هل المواطن السوري بوصلة الحكم أم هدفاً لنيرانه؟
كاظم حبيب
بعد خطابه في مجلس النواب السوري حيث استقبل من إمعاته بالتصفيق والتقبيل ومسح الچوخ, ألقى في يوم السبت المصادف 19/6/2011 خطاباً آخر في مجلس الوزراء الجديد وسوريا تمر في خضم أحداث مأساوية ونضال مرير يخوضه الشعب السوري ضد حكامه. فالمظاهرات تجتاح البلاد في كل مكان وارتفاع عدد شهداء تلك المظاهرات الذين يتساقطون برصاص رجال الأمن السياسي والشرطة وقوات الجيش التي غزت المدن السورية الحدودية وغيرها بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة المدمرة, إضافة إلى هروب ولجوء أكثر من 15000 مواطنة ومواطنة بين شيوخ ونساء وأطفال ومرضى خشية الموت على أيدي متوحشي ومسلحي النظام السوري, إضافة إلى اتساع الحملة الدولية لوضع حد لجرائم النظام السوري في ضرب وتفريق وتهجير وقتل المتظاهرين الرافضين للدكتاتورية والقمع وسارقي قوت الشعب وضد البطالة ونقص الخدمات وتدهور الحياة المعيشية, والمطالبين برحيل النظام ورأسه وبالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمؤسسات الدستورية النزيهة والعمل والكرامة والعدالة الاجتماعية.
أي مواطن ومواطنة سورية استمع إلى هذا الخطاب, سواء أكان في الداخل أم الخارج, وكما حصل بعد الخطاب الأول, شعر باستفزاز وعدوانية النظام مباشرة, ولهذا تجددت المظاهرات في أنحاء كثيرة من سوريا وسقط الكثير من الشهداء الجدد والجرحى والمعوقين والناجين الهاربين إلى تركيا والمطاردين في كل مكان, لأن الخطاب كان وقحاً, إذ اتهم التحرك الشعبي منذ ثلاثة شهور بالتآمر, رغم إشارته إلى ضرورات الإصلاح والاستجابة لحاجات الناس.
إن الكلمة الأولى التي تنشأ في أدمغة المستبدين الأشرار في أي دولة يسودها الاستبداد هي المؤامرة التي تحاك ضد النظام الحاكم وضد المستبد بأمره حين يبدأ الشعب المطالبة بحقوقه, إذ ليس في الأدمغة الفارغة للمستبدين غير الحفاظ على الحكم وليس الاستجاية لحاجات المجتمع,و إنها جزء من العلل والأمراض النفسية التي يعاني منها المستبدون. فالشعب لا يطالب بالخبز والعمل وحدهما فحسب, بل يطالب بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة في المواطنة والكرامة والأمن والعيش بدون أجهزة أمن تطارد المواطنين والمواطنات وتمنعهم من التعبير عن الرأي والتظاهر والاحتجاج والمطالبة المشروعة بالتغيير.
إن بشار الأسد طرح في خطابه في اجتماع مجلس الوزراء الكثير من المسائل, ولكنه تحاشى, نسى أو تناسى, وبالكامل قضية الديمقراطية والحرية الفردية وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة, نسى أن الشعب لا يريد الحزب الذي قاد الشعب إلى هذه المأساة, حزب البعث العربي الاشتراكي, الذي أعطيت له القيادة والريادة على الدولة والحكم والمجتمع دستورياً, وهو أمر لم يحصل إلا في الدول الفاشية مثل النظام الهتلري أو النظام البعثي أو في النظم الشمولية الأخرى التي انتهت لهذا السبب أيضاً وليس وحده.
بشار الأسد يريد إلغاء قانون الطوارئ, ولكنه يريد وضع حزمة قوانين أخرى لتحد من جديد وبطرق أخرى من حرية الإنسان السوري, وكأنه يقول للسوريات والسوريين لقد طالبتم بإخراج قانون الطوارئ من الباب ولكن أدخلنا لكم ما يماثله وأكثر من شبابيك الدار!
قال الأسد في خطابه الأخير أن المواطن هو بوصلة الحكم, ولكن هل كان المواطن السوري بوصلة الحكم حقاً؟ لقد برهن نظام الحكم البعثي خلال الأشهر المنصرمة إلى أنه دموي كنظام صدام حسين البعثي ولا يختلف عنه وهو مستعد لأن يغوص في دماء الشعب, وأن المواطن لم يكن البوصلة التي يهتدي بها الحكم, بل كان الهدف الذي توجه إليه نيران الأمن والشرطة والقوات المسلحة. ولهذا بالضبط سقط حتى الآن أكثر من 1300 مواطن ومواطنة ومن كل الأعمار, إنها الجريمة التي يرتكبها النظام السوري يومياً ولم يتحرك العالم للجم هذا النظام حتى الآن. ولا بد من تصعيد العمل التضامني الإقليمي والدولي مع الشعب السوري.
إن ما يجري في سوريا هي المأساة والكارثة. ولكن الشعب السوري لن يسكت عن الحكام الأوباش الذين لا هم لهم سوى البقاء في الحكم, وسيتواصل النضال السلمي والديمقراطي إلى أن يحقق أهدافه المشروعة والعادلة طال الوقت أم قصر, وسيكنس هذا الشعب الأبي دكتاتورية البعث والأسد الغادرة.
20/6/2011 كاظم حبيب