«لوموند» والكيمياء السوري: الاعلام الفرنسي الحرّ يعمل مع الحكومة؟
صباح أيوب
تستعدّ الحكومة الفرنسية لإعلان موقف رسمي من قضية استخدام النظام السوري أسلحة كيمائية خلال الأيام المقبلة. اتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في بعض المناطق ليس جديداً، لكن الجديد فرنسياً هو تعاون صحافي ــ حكومي مباشر أعلنته صحيفة «لو موند» أول من أمس. «لو موند تتفحّص عيّنات من سوريا»، هكذا أخبرت الصحيفة قرّاءها وأعلمتهم أنها «تقوم بتحقيقها في استخدام الأسلحة الكيميائية في المعارك السورية». لم تقصد «لو موند» بكلمة «تحقيق» النوع الصحافي فقط، بل أيضاً الجنائي هذه المرة. وأضافت أنّ «المختبر الوحيد المختص بالقيام بتلك الفحوصات هو مركز تابع لوزارة الدفاع الفرنسية»، لذا فقد أعطت الصحيفة عيناتها للوزارة على أن تحصل على النتائج. مراسلا «لو موند»، الصحافي جان فيليب ريمي والمصور لوران فان دير ستوكت أمضيا نحو شهرين في ريف دمشق وعادا بتحقيق صحافي من خمس حلقات نُشرت حلقته الأولى يوم الثلاثاء وبعينات حسيّة قالا إن «أطبّاء ميدانيين استخرجاها من بعض المصابين». يصف المقال حالات التهاب شديد في العيون ومشاكل تنفس وفقدان الوعي أصيب بها المقاتلون السوريون في جوبر في نيسان (أبريل) الماضي. الصحافيان لم يكتفيا بدورهما في وصف التجربة ورواية تفاصيلها في مادة صحافية، بل تحولا الى محققين جنائيين وقدّما العينات التي نقلاها من الميدان السوري الى السلطات الفرنسية. في المادة الصحافية، يروي ريمي أن «الهدف من استخدام قوات النظام الأسلحة الكيميائية بنحو ظرفي وفي أماكن محددة جداً هو أنه عندما يدرك مقاتلو المعارضة أنهم تعرضوا لهجوم كيميائي، يكون الوقت قد فات». ونقل ريمي عن الجنرال أبو محمد الكردي، قائد الكتيبة الأولى في «الجيش السوري الحر» في شمال جوبر أن «مقاتلين تابعين له رأوا جنوداً للنظام السوري يرتدون بذلات واقية من المواد الكيميائية وهم يزرعون قنابل صغيرة تخرج منها مواد كيميائية وتنتشر في السماء». وفيما تريّثت الحكومة في إعلان نتائج فحوصاتها، جاءت الحلقة الاولى من تحقيق «لو موند» لتؤكد أنّ ما استخدمته قوات النظام في جوبر «ليس غازاً مسيّلاً للدموع» بل «من نوع آخر أشدّ خطورة». حاولت «لو موند» أول من أمس أن لا تستبق النتيجة التي ستعلنها السلطات الفرنسية بعد أيام وتحافظ على هامش من المهنية، لكن عنوان المقال الذي نشر عن الموضوع يقول: «حرب كيميائية في سوريا: على جبهة دمشق». العنوان يشير إلى «حرب كيميائية» والشهادات المنقولة عن الأطباء والمقاتلين في المعارضة تشير أيضاً إلى الكيميائي. هل حسمت «لو موند» النتائج قبل الحكومة؟ هل في ذلك مؤشر على النتائج التي ستعلن رسمياً في الايام القادمة؟ «لو موند» تدرك أنّ نشر تحقيقها يأتي في توقيت سياسي حساس، إذ يتزامن مع عقد محادثات فرنسية ــ روسية ــ أميركية بشأن سوريا في باريس. في هذا الإطار، قال مصدر رسمي فرنسي لـ«لو فيغارو» تعليقاً على الموضوع إنه «اذا كانت لدينا أدلّة دامغة تثبت استخدام الأسلحة الكيمائية، يمكن أن يقودنا ذلك الى وضع مغاير كلياً».