لا نقْتـِلٌ بنفس الإصرار ألّا نُـقتل َ ( لماذا سلميّة ؟)
يجري في الآونة الأخيرة اطلاق بعض الأحدايث من بعض الأسماء ، التي لم تظهر او تعرف قبلا ً ، عن الدعوة أو استساغة فكرة تسليح الشارع السوري للوقوف في وجه ما يقوم ُ به النظام من قمع ٍ للمتظاهرين .
حتى نبدأ الحديث في هذا الصدد علينا أن نعرف جيدا ً ، الدفاع عن النفس حقّ مشروع و لكن ليس عندما يصبح مبررا ً لحمل السلاح أو الهجوم أو غيرها من افعال ٍ همجية قد تأتي كنتائج لموافقة على حمل السلاح.
في العودة للحديث عن التسلح ، بعد َ سقوط القذافي في ليبيا منذ ُ اسابيع ، بدأ البعض ُ يلمّح أو يشجّع فكرة حمل السلاح لإسقاط النظام في سوريا ، و إلى هذه الفئة من الناس التي تعتقد ُ بأنّ إسقاط النظام سيكون عن طريق التسلّح أقول لهم :
من الناحية المنطقية فإنّ عمر “ الثورة “ في سوريا 6 أشهر ، في حين أنّ عمر النظام 40 سنة أمضاها كلّها بالتدرّب ليوم ٍ كهذا اليوم ، و مهما تم من تسليح ٍ للشارع ، فهو لا يملك الخبرة العسكرية التي يمتلكها النظام في التعامل مع الأسلحة ، لذا فإنّ هذا الخيار متهوّر و فاشل . كما أنّ التاريخ يؤكد أن الثورات المسلّحة قدمت شهداء أكثر بكثير من الثورات السلمية ( على سبيل المثال عدد الشهداء في ليبيا يتخطى ال30 ألفا ً بينما أنّ عدد الشهداء في سوريا هو أقل من 3 آلاف ، مع العلم أن الفارق الزمني بين الثورتين هو شهر واحد فقط ! )
– من الناحية الاقتصاديّة ، فالحصول على الأسلحة و ادخالها إلى داخل سوريا و توزيعها داخلياً سيكلّف الكثير من المخاطر و سيكون باهظ الثمن كما و سيخلّف ُ وراءه الكثير جدّا ً من الديون التي ستؤخر بناء سوريا – ما بعد النظام – سنينا ً و تشتري عوضا ً عنها أيّام َ جوع ٍ و ضياع أسوأ من أيام الجوع و الضياع التي نعيشها بانتظار سقوط النظام سلميا ً.
– من الناحية الانسانية فإن التعاطف الدولي الذي بدأ الحراك الشعبي السلمي في سوريا يحصده لم يكن “ لسواد عيون الثوار “ ، إنما لأن الذي يحمل ُ وردة ً و يخرج بها للتظاهر مقتربا ً من حاملي السلاح عاري الصدر فاتح َ اليدين مرددا ً هتافات محبّة ٍ و من ثمّ يقتل برصاصة ٍ تخرج ُ من فوهة بندقيّة ٍ و هو يقترب ُ ليلّفها بأغصان الزيتون ، هذا انسان يكتب ُ تاريخا ً يليق ُ بسوريا و بشعبها و يلفت ُ أنظار العالم أجمع و يدفعها للخروج و التظاهر لنصرته . أمّا من يرفع السلاح بوجه السلاح ، فهذا ليس َ سوى آخر ٌ من كـُثر في هذا العالم سمعنا عن بعضهم و لم نتضامن معهم بشدّة لأن الأمر اعتيادي و لم نسمع عن الكثير منهم لأنه ُ لا يختلف عن مبدأ الغاب.
– من الناحية الإعلاميّة سيؤكد حمل َ السلاح الرواية الإعلاميّة المنافقة الأولى للتلفزيون السوري ، و سيجعل من شهدائنا الأبرار مسلحين و مخربين و لصوص و غيرها من ألقاب أستخدمها التلفزيون السوري لتبرير القمع و القتل للمواطنين العزّل على مدى الستة أشهر.
– من الناحية الاجتماعية ، سلمية الثورة هي التي دفعت كُثر ٌ للإنضمام إليها منذ ُ البداية و ستخسر الكثير جدّاً من الداعمين لها و لن تكسب ثقة الّا من يؤمن بمدأ العنف ان هي اصبحت مسلحة.
من ناحية أخرى ، فأيّ ثقافة تلك هي التي نريد ُ أن نبني بها سوريا الحديثة ؟ ان حمل َ السلاح سيفرض ثقافة العنف و السلاح و هذه الثقافة لا تختلف أبدا ً عن الثقافة القمعية التي مارسها و يمارسها النظام الحالي . الثقافة التي سينتصر ُ بها الشارع ، هي الثقافة التي ستنتشر في سوريا ، و أنا لا أريد ُ لهذه الثقافة ان تكون مبنية على صوت الرصاص و صور اشلاء اجساد سوريين يشتركون في سوريتهم حتى لو اختلفوا بمواقفهم. لتبقى الثورة كما كانت منذ ُ البداية ، سلميّة ، نقيّة ، و سوريّة .
نحن ُ لا نريد ُ أن نـقتلْ بنفس الإصرار الذي لا نريد ُ به أن يقتلنا أحد.
http://www.freesham.com/