أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الثلاثاء 12 كانون الثاني 2016

رحيل يوسف الزعين… آخر «الأطباء الثلاثة» في «سورية المريضة»

) لندن – إبراهيم حميدي

يوسف الزعين، آخر «الأطباء الثلاثة» الذين حكموا دمشق عندما كانت «سورية مريضة»، توفي أول من أمس في استوكهولم بعدما رأى بلده تعاني المرض العضال. رحل بعدما عايش مئات الآلاف من أبناء جلدته «قوارب الموت» إلى السويد وأوروبا هرباً من «البراميل المتفجرة» والسكاكين.

وبعد نكسة ١٩٦٧، كان في دمشق «ثلاثة دكاترة أطباء»، هم الرئيس نور الدين الأتاسي ورئيس الوزراء يوسف الزعين ووزير الخارجية إبراهيم ماخوس، ظهر صراع داخل قيادة «البعث» الحاكم بين الأمين العام المساعد صلاح جديد والرئيس الأتاسي وماخوس من جهة واللواء حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع من جهة أخرى، إلى أن حسم الأخير الصراع في «الحركة التصحيحية» في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970. وأودع الأسد «رفاق» الأمس باستثناء ماخوس الذي فر إلى الجزائر بينما تأخر اعتقال الزعين إلى العام ١٩٧١. لكنهم جميعاً «الرفاق» خرجوا من السجن بعد عقود وسنوات طويلة… ومرض عضال قضى عليهم الواحد تلو الآخر.

رحل الزعين (مواليد ١٩٣١) الذي انضم إلى «البعث» في ١٩٥٧، بعدما انهارت جميع أحلامه. البوكمال، مسقط رأسه التي أرادها شعلة للطبقة الكادحة تحت سيطرة «داعش». والبوكمال التي أرادها جزءاً من «بلاد العرب»، جزء من «ولاية الفرات» التي أعلنها «داعش» على جانبي الحدود السورية – العراقية.

أزيلت حدود سايكس – بيكو كما كان يطمح الزعين، لكن ليس في إطار «الرسالة الخالدة» لحزب «البعث» لتحقيق «الأمة العربية الواحدة» وليس بأوامر من «الأستاذ» ميشال عفلق، بل بأوامر «الخليفة» أبو بكر البغدادي. أيضاً، تحققت أهداف الزعين في إنهاء «الدولة الوطنية»، لكن ليس لإقامة «الوطن العربي» بل في إطار قيام الإمارات والطوائف.

الزعين، كان الأقل حظاً بين رفاقه، في أنه عاش أكثر منهم. «الدكتور» ماخوس الذي قال بعد احتلال إسرائيل الجولان في 1967 أنه «ليس مهماً أن نخسر المدن لأن العدو هدفه القضاء على الثورة» في إشارة إلى «ثورة» آذار (مارس) التي أوصلت «البعث» إلى الحكم، سبق الزعين إلى الموت من الجزائر في أيلول (ٍسبتمبر) ٢٠١٣.

وها هو الزعين بقي إلى أن وجد الجغرافيا السورية البالغة ١٨٥ ألف كيلومتر مربع، منقسمة بين ١٨ في المئة تحت سيطرة الحكومة و١٦ في المئة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردي الذي «يصححون» عملياً «سياسات التعريب» التي يعرفها جيداً. ويقبض عناصر «داعش» على نصف المساحة فيما يسيطر «جيش الفتح» الذي يضم سبع فصائل إسلامية بينها «جبهة النصرة» على «إدلب الخضراء».

الأراضي الزراعية في الجزيرة السورية، التي عمل عندما كان وزيراً للزراعة على إعطائها إلى «الفلاحين المعدمين» بعد تسلم «البعث»، باتت في أيدي المزارعين فعلاً، الذين ثاروا على سنوات الانفتاح الاقتصادي في سورية، لكن مخازن الحبوب يتقاسمها الأكراد و «داعش»، كما هي الحال مع آبار النفط.

محمد علي الأتاسي، نجل الرئيس الراحل، نشر أمس على صفحته في «فايسبوك» رسالة الزعين إلى الرئيس الأتاسي (الذي أمضى ٢٢ سنة في السجن نصفها مع الزعين) يقول فيها: «بإمكاننا جعل بناء سد الفرات أكبر تظاهرة اشتراكية في الوطن العربي حيث العمل في النهار والثقافة في الليل لمخيمات لعمالنا الأميين الجهلة (…) أثر العمل سيكون تظاهرة جذرية للوحدة مع العراق لن تقف أي قوة في الأرض على فصمها».

بالفعل، أول ما فعل «رئيس الوزراء الدكتور» الزعين، أنه وقع اتفاق إقامة السد مع الاتحاد السوفياتي. تحقق «حلمه». لكن قبل أن يرحل الزعين، عرف أن «داعش» بات يسيطر على السد التاريخي وسط أنباء عن دفع دمشق رواتب الموظفين لتوليد الكهرباء.

أما روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي، رآها الزعين قبل أن يغمض عينه ويتوقف قلبه، تحتكر السماء السورية.

 

بدء إغاثة مضايا ومساعدات للفوعة وكفريا

باريس – أرليت خوري , لندن، دمشق – «الحياة»، أ ف ب، رويترز

دخلت أمس قافلة متواضعة من المساعدات إلى بلدة مضايا المحاصرة منذ 180 يوماً في ريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان، في أول حلحلة للأزمة الإنسانية الخطيرة التي تشهدها هذه البلدة التي هزت الرأي العام العالمي بصور سكانها الذين يتضورون جوعاً. وتزامن ذلك مع إرسال مساعدات مماثلة إلى قريتين شيعيتين مواليتين للنظام (الفوعة وكفريا) تحاصرهما المعارضة في ريف إدلب.

وجاء إرسال المساعدات فيما تسارعت التحضيرات لاجتماع جنيف المقرر في 25 الشهر الجاري بين النظام والمعارضة، إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن هذا الموضوع كان أحد محاور اتصال هاتفي أجراه الوزير جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. كما استضافت باريس اجتماعات مخصصة للأزمة السورية ضمت وفداً من المعارضة برئاسة رئيس الوزراء السابق رياض حجاب ومحادثات أخرى مع الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا الذي يُشرف على التحضيرات لحوار جنيف.

ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ختام لقاء عقده أمس مع رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات مع النظام، الى «اتخاذ إجراءات إنسانية فورية تعطى الأولوية فيها للمناطق المحاصرة، خصوصاً مضايا، تمهيداً لتوفير الشروط الكفيلة بوقف جدي لإطلاق النار». وشدد على أن لا مستقبل للرئيس بشار الأسد في مستقبل سورية. أما حجاب فقال: «لا يمكننا التفاوض مع النظام بينما هناك قوات أجنبية تقصف الشعب السوري»، محملاً الطيران الروسي مسؤولية قتل وجرح عشرات التلاميذ في قصف استهدف مدرستهم في محافظة حلب (شمال البلاد).

على الصعيد الإنساني، دخلت أربع شاحنات من أصل 44 محملة بالبطانيات والمواد الغذائية الى بلدة مضايا، وفق ما أفاد مسؤول في الهلال الأحمر السوري وكالة «فرانس برس». وقال المسؤول: «دخلت أربع شاحنات عند الخامسة عصراً، اثنتان محملتان بالبطانيات واثنتان بالمواد الغذائية إلى بلدة مضايا» بانتظار دخول بقية الشاحنات إلى البلدة المحاصرة.

وأكد مصدر سوري ميداني بدء تحرك القافلة «المحملة بالمساعدات إلى الفوعة وكفريا» المحاصرتين من قبل الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب، تزامناً مع دخول الشاحنات إلى مضايا. وكتب المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية بافل كشيشيك على حسابه على موقع «تويتر»: «من المتوقع أن تستمر عملية إفراغ الشاحنات طيلة الليل».

ومن المنتظر دخول 44 شاحنة إلى مضايا التي تبعد نحو أربعين كيلومتراً عن دمشق، تزامناً مع دخول 21 شاحنة مماثلة إلى الفوعة وكفريا اللتين تبعدان أكثر من 300 كيلومتر عن دمشق.

ميدانياً، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه «ارتفع إلى 15 بينهم 12 طفلاً ومواطنة ومدرِّسة وشخص مجهول الهوية» عدد ضحايا قصف طائرات حربية يُعتقد أنها روسية على مدرسة في بلدة عنجارة بريف حلب الغربي. وجاء مقتل التلاميذ فيما أعلن النظام السوري أن قواته أطلقت «عملية واسعة» في اتجاه خان العسل التي تبعد 20 كلم غرب حلب «بهدف إحكام السيطرة على المنطقة». كما أعلنت «سانا» أن الجيش النظامي «سيطر نارياً على المدخل الجنوبي لمدينة حلب» بعد هجوم على مواقع فصائل المعارضة في منطقة الراشدين (المدخل الجنوبي الغربي لحلب).

بالتزامن مع ذلك، أكد المرصد ووكالة «سانا» سيطرة الجيش النظامي على قرية عيشة التي تقع على بعد 60 كلم شرق مدينة حلب، في إطار توسيع نطاق الأمان حول مطار كويرس العسكري.

 

ارتفاع حصيلة قتلى الغارة الروسية على «مدرسة حلب» إلى 12 طفلا

بيروت – أ ف ب

ارتفعت حصيلة قتلى الغارة الروسية التي طاولت مدرسة في بلدة عنجارة في ريف حلب الغربي في شمال سورية إلى 12 طفلاً، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» اليوم (الاثنين).

وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «15 شخصاً قتلوا، بينهم 12 طفلاً ومعلمة، في غارة روسية، استهدفت مدرسة في بلدة عنجارة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في ريف حلب الغربي صباح اليوم، وجُرح عشرون آخرون من الأطفال والمدرسات».

ونشر الناشط في مدينة مارع محمد الخطيب على صفحته في «فايسبوك» صوراً تظهر قاعة الصف التي تدمر جزء من سقفها وتحطمت مقاعدها، والحقائب المدرسية الملونة مع بعض الكتب مرمية على الأرض وسط الركام.

وكتب الخطيب: «سقط الصاروخ الذي حملته الطائرة الروسية بشكل مباشر على الصف الثاني، بينما يجري الطلاب امتحانهم النصفي».

وتنفذ موسكو منذ 30 أيلول (سبتمبر) ضربات جوية في سورية تقول إنها تستهدف مجموعات إرهابية، وتتهمها دول الغرب والفصائل المقاتلة باستهداف المجموعات المعارضة أكثر من تركيزها على المتطرفين. وتنفي موسكو باستمرار التقارير عن استهدافها مدنيين في ضرباتها الجوية في سورية.

ويشهد ريف حلب الغربي، وفق عبد الرحمن، منذ أمس «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، تتزامن مع غارات روسية على مناطق الاشتباك».

من جهتها، نقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع قولها اليوم إن «القوات الجوية الروسية نفذت منذ بداية العام الجديد 311 طلعة جوية في سورية وهاجمت 1097 هدفاً لإرهابيين هناك». وذكر اللفتنانت جنرال سيرغي رودسكوي من وزارة الدفاع قوله إن «من بين الأهداف بنية تحتية نفطية ومعدات عسكرية ومقاتلين تحت إمرة جماعات متشددة مسلحة».

من جهة أخرى، ذكرت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا) «مقتل ثلاثة أطفال بسبب إصابتهم بقذائف أطلقتها الفصائل المقاتلة، واستهدفت حي الأشرفية الواقع تحت سيطرة قوات النظام».

ونقلت «سانا» عن مصدر في قيادة شرطة محافظة حلب قوله إن «إرهابيين ينتشرون في حي بني زيد استهدفوا حي الأشرفية السكني بقذائف صاروخية، تسببت في مقتل ثلاثة أطفال وإصابة شخصين بجروح ووقوع أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة».

وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على أحيائها الغربية، والفصائل المعارضة التي تسيطر على أحيائها الشرقية.

 

بوتين: إيواء الأسد أسهل من منح سنودن اللجوء

دبي – «الحياة»

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان منح حق اللجوء للرئيس السوري بشار الأسد سيكون أسهل بكثير مما كان عليه مع الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، ولكنه اعتبر أن الحديث عن ذلك «ما زال سابقاً لأوانه».

وذكر بوتين في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية، أنه في حال عُقدت في سورية انتخابات ديموقراطية مبكرة، في إطار خطط السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، فإن «الأسد لن يحتاج إلى مغادرة البلاد أصلاً، سواء ظلّ رئيساً أم لا».

وعندما سُئل عما إذا كانت بلاده مستعدة لإيواء الأسد إذ اضطر إلى مغادرة سورية، قال ان «الحديث عن هذا الأمر ما زال مبكراً، ولكن من المؤكد أن منح اللجوء للأسد سيكون أكثر سهولة مما كان عليه الحال مع السيد سنودن».

وكان الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية نجح في تمديد حق اللجوء في روسيا ثلاث سنوات إضافية، بعدما انتهت صلاحية إقامته كلاجئ موقت في آب (أغسطس) العام 2014.

وأوضح بوتين أهمية التوجه نحو إصلاحات دستورية في سورية، مشيراً إلى أنها «ستكون عملية معقدة بالطبع، ولكنها حجر الأساس لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة».

ودافع بوتين عن مشاركة روسيا في الصراع السوري، قائلاً ان «موسكو لا تريد أن تنتهي سورية إلى مصير مشابه للعراق أو ليبيا، لذا يجب مساندة حكامها الشرعيين».  وأضاف أنه «عندما تستقر سورية يمكن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تمنح الشعب الحق في اختيار حاكمه».

 

تنسيق هش بين موسكو وطهران في سورية

بشير عبدالفتاح

تحت مظلة ما يسمى «التنسيق العسكري والاستراتيجي» مع أطراف دولية وإقليمية فاعلة في مجريات الأزمة السورية، جاء التدخل العسكري الروسي في سورية، نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي.

وبموجب ذلك التنسيق، نحّى الإيرانيون جانباً إرثاً تاريخياً مثقلاً بالصراعات مع الروس، فلم تتردد طهران في الترحيب بتدخل موسكو والاتفاق على أن تكون الهيمنة على الأجواء السورية لروسيا التي يتمتع سلاحها الجوي بحضور لافت، تعززه منظومة صواريخ أس 400 المضادة للصواريخ والطائرات في آن، فيما تبقى السيطرة البرية على الأرض لإيران التي لا تزال تدير أكبر شبكة مقاتلين تضم ميليشيات عراقية وأفغانية تساند نظام الأسد فضلاً عن «حزب الله» اللبناني.

وفي مسعى لاسترضاء الإيرانيين وتعزيز أواصر التنسيق العسكري معهم، أعلنت موسكو في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي نيتها تعجيل تسليم منظومة صواريخ أس 300 روسية الصنع المضادة للصواريخ لإيران، بعد استكمال التحضيرات وتسوية المشاكل البيروقراطية والقانونية المتعلقة بهذا الأمر منذ رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيسان (أبريل) الماضي حظراً حكومياً على تصديرها إلى إيران في عام 2010. وفي محاولة للعب دور فاعل في برنامج إيران النووي، عقب إبرام الأخيرة الاتفاق النووي مع السداسية الدولية في تموز (يوليو) الماضي، فتحت موسكو أبوابها، انطلاقاً من هذا الاتفاق، لمبادلة اليورانيوم الإيراني المخصب باليورانيوم الروسي الطبيعي، فضلاً عن إعادة هيكلة المحطة النووية الإيرانية في «فوردو» في غضون أشهر.

وفي مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قررت روسيا وسورية والعراق وإيران إنشاء مركز معلوماتي في بغداد يضم ممثلي هيئات أركان جيوش الدول الأربع، على أن يُعنى المركز بجمع ومعالجة وتحليل المعلومات الاستراتيجية عن الوضع في منطقة الشرق الأوسط في سياق محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، مع توزيع هذه المعلومات على الجهات المعنية وتسليمها إلى هيئات أركان القوات المسلحة للدول المشاركة، وأن تكون رئاسته بالتناوب بين ضباط من روسيا وسورية والعراق وإيران بحيث لا تتجاوز فترة إدارة كل طرف ثلاثة أشهر. وتطلعت الأطراف المشاركة أن يخلق هذا المركز في الأفق القريب ظروفاً مواتية لتشكيل لجنة تنسيق على أساسه لضمان التخطيط العملياتي وإدارة قوات روسية وسورية وعراقية وإيرانية في محاربتها لـ «داعش».

وعلى رغم أن مساعي موسكو لترسيخ دعائم تفاهماتها العسكرية مع طهران في سورية، تكللت بالزيارة الأخيرة التي قام بها بوتين لطهران والتي أبرم خلالها عدداً من اتفاقات التعاون، إلا أن تلك الجهود لم تكن لتحل دون تفجر دواعي الخلاف بين الطرفين داخل سورية، كهواجس طهران من أن يفضي الحضور العسكري الروسي المتفاقم في هذا البلد إلى تعاظم النفوذ الروسي في سورية في مقابل تراجع مثيله الإيراني، وهي الهواجس التي ترافقت مع شعور متنام لدى الإيرانيين بتجاهل الروس مصالحهم في سورية التي تستند لاعتبارات مذهبية وطائفية بالأساس. هذا فضلاً عن الخلاف بين موسكو وطهران حول مصير الأسد وحدود دور «حزب الله» في سورية. حيث استبدت بالمسؤولين الإيرانيين مخاوف من أن تفضي المفاوضات بين موسكو وواشنطن ودول عربية أخرى مناهضة للأسد من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، إلى تفاهمات سرية لتسوية تلك الأزمة، تكفل الحفاظ على وحدة الدولة السورية وبقاء مؤسساتها مع إطاحة الأسد لاحقاً، وهو ما يهدد مصالح إيران في سورية والمنطقة.

بيد أن أبرز معالم الخلاف بين موسكو وطهران في سورية بدت جلية في انكشاف هشاشة التنسيق العسكري بين الطرفين مقارنة بذلك الحاصل بين تل أبيب وموسكو. حيث يتسم الأخير بأنه «استراتيجى» وعالي المستوى، إذ يتيح للطائرات الحربية الروسية اختراق الأجواء الإسرائيلية بأمان، فيما يتيح للمقاتلات والصواريخ الإسرائيلية تنفيذ عملياتها ضد أهداف متنوعة داخل سورية بغير معوقات روسية. فعلى رغم قناعة الإيرانيين بأن التنسيق الروسي – الإسرائيلي- الأميركي في سورية، قد يكون بداية لبلورة آلية أشمل لمنع حدوث أي تصعيد عسكري على الجبهة الشمالية كلها، ما قد يصل إلى حدّ تحوّل الخط الساخن بين روسيا وإسرائيل إلى قناة لتبادل الرسائل بين إيران وإسرائيل وحزب الله، إلا أن طهران ترى في توافقات بوتين مع نتانياهو حول سورية إبان زيارة الأخير لموسكو، إنما جاء في سياق المساعي الروسية والعربية والإسرائيلية للجم النفوذ الإيراني المتنامي في سورية والعراق، خصوصاً مع وجود قناعة لدى طهران بأن السياسة الروسية تجاهها تسند تاريخياً إلى دعامتين: إبقاء إيران ضعيفة، ومنعها من الانضواء تحت لواء أي تحالف غربي. وتعززت مخاوف طهران من التنسيق الروسي الإسرائيلي بعد استهداف الغارات الروسية قادة عسكريين إيرانيين أو موالين لإيران داخل سورية. فإلى جانب اغتيال سمير القنطار، القيادي في حزب الله في ريف دمشق عبر صواريخ باليستية في إطار التنسيق الاستراتيجي بين تل أبيب وموسكو، أرجع قادة ميدانيون في «الجيش السوري الحرّ» تنامي الخسائر البشرية في صفوف القوات الإيرانية في سورية، والتي لم تخل من ضباط برتب عالية، إلى القصف الروسي الذي يطاول تجمعات وجود المقاتلين الإيرانيين على الأرض. فالطيران الروسي قصف أخيراً حاجز ملوك في ريف محافظة حمص الذي توازي مساحته مساحة ملعب كرة قدم، وقتل فيه عدداً كبيراً من الإيرانيين، كما قصف مقراً إيرانياً في ريف حلب الجنوبي.

وأكدت مصادر «الجيش السوري الحر» أن قائد العمليات العسكرية الروسية في سورية كان طلب زيارة مقر القوات الإيرانية في ريف دمشق المتخصّصة بعمليات التدريب، لكــــن المسؤول الإيراني رفض استقباله وغيّر مكان إقامـــته، فكانت المفاجأة أن هذا المسؤول الإيراني قتل مع سمير القنطار في إحدى ضواحي العاصمة السورية، الأمر الذي دفع طهران إلى اتهام روسيا ضمناً بالتنسيق مع إسرائيل من أجل تصفية قادة القوات الإيرانية وقادة «حزب الله» في سورية.

وترسخت المخاوف الإيرانية بعد الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الروسي بعد ثلاثة أيام من اغتيال القنطار، والذي صدر على أثره عن البلدين بيانان شبه متطابقين، أكدا استمرار تعاونهما «الممتاز» من أجل محاربة كل صور الإرهاب والتطرف «الإسلامي» داخل سورية. ولعل هذا ما دفع الإيرانيين إلى سحب وحدات من قوات الحرس الثوري في سورية، كانت تقاتل إلى جانب الأسد، ونقلها إلى العراق، بعدما تراءى لهم أن موسكو تولي أهمية أكبر لتنسيقها الاستراتيجي مع إسرائيل على حساب التعاون العسكري الظرفي مع طهران.

وبالتزامن، أبدت إيران استياءها من إصرار روسيا على خرق اتفاقات الهدنة التي تبرمها طهران مع فصائل مسلحة من المعارضة السورية، حيث لم تتورع المقاتلات الروسية عن قصف مناطق في ريف إدلب تقع ضمن اتفاق الهدنة الذي رعته إيران وتركيا، فيما خرق الطيران الروسي الهدنةَ المبرمة بين إيران وما يسمى بـ «جيش الفتح» في محيط كل من الفوعة وكفريا في ريف إدلب، والزبداني في ريف دمشق. وكانت المرة الرابعة التي يخرق فيها الطيران الروسي مناطقَ الهدنة التي عقدت بعد مفاوضات مضنية بين وفد إيراني وحركة «أحرار الشام» في مدينة إسطنبول. كذلك، أبت موسكو إلا منازعة طهران في جهود إقرار الهدنة في الزبداني هذه الأيام، الأمر الذي رأت فيه طهران ضربة لدورها السياسي في الأزمة السورية.

ومن رحم ما ذكر آنفاً، تتجلى أعراض هشاشة التنسيق العسكري بين موسكو وطهران، أو بالأحرى «علاقة التوظيف المتبادل» القلقة بين الجانبين في سورية. فالأولى حاولت توظيف الأخيرة عبر استخدامها كورقة استراتيجية في صراعها الدولي المحموم مع واشنطن والغرب، علاوة على توظيف أجوائها ونشاطها العسكري البري في سورية لخدمة المشروع الروسي هناك، فضلاً عن استثمار النفوذ الإيراني في العراق للغرض ذاته. فيما حرصت طهران في المقابل، على الاستفادة من الضربات الجوية الروسية لتأمين الوجود العسكري البري الإيراني في سورية، إضافة إلى كبح جماح التطلعات الغربية والعربية المعادية، وتعزيز مساعي كسر العزلة الدولية القاسية والمزمنة على طهران، وصولاً إلى توسل إنجاح استراتيجية استبقاء الأسد بغية حماية المصالح والتطلعات الاستراتيجية الإيرانية، المذهبية الطابع، ليس على الصعيد السوري فحسب، وإنما على مستوى منطقة الشرق الأوسط قاطبة.

* كاتب مصري

 

هولاند يرفض «سياسة التجويع» وحجاب يريد «انتقالاً حقيقياً»

باريس – ارليت خوري

أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ضرورة وقف النظام السوري عمليات القصف العشوائي التي يقوم بها والعدول عن سياسة تجويع شعبه عقب لقاء عقده في قصر الاليزيه مع منسق الهيئة العليا للمعارضة السورية رياض حجاب الذي صرح من جانبه بضرورة فصل المسار الإنساني عن المسار السياسي كي لا يكون الوضع الانساني «ورقة ضغط» في التفاوض.

وقال هولاند في بيان وزعه القصر الرئاسي أنه أكد خلال محادثاته مع حجاب ضرورة تطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن والداعي الى «انتقال سياسي» في سورية استناداً الى بيان جنيف، مشدداً على أنه لا يمكن للرئيس بشار الأسد أن يلعب دوراً في سورية الغد. وعبّر عن تأييده الكامل للخطة التي أقرتها المعارضة السورية في الرياض وأبدى ارتياحه لاستعداد المعارضة التام لمعاودة التفاوض مع النظام استناداً إلى جدول أعمال محدد. ولفت إلى أن إرادة النظام السوري بالتفاوض فعلاً مرهونة بوقفه للقصف العشوائي ولسياسة تجويع مدن بأكملها.

وصرّح حجاب لدى مغادرته القصر الرئاسي بأن الهيئة العليا التي يرأسها تستعد للمفاوضات المرتقبة في جنيف في 25 كانون الثاني (يناير) الجاري بوضع معايير وأهداف بحيث يكون هناك «انتقال سياسي حقيقي» وإقامة دولة مدنية ونظام تعددي ولا يكون للأسد ولرموز نظامه أي دور في مستقبل سورية ولا في بدء العملية الانتقالية. وقال إنه مع عملية انتقالية تستند الى «جنيف واحد». وأكد أن الهيئة العليا تريد التفاوض وإنها جادة في ذلك ولكن يجب أن تتوافر ظروف ملائمة لذلك إذ لا يمكن التفاوض مع النظام فيما هناك جهات خارجية تمارس القصف على الشعب السوري وترتكب المجازر اليومية بحقه، داعياً الى التزام المجتمع الدولي بقرار مجلس الأمن الأخير وتحديداً روسيا. ولفت الى انه بموجب القرار ينبغي اطلاق المعتقلين من نساء وأطفال وايصال المساعدات الانسانية للمناطق المحتاجة بهدف وقف المجاعة التي يعاني منها سكان مدن ومناطق محاصرة وكذلك وقف قصف المناطق الآهلة والمدارس والمستشفيات. وأشار حجاب الى انه طلب من هولاند ان يكون هناك فصل بين المسار السياسي والمسار الانساني، معرباً عن رفضه أن يكون الجانب الانساني ومعاناة السوريين ورقة ضغط على طاولة المفاوضات.

وكان حجاب التقى صباحاً وزير الخارجية لوران فابيوس الذي طالب برفع الحصار عن مضايا وغيرها من المدن المحاصرة. وشدد على أن الأسد لا يمكن أن يكون مستقبل سورية.

 

49 شاحنة مساعدات إلى مضايا و21 أخرى إلى الفوعة وكفريا

المصدر: العواصم الأخرى – الوكالات

واشنطن – هشام ملحم – نيويورك – علي بردى

أفاد مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان” رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له أن عدد الشاحنات التي تحمل مواد غذائية وطبية التي دخلت بلدة مضايا السورية بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان، تبلغ 49 شاحنة، إلى 21 شاحنة أخرى دخلت بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة المسلحة في ريف ادلب.

وتحدّث عن تأكيد عدم حصار النظام السوري مضايا، وذلك في إطار من السرية بين النظام والأمم المتحدة. وأشار إلى إحضار بعض المدنيين وتصويرهم على أن المسلحين هم من يحاصرونهم.

وأصدرت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سوريا ماريان غاسر بياناً جاء فيه: “العملية بدأت ومن المرجح استمرارها بضعة أيام”، مضيفة ان هذا “تطور إيجابي جداً وينبغي ألا يقتصر على تنفيذ عملية توزيع واحدة فحسب، فيتعين الوصول بشكل منتظم إلى هذه المناطق لتخفيف معاناة عشرات الآلاف من السكان”.

وقال الطبيب محمد يوسف الذي يرأس فريقاً طبياً محلياً في مضايا إن 67 شخصاً توفوا إما جوعاً وإما نتيجة نقص المساعدات الطبية خلال الشهرين الأخيرين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين.

 

كيري

وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري لدى استقباله العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، إن حكومته تصغط من أجل توفير حق الوصول الى البلدات السورية المحاصرة مثل مضايا لايصال المساعدات الانسانية اليها، مشيراً الى ان هذا ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الاخير لمجموعة الدعم الدولية لسوريا في نيويورك وفي مجلس الامن. وأضاف: “ونحن الان نثير هذه المسألة مع جميع الاطراف، وندفع في هذا الاتجاه بشدة. هذا ما يجب ان يحصل”.

وبعد اللقاء، قال كيري في تغريدة إنه أجرى “محادثات مثمرة ” مع العاهل الاردني، موضحاً ان الاردن ” شريك اساسي في انهاء النزاع في سوريا وفي الكفاح ضد داعش”.

 

مجلس الأمن

وفي نيويورك، رحب أعضاء في مجلس الأمن بإدخال مساعدات غذائية وطبية ملحة الى مضايا وكفريا والفوعة، بيد أنهم لفتوا الى رفع الحصار عن زهاء 400 ألف انسان يعانون الحصار في مناطق مختلفة من سوريا. بينما حذر الناطق بإسم الأمم المتحدة فرحان حق من أن “تجويع الناس في أوقات الحرب ينطوي على انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي”.

وعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة من خارج جدول الأعمال لعرض الوضع الإنساني في المناطق السورية المحاصرة، والإستماع الى إفادة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين. وتحدث ديبلوماسيون عن اقتراحات لاتخاذ مجلس الأمن موقفاً رسمياً في شأن المناطق المحاصرة في سوريا. ونقل ديبلوماسيون عن أوبراين أن نحو 394 ألف شخص يعيشون حالياً تحت الحصار، بينهم 181 ألفاً و200 تحاصرهم القوات الحكومية و200 ألف تحاصرهم “الدولة الإسلامية – داعش” و12500 تحاصرهم قوى المعارضة في بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين. واتهم “حزب الله” بأنه يشارك في حصار مضايا، مؤكداً أن هناك “تقارير موثوقاً بها عن أناس يموتون من التجويع ويقتلون لدى محاولتهم الفرار من البلدة” على أيدي المقاتلين الذين يحاصرون البلدة.

وسأل أعضاء مجلس الأمن عن مناطق أخرى محاصرة مثل الغوطة وداريا.

وقال المندوب الفنزويلي الدائم لدى المنظمة الدولية جيرار فان بوهيمن أن بلاده وأسبانيا طلبتا عقد هذا الإجتماع في شأن الوضع في مضايا “عقب تقارير عن أناس يموتون بسبب التجويع”. وأضاف أن “تكتيك الحصار والتجويع واحدة من الخصائص الأكثر ترويعاً في النزاع السوري”، وأنه “من المشجع أن موكباً من الإمدادات الإنسانية وصل الى مضايا (أمس)، لكن هذه بداية فقط. نحتاج الى وصول انساني مستدام وغير معرقل الى جميع المحتاجين في سوريا”.

وصرح نائب المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة بيتر ويلسون بأن “التقدم في ايصال المساعدات الإنسانية الى مضايا نبأ جيد، على رغم أنها قليلة ومتأخرة”.

 

واشنطن تضغط لإشراك الأكراد في الوفد المعارض

حراك أميركي ـ روسي لإحياء جنيف السوري

محمد بلوط

محاولات روسية ـ أميركية أخيرة في جنيف اليوم وغدا، لتمهيد الطريق إلى «جنيف 3» السوري.

مساعدا وزارة الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف والأميركية آن باترسون يعكفان، خلال يومين، على محاولة الإبقاء على موعد 25 تشرين الثاني الحالي قائماً لاستئناف العملية السياسية في سوريا.

ومن المنتظر أن ينضم إلى الاجتماعات في ما بعد الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا، بعد أن يكون الأميركيون والروس قد توصلوا إلى اتفاق واضح، حول تركيبة الوفد السوري المعارض المفاوض، فضلا عن إعادة البحث بمسألة قوائم المنظمات الإرهابية.

وإذا لم ينجح الديبلوماسيان، الروسي والأميركية، فقد يتم الاستعانة بوزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لمتابعة المفاوضات، في لقاء أبديا استعداداً لعقده، من دون أن يحدد موعده بعد، وبلورة تفاهم روسي ـ أميركي لا بد منه لكي ينعقد اجتماع الـ25 من الشهر الحالي.

وعلى وزيري الخارجية، اللذين اجريا بالأمس مشاورات هاتفية حول سوريا، بحسب وزارة الخارجية الأميركية، تقديم براهين جدية على الرغبة باستئناف العملية السياسية، وعدم المغامرة بترك السعودية تنفرد بقيادة المعارضة السورية إلى أي مؤتمر تفاوضي. فالسعودية، التي جمعت أجنحة «الائتلاف» وشخصيات مستقلة من المعارضة في مؤتمر الرياض، لا تملك حالياً أي مصلحة في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، كما أن التوقيت الديبلوماسي السعودي يعيش هواجس تصعيد متواصل مع إيران لن يتردد خلاله في إطاحة هذه الفرصة، وإطالة أمد الحرب على حساب السوريين.

وفي باريس، التي التقى فيها الرئيس فرانسوا هولاند، لم يظهر رياض حجاب تفاؤلاً كبيراً، باحتمالات الذهاب إلى «جنيف 3». وقال «إنه لا يمكن التفاوض مع النظام السوري، وهناك جهات أجنبية تقصف الشعب السوري».

وكان «الائتلافيون»، تحت وصاية سعودية، قد وضعوا الطرفين، وتكتلات المعارضة الأخرى أمام الأمر الواقع، وشكلوا «وفدهم» والهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عن مؤتمر الرياض، باعتباره وفد المعارضة السورية النهائي، وأغلقت أبواب النقاش في هذا الملف، ووضعته بيد المنسق العام للهيئة رياض حجاب الذي يقوم بجولة أوروبية لتسويق وفده، وتكريسه مفاوضاً وحيداً.

وتقول مصادر ديبلوماسية إن الأميركيين سيحاولون تعديل الوفد «السعودي» وفرض تمثيل كردي متكافئ يعكس الخريطة السياسية السورية، والتحالف الذي باتت تقيمه واشنطن مع «وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري.

وكان السعوديون، تحت ضغط تركي، قد دفعوا «الائتلافيين» إلى وصم «حزب الاتحاد الديموقراطي» بالإرهاب، وإقصائه مع «قوات سوريا الديموقراطية»، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري من أي حضور في جنيف. وكان الأميركيون قد دفعوا حلفاءهم الأكراد إلى الإعلان على لسان المتحدث العسكري باسمهم طلال سلو انتهاء العملية العسكرية غرب الفرات، بعد سيطرتهم على سد تشرين، لطمأنة الأتراك أنهم لن يذهبوا بعيداً في اختراق ممر جرابلس ـ منبج ـ الباب، وتحقيق الوصلة الأخيرة بين كانتوني الحسكة في الشرق وعين العرب وعفرين في الغرب، ورسم كيان كردي في سوريا. ومن المنتظر أن تسهل هذه الخطوة الأميركية دمج الأكراد في وفد المعارضة السورية، إذ أن إقصاء الحليف الكردي عن العملية السياسية بعد كل ذلك لن يكون مقبولاً أميركياً، وهي نقطة التقاء أميركية ـ روسية، كما لن يكون مقبولاً لدى الأكراد إقصاءهم من حضور جنيف مرة ثالثة، وتمثيلهم بمجموعات قريبة من الأتراك والسعودية.

إلا أن مصير اجتماع جنيف بات معلقاً أكثر من أي وقت مضى على الموقف الروسي، الذي لم يجر تحديده علنا حتى الآن، كما لم يعرب الروس عن موقف علني واضح من انفراد مجموعة مؤتمر الرياض، السعودية ـ التركية، بالوفد التفاوضي. ويملك الروس في جنيف اليوم وغداً أرضية قانونية للمناورة، لاستعادة المبادرة من السعوديين، وتوسيع قاعدة تمثيل المعارضة السورية، وتغيير الوفد المعارض، وفرض توازنات في التمثيل تنهي احتكار الرياض وأنقرة للصوت السوري المعارض، وتفتح الباب أمام مجموعات أكثر استقلالاً، واقرب إلى القاهرة وموسكو. إذ ينص القرار 2254 على مرجعيات تفاوضية سورية متعددة هي الرياض وموسكو ولجنة القاهرة.

كما أن مرجعية فيينا تخول دي ميستورا تشكيل الوفد، إلا انه لا يملك الشجاعة السياسية الكافية لاستخدام صلاحياته، ومواجهة الأميركيين والسعوديين، وتسمية معارضين من خارج المظلة الأميركية ـ السعودية. وقد يضطر دي ميستورا في الأيام المقبلة لإنقاذ «جنيف 3» إلى اتخاذ المزيد من المبادرات لتنفيذ الوعود التي قطعها في دمشق وطهران، بأن يعمد إلى تغيير الوفد المطروح، وضمّ أسماء أخرى إليه من أجنحة المعارضة الداخلية والخارجية، وعدم الاكتفاء باللائحة التي قدمها «الائتلافيون»، شرط أن يحظى بتفاهم روسي ـ أميركي. ولن يكون بوسع الوسيط الدولي إلا الذهاب نحو تغيير الوفد خصوصا إذا ما طلب الروس ذلك منه.

ومن المنتظر أن ينضم إلى الاجتماعات مع الديبلوماسيين الأميركيين والروس والبريطانيين في جنيف، وفد من «مجلس سوريا الديموقراطية»، يتقدمه رئيسه المعارض هيثم مناع. ويطمح الوفد السوري إلى تقاسم التمثيل مناصفة مع «الائتلافيين»، والتشاور على ورقة مشتركة لا تكون ورقة الرياض. ويبدو اقتراح ضم أسماء إلى الوفد «الائتلافي» كهيثم مناع أو رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» صالح مسلم محمد، أو الأمين العام في «جبهة التغيير والتحرير» قدري جميل، اقتراحاً غير كاف لحل معضلة التمثيل المعارض. إذ أن ضم الأسماء من دون التفاهم على وجهة تفاوضية، لن يحل المشكل. إذ لم يتوقف «الائتلافيون» عن مهاجمة القرار 2254 الذي يعد خريطة الطريق إلى الحل، ولا عن انتقاد الروس، الراعي الأساسي إلى جانب الأميركيين للعملية، كما لم يتوقفوا عن فرض شروط مسبقة، تتعلق بالعملية الانتقالية. كما أن الآلية التفاوضية التي وضعها «الائتلافيون» بإيلاء القرار التفاوضي إلى هيئة عليا مقرها الرياض، لن يكون مقبولا لأنه يلغي كليا هامش الاستقلالية لأي طرف يقبل بالضم، وليس بتغيير الوفد وقواعد التمثيل، والمرجعيات.

 

الأمم المتحدة: 400 شخص بحاجة للإجلاء العاجل من مضايا

أكد ديبلوماسيون في الامم المتحدة، الاثنين، أن 400 مدنياً محاصرين داخل بلدة مضايا في سوريا هم بحاجة ماسة كي يخرجوا منها لأسباب صحية، وطلبت الأمم المتحدة موافقة الحكومة السورية لإجلائهم.

وقال رئيس قسم العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفن اوبراين، إن “400 شخصاً يجب ان يخرجوا فورا” من مضايا وان الامم المتحدة تأمل بإخراجهم “في اقرب وقت ممكن” وربما اعتبارا من الثلاثاء.

وقدم اوبراين تقريرا عن مضايا وعن مدن سورية اخرى محاصرة الى سفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الامن الدولي، الذي كان يعقد جسلة مغلقة.

واوضح ان المدنيين الواجب اجلائهم “يواجهون خطر الموت” وهم يعانون من سوء التغذية ومن “مشاكل طبية اخرى”، مشيراً إلى أنه من اجل اجلائهم برا او جوا يجب الحصول على ضمانات من الحكومة السورية وكذلك من “اطراف اخرى”.

وقال السفير الاسباني رومان اوزارغون مارشيسي، من جهته: “من المهم القول ان محاصرة مدنيين بهدف تجويعهم هي جريمة حرب”، معتبراً أن الموافقة التي اعطتها دمشق لنقل المواد الغذائية الى مضايا امر “ايجابي”.

واشار السفير الاسباني الى ان بلاده ونيوزيلندا وفرنسا طلبت اجراء هذه المشاورات في مجلس الامن الذي “يواصل متابعة الوضع”.

واعرب السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر عن الأمل في ان يعقد المجلس اجتماعا رسميا وعلنيا بأسرع وقت ممكن لبحث مصير مدن سورية محاصرة يوجد فيها 400 الف مدني حسب الامم المتحدة، بالإضافة الى بحث الوضع الانساني في البلاد.

وذكر أن تحسين الوضع الانساني من شأنه ان يسهل عملية التسوية السياسية في سوريا، وذلك قبل اقل من ثلاثة اسابيع على استئناف محادثات السلام بين السوريين برعاية الامم المتحدة، موضحاً أن “المفاوضات بين السوريين لا يمكن ان تستأنف من دون تحسين وضع المدنيين”.

واعتبر السفير النيوزيلندي جيرارد فان بوهيمين، بدوره، أن  إدخال المساعدات “يجب ان تكون بداية وليس فقط عملية محددة” مضيفاً ان “المساعدة الإنسانية هي واجب حسب القانون الدولي ولا يمكن ان تكون رهينة السياسة”.

وطالب السفير البريطاني ما تيو ريكروفت بـ”رفع الحصار عن كل المدن لإنقاذ أرواح المدنيين ودفع عملية السلام في سوريا”.

في المقابل، أكد السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن أي مدني لم يمت بسبب الجوع في مضايا، ولكن “الارهابيين في داخل المدينة” سرقوا المواد الغذائية.

واتهم السعودية وقطر بترويج “اكاذيب” بهدف “شيطنة” النظام السوري و”ضرب” محادثات السلام المقبلة المقررة مبدئيا اعتبارا من 25 كانون الثاني الحالي في جنيف.

إلى ذلك، أكد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يعقوب الحلو، أن “عمالاً من الأمم المتحدة ووكالة إغاثة شاهدوا أشخاصاً يتضورون جوعاً في منطقتين سوريتين محاصرتين، وصلت إليها المساعدات الغذائية الإثنين”.

وقال الحلو أثناء تواجده في بلدة مضايا، للإشراف على عملية توزيع الغذاء على أكثر من 40 ألف شخص، إنه “تلقى تقارير، لم يتسن تأكيدها، تشير إلى أن 40 شخصاً على الأقل لاقوا حتفهم من الجوع”.

وأضاف: “لقد رأينا بأعيننا أطفالاً يعانون من سوء التغذية الحاد. وأنا متأكد من أن هناك أشخاصاً أكبر سناً يعانون سوء التغذية أيضاً”.

وأشار الحلو إلى أن “عملية كبيرة أخرى لإرسال القمح والطحين والإمدادات الطبية ومواد غير غذائية لهذه المناطق تستكمل يوم الخميس”، موضحاً أن “عمال الإغاثة في مضايا يقومون بعملية توزيع المواد الغذائية بطريقة مقبولة، على الرغم من عدم وجود الأمم المتحدة على الأرض”.

وأوضح أنه “في ما يتعلق بالأشخاص الذين يتضورون جوعاً، فسوف ينتهي ذلك سريعاً جداً ومن ثم علينا أن نواصل إرسال المساعدة الإنسانية للأشخاص في هذه المناطق المحاصرة بشكل دائم”.

وأوضح الحلو أن “هناك 400 ألف سوري على الأقل يعيشون في مناطق محاصرة نصفهم في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم (داعش) في محافظة دير الزور شمال سوريا، والبقية في مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة في الريف الجنوبي للعاصمة دمشق”.

(أ ف ب، رويترز)

 

أردوغان بعد تفجير اسطنبول : هجوم اسطنبول نفذته انتحارية سورية الأصل

اسطنبول – (د ب أ)- كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن انتحارية من أصل سوري هي من نفذت التفجير الذي وقع بمنطقة سياحية بمدينة اسطنبول التركية.

وأكد أن تركيا عازمة على المضي في محاربة الإرهاب ، وقال إن تركيا مستهدفة من الإرهاب بهدف القضاء على وحدة شعبها.

 

اشتباكات بين قوات سريانية مسيحية وقوات كردية في مدينة القامشلي السورية

اسطنبول – (د ب أ) – قتلت قوات ” الاسايش الكردية ” التابعة لإدارة الحكم الذاتي في مدينة القامشلي السورية مقاتلا مسيحيا سريانيا في حي ” الوسطى ” ذي الغالبية المسيحية في المدينة الحدودية مع تركيا.

و قال المرصد الآشوري لحقوق الإنسان في بيان الثلاثاء إن اشتباكات عنيفة اندلعت في مدينة القامشلي السورية في ساعات الصباح الأولى اليوم بين عناصر مكتب الحماية السريانية (السوتورو) التابعة لقوات الدفاع الوطني الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقوات الأمن الاسايش التابعة للإدارة الذاتية الكردية، وذلك في حي الوسطى ذي الغالبية المسيحية وسط مدينة القامشلي شمال شرق سورية.

وأفاد المرصد الحقوقي بان الاشتباكات أسفرت عن مقتل عنصر من عناصر مكتب الحماية السوتورو ( المسيحي ) اسمه كابي هنري داوود، و جرح عدد من مقاتلي السوتورو والاسايش، وقد تم نقلهم إلى مستشفيات المدينة وحالتهم الصحية مستقرة .

وأضاف البيان أن الاشتباكات العنيفة جاءت نتيجة قيام مكتب الحماية (السوتورو) ، يوم أمس بإغلاق جميع مداخل حي الوسطى بالحواجز والمتاريس، وترك منفذين فقط للدخول والخروج يكونان تحت سيطرتهم المباشرة ، وذلك خشية من تكرار عمليات إرهابية كتلك التي استهدفت مسيحيي المدينة في 30 كانون أول / ديسمبر الماضي والتي كانت قد اسفرت عن سقوط 17 قتيلا وعشرات الجرحى في معظمهم من سريان المدينة.

 

الجيش السوري يدخل بلدة سلمى أبرز معاقل الفصائل المقاتلة في ريف اللاذقية

بيروت- (أ ف ب): دخلت قوات النظام السوري بلدة سلمى الاستراتيجية، معقل الفصائل الاسلامية والمقاتلة في ريف اللاذقية في شمال غرب البلاد، بعدما حققت تقدما في المنطقة بغطاء جوي روسي، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس “دخلت قوات النظام والمسلحون الموالون لها اليوم بغطاء جوي روسي كثيف الى القسم الشرقي من بلدة سلمى الاستراتيجية حيث تدور حاليا اشتباكات عنيفة مع الفصائل الاسلامية والمقاتلة” وبينها حركة احرار الشام وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).

 

منظمة الصحة تطلب من الحكومة السورية السماح بإرسال عيادات متنقلة وفرق طبية إلى مضايا

جنيف- (رويترز): قالت ممثلة عن منظمة الصحة العالمية الثلاثاء إن المنظمة طلبت من الحكومة السورية السماح بإرسال عيادات متنقلة وفرق طبية إلى بلدة مضايا المحاصرة لتقييم حالة سوء التغذية وإجلاء الحالات الخطيرة.

وقالت إليزابيث هوف ممثلة منظمة الصحة العالمية في دمشق التي زارت مضايا أمس الإثنين مع قافلة من الأمم المتحدة إن المنظمة تحتاج القيام بتقييم عن طريق زيارات منزلية من بيت لبيت في البلدة التي يبلغ عدد سكانها 42 الف نسمة وحيث أبلغها طبيب سوري إن ما بين 300 و400 شخص في مضايا بحاجة “لرعاية طبية خاصة”.

وقالت هوف لرويترز “انا قلقة حقيقة”. وأضافت “وجهت طلبا فوريا للسلطات بارسال المزيد من الإمدادات. نطلب إرسال عيادات متنقلة وفرق طبية”.

 

سوريا: غارة روسية تقتل 35 تلميذا وإيران تنفي التدخل العسكري المباشر

شاحنات إغاثة تدخل مضايا… والمعارضة تطالب بإنهاء القصف قبل المحادثات

عواصم ـ وكالات: اتهم منسق المعارضة السورية رياض حجاب روسيا بقتل عشرات الأطفال بعد غارة جوية، أمس الاثنين. وقال إن المعارضة لا يمكنها التفاوض مع الحكومة السورية في ظل هذه الأفعال.

وقال حجاب بعد اجتماع مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند «نريد التفاوض ولكن يتعين توفر الظروف المناسبة لذلك… لا يمكننا التفاوض مع الحكومة في الوقت الذي تقصف فيه قوات أجنبية الشعب السوري.»

وأضاف أن الطائرات الحربية الروسية نفذت «مذبحة» في عنجارة في حلب شمال غرب سوريا حيث أصاب القصف مدارس، مما أسفر عن مقتل 35 طفلا وإصابة العشرات.

وقال أولاند إنه لا مستقبل للرئيس السوري بشار الأسد. ودعا إلى مساعدات إنسانية فورية للمناطق المحاصرة في سوريا لا سيما بلدة مضايا.

ومن المنتظر اجتماع الحكومة والمعارضة في جنيف لإجراء محادثات في 25 كانون الثاني/ يناير.

جاء ذلك فيما دخلت شاحنات تحمل مواد إغاثة إنسانية بلدة مضايا السورية القريبة من الحدود اللبنانية، أمس الاثنين، في إطار اتفاق بين طرفي الحرب لإدخال إمدادات طبية وغذائية إلى المناطق المحاصرة.

ودخلت عربات تابعة للهلال الأحمر والأمم المتحدة مضايا القريبة من الحدود اللبنانية، بعد ساعات من مغادرتها دمشق، في حين تستعد قافلة أخرى لدخول قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في محافظة إدلب شمال غرب سوريا بموجب الاتفاق. ويقضي الاتفاق بدخول إمدادات الإغاثة إلى مضايا والقريتين بشكل متزامن.

وتحاصر قوات موالية للحكومة السورية قرية مضايا منذ أشهر، في حين يحاصر مقاتلون من المعارضة المسلحة القريتين الشيعيتين في محافظة إدلب.

من جهة أخرى أكدت طهران الاثنين أنها تدعم دمشق في مجالات التجهيز والاستشارات ونقل الخبرات الى قوات النظام السوري، نافية تدخلها في العمليات العسكرية التي تخوضها ضد أطراف عدة وعلى أكثر من جبهة في البلاد منذ نحو خمس سنوات.

وقال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي في مؤتمر صحافي مع نظيره السوري محمد إبراهيم الشعار في وزارة الداخلية في دمشق «نحن في إيران لا نقوم بالدعم المباشر (لسوريا)، أي لا نتدخل في العمليات العسكرية بشكل مباشر».

وأضاف باللغة الفارسية «لكن ما نقوم به هو في مجال التجهيز والتدريب ونقل الخبرات إلى الشباب السوري والشعب بإشراف الحكومة السورية حتى يتمكنوا من الدفاع عن الاستقلال والحرية (…) ليس فقط خلال الحرب، وإنما في الأوقات كلها وفي المجالات كافة».

وأوضح «أننا في سوريا والعراق، نقدم مساعدات ذات طابع استشاري (…) وإذا استوجب الأمر يمكننا تأمين تدريبات».

 

فتح روسيا جبهة جنوب سوريا وتعاونها الميداني مع «حزب الله» يثيران مخاوف الأردن وإسرائيل

ثأر بوتين من تركيا يطال الناشطين الشيشان… اغتيالات في وضح النهار وعمليات «إضرب واهرب»

إبراهيم درويش

لندن ـ «القدس العربي»: أثار تركيز الطيران الروسي على الجنوب السوري قلق جيران سوريا ـ الأردن وإسرائيل. وقالت صحيفة «التايمز» إن الجبهة التي فتحتها روسيا ضد المقاتلين السوريين في جنوب البلاد سمحت لقوات النظام السوري بالقيام بأول عملية عسكرية له في الجنوب ومنذ عامين.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين ومقاتلين في الجنوب قولهم إن الغارات الجوية الروسية حرفت ميزان الحرب. وهو ما أثار مخاوف إسرائيل من توغل مقاتلي حزب الله في الجنوب قريباً من الجولان.

وتعلق الصحيفة إن تنظيم «الدولة» ليس له حضور في الجنوب خاصة أن المبرر الرئيسي للتدخل الروسي نهاية إيلول/سبتمبر كان توجيه ضربة للتنظيم الجهادي الذي يسيطر على مناطق في شرق ووسط سوريا.

وعلى خلاف الجبهات الأخرى في الحرب الأهلية السوريا فقد ظلت الجبهة الجنوبية متماسكة وتمثلها جماعات مقاتلة تابعة لـ»الجيش السوري الحر» وتحكمها العلاقات القبلية ضمن تحالف عرف بـ»الجبهة الجنوبية». وأصدرت هذه العام الماضي بياناً أعربت فيه عن التزامها بالديمقراطية والتعددية وحماية الأقليات. وأشارت دراسة لمركز كارنيغي ـ الشرق الأوسط إلى أن الجبهة الجنوبية «تمثل الأمل الأخير لسوريا».

وتعمل «الجبهة الجنوبية» مع غرفة العمليات العسكرية في عمان والتي يشرف عليها عسكريون من الأردن ومن الدول الغربية.

نقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله «كانت الغارات الجوية الروسية خفيفة في المئة يوم الاولى من الغارات» و«لكنهم في الأسابيع الأخيرة كثفوا من الغارات، ولا نعرف لماذا؟ وتبع هذا هجوم شنه حزب الله والميليشيات الإيرانية». وأضاف «الجميع قلق على «الجيش السوري الحر»، وهذا الأخير قلق فلدى الروس قوة جوية ضاربة وهو ما يثير قلق الأردنيين من موجة لاجئين جدد». ورفضت الحكومة الأردنية التعليق إلا أن عدد اللاجئين العالقين على الحدود وينتظرون التسجيل قد زاد من 5.070 في تشرين الثاني/نوفمبر إلى أكثر من 16.000 في الأسبوع الماضي. ويواجه الأردن أزمة اقتصادية خاصة أن عدد السوريين الذين وصلوا للبلاد منذ بداية الحرب عام 2011 وصل قرابة المليون لاجئ.

ونقل عن عصام الريس، المتحدث باسم «الجبهة الجنوبية» قوله إن القصف الروسي المكثف سمح للقوات السوريا بالسيطرة على أجزاء من بلدة الشيخ مسكين. وفي حالة خسارة هذه المنطقة الإستراتيجية فسيتم قطع الاتصال بين مناطق المعارضة في الجنوب. وقال الريس «نحن نتحدث عن 60 غارة في أقل من 48 ساعة، ولا يوجد لدى النظام القدرة على شن هذا الكم من الغارات».

وقال قيادي آخر إن خسارة الشيخ مسكين ستنفع النظام بشكل كبير. وقال صهيب الذي يقود «كتيبة الفرقان» إن «الطيران الروسي يلعب دوراً مهماً في دعم قوات النظام والميليشيات الشيعية».

وكان «الجيش الحر» قد سيطر على منطقة عمقها 30 ميلاً في الجنوب السوري. وفي العام الماضي توقع الغرب قيام المقاتلين بالتقدم نحو العاصمة دمشق وهو ما كان سيضغط على نظام بشار الأسد الموافقة على تسوية سلمية.

ونقلت الصحيفة عن الجنرال علي شكري، المحلل والمساعد العسكري السابق للملك حسين «لا أظن أن الروس سيسمحون للمعارضة بالاقتراب من دمشق» و«سيعملون ما في وسعهم لوقف تقدم المعارضة».

تعاون مع حزب الله

ويعتبر الدعم الجوي الذي تقدمه روسيا ملمحاً واحداً من ملامح التدخل العسكري الروسي في سوريا، فقد ذكر موقع «دايلي بيست» أن الطيران الروسي والقادة العسكريين يعملون بشكل وثيق مع حزب الله اللبناني.

ونقل الموقع عن قادة عسكريين ميدانيين لحزب الله قولهم إنهم يتلقون مساعدات عسكرية مباشرة من الروس وبدون شروط مسبقة. ورسم القادة الذين تحدث إليهم الموقع صورة عن تعاون وتنسيق وثيق بين الروس والإيرانيين وحزب الله في الميدان السوري. وأضافوا أيضا أن التعاون المتبادل بين الطرفين في تزايد مستمر.

وأشار كاتب التقرير الصحافي الكندي جيسي روزنفيلد إلى أن حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية لها أذرع دولية لخدمة المصالح الإيرانية. ويتم تمويله وتدريبه وتسليحه من إيران بمساعدة سوريا واشتهر بهجماته الانتحارية ضد المارينز في بيروت عام 1983 وشن هجمات ضد فرنسا وإسرائيل. وتطور الحزب عبر العقود الماضية ليصبح قوة عسكرية وجيشاً موازياً للجيش اللبناني وله كتلة برلمانية تؤثر في السياسة اللبنانية.

رفض خدمة

ونظراً للدور الذي لعبه الحزب في مواجهة إسرائيل فقد نظر إليه باعتباره طليعة المقاومة.

وفي الآونة الأخيرة تراجعت سمعته في العالم العربي عندما قرر الوقوف إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة الشعبية. ونظرا لتورط الحزب الشديد في الحرب الأهلية وزيادة عدد قتلاه فقد نقل الموقع في كانون الأول/ديسمبر عن مقاتلين قولهم إن رفضوا العودة إلى سوريا والقتال فيها.

واتخذ الحزب إجراءات انتقامية ضد من رفض منهم، حيث قطع المعونات الصحية والتعليمية والرواتب عمن رفض من عناصره العودة والقتال في سوريا. وقابل روزنفيلد قادة عسكريين في الحزب بمنطقة الضاحية الجنوبية ببيروت. ورفضوا استخدام أسمائهم الحقيقية لأنهم غير مفوضين للحديث باسم الحزب وقالوا إن الحزب يتلقى صواريخ طويلة المدى وصواريخ مضادة للدبابات. وبحسب القائد بكر «نحن حلفاء استراتيجيون لروسيا الآن… والروس هم حلفاؤنا ويعطوننا الأسلحة».

ويقود بكر خمس وحدات في سوريا مجموع عناصرها 200. وكرجل قاد وحدات في اللاذقية ومحافظة إدلب وجبال القلمون يرى أن القصف الروسي غير من طبيعة الحرب البرية التي يلعب فيها حزب الله والإيرانيون دوراً مهماً.

وقال بكر «كان الوضع حول اللاذقية يعتبر صعباً» ولكن عندما بدأت موسكو حملتها العسكرية تغير الوضع «فقد جعل تدخل الروس الأمور أسهل».

وأضاف بكر أن الروس يعتمدون على حزب الله في المعلومات الأمنية واختيار الأهداف «فبدون الغطاء الجوي الروسي لا يمكننا التقدم وبدون معلوماتنا من الأرض لا يمكنهم تقديم الدعم الجوي لنا». وأضاف بكر إن الروس نشروا قوات خاصة في محيط اللاذقية خاصة حول المطار الذي تنطلق منه الطائرات الروسية. ولم يستجب المسؤولون الروس لطلبات «دايلي بيست» التعليق على نشر قوات خاصة في اللاذقية وعن علاقتهم بحزب الله. ورغم أن الحزب رفض التعليق على العلاقة مع الروس إلا أن بكر أكد أن العلاقة مع الروس تعود إلى عام 2012. وكان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية قد التقى بالأمين العام حزب الله في بيروت عام 2014 من أجل مناقشة التطورات الإقليمية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر أصدر بوغدانوف بياناً وضح فيه ان حكومة بلاده لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية.

وقال المسؤول الروسي «نحتفظ بعلاقات واتصالات معهم لأننا لا نعتبرهم منظمة إرهابية». ونقل التقرير عن «عسير» وهو مجند ومدرب في لبنان قاد وحدات قوات خاصة للقتال في سوريا قوله إن الروس معجبون بشكل متزايد بحزب الله ويعتمدون على مقاتليه أكثر من الجيش السوري وذلك لحراسة مخازن الأسلحة الروسية في سوريا.

بل وقال عسير إن حزب الله يقوم بتدريب الجيش السوري على استخدام الأسلحة في هذه المخازن خاصة أن الحزب لديه صلاحية للدخول إلى هذه المخازن وقال «يقوم حزب الله بتدريب الجيش السوري على استخدام أنواع جديدة من الأسلحة». ويزعم أن الروس لا يقيدون استخدام الحزب السلاح حتى لو كان ضد إسرائيل حالة الضرورة «وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل لا يتلقى الحزب تعليمات من أحد». ويعترف روزنفيلد أن عسير ليس في وضع قيادي بارز بالحزب كي يعرف الترتيبات السرية مع الروس.

في العراق واليمن

وانضم القياديان لحزب الله أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان والذي انتهى عام 2000 ويقولان إنه تحول للاعب محلي وإقليمي وأصبح القوة المهمة التي تساعد على استمرار الأسد بالسلطة. وبات يستخدم الدعم الإيراني لتوسيع مشاركته في النزاعات من العراق إلى اليمن مع أن الحزب نشأ لتمثيل الشيعة في لبنان.

ويقول بكر إنه أرسل عام 2014 في مهمة تدريب لمجموعة شيعية في العراق وهي كتائب حزب الله هناك. وفي عام 2015 أرسل لتدريب المتمردين الحوثيين في اليمن. ورغم التوسع الإقليمي والدعم الروسي يقول بكر إنهم ليسوا بحاجة لاستخدام السلاح الروسي حالة اندلعت الحرب مع إسرائيل.

ويقول إنهم قادرون على مواجهة هجوم إسرائيلي على الجنوب من خلال الترسانة العسكرية التي قدمتها إيران له.

وزاد التوتر على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل بعد الغارة الجوية التي قتلت قيادياً من الحزب في دمشق الشهر الماضي مما سيضع العلاقات الروسية مع حزب الله أمام امتحان كبير حالة تطورت الأوضاع إلى حرب شاملة في ظل التدخل الروسي في سوريا واستمرار استهداف إسرائيل لمسؤولي حزب الله.

حرب أخرى

بعيداً عن سوريا ولبنان، تخوض روسيا حرباً من نوع آخر في تركيا وهذه المرة ضد ناشطين من الشيشان. ففي تقرير لصحيفة «الغارديان» أعده شون ووكر عن الشكوك التي تحوم حول تورط روسيا في تصفية عدد من الناشطين الشيشان.

وكتب ووكر أن عبد الوحيد إدلغرييف نجا لسنوات وهو يختبئ في جبال الشيشان ونجا من ساحات المعارك في سوريا لتنهي حياته في تشرين الثاني/نوفمبر وسط موجة من الرصاص. وقتل في وضح النهار بمدينة اسطنبول حيث كان في طريقه مع ابنة اخته البالغة من العمر 3 أعوام لعمل بعض التسوق. وكان إدلغرييف قد خرج من الشقة التي يقيم بها في قيصرهير في ظهيرة يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر.

وعندما كان يريد تحريك سيارته بعدما وضع الطفلة في المقعد الخلفي اعترضته حافلة بيضاء ومنعته من المضي فما كان منه إلا أن دفع بالطفلة إلى أرضية السيارة وحاول الهرب ولحقه أحد القتلة وأطلق النار عليه.

وعندما وصل الإسعاف بعد دقائق كان قد فارق الحياة. وتكشف المعلومات التي قدمتها عائلته ومعارفه عن شخصية محورية فيما أطلق عليها «إمارة القوقاز الإسلامية» والتي تضم مجموعة من التنظيمات التي تقاتل روسيا في شمال القوقاز.

وشارك إدلغرييف في الحرب السوريا مع المقاتلين الشيشان ولكن في صفوف جبهة النصرة. وتقول الصحيفة إن عملية قتل إدلغرييف هي آخر عملية يقتل فيها ناشط شيشاني على التراب التركي في السنوات الأخيرة. فقد تم قتل المعارضين لنظام رمضان قديروف رئيس الشيشان في موسكو وفيينا ودبي.

وتوجه أصابع الإتهام لميليشيات الرئيس قديروف بالوقوف وراء عمليات التصفية لكن مسؤولين أتراكاً لا يستبعدون ضلوع موسكو.

ولم تصدر تعليقات رسمية روسية على الإغتيال ولكن الرئيس فلاديمير بوتين أصدر في عام 2003 قرارا يسمح فيه للمخابرات السرية باستهداف المعارضين في أي مكان.

وهناك مخاوف من تصعيد عمليات الإغتيال في ضوء التوتر الحاصل بين تركيا وروسيا بعد إسقاط الأتراك طائرة سوخوي الروسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2014.

وتقول الصحيفة إن مسدس «غروزا» الروسي الصنع والذي لا يتوفر في سوق السلاح استخدم في عملية اغتيال عام 2009 وفي عام 2011 قام فريق اغتيال مكون من 9 أشخاص يعتقد أن من بينهم عميلين روسيين بقتل ثلاثة ناشطين شيشان حيث استخدموا سيارات وتركوا وراءهم جوازات سفر مزورة.

ولم يتم اعتقال سوى شخص واحد في عمليات القتل ويلقب باسم «المحور» وأثناء محاولات دخول اسطنبول عام 2012 باستخدام جواز سفر جورجي مزور عليه اسم تيمور ماخواري. ويخضع المحور الآن للمحاكمة ومن بين الأدلة المقدمة ضد لقاء له مع مسؤول في المخابرات السرية الروسية ناقشا فيه اغتيال شيشان في تركيا.

منفيون

ويعيش في اسطنبول آلاف من الشيشان حيث أقيمت لهم ثلاثة مخيمات بالإضافة لعدد آخر من المدنيين الذين ينتشرون في أحياء المدينة. وأصبحت المدينة مركزاً للناشطين الذين هربوا مع أولادهم وعائلاتهم وهناك بعض الجرحى الذين حضروا لتقلي العلاج. ويشعر كل الشيشان الذين كانت له علاقة بما يطلق عليها إمارة القوقاز بالخوف. وقال إن أحدهم ترك اسطنبول وذهب إلى أوكرانيا ويغير باستمرار شريحة هاتفه المحمول ويحمل مسدساً عندما يكون في تركيا.

وفي مقابلة مع عدد من الناشطين الشيشان في واحد من أحياء اسطنبول قال أحدهم «يطلب منا اتخاذ احتياطات» مع أن إدلغرييف لم يلاحظ في الأيام التي سبقت مقتله أن أحداً يتابعه ولهذا لم يتخذ احتياطات. ويقول العارفون به إنه كان شخصية مهمة بين الشيشان في الشتات.

من المدرسة إلى الغابة

ولد إدلغرييف عام 1983 لأبوين شيشانيين كانا يعيشان في منطق فولغوغراد وعندما أنهى دراسته خطط للذهاب إلى الجامعة إلا أن الهجوم الذي شنه بوتين على الشيشان عام 2000 دفع بعائلته للعودة إليها حيث انضم ثلاثة من إخوته للمقاومة ضد الروس.

وبحسب والده علو إدلغرييف «بداية لم يكن عبدالوحيد مقاتلاً ولكن القوات الأمنية اختطفته أكثر من مرة من أجل الحصول على معلومات عن أشقائه ولهذا قرر نفسه الانضمام إليهم في الغابة».

وأصبح مقرباً من دوغو عمروف الذي كان رئيس إمارة القوقاز، وفي عام 2009 جرح عبدالوحيد فنصحه عمروف بترك الجبال والبحث عن علاج، فقرر السفر إلى تركيا. أما أشقاؤه الثلاثة فقتلوا في الفترة ما بين 2008- 2010 عندما استخدم قديروف الأساليب العنيفة لسحق التمرد وهدد بهدم بيوت المتورطين فيها. ويتذكر والد عبد الوحيد البالغ من العمر 71 عاما ما تعرض له نفسه من تعذيب على يد القوات الأمنية التي جاءت إليه وطلبت معرفة مكان أولاده «لقد ضربوني وعذبوني بالأسلاك الكهربائية. ربطوا أصابعي وقدمي بالأسلاك واستخدموا آلة كما في الأفلام القديمة» وفي النهاية دفع أقاربه رشوة لقوات الأمن للإفراج عن الرجل الكبير في العمر حيث ترك الشيشان وهاجر لاحقا إلى تركيا.

أما عبدالوحيد فأجريت له عمليتان جراحيتان وتحول لممثل للإمارة كما يقول مصدر حيث كان يرسل المساعدات والمال إلى هناك.

وحاول عبد الوحيد العود إلى الشيشان عام 2012 لكن الظروف أصبحت صعبة. وكما يقول مصدر يقيم في أوكرانيا أصبح التحرك صعباً بعد توفر الهواتف النقالة في البلاد منذ عام 2004 «في الماضي كنا نذهب للقرية ونتزود بما نريد ونقضي ليلة هناك ثم نعود إلى الغابة، أما الآن فهذا مستحيل، كل واحد يملك هاتفاً نقالاً، وفي اللحظة التي تدخل فيها القرية فأنت ميت».

كما أصبحت طرق السفر عبر جورجيا إلى الشيشان صعبة. ففي الماضي كانت المساعدات وزوجات المقاتلين تنطلق من اسطنبول إلى جورجيا ومن ثم الشيشان إلا أن السلطات الجورجية قررت تشديد الرقابة على حدودها منذ عام 2012. وأعدت قائمة بالشيشان الممنوعين من الدخول لأراضيها.

كما أن معظم المساعدات التي كانت تصل إلى المقاتلين في الغابة كانت مسمومة. ويعتقد أن عمروف قتل بهذه الطريقة. وبسبب المخاطر هذه قرر عبدالوحيد عام 2013 السفر إلى سوريا والتي يعتقد أن فيها 2000 شيشاني يقاتلون مع تنظيم الدولة الإسلامية ومعظم هؤلاء كانوا من أتباع الإمارة القوقازية، لكنه اختلف هناك مع قائد الكتيبة أبو عمر الشيشاني بعد قرار الأخير ضم الكتيبة لتنظيم «الدولة». وهما متزوجان من عائلة واحدة. ومع ذلك قرر البقاء مع «جبهة النصرة». ويقول والده «معركتنا هي مع روسيا ولهذا فلم يكن مهتما بداعش» ولكنه عاد بعد عام من سوريا نظراً لما شاهده فيها من فوضى.

 

أهالي مضايا: العالم غير مهتمّ بأمرنا

«القدس العربي» تستنطق سكان المدينة الجائعين

كامل صقر

مضايا – «القدس العربي»: تصل قافلة المساعدات الغذائية والطبية الى بلدتي الفوعة وكفرية في ريف ادلب، وفي المقابل تصل قافلة مشابهة في التوقيت نفسه نحو بلدة مضايا في ريف دمشق، فالتجربة التوافقية التي تحصل بين الحكومة السورية وفصائل الجماعات الإسلامية برعاية أممية لا تبدو مشجعة على مستوى بناء الثقة ولهذا السبب كان الاتفاق أن تصل القافلتين في التوقيت والموعد نفسيهما.

في بلدة مضايا التي استطعنا الوصول إلى أطرافها الأولى تجمع حوالي ألف مدني من نساء وأطفال ورجال أيضاً وكبار في السن. هؤلاء من سكان بلدة مضايا وبعضهم ممن نزح من بلدة الزبداني وآخرون من بلدات أخرى مجاورة لمضايا، تجمعوا ليس للحصول على المساعدات القادمة مع القافلة المنتظرة وإنما للخروج من بلدة مضايا ومغادرة العوز ونقص الغذاء.

لجان المصالحة ووجهاء بلدة مضايا بالتنسيق مع الحكومة السورية وضعوا قوائم لأسماء 200 شخص مع عائلاتهم. سمح لهؤلاء مغادرة البلدة ضمن الاتفاق الذي جرى توقيعه قبل شهرين حول بلدات الفوعة – كفرية ـ الزبداني – مضايا. كان واضحا على ملامحهم الرغبة الجامحة في الهروب من سطوة الموت والسلاح وقسوة اللا حياة. تأخرت القافلة التي اعتقدنا أنها ستصل صباحا الى مضايا ونحن موجودون منذ السابعة من صباح الإثنين ولكن زمن وصول هذه القافلة مرتبط (وفق الاتفاق) بزمن وصول قافلة المساعدات المشابهة لها إلى بلدتي كفرية والفوعة. هناك أيضا ثمة آلاف من المدنيين من نساء واطفال وشيوخ ينتظرون لقمة الحياة وحبة الدواء وبطانية الدفء.

لا ينكر الأهالي المرهقون الذين التقيناهم من بلدة مضايا استياءهم مما أسموه التجارة بمأساتهم الإنسانية تصرخ سيدة في وجهي «ليس من أحد في هذا الكون يحمل همنا. كل هؤلاء الذين تحدثوا عن مأساتنا في الاعلام لم يقدموا لنا شيئا. لم يضغطوا ولم يساهموا بأي خطوة إيجابية لتهدئة الحال في هذه البلدة». تشكو سيدة أخرى من أن المقاتلين الموجودين في داخل بلدة مضايا يستأثرون بحصة الأسد من المساعدات الإغاثية والغذائية التي دخلت مرتين على مدى الأشهر الماضية وأن هؤلاء اقتطعوا لهم ولعائلاتهم وللمقربين منهم الجزء الأكبر من كمية المساعدات التي دخلت والتي كانت بالكاد تكفي جميع المدنيين حتى لو وزعت بشكل عادل. 39 شاحنة محملة بالطعام والدواء والمحروقات والبطانيات وصلت إلى مضايا. عبرت تلك الشاحنات من العاصمة دمشق 45 كم نحو بلدة مضايا وكانت الطريق طويلة قياسا بزمن وصولها. بدا التعب واضحا على وجوه الصحافيين والمراسلين والمصورين وهم ينتظرون وصول صيدهم الإعلامي، لم يجد الصحافيون ما يقضي وقتهم الطويل سوى النقاش في قضية مضايا الإنسانية: هل مات أحد ما جوعا أم لم يمت؟، من المسؤول عن الجوع وهل هناك مدنيون سوريون آخرون ماتوا جوعا في مناطق أخرى في سوريا ودفن خبر موتهم بسبب السياسي؟

 

النظام السوري يسحب عمال «الأراجيل» إلى الخدمة العسكرية من مقهى «البكاوات» وسط دمشق

محمد إقبال بلو

أنطاكيا ـ «القدس العربي»: «غزوان» مساعد مهندس من مدينة حمص، عمل لعامين متواصلين في مصفاة حمص قبل أن يتوجه للخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف قوات النظام السوري عام 2010 وذلك قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد الحكم في سوريا بشهور عدة، ومن سوء حظ الشاب كان ذلك التوقيت الذي بدأ فيه الحراك الشعبي ضد النظام، إذ أمضى «غزوان» عاماً بعد عام وهو يطمح للتسريح من الخدمة العسكرية، ولا يملك الجرأة أو الفرصة للانشقاق، ويبدو أن الشاب الذي أصبح رجلاً خلال خمس سنوات أو يزيد ليست لديه الهمة لمعاناة ما عاناه عناصر النظام وضباطه الذين انشقوا وشردوا وعائلاتهم في دول الجوار.

التقت «القدس العربي» بأحد أقاربه الذي تحدث عن حال «غزوان» الذي بدأت ظروفه النفسية تتدهور شيئاً فشيئاً إلى أن وصل إلى وضع مزر لا يحسد عليه، فابن خاله عمار يقول «خدمة غزوان خدمة مكتبية في إحدى المنشآت العسكرية بدمشق، لم يحمل السلاح ولم يقاتل احداً، ومنذ سنوات يحصل على إجازة لا تتجاوز 48 ساعة كل شهرين يقضي نصفها على الطريق الواصل بين حمص ودمشق، ليصل إلى والدته ووالده المقيمين في مناطق النظام بحمص، يجالسهما لساعات ثم يقضي باقي الوقت في غرفته ليخرج منها إلى دمشق ثانية». ويضيف «في آخر إجازة توجه فيها غزوان إلى حمص كان يتصرف بغرابة ومن ثم بدأ بضرب الجدران برأسه في نوبة هستيرية، وفي اليوم التالي غادر إلى دمشق ولم يعد، وقد مضى على ذلك حوالي ستة شهور وهو يرفض الحصول على إجازته المعتادة ويرفض المجيء إلى حمص نهائياً».

وبحسب عمار فإن «غزوان يعمل في دمشق بعد دوامه داخل قطعته في أحد المقاهي المجاورة للقصر العدلي، ومازال مستمراً في خدمة (وطنه وقائده) رغم أن الكثيرين من زملائه قالوا إنه أصبح شبه مختل، بل صار رجلاً غير متزن يسخر منه الكثيرون في خدمته العسكرية والمدنية في المقهى».

وللمقهى قصة عجيبة أخرى من عجائب النظام السوري، فمقهى «البكاوات» من المقاهي الشهيرة وسط العاصمة دمشق، ومازال يقدم خدماته لزبائنه على الرغم من أنه أصبح مشروعاً خاسراً بحسب أحد مستثمريه الخمسة، والذي سحب حصته من الاستثمار مؤخراً وهاجر خارج البلاد.

يعاني المقهى من أزمة في توفر العمال الشبان، فكل شبان دمشق مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية أو الإحتياطية أو غيرها من أنواع التجنيد القديمة والجديدة، وكلما وظف المقهى «طقماً» من العمال يأتي عناصر الأمن لاعتقالهم وتجنيدهم، وقد بدل المقهى خلال ستة شهور عمال «الأراجيل» أربع مرات وفي كل مرة يسحبون إلى الخدمة العسكرية.

وبعد أن فكر مستثمرو المقهى بالحلول الممكنة قرروا توظيف طاقم جديد من العمال، «غزوان» والذي خدم جيش «الوطن» لستة سنوات وانتهى «شبه مختل» أحد عمال الأراجيل في المقهى، حيث وظف المقهى مجندين في جيش النظام السوري من الفئة التي تعمل بدوام إداري في المنشآت والمقار العسكرية الموجودة في مدينة دمشق، وهكذا تم حل مشكلة عمال المقهى، إذ لن يستطيع عناصر الأمن اعتقال العمال وتجنيدهم، فكيف يجندون من هو مجند منذ خمس سنوات، بحسب ما قاله عمار.

 

«جبهة ثوار سوريا» تتهم «النصرة» بمحاولة اغتيال أحد قيادييها في القنيطرة

مهند الحوراني

درعا ـ «القدس العربي»: وجدت جثة أبو ناصر الميساوي الأمني لدى «جبهة النصرة» مقتولاً بعد انفجار عبوة حاول زرعها بسيارة قائد اللواء الثالث التابع لـ»جبهة ثوار سوريا» حازم بسيوني في بيته بقرية رويحينة بريف القنيطرة، وبالرغم من هول الحادثة وما سيترتب عليها من تداعيات مستقبلية من الممكن ان تنسف أي جسور ثقة بين فصائل «الجيش الحر» من جهة و«جبهة النصرة» من جهة أخرى، إلا انها لم تحظ بذاك الانتشار الإعلامي نظرا لتوازن الرعب الذي تحققه «النصرة» في وجه أي منتقد لها وذلك في ظل وجود أدلة دامغة على تورطها بسحب ناشطين، توازن من غير الممكن ان يقبل لدى المجني عليهم والذين أشاروا بأصابع الاتهام مباشرة نحو «جبهة النصرة» بعد التأكد من جثة أبو ناصر وانتمائه، على حد تعبيرهم.

الرائد أبو اسامة الجولاني قائد جبهة ثوار سوريا المنسق العام لـ»الجبهة الجنوبية» قال لـ «القدس العربي» في حديث خاص «خلال الأسبوعين الماضيين، رصد عناصر أمن «جبهة ثوار سوريا» حركة غير طبيعية لبضعة أفراد من «جبهة النصرة» بالقرب من مقراتنا، منهم أبو ناصر الميساوي الذي سجلنا اقترابه من أحد مقراتنا في ساعة متأخرة ذات ليلة، أبو ناصر الميساوي هو أحد الأمنيين لدى «جبهة النصرة»، وهو نفسه الذي وجدنا جثته مكان الانفجار».

وحصل التفجير بحسب الجولاني في فناء خلفي لأحد بيوت قرية رويحينة من ريف القنيطرة، أما الضحية فهي لـ «أبو ناصر الميساوي»، الذي قضى على الفور جراء انفجار العبوة الناسفة التي كان يرتديها في حين لاذ مرافقوه بالفرار.

واستهدف التفجير بحسب الجولاني «بيت عائلة قائد كتيبة في اللواء الثالث من «جبهة ثوار سوريا»، والحمد لله أن انفجار العبوة لم يصل إلى أسرته واقتصرت الأضرار على المادية»، كما قال. وعن أسباب الدوافع الممكنة لمحاولة اغتيال أحد قياداتهم قال «ليس هناك أي دافع لدى «جبهة النصرة» لاستهداف أي من قادتنا، لكن ربما هناك بعض الدوافع الفردية البحتة بين بضعة عناصر لدينا ولديهم»، موضحاً ان العلاقات «معقدة وطول أمد الثورة قسم المجتمع العائلة والعشيرة، هذه نتائج نحن نعيها، لنا وجهة نظرنا السياسية التي باتت مبنية على استراتيجية واضحة هدفها الطاغية فنحن تناقضنا الرئيسي والجوهري هو مع هذا الكيان».

واكد الجولاني ان حالة الاستنفار قصوى، «فنحن تارة مرابطون وأخرى محاربون على الثغور لاسيما في الشيخ مسكين والحميدية والصمدانية، لكن استنفارنا ورباطنا وحربنا فقط ضد قوات وميليشيات بشار الاسد وليس ضد أي فصيل آخر»، على حد قوله.

وحول الإجراءات التي ستتخذها «جبهة ثور سوريا» تجاه «النصرة» قال «طبعا هناك إجراءات فرضتها طبيعة الأرض فقد قام بعض عناصرنا بإغلاق جميع الحواجز المطلة على المنطقة كلها وقد أدى ذلك إلى اعتقال عدد من عناصر «جبهة النصرة»، وعلى الفور تدخل المكتب السياسي والقيادة العليا لاحتواء الموقف وحصره ضمن حجمه الطبيعي، عبر وسطاء من فصائل المنطقة الجنوبية شكلوا لجنة لاحتواء الخلاف والتحقيق وبناء على ذلك قمنا بتسليم جثة أبو ناصر الميساوي والمعتقلين إلى اللجنة التي تعهدت بإكمال التحقيق ومحاكمة المتهمين الأربعة».

من جهته قال رائد طعمة عضو المكتب الإعلامي لـ»ألوية سيف الشام»، «إن محاولة الاغتيال هذه يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات الخطيرة في المنطقة الجنوبية والتي ازدادت في الآونة الأخيرة».

ويعتقد الطعمة أن المحاولة «تمت بمبادرة من مجموعة بشكل منفرد»، لأن «قادة جبهة النصرة في المنطقة الجنوبية تعلم جيداً أن لا مصلحة لها بتصعيد الخلافات بينها وبين فصائل «الجبهة الجنوبية»، وأنها ليست نداً لأصحاب الأرض».

وتعبر هذه الحادثة بحسب الطعمة عن «تشتت في القرارات بين قادات الجبهة وعدم السيطرة على مجموعاتهم وأعمالها بسبب استمرار الأعمال اللا مسؤولة».

وحول تأثير هذه الحادثة بعلاقة «الجيش الحر» مع «النصرة» بالجنوب قال الطعمة «أي اعتداء من هذا النوع سيكون شرارة لفتنة جديدة ومعارك تكون بداية إنهاء وجود جبهة النصرة في المنطقة الجنوبية؛ وكان هذا قريباً من أن يحصل لولا ضبط النفس والهدوء الذي تحلت به قيادة جبهة ثوار سوريا في المنطقة، فلم يعد لمعظم فصائل الجبهة الجنوبية ثقة بجبهة النصرة وستزداد عزلتها أكثر باستمرار التجاوزات الفردية الكثيرة التي يقوم بها عناصر ومجموعات تتبع لجبهة النصرة».

في الوقت الذي تحدث مقربون من «جبهة النصرة» عن ان أبو ناصر الذي وجد مقتولاً قرب السيارة والذي كان قد اختطف قبل أيام، ويبدو ان تفجير السيارة ووضع الجثة بهذا الاسلوب لا يدل الا على مساع للفتنة، على حد تعبيرهم.

ويربط البعض حالة التنافر بين «النصرة» و»جبهة ثوار سوريا» مؤخراً لوجود القائد الميداني أبو تحرير في صفوف «جبهة ثوار سوريا» والذي كان أحد أبرز القياديين في «لواء شهداء اليرموك» غربي درعا الذي تحاربه «النصرة» منذ أكثر من عام.

 

إيران واللاجئون السوريون محور خطاب أوباما الأخير

واشنطن ــ منير الماوري

يلقي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اليوم الثلاثاء، خطابه الأخير عن حال الاتحاد في سنته الرئاسية الثامنة والأخيرة، ومن المتوقع أن يسلط أوباما الضوء على إنجازاته خلال فترتي رئاسته، والإشارة إلى ما يعتزم القيام به على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ومن المعروف أن خطابات الرئيس الأميركي العادية يلقيها، غالباً، في وقت النهار في أثناء الاستقبالات والزيارات والأنشطة المعتادة التي يقوم بها، أمّا خطاب حال الاتحاد فقد جرى التقليد السنوي أن يتم إلقاؤه في ساعة الذروة المسائية (الساعة 9 مساءبتوقيت واشنطن – 0200 صباح الأربعاء بتوقيت غرينتش )، والتي ترتفع خلالها نسبة مشاهدة التلفزيون. وتبث الخطاب معظم المحطات الرئيسية على الهواء مباشرة من مكان إلقائه في الكونغرس.

ومن المتوقع أن يسلط أوباما الضوء في خطابه، على الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، وكذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، باعتبار أن الموضوعين يعتبرهما أوباما إنجازاً يُحسب له.

وإلى جانب القضايا الداخلية المهمة للمواطن الأميركي، مثل الرعاية الصحية وفرص العمل، تحدثت مصادر إعلامية متعددة أن الرئيس سيولي في خطابه قضية اللاجئين السوريين، وسيعمل على إقناع الأميركيين بسلامة وجهة نظره، في ما يتعلق بقرار استقبال حوالى عشرة آلاف لاجئ سوري لتوطينهم في الولايات المتحدة.

ويواجه قرار توطين اللاجئين السوريين معارضة شديدة تحت مبرر أن تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) قادر على اختراق صفوفهم، فيما يعتبر أوباما أن هؤلاء اللاجئين ليسوا “إرهابيين محتملين” بل أصحاب كفاءات ومؤهلات يستحقون الاحترام والرعاية.

وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلامية أميركية بأن أوباما وجّه دعوة إلى لاجئ سوري من النمط المشار إليه، هو الأكاديمي، رفاعي حمو، لحضور الخطاب الأخير عن حال الاتحاد.

وذكرت صحيفة “يو إس إس توداي” أن المواطن السوري البالغ من العمر (55 عاماً) يقطن في مدينة ديترويت بولاية ميشيغن، ذات الكثافة السكانية العربية.

وبحسب الصحيفة، تقرر أن يجلس حمو خلال كلمة أوباما في الصف الأول مع زوجة الرئيس، ميشال أوباما.

وكان حمو قد غادر سورية عام 2013 بعدما فقد عائلته نتيجة إصابة منزلهم بقنبلة، وتوجه إلى تركيا، وبعدها إلى الولايات المتحدة حيث منحته السلطات صفة لاجئ العام الماضي.

واعتبرت الصحيفة الأميركية أن أوباما، بدعوته هذه، يتحدى الغالبية الجمهورية في الكونغرس، التي ترفض بشكل مطلق استقبال اللاجئين السوريين.

يشار إلى أن الولايات المتحدة استقبلت حتى الآن حوالى 1500 لاجئ سوري من بين 10 آلاف لاجئ تعهدت باستقبالهم في 2016.

 

هجوم عنيف للنظام السوري على ريف اللاذقية الشمالي

أحمد حمزة

تتواصل الاشتباكات العنيفة بين فصائل المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام والمليشيات المتحالفة معه من جهة أخرى، في محيط بلدة سلمى بجبل الأكراد، في ريف اللاذقية الشمالي، التي تتعرض منذ أيام لغارات روسية كثيفة.

 

مصادر محلية في ريف اللاذقية الشمالي، نفت لـ”العربي الجديد”، الأنباء التي تحدثت عن سيطرة قوات النظام والمليشيات المحلية والأجنبية التي تقاتل معها على بلدة سلمى، لكنها ذكرت أن القوات المهاجمة تقدمت في الجهة الشرقية للبلدة، وهي المعقل الأبرز للمعارضة السورية في جبل الأكراد.

وفي السياق نفسه، قال الصحافي السوري سليم العمر، لـ”العربي الجديد”، إن “قوات النظام والمليشيات واصلت هجومها اليوم، وسيطرت على بلدة حسيكو”، وهي إحدى ضواحي سلمى الشرقية.

 

وأكد العمر، وهو متواجد بالقرب من جبهات القتال الدائرة حالياً في ريف اللاذقية، أن قوات المعارضة ما زالت تحكم سيطرتها على وسط بلدة سلمى، على الرغم من الهجمات العنيفة التي تتعرض لها البلدة من جهات متعددة، فضلاً عن عشرات الغارات الروسية.

من جهته، أكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” هذه الأنباء، متحدثاً عن أن “الاشتباكات تترافق مع عشرات الضربات الجوية من قبل طائرات روسية، وقصف مكثف من قبل قوات النظام”، مشيراً إلى أنّ “البلدة تعرضت لأكثر من 120 غارة من قبل طائرات روسية خلال الـ48 ساعة الماضية، بالإضافة إلى قصف بمئات الصواريخ والقذائف من قبل قوات النظام، والتي استهدفت البلدة”.

ومنذ بدء الغارات الروسية في سورية في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي، فتح النظام معارك عديدة في جبهة الساحل، ونجح لاحقاً في السيطرة على مرتفعات جبلية بالغة الأهمية في تلك المناطق، أهمها برج القصب وجبل النوبة.

 

سورية: راديو “ألوان” يتعرّض للتخريب

عامر عبد السلام

دهم ملثّمون أمس الإثنين مكتب راديو “ألوان” في بلدة دارة عزة بريف حلب الغربي، معتدين بالضرب على الكادر الإعلامي والفني، كما قاموا بمصادرة معدّات وحواسيب الراديو وخرّبوا محتويات الاستديو.

وأصدر مجلس إدارة الراديو بياناً أكد فيه أن الملثمين أتلفوا المشغل الرئيس لمحطة البث، ما أدى لتوقفه، إضافة لمصادرتهم بعض المعدات، وترافق ذلك مع سيل الاتهامات والتهديد والوعيد للمحطة والعاملين فيها.

وتحفظ بيان راديو “ألوان” عن ذكر أسماء المتضررين وأماكن تواجدهم حرصاً على سلامتهم، كما شدد البيان على عدم تبعيّة الراديو لأي جهة سياسية أو فصيل عسكري.

 

وأشار المدير التنفيذي للراديو أحمد قدور، إلى أن المهاجمين نطقوا بعبارات غريبة عن اللهجة السورية، مشيراً إلى أن العبارة التي رددوها بشكل متكرر “سنقضي على جميع العلمانيين ومموليهم”.

ويأتي اقتحام راديو “ألوان” بعد يوم واحد من اقتحام مسلحين من تنظيم جبهة النصرة مقر بث راديو “فرش” في بلدة كفرنبل بريف إدلب، واحتجاز العاملين فيه لأكثر من ساعة ونصف الساعة، واعتقال الناشطين هادي العبدالله ورائد الفارس ليتم إطلاق سراحهما لاحقاً.

وانطلق راديو “ألوان” في 5 نيسان 2013، على شبكة الإنترنت، وهو يقدم بثاً مباشراً على مدار 24 ساعة، ويغطي المنطقة الشمالية من سورية. ويستمر الراديو ببث الأغاني على الرغم من الاعتداء والتخريب.

 

بوتين: سورية بحاجة إلى دستور جديد

رويترز

اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ سورية تحتاج إلى البدء في العمل على صياغة دستور جديد كخطوة أولى للتوصل إلى حل سياسي لحربها، على الرغم من أنّه اعترف بأن العملية ستكون صعبة على الأرجح.

وقال بوتين، في حديثٍ لصحيفة بيلد الألمانية “أعتقد أنّ من الضروري التحرك باتجاه إصلاح دستوري (في سورية)”، إنّها عملية معقدة بالطبع. وبعد ذلك، ينبغي على سورية على أساس الدستور الجديد، أن تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة”.

وفي إشارة غير مباشرة إلى الضغوط الدبلوماسية من الولايات المتحدة وفرنسا لتركيز الضربات الجوية الروسية على مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، لفت بوتين إلى أن “الجيش الروسي سوف يساعد أطرافاً في المعارضة السورية، في قتالها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” علاوة على مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد”.

وأضاف “تتحدثون عن الأسد كحليف لنا. هل تعرفون أننا ندعم أيضاً تحركات المعارضة المسلحة التي تقاتل الدولة الإسلامية؟ … ننسق تحركاتنا المشتركة معهم وندعم عملياتهم الهجومية في أجزاء مختلفة بجبهة القتال بقوتنا الجوية”.

“أتحدث عن مئات وآلاف المسلحين الذين يقاتلون الدولة الإسلامية… بعضهم تحدث عن ذلك علناً بالفعل، والبعض يلتزم الصمت لكن العمل مستمر”.

وكان بوتين قد أدلى بتصريحات مماثلة العام الماضي، لكن مسؤولين روسا نفوا في وقت لاحق، أن موسكو تقدم الدعم العسكري لجماعات المعارضة السورية، التي ذكرها بوتين.

 

من جهةٍ أخرى، اعتبر الرئيس الروسي أنّ “الأزمة في العلاقات بين السعودية وإيران ستعمل على تعقيد التوصل للسلام في سورية”.

ورأى أنّ “الخلاف بين السعودية وإيران بشأن إعدام رجل الدين نمر النمر في الثاني من يناير/كانون الثاني، سيعقد محاولات التوصل إلى حل للصراع السوري. إذا كانت هناك حاجة لمشاركتنا، فسوف نكون على استعداد للقيام بكل شيء لحل الصراع، وفي أقرب وقت ممكن”.

 

إلى ذلك، أكد بوتين أن “روسيا تريد مكافحة الإرهاب بشكل مشترك مع باقي العالم”، في الوقت الذي اتهم فيه من جديد الغرب، بأنه يفاقم الأزمات الدولية التي ساهم فيها.

وقال “نواجه تهديدات مشتركة ومازلنا نريد انضمام جميع الدول في كل من أوروبا والعالم إلى جهودنا لمكافحة هذه التهديدات، لكن التدخلات العسكرية الغربية السابقة في العراق وليبيا، ساهمت في زيادة الإرهاب في هاتين الدولتين ومناطق أخرى”.

 

مضايا بعد 42 ضحية للتجويع… مساعدات ضئيلة بلا طحين/ ريان محمد

ما أن بدأت أولى قوافل المساعدات الإنسانية المحمّلة بالمواد الغذائية والطبية، تدخل أمس الاثنين، إلى مضايا في ريف دمشق، بعد ستة أشهر من الحصار التجويعي الذي أودى بحياة 42 شخصاً، حتى ظهرت مؤشرات فضيحة أخلاقية شبيهة بما حصل منذ أشهر، عندما تبيّن أن مساعدات أممية دخلت في حينها إلى البلدة، كانت فاسدة؛ فقد تبيّن مساء أمس الاثنين، أن 44 شاحنة دخلت إلى مضايا، في إطار الاتفاق المبرم بين النظام والمعارضة السورية الذي يقضي أيضاً بإدخال مساعدات إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب. أكثر من ذلك، أفاد رئيس المجلس المحلي في بلدة مضايا ياسر المالح، في تصريح لفضائية “الجزيرة”، بأن “ما يجري مسرحية هزلية، لكون المساعدات لا تضم مادة الطحين، وكميتها قليلة”. وتردد أن مكونات السلة الغذائية الواحدة تضمنت كيلوغراماً من الحمص، و5 كيلوغرامات من السكر، وكيلوغرامين من الفاصوليا، و4 كيلوغرامات من البرغل و6 علب فول (وزن 300 غرام للعلبة الواحدة) وكيلوغراماً من الملح وعلبتي ربّ البندورة (وزن 400 غرام للعلبة) و5 كيلوغرامات من الزيت، و10 كيلوغرامات من الأرزّ بالإضافة إلى حليب الأطفال. كل ذلك بعد ستة أشهر من الحصار الذي أودى بحياة 42 شخصاً في مضايا، بحسب مصادر معارضة من داخل المدينة تحدثت لـ”العربي الجديد”. وتُشير المصادر إلى “وجود حالات عدة مهددة بأن تفقد حياتها في أي وقت، بسبب سوء التغذية وعدم توفر الرعاية الصحية المناسبة”. وبالتزامن، دخلت المساعدات إلى بلدتي كفرية والفوعة في ريف إدلب،

 

وتُضيف المصادر بأن “المعلومات التي وصلت إلى الجهات المسؤولة داخل مضايا، تفيد بأنه سيتمّ السماح بدخول 60 سيارة محمّلة بالمساعدات الإنسانية، على مدار ثلاثة أيام، بمعدّل 20 سيارة يومياً، من دون أن توضح كميات ونوعية المحتويات”. وتُبيّن أن “أهالي مضايا المحاصرين منذ نحو ستة أشهر، تجمهروا منذ الصباح الباكر بالقرب من مدخل المدينة بانتظار وصول المساعدات”.

 

‏وكان “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سورية”، قد أعلن قبل ساعات، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن أن “متطوعي ‏الهلال الأحمر العربي السوري، بالتعاون مع ‫‏الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قاموا بتجهيز ‫‏قوافل المواد الغذائية والطبية إلى ‏مضايا و‏كفريا و‏الفوعة”.

 

من جانبها، تشرح المتحدثة باسم “برنامج الغذاء العالمي”، عبير عطيفة، في تصريحات صحافية، أن “قوافل المساعدات ستصل بشكل متزامن إلى مضايا وبلدات أخرى في سورية”، لافتة إلى أن “أكثر من 400 ألف مدني محاصر في سورية، وأن جميع أطراف الصراع تستخدم حصار المدنيين سلاحاً في الحرب”.

 

ويقول النظام السوري إن “قافلة مساعدات إنسانية توجهت باتجاه بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب بالتزامن مع إدخال قافلة مساعدات باتجاه بلدة مضايا في ريف دمشق، وذلك بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة”.

 

” لكن ناشطين معارضين، قالوا إن “حزب الله اللبناني والنظام السوري، يعملان على تجميل صورتهما، أمام الرأي العام الدولي، ناكرين حصارهما للزبداني ومضايا وبقين وغيرها الكثير من المناطق السورية، التي ما زالت تحتضن مئات آلاف المحاصرين. ومن تلك المدن، قدسيا، التي تحتضن وحدها نصف مليون إنسان، ومدينة التل التي يقطنها أكثر من مليون إنسان، ومدينة دير الزور (التي يتقاسم حصارها كل من “داعش” والنظام)، عبر الإنكار ونفي الأنباء الواردة من قلب مناطق الحصار، خصوصاً مضايا، وادعاء أن صور الجياع تعود إما لمناطق أخرى أو لفترة زمنية سابقة”.

 

ويقول الناشط الإعلامي الملقب أبو شوكت، من منطقة الزبداني، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “الحزب نفّذ عبر وسائل الإعلام التابعة له ووسائل إعلام النظام، يوم الأحد مسرحية عند القوس الجنوبي في بلدة مضايا. وقامت قوات حزب الله بإجبار الناس على الحديث إلى قناة المنار، والتصريح بأن المساعدات دخلت إلى ‫‏مضايا، وأن المسلحين صادروها لهم”. ويضيف: “كما قاموا بإعطاء الأطفال الجوعى قطعاً من البسكويت، طالبين منهم الهتاف للمقاومة والجيش وحزب الله”.

 

ويلفت إلى أنه “تم اليوم (أمس) تجميع الناس على حاجز مضايا الجنوبي، من قبل عناصر حزب الله، ليقوموا باستقبال القوافل الإغاثية ووفود المنظمات الدولية المرافقة لها”. ويعرب عن اعتقاده بأن “الحزب يحاول إيهام الفريق الدولي بأن الحركة طبيعية، عبر تسجيل أسماء بعض الناس المتواجدين ممن يودون الخروج من البلدة، إذ سيخرجهم عند دخول الفريق الأممي ليظهر بأنه لا يحاصر المدينة وأنه لا يمنع الناس من الخروح منها ولا يمنع دخول المساعدات الغذائية”.

 

ويبدي أبو شوكت خشيته إزاء “سلامة المواد الغذائية التي سيتم إدخالها إلى مضايا”، مذكّراً بأن “آخر شحنة من المساعدات الغذائية أُدخلت إلى مضايا، كانت تضمّ بسكويتاً منتهي الصلاحية، ما تسبب في العديد من حالات التسمم الغذائي”.

 

في سياق آخر، تذكر مصادر معارضة مسؤولة في مضايا، لـ”العربي الجديد”، أنه “جرت عملية تبادل بين حركة أحرار الشام، إحدى الفصائل المسيطرة على مضايا والزبداني، وحزب الله، سلّم الحزب خلالها جثث سبعة قتلى وأسيراً، مقابل تسليمه أسيراً وجثتين”. وتوضح المصادر أنه”بهذه العملية استعادت الفصائل كامل الجثث الخاصة بها، التي كانت لدى الحزب. ويندرج هذا ضمن تسهيل إتمام الاتفاق الخاص بفك الحصار عن الفوعة وكفريا الخاضعة لسيطرة الموالين للنظام ومضايا والزبداني وبقين الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، الذي تمّ الشهر الماضي بين الإيرانيين وجيش الفتح”.

 

” وشهدت الأسابيع الأخيرة إطلاق العشرات من المناشدات الإنسانية لكسر الحصار عن مضايا، لم تستثنِ أي دولة أو منظمة دولية إنسانية وحقوقية، إضافة إلى النظام وحزب الله. كما خرجت العديد من التظاهرات في المناطق السورية، ودعي إلى العديد من الوقفات التضامنية مع مضايا في مختلف عواصم العالم، ووصلت المطالب إلى حدّ دعوة طيران التحالف الدولي، تحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، إلى إلقاء المساعدات الإنسانية على المناطق المحاصرة في سورية.

 

وتكشف مصادر محلية من داخل مضايا، لـ”العربي الجديد”، أن “الوضع في داخل البلدة وصل إلى مستوى بدأت فيه العائلات تحفر قبورها بأيديها، والغذاء الرئيسي للأغلبية الساحقة منهم، يعتمد على وجبة واحدة في اليوم، أساسها الحشائش وأوراق الشجر مع الماء والملح. وفي بعض الأيام تحصل العائلة على كوب صغير من الرز أو العدس، ليتم طهيه مع الكثير من الماء، بعدما بلغ سعر كيلوغرام الرزّ أو البرغل 546 دولارا”.

 

وتُشير المصادر، إلى أن “العائلات تواجه خيارين لا ثالث لهما: إما الجوع حتى الموت، أو التهجير المأجور، الذي يتقاضى فيه عناصر النظام والمليشيات الحليفة له نحو 2500 دولار، في مقابل ترحيل الشخص واستخراج جواز سفر له إلى لبنان أو مناطق المعارضة في شمال سورية”. وتوضح أن “العديد من العائلات والأشخاص خرجوا بهذه الطريقة”.

 

الغوطة الشرقية: المعارضة تشن عملية خاطفة في مرج السلطان

بلال أبو الجود

شنت قوات المعارضة المسلحة، في الغوطة الشرقية، الإثنين، عملية عسكرية مباغتة ضد قوات النظام، على محور بلدتي بالا وحتيتة الجرش، المتاخمتين لبلدة مرج السلطان من جهة الشرق. وتمكنت المعارضة متمثلة بـ”فيلق الرحمن” و”جيش الإسلام” من تنفيذ عدد من “العمليات الإنغماسية” في نقاط لقوات النظام، في مزارع بالا والحتيتة من جهة معمل الكرتون شمالي بالا. وبعد ذلك اقتحمت المعارضة مزارع البلدتين، وتمكنت من تحرير مساحات واسعة من المزارع الفاصلة بين بالا والحتيتة، ومزارع عديدة داخل حتيتة الجرش.

 

مراسل وكالة “خطوة” الإخبارية في الغوطة الشرقية، أبو عمر، قال لـ”المدن”، إن قوات المعارضة كبدت قوات النظام المدعومة بمليشيا “حزب الله” اللبناني، خسائر في الأرواح والعتاد. وأشار أبو عمر إلى وجود جثث لعناصر من قوات النظام في منطقة الاشتباك، تمكنت المعارضة من سحب أربع منها.

 

قوات النظام ردت باستهداف المدنيين، في المناطق السكنية في مرج السلطان، بالصواريخ، وأغارت الطائرات الحربية الروسية على مواقع الاشتباك. واستهدفت قوات النظام بلدات ومدن الغوطة الشرقية، بقذائف الهاون والمدافع الميدانية، وتركز القصف على أطراف مدينة سقبا وبلدة جسرين. كما قصفت قوات النظام مدينة دوما بأكثر من عشرة صواريخ عنقودية، وشنت الطائرات الحربية غارات جوية استهدفت مدرسة في بلدة دير العصافير.

 

وتأتي عملية المعارضة الأخيرة، بعد فشلها في التصدي لقوات النظام، على محاور مرج السلطان؛ في المطار الاحتياطي وبلدة الفضالية وأطراف حرستا والقنطرة والنشابية، التي سيطرت فيها قوات النظام على نقاط عديدة ومهمة. الأمر الذي دفع المعارضة لتشكيل غرفة عمليات عسكرية موحدة، تضم معظم الفصائل العاملة في الغوطة الشرقية، بغرض التصدي لتقدم قوات النظام على جبهات مرج السلطان.

 

وتبين من وثائق حصل عليها أحد الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية، ومن وسائل إعلام النظام، أن خطة قوات النظام في معركة مرج السلطان، تتعلق بشطر الغوطة الشرقية إلى جزئين، والسيطرة على معظم الأراضي الزراعية في المرج، والتي تعتمد عليها الغوطة المحاصرة في تأمين الغذاء. وذلك يساهم في فرض حصار خانق على أكثر من 350 ألف نسمة، ضمن أبنية الغوطة الإسمنتية، من دون أي متنفس زراعي. أي أن الخطة تتضمن فرض حصار وتجويع على الغوطة، ضمن سياسة “الجوع أو الركوع” التي ينتهجها النظام في مواجهة المناطق المحررة.

 

قائد إحدى المجموعات العسكرية في “فيلق الرحمن” أبو ماهر، قال إن لعملية المعارضة الأخيرة بُعدين مهمين؛ الأول يتعلق بإفشال خطة قوات النظام، التي عملت عليها لشهور طويلة، في وصل مدينة المليحة مع مطار مرج السلطان العسكري، من خلال السيطرة الكاملة على بالا والحتيتة، الفاصلتين بين المليحة ومطار المرج. والثاني؛ بغرض التخفيف من حدة المعارك التي تشنها قوات النظام، في محاولة للتقدم، منذ يومين، على جبهة الدير سلمان والبلالية. وتحاول قوات النظام في هجومها على الدير سلمان والبلالية الالتفاف يساراً داخل مرج السلطان، ومحاصرة من تبقى هناك من فصائل المعارضة. ويأتي ذلك بعد سيطرة قوات النظام على عدة مناطق ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية داخل مرج السلطان، منذ شهرين ونصف، من جهة طريق مطار دمشق الدولي.

 

استمرار المعارضة في الحفاظ على المزارع التي سيطرت عليها مؤخراً في بالا وحتيتة الجرش، قد يكون أمراً في غاية الصعوبة، نتيجة رصد قوات النظام لهذه المزارع من أبنية مدينتي المليحة وزبدين. يضاف إلى ذلك افتقار المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية للأسلحة الثقيلة ومضادات الدروع، وقلة الذخيرة. إلا أن المعارضة باتت تدرك بأن خياراتها محدودة جداً، وأنها في مواجهة عدوان لا يرحم، يريد إخضاعها، وحصارها وتجويعها حتى الموت.

 

المعارضة تتصدى للنظام غربي حلب..وتتقدم باتجاه “داعش” شمالاً

خالد الخطيب

شنت قوات النظام وحشد الميليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية والإيرانية، هجوماً عنيفاً، على مواقع المعارضة في ريف حلب الجنوبي الغربي، صباح الإثنين، بهدف السيطرة على حيي الراشدين، وخان العسل، والمنطقة المحيطة بالبحوث العلمية، بالإضافة إلى جمعية الصحافيين والكلاريه ومعمل الكرتون. وتقع تلك المناطق على جانبي الطريق الدولي حلب-دمشق، غربي بلدة خان طومان، وتحيط بشكل كامل بالأحياء الغربية والجنوبية الغربية من مدينة حلب، التي تسيطر عليها قوات النظام.

 

وحاولت قوات النظام والميليشيات التقدم من خمسة محاور؛ انطلق المحور الرئيسي من بلدة خان طومان، بينما كانت المحاور الباقية، في كلارية والزربة والراشدين الرابعة والخامسة وسوق الجبس، لتوفر التغطية والحماية للمحور الرئيس. وجاءت محاولة التقدم بعدما دكت المدفعية وراجمات الصواريخ، على مدى ساعتين تقريباً، مواقع المعارضة بشكل مكثف، وطال القصف خطوطها الأمامية والمقرات الخلفية في الراشدين والبحوث.

 

ونجحت قوات النظام في التقدم على المحور الرئيس، وسيطرت على منطقة الأحراش والخطوط الدفاعية الأولى للمعارضة، بفضل الغارات الجوية المكثفة التي شنتها المقاتلات الروسية التي قصفت المنطقة بأكثر من 100 غارة جوية، وتسببت في تراجع قوات المعارضة وخسارتها لبعض المواقع، خلال ساعات صباح الإثنين الأولى، بالإضافة إلى مقتل عدد من مقاتليها وجرح آخرين.

 

وأكد قائد “غرفة عمليات الراشدين” النقيب أمين ملحيس، لـ”المدن”، أنه وخلال ساعات نهار الإثنين، أعادت المعارضة ترتيب صفوفها، واستقدمت تعزيزات إضافية على محاور القتال كافة، لتشنّ هجوماً معاكساً، استرجعت من خلاله كافة المواقع التي خسرتها، بعد معارك عنيفة استمرت حتى ساعات المساء. وتمكنت المعارضة من تدمير مدرعتين وثلاث سيارات محملة برشاشات ثقيلة من عيار 23، وقتلت أكثر من خمسين عنصراً تابعاً للنظام والمليشيات بينهم قيادي تابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” وجرح مئة على الأقل. كما تمكنت من أسر عدد آخر ولا تزال تحاصر مجموعة من المقاتلين في المنطقة الفاصلة بين الراشدين وخان طومان.

 

وأشار النقيب ملحيس، أن المعارضة نجحت في التصدي للنظام، لكنها وفي الوقت عينه تتعرض لضغط ناري عنيف جواً من قبل الطيران الروسي، ومن المدفعية والصواريخ التي تُطلق من كليات “المدفعية” و”التسليح” و”الفنية الجوية” غربي مدينة حلب، والتي تمطر مواقع المعارضة بشكل مستمر بمئات القذائف. وأضاف ملحيس، أن قوات النظام لن تتوقف عن معاودة المحاولة، على الرغم من خسائرها الكبيرة، الأمر الذي يدفع المعارضة في ريف حلب الغربي، بشكل خاص، لكي تتحضر بشكل جدي لمواجهة مرحلة جديدة من حرب الضواحي، قريباً. وتسعى قوات النظام إلى تأمين مواقعها في المدينة، وفصلها بالكامل عن مصادر النيران التابعة للمعارضة.

 

وشهدت جبهات الخالدية وبني زيد في قلب حلب، وباشكوي وحندرات وتل مصيبين والبريج في الشمال، اشتباكات متقطعة بين قوات المعارضة والنظام، تبادل فيها الطرفان القصف بالصواريخ والمدفعية الثقيلة، وقتل فيها عدد من عناصر قوات النظام ومليشيا “لواء القدس” الفلسطيني على جبهات الشمال، دون حدوث تغيير في خريطة السيطرة.

 

وشنت المقاتلات الحربية الروسية، أكثر من عشرين غارة جوية، طالت قرى وبلدات ريف حلب الغربي؛ في كفرناها والراشدين وكفرجوم والمنصورة وعينجارة، ما تسبب في مقتل 40 مدنياً على الأقل، سقط أغلبهم في بلدة عينجارة التي استهدفها الطيران الروسي بثلاث غارات جوية طالت المدارس الثلاثة في البلدة أثناء دوام التلاميذ، ما أسفر عن مقتل 16 طفلاً ومعلمة، بالإضافة لأسرة مكونة من أربع أفراد في منزل قريب من المدرسة. كما طال القصف ريف حلب الشمالي، بأكثر من عشرين غارة، كان أعنفها في بلدة معرستة الخان التي قتل فيها عشرة مدنيين وجرح عدد آخر.

 

من جانب آخر، خسر تنظيم “الدولة الإسلامية” المزيد من المواقع لحساب المعارضة والنظام في الشمال والشرق الحلبي. وتمكنت قوات النظام والميليشيات، الإثنين، من السيطرة على بلدة عيشة، وثلاثة مزارع محيطة بها إلى الشرق والشمال الشرقي من مطار كويرس باتجاه مدينة الباب. وأصبحت المليشيات على بعد 10 كيلومترات تقريباً من مدينة الباب، وهي تسعى جاهدة للتغلغل في قلب مناطق التنظيم، والوصول إلى مشارف أبرز معاقله في الشرق. تقدم قوات النظام الأخير، كان بعد أيام قلائل من سيطرتها على بلدة النجارة التي شهدت معارك كرّ وفرّ بين الطرفين، وقتل فيها أكثر من عشرين عنصراً من قوات النظام والميليشيات، نتيجة انفجار سيارة مفخخة في قلب البلدة.

 

وتزامنت معارك قوات النظام والتنظيم مع غارات متواصلة من المقاتلات الروسية التي شنت أكثر من ثلاثين غارة على مواقع التنظيم وخطوط امداده، بالإضافة إلى غارات عنيفة طالت الباب وتادف والقطر، وتسببت في مقتل خمسة مدنيين على الأقل.

 

وفي ريف حلب الشمالي، تمكنت المعارضة المسلحة من استعادة السيطرة على القرى والبلدات الحدودية: الخربة ومحطة الغاز وقرة مزرعة وقرة كوبري، بعد معارك عنيفة، الأحد والإثنين. وتمكنت قوات المعارضة من قتل عشرة عناصر من التنظيم، وجرح آخرين. تلك المواقع كان التنظيم قد احتلها مطلع كانون الثاني/يناير، بعدما شن هجوماً معاكساً على قوات المعارضة، التي سيطرت على بلدة دوديان في قلب مناطق سيطرته غربي الراعي. ولم تدم سيطرة المعارضة على البلدة الاستراتيجية سوى ساعات، لتخسرها وتخسر مواقعها الخلفية.

 

القائد العسكري لـ”لواء المعتصم” بلال ناصر، أكد لـ”المدن”، أن المعارضة تسعى للوصول إلى بلدة دوديان، وهي معقل مهم للتنظيم بالقرب من الحدود مع تركيا، ما يُمكّنُ المعارضة في حال السيطرة عليها، من تهديد بلدة الراعي والانقضاض على مواقع التنظيم من الشمال والغرب؛ في صوران وكفرة والطوقلي.

 

وأشار ناصر إلى أن المعارضة نجحت في السيطرة على مساحات واسعة من المناطق الحدودية، كانت تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكنها إلى الآن لم تتمكن من المحافظة على مكتسباتها على الأرض بشكل جدي، بسبب ضعف التنسيق بين المكونات المقاتلة والمنضوية في “غرفة عمليات مارع”. الأمر الذي يمنح التنظيم عنصر المبادرة، في أي وقت يشاء، ليستعيد المناطق التي خسرها خلال وقت قياسي، والتي تم تحريرها من قبل المعارضة عبر فترة زمنية طويلة ومكلفة.

 

بوتين: الأسد ارتكب العديد من الأخطاء.. الحل بإصلاح دستوري

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الرئيس السوري بشار الأشد قد ارتكب العديد من الأخطاء، لكن الأزمة في سوريا تفاقمت نتيجة الدعم الخارجي المتمثل بالتدفق الكبير للمال والسلاح وفتح الأبواب أمام تدفق المقاتلين.

 

وحمّل بوتين، خلال حديث لصحيفة “بيلد” الألمانية، المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الإنسانية ومعاناة المدنيين في سوريا لما أسماه بالمجموعات المسلحة ومن يدعمها، معتبراً أن الأسد لا يسعى للقضاء على شعبه  بل يحارب الإرهاب، وأن الحكومة السورية تسعى للحفاظ على شرعيتها من خلال قتالها لأولئك الذين وصلوا إلى أراضي السورية حاملين السلاح. مستدركاً “لكنني قد قلت إن هذا الأمر لا يعني أن كل شيء هناك على ما يرام والجميع على حق”.

 

واعتبر بوتين أن التسوية السياسية في سوريا تحتاج للإصلاح الدستوري وإقرار دستور جديد كخطوة أولى تتبعه انتخابات برلمانية ورئاسية، وهذا ما سيؤمن الاستقرار والأمن في سوريا. مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق ما لم يحدد الشعب السوري، من دون تدخل خارجي، من سيحكم البلاد وكيف سيفعل ذلك.

 

ورداً على سؤال حول إمكان توفير روسيا ملجأ للأسد إن فشل في الانتخابات، قال بوتين إن بحث هذا الأمر سابق لأوانه، مؤكداً أن بلاده التي وفرت ملجأ لسنودون لن تعجز عن توفير ذلك للأسد. وأضاف “لو تجري هذه العملية (الانتخابات) بطريقة ديموقراطية فقد لا يكون الأسد بحاجة إلى مغادرة بلاده، سواء كان رئيساً أو لم يكن”.

 

وجدد بوتين مزاعم روسيا بدعم المعارضة المسلحة في سوريا في حربها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقال “ننسق معهم أعمالنا المشتركة وندعم عملياتهم الهجومية في مختلف مناطق الجبهة من خلال الضربات التي يشنها سلاحنا الجوي”. مشيراً إلى أن الحديث يشير إلى مئات بل آلاف المقاتلين، مبيناً أن بعض أولئك المقاتلين أكدوا “هذا الأمر علناً، فيما يفضل الآخرون الصمت، لكن العمل يجري على قدم وساق”.

 

أما عن الاتهامات التي توجه لروسيا بقصفها مواقع لـ”المقاتلين المعتدلين”، قال الرئيس الروسي “يكذبون كلهم، أنظروا بأنفسكم، الشرائط المصورة التي تستخدم للتأكيد على هذا القول ظهرت قبل بدء طيارينا بتوجيه الضربات على مواقع الإرهابيين، هناك أدلة تثبت هذا الأمر، لكن منتقدينا يسعون إلى تجاهلها”.

 

واتهم الرئيس الروسي الصحافة الغربية أنها تنشر دائماً معلومات مزيفة حول شن الطيارين الروس ضربات على مواقع مدنية، وقال “يمكن أن نعترف بأن طائراتنا توجه ضربات لمثل هذه المواقع إذا اعتبرنا (أنابيب النفط الحية)، التي تتكون من آلاف شاحنات الوقود والنفط، مواقع مدنية، لكنها تتعرض لضربات من قبل الجميع بمن فيهم الأمريكيون والفرنسيون والآخرون”.

 

من جهة ثانية، تحدث بوتين عن الأزمة مع تركيا على خلفية إسقاطها للمقاتلة الروسية “سوـ24” أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واعتبر أن أنقرة أهانت نفسها عندما توجهت إلى الناتو وطلبت الحماية منه.

 

وقال بوتين “إن القيادة التركية بدلاً من أن تحاول تقديم إيضاحات لنا بشأن الجريمة الحربية المتمثلة في إسقاط قاذفتنا التي كانت توجه ضربات للإرهابيين، توجهت إلى مقر حلف الناتو بحثا عن الحماية. ويبدو ذلك أمراً غريباً جداً ومهيناً لكرامة تركيا نفسها”. وأكد أن “مثل هذه الحوادث لن تؤدي إلى أي مواجهات واسعة النطاق”.

 

مجلس الأمن: حصار مضايا على جدول الاعمال

أعادت بلدة مضايا ملف حصار البلدات والمدن السورية إلى طاولة البحث في مجلس الأمن، حيث عقد ليل الاثنين ـ الثلاثاء جلسة خاصة لبحث التقارير عن حصار عشرات الآلاف من أهالي مضايا وموت العشرات منهم جوعاً.

 

جلسة مجلس الأمن التي جاءت بدعوة من فرنسا وإسبانيا ونيوزيلندا خيم عليها الإدانات لنظام الأسد في اتباع أسلوب الحصار لإخضاع المناطق الخارجة عن سيطرته. وانتقدت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سمانثا باور ما وصفته بـ”التكتيكات المثيرة للاشمئزاز” التي يستخدمها النظام السوري ضد شعبه و”تخيير السكان بين التجويع أو الاستسلام”.

 

وقالت باور “انظر إلى الصور المحزنة للمدنيين ومنهم الأطفال وحتى الرضع في مضايا. هذه فقط الصور التي نراها. يتعرض مئات الآلاف للحصار والتجويع عن عمد الآن وتعيد هذه الصور إلى أذهاننا الحرب العالمية الثانية”، فيما اعتبر المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة الفرنسي فرانسوا ديلاتر إنه قد “لا يكون هناك عملية سياسية موثوقة بدون التقدم على الجبهة الإنسانية”.

 

من جهته، وصف سفير نيوزيلندا لدى الأمم المتحدة جيرارد فان بوهيمن، الحصار والتجويع، بأنه “أحد أبشع معالم الصراع السوري”، في حين قال المندوب البريطاني ماثيو رايكروفت إن “تجويع المدنيين تكتيك غير إنساني يستخدمه نظام الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه”. وأشار رايكروفت أن 850 طفلاً بحاجة عاجلة للألبان في مضايا، مؤكداً على وجوب “رفع الحصار لإنقاذ أرواح المدنيين وإحلال السلام في سوريا”.

 

في المقابل، أنكر مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، أن يكون هناك أزمة إنسانية في أي منطقة في سوريا. وأكد لأعضاء مجلس الأمن، أن أكثر ما يقال عن مضايا يستند إلى معلومات كاذبة، مع التنويه إلى أنها تعاني من نقص في بعض المساعدات الإنسانية، متهماً “الجماعات الإرهابية” بنهب المساعدات.

 

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، قال عقب انتهاء الجلسة للصحافيين، إن التقارير الواردة عن أشخاص يموتون جوعاً في مضايا تحظى “بمصداقية تامة”. وأضاف أن نحو 400 شخص بحاجة ماسة إلى إجلاء طبي.

 

مؤيدو النظام يستعدون سراً للاحتفال بسقوط سلمى

أسعد أحمد العلي

حالة من الترقب يشهدها الشارع المؤيد للنظام السوري في اللاذقية، مع ارتفاع وتيرة معارك ريفها الشمالي الغربي، التي أصبحت قريبة جداً من قرية سلمى، آخر معاقل المعارضة المسلحة في محافظة اللاذقية، والتي استطاعت الصمود قرابة أربع سنوات بوجه محاولات قوات النظام المستمرة لاستعادتها. وتقدمت قوات برية تابعة للنظام وحلفائه، باتجاه سلمى، وتمكنت من السيطرة على ضاحية سلمى وكفردلبة، صباح الثلاثاء، ونجحت في تطويقها من الشرق في كدين والمغيرية، ومن الشمال الغربي في جبل النوبة وبرج القصب، وتمكنت من قطع بعض طرق الإمداد لها من جبل التركمان وجبل الأكراد. ولم يتبقَ لإطباق الحصار عليها، سوى الاستيلاء على ترتياح.

 

 

 

قصة المؤيدين مع سلمى ليست جديدة، فهم يعتقدون أنها منبع الشرور والآثام، ويتذكرون بأسى جولات معارك الساحل، التي لعبت فصائل المعارضة المسلحة في سلمى دوراً كبيراً فيها. ويندرج في ذلك، أن المختطفين من نساء وأطفال القرى العلوية، التي سيطرت عليها المعارضة سريعاً خلال معركة الساحل الأولى في العام 2013، مازالوا محتجزين لدى الفصائل المقاتلة. وكانت المعارضة قد عرضت عقد صفقة لمبادلة الأسرى العلويين، مقابل أسرى لها في سجون النظام، من دون أن يستجيب النظام لهم. كما أن حالة الحقد في الشارع العلوي المتشكل تجاه سلمى، ناتجة جزئياً عن صواريخ “غراد” التي تطلقها المعارضة من البلدة، وتستهدف مناطق المؤيدين وأحياءهم بين الحين والآخر. صواريخ طالما قضّت مضاجع المؤيدين، على الرغم من محدودية عددها وتأثيرها، وعدم إحداثها أضراراً تذكر.

 

وقرية سلمى التي تبعد 50 كيلومتراً عن مدينة اللاذقية و15 كيلومتراً عن قرية صلنفة، أصبحت خياراً أخيراً لتمركز مقاتلي المعارضة، بعد تراجعهم من الحفة في العام 2012.

 

وتمتلك سلمى موقعاً عسكرياً مهماً نظراً لاتصالها بالعمق التركي، وسهولة وصول الذخائر إليها من الشمال. كما أن اتصالها بريف إدلب من الشرق، وقرية ربيعة في جبل التركمان غرباً، أعطياها الأفضلية في التحصين، الذي عززه المقاتلون من خلال السيطرة على التلال المحيطة بها، وعلى قرية دورين البعيدة عنها ثلاثة كيلومترات. استرجاع قوات النظام لدورين، العام الماضي، كان أولى خطواتها في معركتها القادمة في سلمى.

 

لم ييأس النظام السوري يوماً من شنّ هجمات متفرقة على جبل الأكراد، بهدف تحقيق تقدم بسيط على جبهة تتميز بصعوبتها الجغرافية وتحصينات المقاتلين الهائلة فيها. لكن الهلع من أي تقدم تحدثه المعارضة في مناطق نفوذ النظام وخزانه البشري، جعلته في البداية يخوض معارك “انتحارية” يعود منها عشرات المقاتلين الأحياء من أصل مئات، يسقطون في مواجهات خاسرة. الاتهامات تراشقتها قوات النظام ومليشيا “الدفاع الوطني” التي اتُهمُت بالبقاء على الحياد في المعارك، وعدم المحافظة على النقاط المخصصة للتثبيت، أمر تسبب بزيادة الحنق الشعبي على “الدفاع الوطني”، وسط اتهامات “ببيع الجبهة للإرهابيين”، خاصة مع تقارير مسربة عن فقدان أسلحة “الدفاع الوطني” وأقاويل عنهم بالخيانة والسرقة.

 

التدخل العسكري الروسي في 30 أيلول/سبتمبر 2015، جاء بمثابة الصدمة التي أحيت آمال المؤيدين بمنع انهيار جبهة سلمى، فلن يسمح الروس ببقاء هذه “المجموعات الإسلامية” جوار قاعدتهم العسكرية في مطار حميميم. وعلى الرغم من إعلان الكتائب العاملة في جبل الأكراد استهدافهم القاعدة مرات عديدة، إلا أن الوقائع تشير إلى عكس ذلك. وسرعان ما اتخذ الروس اجراءات سريعة، براً وجواً، لاستعادة جبل الأكراد، في أقرب وقت ممكن. وتزداد شراسة روسيا لتحقيق هذه الخطوة، مع اقتراب المفاوضات المرتقبة بين النظام والمعارضة، في جنيف في 25 كانون الثاني 2016، لتقوية موقف النظام التفاوضي، وكسب المزيد من الأوراق الرابحة التي تعد أقواها السيطرة على قرية سلمى.

 

الهم الأول بالنسبة للروس، كان تحييد صواريخ “تاو” المضادة للدروع الذي تملكها المعارضة، من خلال السيطرة على تلال مرتفعة، واتخاذ تدابير عسكرية، تحول دون استخدامها. ولم تتدخل قوات المشاة الروسية بشكل حقيقي في العمل العسكري على الأرض، بل اكتفى الضباط الروس بإدارة المعركة وتوجيه التعليمات لقوات النظام التي تعتمد بشكل كبير على مجموعة “صقور الصحراء” التابعة لمحمد جابر، شقيق رجل الاعمال أيمن جابر، أقوى رجالات النظام.

 

واختارت روسيا الاعتماد على هذه القوات نظراً لانضباطها الشديد والمعايير العالية في اختيار مقاتليها. وبطبيعة الحال تتواجد مجموعات أخرى من قوات النظام ومقاتلي “الدفاع الوطني” و”درع الساحل” إلى جانبها. ويبقى الاعتماد على الميليشيات الإيرانية ومليشيا “حزب الله” اللبناني، أمراً أساسياً لتحقيق تقدم في المعركة.

 

التقدم الذي تحرزه قوات النظام والفصائل المساندة لها، في جبهة جبل الأكراد، يجيء مصحوباً بغطاء جوي روسي سخّر ست طائرات حربية، لمواكبة التحركات البرية. كما تغرق الحوامات المقاتلين في سلمى، في بحر من البراميل المتفجرة، والصواريخ العنقودية، حتى باتت تعرف بأنها “أرض المليون برميل”. التلال المحيطة بالبلدة، تسقط الواحدة تلو الأخرى، خاصة على المحور الشرقي الذي يعتمده الروس لتحقيق التفاف على القرية، يقطع عنها خطوط الإمداد. وتهاجمها القوات البرية من محاور ثلاثة. كما كان التقدم إلى برج القصب مهماً لقوات النظام، كونه يشكل عقدة وصل بين جبلي التركمان والأكراد، الذي تقع سلمى في وسطه.

 

مقاتلو المعارضة بدورهم، مازالوا يقاتلون بشراسة حتى الآن، ويوجهون نداءات استغاثة بشكل يومي للدعم وإرسال المؤازات، من دون آذان صاغية حتى الآن. وبرج القصب يتخذ حيزاً كبيراً من معاركهم لاستعادته، وسط معلومات عن تبادل السيطرة عليه، بين قوات المعارضة والنظام.

 

سقوط سلمى، إن حصل، لن يمر بسلاسة على معارضي ومؤيدي النظام السوري؛ فالمعارضون سيصابون بضربة موجعة تنهي موطئ قدمهم في مناطق النظام في الساحل. أما المؤيدون الذين يحضّرون سراً لإقامة احتفالات ستعم مدينة اللاذقية، فسيكون ذلك اليوم عيداً بالنسبة لهم. فالتخلص من ذلك “الخنجر المغروز في خاصرتهم” بالقرب من قراهم في جبال العلويين، سيكون له دور في رفع معنوياتهم التي تهاوت بعد تحرير إدلب، والتقدم الذي حققه “جيش الفتح” في سهل الغاب. فالمؤيدون يخشون منذ انطلاق الثورة السورية، وصول الاحتجاجات أو المعارك إلى أراضيهم، مفضلين الموت في مكان بعيد، على أن يسقطوا داخل قراهم وأمام عائلاتهم، خاصة وأن النظام نجح في إقناعهم بأن “الارهابيين” قادمون لذبح أطفالهم وسبي نسائهم.

 

مضايا: مساعدات لـ15 يوماً.. وحزب الله يستثمر المشهد

بعد طول انتظار، كلّف أرواح أكثر من 20 من سكان مضايا، دخلت الاثنين قافلة المساعدات الإنسانية إلى البلدة المحاصرة منذ 7 أشهر من قبل حزب الله وقوات النظام، بالتزامن مع دخول قافلة مماثلة إلى بلدتي كفرية والفوعة في ريف إدلب.

 

المساعدات التي انطلقت من دمشق صباحاً باتجاه مضايا في ريف العاصمة، تأخر دخولها حتى المساء لأسباب لوجستية، تتعلق باتفاق يقضي بتزامن دخولها مع مساعدات كفرية والفوعة، فضلاً عن عمليات التأخير المتعمدة على الحواجز الموجودة على الطريق الواصل من دمشق إلى مضايا وعددها 40 حاجزاً أمنياً.

 

قافلة المساعدات ضمت 70 شاحنة، تحوي مواداً غذائية وطحيناً ومواداً طبية غير جراحية، خصصت منها 49 لمضايا، و21 شاحنة لكفرية والفوعة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وحتى الآن، دخلت 4 شاحنات إلى مضايا مقابل 3 إلى كفرية والفوعة، فيما ستستمر عمليات دخول الشاحنات وتوزيع المساعدات يومي الخميس والجمعة المقبلين، بحسب الناطق باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سوريا فراس الخطيب.

 

حزب الله كان قد تعمّد تأخير دخول المساعدات إلى البلدة، من خلال الحاجز الذي يقيمه على أحد مداخلها، ضمن المربع الأمني في البلدة. وأقدم الحزب على استدراج العديد من أهالي مضايا إلى منطقة القوس، طالباً منهم الحضور لتسلم مخصصاتهم من المساعدات، كما قام بإبلاغهم أنه ينوي فتح حاجز القوس أمام الراغبين بالخروج من البلدة.

 

يشار إلى أن وفداً مشتركاً لمنظمات الهلال الأحمر العربي السوري، والصليب الأحمر، والأمم المتحدة، دخل البلدة للاتفاق مع الأهالي على آلية توزيع المساعدات. وفي موازاة ذلك قام أهالي البلدة بالتظاهر منعاً لتولي أي جهة عسكرية، سواء من النظام أو من المعارضة، مهام التوزيع، بحسب ما ذكر مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، في حين نفى النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صحة هذه الأنباء.

 

وكان لافتاً قيام حزب الله، الذي حرص خلال الأيام الماضية على تكذيب وجود حصار، أو مجوّعين مدنيين في مضايا، باستقدام إعلامه إلى المنطقة، لتصوير قافلة الإغاثة أثناء دخولها.

 

وتشير تقديرات المجلس المحلي في مضايا، ونشطاء، إلى أن المساعدات التي خصصت لمضايا لن تكفي أكثر من 15 يوماً، بينما تقول الأمم المتحدة إنها تكفي أكثر من 40 ألف مدني يقطنون مضايا، لمدة شهر كامل، مع الإشارة إلى أن الكمية التي سمح النظام للأمم المتحدة والمنظمات المساندة لها في العملية، هي 335 طناً، منها 250 طناً من المواد الغذائية، ومئة طن من الملابس والأغطية، مقابل 170 طنا، منها 125 طنا من المواد الغذائية، بحسب ما أفادت قناة “الجزيرة”.

 

وكان رئيس “المجلس المحلي لبلدة مضايا” موسى المالح، قال لـ”المدن”، في وقت سابق الاثنين، إنه “قبيل إعلان قرب دخول المساعدات المترافق مع فضحنا لجرائم حزب الله واستخدامه الجوع سلاحاً لقتلنا، قامت مليشيا حزب الله ومليشيا الدفاع الوطني، بتهجير عشر عائلات من أهالي الزبداني المتواجدين في بلدة بلودان ومنطقة المعمورة الواقعتين تحت سيطرتهم، وترحيلهم بواسطة سيارات زيل عسكرية إلى بلدة مضايا، ليعيشوا الحصار مع بقية المدنيين المتواجدين فيها، كوسيلة ضغط”.

 

معرة النعمان: روسيا إذ تصعّد قصف المدنيين

منهل باريش

ارتفعت حصيلة ضحايا القصف الروسي في معرة النعمان في ريف إدلب، إلى 96 قتيلاً، بعد انتهاء فرق “الدفاع المدني” من عمليات البحث تحت الأنقاض، التي تسببت بها غارات الطيران الروسي. واستهدفت الغارات الشمال السوري، وتركزت منذ السبت، على مدن معرة النعمان وسراقب وأريحا.

 

وكانت طائرتان روسيتان قد قصفتا ظهر السبت، محكمة “دار القضاء” في معرة النعمان، بستة صواريخ فراغية؛ أربعة منها أصابت مبنى المحكمة بشكل مباشر، فيما سقط الصاروخ الخامس أمام المبنى، والسادس استهدف المدرسة المجاورة للمحكمة.

 

وقُتل نتيجة القصف أغلب مراجعي المحكمة المدنيين، في بهو بناء المحكمة الواسع، نتيجة الضغط العالي الذي تحدثه الصواريخ المستخدمة. في حين قضى أغلب السجناء، نتيجة سقوط صاروخ فوق “مهجع السجناء” مباشرة، بحسب مصدر محلي. وأضاف المصدر أن ستة سجناء من عناصر تنظيم “جبهة النصرة” كانوا في مهجع مستقل، لقوا حتفهم أيضاً.

 

وقال قائد فريق “الدفاع المدني السوري الحر” في مدينة معرة النعمان، محمد زكرة، لـ”المدن”، إن “أغلب الشهداء كانوا في بناء المحكمة، وهم من المراجعين وأصحاب الشكاوى”، وأضاف أن “عدداً كبيراً من النساء والأطفال هم من بين الشهداء”.

وقال زكرة: “أربعة فرق للدفاع المدني، استنفرت إلى جانب دفاع معرة النعمان؛ وهي فرق الدفاع المدني في سرمين وكفرنبل وسراقب وتل منس، وظلت تعمل حتى ساعة متأخرة من ليل السبت. فيما تابع فريق دفاع معرة النعمان العمل حتى صباح الإثنين، بحثاً عن المفقودين. وقد قمنا الأحد بإخراج 16 جثة من تحت بناء المحكمة، خلال عمليات البحث تحت الأنقاض”.

 

أحد الأطباء الميدانيين في المستشفى الوطني في معرة النعمان، قال لـ”المدن”: “استنفرت المشافي الأربعة؛ الأورينت والوطني والسلام والصناعة في المدينة، ونُقل عدد كبير من الجرحى إلى مشافي سراقب وأطمة وتركيا. وعدد الإصابات وأنواعها كان فوق قدرتنا على الإستيعاب أو التدخل الجراحي”.

 

ووجهت انتقادات لاذعة لتنظيم “جبهة النصرة” نتيجة وضعها للسجناء في أماكن غير محصنة، ومعرضة للقصف المباشر. الناشط الإعلامي جودت ملص، من مدينة معرة النعمان، وأحد المعتقلين السابقين لدى “النصرة”، قال لـ”المدن”: “النصرة لم تعامل المدنيين السوريين كما عاملت الطيارين الذين أسروا العام الماضي. وأعتقد أن حرص النصرة في الحفاظ على أولئك الطيارين يعود إلى محاولة التفاوض عليهم وكسب المال، أما المواطن السوري البسيط ومن يُتهم بالإنتماء إلى جبهة ثوار سوريا، يلقى حتفه تحت قفص بأربعة جدران في مرمى الطيران”.

 

واعتقل عناصر من “جبهة النصرة” الإعلامي جميل لبابيدي، من المستشفى الوطني، عصر الأحد، ليقوموا بالافراج عنه بعدما أخذوا “كرت الذاكرة” في كاميراته، التي وثّق بها صور القتلى. ويعتقد أن سبب اعتقال لبابيدي، يعود إلى نشر صور بعض عناصر التنظيم دون تمييزهم عن بقية الضحايا، الأمر الذي تتجنبه “النصرة”، فهي لا تنشر صور وجوه مقاتليها، خاصة الأجانب منهم.

 

وكان تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، صادر في 6 كانون الثاني/يناير 2016، قد أشار إلى أن قوات النظام استهدفت 774 مركزاً حيوياً في عموم البلاد، خلال عام 2015. فيما قامت القوات الروسية باستهداف 119 مركزاً حيوياً. وأغلب القصف بحسب “الشبكة” تركز على البنى التحتية؛ فقصفت قوات النظام وتلك الروسية، نحو 243 من المراكز الطبية و216 من المراكز الدينية و202 مركزاً تعليمياً و104 مربعات سكنية. وأوضحت “الشبكة” أنه خلال كانون الأول/ديسمبر 2015، قصفت “القوات الحكومية 99 مركزاً حيوياً” بينما قصف الروس 26 مركزاً.

 

وطالبت “الشبكة” مجلس الأمن، بالضغط على “القوات الحكومية” بشكل رئيسي، لتطبيق القرار 2139 الصادر عن المجلس والقاضي بوضع حد “للإستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة. بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية”. ووقف استهداف مراكز التجمعات الحيوية، كالمدارس والمشافي والأسواق والمخابز والأماكن الدينية. وأكدت “الشبكة” في تقريرها السنوي الخاص باستهداف “المراكز الحيوية” على عدم وجود مقرات عسكرية في تلك المراكز الواردة في هذا التقرير، سواء قبل أو أثناء الهجمات عليها.

 

ويبدو أن القوات الروسية تستمر في انتهاج سياسية قصف العمق الحيوي للمعارضة السورية، والمناطق المحررة. كما تتعمد قصف الحاضنة المدنية للثورة، بعد فشلها في تحقيق انجاز لافت عسكرياً، رغم سخونة العديد من الجبهات التي تقوم روسيا بالتغطية الجوية لها أمام قوات النظام والمليشيات التابعة لها.

 

“النصرة” تفرج عن رائد الفارس بشروط

أفادت وسائل إعلامية سورية معارضة أن “جبهة النصرة” أفرجت عن مدير إذاعة “راديو فريش”، رائد الفارس، عقب اعتقاله لعدة ساعات، الأحد، لكن دون إعادة المعدات الخاصة بالإذاعة والتي تم مصادرتها. فيما نفى المكتب الإعلامي للجبهة أن يكون قد اعتقل الناشط هادي العبد الله.

 

ونقل “المرصد السوري لحقوق الإنسان” عن الإعلامي موسى العمر قوله إنه تواصل مع المكتب الإعلامي لـ”جبهة النصرة” مستفسراً عن أسباب اعتقال الناشطين، فأبلغوه انه “لم يتم اعتقال هادي العبد الله، وإنما فقط رائد الفارس”، مؤكدين ان اعتقال رائد الفارس مدير “راديو فريش” من بلدة كفرنبل في ريف إدلب، بسبب “إخلاله بإذاعة برامج تتناقض مع اتفاق سابق بينه وبين الجبهة “.

 

وكانت “جبهة النصرة” قد أخلت، صباح الأحد، مقر الإذاعة بعدما اقتحم مسلحون ملثمون، تبين أنهم ينتمون إليها، مقر الإذاعة وصادروا حواسيب وأموال ومعدات، وتم اعتقال رائد الفارس مدير الاذاعة والناشط هادي العبد الله.

 

وكتب الناشط هادي العبد الله، مساء الأحد، في حسابه في “فايسبوك” شارحاً ما حصل معه ومع زميله رائد الفارس. وقال العبد الله “قامت صباح هذا اليوم (الأحد) عناصر تابعة لجبهة النصرة بمداهمة مكتبنا الإعلامي الكائن في مدينة كفرنبل، بالإضافة لمقر راديو فريش ومقرات المكاتب الثورية الموجودة بالقرب من مكتبنا”. وأوضح أن التهمة الموجهة إليهما تتعلق بـ”منشور لرائد الفارس مدير المكاتب الثورية في ادلب في فايسبوك يحتوي على محظور شرعي”، إضافة إلى “بث أغانٍ تحوي موسيقى”.

 

وأضاف العبدالله إن “العناصر قاموا بخلع كل الأبواب المغلقة، واقتحموا المقر وداسوا على أغراضنا وقاموا بمصادرة جميع أجهزتنا”، كذلك “صادروا أجهزة الكومبيوتر والكاميرات وكل المصنفات والكتب، منها أحد أعلام الثورة”. بعدها كتبوا على المبنى “مصادر جبهة النصرة.. ممنوع الاقتراب”.

 

وأكد العبدالله أنهم بقوا محتجزين داخل المكتب طوال ساعة ونصف الساعة، ثم قام عناصر النصرة باقتياد رائد الفارس لجهة مجهولة بسبب التهمة المذكورة. وبعد نقاشات مطولة مع قادة شرعيين في “النصرة” طوال اليوم، قال العبد الله إنهم أقروا بـ”الخطأ الشرعي” الذي كتبه رائد الفارس في فايسبوك، وقدموا ضمانة ألا يتكرر، مضيفاً أن الجبهة أقرت بخطئها بالاقتحام وحرصت على حل القصة، ووعدت بإرجاع جميع المعدات المصادرة، وقدمت ضمانة ألا يتكرر الحدث، وأطلقت سراح الفارس في وقت لاحق.

 

المسؤول وصف الأمر بأنه «مسرحية هزلية» لأن محتويات المساعدات قليلة جدا

وصول شحنة أغذية إلى «مضايا» الجائعة.. ومسؤول: لا تكفي أكثر من 10 أيام

خالد المطيري

قالت وسائل إعلام غربية وعربية إن قافلة شاحنات محملة بالأغذية دخلت، اليوم الإثنين، ولأول مرة، إلى بلدة مضايا السورية، القريبة من الحدود اللبنانية، والمحاصرة من قبل نظام «بشار الأسد»؛ وذلك ضمن اتفاق بين المعارضة والنظام يقضي أيضا بإدخال مساعدات بشكل متزامن إلى بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام في ريف إدلب، شمالي سوريا، والمحاصرتين من قبل قوات المعارضة.

 

يأتي ذلك بينما اشتكى رئيس المجلس المحلي لبلدة مضايا من قلة كميات المساعدات الغذائية، التي ضمتها القافلة، وعدم احتوائها على مادة الطحين، مؤكدا أنها لن تكفي لأكثر من 10 أيام، ووصفا الأمر بأنه «مسرحية هزلية».

 

وتتعرض بلدة مضايا وسكانها لحصار من قوات «الأسد»، بينما تحاصر قوات المعارضة قريتي الفوعة وكفريا.

 

وحذرت الأمم المتحدة من أنها تلقت تقارير موثوقة عن أن الناس في مضايا يموتون بسبب الجوع.

 

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن 20 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية دخلت إلى مضايا، اليوم، وإن منظمات الإغاثة ستقوم بتوزيع المواد الغذائية خلال الليل.

 

وأضافت أن التأخير كان بسبب الحاجة للتنسيق مع الشاحنات التي دخلت الفوعة وكفريا، اليوم، وعددها 21 شاحنة.

 

وغادرت 60 شاحنة العاصمة دمشق متوجهة إلى مضايا والفوعا وكفريا بتنظيم من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري وبرنامج الغذاء العالمي.

 

ما جانبها، نشرت فضائية «الجزيرة» القطرية صورا تظهر تجمّع عدد من عائلات مضايا في انتظار الحصول على المساعدات.

 

ونقلت الفضائية عن مصادر محلية في مضايا بأن قوات النظام السوري و«حزب الله» استغلت حاجة عدد من الأهالي وسلمتهم بعض المساعدات بعد إجرائهم مقابلات مصورة يتحدثون فيها عن أنّ من سمتهم وكالة أنباء  النظام الرسمية (سانا) بـ«الإرهابيين» صادروا مساعدات الأهالي.

 

وهو ما أكده «المرصد السوري لحقوق الانسان»، ومقره بريطانيا، الذي قال إن «حزب الله» يقوم باستدراج عائلات إلى منطقة القوس التي يوجد فيها حاجز له عند أطراف مضايا؛ لإيهامهم بأنه هو من يقوم بتوزيع المساعدات على المواطنين، كما أن «حزب الله» أبلغ المواطنين بأن من يرغب في تسلم المساعدات فعليه الحضور إلى منطقة القوس، ومن يرد مغادرة مضايا فليغادرها.

 

مسرحية هزلية

بدوره، انتقد رئيس المجلس المحلي لـبلدة مضايا، «موسى الفالح»، عدم احتواء المساعدات على الطحين، المادة الأساسية للعيش، رغم الوعود التي تلقوها بذلك من جهات دولية.

 

وقال في تصريحات لـ«الجزيرة»: «ما يحدث مسرحية هزلية مهزلة؛ لأن الشاحنات التي دخلت قليلة ولا تحتوي طحينا»، محملا المجتمع الدولي المسؤولية عن ذلك.

 

وأضاف أن كميات المساعدات الغذائية قليلة جدا ولا تكفي لأكثر من 10 أيام، معربا عن خوفه من أن ينسى المجتمع الدولي مضايا بعد شحنة المساعدات هذه؛ فيعود شبح الجوع ليطل على المدينة مجددا.

 

ويعيش نحو 40 ألف شخص في مضايا، القريبة من الحدود اللبنانية، والتي تشير تقارير إلى أن سكانها يأكلون حيوانات أليفة وأعشابا من أجل البقاء على قيد الحياة.

 

وتقول منظمة «أطباء بلا حدود» إن مضايا تحتاج إلى إمداد مستمر من المساعدات لا مجرد شحنة واحدة.

 

ووصف «برايس دي لا فيغن»، المسؤول في المنظمة، الوضع في البلدة بأنه «مرعب جدا».

 

وقال لـ«بي بي سي» إن أكثر من 250 شخصا في مضايا يعانون «سوء تغذية حاد»، مضيفا أن «عشرة منهم يحتاجون إجلاءً طبيا فوريا» وإلا ماتوا.

 

وفي ريف إدلب، أفاد مراسل لفضائية «الجزيرة» بأن قافلة مكونة من 21 شاحنة بدأت بنقل 129 طنا من المواد الغذائية والطبية من ريف حماة باتجاه الفوعة وكفريا.

 

يأتي هذا في الوقت الذي طالب وزير الخارجية الفرنسي، «لوران فابيوس»، سوريا وروسيا بوقف ما وصفه بالعمليات العسكرية ضد المدنيين، ووضع «نهاية لمعاناة المحاصرين في مضايا، قبل أسبوعين فقط من بدء محادثات السلام» بين النظام والمعارضة.

 

وأصبح حصار مضايا قضية محورية بالنسبة لقادة المعارضة السورية الذين أبلغوا مبعوث الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أنهم لن يشاركوا في المحادثات مع الحكومة حتى يرفع هذا الحصار وحصارات أخرى.

 

وذكرت الأمم المتحدة، يوم الخميس الماضي، أن حكومة «الأسد» وافقت على السماح بدخول مضايا.

 

ومنذ يوليو/ تموز، تخضع مضايا لحصار قوات «الأسد» وأنصارها في جماعة «حزب الله» الشيعية اللبنانية، فيما تحاصر قوات المعارضة منذ شهر مارس/آذار الماضى قريتي كفريا والفوعة، التي يسكن فيها نحو 30 ألفا.

 

لكن محنة مضايا حظيت باهتمام دولي؛ وهو ما يرجع في جانب منه إلى صور واردة من البلدة لسكان يعانون سوء تغذية حادا.

 

وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان»، الذي يتابع تطورات القتال في سوريا، إن عشرة أشخاص توفوا بسبب الجوع، في حين يقدر نشطاء المعارضة العدد بالعشرات.

 

ويعيش ما يصل إلى 4.5 مليون شخص في مناطق يصعب الوصول إليها في سوريا، بينهم نحو 400 ألف في 15 موقعا محاصرا لا يستطيعون الحصول على إغاثات ضرورية لإنقاذ الأرواح.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

 

مضايا.. مدينة جوّعها الأسد وحزب الله  

مضايا بلدة سورية تتبع إداريا للزبداني، وتعد من المصايف الهامة في سوريا لما تتمتع به من طقس معتدل في فصل الصيف، كما كانت تعد من المراكز التجارية الهامة في المنطقة بسبب قربها من الحدود السورية اللبنانية.

 

عرفها العالم بعد أن تعرضت لحصار وتجويع ممنهجين مارسهما النظام السوري وحزب الله، واقع مأساوي دفع سكانها المحاصرين إلى أكل القطط والكلاب والحشائش وأوراق الأشجار.

 

الموقع

تقع بلدة مضايا على السفح الشرقي من سلسلة جبال لبنان الشرقية، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر نحو 1350 متراً، وتتبع إداريا لمنطقة الزبداني في ريف دمشق، وتبعد عن العاصمة السورية دمشق بنحو 45 كيلومتراً، وتعد مركز ناحية مضايا التي تضم إلى جانبها بلدتي بقين وهريرة.

 

ويمر فيها نهر بردى، وتنبع منها عدد من الينابيع والعيون، منها نبع مضايا وعين الميسة وعين أمين وعين الحداد وعين صالح، وهذا ما جعلها كثيرة البساتين والحدائق والمسطحات الخضراء.

 

المناخ

تتميز مضايا بمناخ معتدل صيفاً، وبارد شتاءً حيث تصل الحرارة لنحو 10 درجات تحت الصفر، وتتراكم فيها الثلوج في معظم أيام فصل الشتاء.

 

السكان

يبلغ عدد سكان بلدة مضايا نحو 15 ألف نسمة، في حين يقدر عدد سكان ناحية مضايا التي تضم بلدتي بقين وهريرة قرابة 20 ألف نسمة، وبعد بدء الحملة العسكرية من قبل قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني على مدينة الزبداني نزح معظم السكان باتجاه مضايا ليتجاوز عدد سكانها 45 ألف نسمة.

 

الاقتصاد

تعد مضايا أحد المركز التجارية الهامة في ريف دمشق الغربي، وذلك بسبب قربها من الحدود السورية اللبنانية، ولكونها منطقة سياحية هامة.

 

ويعمل معظم الأهالي بقطاع الخدمات والتجارة، مستفيدين من الحركة التجارية والسياحية التي يوفرها قدوم السياح إلى منطقتهم، كما يعمل جزء كبير من السكان في الزراعة، حيث تشتهر المنطقة بزراعة الأشجار المثمرة كالتفاح والكرز والدراق والخوخ والإجاص.

 

التاريخ

تضم منطقة مضايا العديد من المواقع الأثرية الهامة، ففي أعلى جبالها توجد قلعة تسمى “قلعة الكرسي”، وفيها مقامان مجهولان، وفيها قلعة أخرى تسمى “قلعة الديوان”، كما تحتوي العديد من الأطلال الرومانية.

 

الجوع

أدت الحملة العسكرية الواسعة التي نفذها حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري على مدينة الزبداني في منتصف عام 2015 إلى نزوح معظم سكانها إلى بلدة مضايا، وقامت قوات النظام حينها بقصف مضايا بالبراميل المتفجرة مبررة ذلك باتهام الأهالي بدعم مسلحي المعارضة المسلحة.

 

كما فرض المهاجمون حصاراً محكماً على المنطقة بأكملها، وبعد أن توصلت الأطراف إلى اتفاق “الزبداني- كفريا والفوعة” في سبتمبر/أيلول 2015، قامت قوات النظام بإطباق الحصار أكثر على بلدتي مضايا وبقين من خلال زرع حقول ألغام في محيطها، ونشر القناصة على كافة الطرق المؤدية إليها، مما أدى إلى تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية فيها، وتسبب في عدد كبير من حالات الوفاة بسبب نقص التغذية.

 

ودخلت بذلك مضايا إلى التاريخ كأحد أكثر المدن التي تعرضت لتجويع ممنهج، وتناقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء صور وفيديوهات الأطفال والنساء والشيوخ الذين أصابهم الجوع في مقتل، وقد لقي العديد منهم مصرعهم جوعا.

 

ووصلت الحال بالمحاصَرين إلى درجة أكل القطط والكلاب والحشائش وأوراق الأشجار لسد رمقهم، بعدما أحكمت قوات بشار الأسد وحليفه حزب الله اللبناني الحصار على المنطقة، ومنعت عنها دخول المؤن.

 

اتهامات لإيران بتغيير الديمغرافية السورية عبر الحصار  

أيمن محمد-الجزيرة نت

 

بينما تشتد وتيرة الحصار على مدن وبلدات سورية خارجة عن سيطرة النظام، يؤكد مفاوضون عن المعارضة هيمنة إيران على عمليات الحصار والتفاوض بهدف إحداث تغيير ديمغرافي في مناطق عدة بعد تهجير أهلها، وفق خطة ممنهجة منذ منتصف عام 2013.

وكان ضباط إيرانيون على رأس الوفد المفاوض في مايو/أيار 2014 عندما توصلوا إلى اتفاق مع المعارضة السورية المسلحة قضى بخروج ألفين وثلاثمئة شخص، بينهم تسعمئة مقاتل من أحياء حمص القديمة، إلى ريف حمص الشمالي، وهي أول عملية “تهجير” تشهدها البلاد خلال الأزمة.

 

وقال أبو رامي الحمصي -وهو واحد من ثلاثة مفاوضين التقوا ممثلي إيران والنظام في حمص القديمة- إن الدور الإيراني بدا واضحا خلال جلسات المفاوضات، مضيفا أن الضابط الإيراني “الحاج فادي” كان يقود المفاوضات بكل تفاصيلها، مثل المطالبة بالإفراج عن الأسيرة الإيرانية لدى المعارضة، وإدخال مساعدات لبلدتي نبل والزهراء “الشيعيتين”، ومناقشة أسماء المعتقلين في سجون النظام.

 

وأشار إلى أنه عندما كان يتحدث الحاج فادي لا يقاطعه أو يعترض عليه أحد من ممثلي النظام، في وقت يسعى رئيس فرع دائرة المخابرات العامة اللواء ديب زيتون وقائد عمليات المنطقة الوسطى اللواء أحمد جميل لتنفيذ وتسهيل ما يمليه الضابط الإيراني.

 

ويؤكد ناشطون أن الحاج فادي والحاج سامي هما اللذان عملا على مدار أشهر لعقد اتفاق قضى أيضا بإخراج الثوار من حي الوعر، آخر معاقل المعارضة بمدينة حمص، نهاية الشهر الفائت.

 

تغيير ديمغرافي

وبعد أشهر من اتفاق “الزبداني-كفريا والفوعة” بين جيش الفتح التابع للمعارضة وبين إيران، فرض النظام السوري وحزب الله اللبناني حصارا خانقا على بلدة مضايا شمالي دمشق، لمحاولة إبعاد الفصائل إلى ريف إدلب (شمال)، كما يتكرر المشهد في بلدة المعضمية غرب دمشق.

 

وكشف عضو في لجنة المفاوضات في المعضمية أن الجولة الأخيرة من المفاوضات التي انعقدت الأسبوع الفائت في فندق “فورسيزن” بدمشق شهدت حضور ممثلين عن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وقال إنها كشفت أن ملف المفاوضات يخضع مباشرة لقادة من الجانبين، بينما يقتصر دور الفرقة الرابعة بالحرس الجمهوري السوري على التنفيذ.

 

وأكد المصدر للجزيرة نت أن ممثل حزب الله “رفيق لطف” وضع وفد المعضمية أمام ثلاثة خيارات، أولها الاستسلام وتسليم السلاح، وثانيها الهجرة من المعضمية نحو إدلب، وثالثها تعريض أكثر من أربعين ألف مدني محاصر بالمدينة للخطر، حيث توعد لطف بتدمير المدينة بمن فيها، بحسب المصدر.

 

وأكد أن مندوب حزب الله قال للوفد إنه غير قادر على فك الحصار لأن فتح المعبر ليس من صلاحياته رغم إصرار وفد المعارضة على فتحه للتعبير عن حسن النية قبل بدء التفاوض.

 

ورجح المصدر استمرار القتال لأن غالبية أبناء المدينة من مدنيين ومقاتلين يرفضون الهجرة إلى إدلب، مؤكدا أن البلدة تتعرض لأعنف هجوم عسكري منذ بدء الحصار، فضلا عن تعرضها للقصف بالسلاح الكيميائي.

 

حرب طائفية

بدوره، رأى الصحفي حسام محمد أن أهم أسباب نجاح النظام وأنصاره بالحصار هو العامل الجغرافي، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة في ضواحي دمشق لا تملك خيارات للمناورة بسبب تمركز النظام في المرتفعات واعتماده على القصف البعيد، فضلا عن اتباعه سياسة قطع الطرق بين البلدات.

 

وقال محمد إن الحرس الثوري أذكى الحرب الطائفية التي أشعلها النظام من قبل، فالحرس ينتقي المناطق ذات المواقع الإستراتيجية ويسعى لتهجير أهلها بعد الحصار الخانق.

 

واعتبر الصحفي المعارض أن هدف طهران من التهجير بدمشق وحمص هو فرض “التمدد الشيعي” بالقوة، مستغلة بذلك الفوضى التي تعم سوريا والحملة الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك تحت غطاء سياسي من موسكو في المحافل الدولية، حسب قوله.

 

هل فقدت المعارضة القدرة على الصمود بريف اللاذقية؟  

عمر أبو خليل-ريف اللاذقية

 

خسرت قوات المعارضة السورية عشرات التلال والمواقع والقرى بريف اللاذقية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهي عمر الهجوم الواسع الذي بدأته قوات نظام بشار الأسد والمليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية الداعمة له بغطاء جوي روسي كثيف.

وكانت قوات المعارضة في ريف اللاذقية حاولت عدة مرات استعادة بعض المواقع التي خسرتها لكنها فشلت في ذلك، كما جرى في جبل زاهية بجبل التركمان، وبرج القصب وجبل غزالة وجبل النوبة بجبل الأكراد.

 

وتشير المعلومات الواردة من محاور جبهات القتال إلى أن قوات المعارضة ستفقد المزيد من المواقع والنقاط التي كانت سيطرت عليها منذ أربع سنوات، فبعد استيلاء قوات النظام على قريتي كدين والمغيرية والتلال المحيطة بهما، تدور حاليا معارك عنيفة في قريتي طعوما والكبانة التاليتين لها.

 

وبحسب شبكة إعلام الساحل (معارضة) فقد شن الطيران الروسي ما يزيد على 65 غارة جوية، أطلق خلالها مائتي صاروخ فراغي على مدينة سلمى أمس الاثنين، بالتزامن مع قصف بري عنيف بالصواريخ والمدفعية من قوات النظام المتمركزة بمراصد انباتة واستربة وتلا وقمة النبي يونس.

 

صمود كبير

هذا الهجوم العنيف والذي وصفه مدنيون بأنه “دولي” على جبل الأكراد، دفع هؤلاء للتساؤل عن مدى قدرة فصائل المعارضة على الاستمرار في الصمود بوجهه، وترافق التساؤل بتساؤل آخر مفاده هل تستطيع هذه القوات المبادرة من جديد؟

 

وفي رده على هذين التساؤلين، أشار القيادي بالفرقة الأولى الساحلية، الرائد أبو الحاج، إلى أن الهجوم الذي وصفه بالهمجي لقوات النظام والمليشيات الشيعية بغطاء جوي روسي، أرهق الفرقة وفصائل المعارضة المقاتلة بريف اللاذقية، حيث أوقع الكثير من “الشهداء” والإصابات بين عناصرها.

 

غير أن القيادي أكد أن الفرقة الأولى الساحلية وبقية الفصائل المقاتلة لا تزال صامدة تصد الهجوم بكل ما تملك من قوة وإمكانات، مشددا على أن أفرادها أقسموا على الاستمرار في الصمود حتى تحقيق النصر أو نيل الشهادة.

 

بحاجة للدعم

من جانبه، رأى العميد المنشق أحمد رحال أن إرادة الصمود لدى ثوار ريف اللاذقية قوية، إلا أنهم باتوا يفتقدون لمقومات هذا الصمود، حيث أرهقهم الهجوم المتواصل من أعتى وأشرس المليشيات وقوات النظام.

 

ودعا -في حديثه للجزيرة نت- فصائل المعارضة الرئيسية والقوية مثل جيش الفتح وجيش الإسلام وغيرها من الفصائل في ريف حماة وإدلب، لمؤازرة جبهة الساحل من أجل وقف تقدم النظام واستكمال قضم المنطقة.

 

وبدا العميد المنشق واثقا من قدرة الثوار إذا ما وصلتهم مؤازرات من الفصائل المذكورة على استعادة زمام المبادرة واسترجاع المواقع التي خسروها في الآونة الأخيرة، لكنه أشار إلى ضرورة الإسراع في ذلك “حتى لا يأخذ النظام فرصة لتثبيت أقدامه في تلك المناطق وتدعيمها بشكل كبير يتعذر معه استعادتها”.

 

ويعتب مقاتلو ريف اللاذقية على الفصائل التي أصدرت بيانات إعلامية تؤكد فيها التوجه لمساندتهم ولكنها لم تفعل، حيث اقتصرت مشاركتهم الرمزية على معارك صغيرة غير مؤثرة.

 

وفي السياق، وجه المقاتل في ريف اللاذقية بسام الطه، اللوم بشكل مباشر إلى ائتلاف العشائر الذي أعلن عبر رئيسه -مطلع الشهر الماضي- النفير العام لجبهة الساحل، مؤكدا عدم وصول مقاتل واحد منهم إلى ريف اللاذقية، ووصف الإعلان بأنه ترويج إعلامي لا غير.

 

النظام يفشل بفصل داريا عن المعضمية بريف دمشق  

يواصل النظام السوري تصعيد قصفه على بلدتي داريا والمعضمية بالغوطة الغربية في ريف دمشق، بينما يؤكد ناشطون أن فصائل المعارضة السورية أفشلت جميع محاولات النظام لفصل البلدتين عن بعضهما، وذلك بعد أسبوع من بدء حملة واسعة عليهما.

 

وقالت شبكة شام الإخبارية إن قوات النظام قصفت أمس الاثنين داريا ببراميل متفجرة، وإنها استهدفت الأحياء السكنية والجبهة الجنوبية من بلدة المعضمية بالصواريخ.

 

أما وكالة مسار برس التابعة للمعارضة فقالت إن عددا من جنود النظام لقوا مصرعهم في داريا خلال الاشتباكات أمس.

 

ومن جهته، قال مدير المكتب الإعلامي في داريا حسام الأحمد لوكالة الأناضول إن النظام أرسل تعزيزات كبيرة من قوات الحرس الجمهوري والمليشيات الموالية له إلى البلدة، حيث شنت هجوماً على شمال داريا وجنوب غرب المعضمية بهدف فصل البلدتين عن بعضهما.

 

وأكد أن اشتباكات عنيفة دارت خلال الأسبوع الفائت بين الجانبين، تمكنت من خلالها المعارضة من رد قوات النظام على أعقابها، كما دمرت ناقلة جند للنظام وأعطبت دبابة.

 

وأضاف الأحمد أن أكثر من عشرة جنود للنظام قتلوا خلال الهجوم، معتبرا أن خسارة النظام هذه واحدة من عشرات الضربات التي وجهها مقاتلو المعارضة للنظام بالمنطقة.

 

وأوضح الناشط الإعلامي أن مقاتلي المعارضة بالمعضمية شاركوا مقاتلي داريا في التصدي للهجوم، وأن هجوم النظام الأخير أنهى وقف إطلاق النار الذي عقده مع المعارضة بالمعضمية بداية العام الماضي.

 

ويعاني أهالي المعضمية من حصار خانق يمنع دخول المواد الغذائية والطبية إليهم، ما ينذر بكارثة إنسانية في البلدة شبيهة بتلك التي تعيشها بلدة مضايا شمال غرب دمشق.

جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة

2016

 

مأساة مضايا الإنسانية لم تنته حتى بعد دخول المساعدات

دبي – قناة العربية

لم تنته فصول مأساة مضايا بتفاصيلها من قصف ودمار وحصار وجوع وموت، حيث دخلت قافلة الإغاثة مضايا المحاصرة، مضايا الموت القابع في كل ركن، مضايا أشباه الإنسان، مضايا الأشباح البشرية.

وقالت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن شاحنات تحمل إمدادات طبية وغذائية وصلت إلى مضايا وبدأت في توزيع المساعدات.

وأعلن بافل كريزيك المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه من المفجع حقا رؤية حالة الناس، وأضاف أنه لما اقترب من طفلة كان سؤالها الأول هل جئت لنا بالغذاء؟.

ورأى منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية المقيم في دمشق إنه رأى بأم العين أطفالا يعيشون سوء التغذية الحاد، ما أكد أنباء بوفاة عشرات الأشخاص من الجوع نتيجة نقص الرعاية الطبية.

وقال الطبيب محمد يوسف الذي يرأس فريقا طبيا محليا في مضايا، إن 67 شخصا لاقوا حتفهم إما بسبب الجوع أو نقص المساعدات الطبية خلال الشهرين الماضيين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين.

وصرّح رئيس قسم العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، أن 400 يجب أن يخرجوا فورا من مضايا لأنهم بأشد الحاجة إلى المساعدة.

من جهة أخرى، دخول المساعدات الإنسانية إلى مضايا والتي قال مسؤولو الصليب الأحمر الدولي إنها تكفي الأربعين ألف شخص الذين يقطنون المدينة لمدة شهر لم تقنع الحكومة السورية المؤقتة، إذ أعلن وزير الإدارة المحلية حسين بكري في لقاء مع العربية أن المساعدات التي دخلت إلى مضايا لا تكفي سوى 15 يوما.

ويبقى أن مضايا وإن دخلتها المساعدات الإنسانية لتروي بعضا من ظمأ وتسد بعضا من جوع تريد فك الحصار وترفض أن تكون محل مساومة وابتزاز النظام وميليشيا حزب الله حسب ما يقول ناشطون.

 

الصليب الأحمر: مفاوضات لإجلاء 400 حالة حرجة من مضايا

بيروت – فرانس برس

تعمل الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة على تأمين إجلاء نحو 400 شخص لأسباب صحية من بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، بعد إدخال الدفعة الأولى من المساعدات الإنسانية إليها، وفق ما أكد متحدث باسم الصليب الأحمر الدولي الثلاثاء.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا بافل كشيشيك غداة إعلان الأمم المتحدة الحاجة إلى إخراج 400 شخص في أقرب وقت ممكن من مضايا: “نعمل مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري على تحقيق ذلك”.

وأضاف أن العملية “معقدة جداً وتتطلب الحصول على موافقة مسبقة ونحن نتفاوض مع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الخطوة الإنسانية”.

وتمكنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة الاثنين من إدخال 44 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى بلدة مضايا التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ ستة أشهر.

وتزامن ذلك مع إدخال 21 شاحنة مماثلة إلى بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب (شمال غرب) المحاصرتين من الفصائل المقاتلة منذ الصيف الماضي.

 

قوات موالية للحكومة السورية تدخل بلدة تسيطر عليها المعارضة في اللاذقية

بيروت (رويترز) – قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ووسائل إعلام حكومية إن قوات موالية للحكومة السورية قاتلت مسلحين من المعارضة داخل وحول بلدة يسيطرون عليها في محافظة اللاذقية يوم الثلاثاء في إطار مساعي قوات الرئيس السوري بشار الأسد لاستعادة أراض خسرتها في غرب البلاد.

 

وقال المرصد ومقره بريطانيا إن القوات الموالية للنظام كانت مدعومة بعشرات الغارات الجوية.

 

وأضاف أن قوات الجيش ومقاتلين من جماعة حزب الله اللبنانية دخلوا بلدة سلمى الواقعة في ريف اللاذقية وهي جبهة قتال بين قوات المعارضة والقوات الحكومية.

 

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن القوات الحكومية سيطرت على المشارف الجنوبية الشرقية لبلدة سلمى.

 

وتركز القوات الموالية للأسد هجماتها في المحافظات الغربية مثل حلب واللاذقية وحماة وحمص في محاولة لاستعادة أراض خسرتها وقطع خطوط إمداد لقوات المعارضة.

 

وكسب الجيش السوري وحلفاؤه أراضي في حلب واللاذقية لكن المعارضين تمكنوا من التقدم في مناطق أخرى منها حماة.

 

وتدعم طلعات جوية روسية القوات الموالية للحكومة وتضم قوات إيرانية ومقاتلين من حزب الله. وقصفت الطائرات الروسية معارضين في اللاذقية في مناطق منها جبل الأكراد وجبل التركمان.

 

وتدخلت روسيا في الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو خمس سنوات في صف قوات الأسد في سبتمبر أيلول قائلة إنها تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ويقول مسؤولون أمريكيون إن أغلب الغارات الروسية أصابت جماعات معارضة أخرى تقاتل قوات الأسد منها جماعات مدعومة من الغرب.

 

(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية – تحرير أمل أبو السعود)

 

إردوغان: روسيا تعد الساحة “لدويلة” سورية حول اللاذقية

أنقرة (رويترز) – قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الثلاثاء إن روسيا تعد الساحة لخلق “دويلة” سورية حول محافظة اللاذقية وإنها تنفذ هجمات تستهدف التركمان هناك.

 

وانتقد إردوغان إيران أيضا خلال كلمة في أنقرة للسفراء الأتراك وقال إنها تستغل التطورات في دول مثل سوريا والعراق واليمن لتوسيع نطاق نفوذها وتحاول إشعال عملية خطيرة باتخاذها موقفا يحول الخلافات الطائفية إلى صراع.

 

(إعداد أمل أبو السعود للنشرة العربية – تحرير علا شوقي)

 

السلطات السورية توقف الدعم عن صحف الجبهة الوطنية المؤيدة للنظام

روما (12 كانون الثاني/يناير) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

علمت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أن السلطات السورية قررت وقف دعم الطباعة المجانية لصحف أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية نتيجة صعوبات مالية تمر بها سورية، ما اضطر هذه الصحف لتقليص عدد صفحاتها إلى النصف.

 

وصدرت اليوم صحيفة (النور) التي يُصدرها الحزب الشيوعي السوري (الموحّد) بثمان صفحات فقط لأسباب مالية، حيث قررت السلطات المعنية عدم طبع صحف أحزاب الجبهة في المطابع الرسمية مجاناً كما كان الحال منذ عدة سنوات.

 

وصحيفة (النور) هي الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري (الموحد) كانت تصدر في الخمسينيات من القرن الماضي، ولعبت في حينها دوراً هاماً بالحركة الوطنية السورية، لكنها تحوّلت منذ عشر سنوات إلى صحيفة موالية للنظام ولا تختلف كثيراً عن الصحف الحكومية السورية.

 

وتضم الجبهة الوطنية التقدمية عشرة أحزاب يتزعمها حزب البعث العربي الاشتراكي، وتعرض الحزب الشيوعي لعدة انقسامات وتزعم خالد بكداش أحد الفرق ويوسف الفيصل فريقاً آخر، وللحزب وزيرين في الحكومة وأربعة نواب، ولم يعد يتجاوز عدد أعضائه عدة آلاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى