أحداث الاثنين 19 أذار 2018
حسم في الغوطة وعفرين يرجح «صفقة»
بيروت، إسطنبول، عفرين (سورية) – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
تسارعت التطورات الميدانية على جبهتي الغوطة الشرقية قرب دمشق وعفرين شمال سورية في شكل متوازٍ، ما دفع «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى وصف ما يجري بصفقة «عفرين مقابل الغوطة الشرقية» باتفاق روسي- تركي. وتوعّدت الوحدات الكردية الجيش التركي بتحويل عفرين إلى «كابوس» وبـ «تحرير كل شبر منها» بعد ساعات من إعلان أنقرة سيطرة قواتها وفصائل من «الجيش السوري الحر» على مركز المدينة بالكامل، فيما زار الرئيس السوري بشار الأسد الغوطة للمرة الأولى منذ سنوات بعد سيطرة قواته على ما يزيد على 80 في المئة من مساحتها.
وهدد الأكراد، في أعقاب خسارتهم مدينة عفرين في شكل مفاجئ أمس، بـ «المواجهة وضرب» القوات التركية حتى استعادة المنطقة التي شكلت طوال خمس سنوات إحدى الأقاليم الثلاثة التي أنشأوا فيها الإدارة الذاتية.
وذكرت الإدارة الذاتية الكردية لعفرين أن «الحرب ضد الاحتلال التركي والقوى التكفيرية المسماة بالجيش الحر، دخلت مرحلة جديدة». وأضافت أن «قواتنا موجودة في كل مكان من جغرافيا عفرين»، مشيرة إلى «الانتقال من حرب المواجهة المباشرة إلى تكتيك الكر والفر، وستقوم هذه القوات بضرب مواقع العدوان التركي ومرتزقته في كل فرصة». وزادت: «ستتحول قواتنا في كل منطقة من عفرين إلى كابوس مستمر بالنسبة إليهم. المقاومة في عفرين ستستمر حتى تحرير كل شبر منها».
ووصف «المرصد» عفرين بـ «مدينة شبه خالية من السكان»، فيما رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما حققته قواته، معتبراً أن «رموز الأمن والسكينة ترفرف في مركز مدينة عفرين بدل أعلام الإرهاب، ففيها الآن ترفرف الأعلام التركية وأعلام الجيش السوري الحر». من جانبه، أشار ناطق باسم «الجيش السوري الحر» إلى أن مقاتلي المعارضة دخلوا عفرين فجر أمس من ثلاث جبهات من دون مقاومة.
وعلى جبهة ثانية، تشهد مفاوضات لانتقال مسلحي المعارضة إلى مناطق أخرى، زار الرئيس السوري بشار الأسد أمس قواته المنتشرة في الغوطة الشرقية بعدما استعادت السيطرة على أكثر من 80 في المئة من مساحتها.
ونشرت حسابات الرئاسة صوراً للأسد وسط جنوده أمام دبابة، وأرفقتها بتعليق «على خطوط النار في الغوطة الشرقية». وتعد هذه الزيارة الأولى للأسد إلى المنطقة منذ سنوات، بعدما كانت تحولت إلى معقل للفصائل المعارضة عام 2012.
بموازاة ذلك، واصل آلاف المدنيين فرارهم من مناطق لا تزال تسيطر عليها الفصائل في الغوطة في اتجاه أخرى تسيطر عليها قوات النظام التي فتحت، بالتعاون مع روسيا، معابر لخروج المدنيين قبل نقلهم إلى مراكز إيواء. وأفاد «المرصد» بارتفاع حصيلة الفارين من الغوطة منذ الخميس الماضي، إلى 65 ألف مدني، فيما شهدت المنطقة هدوءاً نادراً أمس في انتظار نتائج المفاوضات بين فصائل من المعارضة المسلحة والأمم المتحدة للتوصل إلى وقف للنار. وأمهلت قوات النظام مقاتلي المعارضة في حرستا، التي تسيطر على أجزاء منها «حركة أحرار الشام»، حتى عصر أمس للانسحاب، فيما أفادت مصادر بأن لجنة تفاوض خرجت من المدينة إلى دمشق لوضع آلية الخروج، في ظل وقف العمليات العسكرية في المنطقة.
عفرين في قبضة قوات تركية و «الجيش السوري الحر»
بيروت، عفرين (سورية)، اسطنبول – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها أمس على مدينة عفرين شمال سورية، إثر عملية عسكرية استمرت حوالي شهرين وأدّت إلى مقتل أكثر من 1500 عنصر كردي.
وحققت قوات عملية «غصن الزيتون» تقدماً سريعاً داخل المدينة التي تعرضت إلى قصف عنيف خلال الأيام الماضية، دفع بأكثر من 250 ألف مدني للفرار منها.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه «الآن، سيُرفع العلم التركي هناك!»، فيما شاهد مصوّر من وكالة «فرانس برس» جندياً يحمل العلم التركي فوق شرفة إحدى المباني الرسمية التابعة للإدارة الذاتية الكردية. وقال أردوغان إن «وحدات من الجيش السوري الحر مدعومة من القوات المسلحة التركية سيطرت على مركز مدينة عفرين بالكامل»، مشيراً إلى عمليات نزع للألغام تجري حالياً في المدينة.
وشكر أردوغان، عناصر «الجيش الحر»، لمساندتهم القوات التركية في عملية «غصن الزيتون»، معتبراً أنهم يسعون إلى بناء مستقبل مشرق لبلادهم.
وذكر الجيش التركي في بيان أن جنوده يمشّطون الشوارع لتطهيرها من الألغام والعبوات الناسفة بدائية الصنع، كما نشر الجيش مقطع فيديو أوضح أنه صور في وسط عفرين ويظهر دبابة متمركزة تحت شرفة رفع فوقها العلم التركي وخلفه راية «الجيش الحر».
واعتبر أكد الناطق باسم «الجيش الحر» محمد الحمدين أن مقاتليهم دخلوا المدينة من الشمال والشرق والغرب وتوقع تطهيرها بالكامل خلال ساعات، مشيراً إلى أن مقاتلي «وحدات حماية الشعب» انسحبوا منها.
وشاهد مراسلا وكالة «فرانس برس» في عفرين أمس مقاتلين من الفصائل الموالية لأنقرة وجنوداً أتراكاً ينتشرون في أحياء المدينة. ووقفت دبابتان للقوات التركية أمام مبنى رسمي، فيما أطلق مقاتلون النار في الهواء احتفالاً وهتف آخرون «الله أكبر».
وأكد الناطق باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ على حسابه على تويتر «عملنا لم ينته، لكن الإرهاب والإرهابيين انتهوا من عفرين». وأضاف: «انتهى الظلم والتسلط الذي كان يمارسه الإرهابيون على سكان عفرين، وشعب المدينة اليوم حر وسيعيش بسلام واستقرار».
كما شدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على أنّ بلاده «لا تطمع باقتطاع أجزاء من أراضي أي دولة»، لافتاً إلى أن «الهدف من عملية غصن الزيتون هو تطهير عفرين، ليعود إليها أهلها في سلام».
ولم يظهر أي من المقاتلين الأكراد في عفرين، فيما تحدث أحد السكان عن انسحابهم منها. ونقل أحد المراسلين مشاهدته عدداً قليلاً من المدنيين، مشيراً إلى ملاحظته امرأة انهارت باكية على الأرض قبل أن تكمل طريقها برفقة أخرى في يدها حقيبة بينما تصاعدت في مكان قريب سحب من الدخان الأسود.
وعمد بعض المقاتلين الموالين لأنقرة إلى إحراق أحد متاجر المشروبات الكحولية. كما أقدموا على تدمير تمثال «كاوا الحداد»، الذي يُعد رمزاً للشعب الكردي.
وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي حملة عسكرية تحت تسمية «غصن الزيتون» ضد منطقة عفرين، قالت أنقرة إنها تستهدف «الوحدات» الكردية التي تصنفها «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني». وتخشى أنقرة إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها على غرار كردستان العراق، وطالما أكدت رفضها للإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في ثلاثة «أقاليم» في شمال وشمال شرق البلاد، بينها إقليم عفرين.
خلال نحو شهرين من العملية العسكرية، سيطرت القوات التركية على مساحات واسعة في منطقة عفرين بينها الشريط الحدودي، قبل أن تتمكن أمس من دخول المدينة، كما سيطرت أيضاً على بلدة معبطلي ذات الغالبية العلوية غرب عفرين، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأدى الهجوم التركي إلى مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، وفق المرصد الذي أوضح أن «غالبيتهم قتلوا في غارات وقصف مدفعي للقوات التركية»، كما وثق «المرصد» مقتل أكثر من 400 مسلح من الفصائل السورية الموالية لأنقرة، فيما أعلن الجيش التركي عن مقتل 46 من جنوده.
وأمام الهجوم التركي، طالب الأكراد دمشق بالتدخل، وبعد مفاوضات دخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف. وأراد الأكراد في شكل أساسي من قوات النظام نشر دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، لكن ذلك لم يحصل. وحمّل الأكراد التحالف الدولي، حليفهم الرئيس ضد تنظيم «داعش»، جزءاً من المسؤولية لعدم منعه تركيا من شن هجومها على عفرين.
وأدى الهجوم التركي أيضاً، وفق «المرصد»، إلى مقتل 289 مدنياً بينهم 43 طفلاً، فيما نفت أنقرة قصف المدنيين، مؤكدةً أنها تستهدف مواقع القوات الكردية فقط.
ودفع اقتراب المعركة من مدينة عفرين بـ250 ألف شخص إلى الفرار منها منذ الأربعاء، وفق «المرصد»، وتوجه معظمهم إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في شمال حلب. وذكر مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن إن عفرين «عبارة عن مدينة شبه خالية من السكان».
شهران على الهجوم
يشنّ الجيش التركي منذ 20 كانون الثاني (يناير) الماضي هجوماً ضد فصائل كردية تعتبرها أنقرة «إرهابية» في شمال سورية، لكنها في الوقت نفسه حليفة الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش».
وأتى هذا الهجوم بعدما أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أنه يعمل على تشكيل قوة أمنية حدودية من ثلاثين ألف عنصر شرق سورية، قوامها خصوصاً من المقاتلين الأكراد، ما أثار غضب أنقرة.
وفي العشرين من كانون الثاني، بدأت القوات التركية هجومها على منطقة عفرين أطلقت عليه اسم «غصن الزيتون»، فيما ندد النظام السوري بما اعتبره «عدواناً غاشماً». وأعربت روسيا عن «قلقها» حيال الهجوم، وقالت إن العسكريين الروس غادروا منطقة عفرين «لمنع تهديدهم». وحمّلت الوحدات روسيا «مسؤولية الهجوم، بقدر ما تتحمّلها تركيا».
من جانبها، دعت واشنطن أنقرة إلى «ممارسة ضبط النفس وضمان أن تبقى عملياتها محدودة ودقيقة في أهدافها»، لكن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أكد أن أنقرة أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بعمليتها.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتفاق مع الروس في شأن عفرين، قبل أن تعلن الوحدات في الثالث والعشرين من كانون الثاني «النفير العام». وفي اليوم التالي أطلِقت قذيفتان من الأراضي السورية على كيليس، ما دفع المدفعية التركية إلى الرد. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حض تركيا على «الحد من عملياتها العسكرية»، لكن أنقرة نفت الرواية وقالت إن «ترامب لم يعرب عن قلقه».
وأكد البنتاغون أن واشنطن وأنقرة تبحثان في «منطقة أمنية» على الحدود السورية، فيما طلب الأكراد المساعدة من النظام السوري لمواجهة الهجوم. وفي 20 شباط (فبراير) الماضي انتشرت قوات موالية للنظام السوري في الجيب الكردي، فيما أكدت تركيا أنها تعتبر «هدفاً مشروعاً» أي مجموعة تساعد الأكراد وقصفتها. في الثامن من الجاري، سيطرت «غصن الزيتون» على مدينة جنديرس، فيما أعلن أردوغان أنه بعد «تطهير» عفرين ستقوم تركيا بـ «تطهير» منبج وعين العرب وتل أبيض ورأس العين والقامشلي. وحوصرت بعدها عفرين باستثناء ممرٍ واحدٍ استخدمه المدنيون للفرار قبل سيطرة أنقرة و «الجيش الحر» أمس على المدينة بالكامل.
الأسد يزور قواته في الغوطة الشرقية
دمشق – أ ف ب
زار الرئيس السوري بشار الأسد اليوم (الأحد)، جنوداً سوريين في الغوطة الشرقية قرب دمشق، التي استعادت القوات الحكومية السيطرة على أكثر من 80 في المئة من مساحتها.
ونقلت الحسابات الرسمية للرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للأسد وحوله جنود أمام دبابة في شارع بدت عليه آثار المعارك، وأرفقت الصور بتعليق «على خطوط النار في الغوطة الشرقية… الرئيس الأسد مع أبطال الجيش العربي السوري».
وتعد هذه الزيارة الأولى له إلى المنطقة منذ سنوات، بعدما كانت تحولت إلى معقل للفصائل المعارضة العام 2012.
وتشن القوات الحكومية منذ 18 شباط (فبراير) الماضي حملة عسكرية على الغوطة الشرقية بدأت بقصف عنيف ترافق لاحقاً مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 80 في المئة من هذه المنطقة.
ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت القوات الحكومية من تقطيع أوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل «جيش الإسلام»، وحرستا غرباً حيث حركة «أحرار الشام»، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن».
ويرى مرافقون أن تقسيم الغوطة سيسهل على دمشق التفاوض للتوصل إلى اتفاقات تسوية او إجلاء لكل منطقة منها.
وعلى وقع المعارك والقصف، يواصل آلاف المدنيين فرارهم من مناطق لا تزال تسيطر عليها الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية باتجاه أخرى تسيطر عليها القوات الحكومية التي فتحت معابر لخروج المدنيين قبل نقلهم إلى مراكز إيواء.
مقتل سبعة مدنيين وأربعة مقاتلين بانفجار في عفرين
بيروت، القامشلي (سورية)، اسطنبول – أ ف ب، رويترز
انفجرت قنبلة في مبنى مؤلف من أربعة طوابق في مدينة عفرين بشمال غربي سورية، ما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين، وأربعة من مقاتلي الجيش السوري الحر أثناء الليل، وفق ما أفادت وكالة الأناضول التركية اليوم (الاثنين).
وأضافت أن القنبلة، التي أشارت إلى أن «إرهابيين» زرعوها، «انفجرت أثناء عملية تفتيش يجريها مقاتلو المعارضة السورية في أعقاب دخول المدينة مع القوات التركية أمس»، معلنين السيطرة بالكامل عليها، بعد حملة دامت ثمانية أسابيع لطرد مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردية».
وذكرت الوكالة أن «القنبلة تسببت في حفرة عمقها أربعة أمتار، وألحقت أضرارا بمبان ومركبات حولها».
وقال ناطق باسم مقاتلي الجيش السوري الحر أمس، إنهم «دخلوا مدينة عفرين قبل بزوغ الفجر بقليل من دون مواجهة أي مقاومة».
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن «بعض مقاتلي وحدات حماية الشعب عارضوا أوامر لهم بالانسحاب، لكن القوات التركية تسيطر على المنطقة».
وكانت الإدارة الذاتية الكردية لعفرين أعلنت أمس عزمها القتال وضرب القوات التركية حتى استعادة كافة المنطقة، بعد ساعات على سيطرة تركيا والفصائل السورية الموالية لها على مدينة عفرين.
وقالت الإدارة الذاتية في بيان، إن «حربنا ضد الاحتلال التركي والقوى التكفيرية المسماة بالجيش الحر دخلت مرحلة جديدة. وهو الانتقال من حرب المواجهة المباشرة إلى تكتيك الكر والفر».
وأضافت «قواتنا تتواجد في كل مكان من جغرافيا عفرين، وستقوم القوات بضرب مواقع العدوان التركي ومرتزقته في كل فرصة»، موضحة «ستتحول قواتنا في كل منطقة من عفرين إلى كابوس مستمر بالنسبة لهم».
واكدت ان «المقاومة في عفرين ستستمر إلى أن يتم تحرير كل شبر من عفرين».
وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها أمس، على كامل مدينة عفرين في شمال سورية، في اطار حملة عسكرية مستمرة منذ حوالى شهرين ضد المقاتلين الأكراد.
وشاهد مراسلا في عفرين صباح أمس، مقاتلين من الفصائل الموالية لأنقرة وجنوداً أتراك ينتشرون في أحياء المدينة، ويجرون عمليات تمشيط. ووقفت دبابتان للقوات التركية أمام مبنى رسمي، فيما أطلق مقاتلون النار في الهواء ابتهاجاً.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن أن القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها دخلت مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سورية وسيطرت على أحياء منها، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أرودغان أنه تمت السيطرة على مركز المدينة.
وقال أردوغان إن «وحدات من الجيش السوري الحر مدعومة من القوات المسلحة التركية سيطرت على مركز مدينة عفرين بالكامل هذا الصباح»، مشيراً إلى أن «عمليات نزع الألغام لا تزال مستمرة».
وأكد الجيش التركي في بيان منفصل أن مركز مدينة عفرين بات «تحت السيطرة». وأضاف أن «عمليات البحث عن الألغام وغيرها من المتفجرات مستمرة».
وأفاد أحد سكان عفرين لـ «فرانس برس» بغياب الاشتباكات وانتشار لعناصر الفصائل السورية في وسط المدينة، متحدثاً عن «انسحاب» المقاتلين الأكراد منها.
وكانت الفصائل السورية الموالية لأنقرة أعلنت في بيان صباح اليوم «توغلها داخل مدينة عفرين من المحورين الشرقي والغربي» والسيطرة على حيي الأشرفية والجميلية.
وقال الناطق باسم «الجيش السوري الحر» محمد الحمدين إن «مقاتلي الجيش السوري الحر دخلوا عفرين قبل قليل من بزوغ فجر اليوم من الشمال والشرق والغرب ولم يواجهوا أي مقاومة»، مشيراً إلى «انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية». وأضاف أن «مقاتلي الجيش الحر يمشطون الشوارع والمنازل».
وذكر المرصد أن أكثر من 1500 مقاتل كردي لقوا حتفهم منذ بدء الهجوم التركي على منطقة عفرين في 20 كانون الثاني (يناير) في
ووثق المرصد في المقابل مقتل أكثر من 400 عنصر من الفصائل السورية الموالية لأنقرة. كما أعلن الجيش التركي حتى الآن عن مقتل 46 من جنوده.
وكان اردوغان قال في خطاب ألقاه لمناسبة إحياء ذكرى معركة الدردنيل البحرية التي وقعت في الحرب العالمية الأولى: «الآن، سيُرفع العلم التركي هناك! وسيُرفع علم الجيش السوري الحر».
ودفع تقدم القوات الموالية إلى تركيا أكثر من 200 ألف مدني إلى الفرار من المدينة في غضون أقل من ثلاثة أيام، بحسب المرصد.
وتقول أنقرة إن الوحدات هي امتداد لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي يشن تمرداً في جنوب شرقي تركيا منذ الثمانينات.
وقال مسؤول كردي كبير والمرصد السوري لحقوق الإنسان أمس إن أكثر من 150 ألف شخص نزحوا عن المدينة خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن التقدم السريع للقوات التركية جاء «نتيجة القصف المكثف المستمر منذ أيام».
المعارضة في الغوطة تدرس وقف إطلاق النار برعاية دولية
بيروت – رويترز
أفادت جماعة «فيلق الرحمن» السورية المعارضة في المنطقة الجنوبية من الغوطة الشرقية اليوم (الأحد)، بأنها تتفاوض مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
وقال المتحدث باسم الجماعة وائل علوان، من مقره في اسطنبول في تسجيل صوتي: «نقوم بترتيب مفاوضات جادة لضمان سلامة المدنيين وحمايتهم».
وأضاف «أهم النقاط التي يجري تأكيدها والتفاوض على إجراءاتها هي وقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات للمدنيين، وإخراج الحالات المرضية والمصابين، لتلقي العلاج خارج الغوطة بضمانات أممية». وذكر أن موضوع «الخروج من الغوطة غير مطروح على الطاولة».
ونقل التلفزيون السوري عن مراسله إن الجيش السوري أمهل مقاتلي المعارضة في حرستا بالغوطة الشرقية حتى الثالثة عصر اليوم للانسحاب.
وتم إجلاء عدد من المرضى الذين تتطلب حالاتهم علاجاً عاجلاً من الجيب الشمالي، ودخلت بعض المساعدات، لكن لم يحدث بعد في الجيب الجنوبي.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان الخميس الماضي إن «20 ألف شخص على الأقل غادروا الغوطة الشرقية خلال الأسبوع الماضي، غالبيتهم من الجيب الجنوبي عبر مدينة حمورية».
وأضاف «المواد الغذائية محدودة وتواترت تقارير عن أن حصة الخبز المفترض أن تستهلك في يوم واحد تستهلك خلال ما بين أسبوع وعشرة أيام»، وأشار إلى تزايد مخاطر انتقال الأمراض المعدية، بسبب تدهور وضع الصرف الصحي.
“ليبراسيون” الفرنسية: الاغتصاب سلاح دولة للنظام السوري
باريس ـ “القدس العربي”- آدم جـــــابر
بمناسبة مرور سبعة أعوام على اندلاع الثورة السورية، التي تحولت إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، نشرت صحيفة’’ ليبراسيون’’ الفرنسية تحقيقا مفصلا حول انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها النظام السوري على معارضيه، منذ عام 2011، في مقدمتها الاغتصاب، حيث تحول جسد المرأة كسلاح حرب ضد المعارضين، تماما كما كان الحال إبان نزاعات وحروب خلت.
وتصدر العنوان التالي عدد’’ ليبراسيون’’ الصادر اليوم: ’’الاغتصاب في سوريا، سلاح دولة’’، في إشارة إلى أن النظام السوري يستخدم ’’ الاغتصاب والتحرش الجنسيين’’ كسلاح حرب لإخضاع وترهيب معارضيه، وذلك حسب ما كشف مسؤولون وعملاء سابقون لدى النظام للصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن ملازم سابق منشق عن الجيش السوري، كشفه عن قيام أفراد من قوات الأمن السورية بالاعتداء الجنسي على نساء معارضات أو أقارب لمعارضين، مشيرا إلى أن ظابطا في المخابرات العسكرية السورية قال له ذات يوم: ’’هؤلاء الناس يجب أن يقتلوا.. يجب أن نغتصب النساء.. يجب أن نفعل كل شيء لإيقافهم’’، وذلك عبر استراتيجية، تقوم على إذلال ومعاقبة، ولكن أيضا إرهاب السوريات، ومن خلالهن السوريين الذين تجرأوا على التمرد ضد نظام بشار الأسد.
وتابعت ’’ ليبراسيون’’ انطلاقا من مجموعة شهادات، أن حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي هذه سمحت للنظام السوري بالوصول في بعض الحالات إلى أهدافه السياسية، وذلك عبر تخويف بعض الناس، وبالتالي توقفهم عن الذهاب إلى المظاهرات، والتخلي عن الثورة.
نحو 8 آلاف مغتصبة
كما أوضحت الصحيفة الفرنسية أن عشرات الشهادات المتطابقة للضحايا تشير إلى أن قوات بشار الأسد قد اغتصبت النساء، وكذلك الرجال، في جميع المحافظات تقريباً طوال النزاع السوري الذي يدخل عامه الثامن. فوفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن 7700 إمرأة قد وقعن ضحية للاغتصاب والعنف الجنسي أو المضايقات من قبل القوات الموالية للنظام، بما في ذلك أكثر من 800 حالة في السجون.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا المدعومة من الأمم المتحدة، يوم 14 من الشهر الحالي، قد كشف أن القوات الموالية للنظام السوري اعتقلت آلاف النساء والفتيات، في الفترة ما بين عامي 2011 ونهاية عام 2017، وهي الفترة التي غطاها التقرير، الذي اتهمها أيضا باستخدام الاغتصاب والعنف الجنسي ضد المدنيين على شكل ’’ منهجي موسع يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية:. لكن التقرير اتهم في المقابل بعض فصائل المعارضة بارتكاب فظائع مماثلة وإن كانت بمعدلات أقل بكثير. كما أنه وثق حوادث عنف جنسي ضد الرجال أيضا في بعض الحالات.
وعلى نفس المنوال، كانت صحيفة إندبندنت” البريطانية تحدثت أيضا، في تحقيق نشرته، منتصف أغسطس / آب 2017، عن مجموعة شهادات وثقتها و وصفتها بالمرعبة لسجينات سابقات لدى النظام السوري، تقول إحداهن إنها تعرضت للاغتصاب من خمسة جنود، خلال فترة استجوابها .
حبوب الإجهاض و تصوير عمليات الاغتصاب
صحيفة ’’ ليبراسيون’’ كشفت أيضا أن حراس سجون النظام السوري كانوا يوزعون حبوبا للإجهاض على بعض السجينات، داخل أربعة مراكز احتجاز على الأقل في أنحاء البلاد في الفترة 2012-2013، وفقا لعدة شهادات، بينما وجدت بعض النساء المغتصبات اللائي لم تأخذن حبوب منع العمل أنفسهن حوامل، على غرار مايا ، التي اغتصبت ثلاث مرات ثم نُقلت في نهاية الأمر إلى مستشفى المزة العسكري، بعد نزيف مهبلي شديد.
وكان تلفزيون ’’ فرانس2’’ الفرنسي، قد بثّ، في منتصف ديسمبر / كانون الأول 2017، تحقيقا صحفيا أعدته آنيك كوجان، الصحافية بجريدة ’’ لوموند’’ الفرنسية، تحت عنوان: ’’ سوريا… الصرخة المكتومة’’، اعتمدت فيه على مجموعة شهادات، أدلت بها، لأول مرة، لاجئات سوريات في تركيا والأردن، بعد أن نجين من جحيم سجون نظام بشار الأسد. إذ أكدت إحداهن أن النظام السوري كان عندما يشتبه في أن شخصا انضم إلى المعارضة المسلحة، يسارع إلى اعتقال زوجته أو بناته، على أن يقوم الأفراد الموالون له باغتصابهن، من أجل تحطيم أزواجهن أو آبائهن، وذلك عبر إرسال إليهم فيديوهات لعمليات اغتصاب نساءهم أو بناتهم.
المعارضة السورية تسعى لاتفاقيات لحماية المدنيين… والأسد في الغوطة بعد تدميرها وتهجير أهلها
الجيشان التركي و«الحرّ» يسيطران على عفرين ويطردان «الوحدات» الكردية
عواصم ـ «القدس العربي» ـ من هبة محمد وإسماعيل جمال ووكالات: مع تسارع توغل قوات النظام وحلفائها في عمق ريف دمشق المحاصر، وارتكابهم مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 1500 مدني، بينهم عائلات بأكملها منذ بدء الحملة التي مكّنت القوات المهاجمة من السيطرة على مساحات واسعة من المنطقة الجنوبية للغوطة الشرقية، وصولاً الى مدينتي سقبا وحمورية اللتين شهدتا أفظع المجازر بحق مدنييهما، تسعى قيادات المعارضة السورية المسلحة إلى إبرام اتفاقيات عاجلة تضمن حماية المدنيين في المناطق التي تزحف إليها ميليشيات النظام المحلية والأجنبية، حيث أعلن «فيلق الرحمن» أمس الأحد خوضه مفاوضات مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في المنطقة التي يبسط سيطرته عليها، والسماح بدخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
تزامناً دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمم المتحدة إلى نشر مراقبين دوليين فوراً في الغوطة الشرقية لدمشق، في حال استخدمت روسيا مجدداً حق النقض (فيتو) لعرقلة قرارات مجلس الأمن بشأن وقف «الإعدامات الانتقامية» في الغوطة الشرقية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم «فيلق الرحمن»، وائل علوان، عبر حسابه الرسمي، تواصل قيادة الفيلق مع الأمم المتحدة من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن أبرز نقاط المباحثات مع وفد من الأمم المتحدة كان لحثها على ضرورة القيام بواجبها في حماية المدنيين، ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين بضمانة أممية، مؤكداً ان ما يجري الآن هو «ترتيبات لمفاوضات جادة تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم».
وزار رئيس النظام السوري بشار الأسد أمس الأحد جنودا سوريين على الخطوط الأمامية في الغوطة بعد تدميرها وتهجير سكانها. فيما تحضر قوات النظام ميليشياتها لاقتحام مدينة حرستا بعد أن عزلتها عن كل من قسمي الغوطة «الشمالي» المتمثل بمدينة دوما، و«الجنوبي» الذي يعرف باسم القطاع الأوسط، ويضم نحو 17 بلدة، حيث نقل التلفزيون الرسمي أن قوات النظام أمهلت مقاتلي المعارضة في حرستا في الغوطة الشرقية بالانسحاب منها. وذكرت أن رئيس النظام بشار الأسد زار مناطق داخل الغوطة الشرقية.
وأمام هذا التقدم، يتخوف أهالي منطقة ريف دمشق الجنوبي من مصير مشابه او أشد فتكاً، بعد محاولة روسية تشير إلى نية ضمنية إلى ضرب المنطقة بأسلحة محرمة دولياً، في سيناريوهات تتطابق مع سابقاتها، قبل ضرب أي منطقة تهدف القوات المشتركة السيطرة عليها، ويعود ذلك الى زعم رئيس هيئة العمليات التابعة لأركان القوات المسلحة الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، في تصريحات له، أن قوات المعارضة الموجودين جنوبي البلاد حصلوا على مواد كيميائية لتصنيع السلاح، تحت غطاء حمولات من المساعدات الإنسانية، مضيفا «أن واشنطن دربت مسلحين في سوريا لتنفيذ استفزازات باستخدام أسلحة كيميائية، وأن المسلحين لم يتوقفوا عن محاولاتهم الاستفزازية تلك».
وكانت قوات النظام السوري سيطرت الأحد على بلدتي كفر بطنا وجسرين، كما بسطت سيطرتها على مدينة سقبا عقب انسحاب مقاتلي «فيلق الرحمن» منها، كما واصلت المقاتلات الحربية الروسية والسورية ارتكاب المجازر، حيث سقط المئات من القتلى والجرحى، وقضى أمس الأحد أكثر من 40 مدنياً في بلدتي زملكا وعين ترما جراء غارات جوية وقصف عنيف باستخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً، فيما كانت قد انتهت إحصائية يوم السبت بمقتل 100 مدني موثقين بالاسم، حسب الدفاع المدني السورية.
ولقي أكثر من 55 عنصراً من قوات النظام مصرعهم على جبهتين منفصلتين في الغوطة الشرقية خلال الـ24 ساعة الفائتة، حيث قتل أكثر من 5 جنود خلال مواجهات مع «جيش الإسلام» على جبهة الريحان حسب مصدر عسكري من مدينة دوما، مضيفاً ان المقاتلين أعطبوا أكثر من ثلاث دبابات خلال مواجهات عنيفة، فيما كان قد لقي نحو 50 عنصراً من قوات النظام مصرعهم، بتفجير عربة مفخخة بالقرب من بلدة جسرين في الغوطة الشرقية السبت، خلال محاولة فصائل المعارضة صدّ تقدمها.
من جهته ناقش رئيس الهيئة السورية للتفاوض، نصر الحريري، والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، في اتصال هاتفي، الوضع في الغوطة وعجز المجتمع الدولي عن حماية المدنيين، وأثر ذلك على مهمته، فيما التقى وفد هيئة التفاوض أمس الأحد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف عثيمين، في مقر المنظمة في مدينة جدة. وبحث المجتمعون الدور المرتقب لدول المنظمة في الوصول إلى حل سياسي ينهي المأساة السورية.
من ناحية أخرى دخلت القوات التركية ومسلحو المعارضة السورية المتحالفون معها مدينة عفرين شمال غربي سوريا أمس، ورفعوا أعلامهم في قلب المدينة، وأعلنوا السيطرة الكاملة عليها بعد حملة عسكرية استمرت ثمانية أسابيع لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها.
وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر إن مقاتلي المعارضة دخلوا عفرين قبل فجر أمس من ثلاث جبهات دون مقاومة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن جيوباً لمقاتلي وحدات حماية الشعب تحدت أوامر بالانسحاب، لكن القوات التركية سيطرت على المنطقة.
وتتركز التساؤلات الآن حول سيناريوهات مستقبل الوضع في المدينة عقب الانتهاء فعلياً من عملية «غصن الزيتون»، ومعرفة مصير المناطق التي ما زالت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية والمناطق المتبقية بين مركز عفرين ومناطق سيطرة النظام في نبل والزهراء، حيث يتوقع أن يتقدم الجيش التركي إلى عمق محدد سيجري الاتفاق عليه من خلال روسيا لمنع حدوث أي احتكاك أو اشتباكات بين المعارضة السورية والجيش التركي من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى.
سكان دمشق يترقبون انتهاء المعارك في الغوطة الشرقية بعدما ارهقتهم القذائف
دمشق: أمام صورة كبيرة لشابين مبتسمين، يضيء أصدقاء الشقيقين كريم ونايف قباني في إحدى ضواحي دمشق، الشموع إحياء لذكراهما بعدما قضيا جراء قذيفة أطلقتها فصائل المعارضة من الغوطة الشرقية على جرمانا.
في العاصمة وضواحيها الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، يترقب السكان الذين أرهقهم “كابوس″ القذائف بفارغ الصبر، انتهاء معارك الغوطة الشرقية، آخر معاقل مقاتلي المعارضة في ريف دمشق، في وقت يتواصل منذ اسابيع الهجوم العنيف الذي تشنه القوات الحكومية على المنطقة.
في جرمانا، يقفز رواد شحادة (28 عاماً) فوق حفرة خلفتها القذيفة التي أودت بحياة صديقه كريم، ويشير إلى جدار بعيد قائلا لوكالة فرانس برس “كل الجدران باتت مليئة بصور الشهداء، وعندما تُرفع صورة جديدة أخشى أن أنظر اليها، أخاف أن أجد أحداً أعرفه”.
ويقطن رواد في ضاحية جرمانا التي تكثفت وتيرة استهدافها من الفصائل المعارضة منذ بدء الجيش السوري هجومه لاستعادة الغوطة الشرقية قبل شهر.
ويضيف رواد الذي يعمل في ناد رياضي، “أنامُ يومياً بقلق، ولا أدري إذا ما كنتُ سأستيقظُ حيّاً أو ميتاً”.
ومنذ بدء الهجوم في 18 شباط/ فبراير، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 48 مدنياً بينهم عشرة أطفال جراء قذائف تطلقها الفصائل على دمشق وضواحيها.
في الغوطة الشرقية، تسبب القصف الجوي والمدفعي بمقتل 1420 مدنيا منذ بدء الهجوم. ومنذ سنوات، يرد مقاتلو المعارضة في ريف دمشق على القصف الذي يستهدفهم بإطلاق قذائف صاروخية على احياء في العاصمة وفي جوارها.
وترفع رؤى (30 عاماً)، العاملة في منظّمة إنسانية، صوت الموسيقى عالياً في منزلها في شرق دمشق في محاولة لتجاهل أصوات الاشتباكات على بعد مئات الأمتار. وتقول إنها قررت أيضاً عدم متابعة الصفحات الإخبارية على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هروبها من الواقع المأساوي لا يستمر طويلاً. وتقول لفرانس برس “أهرب من الحرب وتفاصيلها لكننا نعيش فيها وتلحق بي أينما ذهبت”.
وتضيف “أصوات الانفجارات طوال الليل والنهار، سائق التاكسي يستمع إلى نشرات الأخبار، الناس في الشارع تتحدّث عن القذائف، وسيارات الإسعاف تحمل الجرحى إلى المشفى المجاور على مدار الساعة”.
– “حرب مجنونة”
على غرار رؤى، تحاول زين خزام (27 عاماً) تجاهل الأخبار، لكن ذويها القاطنين في حلب يترقبون انتهاء العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية بفارغ الصبر للاطمئنان على ابنتهم.
وتروي المسعفة في منظمّة إغاثية “أصبحت أمّي تطلب منّي أن أرسل لها (نقطة) فقط على (تطبيق) واتساب كل ساعة، كي تطمئن أنني على قيد الحياة”.
أما كنانة (34 عاماً) فتتابع أخبار المعارك بشكل منتظم خوفا على ابنها الوحيد ميّار الذي لم يتجاوز عمره الأربع سنوات. وتقول لفرانس برس “أتمنّى أن تنتهي هذه الحرب المجنونة قبل أن يكبر ابني أكثر، لا أريده أن يعيش ما عشته، وليس لدي جواب إذا سألني لماذا يحصل هذا كلّه”.
وتقطن كنانة في شرق دمشق الأقرب إلى الغوطة الشرقية، وتروي “أصوات الانفجارات تختلط في منطقتنا، أستطيع تمييز صوت انفجار الهاون من انفجار المدفعيّة، أشعر أنه تنافس بين الصوتين”.
وتضيف “أتخيّل أحيانا أنه سباق، وأتمنّى لو يسبق الجيش ويُنهي حالة الهاون العشوائي”.
وبقيت دمشق طوال سنوات النزاع بمنأى نسبياً عن المعارك العنيفة والدمار الذي لحق بمدن رئيسية عدة في سوريا. الا انها تعرضت لقصف من الفصائل المعارضة أودى بحياة المئات، ولتفجيرات تبنى معظمها تنظيم الدولة الإسلامية.
– تعداد القذائف
وزار الرئيس السوري بشار الأسد قواته في الغوطة الشرقية الأحد بعد أن تقدمت وباتت تسيطر على أكثر من ثمانين في المئة من المنطقة. وتوجه لهم بالقول “أهالي دمشق أكثر من ممتنين لكم وسيذكرون هذا الأمر لعشرات السنين وربما لأولادهم، كيف أنقذتم مدينة دمشق”.
في المدينة القديمة، في حي باب توما الشهير بالمقاهي والمطاعم الشعبية والبيوت الدمشقية القديمة، ألغت مطاعم عدة برامجها الترفيهية بسبب نقص الزبائن.
في حي باب شرقي القريبة، يعد ملحم ملحم، صاحب أحد المقاهي عدد القذائف التي سقطت في محيط محله خلال السنوات الماضية، ويقول “وصلت إلى 25″.
ويخشى ملحم (38 عاماً) أن تسقط القذيفة التالية في محلّه. ويقول بحسرة “تحولت منطقة باب شرقي من مكان للسهر والحياة إلى مكان ينام الناس فيه باكراً”.
ويشير ملحم من نافذة محلّه العلويّة إلى جهة الشرق، قائلا “هناك (تقع) بلدة عين ترما. عندما يسيطر عليها الجيش، سيتوقّف سقوط قذائف الهاون علينا”. ثم يضيف “على ذاك الطرف حي جوبر، يُطلقون القذائف من هناك أيضاً”.
وتتصاعد سحب الدخان من جوبر وعين ترما ويمكن رؤية الطائرات الحربية بوضوح وهي تقصف المنطقة.
ويتجمّع العاملون في المقهى الذي بات شبه خال من الزبائن، يوميا لمتابعة نشرة الأخبار.
ويقول ملحم الذي يضع على رأسه قبعة صغيرة “أغلقت الكثير من المحلات أبوابها، بعدما هرب الزبائن خوفا من القذائف، لكنني سأصبر ريثما تنتهي عمليات الجيش، حينها سيعود كلّ شيء إلى ما كان عليه”.(أ ف ب)
سيناريوهات مستقبلية للوضع في عفرين عقب انتهاء «غصن الزيتون»
مع دخول القوات التركية و«السوري الحر» إلى مركز المدينة
إسماعيل جمال
إسطنبول – «القدس العربي» : مع الساعات الأولى لصباح الأحد، دخلت القوات التركية إلى جانب قوات الجيش السوري الحر إلى مركز مدينة عفرين دون مقاومة كبيرة من قبل وحدات حماية الشعب التي كانت تسيطر على المدينة. وعلى الرغم من أن هذا التطور لا يعني إتمام السيطرة الكاملة على عفرين، إلا أن جميع التساؤلات باتت تتركز الآن حول سيناريوهات مستقبل الوضع في المدينة عقب الانتهاء فعلياً من عملية «غصن الزيتون».
عملياً، لا يمكن الحديث عن انتهاء عملية «غصن الزيتون» التي انطلقت قبل نحو شهرين، قبل معرفة مصير المناطق التي ما زالت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية داخل حدود عفرين، والتي باتت تنقسم إلى شقين، شق داخلي محاصر في ريف عفرين، والشق الآخر على الطرف المقابل في المناطق المتبقية بين مركز عفرين ومناطق سيطرة النظام في نبل والزهراء.
سقوط متوقع
الشق الأول المحاصر في المناطق الداخلية لعفرين يتوقع سقوطه بشكل كامل في يد القوات التركية خلال الساعات أو الأيام المقبلة على أبعد تقدير، لا سيما كون هذه المناطق محاصرة بشكل تام من جميع الجهات وفي ظل انعدام إمكانية الدعم العسكري من الخارج وتراجع الروح المعنوية لدى المقاتلين هناك، وبالفعل سقطت آخر بلدة في عفرين «معبطلي» دون مقاومة كبيرة في هذه المناطق.
في المقابل، تبدو المعادلة أعقد في المناطق المتبقية على الجهة الأخرى، فهذه المناطق تقع ما بين مناطق سيطرة الجيش التركي في مركز عفرين، ومناطق سيطرة النظام السوري في نبل الزهراء، حيث يتوقع أن يتقدم الجيش التركي إلى عمق محدد سيجري الاتفاق عليه من خلال روسيا لمنع حدوث أي احتكاك أو اشتباكات بين المعارضة السورية والجيش التركي من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى.
ويتوقع أن يتم تحديد خط يفصل بين القوات سينتشر فيه الجيش التركي باعتباره امتداداً لنقاط المراقبة التي يقيمها الجيش التركي بموجب اتفاق مناطق عدم الاشتباك الذي جرى في أستانة، وعلى الأغلب تطرق وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران إلى هذه التفاصيل في اجتماع أستانة الأخير، ويبقى الوضع مبهماً حول المناطق ذات الأغلبية العربية كـ»منغ» و»تل رفعت» وهل ستكون ضمن مناطق سيطرة الجيش التركي والمعارضة، أم أنها ستكون ضمن مناطق نفوذ النظام الذي ربما يتقدم قليلاً من نبل والزهراء للسيطرة على بعض المناطق التي ما زالت تسيطر عليها الوحدات الكردية.
وفي الوقت الذي يخشى فيه البعض أن تلجأ تركيا إلى تسليم مدينة عفرين إلى النظام السوري عقب انتهاء عملية «غصن الزيتون»، فإن هذا الخيار لا يبدو منطقياً أو مطروحاً بتاتاً داخل الأروقة السياسية والعسكرية التركية، إلا عندما يجري الحديث عن حل شامل ونهائي للأزمة السورية وانسحاب جميع القوات الأجنبية.
إتمام السيطرة
وفي المرحلة الأولى، سوف يركز الجيش التركي على إتمام السيطرة على باقي المناطق ورسم حدود عفرين مع مناطق النظام، على أن تبدأ بالتوازي بتأمين المدينة من الداخل من خلال اكتشاف شبكات الأنفاق الممتدة على طول عشرات الكيلومترات تحت أراضيها ومن ثم تفكيك العبوات الناسفة والألغام وغيرها.
وعقب ذلك، سوف تعمل هيئات مدنية تركية ربما تكون تابعة لبلدتي هاتاي وكيلس التركيتين على إزالة آثار المعارك والدمار الذي لا يعتبر كبيراً مقارنة بالمعارك الأخرى التي شهدتها مدن سورية مختلفة، حيث ستسعى أنقرة لسرعة إظهار عودة الحياة بشكل طبيعي إلى عفرين.
وكما فعلت في مناطق «درع الفرات»، سوف تسارع جميع الوزارات التركية المعنية من أجل تقديم الخدمات الإنسانية والأساسية للسكان لا سيما في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، إلى جانب السماح مباشرة بعودة جميع سكان المدينة الذين اضطروا للخروج منها بفعل المعارك هناك.
وبالتوازي مع ذلك سوف تسهل تركيا عودة اللاجئين في تركيا والذين تعود أصولهم لمدينة عفرين، وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن عددهم يبلغ 300 ألف لاجئ يعيشون في تركيا، حيث تسعى تركيا من خلال هذه الأمور الإثبات للعالم أن عملياتها في شمالي سوريا تهدف لفرض الاستقرار وتسهيل عودة اللاجئين إلى منازلهم.
وستلجأ تركيا إلى تشكيل قوات شرطة على غرار ما فعلت في جرابلس والباب سميت «الشرطة الحرة»، لتعزيز الأمن في هذه المناطق، في حين تتوقع مصادر إمكانية تشكيل مجلس إدارة محلي تشارك فيه شخصيات كردية معارضة لتنظيم وحدات حماية الشعب الذي تعتبره أنقرة تنظيماً إرهابياً.
المعارضة السورية تطالب بحماية المدنيين وقوات النظام تتوغل في الغوطة الشرقية
أهاليها يدفعون الثمن قتلاً ونزوحاً جماعياً وخوفاً على حياة أطفالهم
هبة محمد
دمشق – «القدس العربي» : مع تسارع توغل قوات النظام وحلفائها في عمق ريف دمشق المحاصر، وارتكابهم مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 1500 مدني بينهم عائلات كاملة منذ بدء الحملة التي مكّنت القوات المهاجمة من السيطرة على مساحات واسعة من المنطقة الجنوبية للغوطة الشرقية، وصولاً إلى مدينتي سقبا وحمورية اللتين شهدتا أفظع المجازر بحق مدنييهما، تسعى قيادات المعارضة السورية المسلحة إلى ابرام اتفاقيات عاجلة تضمن حماية المدنيين في المناطق التي تزحف اليها ميليشيات النظام المحلية والأجنبية، حيث أعلن «فيلق الرحمن» يوم الأحد خوضه مفاوضات مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في المنطقة التي يبسط سيطرته عليها والسماح بدخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
تواصل مع الأمم المتحدة
واكد المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن وائل علوان عبر حسابه الرسمي تواصل قيادة الفيلق مع الأمم المتحدة من اجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف اطلاق النار، مشيراً إلى ان أبرز نقاط المباحثات مع وفد من الأمم المتحدة كان لحثها على ضرورة القيام بواجبها في حماية المدنيين ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين بضمانة أممية، مؤكداً ان ما يجري الآن هو «ترتيبات لمفاوضات جادة تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم».
يجري ذلك في وقت تحضر قوات النظام ميليشياتها لاقتحام مدينة حرستا بعد ان عزلتها عن كل من قسمي الغوطة «الشمالي» المتمثل بمدينة دوما، و»الجنوبي» الذي يعرف باسم القطاع الأوسط ويضم نحو 17 بلدة، حيث نقل التلفزيون الرسمي ان قوات النظام أمهلت مقاتلي المعارضة في حرستا بالغوطة الشرقية للانسحاب منها.
وامام هذا التقدم، يتخوف أهالي منطقة ريف دمشق الجنوبي من مصير مشابه او أشد فتكاً، بعد محاولة روسية تشير إلى نية ضمنية بضرب المنطقة بأسلحة محرمة دولياً، في سيناريوهات تتطابق مع سابقاتها، قبل ضرب أي منطقة تهدف القوات المشتركة السيطرة عليها، ويعود ذلك إلى زعم رئيس هيئة العمليات التابعة لأركان القوات المسلحة الروسية، الفريق أول «سيرغي رودسكوي» في تصريحات له، ان قوات المعارضة الموجودين جنوبي البلاد حصلوا على مواد كيميائية لتصنيع السلاح، تحت غطاء حمولات من المساعدات الإنسانية، مضيفًا «أن واشنطن دربت مسلحين في سوريا لتنفيذ استفزازات باستخدام أسلحة كيميائية، وأن المسلحين لم يتوقفوا عن محاولاتهم الاستفزازية تلك».
وجاءت تصريحات وزارة الدفاع الروسية في اعقاب تهديدات واشنطن بتوجيه ضربات ضد النظام السوري انطلاقًا من اساطيلها البحرية من الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، وذلك باستخدام الصواريخ المجنحة.
توغل ومأساة إنسانية
سيطرت قوات النظام السوري الأحد، على بلدتي كفر بطنا وجسرين كما بسطت سيطرتها على مدينة سقبا عقب انسحاب مقاتلي «فيلق الرحمن» منها، فيما سارع وفد من وجهاء المناطق المجاورة للتوسط لدى النظام السوري للسماح للمدنيين بالبقاء ضمن مدينتهم، حيث تلقى الأهالي رسائل تفيد بأن قوات النظام «ستؤمنهم» دون معرفة مصيرهم منذ ذلك الحين، اتى ذلك عقب تمكن القوات المهاجمة ليلة يوم الاحد من السيطرة على أكثر من 80 بالمئة من مدينتي سقبا وحمورية وبلدتي كفربطنا وجسرين القريبة، فيما بثت وسائل إعلام موالية تغطية مباشرة من مدينة سقبا، عقب السيطرة عليها.
كما واصلت المقاتلات الحربية الروسية والسورية ارتكاب المجازر حيث سقط المئات من القتلى والجرحى، وقضى امس الاحد أكثر من 40 مدنياً في بلدتي زملكا وعين ترما جراء غارات جوية وقصف عنيف باستخدام القنابل العنقودية المحرمة دوليـاً، فيما كانت قد انتهت إحصائية يوم السبت بمقتل 100 مدنـي موثقـين بالاسـم حسـب الدفاع المـدني السـورية.
وذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء نقلاً عن مركز المصالحة في سوريا الذي تديره وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 20 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية عبر مدينة حمورية منذ بداية يوم الأحد وقال المركز إن أكثر من 68 ألف شخص غادروا الغوطة منذ إقامة ممرات إنسانية في المنطقة المحاصرة.
كما وثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» الأحد، مقتل 738 مدنيًا في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق بعد ثلاثة أسابع على تبني مجلس الأمن الدولي للقرار «2401» حول هدنة لمدة ثلاثين يوماً في سوريا، وذكرت «الشبكة» في بيان لها إن بين القتلى 116 طفلاً و70 امرأة نتيجة قصف روسيا وقوات النظام للمنطقة.
ولقي أكثر من 55 عنصراً من قوات النظام مصرعهم على جبهتين منفصلتين في الغوطة الشرقية خلال ال24 ساعة الفائتة، حيث قتل أكثر من 5 جنود خلال مواجهات مع جيش الإسلام على جبهة «الريحان» حسب مصدر عسكري من مدينة دوما، مضيفاً ان المقاتلين اعطبوا أكثر من ثلاث دبابات، فيما كان قد لقي نحو 50 عنصراً من قوات النظام مصرعهم، بتفجير عربة مفخخة بالقرب من بلدة جسرين في الغوطة الشرقية السبت خلال محاولة فصائل المعارضة صد تقدمها، قبيل فرض النظام سيطرته على البلدة. كما كان قد لقي مسؤول ما يعرف بالمصالحة الوطنية بسام ضفدع وعدد من عناصر قواته مصرعهم في اعقاب هجوم شنه فيلق الرحمن على مواقعهم على تخوم بلدة كفربطنا بالغوطة الشرقية التي انتزعت قوات النظام السيطرة عليها.
من جهة ثانية وثقت مصادر موالية أسماء قتلى قوات النظام والجيش الروسي في الغوطة الشرقية وحدها، منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف شهر آذار/مارس الجاري، حيث كشفت أن نحو 550 من عناصر النظام وروسيا قتلوا في الغوطة الشرقية، بينهم 39 جندياً روسياً بينهم 26 ضابطاً قتلوا بالغوطة، ويظهر ان من بين القتلى اثنين برتبة لواء، إضافة إلى أكثر من 70 يحملون رتباً عسكرية رفيعة للنظام.
قصف جوي ومدفعي متواصل للنظام السوري على الغوطة
جلال بكور
استأنفت قوات النظام السوري صباح اليوم الإثنين عمليات القصف الجوي والمدفعي على مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق، فيما ارتفعت حصيلة الضحايا جراء القصف على الغوطة أمس إلى ثلاثة عشر قتيلاً.
وقال الناشط محمد الشامي في حديث مع “العربي الجديد” إن طيران النظام السوري شن أكثر من عشر غارات بقنابل تحوي مواد حارقة وصواريخ فراغية على الأحياء السكنية في دوما وزملكا وعربين بالغوطة المحاصرة، الأمر الذي أسفر عن وقوع حرائق ودمار كبير في ممتلكات المدنيين.
وتحدث الناشط عن تعرض مدينة عين ترما لقصف من الطيران الحربي وراجمات الصواريخ والمدفعية، ما أدى إلى أضرار مادية جسيمة.
إلى ذلك، قال الدفاع المدني إنه انتشل جثث أربعة مدنيين “طفلين وامرأتين” من تحت الأنقاض في مدينة دوما لترتفع حصيلة الضحايا في المدينة إلى تسعة جراء القصف من قوات النظام مساء أمس الأحد، فيما ارتفعت في عموم الغوطة إلى ثلاثة عشر قتيلاً.
وتحدث الدفاع المدني عن إصابة متطوعين اثنين من عناصر الدفاع المدني نتيجة انهيار سقف أحد المنازل عليهما أثناء بحثهما عن عالقين تحت الأنقاض نتيجة القصف الجوي الليلي من قوات النظام على مدينة دوما.
من جانب آخر، قالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن قوات المعارضة السورية المسلحة هاجمت قوات النظام ليلاً بشكل مباغت وتمكنت من دخول بلدة مسرابا الفاصلة بين دوما وبقية بلدات الغوطة.
وأشارت المصادر إلى أن قوات النظام جلبت تعزيزات عسكرية بهدف استعادة المواقع التي تقدمت إليها المعارضة، مضيفة أن المعارك مستمرة هناك.
وجاء ذلك وفق المصادر، عقب زيارة قام بها رئيس النظام السوري، في محيط الغوطة الشرقية، في محاولة منه لإظهار انتصاره في معركة الغوطة.
وكان “فيلق الرحمن” المعارض قد أعلن أمس عن وجود تفاوض مع الأمم المتحدة من أجل وقف إطلاق النار ودخول المساعدات إلى القطاع الذي يسيطر عليه في الغوطة وإجلاء المرضى والجرحى.
وشهدت الأيام الأخيرة مفاوضات مماثلة بين الأمم المتحدة و”جيش الإسلام” تم على إثرها إدخال قافلتي مساعدات إنسانية وإجلاء مرضى وجرحى.
قتلى من القوات الروسية بينهم ضُبّاط
وتناقل ناشطون موالون للنظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي لائحة تضم أسماء مئات القتلى بينهم أربعون من القوات الروسية، قالوا إنهم قتلوا خلال المعارك في الغوطة الشرقية منذ بداية العام الحالي وحتى منتصف مارس/ آذار الجاري.
وبحسب اللائحة المنشورة فقد قُتل أربعون من ضباط وصف ضباط وعناصر القوات الروسية على الأقل في محيط الغوطة الشرقية من بينهم اثنان برتبة لواء، وعميد واحد، وأربعة برتبة عقيد، وخمسة برتبة رائد وثمانية برتبة نقيب وخمسة برتبة ملازم، و15 عنصرا.
وجاءت العناصر الروسية ضمن قائمة مؤلفة من 545 اسما من أسماء عناصر وضباط القوات التي تشارك في عمليات اقتحام الغوطة الشرقية.
ويشار إلى أن المعارضة السورية أعلنت أخيرا عن مقتل وجرح العشرات من قوات النظام السوري التي تحاول اقتحام مواقعها في الغوطة الشرقية.
وقاحة القاتل: بشار الأسد مبتسماً فوق ركام الغوطة
جلال بكور
كشفت وسائل إعلام النظام السوري، مساء أمس الأحد، عن زيارة قام بها رئيس النظام، بشار الأسد، إلى قواته التي تقوم باقتحام الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق.
ولاقت تلك الزيارة انتقادات من قبل الناشطين السوريين المعارضين الذين وصفوها بزيارة استعراض النصر من قبل “السفاح” و”المجرم” للغوطة، بعد أن دمرها فوق رؤوس أهلها وقتلهم وحاصرهم لخمس سنوات، وهجّرهم.
وعلّق أنس عيسى على فيسبوك: “المجرم بشار الأسد دخل إلى أطراف الغوطة الشرقية، بعد أن دمّرها فوق رؤوس أهلها وحاصرها لخمس سنوات، ليتفاخر أمام شبيحته أنه حررها!”.
وانتقد الصحافي عدنان علي تلك الزيارة بقوله: “المواطن بشار الأسد ينقل إليكم أخبار الغوطة الشرقية”.
وبدوره، سخر ضرار خطيب: “يقول بشار الأسد: في كل حرب هنالك مدنيون يدفعون الثمن أحيانا عن طريق الخطأ… ونحن نأسف لذلك. لا تكن مثل بشار الأسد”.
وكتب عمر مدنية: “السفاح بشار الأسد يظهر أثناء قيادته لسيارة وهو يتكلم ويقول إنه يريد أن يحافظ على حياة المدنيين في الغوطة الشرقية… لم أر أوقح من هكذا مجرم سفاح”.
ويشار إلى أن زيارة رئيس النظام السوري إلى الغوطة الشرقية لم تلقَ صدى أو ردود فعل على مستوى واسع لدى الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعكس الزيارات التي قام بها سابقاً إلى داريا والقابون.
من جانبه، تغنّى الناشطون الموالون للنظام السوري بالزيارة، كما تغنّت وسائل إعلام موالية ومؤيدة بتلك الزيارة، والتي وُصفت من قبلهم بزيارة “الرجل الشجاع”.
ونشر التلفزيون الرسمي السوري على صفحته في فيسبوك، صوراً للأسد مع مقاتلي جيش النظام في الغوطة. من جانبها، نشرت صفحة “رئاسة الجمهورية العربية السورية” على “فيسبوك” ثمانية مقاطع تُظهر الأسد يقود سيارة قالت إنه في طريقه إلى الغوطة الشرقية.
من جانبها، قالت قناة حماميم العسكرية الروسية في سورية، على فيسبوك، إن القوات الجوية والفضائية الروسية أمّنت زيارة الأسد إلى الغوطة.
ويشار إلى أن أول زيارة قام بها بشار الأسد إلى مناطق سيطرت عليها قواته بعد عملية عسكرية أسفرت عن تدمير منازل المدنيين، وقتل وتهجير سكانها، كانت في حي بابا عمرو في مدينة حمص، نهاية مارس/آذار عام 2012.
السيطرة على عفرين تخفض أسعار المحروقات شمال سورية
إسطنبول – عدنان عبد الرزاق
أكدت مصادر محلية في محافظة إدلب، هبوط أسعار مادتي المازوت والغاز المنزلي، اليوم الإثنين، بنحو 50% في شمال غربي سورية المحرر (إدلب وريف حلب) فور فتح الطريق الذي كانت تسيطر عليه المليشيات الكردية ودخول الجيش السوري الحُر منطقة عفرين، أمس الأحد، مدعوماً بالقوات التركية.
ويقول عامل الإغاثة محمود عبدالرحمن: “شهدت أسعار المحروقات ارتفاعاً كبيراً خلال معارك عفرين، حيث ارتفع سعر برميل المازوت من نحو 30 ألف ليرة سورية إلى أكثر من 120 ألف ليرة الأسبوع الفائت، قبل أن يتراجع السعر تدريجاً بالتوازي مع أخبار المعارك، ليبلغ 97 ألف ليرة، أمس الأحد، و50 ألف ليرة، اليوم الإثنين”.
وحول أسعار مادة الغاز المنزلي، يضيف عبدالرحمن لـ”العربي الجديد”: “تراجع سعر أسطوانة الغاز من 15 ألف ليرة، أول من أمس، إلى 9 آلاف ليرة، أمس الأحد، لتباع اليوم بنحو 7 آلاف ليرة”، ولفت إلى أن المجالس المحلية لم ترفع الأسعار خلال فترة المعارك، إذ أبقت على سعر الأسطوانة على 7 آلاف ليرة، لكن لم يعد يصلنا غاز بسبب قطع الطريق واحتكار التجار ورفع السعر في الأسواق”.
وبدأت المحروقات تتوافر تدريجاً في شمال غرب سورية المحرر، بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء أمس الأحد، سيطرة القوات المشاركة في عملية “غصن الزيتون” بالكامل على مركز مدينة عفرين في ريف محافظة حلب، شمال سورية، مشددا على أن قوات بلاده لم تتجه إلى عفرين بهدف الاحتلال، وإنما للقضاء على المجموعات الإرهابية.
ومنذ 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، يستهدف الجيشان التركي و”السوري الحر”، ضمن عملية “غصن الزيتون”، المواقع العسكرية للمليشيات الكردية.
ويؤكد بائع المحروقات من مدينة سرمين بريف إدلب، عصام عبدو، أن سوق المحروقات تعيش تخبطاً وإضرابات عن البيع اليوم، نتيجة الخسائر الكبيرة التي أصابت التجار، بعد دخول قافلة سيارات تحمل المازوت، مساء أمس الأحد، وتوقعات بوصول شحنات جديدة اليوم.
وأشار عبدو خلال اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إلى أن الأسعار في طريقها إلى مزيد من الانخفاض، نتيجة قلة الطلب بعد انقضاء فصل المطر وبدء توافر السلعة في الأسواق، لافتاً إلى أن للمازوت أسعارا مختلفة بحسب نوعه.
وقال: “كنا أمس نبيع مازوت رميلان الأصفر بنحو 97 ألف ليرة للبرميل، ومازوت رميلان القاتم بنحو 85 ألف ليرة، ومازوت زيت أصفر 91 ألف ليرة، والأوروبي 94 ألف ليرة، والنظامي 100 ألف ليرة”، مشيرا إلى أن “أسعار البنزين اقتربت من سعر المازوت خلال الفترة السابقة، إذ وصل سعر برميل البنزين النظامي الأوروبي إلى 103 آلاف ليرة والبنزين النظامي السوري إلى 105 آلاف ليرة للبرميل”.
وحول إمدادات البائعين بالمحروقات، يضيف عبدو: “كانت سيارات التجار تزودنا بالمحروقات واصلة إلى محالنا، ويتركون لنا هامش ربح، وكانت الكميات تتناقص والأسعار ترتفع كلما تقدمت المعارك المندلعة في عفرين منذ نحو شهرين”.
وعن كيفية تحديد الأسعار المتقلبة يوميا، أفاد بائع المحروقات بأن هناك نشرة يومية تصدر الساعة الحادية عشرة صباحاً عن مجموعة “أسعار المحروقات في الشمال السوري”، وإن حدث أي تعديل أو طارئ يتم التواصل في ما بيننا عبر”الموبايل” إذ توجد مجموعة “واتساب” لبائعي وتجار المحروقات في الشمال.
وتوقع بائع المحروقات هبوط الأسعار إلى نحو 30 ألف ليرة للبرميل، بعد سيطرة الجيش الحر على عفرين وفتح الطريق بين عفرين وأطمة، وبالتالي عودة صهاريج المازوت والبنزين إلى المناطق المحررة.
وتعاني سورية عموماً والمناطق المحررة على وجه التحديد، شحا وغلاء في المحروقات، بعد تهديم الآبار وتوزع سيطرة التنظيمات، وفي مقدّمهم “داعش” والتنظيمات الكردية، على مواقع وآبار النفط، شمال شرقي سورية، حيث تراجع إنتاج سورية من نحو 385 ألف برميل يومياً إلى نحو 10 آلاف برميل اليوم.
وبلغت خسائر قطاع النفط، بحسب مدير المؤسسة العامة للنفط علي عباس، خلال اجتماعه مع رئيس مجلس الوزراء في حكومة الأسد، الخميس الفائت، نحو 58.1 مليار دولار.
عفرين تستحضر الرقة: الاقتصاص بالصورة
نذير رضا
عفرين تستحضر الرقة: الاقتصاص بالصورة الاكراد اعتبروا اسقاط تمثال كاوة الحداد “انتهاكاً سافراً لثقافة الشعب الكردي وتاريخه”
بددت مقاطع الفيديو التي احتلت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الأحد، الاحتفالات التركية والمقاتلين الموالين لها بالدخول الى مدينة عفرين. تلك المقاطع، تحولت الى إدانة لمقاتلي عملية “غصن الزيتون” بما يتجاوز القدرة على احتوائها، بالنظر الى اقتصاصهم من الذاكرة الكردية عبر تدمير تمثال كاوا الحداد، والاقتصاص من السكان عبر “تعفيش” مقتنياتهم، وإجبار السكان على الهتاف بشعارات دينية، وهو ما يكرس المقاتلين بصورة “المحتل” بما يتخطى مزاعم “محاربة الإرهاب”.
والحال إن الحرب في عفرين، لم تنتهِ بسيطرة عسكرية تركية على المقاطعة الكردية. فقد نشبت على جانبيها حربان: الأولى اعلامية، مرتبطة بالصور والفيديوهات التي تظهر النفس “الانتقامي” لدى مقاتلي “غصن الزيتون”، وهو ما كرسه الناشطون الأكراد في المداولات الالكترونية، والثانية هي حرب الخيارات السياسية، حيث دفعت العملية أكراد الشمال الغربي السوري نحو النظام، بحسب ما ذكرت مجلة “ناشيونال انتريست”، وشتتت قواهم وبددت القدرة على تحقيق الحلم الكردي بإنشاء فيدرالية في شمال سوريا.
واذا كانت الحرب الثانية خاضعة لتجاذب اقليمي، ولن تستقر خياراتها على مشهد محدد، فإن الحرب الاولى انتصر فيها الأكراد بلا شك، رغم المقارنات الهشة بين السيطرة على الرقة بعد تدميرها، والسيطرة على عفرين بأقل قدر من التدمير.
وما زالت الرقة نقطة تجاذب اساسية في حرب الصورة بين أكراد سوريا، ومعارضيهم الموالين لتركيا. فالرقة، التي طرد منها “داعش” في معركة خاضها الاكراد والتحالف الدولي لمحاربة الارهاب، لا تزال حاضرة برمزيتها، والتعليقات التي تدين “الدمار والتهجير”، بحسب ما يقول خصوم الأكراد، فيما يستحضرها الأكراد في الرد على المقارنات، بوصف “تحرير الرقة انجازاً عجز عنه موالو تركيا”. ولعل الصورة التي رفعت فيها لزعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله اوجلان، اثر تحريرها من “داعش”، تمثل نقطة تحول في الصراع الذي أفضى أخيراً الى السيطرة على عفرين، و”الانتقام منها”، كما يقول الاكراد.
وتمثل الرقة نقطة تحول رمزي، مهمة، في الصراع السوري. هي المفصل الأول، لناحية خلع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من تمثاله فيها، اثر سيطرة “الجيش السوري الحر” عليها، ومن ثم اتخاذها من قبل “داعش” كعاصمة لدولته المنهارة، قبل أن ترفع فيها صورة أوجلان.
ما حصل في عفرين، هو الرد الاعلامي على ما حصل في الرقة. رُفِع العلم التركي على المباني الحكومية في وسط عفرين، وتم تدمير نصب شخصية رمزية كردية، بالطريقة نفسها التي ازيل فيها تمثال حافظ الاسد في الرقة. بهذا المعنى، بات خلع الزعامة عبر تدمير التمثالين من قبل جهة واحدة في المدينتين، اقتصاص بالوعي الجمعي السياسي. أما تثبيت الصورتين، علم تركيا في عفرين وصورة اوجلان في الرقة، فهو تكريس لزعامتين متناقضتين بالوعي نفسه.
ويعتبر تمثال كاوا الحداد، أحد معالم الثقافة الكردية الهامة وسط عفرين السورية، كونه شخصية محورية في أسطورة كردية عن احتفالات عيد النيروز أو السنة الكردية الجديدة. واعتبره الاكراد “انتهاكاً سافراً لثقافة الشعب الكردي وتاريخه منذ الاستيلاء على عفرين”.
وتكتمل الحرب الميديوية بضخ بصري، ثبت نظرية الاكراد باعتبار ما جرى “احتلالاً”. فصور التعفيش التي أدانها مؤيدون لـ”الجيش السوري الحر” أيضاً، تمثل ادانة بالغة لمقاتلين تم تشبيههم بقوات النظام لناحية تعفيش مناطق يدخلون اليها. وبدا المشهد على أنه اقتصاص من سكان عفرين، بسرقة ممتلكاتهم. ويُضاف الى صور أخرى، تظهر مقاتلي “غصن الزيتون” يرددون شعارات وهتافات مؤيدة لـ”الجيش السوري الحر”، يرددها بعدهم مدنيون يقفون قبالة المقاتلين.
أنقرة:عفرين ستسلّم إلى أصحابها الأصليين
قال نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاوش أوغلو، الاثنين، إن القوات التركية لن تبقى في مدينة عفرين بعد أن طردت منها “وحدات حماية الشعب” الكردية، وأشار إلى أن أنقرة ستقوم بتسليم المدينة إلى “أصحابها الحقيقيين”.
وأضاف جاوش أوغلو في تصريحات للصحافيين: “هدفنا هو تطهير عفرين من الإرهابيين، وإرساء الأمن بها، ومن ثم تسليمها إلى أصحابها الأصليين”. وكشف أن القوات التركية جمعت معظم الأسلحة التي زودت الولايات المتحدة المقاتلين الأكراد بها، بعد دخول المدينة وفرار المقاتلين الأكراد.
في غضون ذلك، طلبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوصول إلى مدنيين في عفرين، من أجل جمع شهادات حول ما حصل خلال عملية “غصن الزيتون”. وقالت اللجنة إن منظمة “الهلال الأحمر” التركي فقدت مصداقيتها بالنسبة للأكراد السوريين، ولن يتحدثوا إليها.
ونقلت وكالة “رويترز” عن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، إن “مصداقية الهلال الأحمر التركي الذي يعمل في عفرين أقرب إلى الصفر وسط السكان الأكراد”.
وأضاف أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تساعد البعض من آلاف النازحين المدنيين، الذين فروا إلى قرى قرب حلب ولكنها بحاجة للوصول بشكل منتظم إلى عفرين، حيث للمدنيين حق الحصول على مساعدات محايدة ومنصفة وحق اختيار إما المغادرة أو البقاء.
إلى ذلك، أفادت وكالة أنباء “الأناضول”، أن 7 مدنيين و4 من عناصر الجيش السوري الحر، قتلوا الاثنين، جراء انفجار مبنى فخخه المقاتلون الأكراد قبل انسحابهم من مدينة عفرين.
ووفقاً للوكالة، فإن الانفجار وقع أثناء تمشيط عناصر الجيش الحر، وتشكلت حفرة بعمق 4 أمتار في موقع الانفجار، وباتت العديد من المباني المجاورة غير صالحة للاستخدام.
من جهة ثانية، نقلت وكالة “رويترز” عن عضو الإدارة الذاتية الكردية في عفرين هيفي مصطفى قولها، إن أكثر من 200 ألف شخص فروا جراء العملية العسكرية بقيادة تركيا يعيشون بلا مأوى في مناطق قريبة ويفتقرون للغذاء والماء.
وأضافت مصطفى، إن الفارين من عفرين الذين خرجوا ومعهم سيارات، ينامون في سياراتهم، ومن لا يملكون سيارات ينامون أسفل الأشجار مع أبنائهم؛ أما المدنيون الباقون في عفرين فهم، وفق مصطفى، يواجهون تهديدات من الجماعات المدعومة من تركيا.
الصورة الإجبارية.. جريمة إضافية
ربما لا يكون إجبار طفل سوري على رفع صورة لرئيس النظام بشار الأسد، جريمة حرب بحد ذاتها، لكن السياق العام المحيط بصورة الطفل السوري الخارج من الغوطة الشرقية، وإجباره على رفع الصورة الأسدية كشرط لنيله العبور الآمن، يرتقي إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية بكل تأكيد.
الصورة المتداولة على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مخيفة في مستوى القهر البشري الممارس على مدنيي الغوطة الشرقية، بعد خمس سنوات من الحصار والقتل الممنهج بكافة أنواع الأسلحة التقليدية والمحرمة دولياً، وربما كان الطفل مجهول الهوية قد فقد والديه وعائلته وبعضاً من أصدقائه طوال السنوات الماضية، قبل أن يستكمل النظام إجرامه بحقه عبر إجباره على حمل صورة قاتل أبيه على سبيل المثال.
والحال أن المشهد يكتمل بصورة تم تعميمها بعد ساعات قليلة من التقاط الصورة المؤلمة، ويظهر فيها الأسد خلال زيارته للغوطة الشرقية، وهو يعانق طفلاً صغيراً لا يتعدى عمره بضع سنوات، على أنه أحد أطفال الغوطة الشرقية الذين “تم تحريرهم بجهود الجيش العربي السوري”، وتظهر الصورة كمية واضحة من النفور بين الأسد والطفل، فيما وصفه ناشطون سوريون بعبارة: “كلاهما كاره. كلاهما مدع. كلاهما مضطر”.
ويوصل النظام بالصورتين معاً، عدة رسائل، فمن جهة يدعي أن المدنيين في الغوطة الشرقية موالون أصلاً للنظام السوري بما في ذلك أطفالهم الخارجون “بأمان” وهم يرفعون صور “القائد” التي احتفظوا بها طوال السنوات الماضية، ومن جهة ثانية التأكيد على رسالة أكثر خطورة بأن شرط الحصول على الأمان النسبي في مناطق النظام تتضمن الولاء الكامل للنظام الأسدي ورموزه مثلما كان الحال قبل العام 2011.
من هو الجندي الروسي الواقف خلف الأسد؟
لم يكن رئيس النظام السوري وحيداً طوال الفترة التي قضاها بين جنوده في الغوطة الشرقية، الأحد، بل نظّم الزيارة المثيرة للجدل، جندي روسي أقرب لحارس شخصي تحكم بحركات الأسد وإطلالته وحمايته، على حد سواء.
وتواجد الجندي الغامض في كافة مقاطع الفيديو التي بثتها “رئاسة الجمهورية العربية السورية”، خلف الأسد، وتحرك بموازاته وهو يتحدث بكلام غير واضح متلقياً تعليمات عن بعد عبر السماعات التي يضعها على أذنيه، كما كان يتحكم بحركة الجنود المحيطين بالأسد ومنع بعضهم من الاقتراب من الأسد.
الجندي الغامض، بمظهره المختلف وزيه العسكري المميز عن بقية جنود النظام السوري والذي أكد معلقون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنه زي روسي، يؤكد مدى النفوذ الروسي الممارس على النظام السوري على أعلى المستويات، بما في ذلك تنظيم الجهود الدعائية والبروباغندا الخاصة بالأسد نفسه، مع سعي روسيا إلى تقديم صورة مختلفة لحليفها مع دخول الحرب في البلاد عامها الثامن.
الصورة المقصودة تتمحور حول مركزية الدولة السورية وقوة الحليف المحلي لموسكو في مواجهة القوة الإقليمية والعالمية التي يناصبها الكرملين العداء، بما في ذلك الولايات المتحدة والقوى الغربية، وهو ما تجلى في حديث الأسد عن تغيير موازين العالم لأن معركة الغوطة لم تكن معركة خاصة بسوريا أو بدمشق بل كانت معركة عالمية حسب وصفه.
هل طار الأسد إلى الغوطة من مطار المزة؟
رغم الادعاء الرسمي بأن الرئيس السوري بشار الأسد، قاد سيارته بنفسه، يوم الأحد، ليقطع المسافة كلها من دمشق إلى الغوطة الشرقية، حيث التقى جنود جيشه، إلا أن المقاطع الثمانية التي بثتها “رئاسة الجمهورية العربية السورية” بهذا الصدد، تنفي الرواية الرسمية، وتظهر مقدار الدعاية الساذجة الممارسة فيها.
فخلال المقطع الأول، يقود الأسد سيارته في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق، وبدلاً من التوجه شرقاً نحو العباسيين باتجاه الطريق المؤدي للغوطة الشرقية، ينعطف الأسد فجأة نحو المزة غربي العاصمة دمشق، عبر الطريق المؤدي إلى فندق الشيراتون، حيث لا طريق يمكن أن يوصل إلى الغوطة الشرقية التي باتت في الاتجاه المعاكس تماماً.
وفيما يروج النظام السوري لفكرة انتهاء الحرب والأمان الذي يستطيع به الأسد التجول بحرية، ليس في العاصمة وحدها بل في محيطها الأوسع، من دون مرافقة شخصية ومن دون حراسة ومظاهر عسكرية، إلا أن المقطع المنفصل عن سياق المقاطع السبعة الأخرى، التي تظهر الأسد وسط الغوطة الشرقية، يبين كذب تلك الرواية، ما يعطي انطباعاً بمخاوف وقلق لدى الأسد ونظامه من مخاطر أمنية مازالت موجودة بطبيعة الحال.
وعلى الأغلب، فإن الأسد اتجه غرباً حيث مطار المزة العسكري حيث انتقل جواً إلى حدود الغوطة الشرقية، لإكمال التمثيلية الدعائية وخلق الانطباع السابق الذي يستكمل نفس الدعاية الرسمية القائمة منذ انتهاء معركة حلب أواخر العام 2016، والساعية لتكريس صورة مختلفة للأسد شخصياً، كقائد أعلى للدولة المركزية التي يعيد تشكيلها، سياسياً وعسكرياً.
زيارة الأسد للغوطة تُغضب حميميم
رائد الصالحاني
ظهر الرئيس بشار الأسد، فجأة مع مجموعة من جنوده، في عمق الغوطة الشرقية، الأحد، ضمن زيارة قيل إنها للاطلاع على الواقع العسكري ضمن المناطق التي استطاعت مليشيات النظام دخولها في الأيام الماضية، بعد حملة عسكرية شرسة شنّها التحالف الروسي-الإيراني على الغوطة الشرقية.
والتقى بشار الأسد خلال زيارته، مجموعة من ضباط وعناصر “الحرس الجمهوري” في بلدة جسرين التي دخلتها تلك القوات مطلع الأسبوع، وأجرى جولة ميدانية على نقاط التماس، وزار غرفة العمليات الواقعة ضمن فيلا بالقرب من بلدة المحمدية، والتي كانت سابقاً أحد مقرات “فيلق الرحمن” العامل في القطاع الأوسط من غوطة دمشق.
وأظهرت اللقطات المصورة التي بثتها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية خروج بشار الأسد من قصره، ماراً بساحة الأمويين، بسيارة عادية، وسط حديثه طوال الطريق للكاميرا عن زيارته للغوطة، والانتصار الكبير الذي حققه جيشه، واستعادة الأمان في محيط العاصمة، مُشيراً، ولأول مرة، إلى وجود مدنيين في الغوطة الشرقية واهتمام “الدولة” بتأمين جميع ما يحتاجونه في حال خروجهم إلى مناطق سيطرتها.
وترك بشار الأسد عشرات المليشيات المقاتلة في منطقة الغوطة الشرقية، وذهب للقاء أبرز مجموعات “الحرس الجمهوري” في “الكتيبة 1421” التي كان لدها دور بارز في المهام القتالية في دمشق وريفها، والتي لا تضم إلا عناصر سوريين من قوات النظام، والمتطوعين فيها.
وتجنب بشار الأسد خلال زيارته الالتقاء بالعميد سهيل الحسن “النمر”، أو كما بات يُطلق عليه وصف “مدلل الروس” بين صفوف ضباط النظام وعناصره. كما تجنب لقاء عشرات الضباط والمستشارين الروس الموجودين في محيط الغوطة الشرقية، الذين يقودون العمليات والطلعات الجوية بشكل رئيسي، وكأنه يريد أن يبعث برسالة مفادها أن الفضل الأول والأخير للتقدم في الغوطة يعود إلى “الجيش السوري” لا إلى مجموعات من المرتزقة المدعومين روسياً.
الكلام المتداول في مدينة دمشق بين كبار الضباط، أن بشار الأسد استغل تاريخ 18 آذار/مارس، لزيارة الغوطة، وهو يصادف الذكرى السابعة لانطلاق الثورة السورية. رمزية تاريخ الزيارة أريد لها أن توجه صفعة للمعارضة السورية من بلدة لم تكن قوات النظام قادرة على التقدم فيها أو دخولها، منذ سنوات الحراك السلمي، هذا فضلاً عن استغلال توقيت الانتخابات الرئاسية الروسية، وخروج مجموعات من الروس بشكل متناوب من محيط الغوطة الشرقية إلى السفارة الروسية التي ضمّت مركزاً للاقتراع.
مصدر عسكري رفيع المستوى، أكد لـ”المدن”، أن زيارة بشار الأسد للغوطة لم تكن منسقة مع الجانب الروسي نهائياً، وكانت بهدف زيارة قوات النظام وتجنبت المليشيات المدعومة من روسيا وإيران، وإبعاد أي قيادي غير سوري عن مكان تواجد بشار خلال زيارته. الأمر الذي أثار غضب قاعدة حميميم العسكرية الروسية في الساحل السوري، والتي تنسب كافة الانتصارات المحققة في الغوطة الشرقية إلى قواتها الجوية، وضباط مدعومين من قبل روسيا.. وذلك وسط حالة من التذمر من السوريين الموالين للنظام ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واضح في الفترة الأخيرة بسبب تجاهل الروس لمئات القتلى السوريين خلال معارك الغوطة وإهمال دور ضباط “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” وباقي التشكيلات في العمليات العسكرية التي أدت إلى سيطرة النظام على أكثر من 70 من مساحة الغوطة.
بشار الأسد أراد من زيارته مجموعات سورية تحمل اسم “الحرس الجمهوري”، إظهار قوة قواته بعيداً عن المليشيات المحلية والأجنبية، والتدخل الروسي والإيراني. الكلام المتداول في أروقة النظام، في الأشهر الأخيرة، يشير إلى تقلص دور الأسد في سوريا، وتحولها إلى مستعمرة روسية بالكامل، خاصة بعد الفيديو الأخير الذي انتشر للأسد في حميميم، ومُنع فيه من التقدم مع الرئيسي الروسي فلاديميربوتين باتجاه القوات الروسية التي تقيم على أرض سورية. هذا فضلاً عن السيطرة العلنية للروس على مفاصل الدولة والجيش، في وزارة الدفاع وقيادة الأركان، والتحكم بالعمليات العسكرية على الأرض، وإنشاء مراكز مراقبة ومنع تنفيذ أي مهمة إلا بالعودة إليهم.
وتسببت الزيارة، بإشعال جبهاتها من جديد، وتحدثت مصادر إعلامية عن هجوم كبير لـ”جيش الإسلام”، ليل الأحد/الإثنين، على مواقع قوات النظام على طريق مسرابا، وفي الشيفونية، وإحراز تقدم كبير. وقالت المصادر إن “جيش الإسلام” استعاد أجزاء واسعة من المنطقتين، وسط قصف مكثف بالطيران الحربي وراجمات الصواريخ استهدف مدينة دوما بعد هدوء نسبي لأيام.
الأسد يتفقد جبهات الغوطة..والمعارضة تفاوض
أعلن “فيلق الرحمن”، أحد أبرز فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، أنه يتفاوض مع وفد تابع للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار، ودخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث باسم الفيلق وقال وائل علوان قوله “نقوم بترتيب مفاوضات جادة لضمان سلامة المدنيين وحمايتهم”.
وأضاف “أهم النقاط التي يجري تأكيدها والتفاوض على إجراءاتها هي وقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين لتلقي العلاج خارج الغوطة بضمانات أممية”. وأكد أن موضوع إخلائهم للغوطة غير مطروح على طاولة المفاوضات.
في موازاة ذلك، بثّ حساب “رئاسة الجمهورية العربية السورية” على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للأسد، قال إنها التقطت، الأحد، أثناء زيارته إلى جبهات القتال في الغوطة.
وقالت رئاسة الجمهورية في تعليقها على الصور “قبل قليل.. الرئيس الأسد مع رجال الجيش العربي السوري على الخطوط الأمامية في الغوطة الشرقية”.
وقالت وسائل إعلام سورية رسمية، إن قوات النظام باتت تسيطر على 80 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية، بعدما تمكنت من إحكام السيطرة على مدينة حرستا، الأحد، حيث أعطت مقاتلي المعارضة مهلة للإنسحاب من المدينة.
وقال “الإعلام الحربي” التابع للنظام، إن “الجيش السوري يتابع عملياته في الغوطة الشرقية لدمشق انطلاقاً من مواقعه في بلدة سقبا”، معلناً أن قوات النظام والمليشيات المساندة لها وصلت إلى “أطراف بلدة كفر بطنا من الجهتين الشرقية والشمالية، بعد مواجهات مع المجموعات الارهابية المنتشرة في المنطقة”.
من جهة ثانية، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بياناً، الأحد، قالت فيه إن “الحكومة السورية تستخدم أساليب غير قانونية في هجومها على الغوطة الشرقية، مستفيدة من استمرار الدعم الروسي، بما في ذلك ما يبدو أنه استخدام أسلحة محظورة دوليا”.
وأضاف بيان المنظمة “هناك مخاوف كبيرة حول تعامل القوات الحكومية مع السكان في المناطق التي خضعت لسيطرتها، في ضوء تقارير سابقة عن الإعدامات الانتقامية”.
وحثّت “هيومن راتيس ووتش” مجلس الأمن الدولي على “المطالبة بشكل عاجل بمنح فريق مراقبة أممي إمكانية الوصول الفوري إلى مناطق الغوطة الشرقية الخاضعة الآن لسيطرة الحكومة. على الفريق توثيق أي جرائم ارتُكبت بالفعل، كما أن وجوده قد يردع أي انتهاكات أخرى. على الفريق أيضا زيارة المواقع التي تنقل إليها الحكومة سكان الغوطة الشرقية، نظرا لوجود مخاوف كبيرة حيال معاملتهم. إذا استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ثانية ضد عمل المجلس، على الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوة إلى النشر الفوري للمراقبين”.
عفرين: تجاوزات لعناصر الجيش الحر.. ووعود بمحاسبتهم
عبيدة أحمد
انقلبت سيطرة الجيش الحر على مدينة عفرين إلى حالة من الغضب والسخط من قبل الناشطين والمتابعين، بعد انتشار صور ومقاطع مصورة أظهرت تجاوزات واسعة نفذها عناصر من فصائل الجيش الحر المشاركة في عملية “غصن الزيتون”. وانتشرت فيديوهات لحالات سرقة لممتلكات المدنيين من سيارات وجرارات ومحتويات المنازل.
ومعظم الانتهاكات، بحسب ما قالته مصادر ميدانية لـ”المدن”، نفّذتها عناصر من فصائل
“فرقة السلطان مراد” و”لواء الفتح” و”أحرار الشرقية”، وبعض عناصر “فرقة الحمزة”، ومعظمهم من “الفيلق الثاني” التابع لـ”الجيش الوطني”. كما شاركت في عمليات النهب مجموعات من فصائل “الفيلق الأول” و”الفيلق الثالث”. ودخلت تلك القوات إلى مدينة عفرين، الأحد، بأعداد كبيرة تراوحت 1500–3000 عنصر.
واندلعت اشتباكات ومشادات بين عناصر الجيش الحر الرافضين لعمليات السلب والنهب وبين العناصر الذين يقومون بها ممن برروا أفعالهم بذريعة قيام “الوحدات” بأعمال مشابهة عندما استولت على الـ13 قرية عربية في محيط مدينة تل رفعت، نهاية العام 2016.
أكثر فصائل الجيش الحر المشاركة في “غصن الزيتون” أدانت تلك التصرفات المنافية لسمعة الجيش الحر، إلا أن انشغال معظم الفصائل في معارك ناحية معبطلي ومحيطها لم يمكنها من منع التجاوزات الحاصلة في عفرين.
المجلس المدني والعسكري لمدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي أكد رفضه لمثل هذه التصرفات واكد على محاسبة كل من يبرر قيامه بعمليات السلب بادعاء أنه من تل رفعت والمناطق المحيطة بها. المجلس أعلن جهوزيته لتلقي الشكاوى بهذا الخصوص.
لكن العمل الواسع الذي قامت به عناصر الفصائل من سرقة وسلب أحدث شرخاً مضاعفاً في الروابط الأهلية بين مكونات المجتمع في عفرين ومحيطها. ونتيجة السخط الواسع من الناشطين والإعلاميين المرافقين للمعركة، وإعلاميي وناشطي الثورة السورية عموماً، بدأت فصائل الجيش الحر بالتحرك لوضع حد للتجاوزات ومحاسبة المسيئين.
الناطق باسم “الجيش الوطني” قال لـ”المدن”، إن “الجيش الوطني يأسف لحصول مثل هذه التجاوزات، وإنها ناتجة عن ضعفاء النفوس ولصوص ينتحلون اسم الجيش الحر، وإن إجراءات عملية وضعت للحد من هذه التجاوزات وإعادة الحقوق لأصحابها، كما بدأ العمل على وضع قطاعات أمنية وحواجز في محيط عفرين كخطوة علمية لضبط الأمن وإرسائه”.
من جهته أكد القيادي في “الفرقة التاسعة” التابعة للجيش الحر النقيب عبدالناصر شلوح، أن قيادة الفصائل قررت تشكيل لجنة أمنية/حقوقية بشكل عاجل لضبط التجاوزات الحاصلة في المدينة، من قضاة وحقوقيين لإعادة الحقوق لأصحابها، وستعمل على مدار 24 ساعة. كما أصدر قادة الفصائل قرارات بإخراج كافة العناصر من مدينة عفرين، كمرحلة أولى، وإدخال الشرطة العسكرية لضبط الأمن فيها، ووضع حواجز على كافة مداخلها ومخارجها.
وأشار شلوح إلى أن الجهة المعنية بالتجاوزات ستتكفل بإعادة الحقوق، أو تعويض المتضررين، وسيتم سجن المفسدين الذين نفذوا عمليات التجاوز، وستتم إحالتهم للقضاء لاتخاذ العقاب المناسب.
وأضاف شلوح، أن الفصائل كافة شكلت قوة مركزية، موازية للجنة الحقوقية، من أجل مساندتها، وفرض حظر للتجوال، ومنع دخول أي عنصر أو أي عربة من الجيش الحر إلا بإذن خطي إلى مدينة عفرين تحت طائلة المحاسبة. وأكد شلوح أن العملية العسكرية مستمرة في محيط مدينة عفرين، وأن القيادة العسكرية للجيش الحر في عملية غصن الزيتون مستمرة في التقدم والسيطرة على المناطق التي تسيطر عليها “الوحدات” الكردية، بما فيها مدينة تل رفعت ومحيطها.
وفي السياق، أعلن “مؤتمر انقاذ عفرين”، الذي عقد في مدينة غازي عنتاب التركية بدعم من الحكومة التركية، عن تشكيل إدارة مدنية لمدينة عفرين مؤلفة من 30 شخصية من ناشطي وسياسيي عفرين. الإدارة المشكلة حديثاً طالبت بتأمين وحماية المدنيين، واحترام خصوصية المكونات العرقية والمذهبية والدينية، وفتح ممرات آمنة لدخول وخروج المدنيين، وإلغاء كافة المظاهر المسلحة وتسليم المدينة لأبناء عفرين.
إغلاق “دمشق الآن”: إعادة الإعلام المُوالي إلى الحظيرة
بات واضحاً أن النظام السوري يحاول إعادة سيطرته بصورة “مجنية” على الإعلام في البلاد، بما في ذلك الإعلام الموالي له، بعد القرار المفاجئ بإغلاق صفحة “دمشق الآن” في “فايسبوك”، إحدى أكثر المنصات الإعلامية الموالية، جماهيرية، يوم الأحد، بموازاة إعلان صاحبها، وسام الطير، اعتزاله العمل الإعلامي نهائياً.
وفيما ادعت صفحات “بديلة” لـ”دمشق الآن” أن الصفحة أغلقت بحظر من طرف إدارة “فايسبوك”، يبدو ذلك غير مرجح على الإطلاق، لأن الصفحة حريصة على بث دعايتها السامة من دون أن تخرق شروط “فايسبوك” ومعاييره، وتحديداً في ما يخص بث الصور وحقوق الملكية الفكرية. وهو ما تأكد لاحقاً بإعلان الطير اعتزاله العمل الإعلامي، والتي ربطها بزيارة رئيس النظام للغوطة الشرقية.
والحال أن النظام يروج لمعركة الغوطة بأنها نهاية الحرب التي يقوم بها في البلاد، في المرحلة الحالية على الأقل، وبالتالي يأتي إغلاق الصفحة ضمن جهود مستمرة منذ مطلع العام الجاري، لإزالة مظاهر العسكرة عن الإعلام وإعادته للمركزية في دمشق، ويمكن تلمسها في قرار وزير الإعلام الجديد عماد سارة بعزل المراسل الحربي البارز شادي حلوة وإبعاده عن برنامجه الشهير “هنا حلب”، فضلاً عن القرارات المشابهة بحق إذاعة “سوريانا” وإدارتها، فضلاً عن قرار جدلي أصدرته وزارة الدفاع السورية بمنع الجنود من نشر صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويشير ذلك إلى رغبة النظام في إحداث تغييرات جذرية في الأداء الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي “المنفلت” بتخفيف مظاهر العسكرة فيه، مع ترويج النظام بشكل متزايد فكرة نهاية الحرب، رغم كونه يخوض معارك متفرقة في مناطق كإدلب والغوطة الشرقية، فضلاً عن ضبط الصورة وتدفق المعلومات عبر مواقع التواصل، وحصر ذلك بالصور والمعلومات التي يوافق عليها أولاً.
والحال أن تهميش “دمشق الآن” وصاحبها وسام الطير المقرب من أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، مرحلي على الأغلب، فالصفحة التي تتبع للقصر الجمهوري مباشرة انتهت مهمتها في الحشد العسكري والشعبي، أما الطير فمن المؤكد أنه سينال تكريماً أو منصباً أو مكافأة من نوع ما، لضمان بقائه كشخصية عامة موالية للنظام، وليس مجرد داعم إلكتروني أو مراسل حربي كما يتم التعريف به حالياً.
ومن المرجح أن يفرض النظام السوري في المرحلة القادمة، قيوداً مشددة على النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فبعد إصدار قوانين صارمة للجريمة الإلكترونية مؤخراً، قد يفرض النظام على “الناشطين الموالين” شرط الحصول على ترخيص من أجل إنشاء صفحات فاعلة عبر مواقع التواصل، على طريقة “دمشق الآن” خلال السنوات الماضية، وهو أمر تساهل فيه النظام خلال سنوات الحرب، لأنه لم يكن متفرغاً لفرض رقابة صارمة من جهة ولأن مواقع التواصل شكلت متنفساً لامتصاص غضب الموالين المستائين من سياسات النظام الداخلية والخدمية.