات مع آسيا، وخصوصا مع الصين محركها الاقتصادي، أولوية استراتيجية ملحّة.

وبين السياسة والاقتصاد، يأمل الروس في أن توافق الصين على بناء جسر يصل روسيا بالقرم، وهو اذا ما حصل، يشكل ليس فقط مشروعاً للتعاون الاقتصادي، وإنما يعكس أيضاً دعما ضمنياً من بيجينغ لضم روسيا شبه جزيرة القرم .

تجد بيجينغ نفسها في الفترة الاخيرة في معسكر واحد مع موسكو في مواجهة انتقادات غربية، وإن تكن على خلفية تحركاتها في بحر جنوب الصين. ومثل هذا الوضع قد يزيد فرص تعزيز التقارب بين الجانبين، الا أن “طريق الحرير الصيني” الجديد، لن يعوض بالتأكيد مشروع “أوروبا الكبرى” الذي كان يحلم به بوتين. والعروض العسكرية لن تعيد احياء التحالف العسكري من خمسينات القرن الماضي. وأقصى ما يمكن هذا التقارب تحقيقه بحسب خبراء هو شركة غير محسومة حتى الان في الطاقة والاستثمارات تساعد موسكو في انعاش اقتصادها.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى