لا خير في التضامن مع الخير

وسام عبيد

تداعي بعض الناشطين اللبنانيين للتوقيع على بيان تضامني مع عضو هيئة التنسيق الوطني في سورية عبد العزيز الخير الذي إعتقل في 21 من أيلول بعد عودته من زيارة قام بها إلى الصين مترأساً وفداً من هيئة التنسيق.

أولاً في شكل البيان:

يستحق الخير وهو المعارض الذي تتنافس على ملاحقته أجهزة الأمن السورية مثله في ذلك كمثل باقي المعارضين السوريين لحكم العائلة والحزب بياناً تضامنياً ووقفة تدعم شجاعته في التعبير عن رأيه.  وفي ذلك واجب أخلاقي  (غير جهادي)  وحاجة نضالية، ألا أن يتم تخصيص الخير دون غيره من المعارضين السياسيين السوريين  الذين ينتمون إلى نفس الخط العقائدي اليساري ففيه الكثير من ادانة المعارضين الأخرين، لا لشيء ولكن بسبب اختلاف رؤيتهم في كيفية أدارة الثورة ضد النظام السوري. يخرج هذا البيان إلى العلن بعد أكثر من 20 يوماً على خطف الخير بنفس الطريقة المافيوية التي خطف بها عشرات الأف من المواطنين السوريين منذ بداية الثورة السورية الى اليوم.

بعد ما يقارب 3 اسابيع أدرك الموقعون أهمية إصدار بيان لمساندة فريق من المعارضة اصطلح أغلب الموقعين على تسميتهم بالمعارضة الوطنية، إلا أن هذه المدة الزمنية الطويلة نسبياً لبيان تضامني لم تستطع أن تحشد إلا 24 إسماً من عتاة الممانعة اللبنانية و هو عدد قليل نسبياً. فمنهم رئيس تحرير جريدة الأخبار الذي قال في أحد مقالته “لا نستطيع أن نسمي ما يحدث في سوريا ثورة” إلا أنه لا يجد حرجاً في التوقيع على بيان تضامني مع معارض يشكل على ما يقوله عن نفسه جزء من الثورة! ويوقع على البيان أسعد أبو خليل وزياد الرحباني اللذان يقولان: لن نستطيع أن نؤيد ثورة يؤيدها سمير جعجع، ولكن ألم يعتقل الخير بسبب نشاطه في دعم الثورة التي لا تؤيدون!

في مضمون البيان:

قد صيغ البيان في 191 كلمة هي أقرب إلى اعلان موقف سياسي مما يجري في سوريا أكثر منه دعماً للمعارض المخطوف قصراً. لا يخلو البيان المذكور من الرتابة والتكرار وإجترار نفس الخطاب المعاد يومياً والمقروء على صفحاتهم وفي مقابلتهم. ليس البيان لرفع العتب أو للاعتراض على سياسات النظام ضد ما يسمونه هم “المعارضة الوطنية الشريفة” بقدر ما هو تذكير بموقف هذا الفريق من باقي المعارضة السورية وعلى رأسها المجلس الوطني الذي اتهمتهم هذه الأقلام بالعمالة للخارج على نفس الصفحة التي وضع عليها هذا البيان. هذه الصفحة الذي لم تحتمل مقال أسعد أبو خليل “الطاغية إبن الطاغية” كيف لها أن تحتضن اليوم بيان للتضامن مع معارض معتقل في زمن الطاغية وفي زمن اباه الطاغية!

يتحدث البيان في مقدمته عن ناشطين من مختلف الاتجاهات والمشارب! هذا صحيح بقدر إختلاف نجاح واكيم عن نجله جمال واكيم وميرفت عن أخيها أسعد. وبول أشقر عن ابي صعب وكليهما عن الأمين. أين الأختلاف بين هؤلاء جميعاً، جميعهم يؤمنون بالمؤامرة على سوريا، جميعهم يربطون الحرية بمجيء الاسلاميين إلى الحكم أو بتعارضها مع المقاومة، جميعهم يفضلون الدكتاتورية إذا كان ذلك يغضب إسرائيل. إلا اننا نجافي الحقيقة إن أنكرنا تمايز بعض الأسماء كفواز طربلسي عبر رسائله المتكررة عن الوضع السوري وإن على خجل.

أما في البلاغة وهي دين هذا الفريق فيعتبر البيان أن إعتقال الخير “ضَرْباً للقيم الوطنية والقومية الديموقراطية” وهي ليست مجرد إختزل سطحي بل هي إستمرار لإلصاق صفة التخوين بالاطراف الباقية في الثورة السورية على نفس المذهب اللبناني.  فتكاد لا تجد فريق لبناني لا يخون الأخر ويرميه بالعمالة لمجرد الأختلاف السياسي معه وهذا البيان كما يعرف نفسه بيان لمثقفين لبنانيين. يتابع البيان فيضيف يشكل الاعتقال طعنة “للمُثل الحضارية والسلمية المدنية، التي لم يبق سواها صِمامَ أمانٍ في الوضع السوري” هنا علينا أن ندرك أن إعتقال الخير قد أدخل سورية في نفق مظلم يفوق ما تعانيه إلى اليوم من قتل وتدمير وتهجير وأن السلمية المدنية انتهت بهذا الاعتقال وليس بقتل الناشطين أمثال غياث مطر والمثل الحضارية ليس لها من يمثلها بعد اليوم فامثال ياسين الحج صالح مرتزقة وممتهن للخارج كما اعتادت الأخبار على تصويره. لا يستطيع الفريق الموقع أن يختم البيان دون الغرف من البئر الفلسطيني الممتلىء بالوطنية فهي كعبته التي تجعله يسكت عن قتل 200 سورياً بالامس ذلك أنهم لم يتعهدوا بمحاربة إسرائيل بعد إنتصار الثورة.

خاتمة:

لا خير في بيان لا يدين القتل اليومي في سورية، لا خير في بيان المحرض الأساسي على اصداره هو التشكيك بباقي المعارضة وإتهام الثورة بالضلالة السياسية والوطنية، لا خير في بيان جاء بعد ادراك موقعينه فشل مؤتمر المعارضة والذي كان يعقدون عليه امال كبيرة. لا خير في بيان يعتبر أغلب الموقعين عليه القضاء على ما يسمونه الجماعات المسلحة مقدم على اجترع حلول لما يسميه اعلامهم بالازمة.

الحرية لسورية أولاً و أخراً، الحرية لكل المعتقلين السياسين في السجون السورية من زمن الأب إلى حاضر الأبن، الحرية لعبد العزيز الخير كي يشارك بدوره المتواضع في إسقاط هذا النطام.

http://sallook.blogspot.fi/2012/10/blog-post_11.html