معبر سيمالكا: لعبة “الاتحاد الديموقراطي”/ جوان أحمد
لم يخرج حزب “الاتحاد الديموقراطي” وبعد مرور أكثر من سنتين على إعلان “الإدارة الذاتية” عن منطق حزب “العمال الكردستاني” وممارساته المليشياوية في التعاطي مع التطورات السياسية. وعلى الرغم من تأسيس “الإدارات الذاتية” والتنظيمات العسكرية الرديفة كـ”وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” و”قوات الدفاع الذاتي” و”القوة الجوهرية”، إلا أن العملية التي تقتضي تحوّل “الإتحاد الديموقراطي” من مليشيا إلى كيان دولتي، ما زالت متعثرة نتيجة الإرث المليشياوي لـ”العمال الكردستاني”.
في 8 حزيران/يونيو أصدرت “هيئة الداخلية” في “كانتون الجزيرة” التابع لـ”الإدارة الذاتية” بياناً إلى الرأي العام، حول إغلاق معبر سيمالكا الحدودي بين إقليم كردستان العراق، ومناطق سيطرة حزب “الاتحاد الديموقراطي” في سوريا، أو بحسب لغة البيان، بين “روج آفا” و”جنوب كردستان”. البيان الصادر عن “الإدارة” التابعة لحزب “الإتحاد الديموقراطي” شقيق “العمال الكردستاني”، اتهم الحزب “الديموقراطي الكردستاني-العراق” التابع لرئيس الإقليم مسعود بارازاني، بإغلاق المعبر منذ آذار/مارس، “لأسباب غير معروفة ومن طرف واحد.. كورقة ضغط تجاه الادارة الذاتية الديموقراطية، وعبره تتم معاقبة شعبنا بمختلف مكوناته”.
بيان “الإدارة الذاتية” ربط إغلاق “الديموقراطي الكردستاني” للمعبر، مع إعلان مشروع “النظام الاتحادي الديموقراطي لروج آفا- شمال سوريا”، كعقوبة ضد المشروع. إلا أنه و”بمناسبة شهر رمضان المبارك ونتيجة للظروف المعيشية الصعبة لشعبنا وحفاظاً على مصالحه.. نعلن لابناء شعبنا بأن المعبر مفتوح من طرفنا”.
بدوره، رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني، كان قد أوعز منذ بداية رمضان بفتح المعبر، لايصال السلع الغذائية والمواد الطبية، من دون رسوم جمركية من الطرفين. وعند دخول أول شاحنتين، تنقلان سكراً وزيتاً، قامت إدارة المعبر من جهة “الإدارة الذاتية” بفرض رسوم جمركية، وهذا ما رفضه الجانب الكردي العراقي، وأعاد إغلاق المعبر.
ومعبر سيمالكا مغلق تجارياً منذ 16 آذار/مارس، وظل مفتوحاً للمسافرين وللحالات الإنسانية. وجاء إغلاقه من قبل حكومة إقليم كردستان العراق، بهدف الضغط على “الاتحاد الديموقراطي” وحضه للقبول بدخول “بيشمركة روج” إلى الأراضي السورية، والتوصل لاتفاق شراكة إدارية مع “المجلس الوطني الكردي” المعارض لـ”الاتحاد الديموقراطي” والمنضوي في “الإئتلاف السوري” المعارض للنظام.
ويعتبر معبر سيمالكا أحد أهم المنافذ التجارية لـ”الاتحاد الديموقراطي” ومن خلفه النظام السوري، وكان يوفر لـ”الاتحاد” حوالي نصف مليون دولار شهرياً، من الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع التجارية الصادرة والواردة، من وإلى مختلف المدن السورية، خاصة مناطق سيطرة النظام. فأغلب شاحنات البضائع تحمل نمر محافظتي طرطوس واللاذقية. وبحسب معلومات “المدن” فإن حصة النظام السوري من الرسوم الجمركية التي يفرضها “الاتحاد الديموقراطي” على المعبر، تصل إلى 75 في المئة.
وكان “الاتحاد الديموقراطي” قد حاول التعاطي مع الموضوع بدبلوماسية في بداية الأمر، وعقد لقاءات مع مسؤولين في قيادة إقليم كردستان العراق، إلا أن المسؤولين في قيادة الإقليم اشترطوا دخول “بيشمركة روج” ورفع الضرائب عن التبادل كشرطين أساسيين للدخول في مفاوضات فتح معبر سيمالكا.
و”بيشمركة روج” هي الجناح العسكري لـ”المجلس الوطني الكردي” وتتألف من حوالي عشرة آلاف مقاتل كردي منشق عن قوات النظام السوري، وتتلقى الدعم والتدريب من “وزارة البيشمركة” في إقليم كردستان. ودخول تلك القوات الكردية السورية، إلى مناطق “الإتحاد الديموقراطي” في سوريا، يعني فرض اتفاق شراكة إدارية وعسكرية بين “الاتحاد الديموقراطي” و”المجلس الوطني الكردي”.
وهذا مارفضه “الاتحاد الديموقراطي” وخرج القيادي البارز فيه آلدار خليل، بتصريح لوسائل الإعلام، واصفاً قوات “بيشمركة روج” بالمرتزقة، والتعاون مع “جبهة النصرة” في قصف المدنيين الأكراد في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب.
رد فعل “الاتحاد الديموقراطي” لم يقتصر على ذلك، وقام الحزب بقطع طريق مبروكة، منذ نيسان/أبريل، الذي يشكل المنفذ الحيوي الرابط بين مناطق الداخل السوري ومنطقة الجزيرة السورية. ونتج عن ذلك ارتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية وفقدان البعض منها، وذلك بهدف تسخير الغلاء إعلامياً للضغط على إقليم كردستان، ودفع الجماهير الكردية للتظاهر ضد إغلاق معبر سيمالكا.
الهجوم الإعلامي لـ”الاتحاد الديموقراطي” على حكومة إقليم كردستان، لم يؤتِ ثماراً، واقتصرت التظاهرات التي نظمها على العشرات فقط من موظفي مؤسسات “الإدارات الذاتية”. وردد المتظاهرون شعارات تصف رئيس إقليم كردستان بالخائن، ليصدر بعد ذلك فرمانات اقتصادية لتعويض خسارة “الاتحاد” من إغلاق معبر سيمالكا، عبر وسائل متعددة، ومنها: الفرض على العيادات الطبية زيادة قيمة معاينة المريض 500 ليرة سورية كضريبة تعود لـ”الاتحاد الديموقراطي”، ورفع رسوم الماء والكهرباء إلى الضعف.
ولم تنفع الإجراءات المالية التي اتبعها “الاتحاد” في تعويض خسارته، فقام بالضغط على الحلفاء السياسيين لإقليم كردستان في مناطق الإدارة الذاتية، متبعاً ممارسات مليشياوية. وقامت القوات الأمنية التابعة لـ”الاتحاد” والمعروفة بـ”الأسايش”، قبل أيام، بمداهمة ست قرى في ريف مدينة ديرك وثلاثة قرى في ريف مدينة عامودا، شرقي الحسكة. وقام عناصر “الاتحاد الديموقراطي” بعمليات سلب ونهب لممتلكات المواطنين الموالين لسياسات إقليم كردستان. “الأسايش” اعتقلت الشباب المعارض بهدف سوقهم إلى “التجنيد الإجباري”. ثم قامت مؤخراً بإغلاق “مكاتب “المجلس الوطني الكردي”.
“المجلس الوطني الكردي” حاول الضغط على “الاتحاد الديموقراطي” للكف عن مثل هذه الممارسات، من خلال تنظيم مظاهرة في مدينة عامودا، بعد يومين من عمليات المداهمة، تحت شعارات: “لا لانتهاك حرمات المنازل” و”لا لترويع وترهيب الأطفال”. إلا أن قوات “الأسايش” داهمت بيوت منظمي المظاهرة واعتقلت القياديين في حزب “يكيتي” الكردي؛ عبد الإله عوجى، وأنور ناسو. واختطف ملثمون رئيس محلية “المجلس الكردي” يونس أسعد من منزله، واقتادوه إلى مكان مهجور، واعتدوا عليه بالضرب.
ولا يزال عوجى وناسو، القياديين في “يكيتي” معتقلين لدى “الأسايش” بتهمة الاتجار بالمخدرات، والتحالف مع “الائتلاف السوري” ضد “ثورة روج آفا” بحسب بيان أصدرته “الأسايش”.
أهالي هؤلاء أكدوا لوسائل الإعلام، أنهم وحين سؤالهم عن المعتقلين في مركز “الأسايش” في مدينة عامودا، أنكر المسؤولون فيه علمهم باعتقال القياديين، مؤكدين أن المعتقلين ليسا في سجون “الأسايش”.
المدن