مكاسب إسرائيلية من الحرب السورية/ رندة حيدر
بعد مرور ثلاث سنوات على الحرب السورية يمكن القول ان المستفيد الاكبر من دون منازع من النزاع الدموي الدائر هناك هو إسرائيل. فقد قضت هذه الحرب على القدرة العسكرية للجيش السوري النظامي، واستبعدت بصورة شبه نهائية والى وقت طويل نشوء مواجهة عسكرية تقليدية بين سوريا واسرائيل. الفائدة الثانية كانت التخلص من ترسانة الاسلحة الكيميائية التي كانت في حوزة سوريا، والتي كانت تشكل تهديداً جدياً لإسرائيل. ويبدو انه كلما طال امد هذا النزاع خدم ذلك بصورة أو بأخرى مصالح إسرائيل، واكبر دليل على ذلك هو الهدوء الذي يسود حدودها مع سوريا ولبنان.
والفائدة الكبرى التي جنتها إسرائيل جراء الحرب السورية هي تلك الناتجة من تورط “حزب الله” في القتال في سوريا. إذ يمكن القول إن هذا التورط ادى الى تغير بطيء وتدريجي في قواعد اللعبة أو في ما كان يسميه كل من “حزب الله” وإسرائيل “توازن الرعب” بينهما. وأكبر دليل على ذلك الغارة التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي قبل مدة على قاعدة للحزب في سهل البقاع وعدم رد الحزب عليها. وهذا يعزز التقديرات الإسرائيلية أن لا مصلحة للحزب في القتال على أكثر من جبهة وانه سيواصل ضبط نفسه حتى لو تكررت الاعتداءات عليه، مما يعني عملياً تغير قواعد اللعبة التي كانت سائدة في غير مصلحته.
صحيح ان إسرائيل تتخوف من الفراغ ومن الفوضى ومن خطر التنظيمات الجهادية في سوريا، لكن الراهن اليوم ان هذا لا يشكل خطراً عليها على المدى القريب، وخصوصا في الظروف الراهنة من الاقتتال الداخلي للتنظيمات الجهادية. كما تتخوف من الخبرة القتالية التي يحصل عليها مقاتلو “حزب الله” بمشاركتهم في المواجهات في سوريا، وانعكاس ذلك في أي مواجهة عسكرية مقبلة مع الحزب. لكنها مقتنعة تماماً بأن قدرتها على ردع الحزب عن القيام بأي عمل عسكري هي اليوم في ذروتها وخصوصا في ظل الخلافات الداخلية اللبنانية على مشاركة “حزب الله” في الحرب في سوريا، وعدم قدرته في هذه الظروف بالذات على إقحام لبنان واللبنانيين في حرب جديدة مع إسرائيل قد تكون لها نتائج كارثية على البلد. لذا يمكن القول إن تورط الحزب في سوريا عزز قدرة الردع الإسرائيلية في وجهه.
اليوم بعد مرور ثلاث سنوات على الحرب السورية، صارت إسرائيل مقتنعة بأن لا عودة الى سوريا كما كانت في ظل حكم الأسد، وهي تتحضر جدياً لاحتمال تقسيم سوريا دويلات طائفية وتستعد لإحياء تحالفها مع الأقليات.
النهار