أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الحمعة، 17 آب 2012


سلسلة مجازر بغارات جوية وقصف مدفعي

نيويورك – راغدة درغام؛ دمشق – «الحياة»، ا ف ب، رويترز

جدد النظام السوري امس استخدام طائراته الحربية على نطاق واسع في قصف عدد من المواقع التي تشهد اشتباكات مع مقاتلي المعارضة وبشكل خاص في حلب وادلب وفي ريف دمشق. وادى ذلك الى ارتفاع ملحوظ في اعداد الضحايا وخصوصاً بين المدنيين، وتجاوز عدد القتلى حتى مساء امس 175 كما ذكرت مصادر المعارضة.

وبعد يوم على قرار منظمة التعاون الاسلامي تعليق عضوية سورية، وجه الاعلام السوري انتقادات شديدة للمنظمة وقراراتها، واتهم وزير الخارجية وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بالتآمر على سورية، محملا اياهما «مسؤولية سفك الدم السوري».

في هذا الوقت كان الطيران الحربي يرتكب مجزرة جديدة في معرة مصرين في محافطة ادلب. وقالت مصادر المعارضة ان الطائرات القت على البلدة قنابل تزن الواحدة منها 200 كلغ. واكدت ان مجزرة اخرى ارتكبت في قاضي عسكر في ريف حلب عندما اطلقت قذائف الهاون على صف من الاهالي كانوا يقفون صباحاً امام احد المخابز. وقتل بنتيجة هذا القصف 25 شخصاً على الاقل.

وفي بلدة قطنة بريف دمشق عثر على 60 جثة تم اعدام اصحابها، في وقت تواصل القصف المدفعي والحملة العسكرية على قطنة والضمير ودوما والتل التي اعتبرتها المعارضة منطقة منكوبة. كما وجه المجلس العسكري الأعلى لـ «الجيش الحر» نداء لإغاثة مدينة التل بعد سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في قصف ليلي.

كما قامت قوات النظام بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق 11 مواطناً في بساتين الرازي بدمشق.

الى ذلك قال «الجيش الحر» إنه قام بعملية نوعية امس تمثلت في قتل 35 عنصرا تابعا لجيش النظام وتدمير عدد من آلياتهم، إضافة إلى أسر عميد في الأمن الخارجي يدعى علي صقر حسن في حي الجندول بمدينة حلب. وفي بلدة جرجناز شرق معرة النعمان بإدلب، أعلن ناشطون عن إصابة العشرات جراء قصف صاروخي لمقاتلات النظام. وأكد احد اعضاء «مجلس قيادة الثورة» في معرة النعمان قيام سرب من طائرات «الميغ» بشن غارات على البلدة والقاء 6 قنابل تشبه براميل المازوت على المنازل.

وأكد طبيب سوري أن الغارة التي شنتها طائرة حربية في بلدة أعزاز اول من أمس أدت إلى مقتل 100 شخص، وإصابة 150 آخرين.

من جهة اخرى ظهر امس على شاشة محطة «العربية» العقيد المنشق يعرب الشرع، رئيس فرع المعلومات في شعبة الامن السياسي وابن عم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. وكانت وسائل الاعلام تداولت خبر انشقاقه قبل اسبوع. وقال في بيان مكتوب إن النظام يرتكب مجازر لا تتصل بالأخلاق والقيم والإنسانية، وقد استهدف الشعب السوري بالقتل منذ انطلاق الثورة. واكد أنه يضع نفسه تحت تصرف الثورة، داعيا كا الشرفاء في سورية للانضمام إليها.

وعلى الصعيد السياسي، تعقد الدول الأعضاء في «مجموعة العمل من أجل سورية» التي أصدرت بيان جنيف في حزيران (يونيو) الماضي اجتماعاً على مستوى السفراء اليوم في نيويورك بدعوة من روسيا، في «أول تحرك ديبلوماسي روسي بعد الفيتو»، بحسب ديبلوماسيين في نيويورك. واعتبرت مصادر غربية أن التحرك الروسي هو «محاولة أخرى من موسكو لتحييد الأنظار بعيداً عن الانتقادات الموجهة لها بسبب تعطيلها مجلس الأمن».

وعلمت «الحياة» في نيويورك أن السفيرة الأميركية سوزان رايس لن تشارك في الاجتماع، ولم يكن مقرراً بعد ظهر أمس مستوى المشاركة الأميركية فيه. وقالت الناطقة باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أرن بلتون ان «معيارنا لأي اجتماع دولي هو عما اذا كان سيساهم في إنهاء العنف وفي إطلاق العملية السياسية الانتقالية ولدينا أسئلة حول ما إذا كان هذا اللقاء (في نيويورك اليوم) سيلبي هذا المعايير».

وقالت أوساط في الأمم المتحدة إن التحرك الروسي يتعلق بتحديد «المهام التي ستوكل الى المبعوث الخاص المشترك الجديد الى سورية وربما تكون محاولة روسية من أجل إعادة الخوض في تفسيرات لما تم الاتفاق عليه في جنيف خصوصاً لجهة العملية الانتقالية من دون مشاركة الرئيس السوري».

وأنهى مجلس الأمن أمس ولاية بعثة الأمم المتحدة في سورية (أنسميس)، فيما بدأت الأمانة العامة للمنظمة الدولية التحضير لتأسيس مكتب اتصال في دمشق مكون من «فريق صغير من الموظفين قد لا يتجاوز ٣٠» بحسب مصادر ديبلوماسية. وأعلن رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي السفير الفرنسي جيرار آرو أن المجلس اتفق على توجيه رسالة الى الأمين العام بان كي مون تتعلق باتجاه تأسيس «وجود مرن وفعال للأمم المتحدة في سورية بعد انتهاء ولاية أنسميس لدعم جهود الأمين العام والمبعوث الخاص المشترك». وأكدت الرسالة «دعم جهود الأمين العام ومهمة المبعوث الخاص المشترك الى سورية».

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إدموند موليه إن «مهمة أنسميس ستنتهي الأحد وسيتم سحب آخر موظف فيها في ٢٤ الشهر». واشار الى أن تأسيس مكتب الاتصال في سورية سيتم من خلال «نقل صلاحيات البعثة الآن من قسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة الى قسم الشؤون السياسية وأن المكتب سيتكون من ثلاثة مكونات: سياسي، ومراقبين عسكريين ومتخصصين في حقوق الإنسان».

وأعرب السفير الروسي فيتالي تشوركين عن «الأسف لإنتهاء عمل البعثة»، لكنه رحب في الوقت نفسه «بالتوجه نحو إنشاء وجود بديل مرن وفعال للأمم المتحدة في سورية». وقال إن روسيا تريد من وراء الدعوة الى اجتماع سفراء دول «مجموعة العمل من أجل سورية» اليوم «وضع ما اتفقنا عليه في جنيف موضع التنفيذ لجهة وقف العنف والعمل على حل سياسي وتأسيس جسم انتقالي في سورية». وسئل اذا كانت إيران ستدعى الى الاجتماع فقال: «نريد المحافظة على صيغة اجتماع جنيف». وأكد تشوركين ضرورة تعيين خلف لأنان في أسرع وقت.

لاجئون في مخيم الزعتري «ينتفضون» في وجه فابيوس ويطلبون أسلحة

{ الزعتري (الأردن) – تامر الصمادي

اعتاد لاجئون سوريون يعيشون «قسراً» في مخيم الزعتري شمال الأردن، على مهاجمة زيارات رسمية ينظمها مسؤولون أردنيون وغربيون لاستكشاف مخيمهم الموغل في عمق الصحراء، بسبب ما يقولون إنه «تجاهل لتردي أوضاعهم المعيشية».

ويوم أمس فقط انتفض مئات اللاجئين في وجه وزيري الخارجية الأردني ناصر الجودة والفرنسي لورون فابيوس بعد زيارتهما المخيم الذي يبعد حوالى (85 كلم شمال شرقي عمان)، مرددين عبارات «الموت ولا المذلة».

وحاول هؤلاء الوصول إلى الوزير الفرنسي الذي كان منشغلاً بمؤتمر صحافي على أرض مليئة بالأتربة والغبار، لكن قوات الأمن المتواجدة في المكان حالت دون ذلك. كما منعت وسائل الإعلام تصوير الوقفة الاحتجاجية التي باتت عنواناً لمظاهر قسوة وتشرد تلاحق الفارين من «الجحيم السوري».

وفي ذات الإطار، أقرت وزارة الصحة الأردنية بانتشار داء السل داخل خيام بعض اللاجئين في الزعتري. وقال مدير الأمراض السارية في الوزارة خالد أبو رمان في تصريح مقتضب إلى»الحياة»: «تم الكشف عن 20 حالة مصابة بمرض السل بين صفوف اللاجئين بالمفرق، ويعالجون الآن في مراكز الأمراض الصدرية التابعة للوزارة».

وجاء هذا التصريح على وقع أنباء تداولها سكان المخيم خلال زيارة ميدانية لـ «الحياة» أمس، أشارت إلى وفاة طفل بسبب أزمة صدرية ناتجة من الغبار بعد نقله إلى المستشفى برفقة ذويه، لكن عاملين في المخيم لم يؤكدوا أو ينفوا صحة الوفاة.

كما رصدت «الحياة» خلال جولتها الميدانية محاولات لم يكتب لها النجاح للاجئين سوريين كانوا يحاولون الفرار مع عائلاتهم إلى خارج المخيم.

وعلى بعد أمتار من مقدمة المخيم كان راتب الحريري (44 سنة) يحاول اجتياز الأسلاك الشائكة برفقة زوجته وطفله الذي غطى الغبار معالم وجهه وملابسه المقطعة، لكن أفراداً من الأمن الأردني أحبطوا محاولته.

وقال الحموي الذي كان حافي القدمين ويرتدي ملابس رثة غطتها حبات التراب الناعم: «كنا نعيش في درعا تحت القصف وهنا نعيش تحت المذلة.. التراب والغبار يفتكان بأجسادنا وطفلي يعاني ذبحة صدرية».

وأضاف: «الحال هنا لا يمكن تحملها، فلا طعام ولا دواء ولا حتى كهرباء».

وكانت السلطات الأردنية دفعت إلى المخيم بقوات درك وشرطة خلال الأيام الماضية، بعد أن لجأ العديد من السوريين إلى محاولات الهرب، بسبب حالة الإحباط والغضب التي تولدت لديهم، وهو ما قاله لـ»الحياة» ممثل مفوضية اللاجئين في عمان آندرو هاربر.

وعلى مسافة غير بعيدة من خيمة الحريري وعائلته، جلست فهيمة الدرعاوية (20 سنة) على حصير مهترئ، قائلة إن والدتها القادمة من بلدة طفس «تموت».

وأضافت: «إنها مريضة بالسرطان، ومنذ أن هربنا إلى الأردن لم تحصل على جرعات الكيماوي. حالتها تسوء.. حاولنا الهرب ولم نوفق».

وتابعت: «تمكن سكان الخيمة المجاورة من الفرار، لا أعرف إن كانوا بالمفرق أم بالرمثا، لكنهم أفضل حالاً من هنا».

ويبدو أن الشعور بالألم لم يمنع أحمد أبو الشعر (38 سنة) من الفرح والابتهاج ولو لبرهة، عندما حصل على قطع بيضاء تبين لاحقاً أنها كمامات لتجنب الغبار.

وقال «جئنا إلى هنا الأسبوع الماضي قادمين من دمشق، ومنذ ذلك الوقت ونحن ننتظر الحصول على كمامات.. أطفالي سيكونون سعداء بها».

وتحدث باسم (35 سنة) من مدينة إدلب عن تفاصيل قاسية يعيشها لاجئو الزعتري، قائلاً بصوت حزين وهو يربت على رأس طفلته: «الطعام المقدم قليل ومذاقه غير جيد، كما أنه يوزع بطريقة غير عادلة ويتخاطفه الأقوياء ليبقى الضعفاء بلا طعام أو شراب!».

وقال آخر: «نعاني نقص العلاجات ودورات المياه، هنا بالكاد نقوى على الحياة».

وبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في مخيم الزعتري حتى يوم أمس 6700 من ضمنهم 3 آلاف طفل.

وخلال زيارته المخيم امس، دعا وزير الخارجية الفرنسي إلى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد والانتقال السياسي السريع في سورية. وقال فابيوس للصحافيين «موقف فرنسا واضح: نحن نعتبر أن بشار الأسد هو جلاد شعبه وأنه يجب أن يرحل وكلما رحل مبكراً كان ذلك افضل».

وتابع «نأمل بأن تتم إقامة حكومة انتقالية بسرعة وأن تعترف بها الدول الكبرى في العالم»، معتبراً أن «هذا سوف يسرع سقوط بشار الأسد، الذي أصبح ضرورة واضحة».

وتحدث فابيوس عن أوضاع اللاجئين في المخيم. وقال «إنها تشبه أوضاع اللاجئين في كل المخيمات، وهي صعبة جداً فهم يعيشون في منطقة قاحلة مغبرة»، مشيراً إلى أن زيارته ذات طابع إنساني وإنه يحمل معه اكثر من 20 ألف قناع يحمي الفم والانف والأذن من الغبار والأتربة.

وفي ما يتعلق بالمعارضة السورية وبخاصة الجيش السوري الحر، قال فابيوس «نحن على اتصال مع بعض مسؤوليها، ونحن نأمل بأن يتمكنوا من تنفيذ أنشطتهم بالتنسيق مع المعارضة».

وما إن شاهد اللاجئون السوريون الوزير الفرنسي يتجول بينهم حتى أوقفوه، داعين بلاده إلى مساعدتهم على القتال.

وصاح محمد الحريري (51 سنة) من درعا وهو أب لعشرة أطفال موجهاً كلامه لفابيوس «نحن لسنا بحاجة لمخيمات ومساعدات، نحن بحاجة للأسلحة، اعطونا أسلحة وقذائف آر بي جي ومضادات طائرات».

وأكد وزير الخارجية الأردني «الموقف الأردني الداعي إلى ضرورة وقف نزيف الدماء والعنف في سورية وضرورة إيجاد حل سياسي»، معرباً عن أمله بأن «يسود الأمن والاستقرار في سورية وأن يتمكن المواطنون السوريون المتواجدون في الأردن من العودة إلى وطنهم».

من جانب آخر، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله لفابيوس من «تداعيات الأزمة (السورية) وانعكاساتها على أمن واستقرار المنطقة بأسرها»، على ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.

وشدد الملك خلال اللقاء على «الموقف الأردني الداعي إلى أيجاد حل سياسي سريع للأزمة السورية يحافظ على وحدة سورية واستقلالها وتماسك شبعها، ويضع حداً لنزف الدماء وتصاعد حدة العنف».

وأشار إلى «المسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي في العمل على إنهاء الأزمة وتجنيب الشعب السوري المزيد من المعاناة».

كما أكد العاهل الأردني أن بلاده ستستمر في تقديم العون والمساعدات وخدمات الإغاثة الإنسانية للاجئين السوريين الذين يفدون إلى المملكة، جراء تزايد حدة العنف في بلدهم».

الصوت المعدني لـ«كاتيوشا» النظام السوري يحرم السكان ألفة الموت بقذيفة «هاون»

ريف إدلب (سورية) – حازم الأمين

كان علينا أن نعبر طريقاً ترابياً متعرجاً طوله كيلومترين اثنين برفقة المهرب التركي حتى نصل إلى الشريط الشائك الذي يفصل بين محافظتي هاتاي التركية وإدلب السورية. الشريط الذي أقدم مهربون وثوار على قطعه في أكثر من مكان في هذه المنطقة، يُكلف عبوره خمسين دولاراً أميركياً للشخص الواحد يتقاضاها المهرب التركي، فيما الناشط السوري المنتظر على الجهة الأخرى من الحدود يعتذر منك عن تواضع الاستضافة، وعن خضوعه أيضاً لمنطق المهربين السوريين، ذاك أن الانتقال من الحدود إلى بلدة أطمة السورية يتطلب دفع أكلاف انتقال عبر شاحنات المهربين الصغيرة لم يتمكن الناشط من إعفائنا منها.

الخال «ظاظا» أشهر شخصية حدودية سورية هذه الأيام. يستقبل الصحافيين والناشطين من عابري الشريط الحدودي في مكتبه في أطمة، وبعد نحو ساعة من الانتظار بضيافة الخال يصل ناشطون من مدن وبلدات ريفي حلب وإدلب لاصطحاب «الضيوف». «الخال ظاظا» هو مسؤول في الجيش الحر في أطمة، ويملك خبرات في التعامل مع «الضيوف» من خارج الحدود من المرجح أن تكون سابقة على الثورة. إنها خدمات مجانية، لا بل إن أعباء الضيافة والانتقال يتحملها الرجل مترافقة مع شعور بأنه يفعل ذلك كجزء من عمله في «الثورة». إنه «الخال ظاظا» الذي يعرفه الجميع، ويُرسل إليه المهربون الأتراك زبائنهم من الصحافيين فيتحولون ضيوفاً. فها هي ياسمين، الصحافية البريطانية الشابة التي لا تجيد العربية التي لا يعرف «ظاظا» لغة غيرها، مقيمة في منزل عائلة «الخال» مع زوجته وبناته منتظرة أن يسمح لها الرجل أن تغادر إلى حلب، لكنه كما يقول لن يُرسلها إلا مع مجموعة يثق بها، ذاك أنها وحيدة، وهي ولدت لأب بريطاني وأم من حمص. وياسمين ارتدت حجاباً استجابة لطلب «ظاظا» الذي قال إن الحجاب يحمي في هذه الظروف، وتحولت بفعل حجابها والإلفة التي يُشعرها بها الرجل إلى جزء من محيطه، فيما حال الانتظار قبل توجهها إلى حلب عبئاً يبقى تحمله أياماً أمراً ممكناً.

ما إن أقلعت سيارة مصطفى، الناشط المدني الذي حضر لاصطحابنا إلى بلدته بنش، وبدأنا نحاول استطلاع الواقع الميداني في إدلب وقضائها، حتى أدركنا أننا لسنا في الجبهة الخلفية، إنما في قلب جبهة لم نعهد ما يماثلها في الحروب التي شهدتها المنطقة. الجيش السوري الحر لا يسيطر على المنطقة. هو موجود فيها على نحو كثيف وحاسم، لكن خطوط النفوذ مع الجيش النظامي متداخلة وغير نهائية.

علينا أن نسلك في السيارة طرقاً زراعية دليلنا ليس على يقين بخلوها من الحواجز الطيارة التابعة للجيش النظامي. وفي هذا الوقت ستتولد مفارقات الرحلة من حيث لم نتوقع. فنحن قدمنا إلى إدلب من بيروت. رحلة بالطائرة إلى اسطنبول، ورحلة ثانية بالطائرة أيضاً من اسطنبول إلى أنطاكيا، ورحلة ثالثة بالسيارة من أنطاكيا إلى الحدود مع سورية، وهذا ما يولد شعوراً غير حقيقي بأننا في بلد بعيد جداً. لكن إدلب أقرب إلينا بكثير من هذه المسافة. فإن يسألك السائق عندما يعرف اسمك: «هل أنت من القرية الفلانية؟» فإن سؤاله إذا ما عطفته على الرحلات الجوية والبرية التي استغرقها وصولك إليه، سيكون مصدر دهشة فعلاً. ثم إن استعادة حقيقة قرب إدلب العملي من بيروت لن يثبت، إذ إن المسافة الوهمية التي أحدثتها الرحلة الطويلة معطوفة على شعور باستحالة عبور المسافة الفعلية بفعل الحروب الكثيرة التي تفصل لبنان عن سورية سيكون أقوى وسيبقى ملازماً لك طوال الرحلة.

الحرب هنا هي غير ما عهدته من حروب. لن تفيدك خبراتك القديمة بشيء. لا جبهة حرب واضحة، وثمة ما يصدمك بنفسك وبالسكان. قذيفة الهاون تسقط على القرية ببرود، تقتل عائلات بأكملها وتولد خوفاً أخرس لا ينفجر ولا يخرج من نفوس الناس، على نحو ما كان ينفجر ويخرج من نفوس الناس في الحروب التي عهدتها. يموت الناس هنا بصمت، أو بالحد الأدنى من الضجيج. تعبر قذيفة الهاون من فوق رؤوسهم وهم يتناولون الإفطار، يُطرقون رؤوسهم منتظرين سقوطها، ثم يكملون الإفطار، وفي هذا الوقت يأتي زائر أو جار ويقول لهم قتلت العائلة الفلانية، فتتولى سيدة الدعاء على النظام وينتهي الإفطار. قذيفة أخرى لم تنفجر بعد سقوطها، فيعلق شاب: «إنها من صنع إيراني» فلا يبتسم أحد.

ثم إنها غير الحروب التي عهدتها لأسباب تقنية أيضاً. غيث عبدالأحد، الصحافي العراقي الذي غطى حرب بلده مخفياً هويته تارة وكاشفاً إياها تارة أخرى وفق هوية الجماعة التي يعمل في مناطق نفوذها يشعر هنا بأن الأمر مختلف. الصحافي اللبناني الذي غطى حروب الجنوب خَبِر هناك صوت صاروخ الـ «غراد» الروسي الصنع لحظة انطلاقه متوجهاً إلى المستعمرات الإسرائيلية، وها هو يختبره هنا لحظة سقوطه فوق رأسه وفوق رؤوس السكان الذي جاء لتغطية مأساتهم.

ثمة فارق جوهري بين الصوتين، وهنا ستكتشف أن الأصوات التي تُصدرها المدافع في الحروب تؤسس لقابلية الإلفة والفزع وفقاً لمنطق الأصوات والروائح. في جنوب لبنان عندما كنا نسمع صوت الـ «غراد»، أي الكاتيوشا، منطلقاً من الوديان القريبة من قرانا، كان ذلك يُطربنا. إنه «أورغ ستالين» على ما سماه الروس. وكان يصاحب عبوره من فوق قرانا عندما كان يُطلقه «الفدائيون الفلسطينيون» إلى المستعمرات الإسرائيلية، رائحة بارود محترق كانت تبعث فينا مشاعر قوة، على رغم علمنا باستدراجه رد فعل إسرائيلي قاتل سرعان ما كنا ندخل في قلق انتظاره. في سورية، ها نحن أهداف لـ «أورغ ستالين». أي مفارقة هذه؟ صوت انفجار الـ «غراد» ينطوي على ذبذبات معدنية لم نعهدها بما سمعناه من أصوات. شيء من «نيغاتيف» الموسيقى أو من غِلظتها. الصاروخ القديم وغير الدقيق الذي لطالما قمنا بوصل جزءيه قبل أن ينطلق مغرداً فوق قرانا، يسقط اليوم فوق رؤوسنا. صوت انفجاره ليس بالحجم الذي كنا نتخيله، لكن قوته تكمن في معدنيته. صوت انفجار قذيفة الهاون قوي ومزلزل، لكنه يبقى خارجك إذا ما أبقاك حياً، أما صوت انفجار الـ «غراد» فيتسرب إلى جسمك كموجة كهربائية.

ليست الأصوات وحدها ما يُخلف شعوراً بأنها حرب مختلفة. ثمة شيء أقوى من الأصوات تدفعك إلى الذهول. في أتارب، البلدة المدمرة بالكامل في ريف حلب، لم تنقطع الكهرباء عن المنازل المدمرة. عمليات الإنقاذ البدائية التي يُسارع عناصر الجيش السوري الحر للقيام بها في أعقاب كل جولة قصف، يجب أن تأخذ في الاعتبار احتمالات أن يختلط حطام معادن المنازل بالأسلاك الكهربائية التي ما برحت تتغذى بالطاقة، ذاك أن عنصراً من الجيش الحر قُتل بالكهرباء في قرية مجاورة أثناء محاولته إنقاذ سكان منزل تعرض للقصف.

وحتى الآن لا أزمة مياه كبيرة في مناطق الحرب هذه، مع العلم أن المياه تصل إلى المنازل «نظامي» على ما يقول السوريون عندما يقصدون أن الدولة هي من يزودهم بها. ولعل كلمة «نظامي» هي من أكثر العبارات تداولاً، إذ يُستعاض فيها عن عشرات من العبارات من نوع: «رسمي، عادي، سلطة، حكومة، مألوف …» وهي تنطوي على معنى سلبي عندما يعمدون للتعبير من خلالها عن أن النظام خارجهم، فالجيش الحر هو جيشهم، فيما الجيش «النظامي» من يقتلهم. وكم تبدو الكهرباء «النظامية» والحال هذه مفارقة عندما تغذي مدناً دمرتها القذائف «النظامية».

لا مواقع ثابتة يستدل من خلالها المرء إلى سلامته، فمرافقونا من عناصر الجيش الحر، ومن الناشطين المدنيين تتفاوت معنوياتهم في الرحلة الواحدة بين دعوتنا إلى الاطمئنان إلى أنهم يسيطرون على كل شيء، وبين طلب قراءة الفاتحة على أرواحنا لشعورهم بأننا نعبر من مناطق سيطرة للجيش النظامي. خريطة السيطرة متحركة وفق الأيام والأوقات. في الليل ينكفئ الجيش النظامي عن أوتوستراد حلب دمشق، وفي النهار السيطرة للأخير، لكن الإفلات منه في النهار ممكن إذا ما قرر المرء المغامرة، على رغم أن الطبيعة ليست مساعدة. وهنا الاعتماد على حقيقة تراكمت في الوعي السوري لم نألفها نحن الذين كنا نعتقد أن السلطة في هذا البلد سلطة مطلقة ومستمرة طوال الوقت. السلطة هنا تغفو ويمكن مواربتها وإلهاؤها، وهذه لعبة يجيدها السكان منذ زمن ما قبل الثورة. الدبابة ليست جاهزة كل الوقت، والضابط الشرير يمكن أن يهون أو أن يغفو. عبر هذه الفتحات الضيقة يتحرك الناس ، فينجو منهم من ينجو ويموت من يموت.

كم يبدو غريباً للبناني مثلاً أن يعاين سكان مدينة سراقب وهم يتداولون أسماء الضابط وجنوده الذين يتولون قصف بلدتهم. الضابط من ريف حماة والجنود معظمهم من دير الزور وليس بينهم علوي واحد. العدو بالنسبة إليهم أشخاص وأسماء، وهم سيرسلون اسمه إلى بلدته أو مدينته لأنهم غير قادرين على معاقبته. ثم إن تبديلاً في صفوف الوحدات ينعكس مباشرة على أوضاع مدينتهم. فالأسبوع الذي سبق وصولنا إلى سراقب شهدت المدينة هدوءاً سببه تبديل أتى بقائد للموقع غير راغب لسبب ما بقصف البلدة، فيما الأسبوع الذي أعقبه كان عنيفاً بسبب فظاظة الضابط الجديد.

في اليوم الأخير من الرحلة إلى سورية كانت بنادق الـ «فال» البلجيكية الصنع تتسرب إلى أيدي المقاتلين على نحو منهجي. بنادق طويلة وثقيلة الوزن، وهي مصممة لأجسام جنود قويي البنية وشديدي التدريب. هذه البنادق التي أرسلت من خارج الحدود، لا يعرف جنود الجيش الحر هوية مرسلها، وهي تكشف حقيقة قلة الاكتراث الدولي بمأساة السكان هنا. أرسلت هذه البنادق على نحو ما تُرسل مساعدات غذائية غير منسجمة مع العادات الغذائية للجماعات المعنية بها. كأن ترسل ويسكي إلى أفعانستان بدلاً من العصير. الـ «فال» بندقية صعبة المراس، أرسلتها دول لـ «رفع العتب» على ما قال ضابط في الجيش الحر… «لكن، لا بأس سنحاول أن نُقاتل فيها»، على ما اختتم كلامه.

موسيقى وغرافيتي وفنون بصرية في إدلب و «الرجل البخاخ» مسحراتي الثورة

ريف إدلب (سورية) – حازم الأمين

لعل الفنون البصرية المختلفة أكثر ما أدهشت به الثورة السورية العالم، ولهذا الأمر أسبابه، فالنظام الذي جعل من «فنونه البصرية» أفقاً وحيداً لخيال الناس بمختلف شرائحهم على مدى عقود أربعة، لم يعد متمكناً من ضبط المشهد بفعل ما تسرب للسوريين من وسائل ووسائط اتصال، جلها غير شرعي، فشرع الناس منذ ما قبل الثورة بسنوات بالتخفف من الضوابط. مئات الآلاف من الصحون اللاقطة صارت تضخ صوراً مختلفة إلى عقول السوريين، وإلى مخيلاتهم، وما إن بدأت الثورة حتى انفجرت المشاهد التي خزنها الشباب في مخيلاتهم.

على جدران بلدات إدلب «المحررة» بقايا من غرافيتي النظام، أي تلك العبارات التي تمجد القائد وتجعل من الحزب «مدرسة وأماً وأفقاً». لكن، أيضاً هناك الكثير الكثير من رسوم الثورة ومن عباراتها ومن صور ناشطيها الشهداء.

يقول «الرجل البخاخ» في ريف إدلب: «قبل الثورة لم تكن جدراننا لنا، كانت لحزب البعث، اليوم حررنا الجدران وبقي علينا أن نحرر بلدنا». «الرجل البخاخ» الإدلبي يعرفه كل الناس في المدن والقرى هنا. إنه رجل أربعيني يملك محلاً لبيع الصحون اللاقطة، متوسط التعليم ولم يكن قبل الثورة يتخيل نفسه فناناً غرافيتياً على ما يحلو للصحافة الأجنبية تسميته. يقول: «أنا لست فناناً، أنا مجرد مشخبط ومازج ألوان. الثورة هي ما جعل عملي العادي فناً». و «الرجل البخاخ» في محافظة إدلب يتمنى على من يلتقيه من الصحافيين عدم ذكر اسمه، على رغم أن جميع سكان البلدة يعرفونه، لكنه يقول إن غموضاً، وإن كان كاذباً، يبقى ضرورياً لحماية شخصيته من الابتذال، وها هو اليوم يتعمد أن يكتب ويرسم على الجدران في الليل، موحياً بالغموض. اليوم وبعد أن انقضى وقت العمل السري والحراك المدني، صار «الرجل البخاخ» أقرب إلى شخصية المسحراتي الذي يعرفه كل سكان البلدة، لكنهم يقولون لأطفالهم إنهم لا يعرفونه.

والحال أن المرء يمكنه من مراقبة خطوط الغرافيتي تعقب مشاعر الناس كلها، وتعقب مراحل الثورة السورية وحقباتها. فعندما كتب الرجل البخاخ عبارة: «اقتل من شئت فإن الفصل السابع آتٍ» كانت الثورة في حينها سلمية وكان السوريون يعتقدون أن المجتمع الدولي إلى جانبهم، وهذه ليست حالهم اليوم، ذاك أن الرجل قتل من قتل ولم يأتِ الفصل السابع. أما عندما كتب «الرجل البخاخ» على جدار في البلدة عبارة: «الثورة تذكرة دخول لا تذكرة خروج» فقد كانت الثورة بدأت بالانتقال إلى مرحلتها العسكرية وكان ناشطون مدنيون منها بدأوا بمغادرة سورية إلى تركيا، وقد أتبع الرجل البخاخ عبارته بأخرى تقول: «الثورة تُصنع هنا لا في تركيا»، عاكساً بذلك مرارة جماعية تنتاب سكان المناطق هنا نتيجة شعورهم بتصدر معارضة الخارج مشهد ثورتهم. ولعل للأطفال الحصة الأكبر، فتقريب فكرة التغيير من وراء الثورة اقتضت من «الرجل البخاخ» أن يرسم شخصيات كرتونية عالمية كـ «بينك بانتر» مبتسماً وحاملاً علم الثورة. أما شهداء البلدة فلا تتسع الجدران لحكاياتهم على ما قال «الرجل البخاخ» في سراقب، فاختار واحداً منهم يسميه أهل البلدة محمد حاف، وهو من أبرز شهداء البلدة، وخُصصت شـعارات كـثيـرة لـحكاياته الكثيرة. والغريب أن صناعة الشهيد على جدران سراقب تترافق مع رغبة في تظهير جوانب قد لا تكون منسجمة في شخصيته.

يقول «الرجل البخاخ» إن الناس تبرعوا بجدرانهم، لا بل إنهم صاروا يشعرون بأن اختيار «الرجل البخاخ» جداراً يملكونه ليكتب أو يرسم عليه يمنحهم مقداراً من التفوق على غيرهم من جيرانهم، وذات يوم دخل الجيش النظامي إلى البلدة، وسبق دخوله بساعات «إشاعة صحيحة» عن دخوله، فقام السكان بطلي الجدران لإخفاء الرسوم والشعارات، لكن ذلك لم يعفهم من العقاب، فأقدم الجنود على إحراق المنازل والمحال التي على جدرانها طلاء يخفي شعارات.

«لست أنا المبدع» يردد «الرجل البخاخ. «أنا رجل عادي وغير متعلم، وكان أن شعرت البلدة بحاجة إلى رجل يضع على الجدران أفكاراً تراودها فكنت أنا من تولى المهمة». و «الرجل البخاخ» لشدة تعلقه بالجدران صار يميز بين جدار وآخر لجهة انسجامه مع نوع من الغرافيتي.

و «محمد حاف»، الشخصية الرئيسة في عمل «الرجل البخاخ» في سراقب حكاية، ذاك أن اسمه محمد ولكن «حاف» ليست كنيته وقد أضيفت العبارة إلى اسمه لتمييزه عن أخويه محمد سعيد ومحمد رياض. إنه محمد من دون اسم ثان، محمد حاف، ويقول «الرجل البخاخ»: «بطلنا بسيط وغير مركب إنه محمد… فقط محمد». و «حاف» في سراقب ليس فقط مادة للفن الغرافيتي فقد أنشدت له فرقة غناء محلية مؤلفة من أب وبناته الثلاث أغنية تبدأ تقول: «محمد حاف محمدنا… اشتقنالك يا محمد حاف. يا محمد بالسلميي وشو فينا عليت الصوت… صوتك بعدو غنيي نغنيها وما نهاب الـمـوت». هذه الأغنية بدورها تؤرخ لانتقال الحراك في البلدة من مرحلته السلمية التي كان فيها محمد حاف منشداً في التظاهرات، إلى مرحلته العسكرية التي قضى فيها الشاب باشتباك مع الجيش النظامي في أطراف البلدة.

لكن العائلة السراقبية التي أطربت سراقب بأغانيها عن الثورة والحب، وعن شهداء البلدة، هي كما الكثير من أوجه النشاط الفني في هذه المرحلة في سورية، حبيسة جدران منازل محدودة يختارها الوالد ليُسمع عدداً محدوداً من ضيوفه ما ألف من أغانٍ وما غنته بناته منها، فيما يتولى ناشطون تسجيلها مع الإبقاء مقدار الإمكان على مصدرها مجهولاً، ذاك أن إدلب بظروفها الأمنية والاجتماعية أضيق من أن تتسع لعائلة ولمواهب تتعدى الإنشاد في التظاهرات. فما أنتجته العائلة من أغانٍ يبدو أكثر إتقاناً من تلك التي انجذب العالم لها في أناشيد الثورة السورية. فالأب ملحن وبناته الشابات درسن الإيقاع إلى جانب دراستهن اختصاصات في الأدب والعلوم الأخرى، وهن شديدات الحرص على الالتزام بمستويات الصوت انخفاضاً وصعوداً، والوالد من وراء عوده يتولى توزيع الأصوات.

العائلة ليست أسيرة التظاهرة في غنائها، إذ إن الكثير من أغانيها للثورة لا تصلح للتظاهر، ثم إن كلماتها تنطوي على أبعاد تتجاوز ما يخاطب وجدان المتظاهر، ففيها خيبة ورجاء وحزن وفرح، تشكل ما هو أعقد من توظيفها في تظاهرة أو مواجهة.

و «فن الثورة» بهذا المعنى يسعى إلى تجاوز الثورة للوصول إلى ما هو دائم ومستمر في الناس على ما يقول الوالد، الذي يشير إلى أنه بدأ الموسيقى متأثراً بالأغنية السياسية اليسارية بدءاً من سميح شقير وصولاً إلى مارسيل خليفة. ويقول «الآن أسعى إلى تجاوز الجوهر السياسي للأغنية إلى جوهر إنساني. الثورة في سورية إنسانية وليست سياسية».

لكن ليس الغرافيتي وحده ما كشفت عنه الثورة من مواهب في سورية، فالناشطون المدنيون أبدوا تفوقاً غير معهود في توظيف وسائل الاتصال لنقل أخبار ثورتهم ومآسيهم إلى العالم. فعلوا ذلك في ظل عدم توافر شروط تقنية يعتقد المرء أن من المستحيل استعمال وسائل الاتصال من دونها. لا بل ما قام به هؤلاء بالنيابة عن وسائل الإعلام العربية والعالمية هو عمل هائل. فيقول أياد: «كان صعباً علينا أن نصور وأن نضع المواد على يوتيوب في ظل عدم توافر «براوزر» مستقل عن الشبكة الداخلية الضعيفة، لكننا كنا نلجأ إلى ضغط المواد المصورة فتصل ضعيفة النوعية. أن تصل صورنا مشوشة خير من أن لا تصل».

وللناشطين المدنيين في هوامش العمل العسكري ملامح يمكن تمييزهم عبرها عن الناشطين في ساحات القتال. معظمهم كان سبق أبناء بلدته، حتى المسلحين منهم، إلى التظاهرات، أيام كانت الثورة تظاهرات يومية، وهم انتقلوا اليوم من التظاهر إلى العمل الحقوقي في إحصاء القتلى وتوثيق الانتهاكات، وهم اليوم من يستقبل الصحافيين مجاناً ويستضيفونهم في مراكزهم ويؤمنون لهم خطوط الإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى، ويمكن محدودي المعرفة التقنية من الصحافيين الاستفادة من الخبرات الواسعة لدى هؤلاء الشباب في هذا المجال.

أما ما يبدو غير عادل في قضية هؤلاء فيتمثل في أن وسائل إعلام إقليمية ودولية صارت تعتمد على موادهم كصور وأفلام خاصة أنجزها لها النشطاء من دون أجر، فقط العائد هو عرض قضيتهم. لا بل إن مزيداً من الشروط الفنية والتحريرية صارت تفرضها القنوات على المواد المجانية التي يرسلها لها الناشطون. يقول أياد: «لا بأس فما يعنينا الآن ليس عائداً نتقاضاه على عملنا… يعنينا الآن فقط أن نوصل قضيتنا إلى العالم».

سلسلة مجازر بغارات جوية وقصف مدفعي

نيويورك – راغدة درغام؛ دمشق – «الحياة»، ا ف ب، رويترز

جدد النظام السوري امس استخدام طائراته الحربية على نطاق واسع في قصف عدد من المواقع التي تشهد اشتباكات مع مقاتلي المعارضة وبشكل خاص في حلب وادلب وفي ريف دمشق. وادى ذلك الى ارتفاع ملحوظ في اعداد الضحايا وخصوصاً بين المدنيين، وتجاوز عدد القتلى حتى مساء امس 175 كما ذكرت مصادر المعارضة.

وبعد يوم على قرار منظمة التعاون الاسلامي تعليق عضوية سورية، وجه الاعلام السوري انتقادات شديدة للمنظمة وقراراتها، واتهم وزير الخارجية وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بالتآمر على سورية، محملا اياهما «مسؤولية سفك الدم السوري».

في هذا الوقت كان الطيران الحربي يرتكب مجزرة جديدة في معرة مصرين في محافطة ادلب. وقالت مصادر المعارضة ان الطائرات القت على البلدة قنابل تزن الواحدة منها 200 كلغ. واكدت ان مجزرة اخرى ارتكبت في قاضي عسكر في ريف حلب عندما اطلقت قذائف الهاون على صف من الاهالي كانوا يقفون صباحاً امام احد المخابز. وقتل بنتيجة هذا القصف 25 شخصاً على الاقل.

وفي بلدة قطنة بريف دمشق عثر على 60 جثة تم اعدام اصحابها، في وقت تواصل القصف المدفعي والحملة العسكرية على قطنة والضمير ودوما والتل التي اعتبرتها المعارضة منطقة منكوبة. كما وجه المجلس العسكري الأعلى لـ «الجيش الحر» نداء لإغاثة مدينة التل بعد سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في قصف ليلي.

كما قامت قوات النظام بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق 11 مواطناً في بساتين الرازي بدمشق.

الى ذلك قال «الجيش الحر» إنه قام بعملية نوعية امس تمثلت في قتل 35 عنصرا تابعا لجيش النظام وتدمير عدد من آلياتهم، إضافة إلى أسر عميد في الأمن الخارجي يدعى علي صقر حسن في حي الجندول بمدينة حلب. وفي بلدة جرجناز شرق معرة النعمان بإدلب، أعلن ناشطون عن إصابة العشرات جراء قصف صاروخي لمقاتلات النظام. وأكد احد اعضاء «مجلس قيادة الثورة» في معرة النعمان قيام سرب من طائرات «الميغ» بشن غارات على البلدة والقاء 6 قنابل تشبه براميل المازوت على المنازل.

وأكد طبيب سوري أن الغارة التي شنتها طائرة حربية في بلدة أعزاز اول من أمس أدت إلى مقتل 100 شخص، وإصابة 150 آخرين.

من جهة اخرى ظهر امس على شاشة محطة «العربية» العقيد المنشق يعرب الشرع، رئيس فرع المعلومات في شعبة الامن السياسي وابن عم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. وكانت وسائل الاعلام تداولت خبر انشقاقه قبل اسبوع. وقال في بيان مكتوب إن النظام يرتكب مجازر لا تتصل بالأخلاق والقيم والإنسانية، وقد استهدف الشعب السوري بالقتل منذ انطلاق الثورة. واكد أنه يضع نفسه تحت تصرف الثورة، داعيا كا الشرفاء في سورية للانضمام إليها.

وعلى الصعيد السياسي، تعقد الدول الأعضاء في «مجموعة العمل من أجل سورية» التي أصدرت بيان جنيف في حزيران (يونيو) الماضي اجتماعاً على مستوى السفراء اليوم في نيويورك بدعوة من روسيا، في «أول تحرك ديبلوماسي روسي بعد الفيتو»، بحسب ديبلوماسيين في نيويورك. واعتبرت مصادر غربية أن التحرك الروسي هو «محاولة أخرى من موسكو لتحييد الأنظار بعيداً عن الانتقادات الموجهة لها بسبب تعطيلها مجلس الأمن».

وعلمت «الحياة» في نيويورك أن السفيرة الأميركية سوزان رايس لن تشارك في الاجتماع، ولم يكن مقرراً بعد ظهر أمس مستوى المشاركة الأميركية فيه. وقالت الناطقة باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أرن بلتون ان «معيارنا لأي اجتماع دولي هو عما اذا كان سيساهم في إنهاء العنف وفي إطلاق العملية السياسية الانتقالية ولدينا أسئلة حول ما إذا كان هذا اللقاء (في نيويورك اليوم) سيلبي هذا المعايير».

وقالت أوساط في الأمم المتحدة إن التحرك الروسي يتعلق بتحديد «المهام التي ستوكل الى المبعوث الخاص المشترك الجديد الى سورية وربما تكون محاولة روسية من أجل إعادة الخوض في تفسيرات لما تم الاتفاق عليه في جنيف خصوصاً لجهة العملية الانتقالية من دون مشاركة الرئيس السوري».

وأنهى مجلس الأمن أمس ولاية بعثة الأمم المتحدة في سورية (أنسميس)، فيما بدأت الأمانة العامة للمنظمة الدولية التحضير لتأسيس مكتب اتصال في دمشق مكون من «فريق صغير من الموظفين قد لا يتجاوز ٣٠» بحسب مصادر ديبلوماسية. وأعلن رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي السفير الفرنسي جيرار آرو أن المجلس اتفق على توجيه رسالة الى الأمين العام بان كي مون تتعلق باتجاه تأسيس «وجود مرن وفعال للأمم المتحدة في سورية بعد انتهاء ولاية أنسميس لدعم جهود الأمين العام والمبعوث الخاص المشترك». وأكدت الرسالة «دعم جهود الأمين العام ومهمة المبعوث الخاص المشترك الى سورية».

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إدموند موليه إن «مهمة أنسميس ستنتهي الأحد وسيتم سحب آخر موظف فيها في ٢٤ الشهر». واشار الى أن تأسيس مكتب الاتصال في سورية سيتم من خلال «نقل صلاحيات البعثة الآن من قسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة الى قسم الشؤون السياسية وأن المكتب سيتكون من ثلاثة مكونات: سياسي، ومراقبين عسكريين ومتخصصين في حقوق الإنسان».

وأعرب السفير الروسي فيتالي تشوركين عن «الأسف لإنتهاء عمل البعثة»، لكنه رحب في الوقت نفسه «بالتوجه نحو إنشاء وجود بديل مرن وفعال للأمم المتحدة في سورية». وقال إن روسيا تريد من وراء الدعوة الى اجتماع سفراء دول «مجموعة العمل من أجل سورية» اليوم «وضع ما اتفقنا عليه في جنيف موضع التنفيذ لجهة وقف العنف والعمل على حل سياسي وتأسيس جسم انتقالي في سورية». وسئل اذا كانت إيران ستدعى الى الاجتماع فقال: «نريد المحافظة على صيغة اجتماع جنيف». وأكد تشوركين ضرورة تعيين خلف لأنان في أسرع وقت.

يوم “فلتان عائلي” في لبنان: الشارع يهدد سياسة النأي بالنفس… والفايسبوك يزخر بالسخرية

بيروت – آدم شمس الدين – “الحياة الإلكترونية”

بعد منتصف ليل الثلثاء – الأربعاء، ومع اقتراب انتهاء المهلة التي اعطتها عائلة المقداد لخاطفي أحد اولادها حسان سليم مقداد لإطلاق سراحه، شهد “حي المقداد” في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت إنتشاراً عسكرياً مكثفاً لأفراد العائلة. الإنتشار المسلح لم يكن إلا إشارة واضحة إلى إلتزام العائلة التهديد الذي اطلقته بخطف متبادل لأعضاء من الجيش السوري الحر، رداً على خطف حسان.

ومع ساعات الصباح الأولى، بدأت ترد أنباء عن تنفيذ العائلة عملية خطف لأفراد من الجيش السوري الحر تنفيذاً للتهديد الذي قطعته. وأفادت المعلومات الأولية التي أعلنتها العائلة باختطاف أكثر من 20 شخصاً تزعم أنهم ينتمون إلى الجيش السوري الحر، منهم شخصان قال احدهما إنه برتبة نقيب ويتولى مهمات تمويل الجيش وامداده بالعناصر.

وبذلك، يكون لبنان قد خطا خطوةً إضافية نحو الدخول في عمق الأزمة السورية المستمرة منذ 17 شهراً، في وقت لا يبدو أن هناك قدرة لدى الدولة أو الأطراف السياسية على احتواء الحادثة وممارسة ضغوط  على العشيرة. فقد أوضح المتحدث بإسم العائلة وأمين سر رابطة العائلة ماهر (أبو علي) المقداد أن لا حزب الله ولا غيره بإستطاعته التدخل في هذا الموضوع، وأن نطاق تحرك العشيرة يمتد من منطقة المحمرة شمالاً وصولاً الى منطقة القنيطرة جنوباً، مكرراً أن الحادثة لا تتعدى حجمها المعلن، والمطلوب هو تسليم إبن العائلة (حسان المقداد). وستقوم العائلة عندئذ بتسليم الأشخاص الذين اختطفتهم، والا… “كل الخيارات التصعيدية مفتوحة ولن تقتصر على أفراد سوريين، بل سنلجأ الى خطف أشخاص من جنسيات مختلفة قد تكون متورطة بعملية الخطف”. كما أمهلت العائلة الجيش السوري الحر 48 ساعة للقيام بعملية التسليم أو “تخرج الامور عن سيطرته”.

وكان حسان المقداد اختطف في منطقة القزاز في سورية على أيدي الجيش السوري الحر، وبث شريط مصور له (ظهرت أثار التعذيب واضحة عليه) وهو يقول إنه ينتمي إلى حزب الله، وطلب منه مع مجموعات كبيرة مساندة النظام في سورية لقمع الثورة هناك.

التهمة رفضتها العائلة جملة وتفصيلاً منذ اليوم الأول. كما حذر “أبو علي” من التعرض لسلامة حسان، داعياً المختطفين إلى التفكير كثيراً قبل القيام بشيء من هذا القبيل. وعلمت “الحياة” من أوساط مقربة من العائلة، أن أبو علي مقداد كان أحد مرافقي رئيس البعثة السياسية الأميركية في بيروت، ريان كروكر، الذي خدم في لبنان بين 1981 و1984. ثم اعتقله حزب الله مدة 3 أشهر تحسباً من أن يكون قد تم تجنيده من قبل الاستخبارات الأميركية. و أطلق سراحه بعد عدم وجود أدلةٍ على ذلك.

إضافة إلى ذلك، سُجن أبو علي المقداد مدة 6 أشهر بتهمة التحريض على أعمال شغب في الأحداث التي تعرف بـ”أحداث حي السلم”، وقعت في منطقة حي السلم في 2004، حين أقدم الجيش اللبناني على إطلاق النار على تظاهرة ضد غلاء الأسعار والمحروقات.

هذه المرة، تمكنت إحدى العشائر اللبنانية من فضح عجز الدولة اللبنانية عن تدبير شؤون رعاياها و الحفاظ على سلامتهم، خصوصاً أن الحادثة هذه، حصلت بعد إختطاف أحد عشر لبنانياً في سورية، ولم يُفرج عنهم بعد مضي 3 أشهر.

العائلة (المقداد) والتي يقدر عدد افرادها في لبنان بـ 16 ألف شخص، تمكنت من خطف الاضواء في أزمة تزداد تعقيداتها يوماً بعد يوم، ومعها تعقيدات العلاقة اللبنانية السورية، خصوصاً بعد الاحداث المتسارعة بدءاً من أحداث طرابلس، ومروراً بإختطاف اللبنانيين الـ 11، ووصولاً إلى توقيف الوزير والنائب اللبناني السابق ميشال سماحة (أحد مستشاري الرئيس السوري بشار الأسد). وكلها أمور تزيد حدة الانقسام والتوتر في لبنان وتدفعه في اتجاه الازمة السورية.

شر البلية ما يضحك

مع ورود معلومات حول اختطاف عشيرة آل مقداد أفراداً سوريين عرفت عنهم أنهم ينتمون إلى الجيش السوري الحر، ومع غياب الدولة كاملة من المشهد، واكتفائها بالتفرج على حالة الفلتان والفوضى، واستخدام عبارات من قبيل “المجلس العسكري لـ…” و”إطلاق” تهديداتٍ طاولت دولاً، باشر عدد كبير من اللبنانيين بتبادل التعليقات الساخرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتعكس إحباطاً قارب سقف الاستسلام لواقع العيش في بلدٍ تحكمه لغة الشارع وأهواء العائلات. وكتب شخصٌ أخر إسم عائلته جابر “الجناح العسكري لجبّ آل جابر في الوطن والمهجر يحذر كل المنتحلين لإسم العيلة من آل جبر وأبو جابر وجبور وجبار وجبران أن يعيدوا إسم العيلة المخطوف لإهله” مع ملاحظة تقول “بدأنا بتخصيب اليورانيوم ..ولحقوا على ذرية جابرنيوم”. وكتب أحدهم من عائلة حنون: ” لقد ارتدينا شراويل الغضب ولن نخلعها – الجناح العسكري لآل حنون فرع الدبكة”. وكتب شخص آخر “بلد سكر مالح: آل حلويات البابا يخطفون حلوى من “آل السنيورة”، بينما “آل الحلاب مازالوا مع سياسة النأي بالنفس ويتحالفون مع حلويات الدويهي… يا حلاوة”. وكتبت إحداهن: “… بعد شوي بلبنان العدس والبرغل راح يعملو جناح عسكري، وراح يعتقلو الرز والشوفان…”.

ومن اللبنانيين من وجد فرصة لكشف مدى رغبته في التخلي عن الجنسية اللبنانية.

وأما سخرية القدر الأخيرة فتجلت بقيام السجناء اللبنانيين في سجن رومية باحتجاز المساجين السوريين، على زعم فضاء التواصل الاجتماعي الذي نسب الخبر إلى التلفزة، ربما توسلاً للصدقية!

15 آب الخطف

لبنان بلا دولة

“خلية أزمة” للمخطوفين وتدابير لطريق المطار وسجال حاد بين السنيورة ورعد

مع أن لبنان يعيش منذ أيار الماضي مخاض المخاوف من انزلاقه الى متاهات الاضطرابات والتفجيرات الأمنية متأثراً بـ”استيراد” الأزمة السورية اليه، فان ما جرى في 15 آب الجاري بدا من الخطورة بحيث فاقت هذه المحطة كل ما سبقها من جولات، إذ وضعت لبنان على المسافة الاقرب من شبح فتنة لبنانية – سورية ولبنانية – لبنانية.

فموجة الخطف غير المسبوقة من حيث اتساعها والتي طاولت عشرات السوريين رداً على خطف اللبناني حسان المقداد في دمشق وضياع مصير اللبنانيين الـ 11 عند الحدود السورية – التركية، كانت لها نتائج كارثية على صورة لبنان الخارجية وكذلك على استقراره الداخلي من غير أن توفر أي ضمان قاطع لامكان التوصل قريباً الى مبادلة المخطوفين.

واذا كانت جولة “الحوار الوطني” المجتزأة والمنتقصة بغياب عدد من أركانها والزعماء السياسيين حاولت احتواء هذه النتائج الكارثية، فان ما أفضت اليه لم يكن الا انعكاساً لتفاقم الانقسامات والاحتقانات ولم تعوض تالياً، مع قرارات مجلس الوزراء التي تلتها، الفجوة المخيفة التي رافقت أكثر من 36 ساعة من التسيب والفلتان المسلح المستشري وعمليات الخطف وقطع طريق المطار وطرق أخرى.

وكشفت مصادر مواكبة للاتصالات الرسمية والديبلوماسية والسياسية التي جرت خلال اليومين الأخيرين لـ”النهار” بعض الجوانب القاتمة من مضاعفات عمليات الخطف والانفلاش المسلح وسط عجز رسمي سياسي وأمني وغياب تام لكل تدخل من الدولة، فقالت إنه بعد أقل من ثلاث ساعات من بدء ظهور ما سمي “المجلس العسكري” لعشيرة آل المقداد متبنياً عمليات الخطف واعلان تهديدات تطاول الرعايا الخليجيين والعرب والأتراك في لبنان، أعلنت مجمل السفارات المعنية بهذه التهديدات استنفاراً ديبلوماسياً غير مسبوق منذ الاعتداء الاسرائيلي على لبنان عام 2006. وإذ انهالت الاتصالات على المراجع والمسؤولين اللبنانيين لتأمين سلامة هؤلاء الرعايا، انكشف العجز الرسمي عن اتخاذ أي مبادرة أو اجراءات فورية من شأنها لجم عمليات الخطف وازالة المظاهر المسلحة في الضاحية الجنوبية وعلى طريق المطار وبعض المناطق المجاورة. وقد أدت حال الذعر التي أظهرت لبنان على مشارف الهاوية فعلاً، الى مسارعة اكثر من خمس دول خليجية، وخصوصاً السعودية وقطر والكويت والبحرين والامارات العربية المتحدة والدولة التركية، الى توجيه تحذيرات عاجلة الى رعاياها لمغادرة لبنان مع تلميح بعضها، ولا سيما منها قطر، الى امكان اتخاذ اجراءات موجعة جذرية قد تطال اللبنانيين العاملين فيها.

وقالت المصادر إن خطر اتساع الخطر الأمني لم يعد محصوراً بالضاحية وجوارها بعدما شاعت معلومات عن ازدياد عمليات الخطف في مناطق الشويفات وبعلشميه مما هدد بنشوء واقع من شأنه أن يستنفر قوى حزبية وطائفية أخرى في مناطق الجبل. وأضافت ان اتصالات عدة أجريت في الساعات الـ 48 الأخيرة بين عين التينة والمختارة تولاها الوزير وائل أبو فاعور وتمحورت على التحركات التي كانت جارية على الأرض في الضاحية ووصلت الى مشارف الشويفات والجبل بقصد الحد منها ومنع توسعها.

وإذ اختصرت المصادر النتائج التي أدت اليها هذه الموجة بانها أظهرت على نحو مفجع أن لبنان هو بلا دولة، أشارت الى ان مجمل الحركة السياسية والأمنية التي جرت أمس في قصر بيت الدين سواء في جولة الحوار أو في جلسة مجلس الوزراء أو عبر القرار “الحاسم” الذي اتخذ بنشر الجيش بصفة دائمة على طريق المطار، بدا أقرب الى استلحاق الأضرار الضخمة التي تسببت بها “انتفاضة 15 آب العشائرية”. والواقع أن الحصيلة المباشرة لعمليات الخطف رست مساء أمس على احتجاز نحو 15 سورياً وتركي واحد بعدما أطلقت عشيرة آل المقداد ستة مخطوفين وبدأ التفاوض بينها وبين اللجنة الدولية للصليب الاحمر لاطلاقهم في مقابل اطلاق المخطوف حسان المقداد من سوريا، علما ان العشيرة أعلنت بعد الظهر توقف كل عمليات الخطف.

حوار… وصدام

على وقع هذه الموجة انعقدت جولة الحوار أمس في قصر بيت الدين في غياب خمسة من أركانها هم رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري ونائب رئيس المجلس فريد مكاري والنائب سليمان فرنجية ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وكادت الجولة ان تطير بعد اعتذار بري عن الحضور وسرعان ما تبين ان تغيبه كان سياسيا لايصال رسالة الى قوى 14 آذار برفضه شروطها المسبقة في شأن الحوار.

وشهدت الجولة صداما حادا بين الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على خلفية الاحداث الاخيرة. وعلمت “النهار” ان السنيورة اثار في مداخلة مسهبة موضوع “تحطيم هيبة الدولة في ما شهدناه بالامس”، عازيا ذلك الى “الحالة التي أوجدها السلاح الخارج عن الشرعية”. ولمح الى ان ما جرى “ليس مصادفة وهو فصل جديد من ممارسة الارهاب على المواطنين لحرف الانتباه عما جرى من اعتداء سافر على لبنان من خلال ما كان يدبر للسلم الاهلي فيه من جانب اللواء علي مملوك وميشال سماحة ومن وراءهها”، واصفا ما جرى بأنه “مسرحية شبيهة بمسرحية القمصان السود وما سبقها وتبعها من ممارسات وتهديدات”. كما حمل بشدة على الحكومة “التي اثبتت فشلها الذريع” وطالب بحل مشكلة السلاح التزاما للدستور واتفاق الطائف وتشكيل حكومة انقاذ وضبط المعابر والحدود مع سوريا بما يتيح للبنان الاستعانة بقوات “اليونيفيل”.

ورد النائب رعد بمداخلة قال فيها “إن موقفنا واضح من ملف المخطوفين وما قام به آل المقداد، وعلى رغم اننا نتفهم آلام الاهالي نتيجة تجربة المخطوفين الـ11 وورود أخبار سيئة عنهم الا أننا ضد الخطف والخطف المضاد والاجهزة الامنية تعرف ما قمنا به في هذا السياق”. وأكد “أن ما ظهر من سلاح في الضاحية الجنوبية لا علاقة له اطلاقا بسلاح المقاومة وهو يشبه السلاح الذي ظهر في مناطق اخرى ولم يسمع حينها صوتا واحدا يدين هذا السلاح، ونحن الآن أمام استهداف لنا”. كما ذكر بأنه “عندما فك (الشيخ أحمد) الاسير اعتصامه قال أحدهم (السنيورة) ان الاعتصام انتهى لكن المطالب باقية وكل هذا الهجوم على المقاومة لا يراد منه إلا التحريض تماما كما كان الامر عام 2006 وممارسات الحكومة التي أوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم. ليس سلاح المقاومة هو الذي يهدد الدولة وانما الخطاب التحريضي، وهذا الاستهداف الدائم للمقاومة يضيع الوقت ولا يمكن ان نصل الى أي حل”.

الأمن والإعلام

وخاض مجلس الوزراء نقاشا مستفيضا في الملف الامني اذ قرر تأليف لجنة وزارية للقيام بمهمات “خلية أزمة” لحل مسألة المخطوفين، وتقرر دعوة الصحافيين الذين زاروا مدينة اعزاز للاطلاع منهم على طريقة دخولهم وخروجهم والجهة التي أمنت لهم ذلك. كما تقرر تكليف وزير العدل العمل على اصدار استنابات قضائية في حق كل من شارك أو ساهم في أعمال مخلة بالامن وعمليات خطف. وتطرق النقاش الى أداء المحطات التلفزيونية وحمّلها وزراء مسؤولية “تعميم الفوضى والتحريض والتجييش ونقل الصورة البشعة من دون رقابة كما في موضوع التهديد بخطف رعايا عرب وأجانب. وتقرر ايضا وضع خطة عملانية للامساك أمنيا بطريق المطار ومنع قطعه منعاً باتا. وسينعقد مجلس الامن المركزي اليوم للنظر في هذه الخطة واقرارها بالتنسيق بين القوى الامنية.

على أن ممارسات الخطف لم تتوقف نهائيا اذ سجل مساء فقدان رجل الاعمال رجا زهيري الذي وجدت سيارته في عرمون. وذكر أن اجتماعا طارئا ضم مسؤولين من الحزب التقدمي الاشتراكي و”حزب الله” لمعالجة الموقف. كما أفيد عن خطف شخصين في منطقة التيرو – الشويفات أحدهما من التابعية السورية.

أنباء متضاربة عن قبول الابرهيمي مهمة “معدّلة

“أنسميس” تودّع سوريا وتُستبدَل بمكتب اتصال

    نيويورك – علي بردى / العواصم – الوكالات

تضاربت الأنباء أمس عما إذا كان الديبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الابرهيمي وافق على تولي مهمة المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا خلفاً لكوفي أنان، وبصلاحيات معدلة، غداة موافقة أعضاء مجلس الأمن على انشاء مكتب اتصال للمنظمة الدولية في دمشق على رغم الإنقسامات الدولية المستحكمة التي أدت عملياً الى انهاء مهمة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا “أنسميس” بدءاً من منتصف ليل الأحد المقبل.

وأوردت وكالة “رويترز” أن الابرهيمي وافق على تولي المهمة ولكن مع “تغيير الصفة” لأنه لا يريد أن يبدو “خليفة” أنان في مهمة فشل فيها الاخير، علماً أنه يخشى أن يؤدي بقاؤه مبعوثاً خاصاً مشتركاً للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى عرقلة مساعي السلام، إذ ان دمشق غير راضية عن الدور الذي تقوم به الجامعة. وأوضحت أنه من الخيارات المتاحة أن يكون الابرهيمي “ممثلاً خاصاً” أو “ممثلاً خاصاً” للأمين العام للأمم المتحدة، على أن يكون مقره نيويورك.

غير أن ديبلوماسيين في الأمم المتحدة رفضوا تأكيد هذه الأنباء. وأبلغ أحدهم “النهار” أنه “تحدث مع الابرهيمي قبل ساعات وسمع منه أنه لم يتخذ بعد قراراً في شأن امكان قبوله أو رفضه هذه المهمة”، وأن “الابرهيمي لا يزال ينتظر ايضاحات لماهية المهمة المطلوبة منه، وماهية رؤية المجتمع الدولي لوقف ما يحصل في سوريا”.

وفيما رفض الناطق بإسم الأمم المتحدة فرحان حق تأكيد ذلك، قال ديبلوماسي آخر لـ”النهار” إن “الجميع ينتظرون أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون شيئاً في هذا الشأن، وهو لم يفعل ذلك لأن لا موافقة نهائية بعد من الابرهيمي ولا اتفاق نهائياً على طبيعة الدور الذي سيضطلع به والشروط التي يطلب توفيرها كي يتسنى له قبول المهمة”.

وكان مجلس الأمن عقد جلسة مغلقة خصصت لمناقشة الأوضاع في سوريا عشية انتهاء مهمة “أنسميس” في 19 آب الجاري بموجب القرار 2059. واستمع الى احاطة من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام أدموند موليه.

وإثر الجلسة، صرح المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير جيرار آرو الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن للشهر الجاري، بأن شروط استمرار مهمة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا “لم تلب”. وقال إن “تفكيك المهمة سيبدأ بعد أيام قليلة”، مشيراً الى أن مسؤولية مهمة الأمم المتحدة ستنتقل من دائرة عمليات حفظ السلام بقيادة ايرفيه لادسوس، الى دائرة الشؤون السياسية التي يتولاها جيفري فيلتمان. وأضاف أن “هناك إجماعاً على الحاجة الى ابقاء وجود الأمم المتحدة في دمشق، وبناء على هذا الإجماع وجهت بصفتي رئيس مجلس الأمن رسالة الى الأمين العام لإبلاغه موافقتنا على اقتراحه إنشاء مكتب اتصال في دمشق”. ولمح الى موافقته على حضور اجتماع دعا اليه نظيره الروسي السفير فيتالي تشوركين لمجموعة العمل حول سوريا على مستوى السفراء الساعة الحادية عشرة قبل الظهر داخل مبنى المنظمة الدولية.

وفهم أن عدداً من الدول الأعضاء في هذه المجموعة لا ترى ضرورة لهذا الإجتماع.

اجتماع روسي – اميركي

وفي موسكو اجتمع نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف مع نائبة وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الياسية ويندي شيرمان للبحث في الازمة السورية المتفاقمة وسبل ايجاد تسوية سياسية لها.

وقالت وكالة “نوفوستي” الروسية إن غاتيلوف رأى خلال الاجتماع انه يتعين على شركاء روسيا في مجموعة العمل الدولية حول سوريا تكثيف الجهود المشتركة والمحاولة مرة اخرى للتوصل الى حل سياسي للأزمة في سوريا.

وشدد على ضرورة التقيد الصارم لجميع الاطراف المتنازعين في سوريا، فضلا عن اللاعبين الدوليين، بقرارات مجلس الامن والمقررات المدرجة في البيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجموعة العمل حول سوريا الذي انعقد في جنيف في حزيران الماضي.

المعلم

وفي دمشق، اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بالتآمر على سوريا، محملا اياهما مسؤولية سفك الدم السوري.

وقال في حديث بثه التلفزيون السوري امس ان “قرار تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الاسلامي خرق لميثاق المنظمة لأن قراراتها تتخذ بالاجماع وان دولا عديدة أخبرتنا برفضها له”.

واضاف ان “الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لم تكتفيا بتجميد عضوية سوريا بل تآمرتا عليها وهما مسؤولتان عن سفك الدم السوري”، مبينا “أنهم أرسلوا طائرات خاصة لجلب بعض القادة المترددين لحضور اجتماع مكة وأقاموا هذا المؤتمر زورا وبهتانا وألطف وصف يطلق عليهم أنهم منافقون”.

وروى انه “خلال لقائي مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة فاليري آموس أمس سألتها عن الدول التي تبرعت لمساعدة الشعب السوري انسانيا، وقالت هناك أربع دول ولم يأتنا دولار واحد من العرب”.

وأوضح ان “رأس المؤامرة على سوريا الولايات المتحدة، أما تركيا وقطر والسعودية فهي أدوات تابعة”.

وقال المعلم ان “الذين يعتقدون ان الجيش العربي السوري سيهزم انما هم يحلمون”.

مليون سوري في حاجة إلى مساعدة انسانية عاجلة

مصدر غربي يؤكد فقدان ماهر الأسد ساقه

    و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ

استمرت عمليات القصف والاشتباكات في سوريا، بينما حذرت مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة فاليري آموس من ان اكثر من مليون لاجئ سوري هم اليوم في حال انسانية مزرية.

أفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” الذي يتخذ لندن مقراً له ان 34 شخصاً قتلوا بينهم 26 مدنيا غداة يوم دام شهد مقتل 172 شخصاً في اعمال عنف في مناطق مختلفة بينهم 35 على الاقل في غارة جوية لطائرة حربية سورية على بلدة اعزاز في ريف حلب قرب الحدود التركية.

وقال ان حلب لا تزال تشهد قصفا واشتباكات تدور منذ اسابيع بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين للسيطرة على هذه المدينة. واضاف ان ستة مواطنين بينهم طفلان وامرأة قتلوا في قصف في حي الشعار شرق المدينة، بينما قتل عشرة اشخاص على الاقل في قصف لحي قاضي عسكر شرق المدينة ايضا. واشار الى ان عدد الضحايا “مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم في حال خطرة”.

واعلنت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد الكتروني ان قصف حي قاضي عسكر اصاب “تجمع مواطنين امام فرن خلال انتظارهم للحصول على الخبز” وان بين القتلى “الكثير من الاطفال والرجال المسنين”. وارفقت الهيئة خبرها بشريط فيديو عن القصف يظهر جثثا في الطريق تسبح في برك من الدماء، ويصعب تبين وجوه اصحابها.

وقالت ان القصف طاول فجر الخميس احياء الفردوس والصاخور والسكري والانصاري وطريق الباب، وكلها في شرق العاصمة.

وتحدث المرصد عن اشتباكات في محيط دوار الجندول القريب من وسط المدينة، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية من افراد القوات النظامية.

وفي الوقت عينه، تستمر الاشتباكات في حيي صلاح الدين وسيف الدولة اللذين دخلتهما القوات النظامية، وهما يشهدان معارك كر وفر وحرب شوارع بين الطرفين.

من جهة اخرى، قال المرصد ان مدينة التل في ريف دمشق تعرضت لقصف من القوات النظامية السورية التي دخلت مناطق فيها بعد ايام من القصف والاشتباكات.

وعثر على خمسة سائقين قتلوا فجرا على ايدي مجهولين في صحنايا بريف دمشق، حيث تعرض حيا العسالي والتضامن لقصف من القوات النظامية اوقع جرحى.

كما سقطت قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة الذي شهد الاربعاء اشتباكات عنيفة تسببت بسقوط عشرة قتلى.

وعلى رغم سيطرة القوات النظامية على مجمل احياء العاصمة، تتكرر المواجهات بينها وبين مجموعات مسلحة معارضة في بعض الازقة والشوارع.

اما الاعلام السوري الرسمي، فأفاد ان القوات السورية حررت فريق تلفزيون “الاخبارية السورية” الذي كان خطف على ايدي مسلحين قبل بضعة ايام في ريف دمشق في “عملية نوعية”.

واكد المرصد ان القوات النظامية دخلت مناطق في مدينة التل، مشيرا الى “الافراج عن فريق الاخبارية السورية بعد اقتحام المكان الذي كانوا محتجزين فيه في المدينة”.

في المقابل، قال مسؤول اميركي طلب عدم ذكر اسمه ان بعض الايرانيين الذين يحتجزهم مقاتلون معارضون سوريون في سوريا ينتمون الى الحرس الثوري الايراني “الباسدران”. وقال ان “بعض هؤلاء الرهائن على الاقل” ينتمون الى الحرس الثوري.

وكان وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي صرح مطلع آب بان كثيرين من الايرانيين الـ48 المخطوفين كانوا ينتمون الى الحرس الثوري وهم الان عسكريون “متقاعدون”.

واكد مسؤولون ايرانيون ان المخطوفين هم جميعا زوار كانوا يقصدون اماكن مقدسة في سوريا.

وبثت قناة “العربية” الفضائية السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها بيانا منسوبا الى يعرب الشرع أحد أقارب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يعلن فيه انشقاقه عن حكومة الرئيس بشار الأسد. ودعا للانضمام الى “الثورة” ضد حكم الأسد.

وابلغ ديبلوماسي غربي ومصدر يتخذ الخليج مقراً له ان ماهر شقيق الرئيس السوري بشار الاسد فقد ساقه في هجوم على القيادة الامنية في دمشق في تموز.

وقال الديبلوماسي: “سمعنا انه فقد احدى ساقيه خلال الانفجار لكننا لا نعرف المزيد”. واكد مصدر خليجي هذا الامر قائلاً: “فقد احدى ساقيه. الخبر صحيح”.

 الوضع الانساني

وصرحت آموس في مؤتمر صحافي في ختام زيارة لدمشق انه “تم تهجير اكثر من مليون شخص من ديارهم وهم يواجهون فقرا مدقعا”، مشيرة الى احتمال وجود “اكثر من مليون شخص اضافي لديهم حاجات انسانية عاجلة نظرا الى اتساع تأثير الأزمة على الاقتصاد وعلى معيشة الناس”. واعلنت انها “ستستمر في الضغط على الحكومة للسماح بزيادة عدد العاملين في المساعدات والمنظمات”.

فابيوس

وفي مخيم الزعتري للاجئين السوريين على الحدود الاردنية – السورية، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى رحيل الاسد والانتقال السياسي السريع في سوريا. وقال ان “موقف فرنسا واضح: نحن نرى ان بشار الأسد جلاد شعبه وانه يجب ان يرحل وكلما رحل مبكرا كان ذلك افضل”.

واضاف فابيوس الذي رافقه في جولته نظيره الاردني ناصر جودة: “نحن موجودون على الساحة الدولية لتشجيع السوريين على ايجاد عملية الانتقال السياسي”، مشيرا الى ان “هذا التحول السياسي يجب أن يكون على نطاق واسع ويشمل كل الشعب السوري، ويضمن حقوق الأقليات جميعها”.

وفي ما يتعلق بالمعارضة السورية وخصوصاً “الجيش السوري الحر”، قال: “نحن على اتصال مع بعض المسؤولين فيها، ونحن نأمل أن يتمكنوا من تنفيذ نشاطاتهم بالتنسيق مع المعارضة”.

وعن تسليح المعارضة، قال: ان “الدول الأوروبية سبق لها ان فرضت حظرا (على السلاح)، لذلك لا يمكننا أن ننتهك الحظر الذي فرضناه”، مشيرا الى انه “ليس سرا أن عددا من الدول وافقت على تقديم معدات غير قتالية، كأجهزة اتصال واجهزة فنية مفيدة للمعارضة السورية والمقاومة”.

وحذر العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين لدى استقباله فابيوس من “تداعيات الازمة (السورية) وانعكاساتها على أمن واستقرار المنطقة بأسرها”. وشدد على “الموقف الاردني الداعي الى أيجاد حل سياسي سريع للازمة السورية يحافظ على وحدة سوريا واستقلالها وتماسك شعبها، ويضع حدا لنزف الدماء وتصاعد حدة العنف”.

«حـزب اللـه» و«أمـل» يرفضـان الفوضـى .. واسـتنفار سـياسـي لإطـلاق المخطـوفـين

عشائر الحوار تقطع طريق الحل .. و«المصنع» مقابل المطار!

عاش اللبنانيون، ومعهم أهلهم في الاغتراب، وكل من يقيم على أرض لبنان، فصلا جديدا من فصول بلد معلق بين اللاسلم واللااستقرار. بين الحرب التي تبدو كل عدتها سلاحا وخطابا ونفوسا جاهزة، وبين قرار الخارج والداخل بالبقاء على حافة الهاوية، من دون الانزلاق الى الهاوية نفسها.

مشاهد كثيرة عاشها اللبنانيون في اليومين الماضيين، استعادوا معها شريط ويلات حرب أهلية ظنوا أنهم قد طووها قبل أكثر من عقدين بلا رجعة. مشاهد جعلت الجالس قبالة الشاشة في منزله، يسأل عن أولاده الموزعين بين مراكز عملهم أو اجازاتهم. جعلت المغترب يسعى كل دقيقة للاطمئنان عن أهله. جعلت المتوجه الى المطار يبحث عمن يدله الى خريطة الطريق الأكثر أمانا، والآتي الى لبنان يسأل عن ضرورة الزيارة، وعن مخاطر عبور «المصنع»..

حالات انسانية أكثر وأكبر من أن تحصى وتعد، تعبر عن قلق مقيم، وآخر مستجد، وعن قلق قابل للازدياد في الأيام الآتية. وفي المقابل، بدت الدولة مخطوفة، تبحث عمن يجدها، ولو شكلا في الطرق أو مجرد صورة في الشاشات، لكأن الكل هزم الدولة، فراحت تتوالد دويلات العشائر والأحياء والملثمين وقطاع الطرق، من طريق المطار الى «المصنع»، وما أفدح المكانين، كبوابتين للبنان على العالم.

أمضى اللبنانيون ساعات من حبس الأنفاس، على وقع روايات اعلامية مفبركة حول مصير الزوار اللبنانيين الـ 11 المخطوفين في سوريا، يضاف اليهم مصير الشاب حسان المقداد الذي انضم الى لائحة المخطوفين على ايدي عناصر سورية معارضة.

ساعات، اجتاح فيها القلق كل تفاصيل الجسم اللبناني، في ظل مشاهد اظهرت الدولة غائبة ومنهكة كأنها افلتت من أيدي نفسها، ليصبح الشارع رهينة السلاح والمسلحين وشريعة المقنعين والعابثين بالامن، الذين اطلوا برؤوسهم من خلف قضية انسانية محقة بامتياز.

واذا كان الخطف أمرا لا تجيزه اية شرائع أو أديان،

واذا كان الوجع عند الأهالي، وجعا وطنيا بامتياز،

واذا كانت الدولة، لا بل «الدول» مدانة في تعاملها المخزي مع هذه القضية الانسانية،

واذا كان الاعلام اللبناني المرئي، قد غادر الحد الأدنى، من موجبات المسؤولية الوطنية والأخلاقية،

اذا كان ذلك كله، فان اتباع قاعدة العين بالعين على الطريقة العشائرية، أنزلت الاهانة بالقضية أولا، وبالعشرات لا بل عشرات الآلاف من الرعايا السوريين الموجودين في لبنان ثانيا، مثلما تحولت الى نوع من خنق الذات عبر قطع الطرق، كما حصل في طريق المطار في بيروت، وفي طريق «المصنع» قرب بلدة مجدل عنجر.

اشتباك بين السنيورة

ورعد في الحوار

وقد فرض ملف المخطوفين نفسه على طاولة الحوار الوطني الذي انعقد بمن حضر في قصر بيت الدين، في غياب الرئيس نبيه بري، الرئيس سعد الحريري، النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري.

وتمحورت مداخلات «المتحاورين» حول موضوع المخطوفين وما رافقه من احداث في الضاحية الجنوبية وصولا الى مجدل عنجر، وتقرر بناء على ذلك، تشكيل وفد من الهيئة يسعى بدءا من اليوم، مع الدول المؤثرة، من اجل معالجة هذا الموضوع، والافراج عن المخطوفين، على ان تعود طاولة الحوار الى الانعقاد في العشرين من ايلول المقبل لطرح الورقة الرئاسية حول الاستراتيجية الدفاعية، والتي آثر رئيس الجمهورية ميشال سليمان عدم طرحها في جولة الامس، نظرا لغياب اطراف اساسيين عن الجلسة.

وكان اللافت للانتباه في الحوار، «الاشتباك السياسي» الذي حصل بين رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، والرئيس فؤاد السنيورة على خلفية ما وصفه الاخير بمظاهر الفلتان واللااستقرار (مشيرا الى ما حصل في الضاحية امس الاول)، معتبرا ان ما جرى ليس صدفة، «بل هو فصل جديد من ممارسة الارهاب على المواطنين». ودعا السنيورة الى استعادة هيبة الدولة بحل مشكلة السلاح والالتزام بالدستور واتفاق الطائف، وبوحدانية سلطة الدولة على كامل أراضيها، والى تشكيل حكومة إنقاذ تخلف هذه الحكومة البائسة، تعمل على استعادة الثقة بالبلاد وسمعتها واقتصادها، والى ضبط المعابر والحدود مع سوريا من خلال التقيد الكامل بمندرجات القرار 1701.

ورد رعد منتقدا من يأتي ويلوم الضحية، مؤكدا ان هذا الكلام «مرفوض وغير مسؤول وليس مبنيا على معطيات، وليس له رصيد سوى التحريض وصب الزيت على النار، والسير وراء اوهام واهداف سياسية ومكتسبات».

واستذكر رعد «حكومة السنيورة البتراء» (قبيل حكومة الدوحة الثانية) واتهم رئيس الحكومة الأسبق باخذ البلد نحو الانقسام، وقال «هذا الاحتقان الذي يحصل في البلد سببه الانقسام الذي اخذت انت البلد اليه»(محضر جلسة الحوار ص3).

الحكومة تشكل خلية أزمة

كما فرض موضوع المخطوفين نفسه على طاولة مجلس الوزراء، في بيت الدين، وقررت الحكومة تشكيل خلية ازمة لمتابعة قضية المخطوفين. وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» ان جلسة مجلس الوزراء كانت امنية بامتياز، وإنه تم استعراض ما احاط قضية الزوار اللبنانيين والملابسات والروايات التي تعددت مصادرها وخلقت جوا من الارباك والتوتر في صفوف الاهالي، كما تم استعراض قضية خطف حسان المقداد في دمشق. واخذ مجلس الوزراء علما بتأليف الوفد من هيئة الحواء للسعي مع الدول المؤثرة، ورجحت المصادر امكان تطعيم الوفد حكوميا عبر بعض الوزراء، للقيام بزيارات قريبة للدول المؤثرة في الخاطفين (السعودية، قطر وتركيا).

واشارت المصادر الى انه لم تصل الى مجلس الوزراء اية معلومات دقيقة حول مصير المخطوفين، باستثناء ما تبلغه وزير الخارجية عدنان منصور حول سلامة اللبنانيين الـ11.

واقترح وزير الدولة مروان خير الدين استدعاء السفير التركي في لبنان الى وزارة الخارجية، وتسليمه رسالة الى السلطات التركية تحملها المسؤولية عن سلامة المخطوفين، وتدعوها الى تكثيف اتصالاتها ووضع ثقلها لانهاء هذا الملف، ولا سيما ان هناك بعض التفاصيل تؤشر الى علم السلطات التركية بمكان وجودهم واحتجازهم، خاصة من خلال الاجراءات والتسهيلات التركية التي قدمت للاعلاميين، كما لذوي بعض المخطوفين، خلال زيارتهم المخطوفين قبل ايام.

وبحسب مصادر وزارية، فإن مداخلات الوزراء، ومعهم رئيسا الجمهورية والحكومة، اكدت هيبة الدولة وعدم السماح بالمساس بها، ولفت في هذا السياق تأكيد وزراء حركة «امل» و«حزب الله» رفض الطرفين القاطع أي مس بهيبة الدولة ومكانتها، وبالتالي عدم القبول بمنطق قطع الطرق، والتشديد على دور الجيش في هذا المجال، وتفويضه قمع المخالفات فور حصولها واينما كان (ص 2).

من جهة ثانية، وصل الى بيروت امس، وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في زيارة تستمر يومين، والتقى فور وصوله رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور، كما زار ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما تردد انه التقى شخصيات من المعارضة السورية في السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر .

القمة الإسلامية تختتم أعمالها بين مرحّب ومشكك: تعليق عضوية سوريا… وإيران تعتبر القرار”جائرا

أيّد لبنان القرار حول دمشق إذعاناً لـ«الإجماع العربي»

اختتمت منظمة التعاون الإسلامي قمتها الاستثنائية في مكة المكرّمة فجر أمس، من دون أن تخرج عن المسار الذي كان متوقعاً لها. أعلنت تعليق عضوية سوريا، وهو القرار الأبرز الذي أثار ردّ فعل إيراني مندّد، في وقت أكدت على دعم الشعوب الإسلامية «المقهورة» في وجه الطائرات والدبابات، وخصوصا السوريين.

في المقابل، لاقت القرارات الأخرى للقمة إجماعاً من زعماء الدول الـ57 الأعضاء في المنظمة، حيث نددوا بقضية مسلمي ميانمار، وقرّروا رفعها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن تحميلهم إسرائيل مسؤولية توقف مفاوضات السلام وتبنيهم لمبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في الرياض.

انطباعات كثيرة تركتها القمة وقراراتها، كانت بأغلبها مرحّبة بما دعا إليه البيان الختامي، الذي حمل اسم «ميثاق مكة»، من ضرورة لدرء الفتن والأخذ بكل أسباب التعاون والتعاضد بين المسلمين، بينما سجّل مشاركون «ملاحظات إيجابية» عن تقارب سعودي ـ إيراني شهدته القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة.

وبالعودة إلى قرار تعليق عضوية سوريا، فقد أكد الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلي على أنه «رسالة قوية جداً للنظام السوري يوجهها العالم الإسلامي بأنه لا يمكن أن يقبل بوجود نظام يقتل شعبه وأهله بالمدافع الثقيلة والدبابات وبالطائرات»، في حين أكد أنه «لم ير وجود دعم كبير لتدخل عسكري خارجي» في سوريا. علماً ان القمة دعت نظام الأسد إلى وقف العنف، ولم تطالب بتنحي الرئيس السوري بشكل علني.

وكان الإجماع على تعليق العضوية لافتاً من الدول المشاركة، ومن بينها لبنان، بحسب مصادر في رئاسة الحكومة. وذكرت المصادر أن لبنان أيد القرار، ولم يتحفظ عليه كما جرى في مؤتمر وزراء الخارجية التمهيدي، فيما عزت مغادرة لبنان سياسة النأي بالنفس لكون «القرار اتخذ بإجماع كل الدول العربية، وبالتالي، فان لبنان لم ولا يخرج عن الإجماع العربي».

في المقابل، أصرّت طهران على أنه «قرار جائر» لأن «سوريا لم تُدعَ إلى القمة للدفاع عن نفسها»، بحسب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي.

وصرّح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بعيد عودته إلى طهران، أن القرار «خطوة سياسية»، بحسب وكالات الأنباء الإيرانية.

وأوضح نجاد قائلاً «لقد تم الإعلان في رسالة الدعوة التي وجهت إلينا، أن موضوع القمة وحدة العالم الإسلامي، وإزالة مشكلاته والأخطار التي تهدد العالم الاسلامي، مضيفاً أن «الشعب الإيراني لديه تحليل واضح وشفّاف بشأن التطورات، وكان من الضروري تبيين هذا التحليل الشامل في الأوساط الرسمية».

وأشار نجاد إلى أن «مواقف إيران طرحت بشكل صحيح»، مصرّحا أنه «من اجل أن تكون هذه المواقف ضمن جدول أعمال الأوساط الدولية ومن اجل زيادة تأثيرها، فيجب على الجهاز الديبلوماسي بذل جهود جادة في هذا المجال».

وكشف عن عقده لقاءات ومحادثات ثنائية مع عدد من قادة الدول المشاركين في قمة مكة، «طرحت خلالها أسئلة جادة، وأكدنا على ضرورة الحيلولة دون نفوذ الأعداء وتأثيرهم، وفي الحقيقة تم وضع أسس جيدة لاستمرار التعاون والحوار بين الدول».

وتحدث عن لقائه مع الملك السعودي قائلاً إن «العلاقات بين إيران والسعودية علاقات خاصة، وقد شهدت تذبذبا كبيرا طيلة 33 سنة مضت، فإيران لديها مكانة ممتازة في المنطقة والعالم الاسلامي، والسعودية أيضا لديها أثر كبير على تطورات المنطقة وخاصة التطورات الأخيرة، وان تنظيم العلاقات بين البلدين هام للغاية في كيفية إدارة التطورات الإقليمية».

وقال إن «كلا الجانبين يذعنان لضرورة الاهتمام بالعلاقات الخاصة بين إيران والسعودية»، معربا عن «أمله بأن تشهد العلاقات بين البلدين تطورات أفضل».

يُذكر أن الملك السعودي أبدى «لفتة تصالحية» تجاه إيران في افتتاح القمة بأن جعل نجاد يقف إلى جواره أثناء ترحيبه بالزعماء المشاركين، وهي مبادرة قال محللون إنها تهدف إلى وضع الخلافات القديمة جانبا من اجل السعي إلى حل للأزمة السورية.

وكان نجاد التقى الرئيس التركي عبد الله غول، حيث تناولا علاقات البلدين المتطورة في مختلف الجوانب، وقال إن «الأحداث تمر وتنقضي لكننا باقون وعلينا التعايش معا»، وهو ما أكد عليه نظيره التركي.

وأثناء اللقاء، عبّر نجاد عن تأييده لموقف الرئيس المصري محمد مرسي، الذي كان دعا إلى «تشكيل لجنة تضم سوريا والسعودية وإيران وتركيا» للعمل على حل الازمة السورية.

وعلى صعيد آخر، عبّر زعماء الدول الإسلامية عن»إدانتهم الشديدة لاستمرار سلطات ميانمار في استخدام العنف ضدهم وإنكار حق المواطنة»، لافتين إلى أن القمة «قررت تصعيد قضية أقلية الروهينجيا ونقلها الى الجمعية العامة للأمم المتحدة».

إلى ذلك، أكد المجتمعون على «أهمية قضية فلسطين باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما في ذلك القدس الشريف».

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية نزار مدني إن «القمة أكدت مجددا على أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة الإسلامية.

وأشادت المملكة والمنظمة بالنجاح الكبير الذي حققته القمة في جمع شمل القادة المسلمين، وذلك على لسان نائب وزير الخارجية الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، في وقت شدّد أوغلي على أن هناك تكاملا بين المنظمة والجامعة العربية والأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه من الملاحظ أن القرارات التي تصدر عن هذه الجهات تكاد تكون متفقة على مبادئ عكسها مشروع القرار الصادر عن القمة الإسلامية».

(«السفير»، أ ف ب، أ ب، رويترز)

المعلم يهاجم منظمي مؤتمر مكة بعد تعليق عضوية دمشق

إنهاء مهمة المراقبين في سوريا: الطرفان يختاران طريق الحرب

أنهى مجلس الأمن الدولي، أمس، عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، إلا انه أيّد الدعوات لإنشاء مكتب اتصال سياسي في دمشق، فيما اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتآمر على دمشق، محمّلاً إياهما مسؤولية سفك الدم السوري، وذلك بعد إعلان منظمة المؤتمر الإسلامي، في اجتماع استثنائي في مكة المكرمة فجر أمس، تعليق عضوية سوريا، وهو أمر وافق عليه لبنان، في ما بدا خروجاً على سياسة «النأي بالنفس».

وقالت مصادر في الامم المتحدة لوكالة «رويترز» إن الأخضر الإبراهيمي وافق على ان يحل محل المبعوث الدولي المستقيل كوفي انان كوسيط دولي بشأن سوريا، لكن سيكون له تفويض معدل. ولم توضح المصادر ما هو التفويض المعدل او متى سيصدر القرار الرسمي بتعيين الإبراهيمي.

وأعلن المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لهذا الشهر، إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا بعد نحو أربعة أشهر على بدء هذه المهمة. وقال إن «شروط استمرار مهمة بعثة المراقبين الدوليين غير متوفرة»، مشيراً إلى أن السلطات السورية لم توقف استخدام الأسلحة الثقيلة ولا يوجد خفض فعلي للعنف.

وقال نائب رئيس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ادموند موليت إن «هذه المهمة ستنتهي منتصف ليل الأحد». وأوضح أن آخر مراقب من المئة الباقين سيغادر دمشق بعد أسبوع، مضيفاً «من الواضح أن الطرفين (الحكومة والمعارضة) اختارا طريق الحرب والصراع المفتوح، فيما أغلق إلى مرحلة كبيرة الباب أمام الحوار السياسي ووقف العنف، ولكن هذا الأمر يجب ألا يعني أن لا ننخرط في الموضوع».

وأيّد مجلس الأمن خطة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فتح مكتب اتصال سياسي في دمشق لمراقبة الأحداث. وقال موليت إن المكتب سيضمّ ما بين 20 الى 30 خبيراً في الشؤون السياسية والانسانية والعسكرية، مضيفاً إن الرئيس السوري بشار الاسد وافق على إنشاء هذا المكتب.

واعلن المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو دعت إلى عقد اجتماع لممثلي «مجموعة العمل» الدولية حول سوريا، والسعودية وإيران، في نيويورك اليوم من أجل إصدار دعوة تطالب الحكومة السورية والمسلحين وقف النزاع بينهما. وقال إن على تلك الدول «توجيه نداء الى جميع اطراف النزاع في سوريا بأن عليهم وقف العنف بالسرعة الممكنة، في وقت محدد، وان عليهم ان يعينوا ممثلين مخولين عنهم من اجل التفاوض على حل سياسي، وخاصة تشكيل هيئة حكم انتقالية». وأضاف إن النداء يجب أن «يدعو جميع الاطراف الى وقف العنف، وكذلك تحديد وقت ولحظة وساعة معينة يجب ان يتوقف فيها العنف».

وأعرب تشوركين عن أسفه من إنهاء عمل المراقبين الدوليين في سوريا. وقال «نحن نعتقد أن أعضاء مجلس الامن، الذين أكدوا ان مهمة المراقبين لا يمكن أن تستمر، لا يظهرون حقيقة التزاماً بإنهاء الاعمال العدائية، والعمل من أجل التوصل الى تسوية سياسية في سوريا».

المعلم

وقال المعلم، في مقابلة مع التلفزيون السوري بثت أمس، إن «الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لم تكتفيا بتجميد عضوية سوريا، بل تآمرتا عليها، وهما مسؤولتان عن سفك الدم السوري». واضاف «لقد ارسلوا طائرات خاصة لجلب بعض القادة المترددين لحضور اجتماع مكة، وأقاموا هذا المؤتمر زوراً وبهتاناً». وتابع ان «ألطف وصف يطلق عليهم انهم منافقون».

واعتبر المعلم ان الولايات المتحدة هي «رأس المؤامرة على سوريا»، لافتاً الى ان تركيا وقطر والسعودية هي «أدوات تتبع»، مؤكداً ان الشعب السوري صمد في وجه المؤامرة «نتيجة ايمانه باستقلالية قراره وبوطنه الموحد ونظامه العلماني».

وكانت القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي قررت تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي. وأكد البيان الختامي للقمة وجود «شعور بالقلق الشديد ازاء المجازر والاعمال اللاإنسانية التي ترتكب ضد الشعب السوري الشقيق». واضاف ان قادة دول المنظمة، التي تضم 57 عضواً، اتفقوا «على اهمية وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا ووحدة اراضيها والإيقاف الفوري لاعمال العنف كافة مع تعليق عضوية سوريا في منظــمة التعاون الاسلامي».

وقالت مصادر رئاسة الحكومة إن لبنان أيّد قرار القمة بتعليق عضوية سوريا في المنظمة، ولم يتحفظ عليه كما جرى في مؤتمر وزراء الخارجية التمهيدي. وردت المصادر مغادرة لبنان سياسة النأي بالنفس «لكون القرار اتخذ بإجماع كل الدول العربية، وبالتالي، فان لبنان لم ولا يخرج عن الإجماع العربي».

وأعلنت ايران الممثلة برئيسها محمود احمدي نجاد ووزير الخارجية علي اكبر صالحي رفضها لهذا القرار الذي «يتعارض تماماً مع ميثاق المنظمة». وقال نجاد ان قرار منظمة المؤتمر الإسلامي «خطوة سياسية»، مضيفاً «في القمة، تم شرح مواقف إيران بوضوح».

وكان نجاد التقى الرئيس التركي عبد الله غول، حيث تناولا علاقات البلدين المتطورة في مختلف الجوانب، وقال إن «الأحداث تمر وتنقضي لكننا باقون وعلينا التعايش معاً»، وهو ما أكد عليه نظيره التركي. وعبّر نجاد عن تأييده لموقف الرئيس المصري محمد مرسي، الذي كان دعا إلى «تشكيل لجنة تضم سوريا والسعودية وإيران وتركيا» للعمل على حل الأزمة السورية.

وكشف المعلم ان وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري أموس اكدت له ان العرب لم يتبرعوا بدولار واحد لمساعدة الشعب السوري. وقال «خلال لقائي بأموس امس (الاول) سألتها عن الدول التي تبرعت لمساعدة الشعب السوري انسانياً. قالت إن هناك اربع دول، ولم يأتنا دولار واحد من العرب». واضاف «قلت لأموس لديهم المال لدعم المسلحين بالسلاح وتدمير المنازل والبنى التحتية في سوريا وتهجير الناس، لكنهم لا يدفعون دولاراً واحداً من اجل مساعدة هؤلاء او اعادة بناء ما دمّره المخربون».

ميدانيات

وأعلن المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيانات، «مقتل 84 شخصاً في سوريا (امس) بينهم 55 مدنياً، غداة يوم دامٍ شهد مقتل 172 شخصاً بينهم 35 في غارة جوية على مدينة اعزاز في ريف حلب قرب الحدود التركية». واضاف «ما زالت حلب تشهد قصفاً واشتباكات تدور منذ أسابيع بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين».

(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز)

صفعة أميركية لثرثرة نتنياهو وباراك : إسرائيل وحدها لا يمكنها مهاجمة إيران

حلمي موسى

بدأت الإدارة الأميركية، على ما يبدو، هجومها المضاد على الحكومة الإسرائيلية التي تحاول جرها إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران في غير الوقت المقبول أميركيا، عبر تصعيد التهديدات بشن هجوم إسرائيلي منفرد.

وأعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، بما يشبه تنفيس البالون الإسرائيلي، أنه ليس في وسع الدولة العبرية وحدها تدمير المشروع النووي الإيراني. وفي ما يشبه الرد الإسرائيلي السريع على ذلك، أعلن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أرون أنه إذا عرقلت الضربة الإسرائيلية مشروع إيران لعام واحد فهذا بحد ذاته كاف.

وأعلن ديمبسي، في مؤتمر صحافي مشترك حضره وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، أن إسرائيل لا تملك القدرات العسكرية الكافية لتدمير المشروع النووي الإيراني. وأوضح «ما أقوله يستند إلى ما أعرفه عن قدرتهم، ويحتمل ألا أكون على علم بكل قدراتهم». وأضاف «أعتقد أنه من النزيه القول ان في وسعهم تأخير البرنامج النووي لإيران، وليس تدميره».

من جانبه، أوضح بانيتا أنه برغم أن إسرائيل دولة سيادية تتخذ قراراتها وفق مصالحها، «لكني لا أعتقد أنهم سيتخذون قرارا بالهجوم».

والواقع أنه لا تمكن قراءة الموقف الرسمي الأميركي هذا بمعزل أيضا عن افتتاحية «نيويورك تايمز» التي وصفت تهديدات القادة الإسرائيليين بالحرب على إيران بأنها «غير مسؤولة».

وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إلى أن إطلالة ديمبسي وكلامه أشبه بتوجيه «ضربة على رأس القيادة الإسرائيلية بمطرقة بوزن عشرة أطنان». وأوضحت أن ديمبسي أخرج عمليا، دفعة واحدة «كل الهواء من الصدر المنتفخ لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك. فقد أوضح للعالم أن الرجلين قد يرغبان في الهجوم، لكنهما ببساطة لا يستطيعان. ليس وحدهما، ليس من دون المظلة الأميركية والضوء الأخضر من واشنطن».

واعتبرت «يديعوت» أن هذا الإعلان يعني أن على نتنياهو وباراك «الكف عن استعراض العضلات وقرع طبول الحرب. كانت هذه نهاية مسيرة طويلة حشرت خلالها إسرائيل الولايات المتحدة في الزاوية رويدا رويدا، إلى أن لم يعد للأميركيين مفر غير إحراجها هكذا».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين خيبة أملهم من إسرائيل التي حاولت في الشهور الأخيرة التصرف كأنها ليست بحاجة إلى واشنطن وأنها «لا تعتمد إلا على نفسها» و«ليست بحاجة لجميل أحد». وقالت ان الأميركيين لم يعرفوا إن كانت التهديدات نوعا من استعراض مخطط للجنون بقصد الحصول على ثمن معقول، أم خطط فعلية لتحريك القاذفات والغواصات. ورأت أن باراك هو من أفلح في إخراج الأميركيين عن طورهم، حينما اقتبس ما زعم أنه معلومات أميركية جديدة تفيد بأن إيران تزداد اقترابا من امتلاك سلاح نووي. ورأى الأميركيون أن باراك لم يقل الحقيقة واستغل معلومات سرية تتداولها الدولتان.

ونقلت «يديعوت» عن مصدر في الإدارة الأميركية قوله إن «تصريح باراك كان القشة الأخيرة». وأضاف إأن «القواعد واضحة، لا يتم استخدام مادة استخباراتية، وبالتأكيد ليس لأجل التلاعب. باراك قال علنا ما كان ينبغي أن يكون سرا». لذلك قرر الأميركيون صفع إسرائيل، قبل أن يؤدي هذا إلى ارتفاع هائل في أسعار النفط، ويثير أعصاب العالم عموما. هجوم ضد إيران ليس مناسبا الآن لواشنطن، وأرسل رئيس الأركان الأميركي كي يقول لإسرائيل في وجهها ما لا ترغب في أن تفكر فيه عن نفسها: انها غير قادرة.

وقال مصدر سياسي أميركي في واشنطن، ضالع في الشأن الإيراني، «ما كان ديمبسي ليجرؤ على قول مثل هذه الأمور لولا الثرثرة التي لا تطاق من جانب نتنياهو وباراك. منذ عدة أسابيع، وفي واشنطن غضب شديد. تصريحاتهم تلحق ضررا بإسرائيل، لكن أيضا بالإدارة الأميركية التي تحاول قلب الجبال كي توقف إيران. لقد حشروا ديمبسي في الزاوية، لكنه قال الحقيقة. إسرائيل تتكلم، لكن ليس لديها قدرات».

واعتبرت «يديعوت» أن ديمبسي وبانيتا كانا يعرفان ضرر كلامهما على قدرة الردع الإسرائيلية، خصوصا على غموض قدراتها. وأضافت «الآن انكشفت بعُريها. أنتم تحتاجون الينا، بحسب الرسالة التي نقلها ديمبسي. أنتم لا تستطيعون وحدكم. أنتم تحتاجون إلى القنابل الكاسحة للخنادق التي لا يمكن أن تحملها إلا طائراتنا. أنتم تحتاجون إلى قدراتنا كي تعودوا إلى الهجوم. في واقع الأمر أنتم تتحدثون عن عملية أكبر منكم بعدة مقاييس، لذا من الأفضل الآن أن تسكتوا، إذ إن الأضرار التي تلحقونها سيتعين علينا نحن أن نصلحها».

لكن «شرف» إسرائيل المهدور هذا لا يسترد إلا بالعناد. وهكذا انبرى للرد ليس فقط السفير الإسرائيلي في واشنطن، وإنما أيضا وزير الدفاع في الكنيست. واعتبرت جهات إعلامية مختلفة أن إسرائيل والإدارة الأميركية على شفا صدام ديبلوماسي على خلفية التهديدات بالهجوم على إيران.

ورد أورن على كلام ديمبسي، في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ»، بأن عرقلة المشروع النووي الإيراني عاما واحدا هي وقت كبير بمعايير الشرق الأوسط. وقال «سنة، سنتان، ثلاث سنوات أو أربع سنوات هي وقت كبير في الشرق الأوسط. انظروا ماذا حدث في السنة الأخيرة». وأعلن أن «الديبلوماسية لم تنجح، وقد وصلنا إلى مفترق طرق مصيري نجد حاجة فيه لاتخاذ قرارات مهمة».

وقد فهمت وكالة «بلومبرغ» من جواب أورن عن سؤال بشأن الخطر الكيميائي السوري، أن إسرائيل قد تضطر لمعالجة الخطر الكيميائي قبل الخطر النووي الإيراني. إذ قال أورن ان «الوضع في سوريا سيال جدا، وهو قابل للاشتعال جدا».

واستغل باراك مناقشة الكنيست ومصادقته على قرار تعيين آفي ديختر وزيرا لحماية الجبهة الداخلية، للرد على الأميركيين وعلى الخصوم الداخليين للحرب على إيران. وقال ان الحسم هذه الأيام ضروري جدا في كل ما يتعلق بإيران، فالمواجهة مع إيران النووية، بحسب رأيه، أخطر بما لا يقاس وأبهظ ثمنا. وقال ان «هناك مخاطر اليوم في الوضع، وهذا ليس بالأمر الهين، ونحن لن نجازف، لن نتحمل نتائج ليست قابلة للتكهن في المواجهة مع إيران اليوم».

وقرر أن الحكومة بأسرها ستقرر في هذا الشأن، موضحا أن «هناك صلاحيات لرئيس الحكومة ولوزير الدفاع ووزير الخارجية، وهناك هيئة تساعية، ومجلس وزاري مصغر، والقرار حال اقتضائه ستتخذه حكومة إسرائيل، هكذا كان وهكذا ينبغي أن يكون، وليست مجموعات من المواطنين أو من كتاب المقالات».

وكان زعيم المعارضة شاؤول موفاز قد حمل بشدة على نتنياهو وباراك، واعتبرهما خطرا على إسرائيل. وقال ان «رئيس الحكومة يقود خطوة خاطئة، فاسدة ومثيرة للسخرية. وأنا أقترح فحص الوعود التي كمنت في أساس تعيين وزير حماية الجبهة الداخلية، وهل تشمل تنازلا عن الاتزان عند اتخاذ القرار بشأن أمن دولة إسرائيل؟».

وحمل موفاز بشدة على نتنياهو الذي يحاول اللعب «في صناديق اقتراع الناخب الأميركي» والتأثير في نتائج الانتخابات. وقال: «إن غاية بقائك، يا رئيس الحكومة، لا تبرر بكل الوسائل. وعازف البيانو في الطابق الـ 35 (في إشارة لإيهود باراك) يلحن وأنت ترقص على أنغام مارش حربه. أوضح لنا من هــو صانع القرار الحقيقي».

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز خرج أمس عن صمته الإعلامي. وأعلن، في مقابلتين تلفزيونيتين، أنه محظور أن تهاجم إسرائيل إيران بشكل منفرد. وقال «واضح لنا أننا وحدنا لا نستطيع فعل ذلك. يمكننا إعاقتهم لكنه واضح لنا أنه ينبغي أن نسير معا مع أميركا». وأثار كلام بيريز هذا غضب المقربين من نتنياهو الذين أعلنوا أن بيريز كان أيضا ضد قصف المفاعل العراقي. وهناك أحاديث عن تدهور العلاقات بين بيريز ونتنياهو إلى أبعد مدى.

رئيس الوزراء السوري المنشق غادر الأردن إلى قطر في زيارة تستمر ثلاثة أيام

عمان- (ا ف ب): غادر رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب الاردن إلى قطر الخميس، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، كما اعلن المتحدث باسمه محمد العطري لوكالة فرانس برس الجمعة.

وقال العطري ان “حجاب غادر عمان امس الخميس في زيارة قصيرة تستغرق ثلاثة ايام على أن يعود بعدها الى المملكة”.

واضاف “لحجاب برنامج معين وسيخرج من هناك للاعلام للحديث عن برنامجه وخططه” المستقبلية.

ورفض العطري اعطاء المزيد من التفاصيل عن جدول الزيارة.

واكد حجاب في مؤتمر صحافي عقده في عمان الثلاثاء انه لايرغب “في تقلد أي موقع أو منصب سواء كان في الوقت الراهن أو في المستقبل في سوريا المحررة”.

واضاف “انا نذرت نفسي جنديا في مسيرة الحق لا أبغي من وراء ذلك الا وجه ربي وارضاء ضميري والوفاء لوطن اعطانا الكثير”.

واوضح حجاب انه انشق عن النظام “بعد ان ضاقت فسحة الامل وعندما زاد التمسك باسلوب القمع والاقصاء والقتل والتدمير حينها قررت اصطفافي الى جانب ثورة الحق”.

وكان وزير الخارجية الاردني ناصر جودة اكد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس الخميس ان “السيد حجاب هو بلا شك ابرز شخص لجأ الى الاردن”.

واوضح ان “الاردن قدم له كل ما يحتاجه وهو موجود في الاردن بلده في رعاية اخوته هنا في المملكة الاردنية الهاشمية وهو حر في تصريحاته وتنقلاته كيفما يشاء”.

وكان وزير الدولة الاردنية لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة اكد ان حجاب دخل الاراضي الاردنية في الثامن من الشهر الحالي برفقة عدد من افراد عائلته.

دبلوماسيون: الأخضر الإبراهيمي وافق على أن يصبح مبعوثا أمميا في سورية

نيويورك- (د ب أ): قال دبلوماسيون غربيون في مقر الأمم المتحدة بنيويورك إن وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي وافق من حيث المبدأ على أن يصبح المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى سورية.

ومن المقرر أن يتسلم الإبراهيمي (87 عاما) تلك المهمة في أول أيلول/ سبتمبر المقبل من كوفي عنان ليصبح مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سورية. وقال الدبلوماسيون الغربيون إنه ما زال يدرس تفاصيل تفويضه المقترح.

وكانت وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء ذكرت مساء الخميس نقلا عن دبلوماسييين لم تسمهم إن الإبراهيمي سيحل محل عنان.

ويحظى الإبراهيمي، الذي كان مقربا من عنان خلال عمله أمينا عاما للأمم المتحدة، بتأييد قوي ليصبح المبعوث الجديد لدى سورية بحثا عن حل للأزمة التي بدأت بمظاهرات ضد الحكومة في مطلع عام 2011.

وعمل الإبراهيمي سابقا مبعوثا خاصا للأمم المتحدة لكل من أفغانستان والعراق.

تأمين الأسلحة الكيماوية في سوريا قد يحتاج إلى عشرات الالاف من الجنود

واشنطن- (رويترز): قال مسؤولون أمريكيون ودبلوماسيون إن الولايات المتحدة وحلفاءها يناقشون اسوأ السيناريوهات المحتملة التي قد تتطلب نشر عشرات الالاف من القوات البرية في سوريا لتأمين مواقع الاسلحة الكيماوية والبيولوجية بعد سقوط حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.

وتفترض هذه المناقشات السرية ان تتفكك كل القوات الامنية الموالية للاسد لتترك وراءها مواقع الاسلحة الكيماوية والبيولوجية في سوريا عرضة للنهب. كما يفترض السيناريو ايضا ألا يمكن تأمين هذه المواقع او ان يجري تدميرها بضربات جوية فقط بالنظر الي المخاطر الصحية والبيئية.

وقال مسؤول امريكي- طلب عدم الكشف عن هويته مفسرا حساسية المناقشات- ان الولايات المتحدة ليست لديها حتى الان خطط لنشر قوات برية في سوريا. ورفضت ادارة الرئيس باراك اوباما حتى الان تقديم مساعدات فتاكة للمعارضة المسلحة التي تقاتل من اجل الاطاحة بنظام الاسد وقللت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) من احتمالات فرض منطقة حظر جوي قريبا.

وقال المسؤول “لا توجد خطة وشيكة لنشر قوات برية. وهذا في الحقيقة هو اسوأ السيناريوهات المطروحة” مضيفا ان القوات الامريكية على الارجح ستلعب دورا في مثل هذه المهمة.

وقال مصدران دبلوماسيان طلبا ايضا عدم الكشف عن هويتهما ان الامر قد يتطلب ما بين 50 إلي 60 ألف جندي إذا تحققت أسوأ مخاوف المسؤولين بالاضافة إلى قوات الدعم.

واضاف المصدران الدبلوماسيان انه حتى في حالة نشر قوة من 60 ألف جندي فلن تكون كافية لحفظ السلام ولن تكفي إلا لحماية مواقع الاسلحة على الرغم من انها ستبدو مثل قوة احتلال اجنبية على غرار ما حدث في العراق.

وقال المصدران انه لم يتضح بعد كيف سيجري تنظيم هذه القوة العسكرية وما هي الدول التي قد تشارك فيها. لكن بعض الحلفاء الاوروبيين لمحوا الى انهم لن يشاركوا.

ورفض البيت الابيض التعقيب على خطط محتملة بعينها. وقال المتحدث تومي فيتور انه بينما تعتقد حكومة الولايات المتحدة ان الاسلحة الكيماوية تحت سيطرة الحكومة السورية “فمع الوضع في الاعتبار تصاعد العنف في سوريا وتزايد هجمات النظام على الشعب السوري نبقى قلقين جدا بشأن هذه الاسلحة”.

وقال فيتور “بالاضافة الى مراقبة مخزوناتهم فنحن نتشاور مع جيران سوريا واصدقائنا في المجتمع الدولي لتسليط الضوء على مخاوفنا المشتركة بشأن امن هذه الاسلحة والتزام الحكومة السورية بتأمينها”.

ورفض البنتاغون الادلاء بتعقيب.

وبينما لا توجد احصائيات كاملة لما تملكه سوريا من الاسلحة غير التقليدية فمن المعتقد انها تملك مخزونات من غاز الاعصاب مثل (في اكس) والسارين والتابون.

وقال المسؤول الامريكي ان من المحتمل ان يكون هناك عشرات المواقع للاسلحة الكيماوية والبيولوجية موزعة في ارجاء سوريا.

واضاف المسؤول انه لا يمكن تأمين هذه المواقع للقصف الجوي الذي من قد يؤدي إلى اطلاق تلك الغازات.

وقال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا الشهر الماضي ان من المهم ان تبقى قوات الامن السورية متماسكة بعد سقوط الاسد مشيرا بشكل خاص الي قدرتها على تأمين مواقع الاسلحة الكيماوية.

واضاف قائلا في مقابلة مع شبكة تلفزيون (سي.إن.إن) في يوليو تموز “انهم يقومون بعمل جيد جدا في تأمين هذه المواقع… اذا توقفوا فجأة عن ذلك فستكون كارثة ان تقع هذه الاسلحة في الايدي الخطأ سواء أيدي حزب الله او غيرهم من المتطرفين في المنطقة”.

وتناقش الولايات المتحدة واسرائيل ودول غربية الاحتمالات الكابوسية لسقوط بعض الاسلحة الكيماوية في ايدي جماعات متشددة كالقاعدة او جماعات جهادية سنية او مقاتلي حزب الله اللبناني المؤيد لايران.

واشارت بعض مصادر المخابرات الغربية إلى ان حزب الله والحرس الثوري الايراني -وكلاهما من الحلفاء المقربين لسوريا- ربما يحاولان السيطرة على الاسلحة الكيماوية السورية في حالة الانهيار الكامل لسلطة الحكومة.

وبدأت سوريا في اكتساب القدرة على تصنيع وانتاج الاسلحة الكيماوية في 1973 بما في ذلك غاز الخردل والسارين وربما أيضا غاز الاعصاب (في اكس).

ولا يعرف على وجه التحديد كميات او تركيبات الاسلحة الكيماوية في مخزونات سوريا. لكن وكالة المخابرات المركزية الامريكية قدرت ان سوريا تملك بضع مئات من اللترات من الاسلحة الكيماوية وتنتج مئات الاطنان من الغازات سنويا.

‘فايننشال تايمز’: الجيش الامريكي درّب قوات أردنية لسيناريو التدخّل

معارضون سوريون يهددون بالتحالف مع القاعدة ان لم يساعدهم الغرب

مجلس الأمن ينهي مهمة المراقبين الدوليين.. وانشقاق ابن عم الشرع

دمشق ـ حلب ـ لندن ـ دبي ـ وكالات: قرر مجلس الامن الدولي امس الخميس انهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سورية بعد نحو اربعة اشهر على بدء هذه المهمة، فيما وجهت روسيا نداء الى القوى الدولية لوقف النزاع في هذا البلد، فيما بثت قناة ‘العربية’ الخميس بيانا منسوبا لأحد أقارب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يعلن فيه انشقاقه عن حكومة الرئيس بشار الأسد.

وفي البيان الذي تلاه شخص قالت قناة ‘العربية’ إنه قريب لنائب الرئيس دعا فيه الجيش للانضمام ‘للثورة’ ضد حكم الأسد.

وقالت العربية إنه في أول ظهور له بعد انشقاقه، أعلن يعرب الشرع، ابن عم نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، في تسجيل خاص بـ ‘العربية’، رسميا انشقاقه عن نظام بشار الأسد وانضمامه إلى صفوف الثورة السورية.

جاء ذلك فيما هدد معارضون في حلب، كبرى مدن شمال سورية، باللجوء الى تنظيم القاعدة طلبا للمساعدة في حال بقي الغرب على رفضه ارسال اسلحة لهم من اجل التصدي لقوات الرئيس بشار الاسد.

وقال ابو عمار احد قياديي المقاتلين المعارضين في باب النصر بوسط حلب التي تشهد معارك عنيفة منذ حوالى شهر ‘لا نريد القاعدة هنا، لكن ان لم يساعدنا احد سوف نتحالف معهم’.

وتابع ‘اراهن على انه اذا ما جاء هؤلاء المقاتلون الى هنا، فسوف يقومون بغسل دماغ للسكان، واذا دخلوا حلب، ستصبح المدينة قاعدة لهم في ثلاثة اشهر فقط’.

وتطالب المعارضة بفرض ‘منطقة حظر جوي’ على غرار ما جرى في ليبيا عام 2011 عند اندلاع الثورة ضد نظام معمر القذافي، او بارسال اسلحة الى مقاتلي الجيش السوري الحر المؤلف من منشقين عن الجيش النظامي ومدنيين مقاتلين والذي يعاني من سوء التجهيز والتسليح امام القوات النظامية.

وقال ابو عمار وهو قيادي معارض اخر ان النظام ‘يملك اسلحة كيميائية يمكنه استخدامها. لديه دبابات وطائرات ومدافع هاون وصواريخ، ونحن ليس لدينا شيء’.

ويحذر الخبراء من انه كلما طال امد النزاع كلما ازدادت مخاطر جنوحه الى التطرف.

وغداة تعليق عضوية سورية في منظمة التعاون الاسلامي، اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بالتآمر على بلاده، محملا اياهما مسؤولية سفك الدم السوري.

في هذا الوقت، استمرت عمليات القصف والاشتباكات وخصوصا في حلب ودمشق واسفرت الخميس عن 84 قتيلا، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقرر مجلس الامن الدولي الخميس انهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سورية، الا انه ايد الدعوات لانشاء مكتب اتصال سياسي في دمشق.

وقال المبعوث الفرنسي في الامم المتحدة جيرار ارو بعد اجتماع عقده المجلس لبحث المسألة السورية، ان ‘شروط استمرار مهمة بعثة المراقبين الدوليين غير متوفرة’، وتنتهي مدة المهمة منتصف ليل الاحد.

وصرح ادموند موليت من قسم حفظ السلام في الامم المتحدة للصحافيين ان ‘هذه المهمة ستنتهي عند منتصف ليل الاحد’. وابتداء من الخميس تم خفض العدد الى مئة مراقب ومراقب و72 موظفا مدنيا. وقال موليت ان اخر مراقب سيغادر دمشق يوم الجمعة الاسبوع المقبل.

وايد مجلس الامن خطة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لفتح مكتب اتصال سياسي في دمشق لمراقبة الاحداث. وصرح للصحافيين ان المكتب سيضم ما بين 20 الى 30 خبيرا في الشؤون السياسية والانسانية والعسكرية.

واضاف ان الرئيس السوري بشار الاسد وافق على انشاء هذا المكتب.

وعلى هامش اجتماع مجلس الامن، حثت روسيا القوى العالمية اضافة الى المملكة العربية السعودية وايران على دعوة الحكومة السورية ومسلحي المعارضة الى وقف النزاع بينهما.

وغداة قرار القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الاسلامي التي اختتمت في مكة ليل الاربعاء الخميس تعليق عضوية سورية في منظمة التعاون الاسلامي والدعوة الى وقف فوري للعنف، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في لقاء مع التلفزيون السوري الرسمي ‘ان’الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لم’تكتفيا’بتجميد عضوية سورية بل’تآمرتا’عليها’وهما مسؤولتان عن’سفك’الدم’السوري’.

واضاف ‘لقد ارسلوا طائرات خاصة لجلب بعض القادة’المترددين لحضور اجتماع مكة’وأقاموا هذا المؤتمر زورا وبهتانا’. ولفت الى ان ‘الطف وصف يطلق عليهم انهم منافقون’.

الى ذلك، كشف المعلم ان’وكيلة’الامين’العام’للامم’المتحدة للشؤون’الانسانية’فاليري اموس اكدت له ان العرب لم يتبرعوا بدولار واحد لمساعدة الشعب السوري.

دبلوماسيا، اعلن مسؤول امريكي الخميس ان بعض الرهائن الايرانيين الذين يحتجزهم مقاتلون معارضون سوريون في سورية ينتمون الى الحرس الثوري الايراني.

الى ذلك كشفت صحيفة ‘فايننشال تايمز’، الخميس، أن القوات الخاصة الأردنية تلقت تدريبات ومشورة من الجيش الأمريكي لتحسين قدراتها بشأن سيناريو للتدخّل في سورية.

وقالت الصحيفة، إن الأردن ما زال يعارض التدخّل العسكري المباشر في سورية، لكن الدبلوماسيين والمحلّلين الغربيين يعتقدون أن قواته المسلّحة تستعد للعب دور محدد من شأنه أن ينطوي على الدخول إلى سورية في مرحلة ما في المستقبل، لتأمين مخزونها من الأسلحة الكيميائية إذا ما دخلت البلاد في حالة من الفوضى.

وأشارت إلى أن المحلّل في مركز الأردن للدراسات الإستراتيجية محمد أبو رمان، يعتقد أن ‘هناك خارطة طريق مع الأمريكيين، قد تدفع الأردنيين للتدخّل من أجل تأمين بعض مواقع الأسلحة الكيميائية عند وقوع خطر’.

وأضافت الصحيفة أن الأردن بدأ يأخذ موقفاً تصعيدياً ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وصار تبادل إطلاق النار عبر الحدود حدثاً عادياً، وتقوم القوات المسلحة الأردنية الآن بشكل إعتيادي بالرد كلما أطلق الجنود السوريون نيران أسلحتهم على اللاجئين المتوجهين إلى الحدود الأردنية.

ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي غربي في عمان وصفته بالبارز قوله إن ‘الرأي العام الأردني هو عامل رئيسي ثان، وأعتقد أن المسؤولين الأردنيين وجدوا أنه تحول من الاشمئزاز إزاء ما يجري في سورية إلى دعم تغيير النظام فيها والانتقال السياسي’.

وأضاف الدبلوماسي الغربي ان ‘القلق في الوقت الراهن لا يرتبط بالامتدادات السياسية للأحداث من سورية إلى الأردن، بل بخروج المناوشات الحدودية عن نطاق السيطرة، أو تسلّل جنود أو عملاء سوريين إلى مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن والتسبب بمشاكل فيها’.

واجرى الاسد الخميس تعديلا وزاريا في حقيبتي الصناعة والعدل، فيما عين وزيرا للصحة خلفا لوائل الحلقي الذي كلف برئاسة الحكومة، حسبما افادت وكالة الانباء الرسمية (سانا).

وذكرت الوكالة ان الاسد ‘اصدر مرسوما يقضي بتسمية عدنان’عبدو السخني وزيرا للصناعة ونجم حمد’الاحمد وزيرا للعدل وسعد عبد’السلام’النايف وزيرا للصحة’.

من جانبه، اعلن الرئيس اللبناني ميشال سليمان انه اجرى اتصالات مع القادة الامنيين لحل مسألة خطف مواطنين سوريين وآخر تركي في لبنان ردا على خطف لبنانيين في سورية، في وقت افيد عن عمليات خطف جديدة طالت سوريين الخميس.

ومع استمرار العنف، اعلنت فاليري اموس في ختام زيارة لسورية ان اكثر من مليون لاجىء سوري يعانون من ‘فقر مدقع’ ويحتاجون الى مساعدات عاجلة.

شبّان سنّة ملثمون قطعوا طريق المصنع ردا على قطع الشيعة طريق المطار

بيروت ـ ‘القدس العربي’ ـ من سعد الياس: ما زالت الساحة اللبنانية تعيش ملامح توتير من بوابة الأزمة السورية، وخصوصاً في ظل الخطف المتبادل الذي اغرق البلاد في موجة من الفوضى والعبثية، واعادت الى اذهان اللبنانيين حقبة الحرب البغيضة وسط ظهور المقنعين بأسلحتهم الرشاشة في بعض مناطق العاصمة وقرى بقاعية، وطغيان المنطق العشائري على صوت الدولة تحت شعار ‘العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم’.

ومع اتساع رقعة التداول بعبارات ‘الجناح العسكري’ لهذه العشيرة او تلك لممارسة عمليات الخطف واطلاق التهديدات في حق الرعايا العرب وتحديد بنك اهداف واسع جداً، إرتفع منسوب التأهب الامني والسياسي والدبلوماسي في مواجهة محاولة الالتفاف على الدولة ومؤسساتها واجهزتها الامنية، ما دفع برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى التشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقيادات سياسية واستتباع المشاورات باجتماع ليلي لقادة الاجهزة الامنية حضره اليهم وزراء الدفاع والداخلية والاعلام عرض تطورات الوضع الميداني، وتخللته جملة اقتراحات لتطويق الوضع من بينها عقد اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع او اعلان حالة طوارئ، الا ان قادة الاجهزة اكدوا ان الامور مضبوطة ولا تستدعي حتى الساعة، اتخاذ خطوات مماثلة الا اذا تطورت الامور في شكل دراماتيكي.

وبعد خطف عشيرة آل المقداد تركياً وسعودياً و20 سورياً رداً على خطف حسان المقداد في دمشق، أفيد أن مجموعة مسلحة من عشيرة آل جعفر دخلت إلى سورية وتحديداً إلى منطقة حمص وخطفت مجموعة من ‘الجيش السوري الحر’.

وتبنت مجموعة سرايا المختار الثقفي عملية خطف أي سوري معارض ويدعم الجيش السوري الحر في لبنان وخارج لبنان. وقال متحدث باسمها: ‘حالياً بدأنا عملنا في بيروت وفي البقاع، وكل يوم سيحمل شيئاً جديداً’. وكشف أنّ مجموعته خطفت الاربعاء خمسة سوريين في بيروت والخميس خمسة في البقاع. وتابع: ‘اي إنسان يتبين أنه يدعم الجيش السوري الحر سيكون هدفاً لنا’. وأضاف: ‘لدينا معلومات أن مشاركين في عمليات الخطف هم من لبنان’.

إلى ذلك، عرضت المؤسسة اللبنانية للإرسال شريطاً مصوراً للمخطوفين السوريين في لبنان من قبل المجموعة المذكورة. وقد أكد المخطوفون في الشريط أنهم مجندون من قبل الجيش السوري الحر، وطالبوا بالافراج عن المخطوفين اللبنانيين بسورية. وأيد أحد المخطوفين النظام السوري بقيادة الرئيس السوري بشار الاسد والامين العام لـ’حزب الله’ السيد حسن نصرالله، معتبراً أن الثورة السورية ليست ثورة.

وفي جديد عمليات الخطف اقدم مجهولون امس على خطف المواطن السوري حسام خشروم من امام مستشفى شتورة بعدما اطلقوا النار على سيارته التي لا تزال متوقفة امام المستشفى.بدورها أعلنت عشيرة آل زعيتر انها اختطفت 4 من الجيش السوري الحر من مستشفيات البقاع وهم كلهم جرحى، احدهم اصابته حرجة. وأشارت الى ان لديها صوراً على الاجهزة الخليوية لكل هؤلاء.

في المقابل، قام شبان سنّة من مجدل عنجر بقطع طريق المصنع – مفرق راشيا بالاطارات المشتعلة والحجارة احتجاجاً على إقفال طريق المطار ليلاً، ونصبوا 3 خيم لكنهم سمحوا بين الحين والآخر بمرور السيارات. واوضح احد المعتصمين ‘ان الاعتصام لن يُزال قبل اطلاق سراح المخطوفين السوريين لدى عشيرة آل المقداد’.’وظهراً اعتدى مجهولون ملثمون على سيارة الصحافي جوزيف ابو فاضل المقرب من قوى 8 آذار بالضرب بالعصي والحجارة وهي من نوع غراند شيروكي سوداء اثناء مروره على طريق المصنع عائداً من سورية، لكنه لم يصب بأذى. فيما تحطم زجاج السيارة. ونتيجة لقطع طريق المصنع، عقد اجتماع في بلدية مجدل عنجر إتفق خلاله على فتح الطريق افساحاً في المجال امام بسط هيبة الدولة وإعادة المخطوفين بعد مفاوضات مع دار الفتوى.

تزامناً، وبعد 24 ساعة على اللقاء الذي جمع في مكة الرئيس التركي عبدالله غول ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بحضور وزيري خارجية البلدين، قام وزير خارجية لبنان عدنان منصور امس بزيارة الى آل المقداد واقترح الافراج عن المختطف التركي، بهدف كسب جهود الجهات التركية لإطلاق سراح حسان المقداد، الأمر الذي رفضه الأهالي، لافتين الى ان المخطوف التركي هو أول من سيتعرّض للأذى في حال تم الإعتداء على حسان. وكشف الناطق الرسمي بإسم آل المقداد ماهر المقداد بعد الزيارة ان ‘منصور سأل عن المواطن التركي ولم يسأل عن المواطن اللبناني، وهذا ما يؤكد قولنا من جرّب مجرب كان عقلو مخرب’.

واكد ان الجناح العسكري لآل المقداد حول عملياته الى انتقائية ولم تعد عشوائية وسينتقي الاهداف بشكل انتقائي، لافتاً إلى ان اي تطور ايجابي في قضية المخطوف حسان المقداد سيؤدي الى الافراج عن المواطن التركي وجميع المخطوفين السوريين، ولكنه شدد على انه عند اي ضرر سيصيب حسان ستتم تصفية المواطن التركي بداية، مشيراً الى ان الجناح العسكري لم ولن يتعرض لاي سعودي او قطري او اي خليجي في لبنان لان لديهم ايادي بيضاء في مساعدة لبنان في المحن.

ونفى ‘ان يكون التقى وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل كما ذكر بعض وسائل الاعلام’. وقال: ‘إن الوزير شربل مرحب به في اي وقت ينوي زيارتنا’. ولفت الى ‘ان آل المقداد هم في انتظار مبادرة الصليب الاحمر الدولي للاطمئنان على صحة حسان الموجود في سورية’.

وبعد الظهر اعلن امين سر رابطة آل مقداد ماهر المقداد في مؤتمر صحافي حضره عضو مجلس الشعب السوري أحمد شلش وقف ما سماها ‘كل العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية لأن عدد المخطوفين السوريين لدينا اصبح كافياً’، واشار الى انه سيعقد مؤتمراً صحافياً اليوم للحديث عن المخطوفين بالتفصيل، مؤكداً اننا ‘لن نتعرض ابداً لاي مواطن خليجي’. وتخلل المؤتمر اشكال لدى استغراب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي المقداد إستخدام تعبير وقف العمليات العسكرية، فحصل هرج ومرج، ما استدعى المصورين والصحافيين الى مغادرة المكان.

وازاء دخول العشائر على الخط، اعتبرت مصادر 14 آذار ان ثورة آل المقداد تشكل ورقة بدل عن ضائع، خصوصاً ان ما اطلق عليه اسم ‘الجناح العسكري’ لهذه العشيرة لم يكن معلوماً ولا معلناً، وان الحالة الشيعية المستجدة التي دخلت بقوة على خط قضية المخطوفين مطلقة تهديدات للرعايا العرب ستنطفئ تماماً كما بدأت، بعدما تبين انها بدأت تتراجع عن بعض المواقف وخصوصاً تهديد العرب ازاء استنفار الدول المعنية دبلوماسييها ودعوة رعاياها الى مغادرة لبنان، ما اضطر هؤلاء الى سحب تهديداتهم وحصرها بالجيش السوري الحر.

واكدت المصادر ان استخدام ورقة العشائر راهناً استدعته الظروف المأزومة لبعض القوى السياسية الداخلية التي باتت عاجزة عن اللعب بأوراق من شأنها تأجيج نار الفتنة المذهبية.

واستغربت ما اشيع عن خطف عناصر من الجيش السوري الحر من الضاحية الجنوبية، وسألت هل من عاقل يصدق ان اي عنصر او مناصر للجيش الحر يتوجه الى منطقة الضاحية حيث معقل حزب الله؟.

ما خلفية استمرار الدعم الروسي للاسد؟

صحف عبرية

في الأسابيع الأخيرة أيضا، حين بدت نهاية نظام الاسد أقرب من أي وقت مضى، تواصل روسيا دعمه على نحو ثابت وغير متنازل. هذا الدعم الروسي، الى جانب الصين، والذي يبث روح حياة في نظام الأسد المهتز، يتواصل منذ بداية الثورة في روسيا، قبل نحو سنة ونصف، وذلك في ظل الاحتكاك مع الاسرة الدولية، ودون مراعاة الضرر الذي يلحق بعلاقاتها مع الغرب ومع دول المنطقة، العاملة على اسقاط نظام الاسد. في المرحلة الحالية أيضا ورغم الضغوط على روسيا، لا يبدو أن في نيتها التراجع عن هذا الدعم.

يصف هذا المقال الاعتبارات التي تقبع خلف سياسة روسيا هذه. هل فضلا عن الادعاء بانها تحمي نظاما مستقرا (الذي يبقى الى أكثر مما كان متوقعا) ودودا لها، مقابل البديل الاسلامي بكل آثاره، تختبىء اعتبارات اخرى، ليست جميعها ترتبط بنظام الاسد مباشرة؟ هاكم، بعضا من الاعتبارات الروسية التي تحرك هذا السلوك في موضوع سوريا:

تشخيص سوريا، الى جانب ايران، كموضع سيطرة أخير في منطقة الشرق الاوسط. هذه كواحدة من نتائج الربيع العربي، والتي في اثنائها وجد الروس أنفسهم يدحرون عن المنطقة عقب الاحتكاك المتعاظم مع الساحة السنية المتعززة القوة، التي بفهم روسيا، تتمتع بتعاون مع الغرب. سقوط سوريا، وليس مستبعدا ايران، لاحقا، يخلق تواصلا من الانظمة المعادية لروسيا في كل المنطقة التي بين شمال افريقيا والصين.

بحمايتها لنظام الاسد، تؤكد روسيا حرصها على مبدأ عدم التدخل الخارجي وعلى حق الشعب السوري في أن يقرر وحده نظامه المستقبلي. وبالفعل، مثلما تبدو الامور في هذه اللحظة، من غير المتوقع تدخل عسكري أجنبي في سوريا، سواء بسبب الموقف الروسي، أم بسبب عجز الغرب، أم بسبب حصانة النظام العسكرية. ويترك الامر المنطقة في أيدي اللاعبين المحليين وبقدر محدود، الخارجيين ايضا، ويمنح روسيا حرية عمل معينة سواء لمساعدة النظام أم لتهيئة البدائل المرغوب فيها من جانبها.

ولكن المشكلة الروسية المركزية في منظومة علاقاتها الخارجية، اضافة الى مواضيع الشرق الاوسط، هي المواجهة مع الغرب، سواء على المستوى العالمي ام على طول حدودها، حيث تعمل على احتواء التحديات من جانب الولايات المتحدة والناتو.

والى ذلك، يمكن الاشارة الى تطورات خطيرة تتعلق بالمناطق الحيوية للامن القومي الروسي في القوقاز، حيث يتحدى الغرب روسيا من خلال الاعمال لفصل جورجيا واذربيجان عن منطقة النفوذ الروسي.

في هذا النشاط تشارك ايضا تركيا في ظل استفزا موازٍ لروسيا وايران. فضلا عن ذلك، تلوح تطورات مقلقة لروسيا في منطقة آسيا الوسطى أيضا، حيث انسحبت هذه الايام اوزباكستان من اتفاق الدفاع الاقليمي بقيادة روسية، الخطوة التي معناها ارتباطها بالغرب، بينما دول اخرى في المنطقة تفكر في السير في أعقابها. وبالطبع، من ناحية روسيا لا شك أن هذا نشاط امريكي تآمري داخل منطقة المصالح الروسية الحيوية هذه. وذلك اضافة الى سلسلة خطوات أمريكية متحدية اخرى، بينها، الازمة المتواصلة حول نصب صواريخ اعتراض مضادة للصواريخ الباليستية (BMD) للولايات المتحدة، بينما روسيا، تدير صراعا عنيدا من أجل تعطيل هذه الخطة. ويتضح من كل هذا بان عمل روسيا في الموضوع السوري، وكذا أيضا في مسألة الصراع ضد البرنامج النووي الايراني، تبدو كعمل موجه لاستغلالهما كورقة مساومة لتحقيق أهدافها في مفاوضاتها مع الغرب. في الاشهر الاخيرة، ولا سيما منذ عودة بوتين الى كرسي الرئاسة، يجري حوار روسي امريكي عنيد وعديد الازمات. عمليا يرفض الامريكيون قائمة المطالب الروسية، عقب الدفع الى الامام بمواظبة لمخططاتهم الاستراتيجية، المذكورة في قسم منها أعلاه. في افضل الاحوال يعرض على روسيا، لقاء التعاون مع الشرق الاوسط، مقابلا غير كاف، برأيها. على أي حال، في هذه المواضيع لم تصدر بعد الكلمة الاخيرة.

إضافة الى ذلك، والى جانب الاعتبارات الروسية العالمية المذكورة، كانت سوريا ولا تزال حلقة حيوية على نحو خاص في جملة المصالح الروسية، أكثر بكثير من مسألة بقاء النظام. في هذا الواقع، عندما يبدو أن الرمل في ساعة الاسد آخذ في النفاد، فان روسيا تجري حوارا موازيا مع كل الاطراف المشاركة، وعلى رأسها مع الغرب، مع اللاعبين الاقليميين ومع محافل المعارضة السورية.

نطاق النقاش الاساس من ناحية روسيا هو تحقيق تفاهم يسمح لها بالحفاظ على مكانتها في سوريا حتى بعد انصراف الاسد، واقل من ذلك فانها لن تتعاون مع الخطى لتغيير الحكم في سوريا. في الواقع الناشىء، معقول أنه ليس في نية روسيا سحب تواجدها في سوريا وهي ستتطلع الى أن تبقى لاعبا فاعلا في كل انعطافة ممكنة، قد تنشأ في سوريا. فضلا عن ذلك، يتبين أنه في غياب حل مقبول على روسيا، فان هذه لا تمتنع عن اي سيناريو، حتى ولا أكثرها خطورة.

وفي اطار ذلك تذكر امكانيات تفكيك سوريا الى عناصر متعددة، مع أو بدون الاسد، وعلى رأس ذلك فقدان القدرة العامة على الحكم في سوريا وتدهورها الى الفوضى المطلقة. لا يدور الحديث بالضرورة عن المبادرة الى سيناريو الفوضى او تفضيله، بل عن التطلع نحو استغلاله كرافعة للضغط، وذلك لان الروسي يشخصون فضائل نسبية في الصيد في الماء العكرة، يسمح لهم بتحدي الغرب. وهكذا يأملون بتحقيق اهدافهم، التي تتضمن الاستجابة الى المطالب آنفة الذكر في جبهات أخرى وكذا ضمان مكانة تأثير روسيا على التسويات المستقبلية في سوريا.

يشار الى انه في أثناء الايام الاخيرة حشدت وحدات من الاسطول الروسي أمام شواطىء سوريا. وحتى لو لم يكن واضحا تماما بعد هدفها، فيحتمل أن تكون هذه القوة تأتي بالفعل كتعبير عن سيناريو فقدان القدرة على الحكم، كقوة ردع من التدخل الخارجي، لحماية وانقاذ جهات في الحكم السوري والعناصر الروسية الامنية والاقليمية، المرابطة في سوريا. في القوة البحرية الروسية، التي تجمعت على مدى عدة اسابيع من ثلاث ساحات بحرية مختلفة، يوجد نحو 14 وسيلة ابحار، بما في ذلك سفن حربية وسفن للتموين وكذا سفن انزال مع أكثر من ألف مقاتل انزال. ويذكر أيضا أن نحو عشرين وسيلة ابحار، بينها حاملة طائرات وغواصات نووية، زارت المنطقة في أثناء السنة الماضية.

وتجدر الاشارة الى أنه في المواضيع موضع البحث لا يوجد اجماع مطلق في روسيا نفسها. من بين الاراء التي تطلق في وسائل الاعلام هناك من يدعو الى مواصلة السياسة الحالية كرافعة أساس لاستغلال الوضع في صالح المصالح الروسية، فيما أن المسألة الايرانية ايضا تندرج بالطبع في هذا الموضوع. بالمقابل، هناك من يحذر من التورط وفقدان الوجه لروسيا في ضوء التدهور نحو عنف لا يمكن ضبطه في سوريا.

من غير المستبعد ان تخلق هذه التطورات معضلة لاسرائيل أيضا، التي تقف جانبا، حاليا دون اي فعل، ولكن بقلق متعاظم بشأن سيناريوهات المستقبل، والتي لا يكون بوسعها فيها ان تمتنع عن الرد على جزء من السيناريوهات المتشددة (مثل موضوع السلاح الكيماوي). يبدو أنه في هذه السياقات ايضا يجب الاخذ بالحسبان دور روسيا كجهة نافذة في الشؤون السورية في المستقبل أيضا.

نظرة عليا 16/8/2012

مجدل شمس في الجولان منقسمة بين دعم بشار والمعارضة.. حرب شعارات

سورية: لجنة تقوم على المحاصصة بين الداخل والخارج لليوم التالي.. ومخاوف حرب اهلية في لبنان بعد الاختطافات

لندن ـ ‘القدس العربي’: وصل الوضع في سورية نقطة اللاعودة، تقرير الامم المتحدة في احداث مجزرة الحولة في ايار (مايو) يشير لتورط النظام، فالعنف والقتل والاعتداءات الجنسية تعتبر ‘سياسة دولة’، حيث اشار التقرير الى ان بشار الاسد وحكومته متورطون في انتهاكات فظة لحقوق الانسان، وعدد التقرير عددا منها وهي القتل بدون سبب والهجمات التي لا تميز بين المقاتل والمدني والاعتداءات الجنسية، اضافة الى ممارسات للاجهزة الامنية من التعذيب والاغتيال والقتل بدون محاكمة، ويقدم التقرير صورة قاتمة للوضع في سورية.

ولم يوفر التقرير قوات المعارضة من الاتهامات لكنه قال انها ليست بمستوى الخطورة التي تمارسها ميليشيات النظام ‘الشبيحة’. وقام التقرير على 700 مقابلة اضافة لصورة وادلة طب شرعي وما الى ذلك، ويعيد التقرير امام توجيه اتهامات للنظام وازلامه بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية. فالاتهامات التي يقدمها للنظام تعتبر ادانة له فهو متهم بقتل المعتقلين والجرحى بل واعدام عائلاتهم فيما يقوم قناصته بقتل من يمشي على الارض ايا كان مقاتلا ام مدنيا.

والقتل لم يكن مقتصرا على الحولة او القبير بل تكررت اشكاله في كل المدن التي شهدت معارك بين الجيش وقوات المقاتلين، مثل حمص. وقد زادت خبرات النظام في مجال التعذيب في الانتفاضة وهو النظام المعروف باساليبه القاسية قبلها، فقد كشف التقرير عن ممارسات مع المعتقلين تشمل الضرب على اخمص اقدامهم، وتعليقهم من ارجلهم في الجدار وتجويعهم وجعلهم يقلدون الكلاب واجبارهم على قول ‘لا اله الا بشار’، كما تعرض الكثيرون منهم في المعتقل او اثناء تفتيش بيوتهم لاغتصاب.

ويؤكد التقرير نشاط الجماعات الاسلامية المتشددة التي اعلن بعضها عن ارتباطه بالقاعدة، حيث ارتكب افرادها اضافة لمقاتلي الجيش الحر عمليات اعدام للجنود الذين يلقى القبض عليهم. وكان الجيش الحر قد اصدر يوم الاربعاء بيانا طلب من كل افراده اتباع اصول القتال، خاصة بعد تصوير افراده وهم يعدمون في وضح النهار افراد عشيرة مؤيدة للنظام في حلب. وكان مبعوث بريطانيا الخاص للمعارضة جون ويلكس قد طلب من ممثلين سياسيين للجيش الحر في حلب باحترام حقوق الانسان وحماية الاقليات وذلك اثناء لقاء معهم في اسطنبول.

لجنة ممثلة

وتدعو الدول الغربية الداعمة للمعارضة الاتفاق على اجندة موحدة وحكومة انتقالية مجمع عليها، ونقلت صحيفة ‘الغارديان’ التي اشارت قبل يومين الى فقدان فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا الثقة بالمجلس الوطني السوري، عن مسؤولين غربيين وعرب ان الجامعة العربية تلقت ترشيحات لتشكيل لجنة تدرس المرحلة القادمة وهو ما توصل اليه اجتماع القاهرة الذي نظمه فرع مركز ‘بروكينغز’ الامريكي في قطر وجمع ممثلين عن معارضة المنفى والداخل وسفير امريكا في دمشق روبرت فورد الذي استدعته حكومته، وويلكس، بداية هذا الشهر.

وقالت المصادر ان 21 ممثلا سيتم تقسيمهم بشكل متساو تقريبا بين المجلس الوطني السوري والاكراد السوريين والجيش الحر ولجان التنسيق المحلية وستعمل اللجنة على اعداد مسودة نهائية في مقرات الجامعة العربية في القاهرة. وستتفق على ما تأمل الجامعة العربية لمسودة تفتح الطريق امام عقد اجتماع يمثل كل اطراف المعارضة في ايلول (سبتمبر) المقبل.

حرب الاختطافات

ومشكلة الحرب السورية انها لم تعد تدور في داخل حدود البلد المهدد باكثر من سيناريو، مثل التفكك على نفس الخطوط التي صنعها الاستعمار الفرنسي في بدايات القرن العشرين، وما كان يخشاه الكثيرون بدأ يتحقق فنذر الحرب الاهلية بدأت تؤثر على دول الجوار خاصة تركيا التي تدعم المعارضة ولديها طائفة علوية، كما بدأ الاردن يتأثر بموجات اللاجئين ، ويظهر تقرير ‘فايننشال تايمز’ ملامح مخاوف اردنية من اثر الازمة حيث كشفت عن تلقي القوات الاردنية الخاصة تدريبات امريكية لمواجهة اي سيناريو محتمل، ولعل البلد الاكثر تأثرا بازمة سورية هو لبنان المنقسم بين مؤيد ومعارض للنظام السوري، فيوجد فيه اكبر حليف لنظام دمشق، ومن هنا فعملية اختطاف عشيرة آل مقداد لسوريين قالت انهم من الجيش الحر، وسعودي وتركي، والتي جاءت ردا على اختطاف احد ابنائها من الجيش الحر، تهدد الهدوء الهش بين الجماعات السياسية اللبنانية التي قسمتها الحرب في سورية بشكل بدأت نذر الحرب الاهلية تطل برأسها بعد تخلص البلد منها وعاشها اكثر من خمسة عشرعاما.

وتحدث تقرير في ‘الغارديان’ عن مخاوف لبنانيين عاديين التقتهم في بيروت قولهم ان هناك قوى تريد اشعال الحرب الاهلية. وتقول الصحيفة ان الدولة البوليسية القوية الى الشرق من لبنان ـ سورية ـ كان ينظر اليها اللبنانيون كصمام امان الرغم من التأثير الكبير الذي مارسه المسؤولون السوريون على المؤسسة اللبنانية. ولكن سورية تتمزق الآن وعليه يخشى كثيرون ممن اتصلت بهم الصحيفة انه ليس هناك ما يمكن فعله لحماية البلد من الاضطراب مع انهم عبروا عن احساس بالغرابة ان تقود هذه الاضطرابات لحرب اهلية. ومع ذلك هناك اعتراف من المؤسسة السياسية حتى ممن يتحدثون بكلام بيزنطي يشعرون ان البلاد تقف على منعطف خطير، حيث اشارت الصحيفة الى تصريحات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي قال ان ما شكل قبل 90 عاما يقترب من النهاية ولن يتم انقاذه الا بادارة جيدة للازمة. ويعني جنبلاط بالنظام هو فصل لبنان عن سورية الكبرى بعد نهاية الدولة العثمانية، فقد كثر الحديث عن دولة علوية ـ ستقام حالة سقطت دمشق وانتقل الاسد للاذقية واعلن عن دولة هناك، مما سيؤثر على مصير لبنان، خاصة ان حزب الله يستثمر كل طاقته من اجل نجاة نظام الاسد الذي ظل عاملا مهما في بقائه هو في لبنان وصموده امام اسرائيل. ونهايته تعني نهاية الحلف ـ السوري – الايراني وحزب الله. وتنقل الصحيفة مخاوف لبنانيين، خاصة في مناطق شيعية قولهم ان شيئا ما سيحدث خلال الاشهر الستة القادمة ‘شيء ما سيحدث’.

ونقلت عن مستشار سياسي بارز قوله انه يخشى من عدم قدرة لبنان تحمل اشهرا من التوتر ـ ناهيك عن اعادة ترسيم الحدود، واضاف ان لا السنة او الشيعة يريدون مواجهة بعضهم البعض ‘انا مقتنع بهذا ولكن من بيده ابطاء التيار والى اين سيقودنا هذا’. وقد يواجه السنة والشيعة بعضهم البعض لان طبيعة الصراع في سورية لم تعد بين طرفين يريد احدهما السيطرة عليها ولكنها حرب بالوكالة، فالتوتر في لبنان ناجم عن دعم سعودي قطري للجيش الحر يؤثر على مواقف سنة لبنان واخر دعم ايران ـ حزب الله لسورية ويلقى تأييدا من شيعة لبنان والعلويين فيه. وبناء على هذه الصورة لا يستبعد محللون ان تكون الاختطافات بداية للفوضى والانفلات الامني.

حرس ثوري

وفي تقرير لصحيفة ‘نيويورك تايمز’ جاء فيه نقلا عن مسؤولين امريكيين قولهم انهم حصلوا على معلومات موثوق فيها ان 48 ايرانيا القى المقاتلون القبض عليهم هذا الشهر في دمشق هم من اعضاء الحرس الثوري الايراني وليسوا حجاجا كانوا في طريقهم لزيارة مقام السيدة زينب. وجاءت المعلومات في وقت صعدت فيه ادارة اوباما من لهجتها ضد ايران واتهمتها بالتدخل في سورية وقيامها بتدريب ميليشيا ‘الشعب’ وهي شيعية كي تخفف الضغط عن الجيش السوري. وتقول الصحيفة انها لم تتمكن من الحصول على تفاصيل حول هوية الايرانيين لان المسؤولين رفضوا لحساسية الموضوع واثره على التشارك الاستخباراتي في المنطقة، ولكن مسؤولا امريكيا قال ‘تلقينا اشارات تظهر ان بعض ركاب الحافلة هم من الحرس الثوري الايراني ومعتقلون لدى الجيش الحر’.

وكانت الحكومة الايرانية قد وجهت نداء لحكومة بشار الاسد المساعدة على اطلاق سراح المعتقلين وكذلك لتركيا جارة سورية القوية التي تدعم المعارضة. وكان ليون بانيتا، وزير الدفاع الامريكي ورئيس هيئة الاركان مارتن ديمبسي قد وجها انتقادا لايران ودورها في مساعدة النظام، حيث فسر البعض تصريحاتهم بانها تعني المعتقلين الايرانيين لدى الجيش الحر. وقالت الصحيفة ان عددا من زوار السيدة زينب شككوا في رواية ايران، حيث نقلت عن البائع ابو حيدر، وهو شيعي من العراق انه لم ير زائرا ايرانيا منذ عدة شهور. ولوحظ ان المكان هادىء وان الفندق الذي ينزل فيه عادة الزوار الايرانيون خال، حيث قال تجار واصحاب محلات ان اعداد الزوار بدأت تقل بعد اشهر من بداية الانتفاضة العام الماضي.

حرب في مجدل شمس

ولم يؤثر الصراع على الجانب اللبناني فقط بل وعلى الجانب الاخر المحتل من الجولان اي بلدة مجدل شمس والبلدات الدرزية الاخرى حيث نقلت مجلة ‘تايم’ عن تقرير لوكالة اسوشيتد برس من مجدل شمس في الجولان. واشار التقرير الى ان النقاشات الحادة بين مؤيدي النظام ومعارضيه اثرت على علاقة زوج وزوجته وعلى علاقات الجيران فيما بينهم. وقال التقرير ان الجانبين المتحاربين شنا حربا من خلال الشعارات الجدارية ومواقع على الانترنت. وفي الشهر الماضي رمى مؤيدو النظام معارضيهم بالبيض والاحذية والحجارة وذلك في شجار بينهما، مما دعا قادة المجتمع الدرزي لمنع التظاهرات السياسية في البلدات الدرزية الاربع في الجولان. ويقول احد سكان البلدة ‘عندما نتقابل الان نصرخ على بعضنا بدلا من السلام’.

ووصل الانشقاق بين المعسكرين لتهديده حفل زفاف سيعقد في الشهر القادم حيث وصل حد النزاع الى الغاء تقاليد الزيارة قبل الزفاف بين عائلة العروس والعريس الموزعة الولاء بين الاسد والمعارضة. ولم يمنع الحظر على النقاشات السياسية مواصلة الحرب بين الطرفين من خلال حرب الشعارات ‘يسقط بشار الاسد’ و’الله، سورية ـ بشار’، ونفس الامر واضح في مواقع الانترنت بين من نشر منها مقالات تهكمية ـ مقاتل يعود لسورية للعلاج مجانا وفي موقع ‘الجولان’ واخرى حول مأساة اللاجئين، وبين مشاجرة زوج وزوجته اجبرها على تغيير موقفها ودعم المعارضة ومزارع يصف المقاتلين بالحمير ينقسم دروز الجولان المحتل بين بشار والمعارضة. يذكر ان مواقع بلدات الجولان هي ‘الجولان’ و’جولان تايمز’ و’جولاني’.

من عامل في ‘غاب’ الى جلاد

واختار مراسل صحيفة ‘ديلي تلغراف’ قصة يمان حمود الذي كان يوزع وقته قبل الانتفاضة بين العمل في متجر ‘غاب’ في دبي ومواصلة الدراسة في جامعة حلب. وقال انه انضم للجيش الحر واصبح جزءا من فرقة اعتقلت عضوا في الشبيحة. ويقول انه بعد اخذ ورد مع قائد وحدته حصلوا على اذن بقتله حيث اخذوه الى مقبرة ووضعوه في حفرة واطلقوا عليه النار. ومع انه غير نادم على فعله الا انه يظل يفكر بامه التي تدعوه الى تجنب القتل، ويعلق قائلا ‘ولكن علينا ان نفعل هذا لان الشبيحة قتلوا الكثيرين’. ويعترف التقرير ان ممارسات الجيش الحر لا تقارن بممارسات النظام، لكن ‘هيومن رايتس ووتش’، سجلت عدة حالات قام بها مقاتلو الجيش الحر باعدامات للاسرى. ويقول التقرير ان القتل كان يحدث في بعض الحالات بعد محاكمة قصيرة وفي حالات اخرى كان قرار الاعدام يصدر حالا. وكان يمان قد انضم للجيش الحر بعد اقتحامات قام بها الجيش لجامعته حيث اعتقل في واحدة منها صديق له علق في معصميه لساعات طويلة، اضافة لاستماعه لقصص عن اغتصاب طالبات.

ويتحدث يمان عن حالات قتل سجل بعضها على هاتفه النقال منها شبيح كان متخفيا بزي امرأة اعتقل على نقطة تفتيش. وتقول الصحيفة ان قائد كتيبة التوحيد قد دافع عن قتل عدد من افراد عشيرة مري، قائلا انه تمت محاكمتهم ومع ان يمان لم يكن من فرقة الاعدام الا انه لا يشعر بالندم على قتلهم.

مقاتلو المعارضة في سورية يواجهون معركة أخرى لكسب قلوب وعقول السكان

حلب (سورية) ـ رويترز: عند نقطة تفتيش في حلب تفصل بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة الذين يحاربون قوات الرئيس بشار الأسد يقترب أحد السكان من مجموعة من جنود القوات الحكومية ليهنئهم على ‘تطهير’ الحي من ‘الميليشيات الإرهابية’.

ويقول ‘انا أعرف مواقع الإرهابيين’ مستخدما الكلمة التي تستعين بها الحكومة للإشارة إلى مقاتلي المعارضة مضيفا ‘يمكن ان أساعدكم على التخلص منهم. حماك الله يا بشار’.

ولسوء حظه كانت القوات عند نقطة التفتيش هذه قوات من المعارضة وحين أدرك المقاتلون انه كان يظنهم جنود الاسد ضربوه واحتجزوه.

وتشير هذه الواقعة في حي سيف الدولة إلى الطريق الطويل الذي مازال يتعين على مقاتلي المعارضة قطعه – بعد 17 شهرا من احتجاجات الشوارع والصراع المسلح – لكسب ود سكان حلب أكبر المدن السورية التي ظلت على هامش الصراع في العام الأول من الأزمة.

وحتى بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة على أكثر من نصف مدينة حلب في الشهر الماضي مازالت الريبة تجاه مقاتلي المعارضة قائمة في المركز التجاري لسورية حيث كان رجال الأعمال يكافأون على ولائهم لحكم عائلة الأسد. وما زال بعض ممن يؤيدون مقاتلي المعارضة يتوجسون من الإعلان عن ذلك. ويشكو بعض السكان من أن المقاتلين جلبوا معهم العنف إلى مدينتهم الهادئة نسبيا. بينما ينتظر كثيرون انتهاء الصراع ليروا من سيخرج منه منتصرا.

وقالت نشطة تطلق على نفسها اسم نور الإسلام ‘هناك البعض في مجتمعاتنا في حلب يريدون ان يسقط بشار لكنهم لا يتفقون مع المقاومة المسلحة’.

وقالت نور الإسلام التي تتسلل من منزلها لتصوير المعارك ونشر اللقطات على الانترنت إن ممثلي المعارضة في أحياء راقية بحلب يعتقدون أن الجيش السوري الحر تصرف بشكل مندفع حين حاول السيطرة على الأرض بدلا من تحقيق أهداف أبسط في البداية مثل حماية مظاهرات الشوارع المناهضة للأسد.

وعلى عكس مدن مثل دير الزور وحمص اللتين تحملتا قصف الجيش طوال شهور لم تشهد حلب الاضطرابات إلا في الآونة الأخيرة. وقالت نور الإسلام ‘لم يروا دبابات في مدينتهم ولا سقوط قذائف على رؤوسهم لذلك فإنهم لا يرون حاجة للثوار’. والمقاتلون انفسهم ليسوا من حلب بل من الريف. وتختلف لهجتهم عن اللهجة السائدة في المدينة وهم يزينون أذرعهم بأوشام من ابيات الشعر وصور لقلوب وسهام.

وتجيء معركتهم التي يخوضونها لكسب قلوب وعقول سكان حلب في مواجهة الولاء المتراكم منذ زمن طويل للأسد الذي تحركه جزئيا المصالح التجارية. وقال فواز ذكري (47 عاما) وهو عضو في المجلس الوطني السوري المعارض وتاجر حبوب إن الأسد ووالده حافظ الاسد الذي ظل يحكم سورية طوال 30 عاما قبل وفاته عام 2000 بذلا مجهودا كبيرا للاحتفاظ بولاء المدينة.

وقال ذكري إن نظام الأسد اشترى ولاء رجال الأعمال ورجال الدين في المدينة.

وأضاف أنه منذ الثمانينات كان النظام يحاول دائما تجنب وقوع أي اضطرابات سياسية في حلب لأنها القلب الاقتصادي للبلاد.

ومنحت السلطات تجار حلب عقودا مربحة وقال ذكري إنه حتى إذا كان رجال الأعمال لا يتفقون فعلا مع النظام فسيظلون صامتين حتى لا يفقدوا مصالحهم.

كما يصعب كسر الخوف الذي ظل قائما بعد 42 عاما من حكم عائلة الأسد في حلب حتى رغم أن بلدات أخرى في انتفاضة صريحة منذ أكثر من عام.

كان يتبقى أمام محمود باشا (21 عاما) عاما واحدا فقط في جامعة حلب ليتخرج ويصبح مهندس كهرباء عندما اندلعت الاضطرابات في سورية. وقال ‘رأى والدي مدى الوحشية التي يعامل بها المواطنون الذين يتهمون بأنهم أفراد من المعارضة في مدينتنا’.

وأضاف ‘رأى كيف أن الدبابات تجرهم في الشوارع. لذلك قال لن أسمح أبدا بأن يحدث هذا لابني وانضم إلى البعث’ في إشارة إلى الحزب الحاكم الذي ظلت السلطة في يده نحو نصف قرن.

وقال باشا وهو الآن من مقاتلي المعارضة في لواء أبو بكر الصديق إن والده حتى اليوم موال للأسد ويعارض عمله مع مقاتلي المعارضة. وقال ‘عودت حكومة الأسد السوريين على الطاعة والخوف منها. حاجز الخوف هذا ليس من السهل كسره’.

ظلت النشطة سلمى (35 عاما) التي تعيش في حي ما زالت تسيطر عليه القوات الحكومية طوال أسابيع تتسلل إلى المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة لتصوير المعارك وتوثيق أثرها على حياة المواطن العادي.

وشأنها شأن الكثير من نشطاء ومقاتلي المعارضة فإنها تستخدم اسما مستعارا بسبب الخطر الحقيقي المتمثل في احتمال ضبط الامن السوري لها خاصة انها ما زالت تعيش في الحي الخاضع لسيطرتهم.

بين أوقات التصوير بكاميرتها الصغيرة تمضي وقتا طويلا وهي تتحدث مع المقاتلين الريفيين حول السبب الذي يجعل سكان حلب لا يؤيدون الثورة أو مقاتلي الجيش السوري الحر.

وقالت ‘النظام دموي.. مرت أسرنا بمراحل مروعة كانت ترى فيها ابناءها يعودون في حالة يرثى لها من سجون الأسد.. هذا إن عادوا أصلا… لن أجرؤ حتى على التحدث بشكل سلبي عن عائلة الأسد مع أفراد أسرتي.. نعيش في خوف الى هذه الدرجة’.

وعلى الجبهة يشعر مقاتلو المعارضة باحتقار للتردد الذي يبديه سكان المدينة. وهم يقولون إن الانتفاضة هي صرخة ممن لم تتح لهم فرصة للتعليم او الاثراء او التمتع بالسلطة على عكس سكان مدينة حلب.

وقال زكريا غير (45 عاما) وهو خطاط من اعزاز ‘ثورتنا ثورة كرامة. الرجل الذي لا مال له لا كرامة له ونحن غير قادرين على الحصول على تلك الثروة’.

وقال ‘لم أكن سأحصل على فرصة قط لإقامة مشروع ما لم أعرف الأشخاص الملائمين لرشوتهم. لقد سئم الناس هذه المعاملة وهذه الحياة وهم يريدون التحرر منها ولهذا قامت الثورة’.

ومضى يقول ‘الناس في حلب يعيشون حياة مريحة بالفعل وكان نظام الأسد يعاملهم بشكل جيد جدا فلماذا ينتفضون؟’. ولا يخفي مقاتلون آخرون هذه المرارة التي يشعرون بها.

وقال عمر أبو شامي لرويترز في حي صلاح الدين ‘جميعهم جبناء وخونة.. ليس هناك رجال في حلب… كنت انتشل جثثا من صلاح الدين والناس حولي كانوا يحملقون فقط ولم يساعدوني. تحتاج حلب شخصا أكثر وحشية من بشار لإيقاظهم’.

الصين تدعو سورية الى وقف اطلاق النار والقبول بوساطة

بكين ـ ا ف ب: دعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي الخميس سورية الى تطبيق وقف اطلاق نار والقبول بوساطة دولية لوقف العنف الذي تشهده البلاد، متوجها بكلامه الى بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد التي تزور الصين.

وقال يانغ جيشي متوجها الى بثينة شعبان ان ‘الصين تحض الحكومة السورية وجميع الاطراف المعنية (…) على تطبيق وقف اطلاق نار على وجه السرعة لوضع حد للعنف والشروع في حوار سياسي’ بحسب ما ورد في بيان حكومي.

واعرب يانغ عن الامل بان ‘تتعاون الحكومة الصينية والمعارضة مع جهود الوساطة الدولية’، بحسب ما جاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية على موقعها الالكتروني.

وسبق ان دعت الصين الى حوار سياسي في سورية وحضت الامم المتحدة على بذل جهود لتسوية الازمة في هذا البلد. وانضمت الصين الى روسيا لعرقلة ثلاثة مشاريع قرارات في مجلس الامن الدولي تهدف الى تشديد الضغوط على النظام السوري.

من جهتها قالت شعبان التي وصلت الى بكين الثلاثاء ان نظام الرئيس بشار الاسد على استعداد للتعاون مع جهود الوساطة الدولية طارحة احتمال التحاور مع المعارضة.

وقالت في تصريحات صحافية ان ‘الحكومة السورية ستتعاون مع جهود الوساطة الدولية بحثا عن سبيل لوقف العنف، ومع المعارضة من اجل اطلاق حوار موسع يشارك فيه جميع الاطراف’.

وانتقدت شعبان في مقابلة مع صحيفة تشاينا ديلي الحكومية الخميس الدول الغربية متهمة اياها بنقل الاسلحة والاموال الى ‘الاشخاص الذي يحضون على الحرب الاهلية في سوريا’.

ورفضت شعبان في المقابلة استخدام كلمة ‘المعارضة’ للاشارة الى المناهضين للرئيس السوري، مؤكدة ان هؤلاء هم اشخاص ‘تسلحهم قوى خارجية وتشجعهم على ممارسة عمليات الخطف والقتل وتدمير المنشآت الحكومية’.

السوريون تائهون بين «المعادي» و«الصديق»

عاش آلاف السوريين المقيمين في لبنان ليلة عصيبة، أول من أمس. على وقع تقسيم المناطق بين «صديقة» و«معادية»، والشائعات الكثيرة عن عمليات خطف للسوريين في مختلف المناطق، تنقلوا بحذر بحثاً عن لقمة الخبز وهرباً من الخطف والقتل الذي يلاحقهم اينما حلّوا

بسام القنطار

على مقربة من تقاطع الصنائع ــ فردان يقلّب أمين (11 عاماً) القمامة بعجلة، علّه يجد فيها بقايا التنك والزجاج والبلاستيك. يبتسم ابن محافظة الرقة عند سؤاله عن جنسيته، يستمهل الاجابة قبل التأكد من شخصية السائل وهدف السؤال. يقيم امين في منطقة البسطة، وهو قرّر أمس ان يبدأ عمله كالعادة عند السادسة صباحاً، لكنه قد يعود باكراً اذا استطاع ملء كيس الخيش الكبير الذي يجرّه. سمع امين من اصدقائه عن حالات الخطف التي طالت العشرات من الشباب السوريين. لم يبد خوفاً أو هلعاً. ربما تسعفه ملامح الطفولة التي لم تستطع محوها حاويات القمامة التي تشكل مصدر قوته اليومي.

كذلك محمد (17 عاماً) الذي يعمل في مقهى في شارع الحمراء، ويسكن هناك مع عدد من زملائه. من دونهم لا يمكن لرواد المقاهي ان ينفثوا دخان نراجيلهم. «من البيت الى الشغل ولا اتنقّل خلال الليل». يقول ابن دير الزور، إنه لم يسمع عن مضايقات تعرض لها زملاؤه: «الحمراء امان مش زي الضاحية».

يوافق محمد الأحمد الذي يعمل ناطوراً في بلدة بشامون على ما قاله محمد. لذلك استدعى شقيقه أحمد الذي يعمل ناطوراً في منطقة الشويفات الى منزله في بشامون. «نريد أن يمر رمضان بخير وان نعيّد معاً» يقول. يعرف أنها «ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها السوري للضرب والخطف والقتل. في السابق كان الواحد منا بس يتضايق يهجّ على بلدو بس هلق وين نروح؟».

«وين نروح؟» هو لسان حال آلاف السوريين العاملين في لبنان. منهم من يعيش هنا منذ سنوات، ومنهم من نزحوا بسبب الاحداث التي تحولت الى حرب حقيقية في العديد من المناطق.

البقاع

في البقاع قسّم السوريون السهل الى مربعات: مناطق صديقة واخرى معادية وثالثة رمادية. أصبح التجوال في هذه المربعات دقيقاً وحذراً. في المناطق الصديقة الداعمة للثورة السورية، يتابع السوريون يومياتهم بشكل اعتيادي في البقاع الغربي وراشيا وبعض نواحي البقاع الاوسط الذي صنّف جزء منه «منطقة رمادية». اما في المناطق التي صنفوها معادية، فيمتنعون عن التجوال، كحال العامل الزراعي احمد م. (من ريف ادلب) الذي ترك العمل في ارض زراعية قرب مدينة بعلبك بناء على نصيحة «المعلم اللي قال لي فلّ حتى تروق الاوضاع». «انت سوري؟» سؤال طرحه ملثمون قرب شتورة على م.ح.ع.، الذي كان متوجها الى مكان عمله في ورشة بناء :»نعم. قلت لهم ولكنهم أصرّوا على أن يعرفوا ما اذا كنت مع النظام او ضده». يتابع «اسمعتهم رنين هاتفي الذي يمجد الرئيس بشار (الاسد) فاطلقوا سراحي بعد ضربي على الخفيف». المضايقة الصغيرة التي تعرض لها م. لم تكن من نصيب السوري ــ اللبناني (يحمل الجنسيتين) حسام خشروم الذي خطف قرب مستشفى شتورة من قبل مجهولين الى جهة مجهولة. خطف حسام قيل الكثير عنه في البقاع الاوسط. «الخبرية» الأولى عن حسام انه خطف لاسباب مالية، والاخرى تقول انه خطف لانه يوالي الجيش الحر، والثالثة ان فتاة استدرجته فخطف من دون معرفة السبب الحقيقي. لكن الثابت وفق الاجهزة الامنية اللبنانية في البقاع ان خشروم خطف الى جهة مجهولة. انباء خطف السوريين في البقاع التي كانت في معظمها «اشاعات» اعلامية، ادخلت المنطقة في كرّ وفرّ. الامن الاجتماعي اهتز على وقع طبول حرب الشائعات. اختطاف 5 سوريين هنا. مقتل سوري هناك. مناصرون للمعارضة السورية يختطفون موالين للنظام السوري. معارضون سوريون في سهل البقاع يختطفون «مقداديين». آل جعفر تسللوا الى منطقة حمص وخطفوا مجموعة كبيرة من الجيش الحر وهم في طريق العودة. آل زعيتر خطفوا أربعة جرحى سوريين من مستشفيات البقاع. «خبريات» بقيت دون ادلة.

عاليه

في عاليه طغى الحذر وترقب الوضع الأمني على أفراد الجالية السورية، وأكّد أحد العمّال من دير الزور أن منطقة رأس الجبل، الواقعة بين كيفون ــ سوق الغرب وعاليه، شهدت انتشارا مسلحاً كثيفاً، وهذا الأمر حال دون ذهابه إلى العمل «بسبب الوضع الأمني المتوتر».

عامل آخر رفض الكشف عن اسمه رأى «أنّ الوضع الأمني لا يدعو للقلق كثيراً، وذلك بفعل التطمينات التي أتتنا من الحزب التقدّمي الاشتراكي الذي اعلن انه سيمنع أي أحد من التعرّض لنا». وقالت مصادر لـ«الأخبار» إنّ «التدابير الأمنية، أمس، لم تكن حول منازل وقصور السعوديين والقطريين في عاليه فقط، بل كانت هناك نقاط أمنية في جميع أنحاء المدينة».

وفي الإطار عينه، أكّد رئيس بلديّة بحمدون الضيعة وليد خير الله لـ«الأخبار» أنّ البيان الذي صدر عن البلديّة في ما يتعلّق بمنع تجوّل العمّال السوريين داخل البلدة من الساعة الثامنة مساءً حتّى السادسة صباحاً لا علاقة له بالوضع الأمني المستجّد، بل هو نتيجة محاولة اعتداء على طفل عمره 7 سنوات من قبل عامل سوري. وكانت صفحات التواصل الاجتماعي قد تناقلت بيان بلدية بحمدون بالكثير من الاستهجان ووصفته بأنه عنصري، خصوصاً انه موجه حصراً الى العمال السوريين، ما يعكس النظرة الدونية الى هؤلاء ومحاولة تحميلهم العواقب الأمنية والاجتماعية من خلال ممارسة العقاب الجماعي ضدهم.

الجنوب

جنوباً، لم يكن للتهديدات التي طالت السوريين وقع شديد لأسباب عدة، منها بحسب بعض السوريين أن «آل المقداد حيّدوا الجنوب عن المناطق التي سيستهدفون فيها مناصرين للجيش السوري الحر»، فيما لفت آخرون إلى أن البلدات الجنوبية لا تجذب معارضي النظام «نظراً لسيطرة القوى والأحزاب المحلية الحليفة له». مع ذلك، لم يخف العمال السوريون والعائلات النازحة في صور تحديداً، خشيتهم من تعرضهم لردات فعل انتقامية في المنطقة التي دفع اثنان من أبنائها ثمن الأحداث السورية. في إشارة إلى الشاب لؤي منصور من بلدة معروب المفقود منذ أكثر من أسبوع في دمشق، وعباس حمود من بلدة شيحين، أحد المختطفين الـ11. هؤلاء قصدوا رؤساء البلديات ومسؤولي الأحزاب المحلية الذين طمأنوهم إلى سلامتهم وعدم التعرض لهم. فيما أشار مصدر أمني لـ«الأخبار» إلى انحسار حركة السوريين في الجنوب عموماً في الأيام الماضية والتزامهم أماكن سكنهم وعملهم. وإذا كان السوريون قد خففوا تحركاتهم، إلا أن الأتراك ألغوها تماماً. فقد التزم الجنود وعناصر الوحدة التركية العاملة ضمن قوات اليونيفيل مقرّهم في بلدة الشعيتية (قضاء صور) بناءً على توصيات من الأجهزة الأمنية اللبنانية. وذلك على سبيل الاحتياط في مواجهة التهديدات التي أطلقها البعض لاختطاف رعايا أتراك في لبنان احتجاجاً على الدور التركي في قضية المخطوفين الـ11. وكان الأتراك الذين تتمحور أنشطتهم في إطار الخدمات والمشاريع في بلدات عدة من قضاء صور، قد خفّفوا من تحركاتهم منذ بدء القضية إلى أن التزموا مقرّهم كلياً أول من أمس.

(شارك في التغطية:

عفيف دياب، ميلا ريدان، آمال خليل)

ين حزب الله وآل المقداد للضاحية «موازين قواها»

محمد نزال

:ليست ثمة صورة تذكارية للنائب أحمد فتفت في الضاحية. ربما لديه واحدة، الله أعلم، ولكنها غير منشورة بعد. فتفت لا يعلم أين يقع حي ماضي أو الشارع العريض أو حي المقداد أو الرمل العالي. ربما سمع عن الأخير بعد حادثة مقتل الطفلين، برصاص قوى الأمن، قبل 5 سنوات. النائب الشمالي لا يعرف شيئاً عن أبناء جنوب بيروت، ولا هو خبير بـ«موازين القوى» في تلك المنطقة. لكنه، رغم ذلك، كانت لديه الجرأة، أول من أمس، لأن يطل من خلال قناة «الجزيرة» القطرية، ليعلن أن «حزب الله يؤمن الغطاء لمن يقوم بعمليات الخطف وقطع الطرقات».

كيف لحزب الله أن يقنع فتفت بعدم صحة هذا الإتهام؟ المهمة صعبة لا ريب. أصلاً، خلال اليومين الماضيين، كان بعض أهالي الضاحية، ومنهم مؤيدون للحزب، يرفضون تصديق أن ما يفعله أبناء عشيرة المقداد هو بقرار ذاتي منهم، وأن الحزب ليس هو المحرك الأساس، ولو من خلف ستار، لكل ما يحصل. ربما يعطي هذا بعض العذر لفتفت. لكن، في الواقع، ثمة «تركيبة» في الضاحية، شديدة التعقيد، لا يمكن استيضاحها إلا بعيشها عن كثب أو من خلال دراسة اجتماعية موضوعية.

يفيد هنا، ربما، أن يعرف فتفت، ومن لديه الإتهام ذاته، أنه قبل نحو شهرين، في منطقة الرويس في الضاحية، أفرغ أشخاص من آل المقداد مادة البنزين على مسؤول حزب الله في المنطقة، ومعه نجله، وأرادا إحراقهما حيّين. حصل هذا على مرأى ومسمع كثيرين. القوى الأمنية سجلت ما حصل في محضرها. الجيش حضر بـ 7 ملالات والكثير من عربات الهامفي، لتفادي تطور الإشتباكات المسلحة، التي حصلت بين الطرفين.

توفيق، من أبناء الضاحية الذين امتلأت قلوبهم ملاحظات على حزب الله، كان يقف أمس قبالة الشجرة المنتصبة عند مدخل حي المقداد. بعد أن رأى ما رأى، قرر أن يبدأ البحث جدياً عن سكن خارج الضاحية، التي «كان فيها بعض الخارجين على القانون يرهبوننا، بسبب ومن دون سبب، فماذا تتوقع منهم الآن أن يفعلوا بعد أن شاهدوا الدنيا كلها تراقب بصمت كل هذا الخطف والسلاح العلني؟». يدرك الشاب، الذي عاش حياته كلها في الضاحية، أن حزب الله، رغم وجود أشخاص من آل المقداد في صفوفه، هو «أعجز عن المَونة على عائلات تحكمها العقلية العشائرية، في ظل الدولة الشبح طبعاً». لا تحتاج المسألة إلى كثير بحث. يكفي النزول إلى حي المقداد، عند جادة هادي نصرالله، أو حيهم الآخر قرب الغبيري، وسؤالهم عن رأيهم بحزب الله. طبعاً لن تجدهم يقولون بقول فتفت، ولكن، حتماً، ستجد أن منسوب «الغيرة» على الحزب ليس مرتفعاً عند قسم لا بأس به منهم. يوم أول من أمس، أثناء إعداد رابطة آل المقداد لبيانها حول عمليات الخطف، ذكروا في بيانهم: «نقول للسيد حسن نصر الله انه يمون على أهالي المختطفين إنما لا يمون على آل المقداد». حاول أحدهم التدخل، بهدف «تلطيف» العبارة قليلاً، فما كان من الباقين إلا أن صدوه، وأبقوا العبارة على حالها.

شائعة تكاد تشعل طرابلس

استنفرت طرابلس على وقع شائعة خطف سوريين منها ومن المنية. انتشر المسلّحون في أحياء المدينة، وحول المستشفيات التي تحوي جرحى الجيش السوري الحر. وعلى وقع التوتر، عقدت فعاليات المدينة ثلاثة اجتماعات اتفقت على التهدئة

عبد الكافي الصمد

مجرد شائعة كانت كافية لأن تحوّل طرابلس من مدينة تستعد لاستقبال عيد الفطر، إلى مدينة يسودها التوتر الشديد، وسط انتشار مسلح ظهر في بعض أحياء المدينة وتهديدات بتنفيذ عملية خطف، ما استدعى عقد أكثر من اجتماع لاحتواء الموقف. فلم تمض سوى دقائق معدودة على ما أشيع، بعد عصر أول من أمس، عن أن عناصر من «الجيش السوري الحر» قد اختطفوا في طرابلس والمنية في «عملية أمنية نوعية» على أيادي شبان من آل المقداد ومقربين منهم، حتى ساد هرج ومرج في المدينة وجعل أسواقها وأحياءها تضطرب لفترة امتدت ساعات عدة.

هذه الشائعات فسّرها البعض على أنها محاولة لافتعال توتر أمني بين داعمي المعارضة السورية مع مؤيدي حزب الله في الشمال، أبرزهم آل الموري في الزاهرية وكمال الخير في المنية.

أجواء الاحتقان والترقب التي خيّمت على جميع المناطق أول من أمس، دفعت شبّاناً من منطقتي باب التبانة والقبة تحديداً للنزول إلى الشارع مُزودين بأسلحة حربية، متوعدين بأنه إذا تأكد فعلاً حصول عملية خطف في طرابلس فإنهم سينفذون عمليات خطف مضادة.

بعض أصحاب الرؤوس الحامية ذهبوا في تحركهم إلى حدّ التهديد بإقامة حواجز في طرابلس وعند بعض مداخلها، واختطاف مواطنين على أساس مذهبي (تحديداً من أبناء الأقلية الشيعية في عكار والكورة، وممّن يقيم منهم في طرابلس)، الأمر الذي دفع قوى سياسية ودينية وفاعليات المدينة إلى الاستنفار وعقد 3 اجتماعات متتابعة، التقت فيها على هدف واحد هو احتواء الوضع قبل انفلاته من عقاله.

وترافق ذلك مع انتشار مجموعات مسلحة في محيط بعض المستشفيات التي تؤوي عدداً من الجرحى السوريين، وسط تراجع لافت لظهور السوريين في شوارع المدينة، سواء كانوا عمالاً أو نازحين، خوفاً من تعرّضهم لاعتداءات؛ بينما كانت الحدود الشمالية وفق شهود عيان، تشهد عودة عائلات سورية نازحة إلى بلادها.

الاجتماع الأول الذي عقد في منزل النائب معين المرعبي في طرابلس حمل طابعاً سياسياً من لون واحد، إذ حضره نواب تيار المستقبل وشخصيات دينية مقربة منه أو تدور في فلكه. ومع أن المجتمعين أدانوا «كل عمليات الخطف التي تطال المدنيين»، فإنهم رفضوا أن «تعمم الفوضى تحت عنوان ردات الفعل، أو أن يُعمم الخطف في ظل العجز الفاضح للجيش والقوى الأمنية التي من واجبها ردع المخلين بالأمن»، معتبرين أن النظام في سوريا «ما زال يسعى من خلال عملائه في لبنان إلى تصدير أزمته الخانقة، تارة عن طريق الاغتيالات وطوراً بزرع الفوضى وضرب السلم الأهلي وإحداث الفتن». لكن المجتمعين الذين طالبوا بـ«انتشار فعلي وحقيقي وفاعل للجيش اللبناني في المناطق الساخنة في عكار وطرابلس وعرسال»، طلبوا كذلك من الأمم المتحدة ومجلس الأمن «تطبيق القرار 1701 تحت الفصل السابع، ونشر قوات أممية على الحدود مع سوريا لمساندة الجيش اللبناني».

أما الاجتماع الثاني فعقد في دار إفتاء طرابلس بدعوة من المفتي مالك الشعار الذي أجرى اتصالات تحضيرية مكثفة له وألغى مواعيده المسبقة، وحضرته فاعليات سياسية ودينية، في «محاولة لتهدئة الأجواء على الأرض، لأن الوضع أصبح قابلاً للانفجار في أي لحظة»، وفق تعبير مصادر مطلعة شاركت في التحضير لعقد اللقاء.

وأكدت المصادر لـ«الأخبار» أن «أغلب من يفترض أنهم معنيين باللقاء شاركوا فيه، وتحديداً المشايخ والقوى الإسلامية، فضلاً عن مسؤول استخبارات الجيش اللبناني في الشمال العقيد عامر الحسن». أوضحت أن حسام الصباغ، أحد أبرز الوجوه الإسلامية في طرابلس التي تعدّ مقربة فكرّياً من تنظيم القاعدة، شارك فيه أيضاً، في مؤشر حمل أكثر من دلالة ومغزى. وأشارت المصادر إلى أن «أجواء قلقة سبقت عقد اللقاء سادت في طرابلس، خشية حصول ردود فعل سلبية على عمليات الخطف، لأن مداخلات بعض من حضروا اللقاء دعت إلى تنفيذ عمليات خطف مضادة حتى لا يظهروا كأنهم مهزومون ومكسورون وفق تعبيرهم، وأنه إذا استمرت عمليات الخطف فعليهم أن يردوا بالمثل». لكن المصادر أكدت أن «أصوات التهدئة كانت كفّتها راجحة بين الحاضرين، انطلاقاً من محاذير الوقوع في فخاخ ينصبها البعض للمدينة لإدخالها في متاهة وأجواء فتنة». ودعت إلى «عدم إعطاء الفرصة للمصطادين في الماء العكر من أجل نقل الصراع إلى المدينة، وقطع الطريق عليهم، لأن لا مصلحة لأحد في طرابلس بذلك».

أما الاجتماع الثالث فعقد في مسجد حربا في منطقة باب التبانة وحضرته فاعليات من المنطقة.

غير أن ما ميّز هذا الاجتماع ليس فقط كون أغلب من شاركوا فيه ينتمون إلى فئات شعبية واجتماعية ودينية في المنطقة، بل لأنه اتهم، وفق بيان صدر عن المجتمعين، حزب الله بأنه «استخدم العشائر والعائلات واجهةً بعد فشل مشروع ميشال سماحة لإيقاع حرب أهلية في لبنان تصديراً للأزمة السورية».

واعتبر البيان أن «الدولة اللبنانية هي المُخوّلة معالجة ملف المخطوفين»، مع مطالبتها بالقيام بواجبها لجهة «حماية النازحين السوريين وسائر المستهدفين من عرب وأتراك لئلا يضطر أهل النخوة والكرامة إلى القيام بذلك».

وطالب البيان «عقلاء الطائفة الشيعية باتخاذ موقف مما يجري لئلا يحسب سكوتهم إقراراً ورضى بما يفعله السفهاء».

الجيش بين نارين

هيام القصيفي

اين هو القرار السياسي الذي اعلنه رئيس الجمهورية امس قبل ترؤسه جلسة الحوار كي يضبط الجيش والقوى الامنية كل الامور في البلاد، بعدما كاد اللعب على حافة الهاوية يودي بالحد الادنى من الامن، ويطيح صورة البلد امام الرأي العام العربي والدولي؟ واذا كانت هذه اللحظات المصيرية لا تستأهل عقد المجلس الاعلى للدفاع، فالارجح ان هناك من يرى ان النار اللبنانية لا تزال تحتاج الى المزيد كي تأكل الاخضر واليابس. هل هناك فعلا تعليمات واضحة للقوى الامنية، وهل صحيح ايضا أن قادة الاجهزة الامنية ليست لديهم «حاجات خاصة للوضع المستجد»؟

لم يكن سهلا على الجيش في الايام الاخيرة ان يجد نفسه مطوقاً من اكثر من جهة، وان يتلقى سهاماً من اكثر من طرف. في الشمال كان نواب «المستقبل» يتلقون جرعة دعم من الامين العام للتيار احمد الحريري، الذي انتقد ملاحقة الجيش للنائب معين المرعبي، متهما اياه بالطائفية وبتزامن الدعوى مع توقيف الوزير السابق ميشال سماحة. سارع نواب التيار الى عقد لقاء في دارة المرعبي الذي تلا بيانا باسمهم، امام صورة الرئيس الراحل رفيق الحريري. انتقد فيه مجددا الجيش، فيما كانت قناة «المستقبل» تكرر بث كلام المرعبي الذي يقول فيه ان ملف الجيش ضده «فارغ وطق حنك».

في الوقت ذاته كانت عشيرة آل المقداد تتحرك، ويشن «جناحها العسكري» حملة خطف واسعة، تطال من يعتبرهم آل المقداد عناصر في «الجيش السوري الحر»، وينتشر مئات من اصحاب الدراجات النارية لقطع طريق المطار مهددين بخطف رعايا عرب واتراك. تتنادى دول الخليج العربي الى سحب رعاياها والتهديد بطرد اللبنانيين منها، ويتحرك اهالي مجدل عنجر لقطع طريق المصنع واقامة حواجز.

بدا الجيش امس مكبلا الى حد غير مطمئن. ثمة فريق ظهر بوضوح وكأنه اتخذ قراراً بتطويقه، على مستوى عال، الى حد الحصول على تغطية كاملة من الامين العام لـ«المستقبل»، بعدما سبق للاخير ان اتصل بقائد الجيش جان قهوجي متبرئا من المرعبي، اثر ارسال الرئيس سعد الحريري مسؤول أمنه الشخصي، عبد عرب، الى اليرزة للغاية ذاتها. قرار المستقبل ليس عبثياً، ولم يأت وفق لحظة مرحلية. ثمة من يعرف تماماً ان هذا الوقت فرصة ثمينة للابتزاز السياسي والعسكري، في وقت يشعر فيه هذا الفريق بأنه على باب قوسين من الانتصار في سوريا ولبنان.

في المقلب الآخر، تدور عمليات خطف واسعة، تضع لبنان تحت المجهر الدولي، وتعرّضه لمساءلة المنظمات الدولية. يظهر مسلحون مقنعون على الشاشات يهدّدون ويتوعدون. تُقطع طريق المطار، فيصبح الجيش اسير لعبة الكرّ والفرّ. تُفتح الطريق التي يجب ألّا تُقطع اصلاً، لو كانت الحكومة والسلطة السياسية اتخذتا قراراً على مستوى يواكب خطورة الوضع يغطي مواجهة من هذا النوع.

يعرف العسكريون تماما مدى كلفة التدخل العسكري لمنع الخطف وتحرير المخطوفين، ومنع قطع الطرق، فيحاولون حل الاشكالات بالمفاوضات الشاقة. لكن اي عملية تحرير او منع مئات الشبان المدججين بالسلاح الابيض والسكاكين، مواجهة مكلفة ودامية، ولا سيما مع العشائر والعائلات. حتى حزب الله نفسه لا يقترب منها كما هي حاله مع ما يحدث يوميا داخل احياء الضاحية الجنوبية. والثمن المكلف يحتاج الى تغطية سياسية على مستوى المسؤولية، لكن لا احد يبدو مستعداً لتحملها.

قبل ذلك مواجهات في عكار، وطرابلس، وعمليات خطف وخطف متبادلة بين قرى وبلدات سنية وعلوية، احتقان في طرابلس، سني ــ سني وسني ــ علوي.

الجيش اليوم بين نارين. ثلاثة من ضباطه وعسكرييه في السجن بسبب حادثة الكويخات، والسياسيون تدخلوا لاعادة سجنهم بعدما افرج عنهم. وثمة رواية مكتملة العناصر عن اتصال التهديد الهاتفي الذي تلقاه احد القضاة من احد مرجعياته لاعادة سجن هؤلاء. فضلاً عن حدث اطلاق موقوفي فتح الاسلام من سجن رومية، وسط احتقان عارم داخل المؤسسة، واطلاق شادي المولوي.

ثمة قرار لا تريد السلطة السياسية ان تتخذه، كما يحدث في كل دول العالم، لتغطية تدخل الجيش. تريد السلطة السياسية قرارات اعلامية وبالمفرق، في لحظة يتهاوى فيها الوضع الامني، وتعمل على تغطية عجزها الداخلي بالهروب الى الامام، والاختباء وراء اعذار سياسية. الحكومة غائبة والسلطة السياسية عاجزة عن اتخاذ قرار بحجم خطورة الوضع. والجيش لا يريد اراقة دم جديد في اي ساحة من دون قرار سياسي.

والخطورة ليست في الغياب شبه التام للسلطة، بل في محاولة تبرير ما لا يبرر، والخطورة ايضاً قد تكون في ان ثمة من يريد اعادة العسكر الى الثكن، لأن المرحلة التي يقبل عليها البلد تحتاج الى كل شيء ما عدا ضبط الامن.

السوريون بين رغبات الحياة ومتطلبات الموت

لميس فرحات

يتحدى السوريون القصف والنار باستمرارهم في ممارسة حياتهم العادية وإقامة حفلات الزواج والاحتفاء بالمواليد الجدد. لكنهم لا يشعرون بالفرح لا بحفلات الزفاف ولا حتى بالمواليد الجدد لأن فرح الولادة يقترن بغصة الموت.

أشارت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها من مدينة حلب السورية إلى أن الكثير من الآباء يسمون مواليدهم الجدد على أسماء أقاربهم الذين قضوا إما في المعارك أو تحت القصف.

ورغم لجوء عدد كبير من السوريين إلى البلدان المجاورة طلباً للأمان، إلا أن من بقي في الداخل السوري أكثر بكثير، وهؤلاء يحاولون دائماً حل المعادلة الصعبة: كيف السبيل للموازنة بين الرغبة في الحياة الطبيعية وشرور الحرب؟

رامز عبد الله (25 عاماً) أراد إلغاء حفل زواجه في كانون الأول الماضي (ديسمبر)، لأنه اعتقد أنه من غير المناسب إقامة حفل زفاف فيما يموت الناس في أنحاء سوريا، إلا أن العروس وعائلته أصروا أن يقام الحفل.

ونقلت صحيفة الـ “نيويورك تايمز” عن رامز قوله إن “الأزمة الاقتصادية بدأت بالتفاقم، والاحتفالات باتت غير مناسبة مع الأوضاع السورية. وأنا أفضل أن احتفظ بالنقود لأمر أهم، لعدم معرفتنا بما يخبئه المستقبل لنا، ومن الصعب أيضا أن نحتفل بزفافنا ومع وجود أعداد كبيرة من إخواننا القتلى”.

لكن خطيبته رفضت كلياً فكرة الاستغناء عن حفلة زفافها، مصممة على أن هذا اليوم الذي انتظرته طوال حياتها ولن يتكرر. وقام رامز بتلبية مطالب العروس والعائلة، إلا أن حفل الزفاف لم يتم بشكل طبيعي، حيث تعذر على أولئك الذين يسكنون خارج دمشق من العائلة والأصدقاء القدوم إلى العاصمة، بينما قاطع الحفل من يميل إلى رأي آخر مفاده بأنه من غير المناسب إقامة حفل زفاف وسط الحرب وسفك الدم.

وفي السيا ق نفسه، أصبحت الجامعات أيضاً أكثر صعوبة. إذ يقول طالب طب في جامعة دمشق، رفض الكشف عن اسمه، إن الفصول الدراسية غالبيتها مستمرة لكن المظاهرات والاشتباكات تزيد من صعوبة تركيز الطلاب على الدراسة.

ويضيف: “الدراسة تزداد صعوبة منذ اندلاع الثورة، لكن معظم الطلاب يضعون تحصيلهم العلمي في قمة أولوياتهم، لدرجة أن بعضهم يضعون حياتهم على المحك من أجل تقديم الامتحانات”.

ونقلت الصحيفة عن أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية ملحم شاوول قوله إن الناس في الحروب يميلون إلى تقليص دائرة نشاطهم، كنوع من الانطواء الذاتي، مضيفاً: “يعيش الناس في دوائر أصغر من المعتاد، يلتقون بنفس الأشخاص، ويبقون بجوار طائفتهم”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب تشهد عادة انخفاضاً في عدد المواليد، لكن هذا لا ينطبق على الوضع في سوريا. وارتفاع حالات الولادة في الشهور الأخيرة لا يعني أنها ارتبطت بظاهر الفرحة والإحتفال، فهذه الحالات لم تكن سلسة وتتسم بفقدان الشعور بالسعادة.

وفوجئ أبو مصطفى بزوجته تعاني آلام المخاض في اليوم الذي وصل فيه القتال إلى حيهم، وغادر بسيارته مع زوجته وسط مئات السيارات المكتظة بالناس الباحثين عن ملجأ آمن.

ويضيف أبو مصطفى بأن مدينته كانت مختلفة في ذلك اليوم عما كانت عليه في السابق: “رأيت الناس يغادرون منازلهم حاملين كل ما يحتاجونه من ملابس وبطانيات وطعام. حاولت الوصول لمستشفى الولادة في المدينة لكن لم يكن هناك مكاناً لزوجتي حيث إن المستشفى مشغول بالكامل”.

“كدت أفقد عقلي وأنا أسمع بكاء زوجتي من الألم ودعاء والدتي طالبة رحمة الله بنا. كنت أصرخ على موظفي المستشفى وهم يصرخون: إنها حرب، حرب!” يذكر أبو مصطفى بأسى. في النهاية اضطر إلى قيادة سيارته لساعات طويلة حتى يصل قرية أهل زوجته حيث انتظرتهم قابلة ساعدت أم مصطفى في ولادة أول طفل لها بعد معاناة طويلة.

وقال أبو مصطفى الذي سمى ابنه مصطفى تيمنا بأخ زوجته الذي قتل في ساحة المعركة: “هذه هي سوريا، قتل مصطفى وولد مصطفى جديد. إن معظم المواليد الجدد يسمون تيمناً بأولئك الذين قتلوا. ومهما يقتل النظام، فإننا مستعدون لتعويض من رحلوا بمواليد جدد”.

وأوضحت الصحيفة أن معظم حالات الولادة تمت في ظروف غير ملائمة للنساء اللواتي يعانين عادة من حالة نفسية صعبة أثناء الولادة، حيث وجدن أنفسهن في مستشفيات ملأى بجرحى المواجهات والدماء.

وكان يأمل العديد من السوريين في أوائل العام 2011 وسط موجة الربيع العربي بحدوث تغيير سريع يمهد الطريق أمام مزيج من التحدي والرهبة من العواقب المبهمة. ومع تباين الاوضاع في نفوس السوريين، لجأ الكثير منهم إلى الحدود التركية واللبنانية تاركين أحلامهم بالرجوع لسوريا معلقة، فيما أصر البعض الآخر على التعايش بالحزن والأسى والخوف وسط القتال.

تداعيات النزاع السوري تنعكس أزمة رهائن في لبنان تذكر بالحرب

أ. ف. ب.

تتردد أصداء النزاع السوري مرة أخرى في لبنان على شكل أزمة رهائن توتر البلد وتستنفر حكومته وتذكر بممارسات الحرب الاهلية (1975-1990).

بيروت: في خطوة تشكل سابقة في لبنان منذ عمليات خطف الاجانب والخطف على الهوية خلال الحرب، تحتجز عشيرة شيعية منذ الاربعاء اكثر من عشرين سوريا، حسبما أكدت، من “عناصر الجيش السوري الحر او مموليه او المرتبطين به”، وذلك ردا على اعلان الجيش الحر قبل يومين خطف احد ابناء العشيرة حسان المقداد في دمشق.

واثارت هذه العمليات الهلع لدى مواطنين من دول الخليج الذين غادر قسم كبير منهم لبنان تجاوبا مع دعوات بهذا الصدد من حكوماتهم، لا سيما ان شاشات التلفزة نقلت تهديدات من اقرباء المخطوفين اللبنانيين في سوريا تطال الدول الداعمة للمعارضة السورية، لا سيما قطر والسعودية.

واعلنت رابطة عشيرة آل المقداد الشيعية مسؤوليتها عن معظم عمليات الخطف، مشيرة الى ان “الجناح العسكري” فيها اقدم على تنفيذ العمليات في مناطق لبنانية مختلفة. وهي المرة الاولى التي يعلن فيها عن مثل هذا الجناح.

وعشيرة آل المقداد عشيرة شيعية نافذة، ويوجد مقر رابطتها في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعتبر معقلا لحزب الله الشيعي. واكدت العشيرة انها لا تحظى باي تغطية من حزب الله او من حركة امل الشيعيين، ابرز حلفاء النظام السوري في لبنان. وقد رفض الحزب والحركة التعليق على عمليات الخطف.

وابلغ ماهر المقداد، امين سر رابطة آل المقداد التي تمثل العشيرة، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس الخميس ان الرابطة “اوقفت عملياتها العسكرية” وانها “ستكتفي بعدد المخطوفين لديها الذين لن تفرج عنهم قبل الافراج عن حسان المقداد”.

واضاف ان الضحية الاولى بين المخطوفين سيكون الرهينة التركي “الذي سيكون اول من يقتل في حال قتل ابننا في سوريا”. وافاد مصدر امني ان اربعة مسلحين اقدموا صباح الخميس على خطف السوري حسام يحيى خشروم من مواليد 1970 في بلدة جلالا قرب شتورا في منطقة البقاع (شرق لبنان)، بعد ان اعترضوه خلال مروره بسيارته في المنطقة.

واكد ماهر المقداد ان عدد المخطوفين لدى ابناء العشيرة “يفوق العشرين”. وكان حاتم المقداد، شقيق حسان المقداد، اعلن الاربعاء ان عدد المخطوفين 33. وتسري شائعات عديدة عن خطف مواطنين سوريين هنا وهناك، بعضها تأكد وبعضها الآخر تبين انه عار عن الصحة.

وفي لبنان المنقسم اصلا بين مؤيدين للنظام السوري ومتحمسين للمعارضة، تطورت الامور سريعا على الارض واتخذت بعدا طائفيا. فقد قام عدد كبير من اقرباء الشيعة الاحد عشر المخطوفين في سوريا منذ 22 ايار/مايو مساء الاربعاء بقطع طريق مطار بيروت الدولي جنوب العاصمة بالاطارات المشتعلة لساعات طويلة ومنعوا اي سيارة من المرور من والى المطار.

وتخللت قطع الطريق مشاهد غضب وشتائم ضد الدولة وكل من تركيا وقطر التي يتهمها اهالي المخطوفين بدعم المعارضين السوريين والجيش الحر، وحتى تهديدات بخطف مواطني هذه الدول.

وفي خطوة مضادة، قطع عدد كبير من السنة منذ الاربعاء وحتى عصر الخميس عند نقطة المصنع الحدودية في شرق البلاد الطريق بالخيم والعوائق ويوقفون السيارات المتوجهة الى سوريا او القادمة منها ويسمحون بمرور بعضها ويمنعون سيارات اخرى. ويؤكدون انهم لن يفتحوا الطريق قبل الافراج عن المواطنين السوريين.

واعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الخميس ان “استنابات قضائية” ستصدر في حق “كل من أخل بالامن” وان “طريق المطار لن تقطع بعد اليوم”. وانعقد بعد ظهر الخميس مجلس الوزراء للبحث في حل المسألة.

وسبق ذلك اعلان ميقاتي ان وفدا من هيئة الحوار الوطني التي تضم ممثلين عن كل الاطراف اللبنانية والتي التامت اليوم برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيقوم “بجولة على الدول المؤثرة في المسألة بهدف الضغط والسعي للافراج عن المخطوفين في سوريا”.

وكان ميقاتي اكد الاربعاء “ان اعمال الخطف مرفوضة (…) وتعيدنا الى حقبات الحرب الاليمة التي عزم اللبنانيون على طي صفحتها”. وقال سليمان الخميس انه اجرى اتصالات مع القادة الامنيين لحل مسالة الخطف والخطف المضاد، معربا عن امله في ان تحل المسالة “دبلوماسيا”.

واضاف “ان شاء الله يتم اطلاق المخطوفين اللبنانيين في سوريا والافراج عن المخطوفين السوريين في لبنان”. وقال المقداد ان اجتماعا حصل بين ممثلين عن الرابطة ووزير الخارجية اللبناني عدنان منصور المحسوب على حركة امل، مشيرا الى ان الوزير لم يسأل الا عن المواطن التركي المخطوف، وطلب الافراج عنه، لكن العشيرة رفضت.

واكدت وزارة الخارجية التركية ان احد مواطنيها ويدعى ايدين توفان تيكين خطف في بيروت الاربعاء، مشيرة الى ان الوزارة والسفارة التركية في بيروت “تبذلان جهودا مكثفة من اجل الافراج عن مواطننا المخطوف سالما”.

وبث تلفزيون “المؤسسة اللبنانية للارسال” الاربعاء مقابلة مع التركي المخطوفي قال ان الخاطفين اصطحبوه اليه. وقال المواطن التركي انه في صحة جيدة وانه يعامل معاملة حسنة. وقال ماهر المقداد “منذ اربعة اشهر والحكومة اللبنانية تقول انها تتفاوض حول المخطوفين الـ11 ولم يتمكنوا بعد من تحريرهم”، مضيفا “بعد ان خطف ابن عائلتنا، اضطررنا لتحصيل حقنا بيدنا”.

معارضون يهددون بطلب المساعدة من القاعدة إن لم يساعدهم الغرب

أ. ف. ب.

هدد معارضون في حلب، كبرى مدن شمال سوريا، باللجوء الى تنظيم القاعدة طلبًا للمساعدة في حال بقي الغرب على رفضه إرسال اسلحة لهم من أجل التصدي لقوات الرئيس بشار الأسد.

حلب: يسعى المقاتلون المعارضون للرئيس السوري بشار الأسد إلى إيجاد أي وسيلة تمكنهم من التصدي لعنف قوات النظام. وهدد معارضون بطلب المساعدة من القاعدة إذا رفض الغرب مدهم بالسلاح اللازم لمواجهة القوات النظامية.

وقال ابو عمار احد قياديي المقاتلين المعارضين في باب النصر في وسط حلب التي تشهد معارك عنيفة منذ حوالي شهر: “لا نريد القاعدة هنا، لكن إن لم يساعدنا أحد سوف نتحالف معها”. وتابع: “اراهن على أنه اذا ما جاء هؤلاء المقاتلون الى هنا، فسوف يقومون بغسل دماغ للسكان. واذا دخلوا حلب، ستصبح المدينة قاعدة لهم في ثلاثة اشهر فقط”.

وتدعو المعارضة ضد نظام الرئيس بشار الاسد باستمرار الاسرة الدولية المشلولة بفعل انقساماتها الى التحرك لمنع قوات الاسد من الاستمرار في قمع الحركة الاحتجاجية التي انطلقت سلمية وتحولت نزاعًا مسلحًا شيئًا فشيئًا.

وتطالب المعارضة بفرض “منطقة حظر جوي” على غرار ما جرى في ليبيا عام 2011 عند اندلاع الثورة ضد نظام معمر القذافي، أو بارسال اسلحة الى مقاتلي الجيش السوري الحر المؤلف من منشقين عن الجيش النظامي ومدنيين مقاتلين، والذي يعاني من سوء التجهيز والتسليح امام القوات النظامية.

وقال ابو عمار وهو قيادي معارض آخر إن النظام “يملك اسلحة كيميائية يمكنه استخدامها. لديه دبابات وطائرات ومدافع هاون وصواريخ، ونحن ليس لدينا شيء”. ويحذر الخبراء من أنه كلما طال امد النزاع كلما ازدادت مخاطر جنوحه الى التطرف.

وافادت تقارير في الاشهر الاخيرة عن وصول جهاديين الى سوريا عبر تركيا، غير أن العديد من المقاتلين والخبراء اكدوا أن القاعدة غير موجودة في سوريا كقوة منظمة. وقُتل محامٍ تركي يدعى عثمان قرهان وهو ملاحق في بلاده لاتهامه بالارتباط بالقاعدة في معارك في حلب.

ولفت خبراء الى أنه إن لم تكن القاعدة موجودة كمنظمة على الارض في سوريا، فإن بعض المجموعات بدأت تستخدم اساليبها، ذاكرين مثالاً على ذلك العملية الانتحارية المزدوجة بالسيارة المفخخة التي اوقعت 55 قتيلاً في ايار/مايو في دمشق.

ورفضت واشنطن رسميًا ارسال اسلحة الى المقاتلين المعارضين السوريين خشية أن تقع بين ايدي القاعدة، وهي التي لطالما اتهمت سوريا بغض النظر عن الجهاديين الذين يعبرون اراضيها للقتال في العراق. وفي شباط/فبراير ساند زعيم القاعدة ايمن الظواهري صراحة “الانتفاضة” في سوريا غير أن المعارضين اعتبروا دعوته بمثابة “تدخل” في الشؤون الداخلية.

وتؤكد دمشق منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في اذار/مارس 2011 أنها تقاتل “مجموعات ارهابية مسلحة” تتهمها بالسعي الى زرع الفوضى في البلاد في اطار “مؤامرة” يدعمها الخارج. وتندد المعارضة بهذا الخطاب مشددة على أنها تطالب بالحرية والديموقراطية في حين أن المجموعات مثل القاعدة هدفها اقامة دولة اسلامية.

غير أن المعارضين منقسمون حول هذا الموضوع ويبدو بعضهم على استعداد للتحالف مع المجموعات الاكثر تطرفًا سعيًا منهم للاطاحة بنظام الاسد.

وقال براء الحلبي الناشط في حلب إن “الهدف الرئيسي هو وقف اراقة الدماء في حلب. واذ لم يساعدنا الغرب ولا العرب، فسوف نطلب من القاعدة أن توقف حمام الدم هذا”، مؤكدًا أن هذا النوع من التحالف لن يكون سوى موقت.

واضاف: “يعود لسكان حلب في نهاية المطاف أن يقرروا مستقبلهم. والشعب الذي انتفض وقاتل طاغية مثل بشار الاسد سيكون بوسعه في ما بعد أن يقاتل القاعدة”.

فايسبوك يفرض حظرًا على صفحات حزب الله وإعلامه

إنطلاقًا من تقرير نشره معهد الشرق الاوسط للبحوث الإعلامية عن الاستخدام المكثف لحزب الله للاعلام الاجتماعي، قام فايسبوك بالغاء كل الصفحات المرتبطة بحزب الله ووسائل إعلامه، وذلك بعد أيام من خطوة مماثلة قامت بها آبل وغوغل.

بيروت: ألغى موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك مؤخرًا  كل الصفحات المرتبطة بحزب الله ووسائل إعلامه، فاختفت صفحة حزب الله وصفحة قناة المنار التي حاولت في الايام الماضية إنشاء صفحات جديدة من دون أن تسمّيها باسم القناة.

ويتذرع فايسبوك بالحظر الذي يفرضه على حزب الله بأن الصفحات المتعلقة به تدعو الى الارهاب.

ولا يعتبر موقع فايسبوك غريبًا عن هذه الامور فهو دائمًا ما كان يغلق صفحات باسم حزب الله أو أمينه العام حسن نصر الله ويرفق تلك الخطوات بتحذيرات لاصحاب هذه المبادرات بأن صفحاتهم تدعو الى الارهاب ونشر الكراهية.

وكانت آبل وغوغل قد سبقتا فايسبوك وأزالتا تطبيقات قناة المنار على الهواتف الذكية.

وفي آواخر تموز (يوليو) الماضي نشر تقرير لمعهد الشرق الاوسط للبحوث الاعلامية عن الاستخدام المكثف لحزب الله للاعلام الاجتماعي عبر فايسبوك وتويتر ويوتيوب وتطبيقات الهواتف الذكية.

وقد طالب المعهد بتوقيفها بحجة أنها تتناقض مع القوانين الاميركية التي تحظّر على أي من الشركات المتواجدة على اراضيها التعامل مع المنظمات المدرجة في خانة الارهاب.

في المقابل، يرفض موقع تويتر إغلاق حساب تلفزيون المنار لانه يعتبر أن موقعه مكان للدفاع عن حرية التعبير الا أنه في المقابل لا يتوانى عن حذف أي مقاطع فيديو يراها تشجع على “الارهاب”.

يذكر أن موقع فايسبوك توصل إلى تسوية مع اللجنة الفيدرالية للتجارة بخصوص التهمة التي وجهت للموقع بأنه خدع المستخدمين عبر اخبارهم في أنهم يمكنهم حفظ معلوماتهم الخاصة.

ولم تتضمن التسوية دفع أية غرامات مالية، إلا أن فيسبوك مطالب بتنفيذ وعد أن يقدم لمستخدميه اشعارًا واضحًا وصريحًا حول خصوصية المعلومات وأخذ موافقتهم قبل مشاركة أية معلومة تحت ذريعة اعدادات الخصوصية، بالاضافة لذلك فإن فيسبوك مطالب بوضع نفسه تحت سلطة اجراء تدقيق نصف سنوي لمده 20 سنة قادمة من اجل الحفاظ على برنامج الخصوصية المتكامل.

وكان قد فتح تحقيق في مشاكل الخصوصية على موقع فيسبوك عام 2011 بعد التأكد من أن الموقع يطبق سياسات خصوصية جديدة مفاجئة من دون اخبار المستخدمين سلفًا عنها مما يؤدي لكشف بعض المعلومات الخاصة لعموم المستخدمين.

وكان فيسبوك قد كشف سابقًا أنه يمسح المحادثات الخاصة وينقب فيها من اجل البحث عن أنشطة اجرامية وإرهابية محتملة.

القوات السورية تتعرض لأكبر الخسائر في ريف إدلب.. والانتقام في معرة مصرين

قائد في الجيش الحر يؤكد سقوط 200 قتيل وأن دبابة واحدة نجت من المعركة

ريف إدلب (شمال سورية): «الشرق الأوسط»

كانت البوابة الحدودية في منطقة «باب الهوى» عند الحدود السورية – التركية هادئة أمس، بعد يوم من المعركة الكبيرة التي شهدتها المنطقة وانتهت بانسحاب بقية القوة النظامية السورية المحاصرة في منطقة سرمدا.

غير أن هذا الهدوء عكره فجأة هدير الطائرات الحربية السورية، تلاها دوي انفجارات عنيفة، تبين لاحقا أنها استهدفت بلدة «معرة مصرين» الحدودية. وفيما تعذر الوصول إلى تلك المنطقة بسبب الوضع الأمني، قال ناشطون سوريون وقادة في «الجيش الحر» إن الغارات استهدفت 3 أبنية سكنية مليئة بالعائلات، جازمين بأن لا خسائر بين العسكريين وأن القصف تسبب بمجزرة بين المدنيين. وما هي إلا ساعة، حتى بدأت صفارات سيارات الإسعاف التركية التي انتقلت إلى داخل الحدود حيث عبرت البوابة التركية وحملت بالجرحى في منطقة على مشارف الحدود السورية عائدة إلى مستشفيات مدينة أنطاكية.

ويرى الناشطون السوريون المعارضون أن هذا القصف هو مجرد «عملية انتقامية» قامت بها قوات النظام بعد الخسارة الهائلة التي تعرضت لها في ريف إدلب أول من أمس حيث تمت تصفية كامل قوة مؤللة لجيش النظام كانت تحاول الوصول إلى سرمدا حيث كانت قوة أخرى من الجيش النظامي محاصرة بالكامل من كتائب «الجيش الحر». وقال أحد الناشطين المعارضين إن قادة القوة المحاصرة حاولوا مقايضة المؤن بالقصف، إذ تعهدوا أنه في حال تمرير المؤن إليهم سيتوقفون عن قصف منطقة الأتارب، وهو ما لم يقبل به «الجيش الحر» الذي أحبط محاولات لتمرير المؤن إلى المحاصرين.

وروى أبو جهاد، أحد قادة الكتائب التي شاركت في معركة باب الهوى أن معلومات توفرت لهم عن وصول رتل مؤلل إلى المنطقة. وأشار إلى أن هذا الرتل كان يمتد على مسافة طويلة جدا بسبب الاحتياطات الأمنية التي اتبعها، إذ تركت مسافة 100 متر بين الآلية والتي تليها. وأوضح أن هذه القوة كانت تتقدمها كاسحة ألغام، وهي مؤلفة من نحو 12 دبابة و7 سيارات «زيل» و10 شاحنات بيك أب و7 حاملات دبابات. وفيما كانت بعض المصادر تتحدث عن أن هذه القوة كانت تستهدف الوصول إلى باب الهوى، رجح «أبو أحمد» أن تكون هذه القوة تهدف إلى تأمين انسحاب القوة المحاصرة في سرمدا منذ نحو شهر. وأشار أبو أحمد الذي أصيب في المعركة ببعض الخدوش والرضوض، إلى أن هذه المواجهة كانت من أعنف المواجهات التي حصلت مع الجيش النظامي، مؤكدا سقوط أكثر من 200 قتيل من جنود النظام في المعركة التي استمرت ساعات ولم ينج منها سوى دبابة واحدة لجيش النظام استطاعت الانسحاب، فيما قضي المقاتلون على بقية أفراد القوة، وأسروا بعض الدبابات. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن دبابات أخذت من الجيش النظامي شوهدت أمس على معبر باب الهوى من الجهة السورية الذي شهد حركة خفيفة جدا من النازحين السوريين.

وبينما كان الدخان لا يزال يتصاعد من آليات سورية محترقة في المنطقة، قال أبو أحمد إن القوة السورية المحاصرة غادرت فجر أمس المنطقة. وأوضح أن مقاتلي المعارضة فوجئوا صباحا بهذه الآليات تنسحب بسرعة جنونية، موضحا أن الدبابات كانت تسير بالسرعة القصوى، وأن عناصر الجيش الحر «قصفوها بالقذائف الصاروخية من دون أن يتمكنوا من إصابتها بسبب سرعتها الشديدة»، لكنه أشار إلى إصابات لحقت بصفوف القوة المنسحبة، خصوصا في صفوف الشبيحة الذين كانوا في مؤخرة الرتل المنسحب.

ويقول أحد قادة الجيش الحر «الميدانيين» لـ«الشرق الأوسط» إن انتهاء الوضع في منطقة سرمدا لصالح «الجيش الحر» يعني أن المنطقة الممتدة بين معبري «كيليس» و«باب الهوى» قد أصبحت خالية تماما من الوجود النظامي بالإضافة إلى مناطق واسعة من ريف إدلب، فيما يتخوف الناشطون من قيام قوى الأمن بارتكاب مجزرة جديدة في «جسر الشغور» التي تحولت مع مدينة إدلب إلى ثكنة عسكرية للجيش النظامي والأمن السوريين. وأوضح الناشطون أن معلومات لديهم تشير إلى الاستعداد لتنفيذ المجزرة صبيحة يوم عيد الفطر.

مجزرة في فرن للخبز وقصف واشتباكات في حلب ودمشق

العقيد الحمود لـ«الشرق الأوسط»: النظام انتقل إلى سياسة التدمير والقصف بالطائرات في معركة حلب

بعد ساعات قليلة على مجزرة أعزار في ريف حلب التي تعرضت لقصف جوي ووصل عدد ضحاياها إلى 80 قتيلا بعد وفاة 15 جريحا في مستشفيات تركية – كان أحد أفران منطقة «قاضي عسكر» في حلب هدفا لقصف قوات النظام، مما أدى إلى سقوط نحو 40 قتيلا وعشرات الجرحى من أهالي المنطقة عقابا لهم على تأمين الخبز لأطفالهم.

كما أعلنت «تنسيقيات الثورة» العثور على 60 جثة مجهولة الهوية في قطنا بريف دمشق، وأتى ذلك في موازاة تعرض أحياء عدة في دمشق ومناطق أخرى للقصف واستمرار الاشتباكات في حلب وريفها، في حين وصل عدد قتلى أمس إلى 100 كحصيلة أولية، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

من جهة أخرى، أعلن رائد الفضاء السوري، اللواء محمد فارس، انشقاقه رسميا عن النظام السوري الذي وصفه بنظام الطاغية. وناشد فارس في بيان انشقاقه القوات الجوية السورية اتخاذ القرار الصحيح والانحياز للشعب، ووجه نداء للشعب الروسي للوقوف إلى جانب الشعب السوري وحقوقه.

وميدانيا، في حلب، اعتبر العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في «الجيش الحر»، أن «النظام انتقل إلى سياسة التدمير والقصف بالطائرات في معركة حلب»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «أصبح يقصف بشكل عنيف وعشوائي المناطق، ولا سيما تلك التي لجأ إليها النازحون السوريون بعدما خسر المعركة البرية وأصبح على يقين بأن قواته لا تقوى على مواجهتنا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يختار شوارع أو أحياء محددة ويعمد إلى قصفها في ساعات الصباح الأولى كي يتسنى له التقدم والتوغل في الداخل، ليعود ويتراجع خلال ساعات النهار». وفي حين أكد الحمود أن ريف حلب بات بأكمله تحت سيطرة «الجيش الحر»، لفت إلى أن وجود النظام في حلب يقتصر على الأماكن التي توجد فيها المراكز الأمنية والثكنات، إضافة إلى حي الحمداني القريب من المراكز الأمنية. ولفت الحمود إلى أن عناصر قوات النظام الذين يقاتلون هم من المجندين الذين لا يملكون أي خبرة قتالية، وذلك بعدما أجبروا على الانتساب إلى الجيش من خلال اعتقالهم على الحواجز، وأصبحوا يعرفون بـ«دورة الحواجز».

من جهة أخرى، فقد ذكرت لجان التنسيق المحلية أن القصف عاد وتجدد على مساكن هنانو في حلب، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أحياء الفردوس والأنصاري والكلاسة والشيخ مقصود وبستان القصر والشعار في المدينة تعرضت للقصف من قبل قوات النظام، كما تعرضت بلدة الأتارب بريف حلب للقصف، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات.

وقال «الجيش الحر» إنه قام بعملية نوعية قتل خلالها 35 عنصرا تابعا لجيش النظام وتدمير عدد من آلياتهم، إضافة إلى أسر عميد بالأمن الخارجي في حي الجندول بمدينة حلب.

ومن جانبه، أكد اللواء أبو حلب من لواء التوحيد في «الجيش الحر» الذي تبنى عملية قتل عناصر من جيش النظام في حاجز الجندول بحلب، لقناة «العربية»، أن مجموعته أسرت عميدا في الأمن الخارجي يدعى علي صقر حسن.

وعن مجزرة أعزار التي وقعت أول من أمس، وأودت بحياة ما لا يقل عن 80 قتيلا وجرح أكثر من 150 شخصا، روى شاهد عيان لمنظمة «آفاز» الحقوقية الذي كان يبعد مسافة 500 متر عن مكان وقوع الغارة الجوية التي استهدفت المنطقة بالقرب من مركز البريد في المدينة، ما رآه خلال وقوع المجزرة، وقال: «لقد شعرت وكأن زلزالا ضرب المنطقة. ارتجت البيوت وتكسر زجاج المنازل. ذهبنا لنرى ما حدث وما نوع القصف، فشاهدنا الطائرة الحربية تتجه مجددا نحو مركز الهاتف لتضرب مرة أخرى».

وفي دمشق، أفادت لجان التنسيق بأن القصف العنيف بالهاون الذي استهدف حي القدم في دمشق أدى إلى تدمير المنازل وسقوط عدد كبير من القتلى. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حيي العسالي والتضامن بمحافظة دمشق، تعرضا للقصف من قبل القوات النظامية، سقط على أثره عدد من الجرحى، كما سقطت عدة قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة، إلا أنه لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.

كذلك، تعرضت منطقة الحجر الأسود للقصف من قبل القوات النظامية التي اشتبكت مع مقاتلين من «الجيش الحر» بحسب المرصد، وأكد ناشطون أن الحي يشهد حركة نزوح كبيرة إلى مناطق مجاورة. وفي ريف دمشق، تعرضت مدينة الضمير للقصف منذ صباح أمس من قبل القوات النظامية السورية التي تحاول فرض سيطرتها على المدينة، كما عثر على ثلاث جثث مجهولة الهوية في منطقة البساتين بين داريا ومعضمية الشام.

إلى ذلك، قال دبلوماسي غربي ومصدر خليجي، أمس، إن ماهر، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، فقد ساقه في هجوم على القيادة الأمنية في دمشق، في يوليو (تموز) الماضي. وقال الدبلوماسي لـ«رويترز»: «سمعنا أنه (ماهر الأسد) فقد إحدى ساقيه أثناء الانفجار، لكننا لا نعرف المزيد».

وأكد مصدر خليجي هذا النبأ، وقال: «فقد إحدى ساقيه.. والخبر صحيح».

الأسد يجري تعديلا حكوميا ويقيل محافظ حلب

لندن: «الشرق الأوسط»

أجرى الرئيس السوري بشار الأسد تعديلا وزاريا على الحكومة بعد أيام من تسمية وائل حلقي رئيسا للحكومة خلفا لرئيس الحكومة المنشق، وأصدر الأسد يوم أمس مرسوما عين بموجبه محافظ الرقة عدنان عبدو السخني وزيرا للصناعة، ونجم حمد الأحمد وزيرا للعدل بعد أن كان يشغل منصب معاون وزير العدل، وسعد عبد السلام النايف وزيرا للصحة، بعد أن كان يشغل منصب مدير صحة حلب.

وقد خلف السخني وزير الصناعة فؤاد شكري كردي، الذي عين مؤخرا في حكومة رياض حجاب، كما خلف الأحمد وزير العدل رضوان حبيب الذي انتقل من وزير للشؤون الاجتماعية والعمل في عهد حكومة سفر إلى وزارة العدل في حكومة حجاب.

وجاء النايف وزيرا للصحة خلفا لرئيس الحكومة الجديد وائل الحلقي، الذي تولى قبل أيام خلفا لرئيس الحكومة السابق رياض حجاب. وينتمي عدنان السخني إلى عائلة صناعية معروفة في حلب، كما تولى نجم الأحمد رئاسة لجنة الإصلاح القضائي المشكلة العام الماضي، ويعتبر سعد النايف طبيبا معروفا في حلب.

كما أعفى الأسد محافظ حلب موفق خلوف من مهامه بعد عام على تعيينه، وتسلم مكانه محمد وحيد عقاد محافظا لحلب. وكان عقاد يشغل قبل ذلك منصب نائب محافظ حلب وعضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة والصناعة، ولم تظهر أسباب محددة لهذا القرار الذي أعفى خلوف، في الوقت الذي تشهد فيه حلب معارك شرسة بين الجيش النظامي والجيش الحر، وتتعرض عدة أحياء فيها منذ نحو شهر لقصف عنيف من قبل قوات النظام.

وفي غضون ذلك قالت السلطات السورية إن «القوات المسلحة السورية حررت في عملية نوعية مراسلة (الإخبارية) يارا صالح وعبد الله طبرة وحسام عماد من فريق القناة» الذين كانوا قد اختطفوا في منطقة التل منذ سبعة أيام. لكن «تنسيقية مدينة التل» قالت انه قد تمت حماية الفريق من القصف الأسدي الجنوني بعد أن فرت عناصر الجيش الذين كانوا معهم» وتركوهم في «مرمى القذائف التي تساقطت حولهم في كل مكان مثل سائر أهالي المدينة المنكوبة». وأكد بيانللتنسيقية أنه تم تأمين الفريق الإعلامي إلى مكان أمن حيث كان جل اهتمام الجيش الحر «المحافظة على سلامة أرواح الفريق لأنهم أيضا ضحايا نظام باعهم بالرخيص».

آموس: أكثر من 2.5 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة

بيروت: كارولين عاكوم

بعد جولة قامت بها وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس في لبنان وسوريا أعلنت أنّ أكثر من مليونين ونصف المليون لاجئ سوري يعانون من «فقر مدقع» وهم بحاجة إلى مساعدات عاجلة، مؤكدة أنها ستواصل ضغوطها على دمشق كي تسمح لمنظمات الإغاثة الدولية بالعمل في سوريا.

وأعلنت آموس أن «السلطات السورية وافقت على مشاركة ثماني منظمات إنسانية عالمية في عمليات الإغاثة ومساعدة وكالة الأمم المتحدة للاجئين، لكنها لم توافق على دخول عدد من المنظمات الكبرى التي من شأنها مساعدة هذا العدد من النازحين ومدهم بالعون»، مشيرة إلى أن «الأوضاع الإنسانية والمعيشية في سوريا تردت كثيرا منذ زيارتها الأخيرة في مارس (آذار) الماضي، وأن الأوضاع تدهورت أكثر فأكثر».

وفي حديثها لـ«روسيا اليوم» قالت آموس «في شهر مارس قدرنا وجود نحو مليون شخص بحاجة إلى مساعدة، ونعتقد الآن أن هذا الرقم ارتفع إلى مليونين ونصف المليون شخص. من وجهة نظري هذا الرقم في ارتفاع، ومن الصعب القول إنه يوجد هناك بصيص نور في نهاية هذا النفق».

وأعطت مثالا حول الوضع الزراعي في البلاد حيث قالت «إن موسم الحصاد لم يكن جيدا كما يجب لأن المزارعين لم يكونوا قادرين على الحصاد، وهذا يعني أن أسعار الغذاء سوف ترتفع، وكل هذا سوف يكون له أثره على المدى الطويل».

وفي هذا الإطار، يلفت عضو المجلس الوطني السوري عبيدة فارس، إلى أنّ احتياجات النازحين واللاجئين السوريين ترتكز على الغذاء والسكن والتعليم والصحة. وفي حين يشير إلى إمكانية تأمين الأول والثاني، وإن بصعوبة، يبقى النقص واضحا في توفير الثاني والثالث. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «لا نزال نعاني من إمكانية حصر أعداد النازحين ولا سيما في الدول التي لا يوجدون فيها ضمن مخيمات كالأردن ولبنان، وهذا ما لن يتحقّق في ظل غياب الدولة». وأكّد فارس أنّ المساعدات التي تقدّم إلى النازحين ترتكز في معظمها على تلك التي تؤمنها الجمعيات السورية، لافتا إلى أنّ المساعدات التي تأتي من المؤسسات العالمية لا تكفي 20 في المائة من هذه الاحتياجات. ولفت فارس إلى أنّ الأزمة التي يعاني منها المزارعون في سوريا كانت قد بدأت في عام 2007، بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت المنطقة، ولم تقدم حينها الحكومة السورية على القيام بأي خطوة أو حلول، وبدأت هذه المشكلات تتفاقم إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم.

وقالت آموس خلال مؤتمر صحافي عقدته في دمشق إن «وكالات الأمم المتحدة في سوريا وشركاءها المحليين لا يستطيعون التعامل مع الأزمة الإنسانية بمفردهم»، مشيرة إلى أنها «ستستمر بالضغط على الحكومة للسماح بزيادة عدد العاملين بالمساعدات والمنظمات»، لافتة إلى «عدم وجود سبب يحول دون حصول السوريين العاديين على القدر الممكن عمليا من المساعدة».

وقالت آموس إن الحكومة السورية أعربت عن قلقها من أن «تقع المساعدات في نهاية المطاف بأيدي الجماعات المسلحة أو الإرهابيين».

وفي لبنان، التقت آموس وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور وجرى البحث في أوضاع اللاجئين السوريين، وأعلن أبو فاعور أن «الاجتماع كان فرصة للتأكيد للمسؤولين الدوليين التزام الحكومة اللبنانية القيام بواجباتها الإنسانية في إغاثة النازحين السوريين الذين لجأوا إلى لبنان وتأكيد التزام الحكومة اللبنانية القيام بواجباتها في حماية النازحين السوريين، وعدم تعريض أي منهم للخطر وعدم القيام بأي إجراءات قد تعرض حياة أحد منهم للخطر في ظل الوضع القائم في سوريا، مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الأمنية الداخلية في لبنان والتي لا تتحكم الدولة اللبنانية بموجبها في كل الأمور والقضايا».

وأضاف أبو فاعور «أثرت مع المسؤولين الدوليين حاجة لبنان إلى الدعم المادي في ظل الإمكانات والأعباء الفعلية للدولة اللبنانية»، مشيرا إلى أن «لبنان قام بجزء من واجباته، بالإضافة إلى مهمات أخرى قامت بها منظمات دولية وجمعيات أهلية محلية وغير محلية، لكن الحكومة اللبنانية حضرت خطة طوارئ وخطة عمل متكاملة تشترك بها كل الوزارات، من الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى الهيئة العليا للإغاثة والمنظمات الدولية».

بدورها أكّدت آموس أنها ستبذل ما في وسعها لـ«استكمال الدعم للدولة اللبنانية ولوزارة الشؤون الاجتماعية، وخصوصا في مجال زيادة الدعم المادي للدولة في سبيل دعم النازحين واللاجئين».

عشيرة المقداد تعلن وقف عملياتها العسكرية واحتفاظها بـ20 سوريا وتركي واحد

الوضع الأمني يطغى على طاولة الحوار.. وتشكيل وفد من أقطابها لمتابعة مصير اللبنانيين المخطوفين

بيروت: يوسف دياب

طغى الوضع الأمني المتدهور في لبنان على أجواء طاولة الحوار الوطني التي انعقدت أمس في المقر الصيفي لرئيس الجمهورية بقصر بيت الدين في جبل لبنان، واستأثر البحث بقضية خطف المواطنين السوريين ومواطن تركي في لبنان ومصير اللبنانيين المخطوفين في سوريا، وتجدد قطع الطرقات، لا سيما طريق مطار بيروت الدولي، وفي حين غاب العنوان الرئيسي للحوار عن أي بحث للاستراتيجية الدفاعية، وتمثل الإنجاز الوحيد الذي حققته جلسة الحوار أمس بتشكيل لجنة من أعضاء الحوار لـ«السعي مع الدول المؤثرة من أجل معالجة موضوع المخطوفين اللبنانيين للإفراج عنهم سالمين، وتأكيد الحرص على العلاقات الأخوية مع هذه الدول».

وأعلن البيان الذي صدر عن طاولة الحوار التي انعقدت برئاسة الرئيس ميشال سليمان، أن «أقطاب الحوار الوطني توافقوا على ما يلي، أولا: تأجيل طرح التصور الخاص بالاستراتيجية الوطنية للدفاع بسبب غياب عدد من أعضاء هيئة الحوار الوطني وأبرزهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب سليمان فرنجية ومتابعة التحضير لطرح هذا التصور بمشاركة جميع فرقاء الحوار، ثانيا: التمني على الحكومة اللبنانية أخذ جميع التدابير الكفيلة بفرض الأمن على الأراضي اللبنانية كافة بما يحفظ الاستقرار وشروط التنمية ومكانة لبنان الدولية واستكمال السعي الرسمي القائم وبجهد وطني متكاتف، ولا سيما من طريق تشكيل وفد من هيئة الحوار للسعي مع الدول المؤثرة من أجل معالجة موضوع المخطوفين اللبنانيين للإفراج عنهم سالمين وتأكيد الحرص على العلاقات الأخوية مع هذه الدول، ثالثا: توفير بيئة مواتية لإنجاح زيارة قداسة البابا إلى لبنان اعتبارا من الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) المقبل وتكريس أجواء وفاق حقيقي بين مختلف الشعب اللبناني تعطي الرأي العام العالمي دليلا على نجاح لبنان في المحافظة على خصوصية دوره ورسالته كبلد حرية وعيش مشترك وحوار، رابعا: تحديد الساعة الحادية عشرة من يوم الخميس 20 سبتمبر موعدا مبدئيا للجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني».

وفي وقت ظل الغموض يلف مصير أكثر من 40 سوريا وتركي واحد مخطوفين في لبنان، على يد «الجناح العسكري» لعشيرة آل المقداد، وكذلك مصير اللبنانيين المخطوفين في سوريا، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن «استنابات قضائية ستصدر قريبا في حق كل من تطاول على أمن الدولة العام». مؤكدا أنه «لا موجب لإعلان حالة طوارئ في البلد». وقال ميقاتي قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين «نحن حريصون على العلاقات الثنائية مع دول الخليج وأيضا مع تركيا». وإذ أعلن عن «وجود الضمانات اللازمة لإبقاء طريق المطار مفتوحة» قال «طريق المطار لن تقطع بعد اليوم، وأطمئن الجميع بوجود ضمانات في هذا الإطار، بل وأكثر من ذلك توسعة الموضوع إلى جوانب طريق المطار حتى إلى الضاحية الجنوبية».

ولفت الناطق الرسمي باسم آل المقداد، ماهر المقداد إلى أن «والد المخطوف في الأراضي السورية حسان المقداد يتفاوض مع الصليب الأحمر الدولي». وقال «إن عمليات الخطف ستنتهي خلال الساعات المقبلة لأنه أصبح لدينا كنز كبير من السوريين للتفاوض عليهم». وشدد على أنه «لم ولن نتعرض لأي مواطن خليجي إنما فقط نتعرض للسوريين التابعين للجيش السوري الحر»، لافتا إلى أنه «لا يوجد أي تنسيق مع أي قوى سياسية أخرى خاصة حزب الله وحركة أمل». كما أعلنت مجموعة «سرايا المختار الثقفي» أنها «ستخطف أي سوري معارض ويدعم الجيش السوري الحر في لبنان وخارج لبنان». وقال متحدث باسمها «حاليا بدأ عملنا في بيروت وفي البقاع، وكل يوم سيحمل شيئا جديدا».

وقال «إن مجموعتي خطفت بالأمس (الأول) 5 سوريين في بيروت واليوم (أمس) خمسة في البقاع، وأي إنسان يتبين أنه يدعم الجيش السوري الحر سيكون هدفا لنا، ولدينا معلومات أن مشاركين في عمليات الخطف هم من لبنان». كما عرضت قناة الـ«LBC» شريطا مصورا للمخطوفين السوريين في لبنان من قبل المجموعة المذكورة. وقد أكد المخطوفون في الشريط أنهم «مجندون من قبل الجيش السوري الحر». وطالبوا بـ«الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين بسوريا». وأعلن أحد المخطوفين تأييده النظام السوري بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، معتبرا أن «الثورة السورية ليست ثورة».

وكان أمين سر رابطة آل المقداد عقد أمس مؤتمرا صحافيا في مقر الرابطة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية، وأعلن أن «الجناح العسكري لآل المقداد أوقف عملياته العسكرية في كل الأراضي اللبنانية». وأكد أنه «لم ولن يتم خطف أي مواطن سعودي أو قطري أو إماراتي أو بحريني أو أي خليجي». وقال «لدينا الآن أكثر من 20 سوريا وهؤلاء من الجيش الحر والمتعاونين معه». ولدى وصول عضو كتلة نواب حزب الله النائب علي المقداد إلى القاعة أبدى اعتراضا على جملة «إيقاف العمليات العسكرية»، قائلا «لا يوجد شيء اسمه عمليات عسكرية». فحصل إشكال وأقدم بعضهم على طرده وقالوا له «اذهب أنت وحزبك لا نريدكم هنا». وهذا ما أثار غضب بعض مناصري حزب الله، وأدى إلى تدافع وصراخ أخرج على أثرها الصحافيون من القاعة.

مجلس الأمن الدولي يقرر إنهاء مهمة المراقبين في سوريا

موسكو تحذر من خروج الأمم المتحدة.. وتطالب باستئناف عمل «مجموعة الاتصال»

واشنطن: محمد علي صالح موسكو: سامي عمارة لندن: «الشرق الأوسط»

قرر مجلس الأمن الدولي أمس إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، إلا أنه أيد الدعوات لإنشاء مكتب اتصال سياسي في دمشق.

وقال المبعوث الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار ارو، بعد اجتماع عقده المجلس لبحث المسألة السورية، إن «شروط استمرار مهمة بعثة المراقبين الدوليين غير متوافرة». وتنتهي مدة المهمة منتصف ليل الأحد. وصرح إدموند موليت، من قسم حفظ السلام في الأمم المتحدة للصحافيين، بأن «هذه المهمة ستنتهي عند منتصف ليل الأحد».

وفي وقت سابق من هذا العام، قرر مجلس الأمن إرسال نحو 300 مراقب عسكري غير مسلح إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه بوساطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان والرئيس السوري بشار الأسد. إلا أن أعمال العنف تصاعدت، وعلقت بعثة المراقبين دورياتها في البلد المضطرب في 15 يونيو (حزيران). وابتداء من الخميس تم خفض العدد إلى مائة مراقب و72 موظفا مدنيا. وقال موليت إن آخر مراقب سيغادر دمشق يوم الجمعة الأسبوع المقبل.

وأيد مجلس الأمن خطة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لفتح مكتب اتصال سياسي في دمشق لمراقبة الأحداث. وصرح للصحافيين بأن المكتب سيضم ما بين 20 إلى 30 خبيرا في الشؤون السياسية والإنسانية والعسكرية. وأضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد وافق على إنشاء هذا المكتب.

ومن جهتها، عادت موسكو إلى تأكيد ضرورة بقاء المراقبين الدوليين في سوريا، فيما أشارت إلى أن خروج الأمم المتحدة من هناك ينذر باحتمالات نتائج سلبية تؤثر على المنطقة كلها. وفيما كانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في بيان لها منذ أيام عن أهمية مد فترة بقاء المراقبين الدوليين في سوريا، عاد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، ليؤكد أمس في معرض لقائه مع ويندي شيرمان، نائبة وزيرة الخارجية الأميركية، ضرورة بقاء الوجود الأممي هناك. وقالت الخارجية الروسية في بيانها الصادر بهذا الشأن إن الجانبين الروسي والأميركي تبادلا الآراء حول مجمل القضايا المتعلقة بتطورات الأوضاع في سوريا. وأضافت بقولها إن الجانب الروسي أكد على أهمية وجود المراقبين الدوليين في سوريا على اعتبار أن خروج المراقبين الدوليين في مثل هذه الظروف يمكن أن يترك عواقب سلبية جدية ليس على الأوضاع في سوريا وحسب بل وعلى كل الأوضاع في المنطقة. وأضافت أن «حديث غاتيلوف مع ضيفته الأميركية تركز حول ضرورة الالتزام الصارم من جانب كل الأطراف السورية وكذلك اللاعبين الخارجيين بقرارات مجلس الأمن الدولي والقرارات التي اتخذها وزراء خارجية مجموعة الاتصال حول سوريا». كما أن الحديث ركز كذلك على أهمية تنشيط عمل «مجموعة الاتصال» بهدف تنسيق الخطوات المشتركة حول بدء عملية التسوية السياسية للأزمة السورية.

وكانت موسكو طالبت أول من أمس الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول المجاورة لسوريا المعنية بالقضية السورية بالالتزام بما سبق الاتفاق حوله في اجتماع مجموعة العمل في جنيف في 30 يونيو الماضي. وقال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في لقائه مع الصحافيين على هامش زيارة العمل التي قام بها إلى بيلاروسيا، بعدم جواز تجاهل ما تم الاتفاق عليه في جنيف. وقال إن بلاده «تنتظر أن يؤكد شركاؤها في الأيام القليلة المقبلة ما وقعوا عليه في جنيف»، مؤكدا أنه في حال إعلانهم التمسك بما التزموا به فإنها ستطرح عليهم السؤال التالي «لماذا لا تتخذون الإجراءات لتنفيذ هذه الخطة؟».

حركة طبيعية في مطار بيروت.. وميقاتي يجزم بأن طريقه «لن يقطع بعد اليوم»

مصدر في المطار لـ«الشرق الأوسط»: لم يتخذ أي تدبير استثنائي فيما يتعلق بعدد الرحلات

بيروت: ليال أبو رحال

سجلت الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أمس حركة طبيعية بعد فتح الطريق المؤدي من وإلى المطار فجر أمس، بعدما أغلقها أقرباء المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر في سوريا إثر تضارب في المعلومات حول مصيرهم، وأفراد من عشيرة آل المقداد، احتجاجا على خطف أحد أفراد العائلة، ويدعى حسان المقداد، في دمشق.

وشهدت حركة الإقلاع والهبوط حركة عادية أمس، فيما أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل جلسة لمجلس الوزراء «وجود الضمانات اللازمة لإبقاء طريق المطار مفتوحا». وجزم ميقاتي، الذي غابت حكومته عن المعالجة الأمنية طوال يوم أول من أمس: «طريق المطار لن يقطع بعد اليوم»، مطمئنا إلى «وجود ضمانات في هذا الإطار، بل أكثر من ذلك توسعة الموضوع إلى جوانب طريق المطار حتى إلى الضاحية الجنوبية»، مشددا على وجوب «أن يكون الجميع يدا واحدة لأن البلد واستقراره يعني الجميع».

وكانت دول عربية عدة، في مقدمها المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات، قد دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا حفاظا على أمنهم وسلامتهم بعد تهديد عشيرة آل المقداد اللبنانية بخطف رعايا عرب ينتمون للدول الداعمة «للجيش السوري الحر». وأفادت قناة الـ«إم تي في» اللبنانية بأن «دولة قطر هددت بطرد اللبنانيين العاملين على أراضيها إذا خطف أي من مواطنيها بلبنان»، فيما كانت «وكالة الأنباء القطرية» قد ذكرت أن قطر طلبت من مواطنيها الموجودين في لبنان المغادرة فورا.

وأكدت تقارير إخبارية في بيروت أمس أنه إثر التهديدات التي أطلقت بحق الرعايا السعوديين والقطريين، اتخذت الأجهزة الأمنية من جيش لبناني وقوى أمن داخلي تدابير أمنية مشددة حول منازل وقصور المواطنين السعوديين والقطريين في قضاء عالية (جبل لبنان) وتحديدا في مدينة عالية. كما أقامت المراكز الأمنية الثابتة وسيرت دوريات أمنية منذ ليل الأربعاء.

وفي حين نفذت قوات الأمن اللبنانية انتشارا على طريق المطار الذي شهد حركة طبيعية أمس، أكد مصدر في مطار بيروت لـ«الشرق الأوسط»، أن حركة عادية شهدها المطار منذ فجر يوم أمس بعدما أعيد فتح طريق المطار عند الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، موضحا أن «(الخطوط الجوية الفرنسية) أعادت تسيير رحلاتها بشكل طبيعي بدءا من بعد ظهر أمس»، وذلك غداة تحويل إحدى رحلاتها المقبلة من باريس مساء الأربعاء إلى لارنكا عوضا عن بيروت بعد قطع طريق المطار، مما اضطرها للهبوط في مطار دمشق للتزود بالوقود قبل توجها إلى لارنكا.

وكانت «وكالة الصحافة الفرنسية» قد نقلت عن متحدثة باسم «الخطوط الجوية الفرنسية» قولها إن «الطائرة حامت أولا فوق مطار بيروت لاتخاذ قرار حول هبوطها أو عدم هبوطها، حيث اندلعت اضطرابات على طريق المطار، وعندما اتخذ القرار، قررت الشركة تحويل الطائرة إلى أقرب مطار، فكان دمشق في سوريا»، موضحة أن «الطائرة لم تتوقف في مطار دمشق إلا الوقت الكافي للتزود بالوقود قبل إقلاعها مجددا إلى وجهتها النهائية، أي مطار لارنكا في قبرص».

وأشار المصدر في مطار بيروت، تعليقا على صحة إرسال كل من «السعودية والكويت وقطر والإمارات طائرات إلى لبنان لإعادة رعاياها»، إلى أن «حركة تسيير الطائرات كانت عادية أمس ولم يتخذ أي إجراء أو تدبير استثنائي فيما يتعلق بعدد الرحلات». وفي ما يتعلق بالرحلات المتوجهة إلى السعودية، ذكر المصدر أن «شركة (طيران الشرق الأوسط) وضعت رحلات إضافية إلى الرياض والدمام وجدة قبل التطورات الأمنية الأخيرة، وذلك لتلبية الطلب على الحجوزات المتزايدة في الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك وعشية عيد الفطر».

وكانت السفارة السعودية في بيروت قد دعت في وقت سابق رعايا المملكة إلى مغادرة الأراضي اللبنانية فورا إثر الإعلان عن تهديدات بخطف مواطنين سعوديين. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن «السفارة السعودية في لبنان طلبت من المواطنين السعوديين الموجودين حاليا في لبنان المغادرة فورا؛ نظرا لمستجدات الأحداث على الساحة اللبنانية ولظهور بعض التهديدات المعلنة بخطف المواطنين السعوديين وغيرهم في لبنان»، مشيرة إلى أن «هذه الإجراءات تأتي حرصا من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته على سلامة وأمن المواطنين السعوديين، خصوصا في ظل الظروف الأمنية التي تمر بها المنطقة حاليا».

آخر الدبلوماسيين السوريين المنشقين لـ«الشرق الأوسط»: كثيرون داخل النظام يخدمون المعارضة

داني البعاج مندوب سوريا السابق في مجلس حقوق الانسان: لا بديل عن حل سياسي

داني البعاج

أحمد الغمراوي

أكد داني البعاج، مندوب سوريا لدى مجلس حقوق الإنسان والمنشق حديثا عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أنه ما زال مقتنعا تماما – على الرغم من حجم الدم المراق والانتهاكات التي ارتكبت بحق المواطنين السوريين – بأنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة، مدللا على قوله بأن كل الحروب التي شهدها التاريخ انتهت بمعاهدات سلام «سياسية».

وأشار البعاج الذي يعد آخر المغادرين لقاطرة النظام في الفترة الماضية، في حواره مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جنيف حيث يقيم وأسرته حاليا، إلى أنه انشق الأسبوع الماضي بعد أن أيقن أنه لا يستطيع تقديم المزيد من الخدمات للمعارضة السورية، التي كان يتعاون معها منذ شهور طويلة من قلب النظام.

كما أكد أن هناك عددا كبيرا ممن يعملون داخل النظام حتى الآن لخدمة المعارضة في مختلف الجهات الحكومية والعسكرية، مثمنا ما يقدمه هؤلاء من خدمات لا تقل عن خدمات المنشقين ومعارضي النظام بشكل صريح.

وكشف الدبلوماسي الشاب، في حواره، عن بعض ما يدور داخل أروقة دوائر المجالس الدولية، وطرق تعامل المجالس المختلفة مع الملفات دبلوماسيا، مشيرا بواقعية شديدة إلى أن جميع الدبلوماسيين في العالم يقومون بتنفيذ «تعليمات» تأتيهم من وزارات الخارجية التابعين لها.. ولكنه تابع بمرارة: «ولكن القضية تصبح حساسة عندما يصبح حجم الكذب كبيرا».

وأكد البعاج أن النظام السوري أصبح يحتكر الدولة ويختطفها لصالحه، وأنه يرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق شعبه، مؤكدا أن المشكلة السورية كانت داخلية بالأساس، لكن الأسد حولها إلى مشكلة إقليمية ودولية.

وإلى أبرز ما جاء بالحوار:

* مع من ناقشت قرار انشقاقك قبل الإقدام عليه؟

– أول من تشاورت معهم منذ أن كنت أعمل بوزارة الخارجية هم مجموعة المنبر الديمقراطي السوري (بباريس). وكان هناك تواصل، وبشكل عام كنا على تنسيق دائم. أما خطوة الانشقاق أو توقيته فلم يطلب مني أعضاء المنبر ذلك، بل كانوا دائما داعمين لأي قرار أتخذه بمحض إرادتي.

بالمقابل يخضع موضوع الانشقاق لعدة عوامل، جزء منها يعود إلى ترتيبات لوجيستية، وجزء منها يعود لمدى فائدة الانشقاق. ومن خلال التنسيق مع المنبر كنت أستطيع أن أقدم المساعدة من داخل النظام، لكن عندما أصبح أمر بقائي غير مفيد، وعندما استدعيت إلى دمشق وأصبحت عائلتي تحت التهديد؛ لأنه يبدو أن النظام اكتشف أنني على علاقة مع المعارضة، إضافة إلى أن صوتي دائما كان عاليا في الانتقاد، لأني لم أكن أبدا نوعا من الدبلوماسي الذي قد يعتبرونه «مدجنا».. فعندها كانت – إذا جاز التعبير – «ساعة الصفر».

من جهة أخرى، كنت على تنسيق مع مجموعة من الأصدقاء الدبلوماسيين، ونحن من مختلف المشارب والرتب والأماكن، منهم من كان داخل سوريا في وزارة الخارجية ومنهم من كان في البعثات والسفارات السورية بالخارج.. وكان من المهم أيضا أن يتم التنسيق معهم وإعلامهم بالموضوع.

* هل ينتمي هؤلاء الدبلوماسيون إلى التجمع الجديد الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي ويحمل اسم «دبلوماسيون سوريون من أجل دولة ديمقراطية مدنية»؟

– نعم.. نحن المجموعة نفسها، والجميع يعمل من الداخل. ومن اضطر أن يعلن انشقاقه هم مجموعة الدبلوماسيين الذين رأوا أنهم لم يعودوا مفيدين بالداخل، بينما هناك عدد آخر ممن يعملون بالداخل أو بجهات تابعة، وسيعلنون الانشقاق حينما يشعرون بأنهم بدورهم لا يقدمون الفائدة اللازمة من بقائهم.

* وما مدى شعبية هذا الكيان في الأوساط الدبلوماسية السورية؟ وما حجم المشاركة به؟

– أتحفظ عن الإجابة عن السؤال حماية للدبلوماسيين الذين لا يزالون موجودين بالداخل، وذلك مرتبط بسلامتهم. ولكن للتدليل على تأثيره، أؤكد أن تأسيسه كان قبل الإعلان عن انشقاق أي دبلوماسي عن النظام. وبالتالي الجهود كانت واضحة منذ البداية، ثم أخذ الموضوع صدى أكبر عند إعلان بعض الدبلوماسيين انشقاقهم لاحقا.. ابتداء من الزميل حسام الحافظ (القنصل المنشق عن السفارة السورية لدى أرمينيا) وصولا إلى آخر دبلوماسي انشق.. وهناك بعض الانشقاقات على الطريق.

* تحدثت – كما تحدث كثير من المنشقين عن النظام السوري – عن وجود تهديدات.. فما نوعها؟

– لم تتخذ التهديدات معي «صورة مباشرة»، لكن التهديد موجود دائما، وببساطة كل من يعمل ضد النظام هو عرضة للتهديد. والتهديد الأوضح والأكثر جسامة هو ما يفعله النظام بالشعب ككل، وهو ما يمكن أن يوضح ما يمكن أن يفعله بأي منشق أو عائلته، أو أي شخص يعمل ضده.

* هل أسرتك معك في جنيف؟ وهل حصل على تطمينات من أي جهة بشأن أمنكم الشخصي؟

– تمكنت من إخراج عائلتي معي لأنني ببساطة «متحسب» للأمور.. وكجميع الدبلوماسيين الذين يعملون ضد النظام كنا نتخذ خطوات «احترازية»، من خلال إبعاد عائلاتنا أو إخراجهم خارج سوريا.

وخروج عائلتي، ووالدي تحديدا، كان في آخر لحظة، وقد استطاعوا عبور الحدود وهم مطلوبون للآن من النظام. وتمت تلك الخطوة بمساعدة بعض الضباط الشرفاء العاملين في مراكز الهجرة والمراكز الحدودية.

* إلى أي مدى اقتربت من دوائر النظام الحاكم في سوريا؟

– لم أكن بهذا القرب.. علاقتي كانت مع وزارة الخارجية، وهي بحد ذاتها مكان عمل حساس.

* خلال أكثر من عام ونصف العام منذ بداية الأحداث، كنت بحكم منصبك ممثلا عن النظام في مجلس حقوق الإنسان.. فهل كنت من موقعك «مجبرا» على أن تدافع عن تصرفات النظام ومجازره وانتهاكاته؟ وهل كانت هناك إملاءات بما يقال على سبيل الدفاع في تلك الاجتماعات؟

– لنحاول رسم صورة واضحة للموضوع.. بداية، جميع الدبلوماسيين في العالم يقومون بتنفيذ التعليمات التي تأتيهم من وزارة الخارجية (التابعين لها)، وهذا أمر روتيني.. البعض ينفذ تعليمات هو غير مقتنع بها.

ولكن القضية تصبح حساسة عندما يصبح «حجم الكذب كبيرا». والحال أن وزارة الخارجية (السورية) أصبحت تزود بمعلومات غير واضحة، إضافة إلى أنني كنت أعلم حجم الكذب الموجود.

من جهة أخرى، فإن الأساس كان هو الحفاظ على الدولة والبقاء في المسار الصحيح، وذلك من خلال ما يتوجب على الحكومة أن تفعله من إصلاحات. وقد تبين بعد شهر من الحراك (الثوري السوري) أن هذه الإصلاحات غير جدية أبدا.. وبالتالي فإن موقفي قد اتخذته بعد أشهر قليلة بأنني سأكون إلى جانب الشعب.

* ولماذا جاء القرار الآن؟

– أي دبلوماسي متفق مع قناعاته، ومتسق مع ذاته، سوف يتقدم باستقالته ويرحل.. وكان هناك خطر موجود؛ ليس فقط على النظام، ولكن على الدولة بحد ذاتها، لأن النظام للأسف يحتكر الدولة ويختطفها لصالحه.

إذا كانت القضية هي إلى أي مدى يمكن أن نحمي سوريا كدولة وننأى بأنفسنا عن النظام وممارساته.. وهذا الأمر أؤكد أنه لم يكن في ذهني فقط، ولكن في ذهن جميع الدبلوماسيين السوريين ممن انشقوا وممن لم ينشقوا بعد. فكان الاتفاق بيننا جميعا أننا نمثل سوريا كدولة والشعب السوري، وعلينا أن نعمل لحماية الدولة السورية، والحفاظ على استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها. وهو أمر يتفق عليه جميع الدبلوماسيين السوريين. وهذا ما جعل الأمر سهلا؛ حيث إن كل ما قمت به من عمل داخل مجلس حقوق الإنسان كان يهدف لحماية سوريا كدولة، وليس من أجل النظام أو الحكومة.

* كيف ذلك؟

– أعطي مثالا بسيطا، فأنا لم أعارض شخصيا ولم أقم لا علنا ولا سرا بالعمل ضد أي فقرة قد تكون موجودة في قرار حول سوريا في مجلس حقوق الإنسان تتحدث عن محاسبة مرتكبي انتهاكات لحقوق الإنسان، لكني وبكل ما استطعت من قوة وقفت في وجه أي فقرة تتحدث أو تعتبر تهديدا لسيادة وأمن واستقلال سوريا.

والشق الثاني هو حجم ما نستطيع أن نقدمه من خدمة من داخل النظام لأطراف المعارضة. وحقيقة فإن العامل الذي حدد «ساعة» الانشقاق، وهو مدى الفائدة التي تقدمها من الداخل، هو نفسه الذي حدد ساعة الخروج لأنه لم يعد هناك من فائدة من البقاء أكثر من ذلك. والبيان الذي صدر عن تجمع الدبلوماسيين السوريين أوضح تماما ما نتفق عليه كدبلوماسيين سوريين، فنحن جميعا مع الحفاظ على سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا، ومع الانتقال السلمي الكامل للسلطة داخل سوريا، وضد التدخل الخارجي؛ لأن ما قد يجلبه من تبعات قد يكون أسوأ بكثير من أي فائدة قد نحصل عليها.

* وما هذه الأولويات حاليا من وجهة نظرك؟

– الأهم اليوم – وقبل كل شيء – أننا مع الحفاظ الكامل على الدولة، فعلى الدولة أن تستمر بمؤسساتها في اليوم التالي الذي يسقط فيه النظام. لا شيء سيتغير سوى أن السوريين سيكونون أحرارا، لكن الدولة ستتابع عملها.

* في ظل أكثر من 23 ألف قتيل «موثق» حتى الآن منذ بدء الأزمة.. أي الأحداث «هزت» المنظمة الدولية أكثر من غيرها؟

– جميع الأحداث، فإن مقتل شخص واحد ظلما يعتبر كمقتل آلاف.. الرقم حقيقة، على الرغم من هوله، لا يعطي تأثيرا مختلفا.. والسبب ببساطة أن مقتل أي شخص مدني دونما ذنب، ومقتل أي متظاهر سلمي مثله كمثل مقتل عدد أكبر.

للأسف كنا نحاول أن يكون العدد أقل، وكنا نحاول أن نحمي الدولة، ولكن هذا لم يحدث.

* صدر تقرير عن مجلس حقوق الإنسان يوم الأربعاء بإدانة النظام والشبيحة الذين يعملون في إطار «سياسة دولة» بمجزرة الحولة (في حمص)، وكذلك بالقتل الممنهج وجرائم حرب، إلى جانب إدانة المعارضة بقدر ما في انتهاكات.. ما قيمة كل هذه الإدانات في ظل إصرار روسيا والصين على معارضة إدانة النظام في مجلس الأمن؟

– الجميع يرون في مجلس الأمن الجهاز الدولي الوحيد والقوة القادرة على «فرض شيء ما على الدول»، وهو أمر صحيح.. بينما باقي الالتزامات الدولية هي «التزامات طوعية».. من هنا فإن مجلس حقوق الإنسان لا يمتلك فرض أي شيء على أي دولة من الدول. لكن أهمية عمل مجلس حقوق الإنسان، وتحديدا في القضية السورية، تكمن في التوثيق الدقيق لهذه الانتهاكات. وبالتالي فإن أي محاكمة مستقبلية أو محاسبة لمرتكبي هذه الانتهاكات ستتم بناء على هذه التقارير والإدانات.

من جهة ثانية، فإن طبيعة عمل مجلس حقوق الإنسان هي طريقة توافقية، فنحن لا نتحدث عن آليات مجلس الأمن، حيث إن هناك حق اعتراض (فيتو) يمكن أن يعرقل أي قرار، لكن ما يصدر عن مجلس حقوق الإنسان تكمن قوته في عدد الأصوات المؤيدة للقرار.. كما يأتي من «صيغته الأخلاقية» القوية التي تقول إن هذه الانتهاكات ترتكب.. وترتكب بشكل منظم. وهو ما يؤسس لتغيير في نظرة المجتمع الدولي لما يحدث في سوريا.

* وما رأيك فيما يدور من صراع بين الأطراف المختلفة داخل أروقة المجالس الدولية؟

– لأني دبلوماسي وأعرف خبايا الأمم المتحدة وكيف يتم تحضير القرارات والوصول إليها، أفهم تماما ماذا يعني الفيتو الروسي أو الصيني لوقف أي عمل ضد سوريا. ونحن كدبلوماسيين مقتنعون بأنه من حق كل دولة في العالم أن تعمل من أجل تحقيق مصالحها، وأن تكون لها أجندتها الخاصة، وهي تخدم هذه الأجندة بما تمتلكه من عناصر قوة وعلاقات. وكذلك أفهم أن هنالك تحفظا روسيا وصينيا كبيرا، وقناعة روسيا بمسألة عدم التدخل والتفسير «الضيق» لمفهوم «حماية سيادة الدول».. كما أفهم أن هناك علامات استفهام لدى عدد من الأطراف حول دعم الثورة السورية من قبل عدد آخر من الدول.. لكن كل هذا لا يبرر ولا ينفي حقيقة أن النظام يرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق شعبه.

ونحن مهتمون ببساطة بما يحدث في سوريا، فالسؤال هو لماذا سوريا دولة غير ديمقراطية؟ ولماذا لم ينفذ النظام تعهداته الإصلاحية؟ ولماذا لا يتم احترام حقوق الإنسان في سوريا؟ فالخطأ لا يبرره خطأ، والمشكلة واضحة.. وهي مشكلة داخلية والنظام حولها إلى مشكلة إقليمية ودولية.

كان من المفترض أن تحل بين أطراف الشعب السوري، النظام يرفض ذلك، ويريد أن يأخذ الأزمة إلى مواجهة إقليمية، مروجا لفكرة يحاول أن يخدع العالم بها عن حماية مفهوم سياسة المقاومة والممانعة. وأقول له افعل ما عليك.. إن أردت أن تكون محورا للمقاومة فكان عليك أن تكون ديمقراطيا قبل غيرك.

فالمقاومة تتم حمايتها من خلال احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، وليس من خلال قتل الأبرياء وانتهاج التعذيب كسياسة ممنهجة.

* هناك جدل حاليا على تمديد مهمة بعثة المراقبين الدوليين وتعيين مبعوث جديد خلفا للسيد أنان.. فهل ترى أنه ما زال هناك أمل في حل سياسي بعد كل ما أريق من دماء؟

– كدبلوماسي أقول لا بد من وجود حل سياسي.. أي أزمة في العالم لا تنتهي إلا من حل سياسي ودبلوماسي.. فالحروب جميعا تنتهي بتوقيع اتفاقيات سلام.

وكمواطن سوري أقول: أتمنى أن يكون المجتمع الدولي – وبعد تدويل الأزمة – جديا بحق في إيجاد حل للأزمة السورية. وأعتقد أنه لا تزال هناك فرصة، وهي متاحة أمام جميع الدول والأطراف، إذا تم تصدير مصلحة الشعب السوري.. وكلما كان الحل السلمي أسرع، أنقذت أرواح السوريين.

* ولكن تعدد أطياف المعارضة السورية جعل عددا من القوى الدولية تفقد ثقتها بها، بل تصفها بلفظ بعيد عن الدبلوماسية وهو «التشرذم».. فكيف يمكن الوصول إلى حل سياسي في ظل ذلك؟

– بداية ولرسم الصورة بطريقة أوضح، لا أرى أن هذا اللفظ دقيق لوصف حال المعارضة، لأن الاختلافات بين أطيافها هي اختلافات على بعض التفاصيل المتعلقة بالآليات وليس الأسس.. فجميع أطياف المعارضة على اختلافها لديها هدف واحد وهو إسقاط النظام، إذن فهناك ما تتفق عليه المعارضة، وهو الشيء الأكثر أهمية. أما الاختلافات فمحصورة في الأساليب والأدوات التي سيتم بها إسقاط هذا النظام.

وأرى أن في هذا الأمر «إثراء» وليس «تشرذما»، لأنه يجعل هناك خيارات متعددة.. البعض يؤمن بخيارات سلمية بحتة، البعض يؤمن ببعض «العسكرة»، البعض يؤمن بعسكرة كاملة، لكن لا خلاف على المبدأ.

وهذا الغنى في البدائل – إن كانت المعارضة جدية – يجعلها تستطيع أن تصل إلى حد أدنى مقبول من قبل الجميع.. وأعتقد أن ما صدر عن المعارضة من وثائق في اجتماعها الأخير بالقاهرة (مطلع أغسطس/ آب الجاري) يمثل هذا الحد الأدنى. ومن الممكن، إن كانت أطراف المعارضة صادقة في تحقيق هذا الحد الأدنى، أن يتم تشكيل لجنة تشمل تمثيلا لجميع الأطراف لمتابعة تنفيذ ما صدر عن هذا المؤتمر، وخصوصا ما يتعلق بشأن «العهد الوطني» والمرحلة الانتقالية.. وهو أساس جيد يمكن البناء عليه.

وأتمنى بالمقابل أن يكون الموقف الدولي من دعم المعارضة السورية غير منحاز لطرف دون آخر، لأن هذا ما يعقد المشكلة.. فعندما تقوم الدول صادقة بتقديم الدعم للشعب والمعارضة السورية، فمن الأفضل أن يشمل جميع الأطراف، دون انتقاء طرف على حساب آخر.

* كمواطن سوري على صلة وثيقة بالأحداث.. ما توقعاتك للسيناريو المقبل بعد سقوط الأسد؟ هل ترى أن الأقرب للتصور هو حكم عسكري، أم مجلس انتقالي، أم أنها حقبة الإسلاميين على غرار دول الربيع العربي؟

– الحقيقة أن الشعب السوري قام بهذه الانتفاضة من أجل الوصول إلى الديمقراطية المنشودة والدولة المدنية، وهو ما يعني أن جميع الأطراف – من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار – يملكون الحق في التعبير عن رأيهم واختياراتهم والمشاركة السلمية في السلطة؛ على غرار جميع الديمقراطيات في العالم.

أما عن قيادة المرحلة الانتقالية، وهو سؤال مشروع عمن يمكن أن يقوم بهذا الأمر، فعن نفسي كنت آمل سابقا أن يكون السيناريو مرتبطا أكثر باتفاق حقيقي بين النظام – أيا كان من يمثله ممن لم تتورط أيديهم بالدماء – والمعارضة السورية لتأمين هذه المرحلة الانتقالية. وأعود وأذكر بما صدر عن المرحلة الانتقالية في مؤتمر القاهرة، الذي لمح إلى هذا السيناريو، وقد يكون الأمثل.. ولكن أيضا فإن أي سيناريو مطروح يساهم في حفظ دماء السوريين، هو أمر مقبول بالنسبة لي؛ فالهدف الأساسي للمرحلة الانتقالية هو وقف القتال والعنف وإطلاق العملية السياسية.

* ختاما.. ما خطوتك المقبلة في الفترة الحالية لمساعدة المعارضة السورية؟

– أنا كما قلت جزء من أحد أطراف المعارضة، وهو التجمع الدبلوماسي.. وأتمنى أن أستطيع أن أخدم عبر العمل بفاعلية مع هذا الطرف في تحقيق أهداف وتطلعات الشعب السوري. وأضع خبرتي كاملة كدبلوماسي في خدمة جميع أطياف المعارضة دون استثناء، وفي خدمة الشعب السوري، لأن هذا هو الأساس.. وحتى عندما كنت أعمل داخل النظام كنت مقتنعا تماما بأنني أعمل لخدمة الدولة والشعب السوري، وقد انحزت إلى طرفه بناء على هذا الأساس. وبالتالي فإنني لن أتأخر في أي مكان أرى أنني من الممكن أن ألعب فيه هذا الدور.

الصين تدعو الحكومة السورية والمعارضة للتعاون مع جهود الوساطة الدولية

وزير الخارجية الصيني لبثينة شعبان: نطالب بتطبيق وقف إطلاق النار

لندن: «الشرق الأوسط»

دعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي أمس أطراف النزاع في سوريا إلى تطبيق وقف إطلاق النار والقبول بوساطة دولية لوقف العنف الذي تشهده البلاد، متوجها بكلامه إلى بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد التي تزور الصين.

وقال يانغ جيشي متوجها إلى بثينة شعبان إن «الصين تحض الحكومة السورية وجميع الأطراف المعنية (…) على تطبيق وقف إطلاق نار على وجه السرعة لوضع حد للعنف والشروع في حوار سياسي» بحسب ما ورد في بيان حكومي.

وأعرب يانغ عن الأمل بأن «تتعاون الحكومة السورية والمعارضة مع جهود الوساطة الدولية»، بحسب ما جاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني. وتدعو الصين إلى حل سياسي ودبلوماسي في سوريا وهي تحض الأمم المتحدة على بذل جهود لتسوية الأزمة في هذا البلد. وانضمت الصين إلى روسيا لعرقلة ثلاثة مشاريع قرارات في مجلس الأمن الدولي تهدف إلى تشديد الضغوط على النظام السوري.

من جهتها قالت شعبان التي وصلت إلى بكين الثلاثاء إن نظام الرئيس بشار الأسد على استعداد للتعاون مع جهود الوساطة الدولية طارحة احتمال التحاور مع المعارضة. وقالت إن «الحكومة السورية ستتعاون مع جهود الوساطة الدولية بحثا عن سبيل لوقف العنف، ومع المعارضة من أجل إطلاق حوار موسع يشارك فيه جميع الأطراف».

وانتقدت شعبان في مقابلة مع صحيفة «تشاينا ديلي» الحكومية أمس الدول الغربية متهمة إياها بنقل الأسلحة والأموال إلى «الأشخاص الذي يحضون على الحرب الأهلية في سوريا».

ورفضت شعبان في المقابلة استخدام كلمة «المعارضة» للإشارة إلى المناهضين للرئيس السوري، مؤكدة أن هؤلاء هم أشخاص «تسلحهم قوى خارجية وتشجعهم على ممارسة عمليات الخطف والقتل وتدمير المنشآت الحكومية». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كما أكدت أن سوريا لا تمنع المنظمات الإنسانية من دخول أراضيها مشيرة إلى أن هذه المنظمات لم تستجب لطلبات الحكومة توفير مساعدات.

وتزور شعبان الصين في وقت علقت منظمة التعاون الإسلامية عضوية سوريا، ما زاد من عزلة دمشق التي تواجه حركة احتجاجية انطلقت سلمية قبل 17 شهرا وتعسكرت تدريجيا، وهي تقابلها بقمع شديد.

مجزرة أعزاز الوحشية تصدم العالم وتشعل موجة هجرة واسعة نحو تركيا

مدفعية الأسد تستهدف تجمعاً أمام فرن في حلب وتقتل نساء وأطفالاً

صدم العالم أول من أمس بالمجزرة التي ارتكبتها قوات بشار الأسد في مدينة أعزاز في ريف حلب ، بسبب الوحشية المنقطعة النظير، حيث قصفت المدينة بقنابل فراغية بواسطة الطيران الحربي رغم اقتظاظها بالسكان المدنيين.

وتسببت تلك المجزرة بموجة لجوء جديدة باتجاه تركيا، فيما اعلنت الأمم المتحدة أن اكثر من مليون لاجئ سوري بحاجة الى مساعدات عاجلة.

أعزاز

فقد قتل اكثر من 20 شخصا في قصف جوي شنته مقاتلة تابعة للجيش السوري على مدينة اعزاز التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في ريف حلب (شمال)، بالاضافة الى اصابة اربعة من المختطفين اللبنانيين بجروح خطرة، بحسب “المرصد السوري لحقوق الانسان”.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن انه “تم توثيق استشهاد 31 مواطنا بينهم ثماني سيدات وثمانية اطفال استشهدوا اثر قصف” جوي تعرضت له مدينة اعزاز في ريف حلب التي سيطر عليها الجيش السوري الحر قبل اسابيع وقد خلت تماما من اي وجود لقوات النظام.

وفي تركيا، ذكر مصدر تركي رسمي الخميس ان ما لا يقل عن مئة مدني سوري اصيبوا في القصف على اعزاز نقلوا الى تركيا لتلقي العلاج، وان 15 منهم قضوا متأثرين بجروحهم.

وذكر مدير المرصد ان اللبنانيين الاحد عشر المخطوفين والمحتجزين في ريف حلب على يد مجموعة مسلحة منذ 22 ايار (مايو) اصيبوا في الغارة على اعزاز الاربعاء.

وقال شهود لمراسل “فرانس برس” ان طائرة حربية اطلقت صاروخا باتجاه احد احياء مدينة اعزاز “مدمرة منطقة بمساحة بحدود 800 متر مربع”، مشيرا الى ان ما لا يقل عن 10 منازل سويت بالارض.

وذكر شاهد يدعى ابو عمر، وهو مهندس في العقد الخامس، من مكان الحادث ان القصف استهدف “منطقة مدنية”، مضيفا ان “كل هذه البيوت كانت تعج بالنساء والاطفال الذين كانوا ينامون خلال الصيام”. وقال “حتى اسرائيل لا تفعل الشيء نفسه اثناء الحرب”.

واظهر شريط فيديو بثه ناشطون طفلة ميتة تظهر يدها من بين الانقاض، بينما يتجمع عدد من الاهالي فوق الانقاض وهم ينتشلون جثة من بين الركام.

واوضح لوكالة “فرانس برس” ان اربعة منهم “اصاباتهم خطيرة”، في حين اصيب السبعة الباقون “بجروح طفيفة”.

وقتل 14 شخصا الاربعاء في اشتباكات وقصف على مدينة حلب بينهم عشرة في قصف استهدف حي قاضي عسكر الذي يسيطر عليه المقاتلون المعارضون.

وبحسب هيومن رايتس ووتش التي تحدثت عن حصيلة من حوالى اربعين قتيلا، فإن عددا كبيرا من الضحايا هم من النساء والاطفال.

وأكدت انا نيستات مديرة اعمال الطوارئ في المنظمة ان “هذا الهجوم المروع قتل عددا كبيرا من المدنيين ودمر مجمعا كاملا من المنازل”، مضيفة “مجددا، الحكومة السورية شنت هجوما من دون اي اعتبار لحياة المدنيين”.

ونددت لجنة تحقيق شكلتها الامم المتحدة بجرائم الحرب المرتكبة في سوريا، سواء من جانب قوات النظام والميليشيات المؤيدة له او من المعارضة.

كما قتل 25 مواطنا في دمشق الاربعاء في اطلاق نار واشتباكات وقصف على عدد من الاحياء، بينهم عشرة قتلوا في منطقة الاخلاص في حي المزة التي شهدت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، بحسب المرصد.

وبلغ عدد القتلى أول من امس 172 هم: 122 مدنيا بينهم حوالى خمسين امرأة وطفلا، و18 مقاتلا معارضا و32 جنديا نظاميا.

..ومجزرة في حلب

وقتل 31 شخصا صباح امس في قصف واشتباكات في حلب حيث تدور منذ اسابيع معارك ضارية بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين للسيطرة على هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد في بيان ان ستة مواطنين بينهم طفلان وامرأة قتلوا في قصف تعرض له حي الشعار في شرق المدينة، في حين قتل عشرة اشخاص على الاقل في قصف على حي قاضي عسكر في شرق المدينة ايضا، مشيرا الى ان عدد هؤلاء “مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم بحالة خطرة”.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد الكتروني ان القصف على حي قاضي عسكر اصاب “تجمع مواطنين امام فرن اثناء انتظارهم للحصول على الخبز”، وان بين القتلى “العديد من الاطفال والرجال المسنين”.

وارفقت الهيئة خبرها بشريط فيديو عن القصف يظهر جثثا في الطريق تسبح في برك من الدماء، ويصعب تبين وجوه اصحابها.

وشمل القصف فجر امس ايضا احياء الفردوس والشعار والصاخور والسكري والانصاري وطريق الباب، وكلها احياء تقع في شرق العاصمة.

ووقعت اشتباكات في محيط دوار الجندول القريب من وسط المدينة، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية عناصر من القوات النظامية، بحسب المرصد.

واستمرت الاشتباكات في حيي صلاح الدين (جنوب غرب) وسيف الدولة (غرب) اللذين دخلتهما القوات النظامية، وتشهدان معارك كر وفر وحرب شوارع بين الطرفين.

وتعرضت مدينة التل في ريف دمشق لقصف من القوات النظامية السورية التي دخلت مناطق فيها امس، وذلك بعد ايام طويلة من القصف والاشتباكات. وعثر على خمسة سائقين قتلوا فجرا في صحنايا في ريف دمشق على ايدي مجهولين.

وفي دمشق، تعرض حيا العسالي والتضامن (جنوب) لقصف من القوات النظامية تسببب سقوط عدد من الجرحى، كما سقطت قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة (غرب) الذي شهد الاربعاء اشتباكات عنيفة تسببت بسقوط عشرة قتلى.

ورغم سيطرة القوات النظامية على مجمل احياء العاصمة، تتكرر المواجهات بينها وبين مجموعات مسلحة معارضة في بعض الازقة والشوارع.

هجرة كثيفة

وفي مواجهة القصف العنيف الذي تشنه طائرات النظام السوري، تدفق مئات اللاجئين السوريين الى الحدود التركية حاملين بضعة امتعة وعلبا محملة بالاغذية استطاعوا نقلها.

وقال ابو علاء احد سكان مدينة اعزاز في ريف حلب “سئمت. لا يجب ان يعيش احد خوفا مماثلا. كيف يمكن لاطفالي ان يناموا اذا لم نرحل؟”.

وتصطف عائلات باكملها في طوابير طويلة عند معبر كيليس في تركيا. وقال ابو علاء “لم ار يوما امرا مشابها”، محاولا جمع اطفاله وافراد عائلته داخل شاحنته الصغيرة.

الا ان اخرين لم يحظوا بفرصة الحصول على سيارة واضطروا الى اجتياز مسافة ال15 كلم التي تفصل اعزاز عن الحدود سيرا على الاقدام. وقالت امراة رفضت اعطاء اسمها “كان ذلك مجزرة، تم القضاء على عائلة باكملها مثل عائلتي”.

واعلنت وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري اموس في ختام زيارة الى سوريا امس ان اكثر من مليون لاجئ سوري يعانون من “فقر مدقع” وهم بحاجة الى مساعدات عاجلة، مؤكدة انها ستواصل ضغوطها على دمشق كي تسمح لمنظمات الإغاثة الدولية بالعمل في سوريا.

وقالت آموس خلال مؤتمر صحافي في ختام زيارتها الى دمشق “لقد تم تهجير اكثر من مليون شخص من ديارهم وهم يواجهون فقرا مدقعا”، مشيرة الى احتمال وجود “اكثر من مليون شخص اضافي لديهم احتياجات انسانية عاجلة نظرا لاتساع تأثير الأزمة على الاقتصاد وعلى معيشة الناس”.

واعتبرت اموس ان “وكالات الامم المتحدة في سوريا وشركاءها المحليين لا يستطيعون التعامل مع الازمة الانسانية بمفردهم”، مشيرة الى انها “ستستمر بالضغط على الحكومة للسماح بزيادة عدد العاملين بالمساعدات والمنظمات”.

واضافت انها “تود لو ان أن الحكومة تقوم بتوسيع الامكانات لمنظمات غير حكومية كبيرة أخرى من المجتمع الدولي التي نعلم انها يمكن أن تساعد حقا على رفع مستوى هذه الجهود بشكل ملحوظ”.

ولكنها اقرت بفشلها في تحقيق هذا الهدف.

وقالت “لم أكن قادرة على الحصول على هذا الاتفاق”.

وقالت اموس ان الحكومة اعربت لها عن قلقها من “ان تقع المساعدات في نهاية المطاف بايدي الجماعات المسلحة أو الإرهابيين”، مشيرة الى ان هذه القضية كانت تثار معها “عند كل محادثة فردية اجريها مع وزير في الحكومة”.

واكدت اموس على انها “ستستمر بالضغط على الحكومة لكي تصبح أكثر مرونة في تعاملها مع العمليات الانسانية”، لافتة الى “عدم وجود سبب يحول دون حصول السوريين العاديين على القدر الممكن عمليا من المساعدة”.

وذكرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة في بيان الثلاثاء ان عدد السوريين الذين لجأوا الى الاردن وتركيا ولبنان والمسجلين لديها بلغ حوالى 158 الفا، مشيرة الى ان هذا العدد هو دون العدد الحقيقي للاجئين.

فابيوس في الأردن

في الأردن، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس الى رحيل الرئيس السوري بشار الاسد والانتقال السياسي السريع في سوريا.

وقال فابيوس للصحافيين خلال زيارة الى مخيم الزعتري شمال المملكة الذي يؤوي اكثر من ستة آلاف لاجئ سوري ان “موقف فرنسا واضح: نحن نعتبر ان بشار الأسد هو جلاد شعبه وانه يجب ان يرحل وكلما رحل مبكرا كان ذلك افضل”. واضاف الوزير الفرنسي الذي رافقه في جولته نظيره الاردني ناصر جودة “نحن موجودون جدا على الساحة الدولية لتشجيع السوريين على ايجاد عملية الانتقال السياسي”، مشيرا الى ان “هذا التحول السياسي يجب أن يكون على نطاق واسع ويشمل كل الشعب السوري، ويضمن حقوق الأقليات جميعها”.

وتابع فابيوس: “نأمل أن تتم اقامة حكومة انتقالية بسرعة وان تعترف بها الدول الكبرى في العالم”، معتبرا ان “هذا سوف يسرع سقوط بشار الأسد، الذي أصبح ضرورة واضحة”.

واوضح فابيوس ان “هناك اكثر من مليون شخص مهجر داخل سوريا بالاضافة الى مئات الالاف من اللاجئين في دول الجوار”، مشيرا الى ان “زيارته الى هذا المكان هي للتعبير عن تضامن فرنسا مع هؤلاء اللاجئين”.

وتحدث فابيوس عن اوضاع اللاجئين في المخيم. وقال “انها تشبه اوضاع اللاجئين في كل المخيمات، وهي صعبة جدا فهم يعيشون في منطقة قاحلة مغبرة”، مشيرا الى ان زيارته ذات طابع انساني وانه يحمل معه اكثر من 20 الف قناع يحمي الفم والانف والاذن من الغبار والاتربة.

وفيما يتعلق بالمعارضة السورية وخاصة “الجيش السوري الحر”، قال فابيوس “نحن على اتصال مع بعض مسؤوليها، ونحن نأمل أن يتمكنوا من تنفيذ أنشطتهم بالتنسيق مع المعارضة”.

وحول تسليح المعارضة، قال “انتم تسمعون مثلي ان اللاجئين في هذا المخيم يطلبون بتوفير اسلحة مضادة لطائرات بشار الأسد التي ترهب وتقتل العشرات يوميا”. واضاف ان “الدول الأوروبية سبق وان فرضت حظرا (على السلاح)، لذلك لا يمكننا أن ننتهك الحظر الذي فرضناه”، مشيرا الى انه “ليس سرا أن عددا من الدول وافقت على تقديم معدات غير قتالية، كأجهزة اتصال واجهزة فنية مفيدة للمعارضة السورية والمقاومة”.

وما ان شاهد اللاجئون السوريون الوزير الفرنسي يتجول بينهم حتى اوقفوه، داعين بلاده الى مساعدتهم على القتال.

وصاح محمد الحريري (51 عاما) من درعا وهو اب لعشرة اطفال موجها كلامه لفابيوس “نحن لسنا بحاجة لمخيمات ومساعدات، نحن بحاجة للاسلحة، اعطونا اسلحة وقذائف آر بي جي ومضادات طائرات”. واضاف متسائلا “لماذا أتوا بنا الى هذا المكان؟ احوالنا سيئة جدا لا نريد البقاء هنا فنحن لم نهرب من القصف الجوي في بلدنا حتى يأتون بنا الى هنا حيث قصف الرمال والعواصف”.

واوضح الحريري لوكالة “فرانس برس” ان ابنه البالغ من العمر 23 عاما قتل على يد قوات النظام السوري في قرية السورا في محافظة درعا في 29 اذار الماضي بـ16 طلقة في صدره و”لم يكن معي مسدس كي انتقم له”. وتابع “بالامس قصفوا منزلي ودمروه”.

وقالت سعاد (40 عاما) وهي ام لاربعة اطفال: “نحن لسنا بحاجة لاي مساعدة، نريد تسليح المعارضة كي تتمكن من اسقاط هذا النظام وكي نتمكن نحن من العودة الى منازلنا، فنحن لا نريد البقاء هنا”.

وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اكد السبت تصميم فرنسا على البحث عن حل سياسي في سوريا.

اكد وزير الخارجية الاردني على “الموقف الاردني الداعي الى ضرورة وقف نزف الدماء والعنف في سوريا وضرورة ايجاد حل سياسي”، معربا عن امله ان “يسود الامن والاستقرار في سوريا وان يتمكن المواطنون السوريون المتواجدون في الاردن من العودة الى وطنهم”.

كما حذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله لفابيوس من “تداعيات الازمة (السورية) وانعكاساتها على أمن واستقرار المنطقة بأسرها”، على ما افاد بيان صادر عن الديوان الملكي الاردني.

وشدد الملك خلال اللقاء على “الموقف الاردني الداعي الى أيجاد حل سياسي سريع للازمة السورية يحافظ على وحدة سوريا واستقلالها وتماسك شعبها، ويضع حدا لنزف الدماء وتصاعد حدة العنف”.

واشار الى “المسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي في العمل على إنهاء الازمة وتجنيب الشعب السوري المزيد من المعاناة”.

ويستضيف الاردن اكثر من 150 الف لاجئ سوري. وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة فإن عدد المسجلين يبلغ نحو اربعين الف لاجئ.

إيطاليا

في روما، قال وزير الخارجية الايطالي، جوليو تيرسي امس، إن تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول الأحداث في بلدة الحولة، هو تذكير قوي بالحاجة إلى أن يسرع المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية للشروع في عملية الانتقال السياسي في سوريا.

ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية (أكي) عن تيرسي، قوله في بيان تعليقاً على تقرير لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على مجزرة الحولة التي ارتكبت في شهر أيار الماضي “ان محتويات التقرير تؤكد للمرة الأولى وبعبارات لا لبس فيها، وبتقييم مستقل وموثوق به، الإنذار الخطير والقلق الذي اعربت عنه إيطاليا منذ وقت بعيد وكررته باستمرار في الأشهر الأخيرة، حول جرائم حكومة الأسد”. وأضاف أنه “من الضروري الآن تمكين الأمم المتحدة من لعب دور حاسم جداً بشأن الأزمة في سوريا، التي دفع شعبها ثمنا باهظا لا يمكن احتماله”.

الصين

وفي موقف لافت دعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي امس سوريا الى تطبيق وقف اطلاق نار والقبول بوساطة دولية لوقف العنف الذي تشهده البلاد، متوجها بكلامه الى بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد التي تزور الصين.

وقال يانغ جيشي متوجها الى بثينة شعبان ان “الصين تحض الحكومة السورية وجميع الاطراف المعنية (…) على تطبيق وقف اطلاق نار على وجه السرعة لوضع حد للعنف والشروع في حوار سياسي” بحسب ما ورد في بيان حكومي.

واعرب يانغ عن الأمل بان “تتعاون الحكومة الصينية والمعارضة مع جهود الوساطة الدولية”، بحسب ما جاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية على موقعها الالكتروني.

وسبق ان دعت الصين الى حوار سياسي في سوريا وحضت الامم المتحدة على بذل جهود لتسوية الازمة في هذا البلد.

وانضمت الصين الى روسيا لعرقلة ثلاثة مشاريع قرارات في مجلس الامن الدولي تهدف الى تشديد الضغوط على النظام السوري.

وقالت شعبان التي وصلت الى بكين الثلاثاء ان نظام الرئيس بشار الاسد على استعداد للتعاون مع جهود الوساطة الدولية طارحة احتمال التحاور مع المعارضة.

وقالت في تصريحات صحافية ان “الحكومة السورية ستتعاون مع جهود الوساطة الدولية بحثا عن سبيل لوقف العنف، ومع المعارضة من اجل اطلاق حوار موسع يشارك فيه جميع الاطراف”.

وانتقدت شعبان في مقابلة مع صحيفة تشاينا ديلي الحكومية الخميس الدول الغربية متهمة اياها بنقل الاسلحة والاموال الى “الاشخاص الذي يحضون على الحرب الاهلية في سوريا”. ورفضت شعبان في المقابلة استخدام كلمة “المعارضة” للاشارة الى المناهضين للرئيس السوري، مؤكدة ان هؤلاء هم اشخاص “تسلحهم قوى خارجية وتشجعهم على ممارسة عمليات الخطف والقتل وتدمير المنشآت الحكومية”.

روسيا

وفي موسكو، دعا نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف الى بقاء الأمم المتحدة في سوريا، مشدداً على ان خروجها الآن سيؤثر سلباً على المنطقة بكاملها.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان امس ان غاتيلوف التقى نائبة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ويندي شيرمان، وأضافت انهما تبادلا وجهات النظر حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالتطورات الأخيرة في سوريا، بما في ذلك مناقشة الأزمة السورية في مجلس الأمن الدولي.

وشدد غاتيلوف على أهمية الحفاظ على وجود للأمم المتحدة في سوريا، معتبراً ان “انسحاب الأمم المتحدة في الظروف الراهنة قد يخلف عواقب سلبية خطيرة ليس في ذلك البلد وحسب بل في المنطقة بكاملها”.

ودعا غاتيلوف الى ضرورة تقيّد كل الأطراف السورية واللاعبين الخارجيين بشكل صارم بقرارات مجلس الأمن الدولي وما تم الاتفاق عليه في البيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجموعة العمل حول سوريا.

وفي هذا السياق، أوضح غاتيلوف أهمية تفعيل مجموعة العمل حول سوريا بغية الاتفاق حول خطوات مشتركة لإطلاق التسوية السياسية للأزمة السورية.

(أ ف ب، رويترز، يو بي أي)

إنهاء بعثة المراقبة بسوريا وبكين تدعو للحوار

                                            باريس لا تستبعد فرض حظر جوي

قرر مجلس الأمن إنهاء مهمة بعثة المراقبة الأممية في سوريا بعد نحو أربعة أشهر ونصف الشهر من انتشارها، وهو قرار تأسفت له روسيا، في وقت حثت الصين النظام السوري على وقف العنف وحوار المعارضة، ووجهت فرنسا دعوة جديدة للرئيس بشار الأسد ليرحل ويفتح الباب لانتقال سياسي سريع.

وقال رئيس مجلس الأمن مندوب فرنسا الأممي جيرار آرو بعد جلسة مغلقة للمجلس بشأن سوريا إن الشروط اللازمة لبقاء المراقبين -الذين تنتهي مهمتهم الأصلية هذا الأحد- لم تستوف.

وأبدى مندوب روسيا الأممي فيتالي تشوركين أسف بلاده لعدم التجديد للمهمة، التي انتشرت في أبريل/نيسان الماضي وضمت 300 خبير غير مسلح.

وانتقد تشوركين أطرافا دولية لم يسمها بتأجيج الصراع بتقديم السلاح، ووجه دعوة للمجموعة الدولية لتحث النظام والمعارضة المسلحة على وقف العنف.

كما دعت روسيا -على لسان تشوركين- لاجتماع لمجموعة الاتصال في نيويورك، قالت إنها تريد أن تحضره إيران والسعودية، اللتان لم تشاركا في اجتماع جنيف قبل نحو شهر ونصف الشهر.

وكان مجلس الأمن اشترط امتناع دمشق عن استعمال الأسلحة الثقيلة وانحسار العنف للتمديد للمهمة، وهما شرطان لم يتحققا حسب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي شدد مع ذلك على ضرورة أن يكون هناك حضور أممي في سوريا بعد نهاية مهمة المراقبين.

وأبلغت روسيا الولايات المتحدة سابقا أنها تفضل بقاء المراقبين لأن لخروجهم “عواقب وخيمة”، وذلك في لقاء لغينادي غاتيلوف نائب وزير خارجيتها بنظيرته الأميركية ويندي شيرمان. لكن واشنطن قالت إن المراقبين يجب أن يغادروا بعد انقضاء مهمتهم، وإن أبدت استعدادها لبحث وجود أممي من طبيعة أخرى.

مكتب تنسيق

وقد قال إدوارد مولاي نائب رئيس مكتب عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة بعد نهاية جلسة مجلس الأمن إن المراقبين سيخرجون بشكل منظم، وإن آخرهم سيغادر يوم الجمعة القادم.

لكنه قال أيضا إن النظام السوري وافق على فتح مكتب تنسيق أممي بدل بعثة المراقبة الأممية، وإن الأمم المتحدة تبحث عن رئيس لهذا المكتب، الذي سيعد بين 20 و30 فردا (بينهم خبراء في الشؤون الإنسانية والعسكرية والسياسية) وسيلحق بالمبعوث العربي الأممي الجديد متى جرى اختياره.

وقد أعلنت الخارجية الأميركية اليوم عن موافقة واشنطن على تشكيل بعثة مراقبة صغيرة بشأن سوريا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون توقع أمس في تيمور الشرقية أن يُعين بشكل سريع بديلٌ المبعوث الأممي العربي كوفي أنان الذي استقال قبل أسبوعين لفشله في إقناع أطراف النزاع بوقف العنف والجلوس إلى طاولة الحوار. وقبل يومين قال متحدث باسم أنان إن دمشق تدعم تعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي وسيطا.

لكن دبلوماسيين أمميين لم يكشفوا هوياتهم يقولون إن الدبلوماسي الجزائري يريد إشارة دعم قوية من مجلس الأمن المنقسم على نفسه إزاء النزاع.

الصين والأسد

وجاء إنهاء بعثة المراقبة في وقت أبلغت فيه الصين المبعوثة السورية بثينة شعبان -الموجودة في زيارة إلى بكين- أن على دمشق وكل الأطراف المعنية بالنزاع وقف إطلاق النار وقبول الوساطة الدولية.

وقالت بكين -التي أحبطت مع موسكو عددا من مشاريع قرارات مجلس الأمن ضد دمشق- إن على النظام السوري اتخاذ خطوات عملية للاستجابة “للمطالب المعقولة للشعب في التغيير”، حسب ما ذكر موقع الوزارة الإلكتروني، الذي نقل أيضا عن وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي “قلقه الشديد” لما يحدث في سوريا.

وحسب الخارجية الصينية، عبرت شعبان عن استعداد الحكومة السورية للتعامل مع كل الأطراف لإنهاء العنف وفتح حوار سياسي شامل مع المعارضة.

لكن شعبان انتقدت بشدة -في لقاء مع صحيفة تشاينا ديلي الحكومية الصينية- موقف دول الغرب واتهمتها بتوفير السلاح والمال لـ”أناس يؤججون الحرب الأهلية”، ووصفت المعارضة بمحض “جماعات مسلحة وخاطفين وأدوات في يد القوى الأجنبية”.

وفي لقاء آخر مع صحيفة غلوبل تايمز الصينية أبدت شعبان أملها في أن تجد روسيا وإيران والصين -وهي دول وصفتها بأصدقاء سوريا- حلا للأزمة، ووصفت بالأكاذيب تصريحات لرئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب قال فيها إن النظام لم يعد يسيطر إلا على 30% من سوريا.

وقالت “كل من لا يؤمن بالسلطات السورية أو النظام السوري يمكنه الرحيل. لكن عدد المنشقين بولغ فيه بشكل واضح”.

دعوة فرنسية

وقد دعت فرنسا اليوم مجددا على لسان لوران فابيوس وزير خارجيتها لرحيل الأسد وإطلاق انتقال سياسي سريع وواسع يضمن حقوق الأقليات، وأكدت أن النظام السوري بدأ يضعف.

ووصف فابيوس -الذي كان يتحدث في الأردن حيث تفقد أحد مخيمات اللاجئين السوريين مصحوبا بنظيره الأردني ناصر جودة- الأسد بـ”جلاد شعبه”، وقال إن كل الخيارات قائمة لمعالجة الأزمة بما فيها فرض حظر جوي.

لكن وزير الخارجية الفرنسي قال إن بلاده ترفض تسليح الجيش الحر لعدم معرفتها بتركيبته.

ويأتي الحراك الدبلوماسي في وقت علقت فيه منظمة التعاون الإسلامي عضوية سوريا، وهو قرار انتقده بشدة وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي، الذي قال إن دمشق كان يفترض أن تدعى لحضور قمة مكة لتدافع عن نفسها.

فابيوس: انشقاقات “مذهلة” متوقعة بسوريا

                                            قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس الخميس إن لديه معلومات تتوقع مزيدا من الانشقاقات التي وصفها بالمذهلة عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ويعاني نظام دمشق أصلا من الانشقاقات وأبرزها انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب والقائد العسكري العميد مناف طلاس ابن العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق المقرَّب للرئيس الراحل حافظ الأسد.

وصرح فابيوس إبان زيارة قام بها إلى العاصمة اللبنانية بيروت أن “المعلومات التي بحوزتنا والتي سننتظر لمعرفة ما إذا كانت مؤكدة في الأيام القادمة، تشير إلى أن هناك انشقاقات مذهلة أخرى ستحدث”.

وتابع مستشهدا بانشقاق حجاب وطلاس أن “كل ذلك يعكس أن أناسا من مختلف الشرائح قرروا التخلي عن النظام لأنهم رأوا أن الشيء الوحيد الذي يفعله بشار الأسد الآن هو قتل شعبه”.

ومضى الوزير الفرنسي إلى القول إن النظام السوري يعيش حالة من “التحلل”، مضيفا “نريد أن يحدث ذلك بأسرع ما يمكن”.

وقد اندلع الصراع في سوريا في مارس/آذار 2011 عندما فرَّقت قوات النظام بالقوة احتجاجات سلمية والتي تحولت فيما بعد إلى تمرد مسلح أسفر -بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان- عن مقتل 23 ألف شخص حتى الآن، بينما تقدر الأمم المتحدة الحصيلة بنحو 17 ألفا.

240 قتيلا وقصف متواصل في سوريا

                                            تواصل قصف الجيش النظامي السوري لبلدات في إدلب وريف دمشق وحلب، في حين وقعت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر بمحيط مطار المزة العسكري بدمشق، وعُثر على 60 جثة لأشخاص أعدموا ميدانيا في بلدة قطنا في ريف دمشق، ليرتفع بذلك عدد قتلى أمس الخميس في سوريا إلى 240 شخصا.

فقد قصف الجيش النظامي السوري بالطائرات بلدة جرجناز في إدلب، ومدينتيْ الضمير والتل في ريف دمشق, كما قتل أكثر من ستين شخصا جراء القصف الذي تعرضت له حلب، بينهم 36 عند قصف مخبز في حي “قاضي عسكر”.

أما في بلدة إعزاز بريف حلب فتتواصل عمليات الإنقاذ مع تضاؤل فرص العثور على ناجين وسط الدمار الهائل الذي لحق بعدة أحياء بعد الغارة التي شنتها طائرات حربية سورية أمس.

وقال ناشطون إن اشتباكات وقعت قبل فجر اليوم بين قوات الجيشين الحكومي والحر, كما سُمع دوي انفجارات في محيط مطار المزة العسكري بالعاصمة دمشق، ولم تعرف بعد حصيلة للقتلى أو الجرحى جراء تلك الاشتباكات والانفجارات.

وفي حمص قالت مجموعات في الجيش السوري الحر إنها بدأت معركة لفك الحصار عن أحياء المدينة.

ورغم قلة الذخيرة والأسلحة المتوفرة، فإن الجيش الحر يقول إن هدفه فك حصار القوات الحكومية المفروض على حمص, وحماية من تبقى فيها من المدنيين بعد نزوح الآلاف منهم.

مجازر

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن عشرة أشخاص أعدموا من قبل القوات النظامية في بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق, وكانت البلدة شهدت قبل مدة مجزرة قتل فيها العشرات. ومن بين القتلى الذين سقطوا في دمشق ثمانية في حي الحجر الأسود، حسب لجان التنسيق المحلية.

وفي ريف دمشق أيضا, قتل سبعة سوريين في قصف للجيش النظامي على بلدة الضمير. ووفقا للجان التنسيق المحلية فإن ما لا يقل عن 90 شخصا قتلوا برصاص وقذائف القوات النظامية في دمشق وريفها، بمن فيهم ضحايا مجزرة قطنا.

وفي وقت سابق الخميس, قال ناشطون للجزيرة إن الجيش السوري ارتكب سلسلة من المجازر في حلب بدأت بقصف مخبز في حي قاضي عسكر، مما أسفر عن مقتل نحو 40 شخصا كانوا يقفون في طابور لشراء الخبز الذي بات نادرا في المدينة.

وتحدث ناشطون عن مقتل ثمانية آخرين في قصف مماثل على حي الشعار بحلب, كما سقط ثلاثة قتلى على الأقل في حي طريق الباب, وجرحى في حيّيْ بعيدين والميسر.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد تعرض أحياء الفردوس والأنصاري والكلاسة وبستان القصر والشعار بمدينة حلب للقصف، كما قُصفت بلدات بريف حلب بينها الأتارب ودار عزة والباب، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات.

وأكد ناشطون مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين في قصف بطائرات الميغ على بلدة معرة مصرين في إدلب التي قتل فيها 14 شخصا بالجملة.

قصف واشتباكات

وقد اقتحم الجيش الحكومي الخميس بالدبابات حي الحجر الأسود بدمشق وسط اشتباكات عنيفة مع الجيش الحر، كما قصف مدينتيْ الضمير وعربين قرب العاصمة. وقال الناشط معاذ الشامي إن الجيش الحر دمر أربع دبابات على مشارف الحي.

وفي حمص تجدد القصف بالمدفعية والهاون على مدن تلبيسة والحولة والرستن مع محاولة لاقتحام الرستن من الشمال قبل أن يتصدى لها الجيش الحر.

وفي دير الزور، تركز القصف على حي الجورة، كما سمع إطلاق نار كثيف في حي القصور، بينما قصف الطيران الحربي بلدة الشعيطات. وفي درعا, أوقع القصف عشرة قتلى، حسب لجان التنسيق المحلية. وتجدد القصف العشوائي على بلدة تل الشهاب الحدودية مع الأردن بريف درعا، وكذلك على مدينة اللطامنة بريف حماة.

وعلى صعيد آخر، قال التلفزيون السوري إن قوات نظامية تمكنت من تحرير ثلاثة صحفيين من قناة “الإخبارية” السورية اختطفهم مسلحون ببلدة التل قرب دمشق منذ أسبوع. وأضاف أن تحريرهم تم بـ”عملية نوعية”، دون مزيد من التفاصيل. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد تحدث عن قصف عنيف للتل سبق عملية تحرير الطاقم الصحفي المختطف.

المعارضة: 48 قتيلا في سوريا الجمعة

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

قتل 48 سوريا برصاص قوات الأمن الجمعة، معظمهم في حمص وحلب ودرعا وفقا لمصادر في المعارضة.

وأفادت شبكة شام بوقوع قصف من الطيران المروحي على بلدة سفيرة غربية بريف دير الزور، حيث سمع دوي انفجار ضخم هز البلدة.

وقال ناشطون إن ضابطا برتبة ملازم انشق مع 14 جنديا من منطقة الهجانة في مدينة الميادين، وانضموا إلى صفوف الجيش الحر.

وكان ناشطون أعلنوا إسقاط طائرة مروحية في منطقة الحجر الأسود في دمشق حيث دارت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر.

كما قال نشطاء إن كتيبة تابعة للجيش الحر دمرت ثلاث دبابات في منطقة الدحاديل في ريف دمشق.

وعثر على 8 جثت محروقة في منطقة الدلي بمدينة نوى بمحافظة درعا، كما عثر على جثت 12 شخصا أعدموا برصاص القوات النظامية في جديدة عرطوز في ريف دمشق.

وتعرضت أحياء الحسينية، الجنينة والحصان وسفيرة تحتاني ومحميدة في دير الزور لقصف عنيف.

كما تسبب قصف عنيف على أحياء التضامن والقدم والعسالي في دمشق بدمار كبير في المباني السكنية.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت الخميس أن 251 سوريا قتلوا في أنحاء متفرقة من البلاد، بينهم عشرات قتلوا في قصف لطائرات حربية على مخبز في حي قاضي عسكر في مدينة حلب.

وقتل 31 شخصا الخميس في قصف واشتباكات في حلب، حيث تدور منذ أسابيع معارك ضارية بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، للسيطرة على هذه المدينة الواقعة شمالي سوريا، حسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الغرب يبحث تأمين سلاح سوريا الكيميائي

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة وحلفاءها يناقشون أسوأ السيناريوهات المحتملة التي قد تتطلب نشر عشرات الآلاف من جنود القوات البرية في سوريا لتأمين مواقع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

تفترض هذه المناقشات السرية تفكك القوات الموالية للأسد لتترك وراءها مواقع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في سوريا عرضة للنهب. كما تفترض القوى الغربية أيضا أنه لا يمكن تأمين هذه المواقع أو أن يجري تدميرها بضربات جوية فقط بالنظر إلي المخاطر الصحية والبيئية

وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا بعد نحو 4 أشهر على بدء هذه المهمة، بينما وجهت روسيا نداء إلى القوى الدولية لوقف النزاع في هذا البلد.

ورغم قرار مجلس الأمن إنهاء عمل البعثة إلا أنه أيد الدعوات لإنشاء مكتب اتصال سياسي في دمشق.

وقال المبعوث الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار آرو بعد اجتماع عقده المجلس لبحث المسألة السورية، إن “شروط استمرار مهمة بعثة المراقبين الدوليين غير متوفرة”. وتنتهي مدة المهمة منتصف ليل الأحد.

وشدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على أهمية التحضير لعملية انتقالية سياسية في سوريا، مشيرا إلى أن هناك اتصالات بين عدد من الدول في هذا الإطار، وإلى أن “المسألة العسكرية هي شأن السوريين”.

وذكر المبعوث الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن بلاده دعت إلى عقد اجتماع لممثلي ما يسمى بمجموعة العمل الدولية حول سوريا في نيويورك الجمعة لمناقشة الاقتراح.

وفي بكين، دعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي أطراف النزاع في سوريا إلى تطبيق وقف إطلاق النار، والقبول بوساطة دولية لوقف العنف الذي تشهده البلاد، متوجها بكلامه إلى مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد بثينة شعبان التي تزور الصين.

وغداة تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجامعة العربية ومنظمة التعاون بالتآمر على بلاده، محملا إياهما مسؤولية سفك الدم السوري.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة وروسيا أجرتا محادثات “مباشرة وكاملة” بشأن سوريا وإيران، وذلك خلال زيارة لموسكو قامت بها المسؤولة الثالثة في الخارجية الأميركية.

كما أبلغت مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون السياسية وندي تشيرمان المسؤولين الروس أن الولايات المتحدة “لا تؤيد تمديدا لبعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا”.

في مطار دمشق يدبر الركاب ثمن الوقود

آير فرانس , دمشق , وقود طائرات , مطار بيروت

ركاب آير فرانس واجهوا موقفا طارئا

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

وكأن التوقف الاضطراري في العاصمة السورية دمشق، لم يكن كافيا، ليتفاجأ ركاب طائرة الخطوط الجوية الفرنسية “آير فرانس” رقم 562 بطاقم الطائرة يسأل عما إذا كان معهم (الركاب) أموالا تكفي لشراء مزيد من الوقود.

وغيرت الطائرة التي كانت متجهة من باريس إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وجهتها بسبب نشوب أعمال عنف قرب مطار بيروت الدولي الأربعاء، وبسبب نقص الوقود اضطرت للقيام بهبوط اضطراري في دمشق حيث تستعر حرب أهلية.

وأوضح متحدث باسم “آير فرانس” الجمعة أن الطاقم سأل الركاب عما إذا كانوا يحملون ما يكفي من النقود “كإجراء احترازي” فقط بسبب “الظروف غير المعتادة على الإطلاق” التي تمر بها سوريا، حيث عقدت العقوبات المفروضة على الأخيرة عملية سداد قيمة التزود بالوقود.

وأضاف أن “آير فرانس تمكنت من سداد قيمة الوقود دون الحاجة إلى نقود عملائها من ركاب الطائرة، واعتذر عن الواقعة”، وفقاً للأسوشيتد برس.

وعاودت الطائرة الطيران قبل أن تهبط بأمان في بيروت.

ليبيون يدربون قوات سورية معارضة

حزب الله في سوريا , مئات السوريين , الحرب في سوريا , سوريا قصف

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

أبلغ مقاتل ليبي يحمل جنسية ايرلندية وكالة رويترز أن مقاتلين متمرسين شاركوا في الحرب الأهلية التي شهدتها ليبيا العام الماضي، جاءوا إلى الجبهة السورية ليدربوا وينظموا مقاتلي المعارضة السورية وسط ظروف أشد قسوة بكثير من المعركة التي دارت ضد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

ولد المقاتل حسام النجار لأب ليبي وأم ايرلندية واشتهر باسم سام. وهو قناص محترف كان من أفراد وحدة المعارضة الليبية التي اقتحمت مجمع القذافي في طرابلس قبل عام بقيادة مهدي الحراتي، وهو قائد ميليشيا نافذ من منطقة الجبل الغربي في ليبيا.

ويقود الحراتي الآن وحدة في سوريا غالبيتها من السوريين، لكنها تضم أيضا بعض المقاتلين الأجانب من بينهم 20 من كبار أعضاء وحدته الليبية.

وقال النجار إن الحراتي طلب منه المجيء من دبلن والانضمام إليه قبل بضعة أشهر.

وذكر النجار أن من بين الليبيين الذين يقدمون العون لمقاتلي المعارضة السورية خبراء في الاتصالات والإمدادات اللوجستية والقضايا الإنسانية والأسلحة الثقيلة، وأنهم يشرفون على قواعد تدريب توفر تدريبات لياقة وتكتيكات قتالية.

وقال النجار إنه دهش من قلة تسلح وتنظيم مقاتلي المعارضة السورية، ووصف الأغلبية السنية في سوريا بأنها كانت مطحونة ومقموعة تحت نظام الرئيس السوري بشار الأسد أكثر مما كان الليبيون يتعرضون له تحت نظام القذافي.

وقال “صدمت.. لا يمكن رغم كل ما تسمعه أن تتخيل ما سوف تراه. وضع المسلمين هناك وحالتهم الذهنية ومصيرهم، كل هذا تآكل ببطء على مر الزمن بفعل هذا النظام.”

وأضاف “كدت أبكي من أجلهم حين رأيت الأسلحة. البنادق لا تصلح إطلاقا.. يباع لنا مخلفات حرب العراق.. مخلفات من هنا وهناك. ولحسن الحظ هذا مجال نستطيع أن نساعدهم فيه. نعرف كيف نصلح السلاح وكيف نصونه، نعرف كيف نرصد المشاكل ونحلها.”

وخلال خمسة أشهر منذ وصوله إلى سوريا أصبحت ترسانة مقاتلي المعارضة “أقوى خمس مرات مما كانت عليه من قبل”. وحصل المقاتلون على مدافع أكبر مضادة للطائرات وبنادق للقنص.

وتابع النجار: أما سوء التنظيم فمشكلة خطيرة. وعلى النقيض من مقاتلي المعارضة الليبية الذين تمتعوا بحماية حلف شمال الأطلسي الذي فرض حظرا جويا على ليبيا، وكان بوسعهم إقامة معسكرات كاملة للتدريب، لا يستطيع مقاتلو المعارضة السورية الإفلات من سلاح الأسد الجوي.

 وقال النجار: “في ليبيا مع وجود منطقة الحظر الجوي كان بوسعنا أن نحشد ما بين 1400 و1500 رجل في مكان واحد ونشكل كتائب وألوية، وهنا في سوريا الرجال متفرقون هنا وهناك وفي كل مكان”.

وذكر النجار أنه على الرغم من أن كثيرا من وحدات المعارضة تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر، فإن قادتها محليون يفتقرون إلى التنسيق فيما بينهم.

واستطرد “أحد العوامل الكبرى التي تؤخر الثورة هو الافتقار إلى الوحدة بين المعارضين.. للأسف حين تصبح ظهورهم للحائط حينها فقط يدركون أن عليهم أن يتحدوا”.

وقال النجار إن الأمر “لم يعد مجرد سقوط الأسد. الأمر متعلق باستعادة المسلمين السنة في سوريا بلادهم وإبعاد الأقلية التي تقمعهم منذ أجيال”.

وتعرف الوحدة التي يقودها الحراتي قائد الميليشيا الليبي بلواء الأمة. وقال النجار إن آلافا من المقاتلين في العالم العربي يتجمعون في دول الجوار استعدادا للانضمام إلى القضية.

وفي صفحة لواء الأمة على “فيسبوك” تظهر صورة للنجار، وهو يصوب بندقيته نحو منطقة مفتوحة. كما تظهر صورة أخرى له مع الحراتي ومقاتلي المعارضة. وفي فيلم بث على موقع “يوتيوب” ظهر الحراتي وهو يقود هجوما على نقطة تفتيش في معرة النعمان بسوريا وذلك وفقا لوكالة “رويترز”.

251 قتيلا بسوريا وقصف مخبز بحلب

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 251 سوريا قتلوا في أنحاء متفرقة من البلاد، بينهم عشرات قتلوا في قصف لطائرات حربية على مخبز في حي قاضي عسكر في مدينة حلب.

وقتل 31 شخصا الخميس في قصف واشتباكات في حلب، حيث تدور منذ أسابيع معارك ضارية بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، للسيطرة على هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد في بيان إن ستة مواطنين بينهم طفلان وامرأة قتلوا في قصف تعرض له حي الشعار في شرق المدينة، في حين قتل عشرة أشخاص على الأقل في قصف على حي قاضي عسكر في شرق المدينة أيضا، مشيرا إلى أن عدد هؤلاء “مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم بحالة خطرة”.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد إلكتروني أن القصف على منطقة قاضي عسكر في حلب أصاب “تجمع مواطنين أمام مخبز أثناء انتظارهم للحصول على الخبز”، وأن بين القتلى “العديد من الأطفال والرجال المسنين”.

وأرفقت الهيئة خبرها بشريط فيديو عن القصف يظهر جثثا في الطريق تسبح في برك من الدماء، ويصعب تبين وجوه أصحابها.

وشمل القصف الخميس أحياء الفردوس والشعار والصاخور والسكري والأنصاري وطريق الباب، وكلها أحياء تقع في شرق العاصمة.

ووقعت اشتباكات في محيط دوار الجندول القريب من وسط المدينة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية عناصر من القوات النظامية، بحسب المرصد.

في هذا الوقت، تستمر الاشتباكات في حيي صلاح الدين (جنوب غرب) وسيف الدولة (غرب) اللذين دخلتهما القوات النظامية، وتشهدان معارك كر وفر وحرب شوارع بين الطرفين.

من جهة ثانية، تعرضت مدينة التل في ريف دمشق لقصف من القوات النظامية السورية التي دخلت مناطق فيها الخميس، وذلك بعد أيام طويلة من القصف والاشتباكات.

وعثر على خمسة سائقين قتلوا فجرا في صحنايا في ريف دمشق على أيدي مجهولين.

وفي دمشق، تعرض حيا العسالي والتضامن (جنوب) لقصف من القوات النظامية تسببب سقوط عدد من الجرحى، كما سقطت قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة (غرب) الذي شهد الأربعاء اشتباكات عنيفة تسببت بسقوط عشرة قتلى.

ورغم سيطرة القوات النظامية على مجمل أحياء العاصمة، تتكرر المواجهات بينها وبين مجموعات مسلحة معارضة في بعض الأزقة والشوارع.

وقتل الأربعاء في سوريا 172 شخصا في أعمال عنف في مناطق مختلفة بينهم 40 على الأقل في قصف جوي نفذه الجيش السوري على مدينة أعزاز في ريف حلب قرب الحدود التركية، كما أفاد المرصد السوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى