آثار سورية للبيع… على “فيسبوك”!/ إسطنبول ــ سما الرحبي
في سورية، كل شيء أصبح ممكناً، حتى هوية وحضارة البلد، باتت تُسرق علناً على مواقع التواصل الاجتماعي. فبعد أن كانت تجارة الآثار تتم في الخفاء، ولدت صفحة “آثار من سورية للبيع” عام 2014 على موقع “فيسبوك”، لكنها انتشرت بشكل كبير في اليومين الماضيين.
ولعلّ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدينة تدمر، أحد أبرز المعالم التاريخية في سورية، أعاد تجارة الآثار لواجهة الحدث من جديد، إذ لاقت الصفحة تفاعلاً بين الناشطين السوريين لتصل إلى أكثر من 5 آلاف مشترك، بعد أن كانت لا تتعدى المئات.
تعرض الصفحة القطع الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، وبعضها أرفق بشهادة تعريفية، من عقود ومجوهرات وتماثيل، وأحجار كريمة، وسيوف، وقطع نقدية وعملات بحالة جيدة جداً. ما يشير إلى أن وراءها أناساً متخصصين في علم الآثار، يعرفرن تماماً كيفية التنقيب واستخراج القطع ومكان تواجدها.
مصدر القطع أماكن مختلفة من سورية، أما البيع فيتم في تركيا حصراً، حسب ما كتب المشرفون على الصفحة. ولا يغيب عن أحد أن تجارة الآثار مفتوحة بشكل كبير على دول الجوار وبشكل خاص تركيا، حيث ساعد في ذلك غياب الرقابة والفلتان الذي تشهده الحدود الشمالية وعشوائية التهريب، إذ تنتشر ظاهرة السوق السوداء لبيع القطع الأثرية. وما الصفحة إلا أسلوب جديد للتسويق وتصريف القطع، ويأتي العراق في المرتبة الثانية كبوابة لتهريب الآثار السورية.
بينما يُعدّ لبنان البلد الأول المتعاون بتسليم الآثار السورية. وبين حين وآخر يتم ضبط كميات وقطع ومصادرتها على الحدود، دون القدرة على تنظيم الحدود الخاصة بالتهريب خاصة من
جهة القلمون، بحسب مركز “مدماك” لدراسات الآثار.
وعن الموضوع، يقول خبير الآثار، طارق عواد، وأحد مؤسسي مركز دراسات الآثار السوري “مدماك”، لـ “العربي الجديد” إنّ “القطع قد تكون مزورة أو أصلية، لا يمكن الحكم في ذلك إلا عن طريق المعاينة المباشرة، والتدقيق في التفاصيل الصغيرة، لكن قيمة القطع الأثرية التي تنهب لا تثمن، بل هي قيمة تاريخية كتراث مادي منقول، وجزء من تاريخ وحضارة سورية”.
ويضيف عواد أن “الآثار، شرط أساسي من ضمن شروط تكوين هوية المنطقة، ووجود تراث مادي جامع للتاريخ، فقدانه يعني فقدان الهوية، الآثار ليست مجرد أحجار أو تجارة ذات تقييم مالي”. ويضيف: “الصفحة عرضت منحوتة من العاج، يبدو أنها أصلية أو نسخة طبق الأصل عن الموجودة في إيبلا، الشك موجود، لكن القطع الأثرية المعروضة إذا ما كانت أصلية، فهناك شبكة احترافية تعرف ماذا تفعل وأين تحفر”. ويتابع: “أعتقد أنهم بالأصل كانوا عمالاً مع البعثات المتواجدة ضمن هذه المواقع الأثرية، فالواضح أن الخبرة عالية، والتنقيب يتم بشكل جيد، دون خدش القطع الطينية، مثلاً عرضت الصفحة تمثالاً، شكله يوحي أنه من فترة ماري، بشرق سورية في البوكمال تحديداً وحالته جيدة جداً”.
وعن طريقة للمحاسبة أو ملاحقة هذه المجموعات، يوضح عواد أنّه “لا بد أن تكون القطع مسجلة ضمن مديرية الآثار والمتاحف، كقطع مكتشفة”، ويشير إلى أنّه “لا يوجد محاسبة إلا إن كان تجار الآثار مطلوبين من الإنتربول الدولي؛ وبذلك يمكن استعادة القطع المسروقة والمسجلة ضمن مديرية المتاحف”.
العربي الجديد