نتنياهو كمبعوث للأسد!
راجح الخوري
قبل ان ينهي بشار الاسد حديثه الى التلفزيون السوري كان عدد القتلى يوم الاربعاء قد تجاوز 118، لذا لم يكن السؤال كيف استطاع بعد عامين من المذابح والدماء وسقوط اكثر من 80 الف قتيل وتشريد الملايين وتدمير سوريا على رأس اهلها، ان ينظر في عيون السوريين عبر الكاميرا، بل كيف استطاع القول: “من يقرر بقائي او ذهابي هو شعبي”!
شعبي… يا للهول شعبك؟
دائماً على طريقة “سوريا الاسد”، ولكأن سوريا بأرضها وشعبها والتاريخ مجرد عقار ممسوح مسجل باسم الاسد، ثم يا للهول مرة ثانية وقد كان واضحاً جداً ان المأساة لا تزال في بدايتها “إما الاسد او ندمر البلد”، وهو الشعار الذي كتب على جدران دمشق مع بداية تلك الثورة، التي كان من الممكن تلافيها لو لم يقم النظام بتكسير اصابع اطفال درعا لمجرد انهم كتبوا شعارات تطالب بالاصلاح، ولو لم تتم مواجهة المتظاهرين الصارخين “سلمية سلمية” بالرصاص ثم بالمدفعية!
كيف استطاع الاسد ان يتلفظ بكلمة “شعبي” كمقدمة لتصنيف المعارضين وكل من هرب الى الخارج على انهم حفنة من “اللصوص والمرتزقة والمخربين والتكفيريين والظلاميين”، فهل كان على هؤلاء جميعاً ان يذهبوا الى السجون او المقابر ليكونوا وطنيين، ما دام يسأل: “كيف يكون المرء وطنياً وهو هارب الى الخارج”، ولكأنه لا يعرف لماذا هربوا، وكيف يقول ان سوريا تتعرض للغزو بعدما رفض بدعم من روسيا وايران كل الحلول الدولية وكل المبادرات العربية، وبعدما تعمّد افشال المراقبين العرب ثم المراقبين الدوليين ثم كوفي انان فالأخضر الابرهيمي لمجرد تلفظه بكلمة “انتقال سياسي”، ولكأن هذا الابرهيمي متآمر آخر لا يفهم معنى شعار “سوريا الاسد الى الابد”!
عندما كان الاسد يصنف كل الثوار تكفيريين وارهابيين و”جبهة نصرة” لن تلبث ان “ترتد لقتال دول المنطقة والدول الاوروبية”، مضيفاً: “سنحاور كل من لم يتعاون مع اسرائيل سراً او علناً”، كان بنيامين نتنياهو يقوم بمهمة مستعجلة على هامش جنازة مارغريت تاتشر، حيث اجرى سلسلة محادثات مع ديفيد كاميرون ورؤساء وزراء اسبانيا وايطاليا والمجر وبولونيا، داعياً الى التدقيق كي لا يصل السلاح المرسل الى المعارضة السورية الى ايدي المتطرفين ما جعله يبدو وكأنه المبعوث الشخصي للاسد!
في كل المعارضة لا يجد الاسد سورياً واحداً يمكن الجلوس معه، فأن تكون معارضاً في الخارج فأنت لست وطنياً، أنت عميل وارهابي، اما ان تكون معارضاً في الداخل فاما ان تلقى وجه ربك الرحمن، او تتلقى حذاء سيدك السجّان، او ان تركع وتضع قناع الاذعان… وليس من حلول. المذبحة مستمرة على وقع الاسد او ندمر البلد!
النهار