أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأثنين، 17 أيلول 2012

 


«الحرس الثوري» في سورية للمساعدة «فكرياً»

طهران، لندن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز

في اعتراف هو الأول من نوعه يكشف حجم تدخل إيران في الأزمة السورية، قال القائد الأعلى لـ «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال محمد علي جعفري أن عناصر من «فيلق القدس» التابع لـ»الحرس» موجودون في سورية ولبنان، لكن فقط كـ «مستشارين» يقدمون النصح والأفكار والمال، محذرا من أن إيران «قد تتدخل عسكرياً» في حال تعرض سورية لهجوم.

وجاء الاعتراف الإيراني، فيما غادر الموفد الدولي – العربي الأخضر الإبراهيمي دمشق بعد محادثات مع قادة في «الجيش السوري الحر» عبر «سكايب»، أعرب اثرها الاخير عن اعتقاده بأن الإبراهيمي «سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه». وذلك وسط عمليات نزوح جديدة في سورية واشتباكات بين قوات النظام والمعارضة في حلب ودرعا وإدلب ودير الزور ودمشق التي أعلنت المعارضة جنوبها «مناطق منكوبة».

وقال الجنرال جعفري، في مؤتمر صحافي في طهران، «إن عدداً من عناصر فيلق القدس موجودون في سورية ولبنان. غير أن ذلك لا يعني القول أن لنا وجوداً عسكرياً هناك. إننا نقدم (لهذين البلدين) نصائح وآراء ونفيدهم من تجربتنا». ولم يوضح فحوى هذه «النصائح والآراء».

ولم يشر جعفري إلى عدد العناصر الموجودة على الأرض في سورية ولبنان، لكنه قال ان «الحرس الثوري يقدم المساعدة الفكرية وحتى المساعدة المالية لكن ليس هناك وجود عسكري». وحذر من إن إيران ستغير سياستها وتقدم الدعم العسكري لنظام الرئيس بشار الأسد في حال تعرض سورية للهجوم. واضاف: «أقول على وجه الخصوص إنه في حال تعرض سورية لهجوم عسكري فإن إيران ستقدم أيضاً الدعم العسكري لكن هذا… يتوقف تماماً على الملابسات». وزاد: «نحن فخورون… بالدفاع عن سورية التي تشكل عنصراً مقاوماً» ضد إسرائيل «عبر تزويدها بخبرتنا بينما لا تخجل دول أخرى من دعم مجموعات إرهابية»، وهي التسمية الرسمية الإيرانية للمعارضة السورية.

وألقي الضوء على إرسال إيران عناصر من «الحرس الثوري» إلى سورية، بعد تكرار عمليات خطف عشرات الإيرانيين في دمشق وحمص على يد معارضين سوريين. ففيما أعلنت طهران خلال عمليات الخطف الأولى انهم «حجاج دينيون»، عادت لاحقاً لتعترف أن بعضهم «عناصر متقاعدة» من «الحرس الثوري». إلا أن معارضين سوريين قالوا إن الإيرانيين المخطوفين عناصر نشطة في «الحرس» تعمل إلى جانب النظام لإنهاء الحركة الاحتجاجية في البلاد.

و»فيلق القدس» وحدة عسكرية نخبوية عالية المستوى تتولى العمليات الخارجية الاستخباراتية والعملياتية السرية، في مناطق إستراتيجية بالنسبة للأمن القومي الإيراني.

وبحسب مصادر مطلعة، عين المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، قاسم سليماني، قائد «قوة القدس»، ليكون بمثابة «رأس الحربة» مع الرئيس السوري لمواجهة الحركة الاحتجاجية.

في موازاة ذلك، قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إن إيران تستخدم المجال الجوي العراقي في نقل امدادات إلى قوات الأسد، وان آلافا من مقاتلي الميليشيات العراقية عبروا الحدود إلى سورية لدعم قوات النظام.

وقال الهاشمي الذي فر من العراق في كانون الاول (ديسمبر) وحكمت عليه محكمة عراقية قبل أسبوع بالاعدام غيابيا، إن حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا تعترض نقل الذخيرة والسلاح إلى قوات الأسد.

وأكد الهاشمي، في مقابلة مع وكالة «رويترز» في اسطنبول، أن العراق تحول إلى «ممر للدعم الايراني» لنظام الاسد، وان لا شك لديه في ذلك. ورفض علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي هذه الاتهامات، وقال إن العراق «ملتزم بعدم الانحياز» لأي من طرفي الصراع في سورية.

ويلقي إعتراف إيران واتهامات الهاشمي للحكومة العراقية بدعم نظام الأسد، مزيدا من الشكوك على إمكان نجاح مهمة الإبراهيمي التي لم تتحرك كثيرا للإمام منذ توليه مهام منصبه.

وأجرى الإبراهيمي في ختام زيارته لسورية، حواراً مع قادة في «الجيش الحر» عبر «سكايب». وأِعرب رئيس المجلس العسكري لهذا الجيش في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي الذي شارك في الحوار مع عن «ثقته» بأن «الإبراهيمي سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد أن نكون سبب هذا الفشل».

وأضاف العكيدي، في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»: «نحن واثقون من انه سيفشل لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلاً في مساعدة الشعب السوري». وأشار إلى أن البحث تناول «الوضع العام في سورية، لا سيما التدمير الذي يتسبب به النظام»، معرباً عن اعتقاده بأن الابراهيمي «لا يحمل معه خطة» لوضع حد للنزاع.

ميدانيا، تواصلت أعمال العنف وتعرضت معاقل المعارضين لقصف عنيف من القوات النظامية وسط اشتباكات على جبهات عدة. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن عشرات الاشخاص قتلوا، معظمهم في دمشق وريفها ودرعا وإدلب. كما أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قطاعات من محافظة دمشق ودرعا وحماة وحمص ودير الزور استهدفت بغارات جوية والمدفعية الثقيلة.

واستمر القصف على حي الحجر الأسود في جنوب دمشق الذي تحاول القوات النظامية اقتحامه، بحسب المرصد. وأفاد سكان عن قصف الجيش بالمدفعية والطائرات أحياء الحجر الأسود والعسالي والتضامن، كما عثر الأهالي على جثث لستة أشخاص أعدموا ميدانياً في حي القدم، بينما أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة أحياء دمشق الجنوبية «مناطق منكوبة».

وبدأ عشرات الآلاف من السوريين الذين فروا من ديارهم، وانتقلوا إلى مناطق أخرى في الداخل هرباً من القتال والغارات الجوية، «موجة نزوح جديدة» بعدما أعلنت الحكومة السورية عزمها بدء العام الدراسي الجديد على رغم استمرار العنف. وشاع الذعر بين النازحين في نحو 800 مدرسة (غالباً ما يلجأ النازحون إلى المدارس بسبب اتساعها وتقسيمها إلى غرف منفصلة)، بحثا عن أماكن جديدة لإيوائهم لإخلاء المدارس.

وقالت منظمة «يونيسيف» إن الحكومة السورية بدأت بالفعل نقل النازحين من المدارس إلى مبان عامة أخرى بما في ذلك صالات رياضية لكنها لم تذكر ما إذا كان هناك مكان يكفي لكل النازحين.

وأضافت «يونيسيف» ان من المهم للغاية عودة ما يقدر بنحو مليوني طفل في سن المرحلة الابتدائية إلى الدراسة للابتعاد قليلاً عن أجواء القتال، لكنها قالت إنها لا تشارك في نقل الأسر من المدارس.

في موازة ذلك، تظاهر بضع مئات من الاشخاص في انطاكيا (جنوب تركيا) أمس للمطالبة باقفال مخيمات اللاجئين السوريين واعادة هؤلاء اللاجئين الى بلادهم، قبل ان تفرقهم الشرطة.

وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا عند مستديرة المدينة وسط اجراءات امنية مشددة قامت بها شرطة مكافحة الشغب «سوريا – تركيا، تضامن» و»اقفلوا مخيمات الارهابيين». وشارك العديد من العلويين في التظاهرة ورفع بعضهم صورا للأسد. وفرقت الشرطة التظاهرة بعد استخدامها الغاز المسيل للدموع وانتهت ببعض المشاجرات.

إيران تقر لأول مرة بإرسال عناصر من «فيلق القدس» إلى سورية وتهدد بالتدخل عسكرياً

طهران، لندن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز

كشف القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري أن عناصر من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري موجودون في سورية ولبنان لكن فقط كـ «مستشارين»، لكنه حذر من أن إيران قد تتدخل عسكرياً في حالة تعرض سورية لهجوم. وهذه هي المرة الأولى التي يقر فيها قائد الحرس الثوري الإيراني بوجود عناصر من «فيلق القدس»، قوة النخبة في الحرس الثوري، في سورية ولبنان.

وقال الجنرال الجعفري في مؤتمر صحافي في طهران أمس «إن عدداً من عناصر فيلق القدس موجودون في سورية ولبنان. غير أن ذلك لا يعني القول أن لنا وجوداً عسكرياً هناك. إننا نقدم (لهذين البلدين) نصائح وآراء ونفيدهم من تجربتنا». ولم يوضح فحوى هذه «النصائح والآراء».

وأضاف قائد الحرس الثوري «نحن فخورون … بالدفاع عن سورية التي تشكل عنصراً مقاوماً» ضد إسرائيل «عبر تزويدها بخبرتنا بينما لا تخجل دول أخرى من دعم مجموعات إرهابية» التسمية الرسمية الإيرانية للمعارضة السورية.

ولم يشر الجعفري إلى عدد الأعضاء الموجودين في سورية، لكنه قال «الحرس الثوري يقدم المساعدة الفكرية وحتى المساعدة المالية لكن ليس هناك وجود عسكري». وحذر من إن إيران ستغير سياستها وتقدم الدعم العسكري للأسد في حالة تعرض سورية لهجوم. وأردف قائلاً «أقول على وجه الخصوص إنه في حالة تعرض سورية لهجوم عسكري فإن إيران ستقدم أيضاً الدعم العسكري لكن هذا… يتوقف تماماً على الملابسات».

و»فيلق القدس» وحدة عسكرية نخبوية عالية المستوي تتولى العمليات الخارجية الاستخباراتية والعملياتية السرية، للحرس الثوري الإيراني في مناطق حيوية بالنسبة لإيران.

وبحسب محللين فإن هذه القوة التي تضم آلاف العناصر تنشط بشكل خاص في دول الشرق الأوسط، ومنها ضمنها العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان.

وتتهم دول غربية وعربية عدة طهران، منذ بداية الأزمة في سورية بتقديم مساعدة عسكرية لنظام الرئيس بشار الأسد، الحليف الأبرز لإيران في المنطقة. وكان القادة الإيرانيون نفوا باستمرار أي وجود عسكري في سورية، مؤكدين انهم يقدمون مساعدة «معنوية وإنسانية» لنظام دمشق.

وألقي الضوء على إرسال إيران عناصر من الحرس الثوري إلى سورية بعد تكرار عمليات اختطاف عشرات إيرانيين في دمشق وحمص على يد معارضين سوريين. ففيما أعلنت طهران خلال عمليات الاختطاف الأولى انهم «حجاج دينيون» في سورية، عادت لاحقاً لتعترف أن بعضهم «عناصر متقاعدة» من الحرس الثوري الإيراني، إلا أن معارضين سوريين قالوا إن المختطفين الإيرانيين عناصر نشطة في الحرس الثوري تعمل إلى جانب النظام لإنهاء الحركة الاحتجاجية في البلاد.

وكان مسؤولون حاليون وسابقون في الحرس الثوري قالوا قبل أسابيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إن إيران أرسلت عناصر من الحرس الثوري والمئات من جنود المشاة إلى سورية لدعم نظام الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة. وأضافت الصحيفة نقلاً عن هؤلاء المسؤولين أن إرسال قوات من الحرس الثوري وقوة المشاة يأتي على رأس خطوات أخرى اتخذتها إيران في شكل نشيط لدعم النظام السوري بما في ذلك إرسال أموال وأسلحة.

ونقلت الصحيفة عن القائد في لواء «صاحب الأمر» بالحرس الثوري الإيراني العميد سالار ابنوش قوله لمجموعة من المتدربين في الجيش الإيراني منتصف الشهر الماضي: «نحن مشاركون في القتال بكل أبعاده، العسكرية والثقافية». ونقلت «وكالة الأنباء الطالبية» الإيرانية تصريحات أبنوش.

وبحسب ما ذكرت «وول ستريت جورنال» آنذاك فإن طهران تحركت لمساعدة سورية مالياً وعسكرياً من خلال شركات إيرانية تتبع للحرس الثوري تنشط في العراق من بينها شركات إعمار وخدمة حجاج.

وبحسب مصادر مطلعة آخرى فقد عين المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي الذي له الكلمة الأخيرة في كل شؤون الدولة، قاسم سليماني، قائد قوات القدس، ليكون بمثابة «رأس الحربة» مع الرئيس السوري لمواجهة الحركة الاحتجاجية وذلك وفقاً لعضو في الحرس الثوري في طهران على معرفة بعمليات نشر قوات إيرانية في سورية.

وأفادت المصادر بأن «سليماني أقنع السيد خامنئي أن إيران حدودها تمتد إلى ما بعد الحدود الجغرافية، وأن النضال من أجل سورية هو جزء لا يتجزأ من الحفاظ على الهلال الشيعي»، وذلك في إشارة إلى شيعة إيران والعراق ولبنان وسورية.

وفي أوضح تعبير عن تحول إيران للتدخل عسكرياً إلى جانب النظام السوري لحمايته، نقلت صحف إيرانية الشهر الماضي عن وزير الدفاع أحمد وحيدي قوله إن إيران سترسل مساعدة عسكرية إلى سورية إذا احتاجت على أساس اتفاق الدفاع المشترك بين البلدين. وقال وحيدي كما نقلت عنه صحف طهران «سورية لم تطلب حتى الآن مساعدة… وهى تدير هذا الوضع في شكل جيد للغاية من تلقاء نفسها… لكن إذا كانت الحكومة لا يمكنها حل الأزمة من تلقاء نفسها… سنقوم باستخدام اتفاقية الدفاع المشترك».

ولإيران تاريخ طويل في تدريب عناصر الأجهزة الأمنية السورية، بخاصة في مجالات أمن الإنترنت، والتجسس على المعارضين.

وقالت شخصيات في الحرس الثوري إن إيران ترسل حالياً المئات من عناصر الحرس الثوري وقوات الباسيج يرتدون ملابس مدنية إلى سورية. وكثير من هذه القوات الإيرانية من وحدات الحرس الثوري من خارج طهران، بخاصة من أذربيجان الإيرانية ومناطق كردستان حيث لدى قوات الحرس هناك خبرة في التعامل مع الحركات الانفصالية العرقية. ومهمات هؤلاء، وهم يحلون محل جنود من ذوي الرتب المتدنية انشقوا عن القوات النظامية السورية، مهماتهم أدوار غير قتالية مثل حراسة مخابئ الأسلحة والمساعدة على تشغيل القواعد العسكرية.

وأفاد أشخاص مطلعون على الحرس الثوري الإيراني بأن خطوة طهران إرسال عناصر على الأرض لدعم النظام السوري بدأت بعدما بدأت المعارضة السورية تحقق تقدماً ملحوظاً على الأرض في دمشق وحلب، وبعد انفجار في مقر الأمن القومي في تموز (يوليو) الماضي أدى إلى مقتل أربعة من أعضاء الدائرة الداخلية المحيطة بالرئيس السوري في ضربة كبيرة للنظام.

ومع تزايد الانشقاقات في الجيش والدوائر الديبلوماسية والسياسية وقدرة المعارضة المسلحة على توجيه ضربات كبيرة للنظام، بالإضافة إلى سيطرة مجموعات كردية على مناطق شمال البلاد، بات النظام السوري يعتمد في شكل كبير على حلفائه الأساسيين من أجل البقاء وعلى رأسهم طهران التي استثمرت أكثر من 30 عاماً في تعزيز علاقاتها مع دمشق

وقال محسن سازكارا، وهو من مؤسسي الحرس الثوري ومعارض حالي للنظام الإيراني يعيش في المنفي في أميركا لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «ستفقد إيران أحد أذرعها إذا سقط نظام الأسد. وهى تسخر كل إمكانياتها لمنع حدوث هذا».

عناصر من الحرس الثوري لإسداء “النصائح

طهران تقرّ بإرسالها إلى سوريا ولبنان

    للمرة الاولى، أقرت طهران أمس بانها ارسلت عناصر من الحرس الثوري “الباسدران” الى سوريا لمساعدة النظام على مواجهة المعارضة المسلحة وكذلك الى لبنان، مؤكدة انهم كانوا “مستشارين” فقط. وأتى ذلك مع انهاء الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي زيارة لهذا البلد استغرقت اربعة ايام اجرى خلالها محادثات مع الرئيس بشار الاسد ومع قادة في معارضة الداخل، فضلاً عن حوار بواسطة “سكايب” مع قادة في “الجيش السوري الحر” ابدوا خلاله تشاؤماً بامكان نجاحه في مهمته.

ويطلع الابرهيمي، الذي وصل الى القاهرة الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي اليوم على نتائج زيارته لدمشق.

وميدانياً، شهد حي الميدان اعنف المعارك منذ بداية هجوم المعارضة على العاصمة الاقتصادية للبلاد في 2 تموز الماضي. والى حلب، تواصلت الاشتباكات في حي الحجر الاسود بجنوب دمشق وكذلك في حمص. وبدأت امس السنة الدراسية في سوريا التي دمر عدد كبير من مدارسها، في حين يقيم نازحون في عدد آخر منها.

وأطلق عدد من الأحزاب والقوى الوطنية في سوريا مبادرة تتضمن “دعوة كل القوى والفاعليات والأحزاب في الداخل والخارج من دون استثناء لعقد مؤتمر وطني شامل للمعارضة انطلاقاً من السعي الى تحقيق حوار بامتياز دون أي شروط أو تصورات مسبقة والعمل على ايقاف نزف الدم والحفاظ على وحدة سوريا وشعبها وترابها”.  (راجع العرب والعالم)

وصرح القائد الاعلى لـ”الباسدران” البريغادير جنرال محمد علي جعفري في مؤتمر صحافي بطهران: “ان عدداً من عناصر فيلق القدس (التابع للحرس الثوري) موجودون في سوريا ولبنان. غير ان ذلك لا يعني ان لنا وجوداً عسكرياً هناك. اننا نسدي (الى هذين البلدين) نصائح وآراء ونفيدهم من تجربتنا”.

وفيما لم يوضح فحوى تلك “النصائح والاراء”، أضاف: “نحن فخورون … بالدفاع عن سوريا التي تشكل عنصراً مقاوماً” ضد اسرائيل “بتزويدها خبرتنا بينما لا تخجل دول اخرى من دعم مجموعات ارهابية” في سوريا.

وقال انه في حال هجوم اسرائيلي على ايران، لدى بلاده الكثير من “وسائل التحرك لا سيما عبر دعم المسلمين (في العالم) للجمهورية الاسلامية”، في اشارة ضمنية الى “حزب الله” اللبناني.

وهذه المرة الاولى يقر مسؤول في “الباسدران” بوجود عناصر من “فيلق القدس” في سوريا ولبنان، بينما تندد المعارضة السورية والمسؤولون الاميركيون بذلك منذ اشهر.

ومعلوم ان الفيلق هو وحدة تتولى العمليات الخارجية، الرسمية او السرية، للحرس الثوري. ويقول محللون إن هذه القوة التي تضم آلاف العناصر تنشط بشكل خاص في دول الشرق الاوسط.

وسبق لوزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان قال إن ايران تحاول “تدريب ميليشيات في سوريا لحساب النظام ونلاحظ وجودا متزايدا لايران (في سوريا) وذلك يثير قلقنا”.

اجتماع رباعي

في غضون ذلك، اعلن رئيس بعثة رعاية المصالح الايرانية في القاهرة السفير مجتبى أماني أن اجتماعا رباعيا لوزراء خارجية كل من مصر والسعودية وإيران وتركيا الخاص بحل الازمة السورية سيعقد مساء اليوم في القاهرة، مشيراً الى ان وزير خارجية بلاده علي اكبر صالحي سيصل الى القاهرة للمشاركة في الاجتماع .

واكد مصدر ديبلوماسي تركي ان وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو سيزور مصر ويلتقى وزير الخارجية محمد عمرو في محادثات ثنائية بمقر وزارة الخارجية . وكان اجتماع للدول الاربع قد انعقد في القاهرة في 10 ايلول الجاري.

وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إنه يجب انشاء مجموعة للإتصال مع طرفي النزاع في سوريا للدفع نحو تحقيق الإستقرار والسلام. ونقلت عنه وكالة الجمهورية الاسلامية الايرانية للأنباء “إرنا” خلال حوار هاتفي مع الرئيس الباكستاني آصف علی زرداري إنه ” يجب تشكيل مجموعة للاتصال مع الطرفين في سوريا من أجل دفع الأمور في اتجاه إرساء الإستقرار والسلام والتفاهم”.

 اتهامات سورية لتركيا

وفي رسالتين متطابقتين الى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الامن، اتهمت دمشق تركيا بالسماح بتسلل آالاف الارهابيين” الى أراضيها.  وقالت دمشق ان الحكومة التركية “سمحت بدخول الآلاف من ارهابيي القاعدة والتكفيريين والوهابيين ليمارسوا جرائمهم بقتل السوريين الابرياء وتفجير ممتلكاتهم ونشر الفوضى والخراب”.

ووجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم رسالتين متطابقتين الى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والمندوب الالماني السفير بيتر فيتيغ، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الامن، جاء فيها ان الحكومة التركية “تقوم بدعم العناصر الارهابية وتفتح امامها مطاراتها وحدودها مع سوريا لتقوم بأعمالها الارهابية ضد الشعب السوري”. واعتبرت ذلك “انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقواعد حسن الجوار”.

وتستضيف تركيا، استنادا الى الارقام الرسمية، 80 الف لاجئ سوري في نحو عشرة مخيمات اقامتها لهذه الغاية.

وأمس تظاهر بضع مئات من الاشخاص في انطاكيا بجنوب تركيا للمطالبة باقفال مخيمات اللاجئين السوريين واعادة هؤلاء اللاجئين الى بلادهم، قبل ان تفرقهم الشرطة.

وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا عند مستديرة المدينة وسط اجراءات امنية مشددة اتخذتها شرطة مكافحة الشغب: “سوريا – تركيا، تضامن”، و”أقفلوا مخيمات الارهابيين”.

وكانت سلطات محافظة هاتاي حظرت التجمع الذي جاء بناء على دعوة من حزب العمل القومي، بعد تظاهرة مماثلة نظمت في الاول من ايلول وضمت بضعة آلاف شخص.

وشارك الكثير من العلويين في التظاهرة ورفع بعضهم صورا للرئيس السوري بشار الاسد. وفرقت الشرطة التظاهرة بعد استخدامها قنابل الغاز المسيل للدموع وانتهت ببعض المشاجرات.

ويثير تدفق اللاجئين الذي لا يتوقف قلقاً متنامياً لدى السكان المحليين واحياناً توترات وخصوصا في مدينة انطاكيا المتنوعة من حيث السكان والتي تقيم فيها نسبة كبيرة من العلويين.

سوريا: 5 ملايين تلميذ إلى المدارس.. وسط قلق وخراب

بدأت السنة الدراسية رسميا، أمس، في سوريا، لكن في مدن عدة ومنها حلب، لم تفتح أي مدرسة أبوابها بسبب الاشتباكات المتواصلة بين القوات النظامية والمسلحين.

وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية انطلاق السنة المدرسية «لأكثر من خمسة ملايين تلميذ و385 ألف أستاذ وموظف». ومع تدمير أكثر من ألفي مدرسة بشكل كامل أو تضررها جزئيا، واستخدام المئات غيرها كأماكن إيواء للنازحين، أكدت وزارة التربية اتخاذ كل الإجراءات لضمان «سير العمل الجيد لمسار التعليم».

وأكد احد العاملين في مستشفى في دمشق انه أوصل ولديه إلى مدرستهما في مشروع دمر غربي العاصمة. وقال «كانت هناك زحمة هذا الصباح، والأولاد كانوا متحمسين لفكرة العودة إلى المدرسة».

وفي «دوحة الحرية» وسط العاصمة، رافق عدد كبير من الأهل أيضا أبناءهم إلى روضة الأطفال هذه. لكن في الأحياء الواقعة على أطراف العاصمة وفي ضواحيها والتي تحولت إلى ارض معركة حقيقية، بقي الأولاد في منازلهم.

وقال سائق سيارة أجرة مقيم في حي التضامن انه لم يرسل ولديه إلى المدرسة «ببساطة، لان المدارس مقفلة في الحي». وقالت الناشطة ألكسيا ان مدارس احياء التضامن والحجر الاسود بقيت مقفلة. واضافت «بعض المؤسسات في حي الميدان فتحت أبوابها لكن غالبية العائلات اختارت عدم إرسال الأولاد لأسباب أمنية».

وفي حين استخدم العديد من المدارس في الضاحية الجنوبية لدمشق كملاجئ للنازحين، قالت الكسيا «حاولنا التنسيق بشكل أفضل للسماح للأولاد بارتياد المدرسة وتوفير سقف فوق رؤوس النازحين» في الوقت عينه.

وقال المسؤول في محافظة دمشق عمار كالو «فتحت 900 مدرسة أبوابها في العاصمة»، في حين اتخذ الهاربون من اعمال العنف ملجأ في 13 مدرسة دمشقية. ووفق كالو، تضم كل من هذه المدارس المستخدمة كملاجئ، ما بين 300 إلى 500 شخص.

وفي حلب لم تستقبل أي مدرسة تلامذتها. وأشار مراسل «فرانس برس» إلى أن المدارس الموجودة في مناطق الاشتباكات بقيت مقفلة، بينما فتحت تلك الواقعة في مناطق أكثر هدوءا أبوابها، لكن أي تلميذ لم يحضر.

وتعرضت مدارس كثيرة للتدمير بسبب القصف عندما اتخذها المسلحون مراكز لهم، بينما تحولت مدارس أخرى ملاجئ لإيواء النازحين.

(ا ف ب)

الأسد: نجاح العمل السياسي يرتكز على وقف تمويل الإرهابيين

الإبراهيمي: لا أملك خطة للحل بعد… والأزمة خطر على العالم

حذر المبعوث الدولي والعربي الى سوريا الاخضر الابراهيمي، امس الاول، من «خطر الأزمة» السورية على العالم، مشيرا الى انه لا يملك خطة للحل بعد، موضحا انه سيضع خطته بعد الاستماع الى الأطراف الداخليين والاقليميين والدوليين، فيما دعا الرئيس السوري بشار الاسد الى حوار «يرتكز على رغبات السوريين»، رابطا بين نجاح العمل السياسي و«الضغط على الدول التي تقوم بتمويل وتدريب الإرهابيين وتهريب السلاح الى سوريا لوقف مثل هذه الأعمال».

وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان الأسد اكد، خلال لقائه الإبراهيمي لمدة ساعة في دمشق أمس الأول، «استمرار التزام سوريا الكامل بالتعاون مع أي جهود صادقة لحل الأزمة في سوريا، طالما التزمت الحياد والاستقلالية».

وأوضح أن «المشكلة الحقيقية في سوريا هي الخلط بين المحور السياسي وما يحصل على الأرض»، معتبرا أن «العمل على المحور السياسي مستمر، وخصوصا لجهة الدعوة الجادة لحوار سوري يرتكز على رغبات جميع السوريين»، مضيفا أن «نجاح العمل السياسي مرتبط بالضغط على الدول التي تقوم بتمويل وتدريب الإرهابيين وتهريب السلاح إلى سوريا لوقف القيام بمثل هذه الأعمال».

وأكد الإبراهيمي، من جهته، أن «أساس عمله هو مصلحة الشعب السوري وتطلعاته، وأنه سيعمل باستقلالية تامة، تكون مرجعيته الأساسية فيها خطة انان وبيان جنيف»، مضيفا أن «أي نقاط أخرى تتم إضافتها أو تعديلها ستكون بالاتفاق مع جميع الأطراف».

وشدد الإبراهيمي، الذي غادر دمشق امس بعد اربعة ايام من اللقاءات مع مسؤولين ومعارضين، على «ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف لإيجاد حل للأزمة بالنظر إلى أهمية سوريا ومكانتها الإستراتيجية وتنوعها السكاني، وتأثير الأزمة السورية على المنطقة برمتها»، مشيرا إلى «أنه في نهاية الأمر لا يمكن أن يأتي الحل إلا عن طريق الشعب السوري نفسه».

وقال الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء، «أعتقد أن السيد الرئيس يدرك أكثر مني أبعاد هذه الأزمة وخطورتها». وأضاف «أبلغت الرئيس أننا سنحاول جهدنا باسم الأمم المتحدة وباسمي أن نتقدم بأفكار وأن نجند ما يحتاجه الوضع من إمكانيات وطاقة في مساعدة شعب سوريا على الخروج من هذه المحنة».

وأشار إلى أنه «على اطلاع كامل بما قام به سلفه كوفي انان، وأنه يكمل العمل الذي بدأه رغم الاختلاف الذي يطرأ على الوضع في سوريا بشكل يومي». وكرر وصفه «للمهمة الموكلة إليه بأنها صعبة»، معتبرا أن «الأزمة في سوريا خطيرة جداً وتتفاقم، وتشكل خطراً على الشعب السوري والمنطقة والعالم كله».

وحول إمكانية وقف العنف في سوريا، رأى الإبراهيمي أن «الفجوة بين الأطراف السورية كبيرة، وعلينا تجسير هذه الفجوة من خلال إيجاد أرضية مشتركة، وهذه الأرضية موجودة، وتتمثل في أن كل الأطراف يحبون بلدهم ويريدون السلام، واعتقد انه بإمكاننا مساعدتهم على تحقيق هذا الأمر».

وأشار إلى أنه «سيكون لفريقه مكتب في دمشق برئاسة مختار لماني»، موضحا أنه «ستكون له عودة قريبة إلى سوريا لمواصلة الحديث والعمل على وقف العنف وإنهاء الأزمة، وإنه سيقوم بزيارة كل الدول التي لها اهتمام ونفوذ ومصلحة بالشأن السوري في المنطقة وخارجها، إضافة إلى زيارة نيويورك لإجراء لقاءات في مجلس الأمن ومع الأمين العام للأمم المتحدة».

وقال الإبراهيمي «ليست لدي خطة في الوقت الراهن»، مشيرا الى انه سيضع خطته بعد الاستماع الى الأطراف الداخليين والاقليميين والدوليين. وعبر عن امله في ان تتمكن خطة كهذه من فتح القنوات في اتجاه انهاء الازمة، وان ترافقها ايضا استراتيجية واضحة.

واكد الابراهيمي، الذي التقى السفراء العرب، انه سيتواصل مع «الدول ذات الاهتمامات والتأثير في الملف السوري»، ومع اعضاء مجموعة الاتصال الرباعية حول سوريا التي تضم مصر وايران والسعودية وتركيا.

كما التقى الابراهيمي رئيس «تيار بناء الدولة» لؤي حسين، وهو من معارضي الداخل. وقال حسين ان الابراهيمي لا يحمل خطة «وهذا اعجبنا كثيرا، اذ لا بد له من ان يسمع الجميع حتى يشكل خطة توافقية بين الجميع، وليس خطة تملى على الاطراف في البلاد». واضاف «اتفقنا على مسألة رئيسية، هي ان يتم العمل على حل الازمة السورية وليس إدارتها»، متحدثا عن التطرق الى «معوقات دولية وداخلية» لوقف اطلاق النار.

واعتبر حسين ان المعوقات الداخلية تتمثل «بعدم التزام السلطة بما تعد به من وقف لإطلاق النار، وتعدد المجموعات المسلحة والجيش الحر في البلاد»، والمعوقات الخارجية «بعدم التوافق الدولي» على مقاربة الازمة.

(«سانا»، ا ف ب، ا ب، روترز)

قوى سياسية معارضة داخل سورية تعلن رفضها التدخل الخارجي

ايران تقرّ بوجود عناصر من الحرس الثوري في سورية ولبنان و50 عميلا استخباريا غربيا على الحدود التركية السورية

دمشق ـ طهران ـ أنقرة ـ بيروت ـ وكالات: قتل 11 شخصا الاحد وجرح العشرات في قصف عنيف على حي الشعار في شرق مدينة حلب الذي يسيطر عليه المقاتلون المعارضون، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان الذي احصى سقوط 66 قتيلا في مناطق سورية عدة الاحد، فيما أكد 24 حزبا وتيارا معارضا داخل سورية (بعضهم مشارك في الحكومة الحالية)، يعتزمون عقد مؤتمر شامل للمعارضة في الداخل، رفضهم التدخل الخارجي بكافة أشكاله والحفاظ على سيادة بلادهم.

وأعلن عدد من القوى البارزة للمعارضة السورية في الداخل عن عدم المشاركة في المؤتمر كهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وتيار بناء الدولة السورية.

وقالت القوى السياسية في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه الأحد في العاصمة دمشق، إن هذه القوى على ‘قناعة عميقة بضرورة توحيد وجهات نظر المعارضة البرنامجية أو الحد الأدنى من التنسيق بينها’، مؤكدة على ضرورة ‘التغيير الجذري الشامل والعميق الذي يعني تغيير بنية وتركيبة ونهج النظام ووسائله في إدارة البلاد وإلغاء كل الأسباب التي تعيد إنتاج الأزمة’.

جاء ذلك في الوقت الذي اقرت فيه ايران لاول مرة الاحد بانها ارسلت عناصر من الحرس الثوري الى سورية لمساعدة النظام على مجابهة المعارضة المسلحة وكذلك الى لبنان المجاور، مؤكدة انهم ‘مستشارون’ فقط.

واكد القائد الاعلى للحرس الثوري الايراني (بسدران) الجنرال محمد علي جعفري الاحد ان عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري موجودون في سورية ولبنان.

وقال الجنرال الجعفري في مؤتمر صحافي ‘ان عددا من عناصر فيلق القدس موجودون في سورية ولبنان، غير ان ذلك لا يعني ان لنا وجودا عسكريا هناك. اننا نقدم (لهذين البلدين) نصائح واراء ونفيدهم من تجربتنا’. ولم يوضح فحوى تلك ‘النصائح والاراء’.

واضاف قائد الحرس الثوري ‘نحن فخورون (…) بالدفاع عن سورية التي تشكل عنصرا مقاوما’ ضد اسرائيل ‘عبر تزويدها بخبرتنا بينما لا تخجل دول اخرى من دعم مجموعات ارهابية’ في سورية، كما تسمي ايران رسميا المسلحين المعارضين للنظام السوري.

الى ذلك قال ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية إن قرابة 50 عميلاً استخبارياً كبيراً بينهم أمريكيون وفرنسيون وألمان وبريطانيون موجودون على حدود تركيا مع سورية.

وقال الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي ايه) لصحيفة ‘حرييت’ التركية في مقابلة نشرت الأحد، إن ما يقارب الخمسين عميلاً استخبارياً برتب عالية، من الولايات المتحدة وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا وربّما اليونان، يوجدون حالياً على الحدود التركية مع سورية.

وأشار إلى أن عدداً وافراً من الجواسيس يعملون تحت جناح العملاء الاستخباريين الكبار، وان ‘كثيراً’ من المخبرين يعملون أيضاً تحت جناحهم.

وقال غيرالدي إنه يظن أن هناك 15 إلى 20 عميلاً لوكالة الاستخبارات الأمريكية رفيع المستوى، يعملون في تركيا على ملف النزاع السوري وحده.

وأضاف ‘لا بد أن هناك عملاء شبه عسكريين، قد يكونون متمركزين في القنصلية بأضنة أو قاعدة إنجرليك الجوية، لكن يمكن أن يعملوا على الأرض أيضاً’.

ولفت إلى أن العملاء لن يعبروا إلى سورية، بل سيوجهون عمليات استخبارية مباشرة من داخل تركيا بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الوطنية التركية.

وقال إن ‘سي أي ايه ربما لديها فقط 10 عملاء يتكلمون العربية بطلاقة، وربما 5 يتكلمون التركية بطلاقة. ولهذا فهم بحاجة للاعتماد على عناصر وكالة الاستخبارات التركية عند التعامل مع المتمردين السوريين’.

وأشار غيرالدي إلى أن وكالتي الاستخبارات الأمريكية والتركية تعملان ‘عن كثب جداً’ بشأن القضية السورية، مضيفاً أن واشنطن زودت أنقرة بصور، بينها صور التقطت عبر الأقمار الصناعية، ومعلومات تقنية حساسة لا تتشاركها عادة مع أحد.

وذكر أن ضابط مخابرات تركيا يرافق ‘دائماً’ عملاء ‘سي أي ايه’ في معاملتهم مع مسؤولين من ‘الجيش السوري الحر’.

وقال إن الاستخبارات التركية تنسق كل أنشطتها في جمع المعلومات الاستخبارية المرتبطة بسورية، مع وكالات الاستخبارات الألمانية والفرنسية والبريطانية.

وأضاف ‘لو لم تكن تركيا في المشهد، فإن العمليات (الاستخبارية) كانت ستسيطر عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية’.

سورية قلعة العروبة: تحدي العلمانية ورد الاسلام

صحف عبرية

تناول رئيس سورية بشار الاسد في مقابلة أجراها في آذار/مارس 2009 مع صحيفة ‘السفير’ اللبنانية، بصورة مفاجئة ـ علاوة على الاسئلة في امور الساعة التي تناولت كالعادة قضية الصراع مع اسرائيل وقضية لبنان ـ سؤال ما هي العلمانية بحسب تصوره.

وذكر من أجروا اللقاء معه انهم فوجئوا من الصبغة الدينية (المسيحية) التي اختار السوريون منحها لزيارة الجنرال الماروني ميشيل عون لسورية في مطلع كانون الاول/ديسمبر 2008، لأن سورية كانت ترى نفسها دائما دولة علمانية. وأجاب بشار قائلا: ‘لا تعني العلمانية في نظري نفي الدين بل حرية التدين. فحرية التدين بعد كل شيء هي واحدة من أسس الوجود الاسلامي الذي نحياه ونجربه’. وبعد ذلك بوقت قصير فسر بشار في خطبة خطبها أمام مؤتمر منظمة الدول الاسلامية قائلا: ‘الاسلام دين الانفتاح والعلاقة الحضارية، وهو يستمد قوته واستمراره من انفتاحه على محيطه. وقد عاش الاسلام وما يزال يعيش الى جانب أديان اخرى في منطقة جغرافية وانسانية واحدة، وقد نجح في ان يستوعب جميع الشعوب والأعراق التي استمد منها أفكاره من غير ان يلغي ثقافتهم وخصائصهم المميزة بل عززها خاصة’.

بازاء كلام بشار هذا لا يفاجئنا كلام وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار. فقد قال في مقابلة صحافية أجراها مع الـ ‘بي.بي.سي’ في السابع من ايلول/سبتمبر 2009: ‘ان سورية دولة علمانية في الحقيقة لكن هذا لا يعني أنها ضد الدين، بل بالعكس. فهي تتقبل كل الطوائف والافكار والأديان. لكن ينبغي ان نتذكر ان الاسلام بالنسبة الينا ليس بمثابة قاعدة عمل أو خطة سياسية، ومن هنا ينبع اختلافنا مع تلك الحركات الاسلامية التي تستعمل الاسلام فأسا تحفر به لتدفع الى الأمام ببرنامجها السياسي’.

وقد عبر كلام بشار وكلام عبد الستار في ظاهر الامر عن الالتزام بتصور حزب البعث الحاكم في سورية منذ 1963 عن العلاقة بين الدين والدولة، التي تربى ونشأ بشار الاسد عليها. فهذا التصور لم يرفض الاسلام البتة بل كان مستعدا لتقبله بل لتبنيه لأنه رآه ثقافة وحضارة، لكنه لم يره دين شريعة.

ويدل كلام بشار في نفس الوقت على تغيير ما يتعلق بهذا التصور لأن سورية تحت سلطة حافظ الاسد أبيه لم تكن حرية التدين مفهومة فيها من تلقاء ذاتها، أعني القدرة على ان تحيا حياة متدينة تربى عليها وتدعو اليها في الأساس. وعلاوة على هذا أراد النظام في سورية في الستينيات، بل في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ان يرى العلمانية أو القومية العربية العلمانية لمزيد الدقة، تصورا يستطيع ان يدافع الدين عن منزلته ومكانته في المجتمع بل ان تكون بديلا عنه.

قد يكون هذا التصور المُلطف لبشار الاسد عن علاقة الدين بالدولة هو الذي جعله في 2003 يلغي منع وضع النساء الحجاب على رؤوسهن في مؤسسات التربية والدراسات العليا في الدولة وهذا مرسوم تقرر في فترة حكم حافظ الاسد بعد قمع الثورة الاسلامية بالنظام السوري في أواخر سبعينيات القرن الماضي. ويبدو ان هذا التصور جعله يسمح ايضا بفتح مدارس دينية في أنحاء سورية، بل يسمح باقامة صلوات وشعائر دينية في معسكرات الجيش.

تشهد هذه الاشياء على تميز سورية وتفردها في مشهد الشرق الاوسط في أيامنا. وتوجد اسباب كثيرة لتميز سورية وتفردها في المنطقة المحيطة بها، وهما علامتان تميزها. يوجد في السنين الاخيرة من يربطون هذا الامر بالسياسة الراديكالية التي تبنتها دمشق الحلف الذي يزداد قوة مع ايران و’حزب الله’ بل مع حماس. فهذا الحلف جعلها دولة معزولة عن جاراتها العربيات وعلى رأسها دول المحور المعتدل في العالم العربي ـ العربية السعودية ومصر والاردن والمجتمع الدولي بالطبع بقيادة الولايات المتحدة. لكن الجذور التاريخية لهذا التميز والتفرد لسورية ليست كامنة في ارتباطها بالمحور المتطرف الاسلامي في الشرق الاوسط، بل تكمن في محاولة سورية ان تداوم على رفع راية القومية العربية العلمانية على مذهب حزب البعث. وجاءت هذه المحاولة لتعرض بديلا عن ظاهرة أسلمة أكثر المجتمعات العربية في الشرق الاوسط التي تشتمل على اعتراض على شعور الالتزام والانتماء الى هوية عربية عامة جامعة وضعف شعور الهوية السياسية المناطقية، والعودة بدل ذلك الى الاسلام باعتباره الهوية العليا من جديد، والى جانب ذلك العودة الى الهويات الأساسية الهوية المحلية والهوية الطائفية والهوية القبلية، وأهم منها جميعا الهوية العائلية.

ان محاولة سورية المتميزة رفع راية العلمانية العربية قد تعرضت في العقود الاخيرة لاختبار تحديات مركبة. وقد استطاعت الدولة السورية التي انشأها حزب البعث حتى الآن، ان تصمد لهذه التحديات. والتحدي الرئيس الذي صمدت له سورية كان الأسلمة التي جرت على أكثر المجتمعات العربية، ولم تتجاوز المجتمع السوري أو الجمهور المدني السني على الأقل، الذي كانت أجزاء كبيرة منه في الماضي شريكة في التصورات الأساسية لحزب البعث.

وهناك تحد آخر صمدت له سورية هو قوة الهويات الأساسية ولا سيما القبلية والطائفية والعائلية. ينبغي ان نذكر انه يقوم في أساس نجاح النظام السوري في مواجهة هذه التحديات مع الاستمرار في التمسك بتصور القومية العربية العلمانية، واقع اجتماعي خاص بسورية، وهو حقيقة ان نحوا من 40 في المئة من سكانها من أبناء طوائف الأقليات، وفي مقدمتها الطائفة العلوية التي تبلغ 12 في المئة من السكان وتستولي على مؤسسات الدولة. وترى الطائفة العلوية العودة الى الاسلام تهديدا لمكانتها المتقدمة في الدولة، بل ربما تراها تهديدا لاستمرار وجودها في المجتمع السوري ولهذا ما تزال تقف في مواجهة الطوفان وتحتفظ قدر استطاعتها بصبغة سورية بصفتها دولة عربية علمانية أو دولة غير دينية، على الأقل رغم أنها ترتدي العباءة الاسلامية. ومع ذلك، منذ انتقلت مقاليد الحكم في دمشق الى بشار وربما قبل ذلك، أخذ النظام السوري يبدي استعدادا يزداد لتملق الدوائر الاسلامية السنية في الدولة. ومن الواضح ايضا انه تخلى عن طموحه الذي كان في الماضي الى علمنة سكان سورية وعن طموح انشاء ‘انسان عربي سوري جديد’، أي انسان علماني يكون لبنة قوية لا يمكن ازاحتها في مبنى الدولة السورية العربية العلمانية.

منذ آذار/مارس 1963 عرّض نظام البعث وبخاصة نظام البعث الجديد في السنين 1966 1970، حركة الاخوان المسلمين للتحدي، وهي الحركة الجامعة للدوائر الاسلامية في سورية وكان تحديا من جهة عقدية وسياسية واجتماعية اقتصادية. وهذا التحدي هو الذي جعل هذه الحركة تنهج نهج نضال عنيف كان هدفه اعادة العجلة الى الوراء وان تُعاد الى الاسلام مكانته الرائدة في المجتمع السوري. وهكذا ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي حدثت مواجهات مكررة بين ناشطي الحركة والنظام السوري. وكانت هذه المواجهات العسكرية محدودة المقدار والقوة اضرابات تجارية ومظاهرات وشغب في الشارع ولم تكن لها يد تنظمها وكان أكثرها بمثابة رد محدود عفوي على اجراءات النظام.

نظام حافظ الاسد ـ النضال من اجل شرعية دينية

بعد تولي حافظ الاسد السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 1970 عمل على تخفيف النهج المعادي للاسلام الذي ميز أسلافه، راميا الى فتح صفحة جديدة في علاقات النظام بالدوائر الاسلامية في سورية. وكانت هذه الخطوة جزءا من اجراء شامل للاسد كان هدفه توسيع قاعدة الائتلاف الحاكم في سورية، وأن تضم اليه قوى اخرى، لا سيما من أبناء الطبقة المدنية السنية. وبدأ الاسد يشارك في الصلاة في مساجد سنية في دمشق وأدى العمرة، وحسن أجور رجال الدين وعمل على ادماجهم في اجهزة حكم الدولة. وفي النهاية، وهو الأهم، عمل الاسد بجد على احراز اعتراف بأن أبناء طائفته العلوية مسلمون بحيث يُزال عنها وصم الكفر الذي التصق بها.

كان طموح الاسد الى شرعية دينية مرتبطا بورطة دُفع اليها بسبب رغبته في صوغ دستور جديد لسورية. فحينما عرض أسلافه في 1969 الدستور المؤقت لم يشتمل على مواد من الدستور السابق قضت بأن الاسلام هو دين رئيس سورية ومصدر التشريع في الدولة. وحينما أراد الاسد في شباط/فبراير 1973 ان يأتي بهذا الدستور ليجيزه باستفتاء الشعب نشبت اضطرابات في أنحاء سورية كلها واضطر الاسد الى التراجع عن نيته وزاد عليه مواد تتعلق بمكانة الاسلام في سورية.

ان المواجهة المتعلقة بقضية اشتمال الدستور السوري على الاسلام سلطت الاضواء على سؤال ملح آخر وهو: هل يستطيع حافظ الاسد الذي ينتمي الى الطائفة العلوية ان يكون رئيسا لسورية، لأنه توجد علامة استفهام عن التزام هذه الطائفة بالاسلام وانتمائها في الحقيقة لهذا الدين. فقد قضى فقهاء من أهل السنة كابن تيمية (1263 1328) بصراحة بأن هذه ‘طائفة كفار دمها مباح اذا لم يعبروا عن ندمهم عن كفرهم ويعودوا للاسلام’. وفي منتصف 1973 على كل حال استطاع الاسد احراز مطلوبه فنجح باقناع زعيم الشيعة في لبنان موسى الصدر بالاعتراف بأن العلويين شيعة ومسلمون.

لكن جهود الاسد لمصالحة الدوائر الدينية في سورية والحظوة بتأييدها لم تنجح وربما تمت متأخرة كثيرا. وفي 1976 بدأ مسلحون مسلمون كان عدد منهم ناشطين سابقين في حركة الاخوان المسلمين تركوا الحركة وانشأوا مجموعات مستقلة ذات صلة ضعيفة بالحركة الأم بدأوا نضالا عنيفا لنظامه بقصد اسقاطه وانشاء دولة اسلامية بديلة عنه. وكان تحدي الحركة الاسلامية هذا في سورية لنظام البعث هو الاول في نوعه في العالم العربي في ذلك الوقت، بل انه سبق الثورة الاسلامية في ايران التي أفضت في أواخر سبعينيات القرن الماضي الى سقوط نظام الشاه. كان الاخوان المسلمون في سورية اذا هم الرائد الذي يسير أمام المعسكر والذي بشر بصعود موجة الاسلام السياسي التي هددت باغراق العالم العربي والاسلامي كله.

التمرد الاسلامي على نظام البعث 1976 1982

كان التمرد الاسلامي الذي بدأ في بداية سنة 1976 واستمر الى بداية سنة 1982 واحدا من أصعب التحديات التي واجهها نظام البعث السوري مدة سني وجوده. بل كان يبدو في ذروة التمرد في الاشهر الاولى من 1980 ان ايام النظام معدودة. فقد حظي الاخوان المسلمون بتأييد كبير من الطائفة السنية ونجحوا في السيطرة جزئيا على الأقل على عدد من المدن الرئيسة في الدولة. لكن ذروة التمرد كانت بدء نهايته ايضا، ومنذ ذلك الحين أخذ النظام المبادرة من أيدي الاخوان المسلمين. وفي شباط/فبراير 1982 على أثر قمع الانتفاضة في مدينة حماة انتهى التمرد الى فشل ذريع.

نبع فشل التمرد الاسلامي من حدود القوة نفسها ونقاط الضعف التي ميزت حركة الاخوان المسلمين في مستهل طريقها. وكانت المشكلة الرئيسة عدم نجاحها في توسيع مراكز التأييد التقليدية لها، بحيث تتعدى قاعدة القوة التي كانت لها منذ نشأت وهي الطبقة الوسطى المدنية السنية ولا سيما في التجمعات المدنية شمال الدولة. وقد استطاع النظام السوري في مواجهة الدوائر الاسلامية ومؤيديها ان يوحد حوله حلفا واسعا شمل طوائف الأقليات والسكان السنيين في المناطق القروية وفي الضواحي بل عددا من السكان السنيين المدنيين ولا سيما في دمشق. ووقفت الى جانبه مؤسسات الحكم والحزب ووحدات الجيش وقوات الامن بالطبع. واستمر حلف القوى هذا الذي نشأ على أثر انقلاب البعث في آذار/مارس 1963 الذي ثبته وقواه الاسد بعد ان تولى الحكم في سورية في تشرين الثاني/نوفمبر 1970، استمر في تأييد النظام الآن ايضا ومنحه النصر على أعدائه. ونجح النظام اذا في قمع التمرد الاسلامي لا بسبب الخطوات الصارمة التي خطاها فقط بل وقبل كل شيء لأنه حصل على تأييد اجزاء كبيرة من الجمهور السوري، فقد فضل هؤلاء استمرار وجود النظام على البديل الذي عرضته الدوائر الاسلامية في الدولة.

صار انتصار نظام البعث على أعدائه نموذجا يُحتذى، بل مصدر الهام لنظم حكم عربية اخرى واجهت في ذلك الوقت الموجة الاسلامية التي أغرقت الشرق الاوسط. وكما كانت الحركة الاسلامية السورية الرائد الذي يسير أمام المعسكر الاسلامي بقرارها الخروج لنضال لا هوادة فيه للنظام في دمشق، بشر انتصار النظام السوري على هذه الحركة، في حين كان يبدو ان الموجة الاسلامية في ذروتها، بشر بانتصار النظم العربية في نضالها للحركات الاسلامية في دولها. وقد سادت سورية في الحقيقة ظروف خاصة سهلت جدا على النظام نضاله ضد الدوائر الاسلامية، لكن الحالة السورية أثبتت بوضوح أنه في الصراع بين الاسلام الاصولي واجهزة الدولة الحديثة في الشرق الاوسط ومؤسساتها العسكرية الامنية والسياسية والاجتماعية الاقتصادية فان يد هذه الأخيرة هي العليا.

نظام البعث ـ حامي الاسلام

ان الضربة التي وجهها نظام البعث في بداية ثمانينيات القرن الماضي للاخوان المسلمين تبين بعد ذلك أنها ضربة ساحقة كسرت العمود الفقري للحركة وشتتت مؤيديها وقادتها في كل اتجاه، وهكذا انتهت فترة طويلة تحدت فيها الدوائر الاسلامية في سورية نظام البعث.

صعب على الاخوان المسلمين سنين طويلة ان ينعشوا أنفسهم من الضربة التي وجهت اليهم وان يجعلوا لأنفسهم موطئ قدم في سورية من جديد. وقد ضعف نظام البعث في الحقيقة على مر السنين وصار يبدو انه فقد جزءا كبيرا من التأييد الشعبي الذي حظي به في سني انشائه الاولى. ومع ذلك لم يستطع الاخوان المسلمون استغلال ضعف النظام وان يحلوا محله في قلوب سكان الدولة. وامتنع النظام السوري عن مد يد المصالحة الى الاخوان المسلمين. فقد كان مستعدا لأن يتقبل قادتهم أفرادا تائبين مع التعبير عن الخنوع للنظام، لكنه رفض تمكينهم من العودة الى سورية جماعة منظمة وتجديد نشاطهم في الدولة.

ان نظام البعث من اجل تعزيز قوته في الصراع مع الاخوان المسلمين في سورية عقد حلفا مع الحركات الاسلامية المتطرفة في أنحاء العالم العربي كله. وقد كانت هذه الحركات ترى في الماضي ان نظم الحكم العربية العلمانية هي تهديد للاسلام ولهذا يجب تقديم نضالها على النضال ضد اسرائيل والغرب. وكان النظام السوري نموذجا ممثلا كريها لهذه النظم رأوه نظاما علمانيا بل معاديا للدين.

لكن منذ بدء تسعينيات القرن الماضي غيرت أكثر الحركات الاسلامية توجهها وصارت ترى النظام السوري حليفا مرغوبا فيه في مواجهة رياح التغيير التي هبت على دهاليز السلطة في العالم العربي، وهي رياح مصالحة للغرب ولا سيما اسرائيل والولايات المتحدة. وعزز هذا الحلف بين نظام البعث والحركات الاسلامية في العالم العربي مكانة النظام السوري الى درجة منح وجوده الشرعية الدينية. وعبر عن هذا التوجه زعيم حركة حماس الفلسطينية احمد ياسين في زيارته لدمشق في أيار/مايو 1998. فقد أثنى ياسين على سورية بسبب ‘الدعم الذي تمنحه للقضية الفلسطينية والجهد العظيم الذي تبذله من أجلنا’، وأضاف ان ‘سورية وحركة حماس تقفان في الخندق نفسه في مواجهة العدو الاسرائيلي’. وينبغي ان نذكر ان قيادة حماس وقيادة منظمة الجهاد الاسلامي الفلسطيني بقيادة رمضان شلح (وريث فتحي الشقاقي) موجودتان في دمشق منذ سنين كثيرة.

كان الحلف بين القوى الأصولية في العالم العربي ونظام البعث ضربة شديدة لحركة الاخوان المسلمين السورية بالطبع. فقد كان لهذه الحركة في الماضي مواطئ قدم في العراق والسعودية والاردن ومصر واستعانت بنظم الحكم وبالناشطين الاسلاميين في هذه الدول. وقد أُبلغ من عمان مثلا في منتصف 1998 أنهم في مؤتمر للاخوان المسلمين بادر اليه ناشطو الحركة السوريون بقصد تجنيد تأييد لنضالهم ضد نظام البعث، وجه اليهم انتقاد لاذع بل ان أحد المشاركين الاردنيين في المؤتمر تحداهم بقوله: ‘سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي تواجه اسرائيل وتقدم مساعدة ودعما لكل مقاومة للاحتلال الصهيوني. وعلى ذلك فلا يمكن ان يهاجمها عربي أو مسلم أو يحاول المس بها وبزعامتها’.

العلمانية والاسلام في حياة الدولة والمجتمع

في سورية في بداية القرن الواحد والعشرين

حدث منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين تحول في معاملة النظام السوري للدوائر الاسلامية في الدولة وللاسلام أصلا للدين ومؤسساته. وقوي هذا التحول بعد ان تولى بشار الاسد الحكم ومهد له مسارات اجتماعية اقتصادية حدثت في سورية في العقود الأخيرة، وأسهمت في تغيير وجه المجتمع في هذه الدولة. قلنا من قبل ان نظام البعث السوري قام في بداية طريقه على تأييد السكان القرويين من الطائفة السنية وطوائف الأقليات. واستطاع النظام ان يدمج هؤلاء السكان في منظومات العيش في سورية وبخاصة الجهاز الامني العسكري والجهاز السياسي. وقد مكّن هذا الادماج أبناء القرى من التقدم والحراك الاجتماعي اللذين لم يعرفوهما في الماضي، وردوا عن ذلك بمنحه التأييد في النوائب. لكن مسيرة التمدين المعجلة التي حدثت في سورية في العقود الثلاثة الاخيرة بدأت تهدد بقلب الامور رأسا على عقب، لأن جموع المهاجرين من القرى الى المدن الكبيرة ما عادوا يشعرون بأي التزام لنظام البعث، بل بالعكس، أصبح هؤلاء المهاجرون بسبب صعوبة اندماجهم في منظومات العيش في المدن الكبيرة محكومين بحياة الفقر والعُسر والضائقة التي تثير فيهم شعورا بالغربة عن الدولة وعن النظام الذي يحكمها أصلا. وتُسبب هذه المشاعر اتساع ظاهرة العودة الى الدين باعتباره ملاذا من ضائقات الحياة اليومية.

ان احدى نتائج هذه العملية هي إفلاس التصور العلماني الذي كان هاديا للنظام السوري سنين طويلة لأن هذا التصور فقد صلته بالواقع السوري. ولهذا تعبر سورية عن توجه أخذ يسود العالم العربي وهو أسلمة الحياة اليومية للفرد والمجتمع. ان الاسلام السياسي الذي جعل هدفه اسقاط نظم الحكم العربية، فشل فشلا ذريعا اذا لكن السكان في أكثر العالم العربي وفي سورية ايضا صاروا يشعرون بأنهم أقرب للاسلام مما كانوا في الماضي.

مقابل هذه التوجهات بدأ النظام السوري ينتهج بالتدريج سياسة اسلامية فيها ما يجعل سورية دولة اسلامية بدل الدولة العربية العلمانية التي كانتها سنين كثيرة. ومعلوم ان ليس القصد الى دولة شريعة اسلامية بل الى دولة فيها وضع كالوضع في مصر والاردن ودول عربية اخرى في الشرق الاوسط ترى نفسها دولا مسلمة. فالاسلام في هذه الدول له دور مركزي في حياة الفرد والمجتمع والدولة، ويُعرف المجتمع فيها بأنه مجتمع مسلم. وكان هذا تغييرا اذا قيس بتوجه نظام البعث التقليدي وبتوجه نظام البعث الجديد، خاصة الذي حكم سورية في السنين 1966 1970 والذي طمح الى إزاحة الاسلام تماما عن حياة المجتمع والدولة.

وجهُ النظامِ الاسلاميُّ

بدأ النظام السوري اذا يُظهر وجها اسلاميا نحو الخارج على الأقل، وهكذا أبطل بشار الاسد مثلا بعد توليه السلطة بزمن قصير منع الحجاب في مؤسسات التربية ومؤسسات الدراسات العليا. وقد فُرض هذا المنع في عهد والده بعد زمن قصير من انتهاء التمرد الاسلامي في بداية ثمانينيات القرن العشرين. وبدأت نساء مسؤولي حزب البعث الكبار مثل رئيس الوزراء ناجي العطري ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات عبد الرازق الدردري يلبسن الحجاب العصري على نحو يشبه نساء قادة تركيا (من حزب العدالة والتنمية). وسمح بشار ايضا بافتتاح مدارس دينية خاصة وفتح أبواب المساجد في أنحاء الدولة ايضا بين ساعات الصلاة، وهو شيء كان ممنوعا البتة. وأذن بشار ايضا بالاحتفال علنا بيوم ميلاد النبي. وقد غطت هذه الاحتفالات التي تمت في العاشر من نيسان/ابريل 2007 كما أُبلغ من دمشق على احتفالات مرور يوبيل على تأسيس حزب البعث التي تمت قبل ذلك بثلاثة ايام في السابع من ابريل، بل ان النظام ألغى منع اقامة الصلاة في المعسكرات الحربية ودعا المعهد العسكري لأول مرة في تاريخه رجال دين ليحاضروا في الطلاب.

يقظة دينية اسلامية في سورية

يوجد اليوم في أنحاء سورية بحسب تقدير وزارة الأوقاف في دمشق 9 آلاف 10 آلاف مسجد، ويشارك نحو من ثلث مواطني الدولة، أي 6 7 ملايين على الأقل في صلاة يوم الجمعة فيها. ويوجد في سورية ايضا نحو ألف معهد لتعليم القرآن تحمل اسم حافظ الاسد. والنظام هو الذي بادر الى انشاء هذه المعاهد خلال ثمانينيات القرن الماضي لتكون معادلة لنشاط الاخوان المسلمين، لكن يبدو انه فقد منذ ذلك الحين السيطرة على النشاط الذي يتم فيها. وتوجد الى جانب المعاهد كليات لدراسة الشريعة، بعضها باشراف جامعات اجنبية كجامعة الأزهر وجامعة أم درمان. وأُضيفت هذه الكليات الى الكلية القديمة لدراسات الشريعة التي تعمل في جامعة دمشق، وكانت أيام مجد هذه الكلية في خمسينيات القرن الماضي، حينما كان يرأسها مصطفى السباعي ومحمد مبارك، لكنها فقدت منذ ذلك الحين بعض مجد ماضيها. وينبغي أن نذكر ايضا مركز أبو نور، وهو مركز تربوي ديني يدرس فيه نحو من خمسة آلاف طالب منهم نحو من ألف اجنبي. ويعمل في سورية بحسب التقديرات نحو من 600 جمعية دينية وإن تكن كلها أو أكثرها ينحصر عملها في المجالات الخيرية.

مكّن بشار الاسد مع توليه السلطة كما قلنا آنفا من افتتاح مدارس دينية مخالفا المنع الذي بدأ منذ منتصف ستينيات القرن الماضي لنشاط مدارس خاصة بغير رقابة حكومية. وعلى أثر قراره افتتحت عشرات المدارس الدينية؛ افتتح أكثرها وعددها 35 في دمشق وحلب. لكن وزارة التربية السورية أصدرت في 2008 أمرا باغلاق هذه المدارس. وأثار الامر احتجاجا قويا بين رجال الدين وقدم المسؤول عن تعليم الدين في وزارة التربية السورية استقالته احتجاجا. وقد أظهرت وزارة التربية السورية في البداية تصميما على اغلاق المدارس الدينية، لكن في أعقاب تدخل شخصي لبشار الاسد تراجعت عن نيتها تلك. وينبغي ان نذكر انه تُدرس في المدارس الرسمية في سورية التعليم الديني الاسلامي ساعتين أو ثلاث ساعات كل اسبوع (صف الديانة). ويدرس الطلاب المسيحيون في تلك الساعات دراسات مسيحية. وقد استعملت هذه الخطة الدراسية في سورية ايام الوحدة مع مصر (الجمهورية العربية المتحدة)، وغرضها منح الطالب تصورا يرى العروبة والاسلام وجهين لعملة واحدة. ويبدو أنهم في سورية لا ينظرون بجدية الى الخطة التعليمية هذه، فالدرجة الممنوحة للطلاب لا تُحسب في الدرجة النهائية ولا تؤثر أصلا في احتمالات القبول لمؤسسات الدراسة العليا.

إدخال الطائفة العلوية في الاسلام

تابع النظام السوري جهوده بقوة لادخال الطائفة العلوية في الاسلام. وقد بدأت هذه الجهود كما قلنا من قبل في 1973 حينما عمل حافظ الاسد في الحصول على فتوى من زعيم الشيعة في لبنان موسى الصدر تقول ان العلويين شيعة خالصون. وأُرسل علاوة على ذلك على مر السنين الى ايران طلبة جامعات علويون لدراسة التعليم الديني في مؤسسات دينية، وفي المقابل جاء رجال دين ايرانيون الى منطقة العلويين. وفي 1992 بادر حافظ الاسد الى انشاء مسجد في القرداحة مسقط رأسه قرب قبر أمه أنيسة التي توفيت في تموز/يوليو من ذلك العام، وقد دُفن داخل هذا المسجد باسل ابن الاسد ايضا الذي قتل في حادث سير في كانون الثاني/نوفمبر 1994، وبعد ذلك حافظ الاسد، بل جاءنا من سورية وجود حملة من السلطات على مواقع عبادة شعبية مفرقة في أنحاء ‘جبل العلويين’ وفيها ‘حُسينيات’. وتم تفسير هذه الخطوة بأنها موجهة الى جميل الاسد عم بشار الذي حاول جمع ثروة سياسية من نشاط ديني بين أبناء الطائفة. لكن كان هناك من فسروا هذه الخطوة على أنها موجهة لمجابهة الاتجاه الى التشيع الذي اتسع بين أبناء الطائفة اتساعا أثار قلق السلطة نفسها. ومهما يكن الامر فان زعيم الاخوان المسلمين صدر الدين البيانوني زعم ان الطائفة العلوية تجري عليها مسيرة تشيع ترمي الى تعزيز تأثير ايران في أبناء الطائفة. وأضاف البيانوني ان قرى كاملة في منطقة العلويين صارت شيعية.

ينجح العلويون في ارتداء عباءة اسلامية (وإن يكن ذلك جزئيا) وذلك خاصة بسبب استعدادهم لقبول حكم الاسلام الصلاة في المساجد والحج الى مكة وغير ذلك، بخلاف الدروز غير المستعدين للانضمام الى الاسلام ولا يُجهدون أنفسهم في عرض أنفسهم على أنهم مسلمون مخلصون. فعلى سبيل المثال جهد النظام السوري في بناء مسجد في القرداحة رغم أنه لا يكاد يعمل. أما في السُويداء، عاصمة جبل الدروز فلا تكاد توجد مساجد. ويبدو مع ذلك ان أكثر أبناء الطائفة العلوية وعلى رأسهم بشار نفسه ما زالوا يرون أنفسهم علمانيين، وعلى ذلك فان الهوية الاسلامية التي يلبسونها منشؤها بواعث انتهازية غير أصيلة.

رعاية رجال دين معتدلين في خدمة النظام

يشجع النظام السوري رجال دين سنيين معتدلين يُبدون استعدادا لتأييده، وهكذا مكّنت السلطات في دمشق مثلا رجال دين معتدلين، حتى من اولئك الذين هم خارج المؤسسة الدينية الرسمية الموالية، من الترشح بل ان يُنتخبوا مرشحين مستقلين لمجلس الشعب. وعشية الانتخابات لمجلس الشعب في 1990 بادر النظام الى انشاء حزب اسلامي معتدل برئاسة محمد سعيد البوطي، وهو رجل دين مشهور مقرب من السلطات، لكن هذا الاجراء لم ينجح نجاحا حسنا. ومع كل ذلك انتُخب منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي رجال دين غير قليلين في انتخابات المجلس في اطار فئة النواب المستقلين.

الاخوان المسلمون في طريق بلا مخرج

رغم ضعف النظام السوري لم ينجح الاخوان المسلمون كما قلنا آنفا بأن يعيدوا لأنفسهم المكانة التي كانوا يتمتعون بها في الماضي عند الجمهور السوري، فقد غرقوا الى أعناقهم في صراعات داخلية بين فصائل وشيَع متخاصمة. وبقي مركز الاخوان المسلمين في لندن التي يمكث فيها قائدهم صدر الدين البيانوني. والبيانوني في صراع مع اعضاء الحركة الذين يقودهم عدنان سعد الدين والذين فروا في ثمانينيات القرن الماضي الى العراق؛ وطلبوا في أعقاب سقوط نظام صدام حسين في 2003 العودة الى صفوف الحركة. وهذا الصراع جزء من الصراع داخل قيادة الاخوان المسلمين منذ نشأت الحركة بين كتلة حلب التي يعتبر البيانوني منها وبين كتلة دمشق التي يعتبر منها عدنان سعد الدين قائد الفصيل العراقي من الاخوان المسلمين الذي يعارض البيانوني عودته الى صفوف الحركة معارضة قوية.

يشهد على ازمة الاخوان المسلمين وعلى تيه الحركة استعدادهم للعمل تحت رعاية الولايات المتحدة، واستعدادهم ايضا للعمل مع عبد الحليم خدام، نائب رئيس سورية سابقا الذي انفصل عن صفوف النظام السوري في أواخر 2005 وجاء الى فرنسا. وقد انشأ خدام والبيانوني في 2006 جبهة انقاذ وطني تشمل جميع جهات المعارضة لنظام بشار الاسد. لكن هذا الحلف بين خدام والاخوان المسلمين لم يصمد وقتا طويلا لأن خدام كان في آخر المطاف واحدا من أساطين نظام حافظ الاسد الذي اضطهد الاخوان المسلمين بلا هوادة. وصعب على الاخوان المسلمين كذلك قبول بعض مواقف خدام من قضايا مختلفة. فقد التزم خدام اثناء عملية ‘الرصاص المصبوب’ مثلا بمواقف معتدلة بهدي من مواقف رُعاته السعوديين في حين وقف الاخوان المسلمون الى جانب حماس. وينبغي ان نذكر ايضا ان عددا من رجال الدين ذوي المنزلة في العالم العربي ظلوا يعملون من اجل التقريب بين النظام السوري والاخوان المسلمين بحجة انه ينبغي توحيد الصفوف لمواجهة اسرائيل. وأبرز من تولوا هذا النشاط الشيخ يوسف القرضاوي.

الاسلام المتطرف يرفع رأسه

يواجه النظام السوري في السنين الاخيرة مرة اخرى تحديا اسلاميا واجهه في الماضي وهو ظهور حركات دينية متطرفة أشد تطرفا من الاخوان المسلمين تعمل بوحي وهابي. وهذه الحركات وعلى رأسها جُند الشام استمدت الالهام من الجهاد الذي أعلنه أسامة بن لادن زعيم ‘القاعدة’ لمجابهة وجود الولايات المتحدة في العراق. واختار النظام السوري ان يتجاهل حقيقة ان ناس ‘القاعدة’ جعلوا سورية ارض انتقال وقاعدة تدريبات من اجل الجهاد في العراق. لكن تبين للنظام سريعا ان تأثيرات هذا الجهاد قد بلغت الى سورية. فقد نفذت هذه الحركات الاسلامية المتطرفة منذ ابريل 2004 اعمالا ارهابية موجهة لمنشآت حكومية ومنشآت قوات الامن في أنحاء سورية حدث آخرها في الثالث من ديسمبر 2009 قرب قبر الست زينب وقتل فيها ثلاثة اشخاص.

تصرف النظام السوري في تردد بل اختار ان يُظهر الليونة في معاملته لهذه الحركات. وقد يكون فضل اغماض عينه عن نشاطها لأنه استحسن نضالها لوجود الولايات المتحدة في العراق، وهو نضال كان يخدم أهدافه البعيدة الأمد وهي طرد الامريكيين من العراق. وكانت النتيجة كما قلنا آنفا تعزز هذه الحركات في سورية باعتبارها ارضا انتقالية سهلة للمتطوعين والناشطين في طريقهم للجهاد في العراق. ولم يحجم هؤلاء بعد ذلك عن تسديد سلاحهم الى النظام السوري ايضا. ويبدو ايضا ان النظام في دمشق ظل يرى الاخوان المسلمين التهديد الرئيس له، رغم الضعف السياسي لهذه الحركة في ذلك الوقت. وكان سبب ذلك ان قدّر النظام ان للاخوان المسلمين جذورا عميقة في الجمهور السوري بخلاف الحركات الاسلامية المتطرفة التي كان تأييدها ضئيلا. وقد نجحت هذه الحركات في الحقيقة في تنفيذ عمليات ارهابية محدودة، لكن صعب عليها ان تسوق وراءها السكان السوريين وعملت على كل حال في جبهات حرب اخرى مثل العراق ولبنان، حيث خدمت أكثر من مرة وإن لم يكن ذلك بصورة مباشرة مصالح النظام السوري.

يمكن ان نجد مثالا بارزا على ازدواجية نظرة النظام السوري لنشاط حركات اسلامية متطرفة في سورية هو حالة محمود قول أغاسي المسمى أبو القعقاع الذي كان يرأس الى ان قُتل في ايلول/سبتمبر 2007 منظمة ‘غُرباء الشام’، وقد ولد أغاسي لعائلة فلاحين من أصل كردي في قرية شمال حلب. ودرس الدراسات الدينية في جامعة دمشق واستكمل دراسته بعد ذلك للقب الثاني ولشهادة الدكتوراه في الجامعة الاسلامية في الرياض، وبعد ان أنهى دراسته استقر في حلب، حيث عمل مديرا لمدرسة دينية. وأصبح سريعا خطيبا عظيم التأثير في مسجد التوابين في المدينة. واجتمع جمهور من آلاف الناس كل يوم جمعة للاستماع الى خطبه. وفي منتصف التسعينيات أسس منظمة ‘غُرباء الشام’. وقد أعدمت السلطات السورية أخاه في ثمانينيات القرن الماضي بسبب عضويته في حركة الاخوان المسلمين.

اعتقلت السلطات السورية محمود قول أغاسي إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لكن أُفرج عنه سريعا. وبعد احتلال العراق جند نفسه ليناضل ضد قوات الولايات المتحدة في العراق. وتحدث شباب من أنحاء العالم العربي كله اعتقلوا في العراق بسبب مشاركة في اعمال ارهابية عن ان أغاسي ساعدهم على الوصول الى العراق. وزعمت عدة وسائل اعلام انه دعا الى ‘ذبح الجنود الامريكيين في العراق كما تُذبح الشياه’. لكن أغاسي أنكر هذه المزاعم في مقابلة أجراها مع قناة التلفاز ‘العربية’ بل وجه انتقادا الى بن لادن بزعم ان ‘القاعدة’ انشأها جهاز الاستخبارات المركزي الامريكي بقصد تأجيج الكراهية وإحداث شقاق وانقسام بين السنيين والشيعة.

في 28 سبتمبر 2007 أُطلقت النار على أغاسي حينما خرج من المسجد الذي عمل خطيبا فيه في حلب. وتحدث المقربون منه بأن القاتل كان عضوا في جماعة اسلامية متطرفة أُفرج عنه من اعتقال طويل في العراق قبل ذلك بسنين، بل اتهموا الامريكيين بأنهم كانوا وراء القتل. وجاء عن مصادر سورية رسمية ان القتل تم كما يبدو لاسباب شخصية. ومهما يكن الامر فقد غُطي نعش أغاسي في الجنازة بالعلم السوري وشارك فيها كبار مسؤولي حزب البعث في حلب.

أثارت حادثة أغاسي تساؤلات وحيرة بالطبع، فكان هناك من اعتقدوا انه عمل من قبل السلطات السورية وذكروا في الدلالة على ذلك حقيقة انه أُبيح له ان يخطب في مسجد مركزي في حلب، وحقيقة ان المواقف التي انتهجها لاءمت مواقف السلطات. وقد اقتبس من كلام أغاسي مثلا وهو يدعو الى انشاء دولة اسلامية في سورية، لكنه يرفض البتة استعمال العنف لاحراز هذا الهدف. ومع ذلك رآه آخرون اسلاميا متطرفا فقدت السلطات السيطرة على نشاطه. وقد رأت وسائل اعلام عربية واجنبية ايضا منظمة ‘غُرباء الشام’ بقيادة أغاسي مسؤولة عن هجوم متطرفين اسلاميين على مبنى التلفاز في دمشق في فبراير 2006.

ليست تصفية أغاسي الغامضة شاذة. ففي السنين الاخيرة قُتل في ظروف غامضة رجلا دين سوريان بارزان آخران. ففي ديسمبر 1998 أطلق مجهولون النار على محمد امين يكَن، وهو شيخ معروف من حلب كان متصلا في الماضي بحركة الاخوان المسلمين لكنه تركها بسبب معارضته لنضالها العنيف للنظام السوري، وجاء عن السلطات في دمشق ان القتل تم بسبب صراع على الارض بين عائلة يكَن وسكان من قرية قرب حلب. وفي مايو 2005 اختطف رجل دين من أصل كردي هو معشوق الخزنوي، من بيته. وبعد ذلك باسبوعين أبلغت السلطات عائلته أنها وجدت جثته وأضافت ان الباعث على القتل هو تصفية حسابات أو صراعات شخصية.

الخلاصة

يواجه النظام في دمشق في السنين الاخيرة تحدي عملية الأسلمة التي تجري على المجتمع السوري. وقد استطاع النظام في هذه المرحلة مواجهة هذه المسيرة لاستعداده ارتداء رداء اسلامي والتعاون مع الدوائر الدينية في الدولة كي لا تتحداه، وكي تستمر في منحه شرعية دينية. ويثور بالطبع سؤال: هل يُمكّن هذا التوجه من التعايش زمنا طويلا بين نظام البعث والدوائر الاسلامية الجائعة الى القوة والتأثير والتي تعمل في جد لصبغ حياة الفرد والمجتمع والدولة بالصبغة الاسلامية. ويبدو أنها لم تقل حتى الآن كلمتها الاخيرة وأنها تستطيع ان تعود لتؤدي دورا مهما في كل ازمة تنشأ في المستقبل في سورية لسبب اجتماعي اقتصادي مثلا لأن وزنها ومكانتها اليوم أخذا يعظمان بين قطاعات مهمة من السكان.

ومع ذلك فان انضمام سورية الى المحور المتطرف في الشرق الاوسط يعزز مكانة النظام في الأمد القصير على التأكيد لأنه رغم انخفاض وزن العروبة العلمانية باعتبارها تصورا عاما قائدا في المنطقة العربية، بقيت الهوية العربية ذات معنى وأهمية. ولهذا فان رؤية بشار ‘فارس العروبة’ الذي يحمي حقوق العرب ويناضل ضد الغرب واسرائيل تقويه في الداخل والخارج.

ان الانفتاح للاسلام والاستعداد لارتداء رداء اسلامي ليسا اتجاه عمل النظام الوحيد. فنظام البعث يُبدي اليوم انفتاحا مفاجئا ايضا للحزب القومي السوري، وهو عدوه اللدود من الماضي. وما يزال هذا الحزب يحافظ على برنامج عمل وعلى فلسفة علمانية، وما يزال معظم تأييد هذا الحزب يأتيه من طوائف الأقليات ومنها المسيحيون والدروز والعلويون.

ما يزال نظام البعث اذا يرفع راية القومية العربية. ومع ذلك يبدو انه لم يبق الكثير من التصور العلماني الذي كان في الماضي عنصرا مهما من فلسفته العامة. وقد أصبح في الأكثر شعارا فارغا يُمكّن النظام بل يشجع به لمسار بطيء لكنه منهجي لأسلمة المجتمع السوري أو الطائفة السنية في الدولة على الأقل. وبقي بشار يلتزم بالعلمانية بصورة شخصية فهو علماني خالص وليست الهوية الدينية أصيلة بالنسبة اليه. ومع ذلك غير في السنين الاخيرة من عادته الامتناع كوالده عن بدء خطبه بعبارة ‘بسم الله’. ففي الخطبة التي خطبها في نوفمبر 2005 مثلا وهاجم فيها ادارة جورج بوش اختار بشار ان يختم خطبته بالاتكال على الله: ‘ستبقى وحدتنا بعون الله. وسيظل الشعب السوري وحكومته يحافظان على الوطن لكن الله هو حامي سورية قبل كل شيء’.

إيال زيسر

‘ مركز موشيه ديان لدراسة الشرق الاوسط وافريقيا

دمشق تتوقع إعادة بعض الدول الاوروبية فتح سفاراتها مطلع العام القادم

كامل صقر

دمشق ـ ‘القدس العربي’ أفاد مسؤول سوري مطلع، طلب عدم ذكر اسمه لـ’القدس العربي’، بأن السلطات السورية تلقّت خلال الأيام الأخيرة الماضية إشارات من جهات دبلوماسية أوروبية، وصفها المسؤول بالإيجابية، تفيد بأن عدداً من الدول الأوروبية تفكر بإعادة فتح سفاراتها وممثلياتها الدبلوماسية في العاصمة السورية دمشق.

المسؤول السوري رجح هذه الخطوة مع نهاية هذا العام وبداية العام 2013، وقال: ثمة إشارات إيجابية من جهات دبلوماسية أوروبية بأن بعض الدول الأوروبية التي سحبت بعثاتها الدبلوماسية وأغلقت سفاراتها بدمشق تنوي إعادة فتح تلك السفارات’.

وأضاف المسؤول السوري أن أغلب السفارات الأوروبية تم إغلاقها استناداً لمعطيات لدى رئاسة الاتحاد الأوروبي كانت تقول بأن النظام السوري على وشك الانهيار، وأن الخطوة المناسبة حينها هي إغلاق السفارات الأوروبية وسحب السفراء قبيل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، على أن يتم إعادتها بعد سقوطه وتسلم المعارضة للسلطة في دمشق.

ويدعم المسؤول السوري كلامه بتراجع حدة تصريحات منسقة الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون تجاه النظام السوري في الآونة الأخيرة مذكراً بقولها ‘أنه ليس هناك نظام بديل لنظام الأسد حالياً’.

ويرجح مراقبون أن الأشهر الأربعة القادمة ستكون حاسمة على مستوى الأزمة السورية، ويرى بعضهم أن تسوية سياسية ما ستتبلور خلال تلك الأشهر.

وأغلقت معظم الدول الأوروبية سفاراتها في دمشق احتجاجاً على ما قالت انها مجازر وانتهاكات يرتكبها النظام السوري بحق شعبه، كما طردت الدول الأوروبية السفراء السوريين لديها منذ عدة أشهر.

إيران تنقل تجربتها إلى سوريا ودمشق تتهم تركيا بالإرهاب

وكالات

فيما دعت أحزاب سورية معارضة لعقد مؤتمر شامل في دمشق أقرت إيران للمرة الأولى أنها ارسلت عناصر من الحرس الثوري إلى سوريا لمساعدة النظام على مجابهة المعارضة فاتهمت الأخيرة تركيا بتصدير الإرهاب.

دمشق: دعا أربعة وعشرون حزبًا وتنظيمًا معارضًا داخل سوريا إلى عقد مؤتمر شامل للمعارضة السورية في دمشق، من دون تحديد موعد له. وتأتي هذه الدعوة متزامنة مع دعوة أخرى لعقد مؤتمرٍ لمعارضة الداخل دعت إليه هيئة التنسيق في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

وأجرى المبعوث الاممي والعربي الاخضر الابراهيمي حوارًا الاحد عبر سكايب مع قادة في الجيش السوري الحر الذين لم يبدوا تفاؤلا بنجاح مهمة الدبلوماسي الجزائري، وذلك قبل ساعات من مغادرته دمشق منهيا اول زيارة له الى العاصمة السورية.

واعرب رئيس المجلس العسكري في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي الذي شارك في الحوار، عن “ثقته” بان “الابراهيمي سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد ان نكون سبب هذا الفشل”. واضاف لوكالة الأنباء الفرنسية “نحن واثقون من انه سيفشل لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلا بمساعدة الشعب السوري”.

وشارك في الحوار -الى العكيدي- رئيس المجلس العسكري للجيش الحر في دمشق العقيد خالد حبوس، والمتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل العقيد قاسم سعد الدين. واشار العكيدي الى ان البحث تناول “الوضع العام في سوريا، لا سيما التدمير الذي يتسبب به النظام”، معربا عن اعتقاده بان الابراهيمي لا يحمل معه خطة لوضع حد للنزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا.

وكان الابراهيمي اكد بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد السبت، انه لا يحمل معه خطة للحل “في الوقت الراهن”، مشيرا الى انه سيعمل على وضعها بعد الاستماع الى الاطراف الداخليين والاقليميين والدوليين.

وذكر العكيدي بخطة النقاط الست للموفد السابق كوفي انان، ومن ابرز عناصرها وقف اطلاق النار وكل اشكال العنف وسحب الآليات العسكرية من الشوارع واطلاق المعتقلين وبدء عملية انتقال سياسي، والتي لم تجد سبيلها الى التنفيذ. واعتبر ان النظام السوري “انتقل من البند الاول الى البند السادس”، بمعنى التخلي عن وقف النار والعنف، والاكتفاء بالدعوة الى الحوار.

وغادر الابراهيمي دمشق عصر الاحد بعد زيارة استمرت اربعة ايام، كما افاد مصدر في الامم المتحدة. وافاد صحافيون أن نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد كان في وداع الابراهيمي في الفندق حيث كان يقيم في العاصمة السورية، من دون ان يدليا بتصريح.

من جانب آخر، أقرت إيران لأول مرة الأحد بانها ارسلت عناصر من الحرس الثوري الى سوريا لمساعدة النظام على مجابهة المعارضة المسلحة وكذلك الى لبنان المجاور، مؤكدة انهم ك”مستشارين” فقط. واكد القائد الاعلى للحرس الثوري الإيراني (بسدران) الجنرال محمد علي جعفري الاحد ان عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري موجودون في سوريا ولبنان.

وقال الجنرال الجعفري في مؤتمر صحافي “ان عددا من عناصر فيلق القدس موجودون في سوريا ولبنان. غير ان ذلك لا يعني ان لنا وجودا عسكريا هناك. اننا نقدم (لهذين البلدين) نصائح واراء ونفيدهم من تجربتنا”. ولم يوضح فحوى تلك “النصائح والاراء”.

واضاف قائد الحرس الثوري “نحن فخورون (…) بالدفاع عن سوريا التي تشكل عنصرا مقاوما” ضد اسرائيل “عبر تزويدها بخبرتنا بينما لا تخجل دول اخرى من دعم مجموعات ارهابية” في سوريا، كما تسمي إيران رسميا المسلحين المعارضين للنظام السوري.

وهي المرة الاولى التي يقر فيها مسؤول في الحرس الثوري الإيراني بوجود عناصر من فيلق القدس في سوريا ولبنان بيمنا تندد المعارضة السورية والمسؤولون الاميركيون بذلك منذ اشهر. وفيلق القدس هو وحدة تتولى العمليات الخارجية، الرسمية او السرية، للحرس الثوري الإيراني.

وبحسب محللين فان هذه القوة التي تضم الاف العناصر تنشط بشكل خاص في دول الشرق الاوسط. وتتهم عدة دول غربية وعربية طهران، منذ بداية الازمة في سوريا، بتزويد نظام الرئيس بشار الاسد، الحليف الابرز لإيران في المنطقة بمساعدة عسكرية.

وكان القادة الإيرانيون ينفون باستمرار اي وجود عسكري في سوريا، مؤكدين انهم يقدمون مساعدة “معنوية وانسانية” لنظام دمشق. واعلنت المعارضة السورية مرارا انها قبضت على عناصر من الحرس الثوري ومؤخرا ضمن مجموعة من 48 إيرانيا خطفوا مطلع آب (أغسطس) فقالت طهران في اول الامر انهم “زوار” قبل ان تقر بان بعضهم عسكريون “متقاعدون”.

واكد مسؤول اميركي طالبا عدم كشف هويته في منتصف آب (أغسطس) لفرانس برس ان “على الاقل ينتمي بعض اولئك الرهائن” الى الحرس الثوري. من جانبه قال وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان إيران تحاول “تدريب ميليشيات في سوريا لحساب النظام ونلاحظ وجودا متزايدا لإيران (في سوريا) وذلك يثير قلقنا”.

وفي لبنان يعتبر حزب الله، الحركة المسلحة النافذة، حليف سوريا وإيران. وذكر الجنرال جعفري بانه في حال هجوم اسرائيلي على إيران فان لدى بلاده العديد من “وسائل التحرك لا سيما عبر دعم المسلمين (في العالم) للجمهورية الاسلامية” في اشارة ضمنية الى حزب الله الذي اعلن استعداده مهاجمة اسرائيل لمساعدة إيران في حال اندلاع نزاع محتمل.

واتهمت سوريا الاحد تركيا بالسماح بتسلل “الاف الارهابيين” الى اراضيها، وذلك في رسالتين متطابقتين الى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الامن. واعتبرت دمشق ان الحكومة التركية “سمحت بدخول الالاف من ارهابيي القاعدة والتكفيريين والوهابيين ليمارسوا جرائمهم بقتل السوريين الابرياء وتفجير ممتلكاتهم ونشر الفوضى والخراب”.

http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/762215.html

بداية مضطربة للسنة المدرسية في سوريا بسبب العنف

أ. ف. ب.

بدأت السنة المدرسية رسميًا الاحد في سوريا، لكن في مدن عدة ومنها حلب، لم تفتح أي مدرسة أبوابها بسبب الحرب التي يتواجه فيها جنود القوات النظامية مع مقاتلي المعارضة.

دمشق: بدا العام الدارسي في سوريا لكن في عجة مدن لم تفتح المدارس بسبب أعمال العنف. وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية انطلاق السنة المدرسية “لأكثر من خمسة ملايين تلميذ و385 الف استاذ وموظف”.

مع تدمير اكثر من الفي مدرسة بشكل كامل او تضررها جزئيا، واستخدام المئات غيرها كأماكن ايواء للنازحين، اكدت وزارة التربية اتخاذ كل الاجراءات لضمان “سير العمل الجيد لمسار التعليم” بحسب وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا).

واكد احد العاملين في مستشفى في دمشق انه اوصل ولديه الى مدرستهما في مشروع دمر، ضاحية في غرب العاصمة. وقال “كانت هناك زحمة هذا الصباح، والاولاد كانوا متحمسين لفكرة العودة الى المدرسة”.

وفي “دوحة الحرية” في وسط العاصمة، رافق عدد كبير من الاهل ايضا ابناءهم الى روضة الاطفال هذه. لكن في الاحياء الواقعة على اطراف العاصمة وفي ضواحيها والتي تحولت الى ارض معركة حقيقية، بقي الاولاد في منازلهم.

وقال سائق سيارة اجرة مقيم في حي التضامن (جنوب دمشق) الذي يتعرض غالبا للقصف ويشهد اشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة، انه لم يرسل ولديه الى المدرسة “ببساطة لان المدارس مقفلة في الحي”.

وعاد السائق الى منزله ليكتشف ان التيار الكهربائي مقطوع ” وعدت اولادي بأن يعودوا الى منزل جديهما هذا المساء”. وفي اتصال هاتفي من بيروت مع الناشطة ألكسيا عبر سكايب، اكدت ان مدارس احياء التضامن والحجر الاسود بقيت مقفلة.

وقالت “بعض المؤسسات في حي الميدان (وسط) فتحت ابوابها لكن غالبية العائلات اختارت عدم ارسال الاولاد لاسباب امنية”. وفي حين استخدم العديد من المدارس في الضاحية الجنوبية لدمشق كملاجىء للنازحين، قالت الكسيا “حاولنا التنسيق بشكل افضل للسماح للاولاد بارتياد المدرسة وتوفير سقف فوق رؤوس النازحين” في الوقت عينه.

في داريا جنوب غرب دمشق حيث قتل اكثر من 500 شخص نهاية اب/اغسطس، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، بقيت ابواب المدارس مغلقة. واكد الناشط ابو كنان ان “ذكرى المجازر حديثة جدا وغالبية السكان لم تفكر حتى بتسجيل ابنائها” في المدارس، مشيرا الى ان “غالبية المدارس في داريا دمرها الجيش”.

وقال المسؤول في محافظة دمشق عمار كالو “فتحت 900 مدرسة ابوابها في العاصمة”، في حين اتخذ الهاربون من اعمال العنف ملجأ في 13 مدرسة دمشقية. ووفق كالو، تضم كل من هذه المدارس المستخدمة كملاجىء، ما بين 300 الى 500 شخص.

وفي بلدة القصير في محافظة حمص (وسط) المحاصرة التي تتعرض للقصف منذ اشهر، بذل المعارضون كل ما في وسعهم للتمكن من بدء السنة المدرسية. وقال الناشط حسين في البلدة “أعددنا امكنة لتكون قاعات تدريس صغيرة في الازقة لتفادي ان يضطر الاولاد للسير مسافات بعيدة”.

واضاف “فكرتنا هي انه على رغم القصف، لا يجدر بالاولاد ان يغيبوا عن المدرسة”. وتابع “نظمنا انفسنا ليتمكن الاساتذة من تعليم الدروس ونتمكن من الحصول على كتب من وزارة التربية. لكن من الواضح ان ثوار البلدة هم من سيضمنون حسن سير تعليم الاولاد”.

في حلب، العاصمة الاقتصادية للبلاد، لم تستقبل اي مدرسة تلامذتها. ويعتقد كثيرون من سكان المدينة انها ستلقى المصير نفسه لمدينة حمص التي شهدت معارك عنيفة ودمرت في اجزاء كبيرة منها. ولم تفتح اي مدرسة في حمص العام الماضي.

وبقيت المدارس الموجودة في مناطق الاشتباكات مقفلة، بينما فتحت تلك الواقعة في مناطق اكثر هدوءا ابوابها، لكن اي تلميذ لم يحضر. وتعرضت مدارس كثيرة للتدمير بسبب القصف عندما اتخذها مقاتلو المعارضة مراكز لهم، بينما تحولت مدارس اخرى ملاجىء لايواء النازحين.

وفي نهاية تموز/يوليو، اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان الالاف من المدنيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة حلب يبحثون عن اللجوء الى مدارس حلب وجامعاتها ومساجدها.

وقالت المتحدثة باسم اليونيسيف ماريكسي مركادو الجمعة من جنيف ان ضمان الدراسة للاولاد في سوريا سيكون “تحديا هائلا”. واشارت الى ان نحو ألفي مدرسة من اكثر من 22 الفا في مختلف المناطق السورية، تعرضت لتدمير كامل او جزئي، موضحة ان النازحين يستخدمون اكثر من 800 مدرسة كملاجىء.

وبعد اكثر من 18 شهرا على بدء الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الاسد، يستمر العنف بوتيرة يومية في مناطق مختلفة من سوريا. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، لقي اكثر من 27 الف شخص حتفهم منذ اذار/مارس 2011.

http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/762207.html

الحرس الثوري الإيراني يقر بوجوده في سوريا للدفاع عن نظام الأسد

اللواء الجعفري: الدعم العسكري الإيراني وارد إذا تعرضت سوريا لهجوم

طهران – لندن: «الشرق الأوسط»

في أول اعتراف رسمي إيراني من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية في مارس (آذار) من العام الماضي، أقر قائد الحرس الثوري الإيراني بأن هناك وجودا لقواته داخل الأراضي السورية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الانتفاضة، وأن الجمهورية الإسلامية ربما تنخرط عسكريا هناك في حالة تعرض سوريا لهجوم.

وكانت عدة اتهامات قد وجهت لإيران من دول غربية وجماعات معارضة سورية بتزويد القوات المسلحة السورية بالسلاح والخبرة وسط تقارير غير مؤكدة عن وجود عسكري إيراني داخل سوريا، لكن إيران حرصت على نفي تلك الاتهامات، مؤكدة أن مساعداتها للنظام السوري لا تتعدى الجوانب المعنوية والإنسانية.

وسعت طهران منذ نشوب الأزمة في سوريا إلى إعلان دعمها لحليفها بشار الأسد، مرة «عبر التصريحات» التي يطلقها القادة الإيرانيون باعتبار النظام السوري «جزءا رئيسيا من محور المقاومة في مواجهة إسرائيل»، ومرة عبر تقديم مقترحات لحل الأزمة بين النظام والمعارضة عبر حوار بين الطرفين تستضيفه طهران، ومرة عبر ممارسة الضغوط على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدعم نظام الأسد، إلا أنها حرصت في الوقت ذاته على تأكيد أنها لا تدعم الأسد عسكريا في مواجهة المنتفضين.

إلا أن طهران خرجت عن المألوف أمس وقررت، على ما يبدو، الخروج إلى الصدارة لمواجهة «أعداء النظام» في الداخل والخارج بنفسها، في وقت تتزايد فيه الضغوط على نظام الأسد واشتداد عود المعارضة السورية.

وعقد اللواء محمد علي الجعفري القائد الأعلى للحرس الثوري أمس مؤتمرا صحافيا في طهران، حشد له عددا ضخما من الصحافيين المحليين والأجانب. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن اللواء الجعفري قوله إن «عددا من أعضاء قوة القدس موجودون في سوريا، لكن هذا لا يمثل وجودا عسكريا».

وقوة القدس وحدة تابعة للحرس الثوري مسؤولة عن تنفيذ العمليات الخارجية السرية ولتصدير الفكر الإيراني، كما أنها اتهمت بالتآمر لشن هجمات داخل العراق منذ الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ولم يشر الجعفري إلى عدد الأعضاء الموجودين في سوريا، لكنه قال إنهم يقدمون «المساعدة الفكرية والمشورة»، ومضى يقول: «الحرس الثوري يقدم المساعدة الفكرية وحتى المساعدة المالية، لكن ليس هناك وجود عسكري»، كما أشار إلى وجود عناصر قوة القدس في لبنان أيضا.

وأكد الجعفري أن إيران ستغير سياستها وتقدم الدعم العسكري للأسد في حالة تعرض سوريا لهجوم. وأردف قائلا: «أقول على وجه الخصوص إنه في حالة تعرض سوريا لهجوم عسكري فإن إيران ستقدم أيضا الدعم العسكري، لكن هذا… يتوقف تماما على الملابسات».

وأضاف: «نحن فخورون (…) بالدفاع عن سوريا التي تشكل عنصرا مقاوما» ضد إسرائيل «عبر تزويدها بخبرتنا، بينما لا تخجل دول أخرى من دعم مجموعات إرهابية»، التسمية الرسمية الإيرانية للمعارضة السورية.

كما شن اللواء الجعفري هجوما على إسرائيل وقال إن الرد الإيراني عل أي ضربة عسكرية إسرائيلية على بلاده «سكون قاسا، بحث لن بق من هذا الكان شيء سالما»، وأضاف: «نظرا للمساحة الصغرة الت وجد بها هذا الكان الغاصب وضعفه البالغ أمام الحملات الصاروخية الإيرانية الكثيفة، فإنه لن تبق نقطة فه بمنأ عن الحملات الصاروخية الإيرانية».

وأشار اللواء جعفر إل القواعد الأميركية المنتشرة ف دول الجوار والمنطقة، وقال إن «هذه القواعد ستكون ف مرم الصوارخ الإيرانية، وهو ما شكل نقطة ضعف للأعداء مقابل إيران».

ونفى تقارير أفادت في وقت سابق باتفاق بين واشنطن وطهران عبر دولتين أوروبيتين حول عدم دعم واشنطن لإسرائيل في هجومها المرتقب على إيران مقابل عدم استهداف طهران للقواعد الأميركية في المنطقة، وقال إن «هذا الموضوع غير صحيح ولا أساس له من الصحة». واستبعد أن «يتجرأ الكيان الإسرائيلي على شن أي هجوم ضد إيران دون أن يحصل على ضوء أخضر أميركي»، مضيفا أن «الرد الإيراني سيكون سريعا وصاعقا ومدمرا في حال شن أي عدوان إسرائيلي ضد البلاد»، مشددا على أنه «من الطبيعي أن تستهدف القوات الإيرانية القواعد الأميركية في المنطقة ردا على أي عدوان».

ومضى يقول إن أي هجوم على إيران سيؤدي أيضا إلى إثارة شكوك حول مدى التزام إيران بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وهي تصريحات ستسبب قلقا بين الدبلوماسيين الغربيين الذين يريدون التوصل إلى حل سلمي للبرنامج النووي الإيراني وتجنب التداعيات العسكرية. وقال جعفري: «إذا لم تتمكن المنظمات الدولية من منع إسرائيل فإن إيران لن تعتبر نفسها ملتزمة بواجباتها. هذا لا يعني بالطبع أننا سنمضي في اتجاه القنبلة النووية»، حسبما أوردته وكالة رويترز.

وجاءت تصريحات الجعفري حول سوريا بالتزامن مع ما أوردته مجلة «دير شبيغل» الألمانية التي تصدر اليوم من أن النظام السوري أجرى عمليات لتجريب قنابل غاز سام نهاية الشهر الماضي بحضور ضباط إيرانيين.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المجلة واسعة الانتشار أنه تم إطلاق من خمس إلى ست قنابل من دبابات وطائرات في الصحراء بالقرب من مدينة السفيرة شرق حلب، استنادا إلى شهود لم تذكر أسماءهم المجلة.

وأفادت معلومات مجلة «دير شبيغل» بأن ضباطا إيرانيين كانوا حضروا تجريب قنابل الغاز السام.

ويذكر أنه بالقرب من الموقع الذي تم تجريب القنابل فيه يقع مركز لأبحاث الأسلحة الكيماوية. وعلى الرغم من أن سوريا اعترفت بامتلاكها لغازات سامة، فإنها أعلنت عدم اعتزامها استخدام هذه الأسلحة.

وكانت تقارير صدرت في يوليو (تموز) الماضي أشارت إلى أن سوريا نقلت أجزاء من أسلحتها الكيماوية إلى نقطة عسكرية لتوفير حماية أفضل لها، تحسبا لمهاجمتها من قبل قوات المعارضة. ووفقا لمعلومات أجهزة استخبارات غربية فإنه يتم اختبار وإنتاج غازات السارين والتابون والخردل في مركز الأبحاث المشار إليه.

وفي إسطنبول، قال نائب الرئيس العراقي المحكوم عليه بالإعدام، طارق الهاشمي، أمس، إن إيران تستخدم المجال الجوي العراقي في نقل إمدادات إلى قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وإن آلافا من مقاتلي الميليشيات العراقية عبروا الحدود إلى سوريا لدعم قوات الأسد. وقال الهاشمي إن حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا تعترض نقل الذخيرة والسلاح إلى قوات الأسد.

وأضاف الهاشمي في مقابلة مع «رويترز» في إسطنبول، أن بلاده تحولت إلى ممر للدعم الإيراني لنظام الأسد، وأنه لا شك لديه في ذلك. وشدد الهاشمي، وهو على خلاف مع المالكي، على أن الأمر لا يتعلق فقط بفتح المجال الجوي وإنما يتعلق بآلاف من مقاتلي الميليشيات الموجودين الآن داخل سوريا لدعم الأسد وقتل السوريين الأبرياء. وأشار الهاشمي في ذلك إلى تقارير تلقاها من محافظة الأنبار العراقية المتاخمة للحدود مع سوريا ومن المعارضة السورية.

ورفض مستشار رفيع للمالكي هذه الاتهامات، وقال إن العراق ملتزم بعدم الانحياز لأي من طرفي الصراع في سوريا. وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي، إن رئيس الوزراء يؤكد دائما على أن العراق لن يسمح لأي دولة باستخدام مجاله الجوي لنقل الأسلحة إلى سوريا.

«فيلق القدس».. يد إيران «الخفية» ضد الثورة السورية

قوامه 12 ألف عنصر.. ومهمته «تصدير الثورة»

الجنرال قاسم سليماني

القاهرة: محمد عجم

يقف «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني كحجر زاوية عند الحديث عن الدعم الإيراني للنظام السوري، حيث تأخذ قوات الفيلق مهمة في سوريا تنحاز للرئيس بشار الأسد، خاصة مع تأكيدات قيادات الحرس الثوري الإيراني وآخرها قائده العام اللواء محمد علي جعفري، أمس (الأحد)، وجود عناصر من الفيلق في سوريا.

و«فيلق القدس»، الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني، هو الفرع الخارجي لقوات الحرس الثوري الإيراني، وأقوى أجنحة هذا الجهاز شبه العسكري والأقوى نفوذا في إيران، ونظرا لطبيعة التنظيم المخابراتي له فليس هناك تاريخ علني لإنشائه، مما جعل كثيرا من الروايات تنسج حول ذلك، منها ما يقول إنه تم تشكيله أواخر عهد الخميني بهدف مطاردة الشخصيات والقوى المعارضة داخل البلاد وخارجها، وروايات أخرى تقول إنه قد تشكل إبان الحرب العراقية – الإيرانية (1980– 1988)، وإن نشاطاته قد تطورت تدريجيا، وتغيرت وظائفه وحدود مسؤولياته خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، بحيث أصبح اليوم مسؤولا عن شؤون العراق وأفغانستان والبلدان العربية والإسلامية في ما يتعلق بالحرب غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

ويشير محللون غربيون إلى تورط «فيلق القدس» في عدد كبير من العمليات السرية حول العالم مثل تفجيرات المركز الثقافي اليهودي في بيونس آيريس عام 1994، ومساعدة الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، وفي تسليح حركة طالبان في أفغانستان.

كما ينظر للفيلق على أنه يأتي على قمة الشبكة العسكرية والصناعية للحرس الإيراني الثوري، الذي يدافع عن رجال الدين الشيعة الذين يحكمون إيران ويسيطرون على السلطة.

وتشير تقارير إلى أن «فيلق القدس» يضم حاليا 12 ألف عنصر، ويدير عددا من مراكز التدريب داخل وخارج إيران خاصة في أفغانستان، ولبنان، والسودان، والعراق. وفي أغسطس (آب) من العام الماضي، افتتح «فيلق القدس» مركزا في سوريا، بقيادة الجنرال محمد رضا زاهيدي، الذي أوكل إليه مهمة تدريب القوات السورية في محاولة للسيطرة على الحشود وترهيب المعارضين للرئيس بشار الأسد.

ومهمة الفيلق المعلنة هي «تصدير الثورة» للعالم، أما شعاره فهو «في طريقنا إلى القدس عبر بغداد»، والفكرة الأساسية أن القدس سوف تحرر وإسرائيل سوف تمحى من الخريطة، فالهدف إذن هو أن تنتشر الثورة الخمينية خارج منطقة الشرق الأوسط، أي في العالم بأسره، مع الهدف الأسمى بالنسبة إلى هذه الفرقة وهو تدمير الولايات المتحدة وإزالتها من الوجود.

السنة الدراسية في سوريا: مدارس مغلقة وأخرى تحولت إلى ملاجئ للنازحين

عائلات لم ترسل أولادها خوفا عليهم.. وسكان داريا لم يفكروا في تسجيل أبنائهم

عوائل سورية نازحة داخل إحدى المدارس في دمشق. ونظمت السلطات السورية جولة للصحافيين على مدارس العاصمة مع انطلاق العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)

دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»

بدأت السنة الدراسية رسميا أمس في سوريا، لكن في مدن عدة، ومنها حلب، لم تفتح أي مدرسة أبوابها بسبب الحرب التي يتواجه فيها جنود القوات النظامية مع مقاتلي المعارضة.

وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية أمس انطلاق السنة المدرسية «لأكثر من خمسة ملايين تلميذ و385 ألف أستاذ وموظف».

ومع تدمير أكثر من ألفي مدرسة بشكل كامل أو تضررها جزئيا، واستخدام المئات غيرها كأماكن إيواء للنازحين، أكدت وزارة التربية اتخاذ كل الإجراءات لضمان «سير العمل الجيد لمسار التعليم» بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأكد أحد العاملين في مستشفى في دمشق أنه أوصل ولديه إلى مدرستهما في مشروع دمر، ضاحية في غرب العاصمة. وقال: «كانت هناك زحمة هذا الصباح، والأولاد كانوا متحمسين لفكرة العودة إلى المدرسة».

في «دوحة الحرية» في وسط العاصمة، رافق عدد كبير من الأهالي أيضا أبناءهم إلى روضة الأطفال هذه. لكن في الأحياء الواقعة على أطراف العاصمة وفي ضواحيها والتي تحولت إلى أرض معركة حقيقية، بقي الأولاد في منازلهم.

وقال سائق سيارة أجرة مقيم في حي التضامن (جنوب دمشق) الذي يتعرض غالبا للقصف ويشهد اشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة، إنه لم يرسل ولديه إلى المدرسة «ببساطة لأن المدارس مقفلة في الحي»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وعاد السائق إلى منزله ليكتشف أن التيار الكهربائي مقطوع «وعدت أولادي بأن يعودوا إلى منزل جدهم هذا المساء».

وفي اتصال هاتفي من بيروت مع الناشطة ألكسيا عبر «سكايب»، أكدت أن مدارس أحياء التضامن والحجر الأسود بقيت مقفلة.

وقالت: «بعض المؤسسات في حي الميدان (وسط) فتحت أبوابها، لكن غالبية العائلات اختارت عدم إرسال الأولاد لأسباب أمنية».

وفي حين استخدم العديد من المدارس في الضاحية الجنوبية لدمشق كملاجئ للنازحين، قالت الكسيا: «حاولنا التنسيق بشكل أفضل للسماح للأولاد بارتياد المدرسة وتوفير سقف فوق رؤوس النازحين» في الوقت عينه.

في داريا جنوب غربي دمشق حيث قتل أكثر من 500 شخص نهاية أغسطس (آب)، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بقيت أبواب المدارس مغلقة.

وأكد الناشط أبو كنان أن «ذكرى المجازر حديثة جدا وغالبية السكان لم تفكر حتى بتسجيل أبنائها» في المدارس، مشيرا إلى أن «غالبية المدارس في داريا دمرها الجيش».

وقال المسؤول في محافظة دمشق عمار كالو: «فتحت 900 مدرسة أبوابها في العاصمة»، في حين اتخذ الهاربون من أعمال العنف ملجأ في 13 مدرسة دمشقية.

ووفق كالو، تضم كل من هذه المدارس المستخدمة كملاجئ، ما بين 300 إلى 500 شخص.

سوريا تتهم تركيا بتسهيل دخول آلاف «الإرهابيين» إلى أراضيها

أنقرة تمهل لاجئين سوريين أسبوعا لمغادرة أنطاكيا.. وجولي تواصل لقاءاتها بهم

لندن: «الشرق الأوسط» أربيل: شيرزاد شيخاني

اتهمت سوريا أمس جارتها تركيا بالسماح لآلاف من المتطرفين الإسلاميين بعبور الحدود ودخول الأراضي السورية.. جاء ذلك، في وقت تخطط فيه أنقرة لترحيل بعض من عشرات آلاف النازحين السورين في مدينة أنطاكيا التركية إلى مدن أخرى وسط مخاوف من توترات طائفية واندلاع صدامات مسلحة.

وقالت وزارة الخارجية السورية في رسالة وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن تركيا سمحت لآلاف الإرهابيين من تنظيم القاعدة و«التكفيريين» و«الوهابيين» بدخول البلاد من أجل قتل السوريين «الأبرياء» وتفجير منازلهم ونشر الفوضى والدمار، حسب ما أوردته وكالة «أسوشييتد برس».

في غضون ذلك، تسعى تركيا، التي تستضيف بالفعل 80 ألف سوري في مخيمات اللاجئين، حاليا إلى ترحيل بعض من عشرات الآلاف الآخرين الذين يعيشون خارج مخيمات الإيواء إلى مناطق أخرى، من أجل تخفيف الضغط على المجتمعات المحلية وتحسين إدارة الأمن في منطقتها الحدودية المليئة بالتوترات. ويعيش كثير من السوريين الذين فروا من العنف الدائر في بلادهم بالقرب من الحدود ولكن خارج المخيمات الـ12، حيث يقيمون إما عند أقاربهم وإما في شقق مستأجرة، ويوجد عدد كبير منهم في مدينة أنطاكيا التي تعد أكبر مدن محافظة هاتاي جنوب شرقي تركيا. وهذا التدفق المستمر منذ أن بدأت الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد قبل 18 شهرا يسبب ضغطا على موارد البلديات، كما يمثل اختبارا لقدرة الحكومة التركية على مراقبة حركة المرور عبر الحدود، وسط مخاوف من حدوث توترات طائفية ونشاط مسلح في المنطقة.والآن تريد السلطات التركية، التي تدعم المعارضة السورية في حربها ضد نظام الأسد، من اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات إما أن يدخلوا هذه المخيمات وإما أن ينتقلوا إلى محافظات أخرى. وتشير بعض التقديرات إلى أنه يوجد في تركيا ما يصل إلى 40 ألف سوري يعيشون خارج مناطق الإيواء، في حين تقدر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة العدد بما يصل إلى 60 ألفا، بالإضافة إلى مئات الآلاف من السوريين الآخرين الذين فروا إلى البلدان المجاورة، مثل الأردن والعراق ولبنان.

ويقول لاجئ سوري يبلغ من العمر 35 عاما ويدعى محمود محمد: «منذ بضعة أيام، جاء رجال الشرطة وأخبرونا أن أمامنا أسبوعا لمغادرة أنطاكيا، وأعطونا أسماء 3 أو 4 أماكن يمكننا الذهاب إليها». ويعيش محمود هو وزوجته وابنهما ذو العامين وأسرة شقيقه داخل شقة مكونة من غرفتين مقابل 150 دولارا (116 يورو) في الشهر. وذكرت زوجته سمر محمد أنهم حاولوا أن يعيشوا في أحد مخيمات اللاجئين، لكنهم وجدوا أن الأوضاع هناك صعبة، وتابعت تقول: «ابني مصاب بالتهاب في الشعب الهوائية ويعاني من مضاعفات، وهو في حاجة إلى غذاء خاص وبيئة نظيفة. المخيم لم يكن يلبي احتياجاتنا، وازدادت حالته سوءا. إننا نعيش في هذه الشقة منذ شهرين، وسوف يكون من الصعب جدا العودة إلى المخيمات».

وقد قام كل من أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونجمة هوليوود أنجلينا جولي المبعوثة الخاصة لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بزيارة المخيمات بالقرب من الحدود السورية الأسبوع الماضي، ووجها الشكر إلى تركيا لاستقبال وإعالة السوريين الذين فروا من منازلهم، وحثا في الوقت ذاته البلدان المانحة على فعل المزيد من أجل المساعدة. وعبثا ضغطت تركيا كي تقيم الأمم المتحدة «مناطق آمنة» داخل سوريا يستطيع المدنيون اللجوء إليها، غير أن الانقسامات داخل المجتمع الدولي والمخاطر الأمنية لمشروع كهذا تمنع أي خطوة لتنفيذه في الوقت الراهن.

إلى ذلك، التقى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني صباح أمس سفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة أنجلينا جولي، التي كان يفترض وصولها إلى أربيل مساء السبت، ولكن عاصفة رملية مفاجئة هبت على بغداد أخرت سفرها بالطائرة إلى عاصمة الإقليم التي وصلت إليها صباح أمس.

وحضرت «الشرق الأوسط» مراسم لقاء جولي وبارزاني الذي أعرب في بدايته عن سعادته بلقاء السفيرة الأممية، واعتبر زيارتها إلى كردستان «زيارة مهمة» ستعطي دفعة قوية للتعريف بقضية اللاجئين السوريين ومأساتهم الإنسانية لدى الرأي العام العالمي، وستقدم دعما معنويا كبيرا للاجئين الكرد الموجودين حاليا بمخيمات محافظة دهوك الحدودية. وأشار رئيس حكومة كردستان إلى أن «هناك 24 ألفا من اللاجئين السوريين معظمهم من الأكراد السوريين».

يوم دام آخر.. والجيش الحر يستعيد السيطرة على حي صلاح الدين في حلب

مقتل أكثر من 100 أغلبهم في حلب ودمشق وحمص.. والمعارضة تعلن جنوب العاصمة «منطقة منكوبة»

بيروت: نذير رضا

تكثف القصف على أحياء عدة من دمشق أمس، في يوم دام جديد شهدته العاصمة السورية، مما دفع اتحاد تنسيقيات الثورة إلى إعلان الأحياء الجنوبية من دمشق مناطق منكوبة، وذلك بالتزامن مع إعلان الجيش السوري الحر عن استعادته السيطرة على حي صلاح الدين في مدينة حلب، الذي يتواصل فيه القتال بين كر وفر منذ ثمانية أسابيع، رغم تعرض مدينة الباب في ريف حلب إلى قصف عنيف أدى إلى مقتل وجرح العشرات، كانوا جزءا من الحصيلة الأولية لعدد القتلى الذي أعلنته لجان التنسيق المحلية عصر أمس، والذي بلغ 103 قتلى في مناطق عدة من أنحاء سوريا، بينهم 47 في حلب، و22 في دمشق وريفها، و10 في حمص.

وأعلن قائد المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر العميد الركن مصطفى الشيخ استعادة السيطرة على حي صلاح الدين في حلب. وشدد الشيخ لـ«الشرق الأوسط» على «التراجع الواضح في قدرة الجيش النظامي على الصمود أمام عمليات الجيش السوري الحر في حلب»، مشيرا إلى «التقدم العلني لمقاتلينا في الميدان في حلب».

وإذ أكد العميد الركن قائلا «إننا نواصل حرب العصابات الهادفة إلى إضعاف قدرة النظام القتالية وإنهاك وحداته المقاتلة»، أوضح أن «انسحاب الجيش النظامي من حي صلاح الدين، لا يعني بالمعنى الاستراتيجي التقهقر التام، إذ نخوض حرب كر وفر تنهك القوات النظامية المقاتلة، ولن تتوقف حتى إسقاط النظام».

وكان القائد الميداني للجيش الحر في حلب أبو عمر الحلبي قال لوكالة الأنباء الألمانية، إن مقاتليه استعادوا السيطرة الكاملة على حي صلاح الدين بعد معارك عنيفة طوال الليل مع القوات النظامية.

وأفادت شبكة «شام» الإخبارية أمس باستمرار «استهداف طائرات النظام الحربية لمدينة حلب وريفها بالبراميل المتفجرة»، مشيرة إلى أن تلك القنابل «لم تستثن المستشفى الميداني في مدينة الباب، كما أحدثت المزيد من الأضرار وأوقعت المزيد من الإصابات». وذكرت أنها «شاركت بقوة في المعارك مع الجيش السوري الحر في حي الميدان».

وأفاد ناشطون بتعرض بلدة التوأمة في ريف حلب للقصف، فضلا عن «مواجهات عنيفة بين الجيشين النظامي والحر وقعت في أحياء الميدان والسبع بحرات ومحيط القلعة الأثرية، شاركت فيها مدفعية الدبابات»، بحسب وكالة «شام».

من ناحيتها، أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بقصف حي الشعار بالقرب من مشفى الحكيم في حلب بالطيران الحربي، مما أدى إلى وقوع 11 قتيلا، مشيرة إلى تجدد القصف العنيف بالطيران الحربي لحي الصاخور، وعلى مدينة الباب، كما استخدمت القوات النظامية الرشاشات والبراميل المتفجرة.

وفي دمشق، التي أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة أحياءها الجنوبية «مناطق منكوبة»، محذرا من مجازر محتملة الحدوث ومدينا استهداف المشافي الميدانية واستمرار القصف، ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن القصف العنيف والعشوائي بالمدفعية و«الهاونات» تجدد من «اللواء 105» في جبل قاسيون على أحياء دمشق الجنوبية، والحجر الأسود، والقدم، والعسالي، والتضامن كذلك في حي برزة.

وأعلنت القيادة العسكرية لدمشق وريفها وقوع اشتباكات في العاصمة بين الجيش ومنشقين، بينما واصلت القوات الحكومية عملياتها جنوب العاصمة.

وأوضحت الهيئة العامة للثورة أن العمليات في جنوب العاصمة أدت إلى مقتل وجرح العشرات ونزوح أعداد كبيرة من الأهالي.

أما المزة، فأفاد ناشطون بعمليات تهجير تقوم على هدم بيوت الأهالي بشكل منتظم ودون سابق إنذار. ووصف الناشطون هذه العمليات بسياسة العقاب الجماعي للأهالي الذين طالبوا بالحرية.

ولم تكن محافظة ريف دمشق بمنأى عن القصف، إذ أعلنت لجان التنسيق المحلية عن تعرض منطقة زملكا إلى إطلاق نار كثيف من رشاشات متوسطة ومضادات طيران من حواجز قوات النظام. كما تعرضت معضمية الشام للقصف، وسمع أصوات انفجارات ضخمة في دوما والمنصورة وشبعا.

ورغم المشهد السوداوي الذي لف حلب ودمشق أمس، كانت محافظة حمص تتعرض لحملة عسكرية عنيفة استهدفت أحياء عدة من المدينة، وتركزت على القصير المحاذية للحدود اللبنانية.

وذكرت شبكة «شام» أن قصفا عنيفا بالمدفعية وراجمات الصواريخ بدأ منذ الصباح على مدينة الرستن بريف حمص بالطيران الحربي حيث ترافق مع إلقاء براميل متفجرة، مما أدى إلى تدمير عدد من المنازل وسقوط عشرات الجرحى.

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن تعرض حي القصور وباب عمرو لقصف شديد، أدى إلى سقوط قتلى.

إلى ذلك، قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية – السورية في شمال لبنان، «شهدت أعنف الاشتباكات أمس»، مشيرة إلى قصف عنيف «تعرضت له منطقة الحصن الأثرية وما تبقى من مدينة تلكلخ». وقالت المصادر إن أعمدة الدخان «بقيت حتى ساعات ما بعد الظهر تتصاعد من المنطقة، كذلك من منطقة ريف القصير الذي تعرضت لقصف عنيف». وأفيد بسقوط خمسة من عناصر الثوار في اشتباكات وقعت مع الجيش السوري النظامي في بلدة القصير في ريف حمص.

من جهته، أفاد موقع «النشرة» الإلكتروني بأن «الاشتباكات العنيفة ما زالت مستمرة في منطقة تلكلخ وفي بلدتي الحصن والزارة السوريتين حتى ساعات الصباح». ونقل عن مصادر في المنطقة الحدودية تأكيدها أن «الجيش السوري شن حملة واسعة وشاملة في المناطق السورية القريبة من الحدود، وأنه خلال ذلك أحبط الجيش محاولة تسلل من الأراضي اللبنانية باتجاه حالات السورية».

في هذا السياق، أفادت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان بأن طائرتين مروحيتين تابعتين للجيش النظامي قصفتا عند منتصف يوم أمس في منطقة وادي النصارى مدينة الحصن في ريف حمص ببراميل محشوة بمادة «تي إن تي» شديدة الانفجار، أعقب ذلك قصف مدفعي على حارة التركمان والميدان وجبل الثلج. وذكرت الشبكة أن البلدة تعرضت لقصف شديد من قبل الطائرات المروحية منذ ساعات ما قبل الظهر وتركز القصف على محيط منطقة القلعة الأثرية، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا واشتعال النيران في مناطق سقوط هذه البراميل.

وإلى دير الزور، حيث سجل قصف مدفعي عنيف على حيي الجبيلة والبعاجين في المحافظة. وأفاد ناشطون بأن اثنين من المدنيين على الأقل قتلا وأصيب عشرات آخرون بجراح في قصف مدفعي استهدف بلدة البوكمال السورية قرب الحدود مع العراق.

وتتعرض مدينة البوكمال في دير الزور لحملة عسكرية كبيرة من الجيش النظامي، ويقول الناشطون إن المدينة تقصف يوميا من المطار الموجود خارجها، وذلك بعد سيطرة الجيش الحر على العديد من المقار الأمنية والعسكرية فيها. كما أفادت شبكة «شام» بحدوث اشتباكات بين الجيش الحر والأمن العسكري في البوكمال بدير الزور.

وفي درعا، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بسقوط عدد من القتلى والجرحى صباحا جراء قصف عشوائي من جيش النظام استهدف حافلة ركاب عند جسر خربة غزالة في درعا على طريق أوتوستراد درعا – دمشق الدولي، بينما كانت المدينة تتعرض لقصف مدفعي عنيف.

وأعلنت لجان التنسيق المحلية عن انفجار ضخم على الطريق الدولي في خربة غزالة بحافلة ركاب أدى إلى مقتل 7 أشخاص وسقوط 12 جريحا. واتهمت المعارضة السورية النظام بتدبير تفجير سيارات مدنية.

وفي إدلب، قال ناشطون إن 10 أشخاص على الأقل قتلوا في قصف استهدف بلدة سراقب في المحافظة. كما تعرضت منطقة تفتناز لقصف جوي، بحسب لجان التنسيق المحلية.

وتأتي هذه التطورات في وقت أفادت فيه المعارضة بمقتل 27 ألف شخص منذ اندلاع الاحتجاجات قبل 18 شهرا.

الإبراهيمي يغادر دمشق بعد التحاور مع الجيش الحر عبر «سكايب»

الجيش السوري الحر«واثق» من فشله

بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»

غادر المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي دمشق أمس بعد زيارة استمرت أربعة أيام، أجرى فيها لقاءات مع كبار المسؤولين السوريين، وفي مقدمتهم الرئيس السوري بشار الأسد، كما أجرى حوارات مع قادة في الجيش السوري الحر الذين توقعوا فشل مهمته.

وأفاد مصدر في الأمم المتحدة بأن الإبراهيمي غادر دمشق دون أن يوضح وجهته. وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد كان في وداعه في الفندق حيث كان يقيم في العاصمة السورية.

وغادر الإبراهيمي الأراضي السورية بعد أن أجرى حوارا أمس عبر «سكايب» مع قادة في الجيش الحر المعارض لنظام الأسد.

وأعرب رئيس المجلس العسكري في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي الذي شارك في الحوار، عن «ثقته» بأن «الإبراهيمي سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد أن نكون سبب هذا الفشل». وأضاف قائلا «نحن واثقون أنه سيفشل لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلا بمساعدة الشعب السوري».

وشارك في الحوار، إضافة إلى العكيدي، رئيس المجلس العسكري للجيش الحر في دمشق العقيد خالد حبوس، والمتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل العقيد قاسم سعد الدين.

وأشار العكيدي إلى أن البحث تناول «الوضع العام في سوريا، لا سيما التدمير الذي يتسبب به النظام»، معربا عن اعتقاده بأن الإبراهيمي لا يحمل معه خطة لوضع حد للنزاع المستمر منذ أكثر من 18 شهرا.

وكان الإبراهيمي أكد بعد لقائه الأسد خلال زيارته إلى دمشق، أنه لا يحمل معه خطة للحل «في الوقت الراهن»، مشيرا إلى أنه سيعمل على وضعها بعد الاستماع إلى الأطراف الداخليين والإقليميين والدوليين.

وذكّر العكيدي بخطة النقاط الست للموفد السابق كوفي أنان، ومن أبرز عناصرها وقف إطلاق النار وكل أشكال العنف وسحب الآليات العسكرية من الشوارع وإطلاق المعتقلين وبدء عملية انتقال سياسي، والتي لم تجد سبيلها إلى التنفيذ.

واعتبر أن النظام السوري «انتقل من البند الأول إلى البند السادس»، بمعنى التخلي عن وقف النار والعنف، والاكتفاء بالدعوة إلى الحوار.

وجدد الأسد بعد لقائه الإبراهيمي أمس الدعوة إلى حوار «يرتكز على رغبات السوريين».

وأشار العكيدي إلى أن أيا من النقاط المطروحة في خطة أنان لم تطبق، «لكنهم ما زالوا يدعون إلى الحوار!.. لا يمكننا أن نحاور المجرمين».

وأودى النزاع في سوريا بحياة نحو 27 ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

إلى ذلك، أكد 24 حزبا وتيارا معارضا داخل سوريا (بعضهم مشارك في الحكومة الحالية)، تعتزم عقد مؤتمر شامل للمعارضة، رفضهم التدخل الخارجي بجميع أشكاله والحفاظ على سيادة بلادهم. وقالت القوى السياسية في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه أمس، إن هذه القوى على «قناعة عميقة بضرورة توحيد وجهات نظر المعارضة البرنامجية أو الحد الأدنى من التنسيق بينها»، مؤكدة على ضرورة «التغيير الجذري الشامل والعميق الذي يعني تغيير بنية وتركيبة ونهج النظام ووسائله في إدارة البلاد وإلغاء كل الأسباب التي تعيد إنتاج الأزمة».

ودعا البيان إلى «الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي معاصر يلبي طموحات كل الشعب السوري ويحقق شروط المواطنة ووقف العنف والقتل والخطف من الأطراف كافة والانتقال إلى التغيير والحل السياسي السلمي»، وفق البيان.

وشددت القوى في بيانها على «رفض التدخل الخارجي بجميع أشكاله والحفاظ على السيادة الوطنية وسيادة الدولة السورية وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي»، داعية إلى «رفض ومقاومة الحرب الأهلية وكل أشكال الصراع المسلح وجعل الانتماء الأساسي والوحيد لسوريا وتحقيق السلم الأهلي».

كما دعت القوى إلى «العمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة»، مشيرة إلى أنه «لا شرط مسبق على الحوار مع أي طرف في الأزمة الوطنية السورية».بدوره، قال قدري جميل رئيس حزب الإرادة الشعبية ونائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، إنه لم يتم تحديد تاريخ لعقد المؤتمر، آملا في عقد مؤتمر مشترك لكل قوى المعارضة السورية، مضيفا أن «هذه الخطوة هي بادرة حسن نية تجاه أي جهة من المعارضة تريد استثناء هذا الطيف من الموقعين».

واتهم جميل «بعض الإخوان» في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة بأنهم «يحتكرون حق توزيع براءات اعتمادات معارضة أو غير معارضة»، معتبرا «توزيع البراءات عودة إلى العقلية الأحادية التي أنتجها الحزب القائد».

“الجيش الحر” حاور الإبراهيمي عبر “فايسبوك”:

سيفشل لأن المجتمع الدولي لا يرغب في المساعدة

                                            توقع “الجيش السوري الحر” أن يفشل المبعوث الدولي ـ العربي الخاص بالأزمة السورية، الأخضر الإبراهيمي، “لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلا في مساعدة الشعب السوري”.

وقد غادر المبعوث الاممي والعربي أمس بعد زيارة استمرت اربعة ايام. وافاد صحافيون في وكالة “فرانس برس” ان نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد كان في وداع الابراهيمي في الفندق حيث كان يقيم في العاصمة السورية، من دون ان يدليا بتصريح. وقالت موظفة في الامم المتحدة “نعم، لقد غادر” من دون ان تحدد وجهته.

وكان الابراهيمي وصل الى العاصمة السورية الخميس للمرة الاولى منذ تعيينه مبعوثا للامم المتحدة وجامعة الدول العربية خلفا لكوفي انان.

والتقى خلال زيارته الرئيس السوري بشار الاسد ومسؤولين ومعارضين سوريين وسفراء، كما اجرى حوارا عبر سكايب الاحد مع قادة في الجيش السوري الحر.

واعلن الابراهيمي بعد لقائه الاسد السبت انه لا يحمل خطة “في الوقت الراهن” لحل النزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا في سوريا، مؤكدا انه سيعمل على وضعها بعد الاستماع الى الاطراف الداخليين والاقليميين والدوليين.

واكد الابراهيمي ان اتصالاته “ستشمل الدول لتي لها مصلحة ونفوذ في الشأن السوري”.

وحذر الديبلوماسي الجزائري في الوقت نفسه من ان “الازمة في سوريا تتفاقم وتشكل خطرا على الشعب السوري والمنطقة والعالم”.

“الجيش الحر”

وكان الإبراهيمي أجرى حوارا قبل مغادرته أمس عبر “سكايب” مع قادة في “الجيش السوري الحر”. واعرب رئيس المجلس العسكري في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي الذي شارك في الحوار، عن “ثقته” بأن “الإبراهيمي سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد ان نكون سبب هذا الفشل”. واضاف في اتصال هاتفي مع وكالة “فرانس برس”: “نحن واثقون من انه سيفشل لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلا في مساعدة الشعب السوري”.

وشارك في الحوار، الى العكيدي، رئيس المجلس العسكري لـ”الجيش الحر” في دمشق العقيد خالد حبوس، والمتحدث باسم القيادة المشتركة لـ”الجيش الحر” في الداخل العقيد قاسم سعد الدين.

واشار العكيدي الى ان البحث تناول “الوضع العام في سوريا، لا سيما التدمير الذي يتسبب به النظام”، معربا عن اعتقاده بان الابراهيمي لا يحمل معه خطة لوضع حد للنزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا.

وكان الابراهيمي اكد بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد امس، انه لا يحمل معه خطة للحل “في الوقت الراهن”، مشيرا الى انه سيعمل على وضعها بعد الاستماع الى الاطراف الداخليين والاقليميين والدوليين.

وذكر العكيدي بخطة النقاط الست للموفد السابق كوفي انان، ومن ابرز عناصرها وقف اطلاق النار وكل اشكال العنف وسحب الآليات العسكرية من الشوارع واطلاق المعتقلين وبدء عملية انتقال سياسي، والتي لم تجد سبيلها الى التنفيذ.

واعتبر ان النظام السوري “انتقل من البند الاول الى البند السادس”، بمعنى التخلي عن وقف النار والعنف، والاكتفاء بالدعوة الى الحوار.

وجدد الاسد بعد لقائه الابراهيمي امس الدعوة الى حوار “يرتكز على رغبات السوريين”.

واشار العكيدي الى ان ايا من النقاط المطروحة في خطة انان لم تطبق “لكنهم ما زالوا يدعون الى الحوار. لا يمكننا ان نحاور المجرمين”.

واودى النزاع في سوريا بحياة نحو 27 الف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

أحمدي نجاد

في غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إنه يجب تشكيل مجموعة للإتصال مع طرفي النزاع في سوريا للدفع قدماً نحو تحقيق الإستقرار والسلام.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) امس، عن نجاد قوله خلال حوار هاتفي مع نظيره الباكستاني آصف علي زرداري، إنه “يجب تشكيل مجموعة للاتصال مع الطرفين في سوريا من أجل الدفع بالأمور باتجاه إرساء الإستقرار والسلام والتفاهم”.

وبحث الرئيسان حول القضايا المختلفة في مجال التعاون الإقليمي والدولي وتبادلا معه وجهات النظر بهذا الشأن.

وأكد الرئيس الإيراني أن حركة عدم الإنحياز هي حركة مستقلة وتملك طاقات هائلة، لكن المؤسسات والمنظمات اللازمة لم تتشكل بعد لمتابعة الإتفاقات التي تم التوصل إليها وتنفيذها.

وشدّد على ضرورة التحضير لإيجاد الهيكليات اللازمة لتنفيذ قرارات حركة عدم الإنحياز وعقد جلسة استشارية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور الأعضاء المؤسسين للحركة وبعض الدول المؤثرة فيها بما فيها باكستان.

ومن جانبه أعرب زرداري عن تقديره للإدارة الناجحة للقمة الـ 16 لحركة عدم الإنحياز من قبل إيران، داعيا إلى متابعة إيجاد الهيكليات التنفيذية في هذه الحركة وكذلك تشكيل مجموعة للاتصال مع طرفي النزاع في سوريا.

الأردن

وفي الأردن أكد رئيس مجلس النواب الأردني عبد الكريم الدغمي أن اقتصاد بلاده تأثر سلبا وبشكل كبير بسبب الأوضاع في سوريا

وقال الدغمي خلال لقائه امس مع الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فتح الله السجلماسي: “إن صادرات وواردات الأردن من وإلى أوروبا توقفت عبر سوريا إضافة إلى إرتفاع كلفة استقبال اللاجئين السوريين من حيث توفير البنية التحتية لهم كالصحة والتعليم والسكن مما يتطلب تكاليف عالية”. وأضاف أن الأردن دولة ذات مصادر محدودة وهي بحاجة إلى مساعدة الأصدقاء في العالم”، داعيا السلجماسي لحث دول الاتحاد من أجل المتوسط لتقديم المساعدة للأردن ليتمكن من أداء دوره الإنساني حيال اللاجئين.

واستعرض الدغمي المتغيرات السياسية على الساحة العربية في ظل الربيع العربي وتطورات الأوضاع في المنطقة لا سيما المستجدات على الساحة السورية.

وعرض الدغمي الوضع المتأزم في سوريا وتأثيراته على الأردن في مختلف المجالات وبخاصة في المجال الاقتصادي, لافتا إلى خطورة الأحداث هناك والتصعيد الحاصل في حدة العنف وتأثير ذلك على الأوضاع في المنطقة برمتها.

الخارجية السورية

وفي مسعى لقلب الحقائق، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إنها ملتزمة تزويد مجلس الأمن والأمم المتحدة كل المعلومات التي تتوفر لديها حول مجريات الأحداث في البلاد وتطورها، مشيرة الى أنها وجهت رسالتين متطابقتين الى المؤسستين الدوليتين كشفت فيهما الأطراف الحقيقية التي تقف خلف ما يجري في سوريا.

وأشارت الوزارة في رسالتين وجهتهما، امس، إلى كل من رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، الى أن “الأعمال الإرهابية تمثلت بالتفجيرات التي شهدتها عدة مدن إضافة إلى ما تقوم به مجموعات ارهابية مسلحة من تدمير لممتلكات الشعب السوري العامة والخاصة”.

وقالت إنها أوضحت في رسائل سابقة “وقوف عدد من الدول والاطراف المتشددة خلف المجموعات الارهابية المسلحة والمتمثلة بتنظيمات القاعدة والتكفيريين والسلفيين والوهابيين التي تعمل على تدمير سوريا”. واضافت ان هذه الدول تقوم في سوريا “بقتل المدنيين الابرياء فيها وتخريب البنى التحتية من مدارس وخطوط نقل الطاقة ومعامل ومبان حكومية وممتلكات خاصة بهدف انشاء موطئ قدم لهذه المجموعات للانطلاق إلى أجزاء أخرى من العالم لتنفيذ أجنداتها التدميرية”.

ورأت “أن ما يؤسف له في هذا الإطار قيام حكومة الجمهورية التركية التي ادعت لسنوات ليست بالقليلة مكافحتها للارهاب في الوقت الذي تقوم بدعم كل العناصر الإرهابية وتفتح أمامها مطاراتها وحدودها مع سوريا لتقوم بأعمالها الإرهابية ضد الشعب السوري في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقواعد حسن الجوار”.

وأتهمت الخارجية السورية في رسالتيها الحكومة التركية “بسماحها بدخول آلاف من هؤلاء القتلة من ارهابيي القاعدة والتكفيريين والوهابيين إلى سوريا ليمارسوا جرائمهم بقتل السوريين الأبرياء وتفجير ممتلكاتهم وتقطيع أجسادهم ونشر الفوضى والخراب في سوريا”.

وأشارت “إلى أن الحكومة التركية لم تكتف باستضافة التنظيمات المعادية لسوريا التي جاءت من بلدان عربية وغيرها وبتزويدها المال والسلاح بل قامت بفتح معسكرات لتدريب الارهابيين واستقبالهم واحتضانهم”.

وقالت “إن أحد أعضاء البرلمان التركي من المعارضين قال عن النازحين الذين تدعي السلطات التركية استضافتهم في مخيمات أنشأتها قبل بدء الأحداث في سوريا.. إنهم عبارة عن تشكيلة من المقاتلين المتدينين الجدد.. وما الضمان بأن هؤلاء المقاتلين لن يقاتلوا يوما ما ضد تركيا”. وأضافت أن “أجهزة الإعلام العالمية تحدثت خلال الأشهر الأخيرة عن قيام الحكومة التركية بشكل خاص باستقبال مئات الاطنان من الاسلحة القادمة من ليبيا وغيرها من تجار وسماسرة الإرهاب في دول أخرى وايصالها إلى عناصر القاعدة والجهاديين المتواجدين في سوريا”.

واعتبرت أن هذا “التسليح يعد تحدياً صارخاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ناهيك عن الاسلحة التركية التي ضبطتها الجهات السورية المعنية مع الارهابيين وعصابات الاجرام في سوريا”.

وختمت الوزارة رسالتيها بالقول “إن استمرار الصمت عن هذه الجرائم في اطار التحالفات اللا أخلاقية القائمة بين تركيا وبين بعض الدول النافذة في مجلس الأمن اضافة إلى قطر والسعودية وليبيا التي ترسل ناقلات السلاح إلى الدول المجاورة لسوريا وتمول الارهاب ومجازر الارهابيين ضد الشعب السوري، يعني دعما للارهاب وتمويله وتأجيجا لنيران الحقد والقتل والارهاب في سوريا محذرة هذه الاطراف الاقليمية والدولية من التمادي في أعمالها الداعمة للارهاب الدولي لأن السحر قد ينقلب على الساحر”.

“معارضة الداخل”

سياسيا أيضا، دعت مجموعة من الاحزاب والشخصيات المعارضة في داخل سوريا، الى توحيد الجهود فيما بينها من أجل رسم رؤية لحل الأزمة في البلاد تتجاوز العنف.

وعقدت المجموعة اجتماعاً في دمشق بحضور 24 حزباً وتياراً وتجمعاً وتكتلاً ولجان الحراك السلمي، اصدرت بعده بياناً قالت فيه إنه “وسط انطلاق المبادرات وتصاعد العنف يظهر الحوار كمساحة داخل الأزمة السورية، ورغم التجارب التي دخلتها بعض الأطراف السورية من أجل توحيد جهود المعارضة، مازلنا نقف عند نفس النقطة في التفكير السياسي، وفي محاولة احتكار التمثيل بالنسبة للمعارضة السورية”.

وتابع البيان “ومن منطق الحرص على توحيد الجهود للقوى السورية المعارضة وإيجاد بيئة سياسية، فإن الأمل يبقى في الانطلاق من المساحة الأوسع القادرة على رسم رؤية لسوريا تتجاوز العنف وتحقق المصلحة السورية التي تعتبر غاية أي حوار”.

وأشار الى أنه “وانطلاقا من السعي لتحقيق حوار سوري بامتياز.. التقت أحزاب وقوى وفعاليات وطنية من أجل الدعوة إلى مؤتمر وطني شامل للمعارضة لإيقاف نزف الدم السوري والحفاظ على وحدة شعبه وترابه”.

واتفق الموقعون على البيان على مبادئ رئيسية للدعوة تنص على أن “هذه الدعوة عامة لكل القوى والفعاليات والتنسيقيات والأحزاب المعارضة في الداخل والخارج دون استثناء، مع مطالبة النظام بتأمين الضمانات اللازمة لمشاركة جميع الشخصيات، ولا توجد شروط أو تصورات مسبقة على الحوار داخل المؤتمر، فكل طرف سيحمل رؤيته الخاصة التحليلية والبرنامجية”.

وأكدوا على أن “التغيير الجذري الشامل والعميق الذي يعني تغيير بنية وتركيبة ونهج النظام ووسائله في إدارة الوطن، وإلغاء كل الأسباب التي تعيد إنتاج الأزمة”.

ودعا البيان إلى “الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي ووقف العنف والقتل والخطف من كل الاطراف كافة والانتقال إلى الحل السياسي السلمي ورفض التدخل الخارجي بكافة أشكاله والحفاظ على السيادة الوطنية وسيادة الدولة السورية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي”.

وأكد “رفض ومقاومة الحرب الأهلية وكل أشكال الصراع المسلح والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة”.

ودعا الى الحوار مع أي طرف في الأزمة الوطنية السورية “من دون شروط مسبقة”.

وأشار إلى “دور الكتلة الشعبية الواسعة التي لم تُستقطب إلى الحراك العنيف من الطرفين في الخروج الآمن من الأزمة والوقوف إلى جانب الحراك الشعبي السلمي ومطالبه المحقة”.

قصف واشتباكات

وتتواصل اعمال العنف في سوريا وتتعرض مناطق خارج سيطرة قوات بشار الأسد لقصف عنيف على جبهات عدة.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن سقوط عشرات القتلى أمس، غالبيتهم من المدنيين.

ففي حلب (شمال)، ثاني كبرى المدن السورية، شهد حي الميدان (وسط) اشتباكات هي الاعنف منذ بدء المعارك في العاصمة الاقتصادية لسوريا في 20 تموز الماضي.

وشملت الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة السبت حي العرقوب (في شرق المدينة)، بحسب المرصد الذي اشار الى تعرض حي مساكن هنانو (شرق) الى قصف بقذائف الدبابات. وشنت طائرة حربية غارة على مبنى في حي الصاخور (شرق). وشمل القصف احياء اخرى خاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين.

وكان مراسل لوكالة “فرانس برس” في المدينة اشار الى ان الاشتباكات العنيفة استمرت طوال الليل على اطراف حي بستان الباشا القريب من الوسط.

وفي دمشق استمر القصف على حي الحجر الاسود في جنوب العاصمة الذي تحاول القوات النظامية اقتحامه، بحسب المرصد.

اما في محافظة درعا (جنوب)، فأشار المرصد الى سقوط سبعة قتلى في انفجار استهدف حافلة تقل مدنيين على طريق بلدة خربة غزالة في الريف، بينما شهد حيا القصور والسبيلة في المدينة حملة مداهمات واعتقالات تنفذها القوات النظامية.

وفي محافظة حمص (وسط)، اشار المرصد الى تعرض بلدتي تلكلخ الحدودية مع لبنان والرستن للقصف.

كما اندلعت اشتباكات بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في بلدة البوكمال في محافظة دير الزور (شرق).

ويأتي استمرار اعمال القصف غداة سقوط 115 قتيلا بحسب الارقام التي اعلنها المرصد السبت، علما ان النزاع المستمر في سوريا منذ اكثر من 18 شهرا حصد اكثر من 27 ألف قتيل.

انطلاق السنة الدراسية

وانطلقت امس في سوريا السنة الدراسية الجديدة، وفتحت المدارس ابوابها في الاحياء الهادئة من دمشق. ووفق مسؤولين حكوميين، يشغل النازحون السوريون 13 مدرسة في العاصمة السورية.

في حي التضامن (جنوب) في العاصمة الذي يعد احدى النقاط الساخنة في المدينة، ابلغ سائق سيارة اجرة وكالة “فرانس برس” ان الاولاد لازموا منازلهم، لان المدارس لم تفتح ابوابها.

وكان صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اعلن ان نحو ألفي مدرسة دمرت بالكامل او تضررت جزئيا في مختلف المحافظات السورية، مشيرا الى ان النازحين يشغلون نحو 800 مدرسة.

“تقصي الحقائق”

في غضون ذلك، يعقد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وفى إطار دورته الـ21 العادية المنعقدة بقصر الامم فى جنيف اليوم جلسته المخصصة لتقرير اللجنة الدولية لتقصى الحقائق حول سوريا والمكلفة من قبل المجلس بالوقوف على الانتهاكات في سوريا في ظل النزاع المسلح الدائر هناك.

وسيقدم رئيس اللجنة باولو بنيرو تقرير اللجنة الدولية لتقصى الحقائق، للمجلس والذى يغطي الانتهاكات في سوريا حتى 20 تموز الماضي، حيث يرصد التقرير السياسة المنهجية لانتهاكات حقوق الانسان في سوريا من قبل القوات الحكومية وفرق الشبيحة التابعة لها، بالإضافة إلى الانتهاكات التي قامت بها قوات المعارضة المسلحة أيضا في بعض المناطق.

ومن المتوقع أن يؤكد التقرير مسؤولية الحكومة السورية وقواتها عن مجزرة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص، كما يرصد التقرير الانتهاكات التي تجري في سوريا ضد الأطفال وضد المدنيين في مختلف المناطق السورية. كما يبرز التحديات التي تواجه اللجنة الدولية وتعوقها عن أداء عملها وفي مقدم تلك التحديات رفض الحكومة السورية لدخول اللجنة إلى أراضيها.

والجدير بالذكر أن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول سوريا أكدت أكثر من مرة أنها تستند في تقاريرها على الزيارات العديدة الى تقوم بها إلى الدول المجاورة لسوريا، حيث تلتقى شهودا على تلك الانتهاكات خرجوا من سوريا، بالإضافة إلى اعتمادها على أدلة مصورة وصور للاقمار الصناعية وتحليلات لمتخصصين.

(أ ف ب، رويترز، يو بي أي، أ ش )

143 قتيلا ومجزرة بإدلب وقصف بحلب

                                            قال نشطاء إن 143 شخصا قتلوا الأحد بنيران قوات النظام السوري، فيما قصف الطيران الحربي أحياء حلب الجديدة والفرقان والراشدين للمرة الأولى، في وقت تواصلت فيه الاشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في أحياء الميدان والجابرية وصلاح الدين والسبع بحرات ومحيط القلعة الأثرية.  وتسبب القصف المكثف على إدلب بسقوط قتلى معظمهم من الأطفال.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن معظم القتلى سقطوا في درعا وحلب ودمشق وريفها وإدلب وريفها، حيث أحدث القصف دمارا واسعا.

في غضون ذلك، قالت عناصر من كتائب شهداء سوريا إن الكتيبة هاجمت مطار أبو الظهور العسكري الموجود في محافظة إدلب، وذكر الناشطون أن الكتيبة دمرت طائرة ميغ داخل المطار وتصدت لبعض الطائرات في الجو.

وفي دير الزور قال ناشطون سوريون إن عناصر الجيش الحر تمكنوا من إسقاط طائرة حربية فوق سماء المدينة، وحصلت الجزيرة على صور تَظهر فيها الطائرة وهي مصابة بالنيران، وأضاف الناشطون أن الطائرة سقطت على الأرض.

مجزرة

وفي إدلب أدى هجوم شنته طائرة مروحية على بلدة كفر عويد إلى مقتل خمسة أطفال وامرأة على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على موقع يوتيوب جثث أطفال موزعة في غرفة صغيرة.

وفي حلب قصف جيش النظام حي بستان الباشا المجاور لحي الميدان، إضافة إلى أحياء العامرية والصاخور وقاضي عسكر والفردوس.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ناشطا إعلاميا مع مجموعة من مقاتلي المعارضة لقي حتفه في مكان آخر من المدينة، إلى جانب مدنيين بينهما طفل قتلا جراء قصف على حي المساكن الشعبية. كما أفاد المرصد بالعثور على 17 جثة غير محددة الهوية في حي الأعظمية في حلب.

وشهدت مدينة حرستا بريف دمشق اشتباكات، بينما قصفت القوات النظامية حي الحجر الأسود في دمشق من محاور عدة، مع محاولتها اقتحامه.

وفي محافظة درعا قتل سبعة أشخاص في انفجار استهدف حافلة تقل مدنيين على طريق بلدة خربة غزالة في الريف، بينما شهد حيا القصور والسبيلة في المدينة حملة مداهمات واعتقالات تنفذها القوات النظامية.

وفي حمص، تعرضت بلدتا تلكلخ الحدودية مع لبنان والرستن للقصف، كما اندلعت اشتباكات بين قوات النظام والجيش الحر في بلدة البوكمال بمحافظة دير الزور.

اجتماع بالقاهرة والإبراهيمي يغادر دمشق

                                            يجتمع اليوم بالقاهرة ممثلو مصر وتركيا وإيران لمناقشة المبادرة المصرية بشأن الأزمة السورية، وذلك غداة مغادرة المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي دمشق في ختام أول زيارة له في إطار مهمته التي توقع الجيش السوري الحر فشلها.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية لمراسل الجزيرة في القاهرة إن اجتماعا ثلاثيا سيعقد مساء اليوم الاثنين في العاصمة المصرية بين وزراء خارجية كل من مصر وتركيا وإيران ضمن المبادرة الرباعية التي اقترحها الرئيس المصري محمد مرسي بشأن الأزمة السورية.

ووصل المبعوث الأممي والعربي إلى القاهرة أمس قادما من دمشق التي أجرى فيها مباحثات مكثفة على مدار أربعة أيام مع المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد وعدد كبير من قادة المعارضة والمجتمع المدني في سوريا.

واستمع الإبراهيمي-وفقا للمتحدث باسمه أحمد فوزي- لرأي ووجهات نظر الجميع بشأن الوضع والخروج من الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم. وطبقا لرؤية المبعوث الدولي فإن الأزمة تحتاج أولا لوقف النزيف ثم البحث عن وسيلة سياسية لبدء التحرك نحو تحقيق طموح الشعب السوري.

وقال فوزي إنه من المحتمل أن يلتقي الإبراهيمي الرئيس مرسي لإطلاعه على نتائج زيارته إلى دمشق، وأوضح أنه سيلتقي الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وأعضاء اللجنة الرباعية المعنية بالوضع في سوريا، وذلك قبل مغادرته إلى نيويورك للقاء عدد من رؤساء العالم والوفود المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقاء الأمين العام للمنظمة بان كي مون للتشاور بشأن الوضع في سوريا على ضوء زيارته لدمشق.

وقال فوزي إن من المقرر أن يبدأ المبعوث الدولي -بعد زيارته للأمم المتحدة- جولة مطولة في عدة دول بالمنطقة، خاصة دول جوار سوريا والدول التي لها نفوذ في المنطقة من أجل التباحث بشأن الأزمة السورية واستعراض وجهة نظرها بشأن التطورات فيها.

فشل المهمة

وفي رد فعل للجيش السوري الحر عقب الزيارة الأولى للإبراهيمي إلى سوريا، قال رئيس المجلس العسكري في محافظة حلب العقيد عبد الجبار العكيدي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الإبراهيمي “سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد أن نكون سبب هذا الفشل”.

وأجرى قادة من الجيش الحر أمس الأحد حوارا عبر سكايب مع الإبراهيمي. وأشار العكيدي إلى أنه شارك في الحوار إلى جانب المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل العقيد قاسم سعد الدين، ورئيس المجلس العسكري في دمشق العقيد خالد حبوس. وأوضح أن البحث تناول “الوضع العام في سوريا، لا سيما التدمير الذي يتسبب به النظام”، معربا عن اعتقاده بأن الإبراهيمي لا يحمل معه خطة لوضع حد للنزاع المستمر منذ أكثر من 18 شهرا.

وكان الإبراهيمي أكد بعد لقائه الرئيس الأسد في دمشق أنه لا يحمل معه خطة للحل “في الوقت الراهن”، مشيرا إلى أنه سيعمل على وضعها بعد الاستماع إلى الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.

اتهامات لتركيا

من جانب آخر اتهمت سوريا جارتها تركيا بالسماح بتسلل “آلاف الإرهابيين” إلى أراضيها، وذلك في رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن.

واعتبرت دمشق أن الحكومة التركية “سمحت بدخول الآلاف من إرهابيي القاعدة والتكفيريين والوهابيين ليمارسوا جرائمهم بقتل السوريين الأبرياء وتفجير ممتلكاتهم ونشر الفوضى والخراب”.

ووجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والسفير الألماني بيتر فيتيغ الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، جاء فيها أن الحكومة التركية “تقوم بدعم العناصر الإرهابية وتفتح أمامها مطاراتها وحدودها مع سوريا لتقوم بأعمالها الإرهابية ضد الشعب السوري”. واعتبرت الرسالة ذلك “انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقواعد حسن الجوار”.

مؤتمر شامل

وفي دمشق أطلق عدد من الأحزاب والقوى الوطنية أمس الأحد  مبادرة تتضمن دعوة كل القوى والفعاليات والأحزاب في الداخل والخارج لعقد مؤتمر وطني شامل للمعارضة لتحقيق حوار دون أي شروط أو تصورات مسبقة، والعمل على إيقاف نزيف الدم والحفاظ على وحدة سوريا وشعبها وترابها.

وأكدت الأحزاب والقوى المشاركة -في بيان ذكر خلال مؤتمر صحفي عقد بدمشق- أن هذه المبادرة تأتي محاولة لرفض احتكار التمثيل بالنسبة للمعارضة السورية ومن منطلق الحرص على توحيد الجهود للقوى المعارضة.

وأشار البيان إلى اتفاق الأحزاب والفعاليات الموقعة -التي وصلت إلى 24- على رفض التدخل الخارجي بكل أشكاله والحفاظ على السيادة الوطنية والدولة السورية، ورفض كل أشكال الصراع المسلح، وتحقيق السلم الأهلي والانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي.

عام دراسي بحلب بوقع القصف والنزوح

أحمد نور-حلب

السادس عشر من سبتمبر/أيلول يوم مشهود في كل عام بسوريا، حيث تفتح أمام ملايين الطلاب أبواب المدارس والجامعات والمعاهد في مختلف المستويات والتخصصات، لكنه هذا العام يبدو مختلفا في معظم القرى والمدن السورية، وهو أكثر درامية في مدينة حلب العاصمة الاقتصادية للبلاد.

نتصل هاتفيا بصاحب مكتبة في وسط المدينة لنلتقي به في مكتبته التي أغلقها منذ أشهر، ويحدثنا أبو إسلام عن ذكريات العام الماضي، حيث كان يكسب نحو ألف دولار يوميا في الأسابيع الأولى من العام الدراسي من بيع الحقائب والقرطاسية وأزياء الطلبة، ليتوقف البيع نهائيا هذا العام.

وتكتمل الصورة في لقاء مع أحد المتطوعين لدى الجيش السوري الحر، إذ كان أبو محمود تاجرا في أسواق الجملة للمكتبات بحلب، ويقول إنه كان يعجز عن النوم في مثل هذه الأيام من كل عام لتزايد الطلب على مستلزمات المدارس، بينما يمتلئ وقته الآن بقيادة العمليات العسكرية على خطوط الجبهة في الأحياء المشتعلة بوسط المدينة.

قصف ونزوح

وخلال جولتنا في الأحياء التي تتعرض يوميا للقصف بشرق حلب وشمالها، لم نجد مدرسة واحدة لم تطلها قذائف الطائرات، بل أخبرنا العديد من سكان المنازل المحيطة بالمدارس أن الكثير من الأهالي هجروا بيوتهم لعلمهم المسبق بأن المدارس باتت أهدافا مفضلة لطائرات النظام.

أما الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام وتحيطها بحواجز عسكرية فتمتلئ معظم مدارسها بالنازحين من الأحياء الأخرى والقرى المحيطة، لذا لم تفتح نحو 70% من مدارس حلب أبوابها لطلابها في يومها الدراسي الأول.

وفي جامعة حلب يبدو الأمر أكثر سوءا، فالسكن الجامعي تحوّل أيضا إلى ملاجئ تؤوي نحو 85 ألف نازح، وفقا لإفادة ناشط جامعي اشترط عدم ذكر اسمه.

ورغم هذه الصعوبات، قال مدرس -طلب إخفاء اسمه- إن وزارة التربية اشترطت على المدرسين التوجه إلى أقرب مدرسة لمكان سكنهم أو نزوحهم وإثبات وجودهم لمدة أربع ساعات يوميا، وإلا فإنهم سيحرمون من رواتبهم.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الكثير من المدرسين نزحوا إلى خارج المدينة حيث تحولت المدارس إلى ملاجئ، كما أن جميع المدارس في الأحياء المضطربة لم تفتح أبوابها مما يعني استحالة حصول المدرسين على رواتبهم على الرغم من حاجتهم الماسة إليها.

أجل غير مسمى

وكان التلفزيون الرسمي أعلن تأجيل امتحانات الدورة الثالثة لطلاب الجامعات منذ شهرين، لكن جامعة حلب اضطرت لتأجيلها ثلاث مرات، لتبقى في نهاية المطاف أسيرة التأجيل غير المسمى.

وقالت طالبة دكتوراه في جامعة حلب -طلبت عدم ذكر اسمها- إن العام الدراسي السابق لم ينته بعد ليبدأ العام الجديد، حيث لم يتقدم الطلاب إلى الامتحانات الأخيرة للعام الماضي ليحصلوا على نتائجها.

وتضيف أن المعاهد لم تؤجل امتحاناتها بل طالبت طلابها بالتقدم إليها أمس، لكن الطلاب المقيمين خارج المدينة ما زالوا عاجزين عن الوصول إلى معاهدهم لانعدام الأمن في الطرق وامتلاء السكن الجامعي بالسكان الفارين من شبح الموت.

وفي السياق، ما زال طلاب الدراسات العليا عاجزين عن متابعة أبحاثهم منذ أكثر من شهرين بسبب تزايد العنف في مدينة حلب التي باتت مسرحا لقذائف الدبابات والطائرات الحربية.

البابا يودع لبنان داعيا للسلام بسوريا

                                            اختتم البابا بنديكت السادس عشر مساء اليوم الأحد زيارة إلى لبنان استغرقت ثلاثة أيام بالدعوة إلى إحلال السلام في سوريا والشرق الأوسط، وإلى اقتراح حلول حيوية من أجل هذه المنطقة.

وقال البابا خلال قداس ضخم أقيم في الهواء الطلق ببيروت يقول منظموه إن 350 ألف شخص حضروه، “ليمنح الرب بلدكم وسوريا والشرق الأوسط هبة القلوب المطمئنة وإسكات صوت الأسلحة ووقف جميع أشكال العنف”.

وقال البابا متحدثا للمصلين في القداس الذي أقيم على ساحل البحر المتوسط قرب خط التماس خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، “إن الشعب اللبناني يعرف كله تمام المعرفة مأساة الصراع ونواح الأرملة واليتيم”.

وأضاف البابا البالغ من العمر 85 عاما “أناشد الدول العربية أن تقترح كأشقاء حلولا عملية تحترم الكرامة والحقوق والدين لكل إنسان”.

وإقرار السلام بين الفصائل المتحاربة والجماعات الدينية العديدة في الشرق الأوسط هو الهدف الرئيسي لزيارة البابا للبنان إلى جانب دعوته للمسيحيين ألا يتركوا المنطقة رغم الحرب.

وقال البابا “في عالم يخلف العنف وراءه الآثار الكئيبة للموت والدمار على نحو مستمر، باتت خدمة العدالة والسلام ضرورية على نحو ملح”.

ولم يشر البابا خلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام لفيلم أنتج في الولايات المتحدة يسيء للإسلام وأحدث اضطرابات في أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك احتجاج في شمال لبنان يوم الجمعة قتل فيه شخص واحد.

حضور وأمن

وحضر القداس ساسة من مختلف طوائف لبنان المتعدد الأديان من بينهم ساسة من جماعة حزب الله. وأكد زعماء الأديان الكبرى في لبنان جميعهم للفاتيكان دعمهم المسبق للزيارة.

وأقيم القداس على أرض مستصلحة قرب الميناء دون أي مظلات للجماهير الغفيرة رغم ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 30 درجة مئوية، ووضعت مظلة فوق المذبح لحمايته من الشمس لكن البابا شوهد وجبهته تتصبب عرقا في فترة من الفترات.

وأغلقت الشوارع قرب ميناء بيروت أمام حركة السير في الصباح وانتشر جنود في التقاطعات الرئيسية، وحلقت ثلاث مروحيات عسكرية على ارتفاع منخفض وقامت سفينة تابعة للبحرية بدوريات على الساحل.

وحث بنديكت الجمعة على إنهاء توريد الأسلحة إلى سوريا ووصفها بأنها “خطيئة كبرى”، وقال إن وقف تدفق الأسلحة قد يساعد في إنهاء الصراع في سوريا.

وقد اجتمع البابا برؤساء 18 طائفة لبنانية. كما التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان وشخصيات بينها رئيس الوزراء السني نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان الشيعي نبيه بري ومفتي السنة الشيخ رشيد قباني.

ولبنان الذي مزقته حرب أهلية طائفية يسكنه أربعة ملايين نسمة يمثلون خليطا دينيا غالبيته من المسلمين السنة والشيعة والدروز، ونحو ثلث سكانه مسيحيون ينتمون لـ12 كنيسة أكبرها الكنيسة المارونية المرتبطة مع خمس كنائس أخرى بالفاتيكان.

سوريا.. 13 قتيلا واجتماع رباعي بالقاهرة

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن 13 شخصا قتلوا برصاص قوات الأمن السورية، الاثنين بجميع أنحاء سوريا، في حين يجتمع وزراء خارجية السعودية ومصر وتركيا مساء الاثنين في إطار اللجنة الرباعية، لبحث الأزمة السورية.

ويأتي هذا الاجتماع الذي سيقام في مقر وزارة الخارجية بالقاهرة، بعد اجتماع رباعي عقد الأسبوع الماضي على مستوى مساعدي وزراء الخارجية لدول مصر والسعودية وتركيا وإيران، بهدف البحث في سبل لحل الأزمة، بناء على اقتراح الرئيس المصري محمد مرسي.

وكانت لجان التنسيق المحلية أفادت، الأحد، بمقتل 167 شخصا معظمهم في ريفي حلب ودمشق، 10 منهم على الأقل قضوا إثر استهداف قوات الأمن السورية لحافلة ركاب بالقصف العشوائي عند جسر خربة غزالة على طريق درعا.

وقد عقد نحو 20 حزبا سوريا مؤتمرا صحفيا في دمشق، الأحد برئاسة نائب رئيس الوزراء قدري جميل بعنوان “نحو مؤتمر شامل للمعارضة الوطنية السورية من أجل التغيير الجذري الديمقراطي في سوريا”. ومن أبرز الأحزاب المشاركة الحزب السوري القومي الاجتماعي وبعض التيارات واللجان الكردية.

الحرب تنعش سوق اللوحة السورية

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

عشية اندلاع الثورة السورية، بدا المشهد التشكيلي السوري في أحسن حالاته، نشاط متزايد في حركة المعارض، وافتتاح صالات عرض جديدة، وأسعار للوحة السورية لم تشهدها من قبل.

لكن تلك الصورة تغيرت بشكل كلي، إذ انشغل الفنانون بما يجري في بلدهم، وفرضت الثورة نفسها كموضوع أثير لدى كثير من الفنانين، ولكن في الأشهر الأخير يبدو أن الوضع تغير، حيث لم يعد الفنان قادراً على الخروج من بيته إلى المرسم.

وفي ضوء ذلك نشأت صالات عرض سورية أقامت معارض احترافية وأطلقت مطبوعات مميزة ووقعت للمرة الأولى في سوريا عقود احتكار مع فنانين من أجيال مختلفة. لكن كل ذلك على ما يبدو انطفأ دفعة واحدة إثر اندلاع الثورة.

خالد سماوي، المصرفي السابق الذي أطلق غاليري “أيام”، وأنشأ له فروعاً في بيروت ودبي والقاهرة، فكانت الشرارة التي حركت المياه الراكدة، قال لوكالة فرانس برس: “سوق الفن مثله مثل أي اقتصاد آخر. سوق اللوحة مثل سوق السيارات مثلاً، لابد أن يتأثر بالوضع العام للبلد”.

وأضاف: ” نحن منذ سنة ونصف لم نبع لوحة واحدة، أما في القاهرة فقد أغلقنا صالتنا هناك فور اندلاع الثورة، ولم نعد إليها خشية عدم الاستقرار”.

وقال سماوي: “وفي بيروت فإن الوضع يتأثر بقوة بما يجري في دمشق، في النهاية إذا سعلت دمشق فإن بيروت ستصاب حتماً بالإنفلونزا”. وأوضح “لذلك فإننا لم نعد نبيع لا في سوريا ولا في لبنان”.

لكن سماوي أشار إلى أن “اللوحة السورية في الخارج لم يفرق بيعها عما قبل، فدبي هي أحسن سوق للفن العربي”.

وخالد سماوي انتقل هو نفسه من دمشق إلى دبي ليقيم فيها مع عائلته، وانتقل معه بعض فناني “أيام”، وقال: “أفكر الآن في نقل غاليري أيام دمشق إلى بيروت”.

وأضاف: “أنا أتعلم من فناني سوريا اليوم كيف يترجمون مشاعرهم. هناك نوع من لغز في هذه الأعمال. الفنان السوري يعيش تجربة استثنائية، فلم يحدث في العالم أن يحيا فنان ويرى كيف تقصفه طائرات بلده”.

ووصف سماوي “الإبداع الذي يأتي اليوم من سوريا أهم بكثير من ذي قبل، هناك طاقة هائلة للتعبير لدى الفنان اليوم تنفجر في اللوحة، كذلك هناك جرأة، ولا أظن أن الفنان السوري مازال خائفاً كما كان من قبل”.

ويقول الفنان التشكيلي السوري وصاحب غاليري “عشتار” عصام درويش: “اليوم، لا أحد يسأل عن اللوحة السورية، ويبدو أن اللوحة آخر هم الناس”.

وأكد بخصوص تأثر الفنانين وتوجهاتهم بأحداث الثورة “فنانون كثر يعملون في مراسمهم، وبعضهم يعرض لوحاته على الفيسبوك، لكن عدا عن ذلك ليس هناك عرض، ولا توثيق للأعمال”.

الجيش السوري الحر يدير معبرا حدوديا ويختم الجوازات

النقطة الحدودية تخضع لسيطرة كاملة من المعارضة وتتحول إلى ممر نحو المستقبل

الحدود التركية السورية – محمد دغمش

يدير الجيش السوري الحر معبر “السلامة” الرابط بين سوريا بتركيا منذ أسابيع، وسط تنظيم وحراسة مشددة وتفتيش للعابرين من وإلى الأراضي السورية، في مؤشر جديد على سيطرة لقوى المعارضة على المنافذ الحدودية للبلاد، بحسب تقرير لقناة “العربية”، الأحد.

وقام المشرفون على المعبر بختم جوازات السفر بشكل رسمي، وتسجيل أسماء المارّة على الحاسوب وأرشفتها لتحديد أعداد النازحين، والحد من عمليات تسلل غير السوريين.

وفرض الجيش الحرّ قوانين صارمة تشعر العابر بأن المسؤولين هنا ليسوا كسابقيه، فالرشوة وسوء معاملة المواطنين – كما يقول القائد الأمني للمعبر – هما أول ما تم إلغاؤه، كما تم إلغاء أعلام النظام التي تدل على حقبة انتهت، ورُفع مكانها علم الاستقلال الذي يرمز للثورة السورية.

وأصبحت هذه النقطة الحدودية مركز تجمّع للنازحين هرباً من قذائف النظام، وأحد أكثر الأماكن تنظيماً في سوريا تحت العلم الجديد،

وتحولت المنطقة أيضاً إلى مسرحاً لمأساة وآلام الشعب السوري، حيث تم تأسيس مكتب إغاثة كمركز تطوعي لمساعدة الأسر النازحة التي تعاني من شح الموارد، وذلك لسد حاجة آلاف الأطفال والنساء.

وبعيداً عن صوت الرصاص والقذائف، يتغير مفهوم المعبر في أعين أهالي حلب من طريق يصل سوريا بتركيا، إلى نقطة عبور من الماضي للمستقبل.

العكيدي بعد لقائه الإبراهيمي: مهمة المبعوث ستفشل

أكد أن الثورة في سوريا ليست ثورة جياع.. وأن الشعب يقاتل من أجل حريته

العربية.نت

أكد العقيد عبدالجبار العكيدي، قائد المجلس العسكري المعارض في حلب، والذي شارك في اللقاء مع الممثل الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، الأحد عبر “سكايب”، لـ”العربية”، أن مهمة المبعوث الدولي ستفشل، مؤكداً أن ثورة سوريا ليست ثورة جياع، وأن الشعب السوري يقاتل من أجل حريته وكرامته.

وأعلن أن الإبراهيمي “أراد الاستماع من قادة المعارضة إلى الأوضاع على الأرض، ولم يكن لديه حلول يقدمها”.

وفي وقت لاحق، أعلنت الأمم المتحدة أن الإبراهيمي غادر دمشق بعد ظهر الأحد.

وذكر العكيدي أيضاً أن “الموافقة على اللقاء تمت رغم اقتناع المعارضة بأن مهمته ستفشل مثل مهمة سابقه كوفي عنان”، مشيراً إلى أن لقاءات أخرى ستُعقد مع الإبراهيمي.

وأجرى الإبراهيمي مباحثات عبر “سكايب” مع قادة المجالس العسكرية للجيش الحر في دمشق وحلب وحمص.

وجاءت المباحثات بعد يوم من مباحثاته مع قادة النظام السوري وعدد من قادة المعارضة السورية في الداخل.

وشدد العكيدي على أن “مهمة الإبراهيمي ستخفق في ظل المؤامرة الدولية التي يتعرض لها الشعب السوري”، موضحا أنه “لا توجد حلول من جانب المجتمع الدولي، فكيف يأتي الحل من جانب شخص”.

وتابع أن “المجتمع الدولي يبدي استنكاره لما يحدث في سوريا على وسائل الإعلام، ولكنه يدعم النظام السوري من تحت الطاولة”.

وأفاد العكيدي أن “الإبراهيمي أراد أن يطلع منا على الأوضاع الإنسانية والمعيشية، ولكننا نؤمن أن ثورتنا ليست ثورة جياع، نحن نأكل التراب وورق الشجر ونجمع أشلاء قتلانا، ونقاتل من أجل حريتنا وكرامتنا، ونريد لهذا النظام المجرم، الذي يقذفنا بالقنابل، أن يسقط”.

وقال إن “الإبراهيمي وعد أن يرسل مندوبين عنه لتفقد المناطق المختلفة، وقد طلبنا منه أن يأتي بنفسه ليشاهد الدمار، ورد بأنه ربما يأتي لاحقا”.

استمرار المعارك في سوريا وقائد الحرس الثوري الإيراني يقر بوجود قواته هناك

تواصل القوات الحكومية السورية قصفها عددا من معاقل المعارضين وسط معارك على جبهات عدة.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان بسقوط 20 شحصت قتلى في اعمال العنف الاحد بينهم 18 مدنيا ومقاتلان من المعارضة في حلب ثاني كبريات المدن السورية.

كما قال المرصد إن ما لايقل عن خمسة اطفال وامرأة قتلوا في قصف نفذته طائرة هيليكوبتر للقوات الحكومية في بلدة كفر عويد بمحافظة ادلب شمال غربي البلاد.

وشملت الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة السبت حي العرقوب شرقي المدينة بحسب المرصد الذي اشار الى تعرض حي مساكن هنانو الى قصف بقذائف الدبابات وشنت طائرة حربية غارة على مبنى في حي الصاخور كما شمل القصف احياء اخرى خاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين.

وكان مراسل لوكالة فرانس برس في المدينة اشار الى ان الاشتباكات العنيفة استمرت طوال الليل على اطراف حي بستان الباشا.

وفي دمشق يستمر القصف على حي الحجر الاسود في جنوب العاصمة الذي تحاول القوات النظامية اقتحامه بحسب المرصد.

وفي محافظة درعا جنوبي البلاد اشار المرصد الى سقوط سبعة أشخاص قتلى في انفجار استهدف حافلة تقل مدنيين على طريق بلدة خربة غزالة في الريف بينما شهد حيا القصور والسبيلة في المدينة حملات دهم واعتقالات نفذتها القوات النظامية.

ويأتي استمرار اعمال القصف غداة سقوط 115 شخصا قتلى بحسب الارقام التي اعلنها المرصد السبت بينما خلف النزاع المستمر في سوريا منذ اكثر من 18 شهرا اكثر من 27 ألف قتيل.

في غضون ذلك، أقر رئيس الحرس الثوري الإيراني للمرة الأولى علنا بأن لقواته وجودا في سوريا.

وقال الجنرال محمد علي جعفري إن أفرادا من فيلق القدس يعملون مستشارين فقط في سوريا، مضيفا أن وجودهم في سوريا لا يعني أن إيران تخوض عمليات عسكرية هناك.

المبعوث الدولي

ووصل مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية في شأن سوريا الأخضر الإبراهيمي الى القاهرة قادماً من دمشق، في اطار مساعيه لحل الازمة.

وكان الابراهيمي قد عقد اجتماعا مع ثلاثة من قادة المسلحين عبر شبكة الانترنت للتعرف على مطالبهم و رؤاهم للحلول الممكنة، وقال القادة إنهم طلبوا من الإبراهيمي حض الحكومة السورية على إيقاف الغارات الجوية.

من جانب آخر دعا اربعة وعشرون حزبا وتنظيما معارضا في الداخل السوري إلى عقد مؤتمر شامل للمعارضة السورية في دمشق، من دون تحديد موعد له.

وتأتي هذه الدعوة متزامنة مع دعوة أخرى لعقد مؤتمرٍ لمعارضة الداخل دعت إليه هيئة التنسيق في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

وذكر الابراهيمي انه لم يبلور بعد خطة للحل وانه لا يزال في طور الاستماع الى اطراف داخلية واقليمية ودولية قبل وضع خطة.

وكان الابراهيمي قد التقى السبت بشار الاسد الذي دعا الى حوار “يرتكز على رغبات السوريين” بينما حذر الابراهيمي من “خطر الازمة” السورية على العالم مشيرا الى انه لا يمتلك خطة للحل بعد.

الأسد يستقبل الإبراهيمي في دمشق

قال الأخضر الإبراهيمي عقب لقائه الأول مع الرئيس الأسد في دمشق إن اللقاء “شكَّل خطوةً أولى للتعامل مع الأزمة في سوريا”

واعتبر الأسد عند استقباله الابراهيمي في دمشق ان “المشكلة الحقيقية في سوريا هي الخلط بين المحور السياسي وما يحصل على الارض”.

وربط الاسد وفق ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية سانا بين نجاح العمل السياسي و”الضغط على الدول التي تقوم بتمويل وتدريب الارهابيين وتهريب السلاح الى سوريا لوقف مثل هذه الاعمال”.

وجدد الاسد “التزام سوريا الكامل بالتعاون مع اي جهود صادقة لحل الازمة في سوريا طالما التزمت الحياد والاستقلالية”.

أمل

وعبر الابراهيمي عن امله في ان تتمكن خطة تبني على اقتراحات جميع الاطراف من فتح القنوات في اتجاه انهاء الازمة وان ترافقها ايضا استراتيجية واضحة.

ونقلت سانا عن الابراهيمي تحذيره من ان “الازمة في سوريا تتفاقم وتشكل خطرا على الشعب السوري والمنطقة والعالم”، مضيفا ان “الحل لا يمكن ان يأتي الا عن طريق الشعب السوري نفسه”.

واكد الابراهيمي انه سيتواصل مع “الدول ذات الاهتمامات والتأثير في الملف السوري” ومع اعضاء مجموعة الاتصال الرباعية حول سوريا التي تضم مصر وايران والسعودية وتركيا.

ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن الابراهيمي تاكيده انه “سيعمل باستقلالية تامة وارتكازا على خطة انان واعلان جنيف.

واعتبر الإبراهيمي اللقاء بمثابة خطوةً أولى للتعامل مع الأزمة في سوريا وقال انه سيعود قريبا الى دمشق.

BBC © 2012

طريق بطيئة ومكلفة لتحقيق الوحدة في انتفاضة سوريا

عمان (رويترز) – حتى الوقت الذي اقتحمت فيه القوات السورية ضاحية داريا في دمشق الشهر الماضي كان المعارضون المسلحون يديرون شؤون البلدة التي تقطنها الطبقة العاملة في استعراض للوحدة على مستوى القاعدة الشعبية يستعصى على خصوم الرئيس بشار الاسد تحقيقه على المستوى الوطني.

وعكس الحكم الذاتي الوليد في داريا صورة لاستعدادات في مختلف البلدات بانحاء سوريا خصوصا الاحياء الريفية الشمالية التي خرجت عن سيطرة الاسد خلال الانتفاضة المستمرة منذ 18 شهرا.

وقال صالح ناصر وهو ناشط ساعد في إنشاء إدارة مدنية بجانب المعارضين المسلحين للإشراف على الأمن والخدمات البلدية “رأس قضاة مستقلون المحكمة وتولى المعارضون المسلحون مهام الشرطة.. داريا هددت بان تصبح نموذج بديل متحضر للاسد.”

وقال زعماء في المعارضة ودبلوماسيون يتابعون الانتفاضة إن ذلك التنسيق المحلي -الذي تشكل حول معارضة مسلحة تحولت من خلايا قتالية صغيرة محكمة الى وحدات اكبر في البلدات و المدن- فشل في التحول إلى هيكل تنظيمي يقدم بديلا على المستوى الوطني لحكم الأسد.

لكن مع فشل المعارضة المنقسمة في المنفى في الحصول على اعتراف دولي واكتساب بعض المدن التي يسيطر عليها المتمردون درجة من الحكم الذاتي تبدي القوى الغربية اهتماما متزايدا بزعماء المعارضة المسلحة على الأرض.

وتتالف في الغالب الجماعات المحلية التي تحمل أسماء مثل “مجلس قيادة الثورة” من متمردين مسلحين وشخصيات مدنية تضم اساتذة جامعيين وأطباء ومحامين كانوا في طليعة الحركة الاحتجاجية قبل ان تتحول الى ثورة مسلحة.

ويقول الدبلوماسيون المتابعون ان هذه المنظمات الشعبية أكثر تماسكا من المجموعات العسكرية التي شكلها ضباط الجيش الذين انشقوا وفروا إلى تركيا أو الأردن مثل “الجيش الوطني” الذي اعلن عنه في الاونة الاخيرة بقيادة محمد الحاج علي أكبر ضابط منشق عن الجيش.

بدأت الانتفاضة ضد الأسد في مارس اذار من العام الماضي بمظاهرات سلمية بشكل اساسي طالبت بالإصلاح. واحتدمت المظاهرات بشكل سريع ودعت للإطاحة بالأسد لكن واجهتها حملة عسكرية عنيفة دفعتها للتحول إلى تمرد مسلح. وتقول السلطات السورية انها تقاتل “ارهابيين” اسلاميين مدعومين من دول غربية وعربية سنية لتحقيق مكاسب جيوسياسية.

وقال دبلوماسي غربي يراقب العسكرة المتزايدة للانتفاضة ان ضباط الجيش خارج سوريا -مثل محمد الحاج علي ومناف طلاس وهو أحد المقربين السابقين للاسد وعميد في الحرس الجمهوري انشق في يوليو تموز- ليس لديهم نفوذ كبير على المعارضين المسلحين.

وجاء انشقاق طلاس متأخرا أكثر من اللازم بعض الشيء. وقال الدبلوماسي ان المقاتلين لا يميلون لابداء احترام كبير للضباط الذين يقيمون في المنفى ويبدو أنهم أكثر اهتماما بالترويج لانفسهم.

واوضح “الناس لا يريدون ايضا دكتاتورا آخر من الجيش.”

بدلا من ذلك تحسن مجموعات المعارضين المسلحين المتباينة داخل البلاد التنسيق فيما بينها تدريجيا كما يتضح في الهجمات المتزامنة في الاونة الاخيرة على المطارات العسكرية.

وقال الدبلوماسي “إنه يجري ببطء. السيناريو المرجح هو أن يستمر تطور تنظيم المعارضة في الداخل وقد تتمكن قبل انهيار النظام من الجلوس معا في شكل مؤتمر وطني ما لمنع تحول البلاد الى إقطاعيات”.

وقال فواز تللو وهو معارض مخضرم انه فات أوان إنشاء قيادة موحدة للانتفاضة وان أقرب امل ممكن هو تعزيز التنسيق بين القوى المختلفة.

وقال تللو وهو على اتصال وثيق بالمعارضين المسلحين في دمشق ان هناك هيكلا فضفاضا يظهر في جميع أنحاء البلاد يشكل في ظله المعارضون المسلحون مجالس مع مسؤولي اتصال مدنيين وينسقون داخل مجموعات أكبر.

واضاف “دعونا نكف عن خداع أنفسنا” مضيفا انه اذا طلب من أي سياسي إعطاء خريطة سياسية وعسكرية للقوات على الأرض سيستحيل عليه فعل ذلك وان هذه المجموعات المسلحة تتغير وتتأثر بتغيير مصادر التمويل.

واضاف متحدثا من برلين أن الدول التي تلعب دورا في تمويل المعارضة المسلحة أو تمرير الأسلحة اليها مثل قطر والسعودية وتركيا يمكن ان تلعب دورا أكبر في لم شمل المعارضة في الداخل.

وقال آفاق أحمد وهو أحد عناصر المخابرات الذين انشقوا عن المخابرات الجوية ان ظهور جنرال قوي لقيادة المعارضة المسلحة امر غير مرجح لأن الأسد همش ضباط الجيش من الأغلبية السنية.

واضاف انه يتعين على المعارضة التركيز على اجتذاب ضباط الجيش المحترفين من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد وتهيمن على القوات المسلحة والذين قد يكونون غير راضين عن الحملة ضد الانتفاضة لكنهم يشعرون بالقلق من الأسلمة المتزايدة للانتفاضة.

وقال “يجب على المعارضة إبراز نفسها باعتبارها حركة وطنية والا تسمح للإسلاميين باختطافها”.

وتسقط كتائب المعارضة المسلحة والوحدات المدنية التابعة لها بشكل متزايد تحت تأثير الاسلاميين المدعومين من الجهاديين العرب الذين يجدون طريقهم إلى سوريا.

وفي دمشق ظهر اتحادان لمنظمات المعارضة المسلحة لهما ميول اسلامية وهما أنصار الإسلام وتحرير الشام الاصغر حجما. لكن نشطاء معارضين يساعدون في تنظيم المقاومة يقولون انهما يفتقران إلى زعيم واحد وتتخذ القرارات فيهما بتوافق الآراء.

ويرفض المعارضون المسلحون في دوما وهي ضاحية شمال شرقي دمشق الانضمام إلى التجمعات الجديدة. ويقودهم رجل الدين الذي يتمتع بالقبول أبو سليمان طيفور.

وفي محافظة إدلب في الشمال قال الناشط المعارض البارز سامح الحموي الذي قام بجولة في ادلب في الاونة الاخيرة ان المعارضين المسلحين اتفقوا مع المنظمات المحلية في عدة بلدات على البقاء بعيدا عن الحياة المدنية وان يتولوا تنفيذ قرارات لجان تتألف من الشيوخ والنشطاء في كل بلدة.

وقال إنه في بلدان مثل خان السبيل وبنيج يتجنب المعارضون المسلحون حمل السلاح في الشوارع ويتمركزون غالبا في مجمعات في الضواحي. وتقوم الإدارة المدنية باصلاح خطوط الكهرباء التي تضررت من قصف الجيش.

وقال الحموي ان الأسد يحاول سحق بوادر الحكم المدني الناشيء.

واضاف “ليس لدى الجيش قوات على الارض لتدخل هذه البلدات لذلك يقوم بقصفها” مضيفا ان الجيش اقام في مدينته حماة حواجز طرق كل 500 متر لمنع انشاء ادارة محلية.

ويقول ناشطون معارضون ان داريا وهي إحدى ضواحي دمشق قد تعرضت لقصف عنيف وأشاروا الى ان السبب في ذلك يرجع جزئيا الى نجاح محاولتها اقامة حكم ذاتي على مسافة قريبة جدا من مركز سلطة الاسد.

واضافوا ان الهجوم الذي شنه الحرس الجمهوري الذي يغلب عليه العلويون على البلدة السنية استمر شهرا مما اسفر عن مقتل 700 شخص على الاقل.

(اعداد أيمن مسلم للنشرة العربية – تحرير معاذ عبد العزيز وأحمد صبحي خليفة)

من خالد يعقوب عويس

الحرب في سوريا: الموت القادم من السماء

الإيكونومست

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

المقاتلون المتمردون الذين كانوا ينامون بهدوء في مركز سابق للشرطة تعرضوا فجأة لصاروخ سقط على سطح غرفة غير مأهولة. على الرغم من أن النظام السوري قد فقد السيطرة المباشرة على هذا المكان و غيره من الأماكن الأخرى في إدلب, وهي محافظة ريفية في الشمال الشرقي من سوريا, إلا أنه يقوم بشن هجمات صاروخية عن بعد تشكل مصدرا للإزعاج و أمور أسوأ من ذلك. مع هبوط الليل, و خلف الأبواب المغلقة, جلست امرأة تحاول معرفة أي من القرى تتعرض للقصف. أطفالها, في هذه الأثناء مشغولون بوصف دقيق للصاروخ الذي قطع أطراف أم أحد أصدقائهم إربا.

على الرغم من كل هذه المخاطر, إلا أن مثل هذه القرى تعتبر ملاجئ آمنة للسوريين الهاربين من حلب, و هي ثاني أكبر مدينة و أرض المعركة الرئيسة حاليا في سوريا. إن الحكومة و المتمردين يخوضون حرب كر و فر على طول الجبهة منذ أن بدأت المعركة في شهر يوليو. في أحد الأيام, قام المتمردون بالاستيلاء على ثكنة عسكرية؛ و في اليوم التالي ادعى النظام أنه استعاد السيطرة عليها. في هذه الأثناء, وفي الضواحي المحيطة في دمشق, كانت هناك جثث ملقاة لمجموعة من الرجال مقيدي الأيدي خلف ظهورهم. كما أن القصف مستمر من دير الزور إلى السهول الجنوبية لدرعا, إضافة إلى الغارات الجوية. إن القتال مندلع في كل محافظة.

مع تزايد أعداد القتلى من المدنيين, فإن مسألة ما إذا كان على الدول الأخرى أن تتدخل عسكريا أصبحت أمرا أكثر جدية. المجموعات المعارضة تقدر أن شهر أغسطس كان أكثر الشهور دموية منذ بداية الانتفاضة في شهر مارس من السنة الماضية, إن التقديرات تشير إلى مقتل ما يقرب من 25000 شخص لحد الآن (انظر إلى الرسم التوضيحي). إن مايكل كلارك وهو مدير المعهد الملكي للخدمات و هو مركز دراسات مقره لندن يعتقد أن التفضيلات في أوروبا و أمريكا قد أظهرت ميلا إلى البقاء خارج الصراع, على الأقل في المجال العسكري وهو أمر يعزى إلى كل من حجم المعاناة و التهديد الذي يفرضه هذا الأمر على استقرار دول الجوار الهش. ويضيف :”إننا لا نسير نحو التدخل. و لكن التدخل و بكل تأكيد يسير نحونا”.

http://media.economist.com/sites/default/files/imagecache/290-width/images/print-edition/20120915_FBC089.png

إن هناك العديد من الأسباب لتصعيد العمليات الوحشية خلال الصيف. إن مقاتلي المعارضة في الجيش السوري الحر شعروا بثقة عالية في محاولتهم للسيطرة على أجزاء من دمشق و حلب قبل أن يمتلكوا الوسائل اللازمة لذلك؛ لقد ركزت الهجمات المضادة العنف في المناطق التي يوجد فيها الكثير من المدنيين الذين تعرضوا للأذى. و يبدو أن نظام بشار الأسد قد تجاهل أي شكل من أشكال ضبط النفس. و يعود هذا الأمر بجزء منه إلى حالة اليأس المتصاعدة التي يعاني منها هو شخصيا, كما أنها تعود أيضا إلى أنه لم يكن متأكدا في الماضي من المدى الذي سوف يدعه المجتمع الدولي يذهب فيه. أما الآن فقد عبر تقريبا جميع “الخطوط الحمر” التي كان يأمل السياسيون الغربيون بأنه سوف يحترمها. إن استخدام السلاح الكيماوي يبدو الشيء الوحيد الذي سوف يؤدي إلى استثارة رد عسكري من الخارج.

إن المؤشر الأكثر وضوحا على أن سوريا لم تعد تهتم بحجم استخدام العنف هو الاستخدام المفرط للقوة الجوية, أولا مع استخدام المروحيات و ثانيا باستخدام الطائرات المقاتلة. إن الحملة الجوية تسمح للنظام بإرهاب و معاقبة المناطق التي فقد السيطرة عليها و الحفاظ على أكبر قدر ممكن من قواته البرية, خصوصا دباباته التي أصبحت عرضة للاستهداف مع تنامي الخبرات التي يحصل عليها المتمردون.

كما أن الهجمات الجوية تحمل إيجابية الاعتماد على جزء من القوات المسلحة التي يسيطر على معظمها العلويون, وهي الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد. والد الأسد, حافظ, كان يقود القوات الجوية قبل أن يقوم بالانقلاب الذي جلبه إلى السلطة عام 1970. وهذه القوات مجهزة بشكل معقول, مع وجود ما يقرب من 325 طائرة مقاتلة يمكن استخدامها للهجمات البرية و 33 طائرة مروحية, مع ملاحظة أن أفراد هذه القوات أقل عرضة للانشقاق مما هو الحال عليه في باقي أجزاء الجيش.

المسألة الأخلاقية:

إذا لم يحدث شيء للحد من انتشار قوة الأسد الجوية, فإن المتمردين سوف يعانون في سبيل إحراز مزيد من الإنجازات و قد يصبحون هم أنفسهم أكثر عنفا بسبب الإحباط. كما أن مستوى القتلى من المدنيين سوف يستمر في التزايد. إضافة إلى أن تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة – 4000 لاجئ في اليوم يحاولون عبور الحدود إلى تركيا- سوف يزداد بشكل مضطرد.

و لكن ما هي الحدود التي يمكن أن تفرض على عنف النظام من قبل الغرب و الدول العربية السنية الداعمة مثل السعودية و الإمارات و قطر و ما هي الأهداف من ذلك؟ إن الخيارات تتضمن تزويد المتمردين بمزيد من الأسلحة المضادة للطائرات و إنشاء ممرات إنسانية شمال مدينة حلب إلى الحدود مع تركيا تحت حماية قوات أجنبية و هي دعوة وجهت من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند و وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر. و فرض منطقة حظر جوي فوق البلاد بأكملها و البحث بشكل فعال عن نهاية للنظام. كل من هذه الخيارات تعقبه تبعات غير مرغوب بها, و هي في كل حال من الأحوال مرجحة أن تتداخل مع بعضها البعض.

http://media.economist.com/sites/default/files/imagecache/full-width/images/print-edition/20120915_FBM902.png

إضافة إلى أن هذه الخيارات غير قانونية على الأرجح. في عام 1945 حظر ميثاق الأمم المتحدة جميع أشكال استخدام القوة ضد دول أخرى, ما لم يكن ذلك في حالة دفاع مشروع عن النفس أو مع وجود تفويض من قبل مجلس الأمن. إن عقيدة مسئولية الحماية تسمح للدول بالتدخل لحماية المدنيين من الأعمال الوحشية إذا فشلت حكوماتهم في القيام بهذا الواجب, و لكن ليس هناك أي استثناء جديد لهذه القاعدة. إن على مجلس الأمن أن يعطي الموافقة.

إن البعض يقول بأنه في حالة الطوارئ الدولية, و عندما يتم تعطيل مجلس الأمن باستخدام الفيتو, أو التهديد باستخدامه, من قبل أحد أعضاء الدول دائمة العضوية (كما هي حالة كل من روسيا والصين حاليا), فإن للجمعية العمومية أن تتجاوز مجلس الأمن و أن تشرع استخدام القوة. و قد حدث هذا الأمر لأول مرة عام 1950 في قمة الحرب الكورية, و ذلك عندما عطلت روسيا التدخل الدولي. و لكن هذه الحيلة قد فقدت سمعتها الجيدة.

كثيرا ما يستخدم تدخل الناتو في كوسوفا في نهاية التسعينات كمثال على الاعتبارات السياسية و الأخلاقية المقنعة التي لم تترك أي خيار سوى القيام بتدخل خارج إطار القانون الدولي. و لكن النظام الكوني للأمن الجماعي برمته يمكن أن يقوض إذا تم الاحتكام لهذا الأمر مرة أخرى, خصوصا بعد الغزو المثير للجدل في العراق عام 2003 و تعريض أولئك المنخرطين في هذا الأمر للاتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

في غياب قرار من قبل مجلس الأمن, فإن على الولايات المتحدة على الأقل أن تطالب بتحالف فعال يتضمن تأييد كل من الناتو و الجامعة العربية. و يجب أن يكون هناك غاية سياسية وراء الحد من قدرة النظام على استخدام العنف ضد شعبه و لكن ماهية هذه الغاية السياسية تبقى أمرا غير واضح.

لربما يكون الخيار الأكثر جاذبية هو إنشاء منطقة حظر جوي حول المناطق المحمية, و هي فكرة تمت مناقشتها بصورة موجزة كخيار في ليبيا. إذا وافق الناتو على أن يكون الضامن لمثل هذه المنطقة الآمنة, فإنه سوف يعلن بأن أي هجوم سوف يقابل برد قوي. و لكن منطقة آمنة وحيدة قد لا يكون لها ذلك التأثير الكبير في الصراع الآن و الذي يشهد توسعا و تشتتا كبيرا؛ و إذا نجحت منطقة واحدة فإنها قد تستدعي إنشاء مناطق أخرى. يقول الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بأن إنشاء منطقة إنسانية سوف يعني فرض حمايتها ليس فقط من الطائرات السورية ولكن أيضا من الهجمات الصاروخية و المدفعية, و هو ما سيتطلب خيار شن هجمات على القوات البرية إضافة إلى الجوية.

المضي قدما:

التهديد بالقوة يعني أن تكون مستعدا للسير قدما في هذا الخيار, و الذي سوف يكون التزاما كبيرا. إن الجنرال ديمبسي يشدد على أن أي مقارنة ما بين منطقة الحظر الجوي التي أنشئت في ليبيا السنة الماضية و فرض أمر مماثل في سوريا هي مقارنة مضللة. ويقول بأن نظام الدفاع الجوي السوري المتكامل أكثر قدرة بمرات عديدة من النظام في ليبيا و هو يغطي منطقة أصغر, مما يشكل عقبة كبيرة.

على خلاف الدفاع الجوي في صربيا, و الذي تجاوزه الناتو بسهولة نسبية خلال حملة عام 1999 في كوسوفا, فإن نظام الدفاع الجوي في سوريا مصمم للتعامل مع خصم أكثر تعقيدا و هو إسرائيل. لقد صرف النظام السوري الملايين لمحاولة الحصول على هذه الأنظمة الدفاعية. و تتضمن هذه الأنظمة أنظمة دفاع روسية و التي يعتقد الخبراء الغربيون أنها ذات قدرات عالية. إن هناك نظام غرايهواند أس أي-22 و هو نظام متحرك فيه صواريخ أرض جو (سام) و مضادات الطائرات, إضافة إلى غرزلي أس أي-17 و هو صاروخ متوسط المدى قادر على التعامل مع العديد من الأهداف المختلفة في وقت واحد, و صواريخ غامون أس أي-5 التي تشكل تهديدا على طائرات القيادة و التحكم و الناقلات الجوية. كما أن لدى سوريا ما يقرب من 4000 صاروخ و التي و كحال صواريخ ستنغر الأمريكية يمكن أن تحمل على الكتف دون عربات و التي يطلق عليها “أنظمة الدفاع المحمولة على الكتف” أو التي تسمى اختصارا “مان بادس”.

ولكن هذه القوات ليست عصية على التجاوز؛ حيث يقول الجنرال ديمبسي دون تبجح بأن قواته “يمكن أن تقوم بأي شيء” . ولكن على خلاف التدخل في ليبيا, حيث اتخذت بريطانيا و فرنسا زمام المبادرة و قادت الولايات المتحدة من الخلف فإن التدخل في سوريا سوف يكون في أغلبه شأن أمريكي, كما أنه سوف يتطلب قوة هائلة منذ البداية. يقول دوغلاس باري وهو خبير في القوات الجوية في المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في لندن بأن أمريكا سوف تركز على التدمير السريع للدفاعات الجوية السورية من أجل خفض الخطر أمام قواتها قدر الإمكان.

يدعي الجنرال ديمبسي بأنه ليس هناك خطة طوارئ لمثل هذه الحملة قد تم الأمر بها أبعد من ما أطلق عليه “تفاصيل القيادة التقديرية”. إن تقديرا لما يمكن أن يتطلب الأمر يأتي من المحلل بريان هاغرتي من معهد ميتس للدراسات الأمنية و الذي حلل في دراسته الحملة التي تهدف إلى تدمير الدفاعات الجوية السورية و إنشاء مناطق آمنة شمال غرب البلاد.

إن السيد هاغرتي يرى أن الأمر يتطلب (كافتتاحية) ضرب ما يقرب من 450 هدف من ضمنهم أكثر من 20 مركز رادار للقيادة و السيطرة و الإنذار المبكر, و 150 موقع لصواريخ سام, و 205 موقع لإيواء الطائرات و 32 هدف لقواعد طائرات إضافية و 27 بطارية صاروخ أرض أرض (أس أس) و 12 بطارية لصواريخ كروز مضادة للسفن. القوات الغربية الخاصة غالبا موجودة على الأرض في سوريا تعد لمثل هذه القائمة, إضافة إلى تحديد العديد من أماكن تخزين و إنتاج السلاح الكيماوي و البيولوجي السوري.

يقول السيد كلارك بأنه قد يكون هناك ضرر فعلي قد حصل لأنظمة الدفاع الجوي السورية من خلال هجمات إلكترونية غربية . إن سوريا أكثر ضعفا من ليبيا أمام مثل هذه التكتيكات, بسبب اعتمادها الكبير على الحواسيب من أجل التكامل والسيطرة. لقد وردت تقارير بأنه و عندما قام سلاح الجو الإسرائيلي بالهجوم على الموقع النووي في سوريا عام 2007 فقد استخدمت مثل هذه الخدع من أجل تدمير الدفاعات الجوية للبلاد في اللحظة المناسبة, ولكن مثل هذه الإدعاءات يجب أن ينظر إليها بشيء من الشك. إن الإسرائيليين سوف يفضلون أن يعتقد العالم أنهم يمتلكون الفنون الإلكترونية السوداء وهي تحت تصرفهم, عوضا عن اعتقاد العالم بأن إسرائيل قد غافلت السوريين وقت غفوتهم.

إن السيد هاغرتي يقدر بأن المرحلة الافتتاحية من الحملة سوف تتطلب ما يقرب من 200 طائرة مقاتلة و ما يزيد على 150 طائرة دعم جوي – وهو عدد يتجاوز العدد الذي استخدم في الحملة الافتتاحية في ليبيا بمرات عديدة. كما أن الأمر يتطلب على رأس الضربات الجوية وجود قاذفات ثقيلة أكثر بكثير مما شهدته ليبيا, وإطلاق أعداد أكثر بكثير من صواريخ كروز. (الضربات الجوية لن تتضمن على الأرجح المقاتلة الأمريكية الجديدة إف 22 و التي وعلى الرغم من تكلفة الرادار فيها لن تكون مناسبة لمثل هذه الهجمات). إن السيد هاغرتي يعتقد أن الأمر سوف يحتاج إلى 600-700 صاروخ كروز, بالمقارنة مع 221 صاروخ استخدمت ضد ليبيا عام 2011 و 802 صاروخ استخدموا في غزو العراق عام 2003. و لهذا, فإنه من الضروري وجود طائرات مقاتلة على مدار الساعة في السماء من أجل اصطياد قواعد الصواريخ المتحركة (و التي سوف تكون مرئية فقط في حالة توجيه الرادارات لها أو عندما ترصد من قبل القوات الخاصة على الأرض) و من أجل ردع ما تبقى من الطائرات المقاتلة من الطيران. كما أن أي محاولة من قبل النظام لاستخدام المدفعية طويلة المدى قرب المنطقة الآمنة يجب أن يتم وقفها.

بالمنطق اللوجيستي, فإن صواريخ كروز يمكن أن تطلق من الغواصات الأمريكية في البحر الأبيض و يمكن أن تطلق من السفن الموجودة في الخليج, على الرغم من أنه قد يكون هناك محدودية لمدى الصواريخ من هذه السفن. الأمر الأكثر ترجيحا, فإن مجموعة ثانية من مجموعات الحاملات المقاتلة يمكن أن تنضم إلى الأسطول الأمريكي السادس في المتوسط. ولكن إذا كانت مجموعة الناقلات هي إحدى الدوريات الموجودة في أو قرب الخليج مع الأسطول الخامس, فإن هذا الأمر سوف يحد من قدرة أمريكا على ردع أي رد عدواني من قبل إيران إذا كانت إسرائيل سوف تقوم بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. إن الحاجة إلى مثل هذا الردع هو أمر استراتيجي يفوق سوريا في تقديرات واشنطن, على الأقل في الوقت الراهن.

مجموعة أخرى من الطائرات المقاتلة و الداعمة يمكن أن تقلع من قاعدة أنجرليك وهي قاعدة تابعة للناتو جنوب تركيا , و من القاعدة البريطانية أكروتيري في قبرص. وهاتان القاعدتان يمكن أن تكونا ضمن مدى صواريخ سكود – بي السورية. على كل حال و إذا كانت سوريا سوف تبدأ في استخدام ترسانة سكود فإن الحملة الرامية إلى تدمير قواعدها الجوية سوف تتحول مباشرة إلى حملة صريحة لتغيير النظام.

الخيار الآخر:

أمريكا و حلفاؤها يمكن أن يقوموا بكل هذا إذا أعطيت الأوامر , و لكن الأمر لا يخلو من الالتزام بتقديم موارد مستمرة و القبول ببعض الخسائر. كما أنه من المحتوم أن الكثير من المدنيين الإضافيين سوف يقتلون بسبب القنابل الأمريكية والغربية و قد يفوق العدد ما حدث في ليبيا من, حيث تم الاعتراف بمقتل ما يقرب من 72 مدنيا بسبب غارات الناتو الجوية. إن العديد من منشآت الدفاع الجوي خصوصا حول دمشق محاطة بمباني يسكنها و يعمل فيها مدنيون. إضافة إلى مقتل المدنيين السوريين, فإن الهجمات على الأرجح سوف تؤذي المستشارين الفنين الروس و الصينيين و الإيرانيين مما سوف يؤدي إلى مزيد من المشاكل الدبلوماسية.

في الوقت الذي كان فيه جيش معمر القذافي عبارة عن قذيفة جوفاء معتمدة على المرتزقة الأجانب, فإن قوات الأسد البرية لا زالت و في أكبر جزء منها مجهزة بشكل جيد و قابلة للانتشار. و لكن كيفية تأثر معنوياتهم بعد الهجوم على نظام الدفاع الجوي أمر غير واضح؛ و لكن من الممكن أن أولئك الذين يريدون الانشقاق قد قاموا بذلك فعلا, و أن من تبقى ملتزمون مع الأسد مهما حدث.

السيد هاغرتي كان واضحا في أن فرض منطقة حظر جوي سوف تعني في النهاية الهجوم على أجزاء أخرى من القوات المسلحة. حيث يقول :” إن الفكرة في أن الأمر سوف يبقى محدودا في العمليات الدفاعية أمر بعيد المنال, سوف نصبح وبشكل سريع القوة الجوية لأحد أطراف الصراع في الحرب الأهلية مع وجود هدف تغيير النظام, و دون وجود قيادة متماسكة لدى قوات المتمردين , فإن مثل هذه الحرب قد تكون فوضى دامية, كما أن الغرب سوف يعمل إلى جانب ميليشيات عنيفة. إن فكرة أن تدمير الدفاعات الجوية السورية سوف تكون بمثابة هدية لإسرائيل سوف تضع مزيدا من الشكوك على الدوافع الغربية”.

بالنظر إلى الصعوبات, فإنه من المغري استنتاج كما يقول السيد باري أن الخيار الأقل سوء قد يكون عدم القيام بأي تحرك. من ناحية أخرى, فهل يتمكن الغرب الوقوف جانبا عندما يقتل المدنيون بوتيرة متصاعدة و يتم تهديد منطقة حيوية استراتيجيا بالانهيار؟ فعلا, ليس هناك أي خيارات سهلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى