صفحات سورية

آن الأوان لانعقاد مؤتمر دمشق الوطني للإنقاذ/ عاصم قبطان

لا بد من مقاربة الأمور السياسية من جذورها، والمعضلة السورية تتلخص في الضياع وفي خلط الأوراق الذي تمارسه كل جهة، سواء كانت في المعارضة أو الموالاة. وإذا أردنا تحديد الحديث فلا بد من التأكيد على إجماع واحد يتلخص، ومن ناحية المعارضة، بأن الأول والمخول بالحديث عن سوريا ومصائبها هي معارضة الداخل.

بكل صراحة، نحن لا نتحدث الآن عن تقصير أو فشل مقصود توصم به معارضة الخارج، إلا أن معارضة الداخل هي الوحيدة التي تعيش على أرض الواقع، وهي الوحيدة المعنية بما يجري وما يتعرض وتتعرض له مكونات المجتمع السوري من عسف وإرهاب سواء كان من النظام أو من هم في حكم الموالاة، أو من هم ضمن تصنيف المعارضة المقاتلة على الأرض (وبتلاوينها المختلفة).

ما يمكن أن نسميه المعارضة السياسية التي تؤمن بضرورة الحل السلمي تبقى الوحيدة التي تتميز بالقراءة الهادئة وبعد النظر والقدرة على التحليل المنطقي لما يجري. لا شك أن جميع الاتجاهات على المستوى الدولي والاقليمي وفي الداخل تعيش ضمن مياه راكدة كونتها طبيعة الاتفاقات الأميركية الروسية الأخيرة، والتي لم تكن في يوم من الأيام معنية بمصلحة الشعب السوري ولا حتى مصلحة النظام الحاكم.. إذ أن ما تحقق لا يعدو أن يكون مصلحة إسرائيلية بحتة. فقد تضافرت الجهود الأميركية والروسية على حد سواء لإزالة سلاح الردع السوري ضد إسرائيل، ودفع الثمن ضحايا غاز السارين، بصرف النظر عمن أطلق العنان لاستعمال الكيميائي في سوريا. الذي يقرأ ويتابع ما يكتب يصل إلى درجة الإعجاب بما كان يخزنه النظام السوري من طاقات وقدرات كيميائية رادعة، والتساؤل الأكبر برغم استحسان الفكرة، عن ساعة الصفر التي كان من الممكن تحديدها لاستعمال هذا السلاح وضد من. ومن المؤكد أن ساعة الصفر لم تحدد لتتم التجربة في غوطتي دمشق.

ان الجميع الآن، بات في حالة استرخاء، سواء الأميركان أو الروس أو الاسرائيليون، وحتى النظام بعد زوال كابوس الضربة الأميركية. فقد انتهت قضية الردع السوري، مع أننا ما زلنا نسمع من هنا وهناك من المحللين، وأحياناً المنظرين، أن سوريا لا زالت تملك الأوراق الرادعة بصورة أو بأخرى ضد إسرائيل.. ولذلك فإننا نرى أنه لم يعد هناك حاجة ماسة للاستعجال في عقد جنيف 2 ولن تكون في مصلحة أحد، وسيبقى السوريون يدفعون الثمن في قوافل الشهداء من كل حدب وصوب، ويبدو أن التوازن القلق سيبقى سيد الموقف.

إن الورقة الوحيدة الرادعة التي يمكن أن تلوح بها سوريا ضد المؤامرات التي تحاك ضد شعبها تتلخص باستعادة الوحدة الوطنية لكل مكونات الشعب السوري، التي يجب أن تتجسد في موقف حقيقي تجاه ما يحاك لهذه المنطقة من العالم. ولكن هيهات هيهات، فالموالاة في واد والمعارضة في واد وكلٌ يغني على ليلاه.

في تفكير عميق يدفع إليه الحس الوطني الذي نؤمن بأنه موجود لدى المخلصين في كل التيارات السياسية في سوريا بكل تلاوينها وتوجهاتها، لا بد من التفكير في إنقاذ سوريا مما آلت إليه، ولم يعد مقبولاً من أي جهة التفرد بالمكرمات الوطنية وكيل الاتهامات للجهات الأخرى.

مسؤولية الوطن وحمايته تقع على كاهل جميع أبناء الوطن ولا يحق لأي فئة أو جماعة التصدي لحماية الوطن بمفردها. لقد أثبتت الأيام أن من يعيشون في الداخل هم الأقدر على معرفة مشاكلهم وطريق حلها. المرحلة تقتضي بكل أمانة توحيد معارضة الداخل في جبهة وطنية لإنقاذ سوريا. وسواء انعقد «جنيف 2» أم لم ينعقد، نقول إنه آن الأوان لانعقاد مؤتمر دمشق الوطني للإنقاذ في القريب العاجل وتحت إشراف المبعوث الأممي، ولننسَ جنيف وأخواتها فهي في جميع الأحوال ومهما بلغت إنسانياتها لن تكون في خدمة سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى