صفحات العالم

لا للمقاتلين العرب في سوريا


 حمد الماجد

يكفي في إقناع الذين يؤيدون مشاركة المجاهدين العرب في القتال في سوريا للإطاحة بنظام بشار الأسد، أنهم يبتهجون بتناقل ما يثبت وجود إيرانيين ولبنانيين تابعين لحزب الله في القتال ضد الجيش السوري الحر. المعادلة واحدة، فالضرر الذي سيلحق الجيش الحر والمعارضة السورية بمشاركة مجاهدين عرب ومسلمين في القتال الدائر هناك ضرره أكبر من نفعه، ولهذا يبتهج إعلام النظام السوري، ومعه نظام إيران، بالحصول على أي دليل يثبت مشاركة المجاهدين العرب في القتال ضد نظام بشار.

الحديث عن مشاركة المتطوعين العرب في سوريا وقبله في العراق يستدعي تلقائيا المشهد الأفغاني الذي كانت له أضرار على الجهاد الأفغاني، بل كانت أوضاع القتال هناك البيئة الخصبة التي نمت فيها بكتيريا التطرف والتكفير، ورجع بعض المقاتلين العرب إلى بلدانهم حاملين هذه البكتيريا، فانتشر الفكر المتشدد وتضرر عدد من البلدان الإسلامية، وما زالت تئن بسببهم من حمى التاءات الثلاث: تكفير.. تفسيق.. تفجير، وتسبب «القاعدة» التي ترعرعت ونمت في أفغانستان في الحدث الكوني الكبير، أقصد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، والتي تسببت في أضرار بالغة كان أبرزها احتلال العراق والصومال، واختلال الأمن في عدد من الدول العربية، من أبرزها السعودية، وزج بالألوف من الشباب الصغار في السجون لسنوات طويلة بسبب حملهم البكتيريا التي نقلها إليهم بعض العائدين من أفغانستان، ناهيك بالأضرار الكبيرة التي أصابت الدعوة الإسلامية والعمل الخيري، وتشرد ألوف اليتامى والدعاة سببه القلق الكبير من تسرب هذه الأموال والتبرعات إلى حاملي التاءات الثلاث، ولا أنسى مشاركة بعض المجاهدين العرب في القتال الدائر بين الحركات الجهادية الأفغانية الذي أهلك حرث ونسل أفغانستان.

ولهذا كان أول الذين قابلوا مشاركة المقاتلين العرب في العراق أثناء الاحتلال الأميركي للعراق بالفتور والبرود بل بالنهي والتحذير منه، بعض الدعاة الذين كانوا يعتبرون الاحتلال الأميركي واجبا على العراقيين التخلص منه، وقد وقع المحظور في العراق، فساهم بعض المقاتلين العرب في تأجيج الطائفية هناك بتفجير عدد من المزارات الشيعية ردا على متطرفي الشيعة الذين فجروا عددا من المساجد السنية، بل وصل التطرف ببعض مقاتلي العرب في العراق حد تلقيهم توبيخا من أيمن الظواهري، رجل «القاعدة» الأول في العالم.

ولهذا لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن البرود ذاته يقع هذه الأيام تجاه مشاركة المقاتلين من الدول العربية في القتال من أجل الإطاحة بنظام الأسد، وتناقلت بعض المصادر أنباء عن تسلل أحد المقاتلين العرب إلى البلدات التي تسكنها الطائفة العلوية لتفجير إحدى أسواقها انتقاما من بشار الأسد، مثل هذه الحادثة لو ثبتت فإنها ضرب للجيش السوري الحر في ظهره وهو الذي يعتمد وسائل نبيلة في قتاله ضد نظام بشار، فأي ارتكاب خطأ لهؤلاء المقاتلين العرب هو نوع من المشاغلة له في معركة التحرير الكبرى، فلم الإصرار على تكرار السيناريو الأفغاني؟

والمشكل هنا أن هؤلاء المقاتلين العرب مع التقدير لحماستهم للتخلص من هذا النظام الفاشي الدموي، إلا أنهم لا يكترثون لنداءات الجيش السوري الحر المتكررة ومعه المعارضة السورية بأن النقص ليس في الرجال وإنما في الأموال والتسليح، تماما كما كانت تقوله فصائل المجاهدين الأفغان، فيذهبون ويشارك بعضهم غير مدرك للحرج والإشكالات التي تتسبب فيها مشاركتهم داخل التراب السوري.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى