معاناة مرضى سوريّين من «قصف» السرطان والحرب
إسطنبول – رنا إبراهيم
تواجه مرضى السرطان السوريّين صعوبات كثيرة تجعل من حصولهم على العلاج ضرباً من المستحيل، الأمر الذي يجعلهم بين أشد المتضررين من الحرب في سورية. فقد اعترفت «منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» أخيراً بأنها مضّطرة أمام نقص التمويل إلى وقف تقديم العناية الضرورية لمرضى السرطان من اللاجئين السوريين.
وأشارت المنظمة إلى عدم قدرة مؤسسات الرعاية الصحيّة في المنطقة على تلبية حاجات هؤلاء، خصوصاً مع فرار ملايين السوريين من النزاع المستمر منذ ثلاث سنوات. وأوضحت أن حال بعض المرضى ليست خطيرة، إلا أن كلفة علاجهم باهظة.
التقت «الحياة» إحدى السيّدات السوريات المُصابات بمرض سرطان الرئة، وهي قدمت من الرقة للعلاج في تركيا بعد سيطرة تنظيم «داعش» على المدينة، وبعد توقف العلاج في مستشفيات حلب.
وأثنت السيّدة على الخدمات الطبيّة المجانيّة التي تقدمها تركيا لمرضى السرطان السوريين، فلا يتكلف المريض سوى سداد ثمن أدويته.
حلم المستشفى الحدودي
في ذلك السياق، أكّد الدكتور آزاد شريف، رئيس دائرة الأمراض المزمنة في وزارة الصحة في الحكومة السورية الموقتة، أن ملف معالجة الجرحى وضحايا الحرب كان ضمن أولويات الوزارة التي شكلت قبل أربعة أشهر، وكذلك الحال بالنسبة الى تأمين لقاح الشلل في المناطق المحررة، وإطلاق مشروع مرضى السل بالتعاون مع «صندوق الائتمان الأوروبي».
وأوضح شريف أن وزارة الصحة تعمل حالياً على جمع قاعدة معلومات حول بيانات المرضى في المناطق المحررة عبر التواصل مع الجمعيات الأهلية، بهدف تأمين الأدوية لهم. وبيّن أن الدولة التركية تتكفل علاج مرضى السرطان السوريين المتواجدين على أراضيها، لكن المشكلة تكمن لدى المرضى المتواجدين في الداخل، خصوصاً بعد إغلاق «مستشفى البيروني» في حرستا في ريف دمشق، وتهدم «مستشفى الكندي» في حلب، والتوقّف عن تقديم العلاج الكيماوي في «مستشفى الجامعة» في حلب.
وأكّد شريف أن الوزارة قدمت مقترحات لإنشاء مراكز علاج لمعالجة الأورام في المناطق الحدودية، وتتواصل مع سفارات دول غربية بينها فرنسا، من أجل الحصول على تمويل مستشفى تخصصي أو إنشاء عيادات قريبة من الحدود تؤمن العلاج اللازم.
وأضاف: «المشكلة لدينا تكمن في نقص الكوادر، إذ يتواجد معظم أطباء الأورام في الداخل، كما أن تكلفة العلاج مرتفعة. هناك تعاون بين الوزارة وبين جمعيات خيرية لمرضى السرطان، كجمعيتي «الأمل» و»البنيان»، في إطار جمع معلومات عن المرضى. كذلك عقدت الوزارة مؤتمراً بالتنسيق مع «جمعية الأمل» هو «المؤتمر العلمي الأول لتشخيص وعلاج الأورام السرطانية والكشف المبكر عنها»، في حزيران(يونيو) الفائت في مدينة «غازي عنتاب» التركية، بحضور ممثلين عن منظمات طبيّة وأطباء مهتمين. وسلّط المؤتمر الضوء على معاناة مرضى السرطان السوريين».
بانتظار الدعم
وبين مدير «جمعية الأمل» الدكتور عبد الرحمن زينو أن الجمعية تأسّست قبل الثورة، وتعمل عبر تسعة فروع في الداخل على مساعدة المرضى بشكل عام، مع وجود 3 مراكز متخصّصة بمساعدة مرضى السرطان.
وأوضح زينو أن الأطباء المتواجدين في المراكز المتخصّصة يعملون على تمييز حالات المرضى وفق درجة خطورتها، وينقل أصحاب الحالات الخطرة إلى تركيا التي تقدم حكومتها الطبابة والأدوية للسوريين المقيمين في مدينة «غازي عنتاب»، أما في أنطاكيا وأنقرة فتقدم الحكومة التركية نفقات الاستطباب، ويستكمل المريض الأدوية على نفقته.
وأضاف زينو: «تتواجد مراكز لجمعية الأمل في الداخل السوري في مدينة الطبقة وريف حلب وريف إدلب، وهي تؤمن الأدوية لمرضى السرطان عبر شراء العلاجات من صيدليات في مراكز يسيطر عليها النظام. وهناك أدوية تشترى من تركيا وأميركا، ثم ترسَل للمرضى في الداخل».
وأشار زينو إلى مشكلة 140 مصاباً بالسرطان في الأردن لا يتلقون العلاج، ويعيشون في المخيمات أو في دواخل الأردن وإلى أن الجمعية ساهمت في نقل عشرة منهم إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، في حين ينتظر الآخرون مصيرهم.
وأوضح زينو أن الجمعية ساهمت في الحصول على استثناء من الديوان الملكي لعلاج مريضين في «مستشفى الحسين للسرطان» وفي إرسال مريض آخر إلى أميركا بالتعاون مع منظمة «سامز» الطبيّة الأميركية، وهناك تعاون مع أطباء أورام في مصر لتبادل الخبرات العلمية.
وأكّد أن الجمعية لديها مركز مهم في «غازي عنتاب» فيه كادر طبي وإداري وفيه أجهزة أشعة وأجهزة علاجية، ويستقبل الحالات من المحافظات السورية كلها.
وبيّن زينو أن تكلفة المركز السنوية تبلغ 150 ألف دولار، وموارده محدودة، ما يعني أنه بحاجة لدعم مادي كبير.
الحياة