موظفو الإعلام السوري “البديل”:لا عقود ولا حقوق ولا تعويضات/ سالم ناصيف
غياب الجهات الرقابية في حالة المؤسسات البديلة قد دفع للمزيد من الفوضى في حرمان العمال من حقوقهم
بعد ست سنوات من العمل الصحافي الطامح لتشكيل خطاب إعلامي مستقل وبديل عن خطاب مؤسسات إعلام النظام، ما زال معظم الصحافيين والناشطين العاملين في الإعلام السوري البديل يتكبدون عناء ضياع حقوقهم القانونية والمالية، المفترض أن تقضي بحمايتهم من مشكلات الفصل التعسفي أو قطع الرواتب وتقنينها من قبل المسؤولين عن تلك المؤسسات التي نشأت بتمويل جهات ومؤسسات دولية تعنى بذلك.
ضياع حقوق معظم العاملين في الإعلام السوري البديل، ليس أمراً جديداً، بل يعود إلى بدايات تشكيل أولى المؤسسات الإعلامية المعارضة. لكن خلال الأشهر الأخيرة، بدأت أصوات إعلامية تطالب إداراتها بتوقيع عقود قانونية تنصّ على جملة من الحقوق والواجبات من شأنها أن تجعل تلك العلاقة بينها أكثر وضوحاً وعدلاً، خصوصاً بعدما كثرت حالات قطع الرواتب أو خفضها بحجة عدم التزام الممولين.
إلا أن قلة من تلك الإدارات استجابت لتلك المطالب، مفضّلةً أن تبقى صيغة الاتفاقات على ما هي؛ وفق مبدأ الالتزام الشفهي والأدبي.
وفي معرض البحث عن تلك المؤسسات التي توقع عقود عمل مع موظفيها في الإعلام، كان موقع “الحل السوري” من ابرز المؤسسات التي تمنح موظفيها عقود عمل سنوية بعد فترة اختبار، إضافة الى إجراء تقييم دوري بخصوص الرواتب، وتراعي إداراته كلفة المعيشة في كل بلد يعمل فيه المراسل.
الكاتب الصحافي، علي سفر، وهو صاحب خبرة سنوات في العمل والتدريب في الاعلام البديل، أكد لـ”المدن” أنه من النادر أن تجد صحافياً أو ناشطاً موظفاً في تلك المؤسسات حاصلاً على حقوقه المهنية والقانونية. ويرجع السبب في ذلك الى أن “غالبية تلك المؤسسات غير مرخصة بشكل قانوني، كما هو الحال في تركيا وربما يكاد يكون الوضع ذاته في البلدان الأخرى، إذ تفضل تلك المؤسسات ترخيص عملها كجمعيات تقوم بأنشطة كالإغاثة وغير ذلك وتمارس أيضاً نشاطاً إعلامياً، عبر الإذاعات أو الجرائد، إلا أنها لا توقع عقوداً مع العاملين فيها”.
لكن سفر، يرى أن مسألة خفض الأجور قد تتعلق في بعض الأحيان بخفض ميزانيات التمويل من قبل المانح الأساسي، قائلاً: “نقص الدعم جعل وضع تلك المؤسسات في مهب الريح، إذ باتت للداعمين توجهات مختلفة بعد ست سنوات على الأزمة السورية، وأعتقد أن الكثير من الإشكاليات التي تحدث في هذه المؤسسة أو تلك تقع بسبب تقليص الدعم، وبسبب ضيق افق المسؤولين عن هذه المشاريع، فهم لم يحسبوا حساباً لمثل هذه اللحظة، فلم يطوروا أدوات خاصة تمكنهم من تنويع مصادر الدعم، إضافة إلى عدم توجه أصحاب رؤوس الأموال السورية صوب المشاريع الإعلامية، حتى بات الوضع سيئاً للغاية”.
التعاطي مع الصحافيين السوريين خارج النطاق القانوني، لا ينسحب على مؤسسات الإعلام البديل فحسب، بل ينسحب على معظم الفضائيات ووسائل الإعلام العربية والدولية التي يعمل فيها مراسلون من الداخل السوري، والكثير من تلك المؤسسات تخلى عن مراسلين بعد اعتقالهم. وقلما كانت تقوم بتعويض العاملين لديها، باستثناء بعض حالات تعيض أهالي الصحافيين الشهداء، كما فعلت أحياناً قناة “أورينت” و”الجزيرة”.
ولعل قصة الصحافي السابق في “سكاي نيوز” شيار خليل شيار، خير دليل على ذلك. فبعدما قضى شيار في سجون النظام عامين ونصف، خرج من دون أن تعيده القناة إلى العمل، ولم تصرف له أي تعويضات عن تلك المدة التي قضاها في المعتقل بسبب ذلك النشاط. وحين سأل القناة عن ذلك، أجابت الإدارة بأن ثمة تعويضاً قد أرسل وتم استلامه من قبل أحد الأشخاص.
وفي معرض تعليقه عن فقدان الصحافيين السوريين لحقوقهم، وصف شيار في حديثه لـ”المدن” حالة معظم إدارات الإعلام البديل “بغير المستقرة” بسبب ظروف الحرب، “مما جعلها تتعامل مع الإعلاميين والموظفين لديها بطرق غير قانونية”. وقال: “لعل إضراب العاملين في راديو روزنة كان خير دليل على ذلك، فروزنة كإدارة لم تكن قد قامت بواجباتها على أكمل وجه من خلال وضع عقود رسمية لكل الإداريين لديها في مكتب غازي عنتاب؛ وطبعاً يندرج ذلك تحت بند التهرب الضريبي، وفي الوقت نفسه بعض العاملين في المؤسسة لم يهتموا بكتابة العقد أيضاً للسبب ذاته”.
وأشار شيار إلى أن غياب الجهات الرقابية في حالة المؤسسات البديلة قد دفع للمزيد من الفوضى في حرمان العمال من حقوقهم وخلق حالة عشوائية في التعامل بين الإدارة والعاملين من حيث الحقوق والواجبات، على الرغم من وجود رابطة الصحافيين السوريين التي يجب أن يتمثل دورها الأهم في مراقبة هذه المؤسسات التي وقعت على ميثاق شرف معه.