أحداث السبت، 19 كانون الثاني 2013
ريف دمشق: إعدامات ميدانية وإنشقاقات والنظام يشكل «جيشا موازيا»
نيويورك – راغدة درغام
دمشق، بيروت، لندن- «الحياة»، أ ف ب، رويترز – صعدت السلطات السورية من حملتها في ريف دمشق، وواصلت عملياتها وقصفها العنيف لمناطق عربين ودوما وداريا والمعضمية والمليحة وبيت سحم وعقربا. وقال ناشطون وشهود إن ما لا يقل عن 35 شخصا سقطوا أمس في ريف دمشق، بينهم 25 أعدموا ميدانيا، وهم مكبلو الأيدي، في مدينتى دوما وعدرا. كما افاد ناشطون بانشقاق نحو 450 جنديا من الجيش النظامي في ريف دمشق.
يأتي ذلك فيما تعرضت حلب ودرعا لتفجيرات أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 15 قتيلا. كما تصاعدت حدة الاشتباكات بين مقاتلين أكراد وآخرين من «جبهة النصرة» الإسلامية في مدينة رأس العين على بعد مئات الكيلومترات شرق حلب، وقرب الحدود مع تركيا. وقال ناشطون وجماعات حقوقية إن الاقتتال بين الطرفين يعد الأسوأ إذ استخدمت فيه المدفعية الثقيلة والدبابات.
يأتي ذلك فيما حضت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة مجلس الأمن على إحالة الجرائم المرتكبة في سورية على المحكمة الجنائية الدولية، لكنها قوبلت برفض روسي خلال جلسة مشاروات مغلقة عقدها المجلس أمس.
ولليوم الثاني على التوالي، دارت معارك عنيفة بين مقاتلين أكراد وإسلاميين من «جبهة النصرة» في منطقة رأس العين الحدودية مع تركيا، حسبما ذكر سكان وناشطون. ويسيطر المقاتلون المعارضون منذ تشرين الثاني (نوفمبر) على المعبر الحدودي لرأس العين شمال شرق سورية ويتجولون بحرية بين البلدين.
وذكر ناشط قال إن اسمه هافيدار لفرانس برس إن «عناصر من مجموعات مسلحة ترتبط بتنظيم جبهة النصرة اجتازوا الحدود التركية على متن ثلاث دبابات ودخلوا رأس العين» منذ أول من أمس.
وأوضح محمد أحد سكان المنطقة أن المعارك تكثفت واستمرت لوقت متاخر من الليل «بعد ان تلقى المقاتلون الأكراد تعزيزات لمواجهة الهجوم الأعنف الذي اطلقه المقاتلون المعارضون منذ وصولهم المدينة». واضاف أن المقاتلين ينتمون إلى «جبهة النصرة» (ادرجتها واشنطن على لائحة المنظمات الارهابية) وكتائب اسلامية مثل «غرباء الشام» و»احفاد الرسول». وعبر الصحافي والناشط الكردي مسعود عكو عن قلقه إزاء «المعارك بين الميليشيات الكردية والمقاتلين المعارضين»، واضاف أن الاكراد «لا مشكلة لهم مع الجيش الحر طالما انه يحارب النظام الا اننا لا نرى مبررا للهجوم على رأس العين».
وبينما ما زالت المعارك متواصلة بين القوات النظامية والمعارضة حول «القاعدة 80» الاستراتيجية في حلب، قال ناشطون إن 12 شخصا قتلوا في انفجار تضاربت المعلومات حول أسبابه في حلب.
إلى ذلك، قتل الصحافي الفرنسي من اصل بلجيكي ايف دوباي إثر اصابته برصاص قناص خلال اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية بالقرب من سجن حلب المركزي في ريف حلب بحسب ما أفاد ناشطون معارضون. كما قتل مراسل قناة «الجزيرة» القطرية محمد الحوراني برصاص قناص تابع للقوات النظامية السورية في محافظة درعا، بحسب ما افادت القناة مساء امس، مشيرة الى انه استهدف «خلال تغطيته لاشتباكات في بصرى الحرير».
وبحسب لجان التنسيق المحلية فقد سقط ما لا يقل عن 92 في مناطق متفرقة من سورية أمس.
في موازة ذلك، أفاد موقع «روسيا اليوم» الاخباري أمس عن مصدر في دمشق إن السلطات السورية تتجه لإنشاء ما سمّته «جيش الدفاع الوطني» كرديف للقوات النظامية التي تتفرغ للمهام القتالية، وانه سيشكل من «عناصر مدنية أدت الخدمة العسكرية إلى جانب أفراد اللجان الشعبية». وأشار المصدر إلى أن مهام «جيش الدفاع الوطني» ستقتصر على حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة. غير ان مواقع الكترونية افادت ان الجيش «تشكل وتم تجنيد أكثر من عشرين ألف مقاتل».
وفي نيويورك، حضت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة مجلس الأمن على إحالة الجرائم المرتكبة في سورية على المحكمة الجنائية الدولية، الامر الذي رفضته روسيا. وعبرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس في الجلسة نفسها عن «القلق البالغ حيال ارتفاع وتيرة أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي في سورية» وشن «هجمات عشوائية وغارات جوية خصوصاً في حلب» خصوصاً على المناطق المدنية. وقدمت آموس إحاطة حول أنشطة الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين السوريين والمتأثرين بالقتال داخل سورية وفي الدول المجاورة.
وقالت بيلاي إن «الأعمال التي تقوم بها الأمم المتحدة في سورية غير كافية على نحو خطير»، وأن سقوط ٦٠ ألف قتيل أمر يجب أن يتحمله ضميرنا»، مشيرة الى أن المطالبة بإحالة الجرائم في سورية «تكتسب دعماً متزايداً من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويتطلب تحركاً عاجلاً من مجلس الأمن».
واستعدت خمس دول أعضاء في مجلس الأمن هي بريطانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وأستراليا وكوريا الجنوبية لإعلان بيان مشترك بعد الجلسة «يدعم الرسالة التي كانت قدمتها سويسرا الى مجلس الأمن الإثنين باسم ٦٠ دولة والتي طالبت بإحالة الجرائم المرتكبة في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية» حسب ديبلوماسي مطلع. ووفق بيان الدول الخمس «فإن على مجلس الأمن أن يتبنى قراراً يحيل الجرائم في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية ويضمن المحاسبة عليها أمام القضاء الدولي» فضلاً عن «ضرورة توجيه رسالة قوية الى منتهكي حقوق الإنسان في سورية ومرتكبي الجرائم التي ترقى الى جرائم حرب بإنهاء الحصانة» عن جرائمهم حسب المصادر نفسها.
الإبرهيمي في نيويورك اليوم و”يفكّر جدياً” في الاستقالة من مهمته
أنقرة تبلّغت من واشنطن أن عمر نظام الأسد 6 أشهر فقط
نيويورك – علي بردى / العواصم – الوكالات
يتوقع أن يصل اليوم الى نيويورك الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي، في زيارة تستمر أسبوعين يجري خلالها محادثات حاسمة في محاولة للخروج من المأزق الذي وصلت اليه مهمته، على أن يقرر أيضاً ما إذا كان سيواصل، أو يتخلى عن مساعيه الديبلوماسية لانهاء الحرب الأهلية السورية.
وعشية زيارته لنيويورك، تزايدت الشائعات عن أن الابرهيمي “يفكر جدياً” في طلب عدم تجديد مهمته التي تنتهي بعد 40 يوماً، علماً أنه صرح أكثر من مرة بأنه “يفكر كل يوم في الإستقالة”. غير أنه “هذه المرة يبدو أنه يعتزم فعلاً اتخاذ قرار في هذا الشأن”. ونقل مقربون منه عنه أن “لديه قلقاً أصيلاً مما يحصل للشعب السوري”. وقد رأى أن الجولة الأخيرة من المحادثات الثلاثية بينه وبين نائبي وزيري الخارجية الأميركي وليم بيرنز والروسي ميخائيل بوغدانوف في 11 كانون الثاني الجاري “كانت سيئة للغاية”.
ومن المقرر أن يقدم الابرهيمي في 29 كانون الثاني الجاري احاطة جديدة الى أعضاء مجلس الأمن عن الوضع المتدهور باطراد في سوريا.
واستمع أعضاء المجلس في جلسة مغلقة أمس الى احاطتين الأولى من المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي والثانية من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية والمعونة الطارئة البارونة فاليري آموس.
وأوضحت بيلاي أنها أبلغت مجلس الأمن أن عدد القتلى في سوريا بلغ 60 ألفاً، وأن “النزاع نفسه تغيرت طبيعته… وازداد عدد القتلى من ألف قتيل الى خمسة آلاف قتيل في الشهر الواحد”. وأفادت أنها “طلبت احالة الوضع في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جميع الأطراف”.
وصرحت آموس بأنها أطلعت أعضاء مجلس الأمن على “هواجسي من الطبيعة العشوائية والعبثية للعنف الذي يحصل والمستوى المتزايد من العنف الجنسي الذي يؤثر على الكثير من النساء. نرى مؤشرات متزايدة للاغتصاب”. وأضافت أنها “تحدثت عن الشتاء القاسي، إذ أن آلاف الناس يعيشون في العراء… من دون وصول الى الغذاء والمعدات الطبية والمساعدات الطبية”. وتحدثت عن وجود زهاء 650 ألف لاجىء خارج سوريا، علماً أن نحو 207 آلاف منهم موجودون في لبنان، الذي فرّ اليه أيضاً نحو 20 ألفاً من الفلسطينيين المقيمين في سوريا.
وأعلن رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الباكستاني الدائم لدى الأمم المتحدة مسعود خان أن الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن تحول دون اتخاذ أي قرار في شأن احالة الوضع في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، كما طلبت بيلاي والدول الـ57 الموقعة للرسالة السويسرية في هذا الشأن.
وأصدر المندوبون الدائمون لدى المنظمة الدولية الفرنسي جيرار آرو والبريطاني السير مارك ليال غرانت والأوسترالي غاري فرنسيس كوينلان والكوري الجنوبي كيم سوك واللوكسمبورجية سيلفي لوكاس بياناً مشتركاً باعتبارهم ممثلي الدول الخمس فحسب في مجلس الأمن الموقعة لاتفاق روما للمحكمة الجنائية. وقالوا إنهم “قلقون من الوضع الإنساني البشع ووضع حقوق الإنسان في سوريا”. بيد أنهم أبدوا “أسفهم العميق لأن مجلس الأمن ليس في وضع يتمكن فيه من احالة (سوريا) على المحكمة الجنائية الدولية”، مؤكدين أنهم “سيقومون بما في وسعهم لابقاء الدعوة الى المحاسبة”.
أنقرة
* في أنقرة، ركزت وسائل الإعلام التركية على المحادثات التى يجريها حالياً وفد تركي مع المسؤولين في الولايات المتحدة، إذ أوردت صحيفة “ميلييت” التركية أن وكيل وزارة الخارجية التركية فريدون سينرلي أوغلو أجرى والوفد التركي المرافق له محادثات في واشنطن.
وقالت مصادر ديبلوماسية تركية إن سينرلي أوغلو أجرى محادثات مع مسؤولي الإدارة الأميركية شملت عددا كبيرا من المواضيع، في مقدمها المواضيع الثنائية التي تهم كلا البلدين والأزمة السورية، وقد نقل سينرلي أوغلو الى مسؤولي الإدارة الأميركية طلب أنقرة اتخاذ موقف واضح وثابت من الأزمة السورية وخصوصاً خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما. وأكد خبراء حكومة أوباما “أن عمر نظام الرئيس بشار الأسد ستة أشهر فقط ولا يمكن أن يزيد عمر الأسد عن ذلك”.
واعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن “سبب تأخر الحل في سوريا فشل الإجماع الدولي في الاتفاق على وضع النظام السوري في أي عملية انتقالية، إذ تصر تركيا مع مجموعة دول على ضرورة ألا يكون للنظام أي دور في العملية الانتقالية، بينما تصر الدول الداعمة للنظام على أن يكون له دور في المستقبل”.
ولايتي : الاسد خط احمر
* في طهران، دعا مستشار مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران آيه الله علي خامنئي للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في مقابلة مع قناة “الميادين” التي تتخذ بيروت مقراً لها ، إلى الوحدة في العالم الإسلامي لمواجهة الأعداء المشتركين، مؤكداً ان طهران تعتبر رحيل الأسد خطاً أحمر.
وقال ولايتي إن “السبب الرئيسي لتركيزنا على سوريا هو منع سقوط خط المقاومة في وجه اسرائيل”، محذراً من أنه “إذا أطيح بشار الأسد، فإن خط المقاومة سيكسر في مواجهة إسرائيل… غير أننا نعتقد بوجوب إجراء إصلاحات في سوريا تعتمد على رأي الشعب السوري، من دون اللجوء إلى العنف والحصول على مساعدات من أميركا”، مشيراً إلى أن “بعض الدول الرجعية مثل قطر، تزود الناس أسلحة، وتحضر المسلحين من الصومال وأفغانستان لإحداث مجازر في العسكريين والشعب، بهدف إطاحة الأسد، وهذا يؤكد وجود مؤامرة خارجية”.
دير الزور: الخراب يعم… والمسلّحون يتقاسمون الغنائم!
طارق العبد
في مدينة تنتج النفط يكون وجود المازوت نادرا، وفي منطقة تصدر القمح يصل سعر الطحين لأرقام فلكية، سيتدفأ السكان على الحطب إن وجد لأن الكهرباء باتت كزائر غريب يطرق الباب يوماً ويغيب أسابيع. وسيغدو إدخال الخبز جريمة يعاقب حامله بالإعدام، أما الاتصال فمفقود في أغلب الأحيان، ومع ذلك يعود الناس إلى بيوتهم بعد أن فقدوا أي مورد للرزق حيث تنتظرهم سيمفونية القصف والرصاص المتبادل وجنون حصار يضرب المنطقة بأسرها…
باختصار: مرحباً بكم في دير الزور حيث يتلوّن نهر الفرات بدم أبناء سوريا من ضحايا كل أشكال الموت المترافق بالصمت المطبق، حيث الموت بالرصاص أو البرد أو المرض وفقدان الدواء، أو حتى الموت جوعاً. هنا فقط تتعدد المصائب والحقيقة واحدة: النزف بصمت حتى آخر نفس .
تستغرق الرحلة من دمشق إلى دير الزور قرابة الثماني ساعات في أحسن الأحوال، وقد تمتد لعشر ساعات، قبل أن تستقبلك المدينة بأمواتها قبل أحيائها بحكم المقابر العشوائية التي تنتشر عند مدخل المدينة. وهو بحدّ ذاته مشهد يمهّد لآخر أكثر مأساوية حين يخبرك أحدهم أن المئات من ضحايا الموت والرصاص والقذائف لم يتمكن ذووهم من دفنهم إلا في الحدائق القريبة أو بجوار منازلهم. أما أحياء دير الزور فيبدو التجول في بعضها أو المرور قرب نهر الفرات فيها كارثة، قد تنتهي برصاصة قناص في أفضل الأحوال، بينما تشهد مناطق أخرى استقراراً نسبياً إذ ما زالت الحركة من المدينة وإليها مستمرة، برغم كل شيء. هناك من يعود بحكم عمله في وظائف الدولة التي فرضت عودة الموظفين لدوائرهم، بينما ذهبت الجامعة الحكومية هناك إلى إقامة الامتحانات النصفية في المدينة كمحاولة لدفع الأهالي للعودة تدريجاً وبالتالي تخفيف وطأة المعارك الدائرة. وثمة البعض من الأهالي قد حسم قرار العودة لأن مدخراته قد نفدت، ولأن جنون الغلاء حيث نزح لم يعد ينفع معه أي حلّ فقرر العودة لمنزله أو الاستقرار في أحياء ما زالت نوعاً ما آمنة.
أما تعريف كلمة آمن فهو: لا يشهد أي اشتباكات متبادلة بين الجيش النظامي و«الجيش الحر».
وتقسم أحياء دير الزور اليوم إلى جزء تحت سيطرة المعارضة المسلحة مثل الجبيلة و«الموظفين» والشيخ ياسين والحميدية، وأخرى تحت سيطرة النظام كالقصور والجورة والحويقة حيث عمدت الدولة إلى تفعيل مرافق الحياة إلى حدّ ما في هذه المناطق التي نزح إليها أبناء الأحياء الأخرى، في محاولة لدفع عجلة الحياة بشكل أو بآخر رغم التضييق الخانق الذي تعيشه المدينة بشكل عام.
ويشير أحد الأهالي إلى هذا التضييق بقوله «نعتبر أنفسنا نحن سكان دير الزور منذ أشهر طويلة في سجن كبير عاجزين فيه عن التواصل مع الخارج عن طريق وسائل الاتصال الأرضية والخلوية والانترنت، بينما يقول موظف في احدى الدوائر الحكومية ان انفجاراً ضخماً استهدف في الخريف الماضي مؤسسة الهاتف وعطل نسبة عالية من شبكات الاتصال والكهرباء. ويزداد الوضع سوءاً بقول أحد العاملين في حقل الإغاثة «لا نجد حتى المياه الدافئة للاستحمام بل لعلنا عدنا إلى العصور الحجرية حيث نستعين بالحطب من بعض البساتين لنستخدمه في التدفئة والطبخ حيث اختفى البنزين والغاز والمازوت، وان وجد فتصل أسعاره إلى أضعاف مضاعفة من سعره في الأحوال العادية. أما المحظوظ بيننا اليوم فهو من يعثر على مدفآة حطب أو يقدر الرب له شراء كمية منه فأصبحنا نهنئ انفسنا بالتدفئة في محافظة تعتبر خط الإنتاج الأساسي للنفط في البلاد. وبحسب قوله، للذهب الأسود حكاية أخرى، إذ نجح عدد من سكان الريف باستغلال النفط المتسرب من الحقول لاستخدامه في التدفئة رغم المخاطر الكبيرة المحيطة به، لكن ما عسانا نفعل ؟
أما حال الخبز والأفران فقد أصبحت مأساوية جداً، ويعمد الناس إلى الخبز يدويا بما يتسنى لهم من توفر مادة الطحين عبر التبرعات التي تقدمها بعض الجمعيات باعتبار أن معظم الأفران في المدينة باتت خارج الخدمة.
دير الزور.. حكاية «الثورة» التي أكلت أبناءها!
ثمة معضلة حقيقية تعيشها المدينة بصمت رهيب، وهي دخول الثورة الشعبية السلمية نفق الانقسام والتخبط والتخاذل من مختلف الأطراف التي واكبتها، وخاصة يوم حمل أبناؤها السلاح ليكتشف معظمهم أن المقاتلين على الأرض لهم سلطة أعلى من قادتهم في المجالس العسكرية، بينما تيارات المعارضة السياسية تصر على تجاهل المنطقة ككل. وتشير كل المعطيات على الأرض إلى أن المجالس العسكرية لا سيطرة لها على أي جانب إنساني أو عسكري، يضاف إلى ذلك تباين مصادر التسليح والفوضى التي تعمّ تفاصيل المعارك.
وعلى الرغم من اغتنام المسلحين في المدينة للكثير من السلاح والعتاد، إلا أنه منذ أشهر لم تستطع قوات «الجيش الحر» و كتائبه تحقيق أي تقدم يذكر فيها. على العكس تماما، ظهرت الخلافات واضحة بين المسلحين وتصاعدت وتيرة التصفيات بحق بعض قادة الكتائب، كما بدأت الاتهامات وخطابات التخوين تتغلغل بين الكتائب، فلم يعد هناك أدنى تنسيق ولا تشاور في ما بينهم بل بدأت حملات السرقة والعبث بالممتلكات العامة والخاصة بمباركة من بعض كتائب «الجيش الحر».
وتحت سيل من الحجج اللامنطقية، بحسب قول الناشطين، بدأ التدمير الممنهج للبنى التحتية والمباني الحكومية والخاصة، ليذهب ضحية هذا الواقع المرير الكثير من الأهالي. وكانت حجة بعض الكتائب في ذلك أن أهل المدينة وشبابها قد غادروها وجلسوا في المقاهي وليس لديهم إلا التنظير والتشهير، متناسين أنهم هم من أخرجوهم بالقوة بحجة «تحرير» المدينة، فلا هم حرروها ولا هم تركوها بل كل ما فعلوه بها كان الحاق الخراب فيها.
ويقول أحد الشباب، ممن غادروا المدينة، ان الكتائب أخبرتهم بأن في المدينة من هو أهل للقتال وهم كثر، وبدلا من أن نضيع الرصاص هباء في التدريب وهو قليل دعونا نحرر به المدينة هذا أفضل لنا ولكم، وأنتم سيأتي دوركم لاحقا في بناء «المدينة المحررة»! ويكمل الشاب «بعد شهور من حملة التحرير، لم نر لا نصراً و لا تحريراً بل دمار وخراب، حتى أن البعض من المسلحين انسحب تكتيكيا بحجة قلة الذخيرة والآن لم يبق في المدينة كاملة أكثر من 200 شخص وبذخيرة لا تكاد تكفي شيئاً، حتى للحفاظ على حيّ واحد.
ويكشف آخر أن الحجة الأساسية للمسلحين كانت بقولهم ان «المجلس العسكري وقائده الفذ يمثلاننا كمحافظة، ونحن نقول لهما أين هذا القائد الفذ المغوار، الذي ببراعته وحنكته العسكرية لم يحرر حتى حاجزاً واحداً، بل كل ما فعله حتى اللحظة هو جمع السلاح وطمره والظهور بأحد المقاطع المسجلة يتوعد فيها من يخالفه أو يضعه عند حده بالاغتيال والقتل؟». ويخلص الشاب إلى «حقيقة مفادها»: إن أردتم القول الفصل فأنتم قد ورطتم المدينة ودمرتموها وشردتم أهلها بدخولكم إليها وانسحابكم التكتيكي منها، فتركتم من بقي فيها عرضة للغارات والقذائف من دون سلاح ولا ذخيرة. وفوق كل ذلك باركت بعض فصائلكم وسهلت عمليات النهب والسطو والسرقة ولكم في ما حصل في حقول النفط خير مثال، حيث هناك خزانات تعبأ بأكملها وتهرّب، وقطع كهربائية تبلغ قيمتها الكثير تُخرّب وتُنهب من أجل حفنة من المال، فأين كتائبكم عنهم وهي التي أعلنت حمايتها للمنطقة؟
ويكشف كثيرون عن تجميع لصوص ومرتزقة ثم إعلانهم تشكيل كتيبة قد تحمل حتى اسماً إسلاميا وتعلن نفسها ضمن فصائل «الجيش الحر»، بينما لا تتوقف عن أعمال السرقة و«التشبيح» وتخريب مقار الدولة وحتى بيوت النازحين، لتبدو النتيجة دماراً متبادلاً من طرفي الصراع ونزوحاً من أرض الفرات التي يراد تلوينها بمختلف صنوف الاستبداد تحت حكم السلاح.
سليمان للاستفادة من قدرات المقاومة وفكرها .. وموسكو تعدّل لهجة جنبلاط «السورية»
محاولة لاغتيال طرابلس .. وفيصل كرامي لا يتهم أحداً
لولا العناية الإلهية لدخل لبنان في مشهد كارثي، وعلقت طرابلس في مهب الفوضى المفتوحة على المصير المجهول، وعلى تداعيات أكبر من أن تـُقدَّر أو تُحتوى.
مرة جديدة، تضرب الفوضى في طرابلس، فوضى السلاح المتفلت من عقاله، فوضى الأمن الهش والفلتان المسلح، وغياب القرار بانتزاع المدينة من أيدي المتربصين بها، العابثين بأمنها وبسلمها الأهلي، ومن ديوك الاحياء وشبيحة الزواريب، والمصطادين في مستنقع الفتنة.
نجا فيصل كرامي وخرج سليما معافى من الاعتداء الذي تعرض له موكبه في طرابلس، ومعه نجت المدينة التي يفترض ان تكون آمنة، من لحظة كادت تغتالها في وضح النهار.
فقد تجاوز لبنان ومعه عاصمة الشمال قطوعا شديد الصعوية، عاش فيه ساعات من التوتر والقلق والخوف من تلك الشرارة التي لو قدر لها ان تتفاقم لتسببت في إثارة بركان أمني ليس في الإمكان تقدير المدى الذي سيبلغه والتداعيات التي سيتركها.
ما حدث في طرابلس أمس، هو برسم الدولة وكل الجهات المعنية سياسية ومدنية، ويضعهم جميعا، كل من موقعه، أمام سلسلة لا تنتهي من الأسئلة:
ـ لماذا تشكل طرابلس دائما ساحة افتعال للشرارات والحرائق الكبرى، والى اين يراد ان تؤخذ المدينة؟
ـ هل ما زالت هناك دولة لبنانية معنية فعلا بتقدير حجم الخطر الذي تمظهر في طرابلس أمس؟
ـ هل تدرك الدولة، بكل جهاتها المعنية، أنها المسؤولة أولا وأخيرا، وأن الطريقة التي قاربت فيها ملف الشمال خلال السنتين الأخيرتين، وكذلك المعالجة السطحية للأحداث التي تلاحقت في المدينة في تلك الفترة، وعلى الحدود اللبنانية السورية وبين جبل محسن والتبانة، هي التي أدت إلى هذا الفلتان الذي أصبح كالمرض المستعصي والمستفحل في الجسم وغير القابل للعلاج؟
ـ متى ستقرر الدولة ان تخرج من عجزها أمام العابثين، ليس فقط بأمن طرابلس والشمال، بل بمصير البلد بشكل عام، ومتى تتوقف عن الهروب من مسؤولية إيجاد العلاج الشافي للسلاح المستشري بذرائع واعتبارات سياسية ومذهبية ؟
ـ هل ان ما حصل سيدفع الدولة إلى القيام بإجراءات ملموسة وعاجلة، ام انها ستثبت مجددا انها غير قادرة إلا على تنشيط حركة وزير الداخلية مروان شربل الذي تتحرك قافلة موكبه عند كل حدث، بجولات استطلاعية محملة بالتمنيات ؟
ـ هل سيشكل هذا الحادث الذي نجا منه لبنان حافزا للمسؤولين، للسياسيين، للأحزاب، للقوى والهيئات المدنية، للالتقاء على كلمة سواء تمنع هذا البلد من السقوط الكبير؟
ـ ما هو دور الجيش في العلاج، هل ستطلق يده، أم ستبقى مقيدة بالاعتبارات السياسية وغير السياسية، ام سيبقى «الدلع» هو عنوان التعاطي مع المسلحين في لحظات الفوضى وعبث العابثين؟
ـ أمام حادثة بهذا المستوى، وفي وضع مفتوح على مثلها وعلى غيرها في غياب الرادع السياسي والأمني، كيف يمكن الذهاب فعلا إلى انتخابات نيابية ـ أقله في طرابلس ـ تعبّر عن مظهر ديموقراطي ولو بالحد الأدنى، وعن ذهاب المواطنين طوعا وبحرية وأمن إلى صناديق الاقتراع؟
وكان موكب الوزير كرامي قد تعرض لاعتداء، أثناء توجهه لأداء صلاة الجمعة في أحد مساجد مدينة طرابلس، من قبل مجموعة شبان في منطقة التل بالقرب من ساحة عبد الحميد كرامي، اعترضوا طريق سيارة «دفع رباعي» تقل مرافقين لكرامي، وحاولوا منعها من مواصلة سيرها، وتطور الجدال بين الطرفين إلى إطلاق رشقات من الرصاص، واستهدفت سيارة المرافقين بقنبلة أدت إلى إحراقها بالكامل. كما طارد شبان مسلحون سيارة كرامي، وعلى الفور حضرت قوة من الجيش اللبناني وفرضت طوقا أمنيا وباشرت تحرياتها عن هوية مطلقي النار.
في هذا الوقت أمت منزل كرامي شخصيات سياسية رسمية ووزارية تقدمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتني، وأكد وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي بعد الحادثة
عدم الانزلاق إلى الحرب الأهلية في طرابلس واصفا ما حصل بانه «زعزعة لاستقرار البلد، واستهداف لأمن مدينة طرابلس».
وعقد الرئيس عمر كرامي مؤتمرا صحافيا أكد فيه «اننا لا نحمل ضغائن على احد ولا نتهم أحدا ومتأكدون ان ما جرى كان غلطة من المسلحين الموجودين في ذلك المكان»، مشددا على «أننا نصر على ان نبقى مع خيار الدولة ولن ندعي على احد ولن نحمل المسؤولية لأحد»، متمنيا على «الجيش اللبناني والقوى الأمنية اخذ دورها لطمأنة الناس».
ومساء استقبل الرئيس كرامي في منزله، بحضور نجله الوزير فيصل كرامي، وفدا من الهيئات الإسلامية ضم الشيخ سالم الرافعي، المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في طرابلس حسن الخيال، والشيخ حسام الصباغ، والشيخ رائد حليحل، ولجنة المساعي الحميدة، وعددا من المشايخ والقيادات الميدانية في منطقة التبانة والمنكوبين.
وجرى خلال الاجتماع بحث ملابسات الإشكال الذي حصل أمس مع الوزير كرامي، وجرى التأكيد على أنه ابن وقته وهو حادث عرضي، لا يستهدف أحدا، ولا خلفيات له ولا تداعيات مستقبلية على المدينة.
جنبلاط يقترب من الرؤية الروسية
للأزمة السورية
من جهة ثانية، حملت الرياح الآتية من روسيا أمس، موقفا متجددا لرئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط تقدم فيه خطوات نحو الرؤية الروسية لحل الأزمة في سوريا، حيث أكد جنبلاط بعد لقائه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في موسكو أمس، ان استقرار الشرق الأوسط مبني على سوريا، وليس من مصلحة احد استمرار النزيف فيها. وأكد على «ضرورة ان يتفق الفرقاء الدوليون حول مبادئ الحل في سوريا»، معتبرا ان «الرؤية الروسية للحل في سوريا جيدة،..ولكن كيف تطبق؟» مشيرا إلى انه سيناقش «ما توصلت إليه في موسكو مع أصدقائي في المعارضة السورية».
سليمان:
نحو قانون انتخاب أفضل من «الستين»
يأتي ذلك في وقت كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يقوم بزيارة إلى الجنوب برفقة وزير الدفاع فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي، حيث تفقد قيادة الوحدات العسكرية وقيادة قوات اليونيفيل، وأكد سليمان في كلمة ألقاها في ثكنة صور ان «هدفنا هو الذهاب في اتجاه قانون انتخاب أفضل من قانون 1960 يشبه الديموقراطية التعددية التي نتميز بها ويعيد فرز الكتل السياسية ليس على قاعدة المذاهب، ويلغي الأحادية الموجودة في بعض المذاهب».
وأشاد سليمان بالجيش داعيا إياه إلى ان يحمي نفسه من الانزلاق نحو السياسة أو الطائفية والابتعاد عن التجاذبات السياسية.
واذ اعتبر ان النفط يحتاج إلى حماية وإستراتيجية للدفاع عنه، أشار إلى «أننا أقررنا برنامج تسليح للجيش لمدة خمس سنوات. لكن، حتى تأمين ذلك وبغية تعزيز الجيش بالأسلحة والعتاد الكافيين لتنفيذ هذه الإستراتيجية، فإنه يمكننا الاستفادة من سلاح المقاومة وفقا لحاجة الجيش ووفقا لآلية قرار نتفق عليها في هيئة الحوار، فلبنان في حاجة إلى قدرات المقاومة التي برهنت دورا وشجاعة كما لعبت دورا كبيرا في التحرير وذلك وفقا لطلب الجيش، وكذلك نحن بحاجة إلى فكر المقاومة في ارساء وتطبيق الديموقراطية في لبنان».
لقاء بري و«المستقبل»
والموضوع الانتخابي حضر في عين التينة أمس، بين الرئيس نبيه بري ووفد من «تيار المستقبل» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة الذي سبق ان التقى مساء أمس الأول الرئيس أمين الجميل وأكدا الانفتاح على أي اقتراح يضمن حقوق الجميع.
وقالت مصادر مطلعة لـ«السفير» ان لقاء عين التينة أمس، كان ايجابيا، ومنفتحا، نوقش فيه الموضوع الانتخابي، واظهر وفد «المستقبل» انفتاحا على البحث في كل الصيغ الانتخابية، كما ابرز مرونة حول السير بصيغة مركبة بين «نصف نسبي ونصف أكثري».
موسكو تتمسّك بـ«جنيف» لحل الأزمة .. وأنقرة ترفض بقاء النظام السوري
إيران: الأسد خط أحمر ولا نغفل حق الشعب بالإصلاح
أعلن مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، أن طهران تعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد «خط احمر» بالرغم من تأكيده أن هذا الأمر «لا يعني أننا نغفل عن حقوق الشعب في تعيين حكامه»، واصفا قطر بأنها من الدول الرجعية التي تمد المقاتلين بالسلاح.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو انه ينبغي الا يشارك النظام الحالي في سوريا في أي عملية سياسية انتقالية، تمسكت موسكو بموقفها حول ضرورة حل الأزمة السورية عبر الحوار بين الأطراف السورية وعلى أساس «بيان جنيف» في 30 حزيران الماضي.
وأعلن الرئيس الدوري لمجلس الأمن السفير الباكستاني محمود خان أن المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي سيصل إلى نيويورك خلال أيام، وذلك قبل جلسة مجلس الأمن في 29 كانون الثاني الحالي.
وقال ولايتي، الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية، في مقابلة مع قناة «الميادين» بثت أمس، «السبب الأساسي لتركيزنا على سوريا هو منع سقوط خط المقاومة في وجه إسرائيل. إذا أطيح ببشار الأسد فإن خط المقاومة سيكسر في مواجهة إسرائيل، فمثلاً برهان غليون، الذي كان أحد قادة المعارضة في اسطنبول قال انه إذا ما وصلنا إلى السلطة في سوريا فإننا سنقيم علاقات مع إسرائيل وأميركا، وسنقطع دعمنا للمقاومة في لبنان وسنقطع علاقتنا مع إيران».
وتابع ولايتي «نحن نؤمن بوجود إصلاحات في سوريا تعتمد على رأي الشعب السوري، لكن من دون اللجوء إلى العنف والحصول على مساعدات من أميركا، لكن بعض الدول الرجعية، مثل قطر، تزود الناس بالأسلحة، ويحضرون المسلحين من الصومال وأفغانستان لإحداث مجازر في العسكريين والشعب، بهدف الإطاحة بالأسد، وهذا يؤكد وجود مؤامرة خارجية. بعض أصدقائنا من المتدينين، ينتمون إلى الجماعات الإسلامية في المنطقة، يرتكبون بعض الأخطاء، يعتقدون أنهم عن طريق مساعدة أميركا وإسرائيل وقطر والقاعدة سيتمكنون من الإطاحة ببشار، وسيستطيعون تولية شخص مثل (الرئيس المصري محمد) مرسي، وهذه من بين الأخطاء التي يقوم بها بعض أصدقائنا في المنطقة. هل يمكن عن طريق أموال قطر وأميركا وفرنسا أن يتم إسقاط هذه الحكومة وإخراج هذه الدولة من الوجود وتجزئة سوريا على أمل أن أميركا ستعود إلى أراضيها وأن إسرائيل لن تتدخل في سوريا، وأن قطر ستعود أيضا إلى مكانها… هذا التصور خاطئ، لأنه بمساعدة هذه الدول ستتم تولية دولة قريبة من سوريا على شؤونها، وستكون لها علاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة».
وعما إذا كانت طهران تعتبر أن الأسد خط أحمر وستدعمه إلى النهاية، قال ولايتي «نعم، كذلك، لكن هذا لا يعني أننا نغفل عن حقوق الشعب في تعيين حكامه، لكن في الدستور هناك تحديد للمهام والرئيس والانتخابات البرلمانية ورئاسة الجمهورية من دون تدخل خارجي واستعمال للعنف». وأضاف «يجب أن يتم تعيين الرئيس بناء على اختيار الشعب، لذلك فإن التأكيد على الحل السياسي بناء على اختيار الشعب، فإذا كان رئيس الجمهورية بشار الأسد، فهو رئيس قانوني، لكن هذا لا يعني أن يكون رئيساً من دون الاعتماد على أصوات الشعب، وهو أكد على ذلك خلال المقترح الأخير الذي قدمه، وشدد على حكومة سلطة القانون وسلطة الشعب».
وعما إذا كان مع إبعاد الأسد وحكومة جديدة أم مع الإبقاء
على الرئيس السوري وتشكيل حكومة جديدة وانتخابات رئاسية بعد عام أو عامين، قال ولايتي «سوريا هي دولة عضو في الأمم المتحدة ولها حكومة، وعلى رأس هذه الحكومة الرئيس بشار الأسد، من له الحق من خارج سوريا أن يطالب ببقاء ورحيل الأسد؟».
وأضاف «الدول الغربية ومن له حق الفيتو في الدول الغربية قد تتدخل في تعيين رؤساء الدول وعزل آخرين إذا كان الوضع كذلك. إن سلطة أي دولة على سلامة أراضيها، هو أمر عرف قبل القرن 17 في أوروبا، ويؤكد أن أي حكومة في أي دولة وأي عمل لإيصال هذه الحكومة يتم داخليا وعبر الشعب، إلى أن يريد الشعب عزل هذه الحكومة، وهذا حق للشعب، هل حكومة قطر أتت عبر أصوات الشعب؟ إنه نظام وراثي ونظام قديم، لكن هذا النظام تم الاعتراف به من قبل الأمم المتحدة. إذا تم السماح بالتدخل في شؤون الدول على حساب مصالحهم، فإنهم سيفكرون لصالحهم وليس لصالح الشعب السوري، ليس لديهم رأفة على الشعب الفلسطيني أو السوري. مصالحهم تسيرهم». وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتبر أن الحل يجب أن يكون تسوية خارجية، إيران وروسيا والصين، مقابل تركيا وأميركا وبقية الدول، قال ولايتي إن «الحل هو المفاوضات بين كل الدول التي لها علاقة بالملف السوري، من دون أن يكون لها أي تدخل في الشأن السوري، فكل من يأتي في المفاوضات حول سوريا، ليس عليه أن يتفاوض فوق الطاولة ويدعم المسلحين، عليه أن يدخل المفاوضات ويوقف الدعم للمسلحين».
بوغدانوف وداود اوغلو
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، خلال لقائه وفد مجلس الشعب (البرلمان) السوري برئاسة رئيس لجنة الصحافة والطباعة والنشر فائز الصائغ في موسكو بحضور السفير السوري لدى روسيا رياض حداد، أن «روسيا متمسكة بموقفها المبدئي والثابت المبني على حل الأزمة في سوريا عبر الحوار الواسع بين جميع الأطراف الداخلة فيه، وعلى أساس المبادئ التي نص عليها بيان جنيف لمجموعة العمل في 30 حزيران الماضي».
وأشار بوغدانوف، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، إلى «المساعي الروسية الرامية إلى توحيد المواقف الدولية لإيجاد حل للأزمة في سوريا بالطرق السلمية»، لافتا إلى «الصعوبات التي تواجهها روسيا في هذا المجال وإلى علاقاتها مع مختلف أطراف المعارضة السورية».
وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، لوكالة «الأناضول» التركية، إن «سبب تأخر الحل في سوريا يأتي بسبب فشل الإجماع الدولي في الاتفاق حول وضع النظام السوري في أي عملية انتقالية، حيث تصر تركيا مع مجموعة دول على ضرورة ألا يكون للنظام، الذي تلطخت أيديه بدماء السوريين، أي دور في العملية الانتقالية، بينما تصر الدول الداعمة للنظام على أن يكون له دور في المستقبل».
ووصف داود اوغلو «كلمة الأسد الأخيرة بأنها مخيبة للآمال، وتمثل تكرارا لوعود سابقة، لم يتم الإيفاء بها من قبل النظام، ولم تسعد سوى الطرف الإيراني الذي قام بالترحيب بالخطاب». وقال إن «كل ما سبق أفرز إصرارا من قبل النظام في تصعيد استخدام وسائل العنف بشكل متصاعد ضد شعبه، فيما ظهر واضحا مواصلة الشعب السوري لمدة عامين من أجل الوصول إلى حقوقه».
واعتبر داود اوغلو أن «المجتمع الدولي، بما فيه الدول الداعمة لسوريا، توصلوا إلى استنتاج مشترك بوجوب تخلي الأسد عن السلطة. والنقطة الوحيدة التي يتم الجدل بشأنها حاليا هي كيف وأين وماذا سيحصل بعدها؟». وأعلن أنه سيلتقي السيناتور جون كيري، المرشح لترؤس وزارة الخارجية، في شباط المقبل، لمناقشة الملف السوري، كما سيزور رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان واشنطن لمناقشة الملف السوري.
(«السفير»)
مجلس الأمن لا يحيل سوريا على «الجنائية»
سمر نادر
فشلت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، أمس، في دفع مجلس الأمن الدولي لإحالة سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، بعد معارضة عدد من الدول في المجلس لهذه الخطوة.
وكانت مجموعة من 58 دولة وقعت عريضة تدعو مجلس الأمن لإحالة ملف الجرائم في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وانعطف مسار جلسة مجلس الأمن المغلقة من موضوع البحث في شؤون اللاجئين السوريين والفلسطينيين إلى هجوم غربي، سرعان ما هدأ بسبب معارضة دول كثيرة في المجلس، حيث انضمت أذربيجان وباكستان إلى لائحة الدول الدائمة المعارضة للتدخل في الشؤون السورية، مثل روسيا والصين. وأعلن الرئيس الدوري لمجلس الأمن السفير الباكستاني محمود خان أن دول المجلس الـ15 لم تتوصل إلى «أي نتيجة».
ودعت بيلاي، بعد الجلسة، مجلس الأمن المنقسم إلى الطلب من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في «جرائم حرب» في سوريا، متسلحة بالرسالة التي وقعتها 58 دولة وتدعو إلى بدء النظر في قضية «جرائم حرب» في سوريا.
وأسفت بيلاي لانقسام مجلس الأمن حيال اتخاذ موقف يضع حدا للعنف في سوريا، لكنها لم تخف عزمها على مواصلة مطالبتها المجلس بالتحرك «لأن الوضع أصبح لا يطاق». وقالت «أنا أؤمن بشدة بأن جرائم حرب وضد الإنسانية ارتكبت، ولا تزال ترتكب ويجب التحقيق فيها». وأعلنت أن «أكثر من 60 ألف شخص قتلوا في سوريا منذ بداية الأزمة، وأن ذوي الضحايا يحملون الأمم المتحدة مسؤولية الاستهتار بقضيتهم وعدم الالتزام بحمايتهم».
وقالت ان «ما يقدر بنحو 5 آلاف شخص يلقون حتفهم كل شهر، منذ بداية أيلول الماضي، مع تزايد حدة الصراع»، مضيفة ان «عمليات التعذيب والإعدام لا تزال مستمرة».
أوساط ديبلوماسية باكستانية قالت لـ«السفير» ان نقاش الجلسة حول الوضع في سوريا لم يستغرق كثيرا، لأن حادثة ان اميناس في الجزائر خطفت الأضواء عن سوريا، وحولت النقاش إلى الحديث عن تحرير الرهائن. وأضافت ان الحديث عن إحالة جرائم سوريا على المحكمة الجنائية لم يطل أكثر من دقائق، لأنه لم يلقَ أي دعم وقوبل برفض خمس دول على الأقل داخل المجلس.
وقالت المسؤولة عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري اموس، التي شاركت في الجلسة، انها «طلبت من السلطات السورية السماح للمنظمة الدولية بتوريد المحــروقات إلى سوريا»، مؤكدة «تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في سوريا» وأنها أطلعت مجلس الأمن على تدهور الوضعين الأمني والإنساني في سوريا ناقلة إليه قلقها إزاء هذا التدهور.
وفي بيان مشترك، أعلن سفراء خمس دول أعضاء في مجلس الأمن، هي فرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية ولوكسمبورغ واوستراليا، دعمهم طلب بيلاي. ودعوا السلطات السورية إلى «وضع حد فوري» لهجماتها ضد المدنيين، معربين عن الأمل بحصول «عملية انتقالية سلمية في سوريا».
جندي في فرقة موسيقى الجيش السوري يحمل البندقية ضد النظام
حلب- (ا ف ب): استبدل علي نعيمة بوقه الذي كان ينفخ فيه ضمن فرقة موسيقى الجيش السوري قبل اشهر برشاش من طراز (ايه-كي 47) يحارب به الى جانب مقاتلي الجيش السوري الحر رفاقه السابقين الذين لا يزالون اوفياء لنظام الرئيس بشار الأسد.
ويقول علي (24 عاما) لوكالة فرانس برس من حلب كبرى مدن الشمال السوري التي تشهد منذ تموز/ يوليو معارك يومية بين قوات النظام والمجموعات المقاتلة المعارضة “خدمت في فرقة الموسيقى العسكرية لمدة سنتين”.
لكنه الآن بين رفاق جدد يحمل رشاشا حربيا ويقاتل ضد رفاق الأمس.
ويضيف “كنت اتقاضى مئة دولار في الشهر عندما كنت في الجيش. لكن الضابط المسؤول عني كان يقتطع مبلغا كبيرا من راتبي ويضعه في جيبه. عندما مرضت، دفعت تكاليف علاجي بنفسي”.
لكنه كان يتحمل الوضع، الى ان رأى رفاقه يقومون بعمليات اغتصاب في حق مدنيين ويسرقون، فقرر الانشقاق.
على مدى ستة اشهر بعد اتخاذ هذا القرار، لم يتحرك الشاب المنتمي الى الطائفة السنية من المركز الذي كان فيه خوفا من اثارة الشكوك وتعرضه للقتل. وتوصل اخيرا الى اقامة اتصال عبر سكايب مع احمد جمال، وهو مقاتل معارض في حلب.
في ايلول/سبتمبر، وبناء على نصيحة جمال، دفع خسمين دولارا الى ضابط سوري ليسمح له بالخروج لزيارة عائلته.
ويتابع “بعد خروجي من القاعدة، لاقاني احمد وعناصر آخرون في الجيش السوري الحر ونقلوني بواسطة سيارة الى مركز لهم.
ويقول “كنت خائفا جدا، ولم اكن اعرف ما سيحصل (…)، لكنهم قبلوني على وجنتي، وهنأوني، فشعرت بانني في امان”.
وقرر علي الانضمام الى الجيش الحر، بدلا ان يبحث عن ملاذ في مخيم بائس للنازحين السوريين في تركيا او غيرها من الدول المجاورة.
ويقول قادة ميدانيون لمجموعات من الجيش الحر ان العديد من عناصر قوات النظام يرغبون في الانشقاق، لكنهم غير قادرين على ذلك.
الى جانب علي، يعمل ابو المعتصم، وهو قائد مجموعة ميداني في التاسعة والثلاثين، على تعبئة استمارات تحمل شعار كتيبته لجنود منشقين انضموا اليها.
ويوقع الاستمارات بيد بترت قذيفة هاون عددا من اصابعها، موضحا ان هذه الاستمارات ستسمح للمنضوين الجدد بالحصول على المأكل والمأوى، و”اذا كانوا مدخنين، على السجائر”.
وقال أبو المعتصم “لا نعطيهم مالا”.
وعما اذا كانت المجموعات المقاتلة تستقبل كل المنشقين من دون التدقيق في صدقيتهم، يقلل ابو المعتصم من اهمية ذلك، وقال “لا يهم اذا كان بينهم مخبرون، انهم لا يلتقون القادة الاساسيون ولا يعرفون شيئا استراتيجيا”.
ويشير ابو المعتصم الى ان كثيرين من الجنود المنشقين يموتون في المعارك، مضيفا ان المنشقين عن جيش النظام، لا سيما الضباط منهم، يلعبون دورا مهما في الاستيلاء على القواعد والمراكز العسكرية من جانب مقاتلي المعارضة.
ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان ان 1587 عنصرا من قوات النظام قتلوا في المعارك بعد انضمامهم الى الجيش الحر، وذلك منذ بدء النزاع قبل 22 شهرا.
ويلجأ عدد كبير من الضباط المنشقين الى تركيا المجاورة لسوريا، ويشغل عدد منهم مناصب قيادية في الجيش الحر.
ويتلقى علي الذي لم يحارب من قبل تدريبا عسكريا على ايدي مقاتلي المعارضة. ويقول “انضممت اليهم لاحارب الظلم”.
ثم يضيف “عندما ينتهي كل هذا، ساعود الى الموسيقى، وقد انشىء فرقة خاصة بي”.
الفتنة بين العرب والكرد تطل برأسها على الجزيرة السورية
دمشق- (د ب أ): أدى احتدام المعارك في محافظة الحسكة بشمال شرق سورية في المثلث الحدودي مع العراق وتركيا إلى مقتل نحو 40 شخصا من الطرفين خلال الأيام الثلاثة الماضية واسر اكثر من 80 شخصا بين المقاتلين العرب و الكرد.
وكانت الحسكة بعيدة عن الحرب الدائرة بين القوات النظامية والمعارضة التي تشهدها غالبية المحافظات الأخرى، قبل ان تصل إلى أطرافها نيران رصاص المتقاتلين رغم كل الدعوات إلى التهدئة والحوار.
يقول سليمان يوسف وهو ناشط سياسي وباحث مسيحي مهتم بقضايا الأقليات لوكالة الأنباء الألمانية: “مطلب ورغبة غالبية سكان الحسكة،الآشوريين والسريان والعشائر العربية والأكراد والارمن، ان تبقى المنطقة ملاذا آمنا لأهلها ولمئات الآلاف من النازحين اليها من مختلف المناطق والمدن السورية المنكوبة جراء المعارك المستمرة”.
ويضيف يوسف انه من المهم “تجنيب محافظة الحسكة والمعروفة ايضا بـ(الجزيرة السورية) عموماً نزاعاً عرقياً بين العرب والأكراد حول من سيحكم محافظة الحسكة، التي تشكل المخزون الاستراتيجي لسورية من النفط والغاز والحبوب والقطن والخضروات والبقوليات الموسمية”.
وبدأ نذير هذا النزاع يظهر في أكثر من منطقة، ولاسيما بوجود مصلحة للنظام الحاكم في سورية في اشعال مثل هذا النزاع الداخلي لتشتيت قوى المعارضة وشرذمتها.
ومنذ أيام دعا أساقفه السريان الارثوذكس والكاثوليك في الحسكة حاضرة الفاتيكان وأطراف دولية وإقليمية إلى حماية اكثر من 25 الف من المسيحيين في المنطقة وتوفير سبل الأمان والاستقرار لهم ولباقي فئات المجتمع حيث يتعرض الجميع ومن بينهم المسيحيون للخطف وطلب الفدية.
ويرى الناشط السياسي ابن العشائر العربية السنية خالد الطلاع في حديثه لوكالة الانباء الالمانية: “ان الحديث زاد في الآونة الاخيرة عن الفتنة بين العرب والكرد، وادلى كل بدلوه بخصوص وأد الفتنة والحفاظ على النسيج الاجتماعي، ولعبة السلطة المعروفة بصناعة الصدام بين مكونات البلاد ويعلم كل اهلنا في المحافظة كم بذلنا من جهد لحوار عربي كردي مثمر على امتداد العامين الماضيين، ولكن ماحصل ويحصل كل يوم يدل بشكل قاطع على مشروع حزب العمال الكردستاني في الحسكة في ادارة واثارة الفتنة”.
ويتهم السكان السلطات بدعم حزب العمال الكردستاني بسبب تناغم مصالحهما في هذه الفترة.
وقتل اكثر من 25 عنصرا من حزب العمال الكردستاني في منطقة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة في الايام القليلة الماضية في مواجهات مع قوات من الجيش الحر الذي خسر اكثر من سبعة من مقاتليه وإصابة نحو 16 آخرين وفق تأكيدات النشطاء و السكان فضلا عن ان (الحر) أسر من الاكراد حوالي 75 مقاتلا بينهم امرأتين مقاتلتين.
ويقول يوسف في حديثه للألمانية السبت “رغم أن المعارك بقيت على اطراف الحسكة إلا ان المدينة كلها مهددة بحصول كارثة إنسانية كبيرة جراء حصار جائر مفروض عليها منذ أشهر من قبل السلطة ومن قبل مسلحي المعارضة بدرجة اقل لان بعض مقاتليها سيطروا على عدد من مفارق الطرق التي تربط محافظة الحسكة بالمدن الرئيسية مثل حلب وحمص ودمشق، والتي تشكل الشريان التجاري الأساسي لمنطقة الجزيرة ، الأمر الذي دفع بالسلطات السورية الى وقف مد الحسكة بمشتقات النفط والمواد الأساسية الأخرى مثل الدقيق،متذرعة بسطو وسيطرة مسلحي المعارضة على صهاريج الوقود وعلى شاحنات الدقيق المرسلة للمحافظة”.
وتزداد معاناة السوريين كافة في كل المنطقة جراء صعوبات تأمين مستلزمات الحياة اليومية من خبز و ماء و مصادر الطاقة كالكهرباء والمازوت والبنزين والغاز المنزلي والمستلزمات الصحية والطبية، ما يحول الحياة اليومية إلى ما يشبه الجحيم.
ودفعت هذه الازمة الخانقة بعض المرجعيات الدينية والأهلية في المحافظة إلى اطلاق صرخات استغاثة لبلدان وحكومات اقليمية ودولية ،طالبتها بالتدخل السريع لكسر هذا الحصار وإنقاذ أبنائها من كارثة محتمة.
سواتر ترابية وإستملاكات موسعة في سوريا للأراضي المحاذية للأردن
عمان- القدس العربي: بدأت الحكومة السورية بإجراء سلسلة كبيرة من إستملاكات الأراضي على طول محافظة درعا بمحاذاة الشيك الفاصل على الحدود بين الأردن وسوريا.ولم تتضح بعد الأهداف المباشرة لهذه الإستملاكات التي تقوم بها مختلف المؤسسات والوزارات السورية لكن مصادر في المعارضة السورية في العاصمة الأردنية عمان ربطتها بتوسع لوحظ مؤخرا في إنشاء سواتر ترابية لأغراض أمنية وعسكرية مع حقول ألغام على طول الجانب السوري في الحدود مع الأردن.
ويبدو أن هدف الإستملاكات هو الإحتياط على الجانب الحدودي في ظل السيناريوهات المتعددة لإحتمالات الصدام في الملف السوري.
ولم يصدر عن عمان أي تعليق على هذه الإجراءات فيما تراجعت إلى حدود غير مسبوقة مظاهر التوتر الحدودي بين البلدين ولم تسجل أي حوادث مهمة خلال الأسبوعين الأخيرين.
مقتل مراسل الجزيرة في درعا وصحافي فرنسي واشتباكات مقاتلين معارضين واكراد شمالي سورية في يوم دموي جديد
دمشق ـ بيروت ـ وكالات: قتل صحافي فرنسي من اصل بلجيكي برصاص قناص في مدينة حلب في شمالي سورية ومراسل قناة الجزيرة في سورية محمد الحوراني خلال اشتباكات في درعا ليل الخميس الجمعة، بينما تدور اشتباكات عنيفة الجمعة بين مقاتلين اكراد وآخرين معارضين للنظام السوري غالبيتهم من الاسلاميين في مدينة حدودية مع تركيا.
جاء ذلك فيما يسعى مقاتلو المعارضة السورية بعدما خيم الجمود على جبهات حلب للسيطرة على المطارين المحيطين بالمدينة لحرمان النظام من ورقة اساسية بيده والسيطرة تاليا على كبرى مدن شمال سورية.
وقال العقيد ابو قصي، احد قادة المسلحين في العملية المتعددة الجبهات ضد القاعدة التابعة لقوات النظام في محيط المطار ‘اذا سقطت المطارات، فان حلب جميعها ستسقط’.
في غضون ذلك، قتل 12 شخصا في انفجار في حلب تضاربت المعلومات حول اسبابه، في حين شهدت مناطق في محيط دمشق سلسلة من الغارات والقصف المدفعي.
من جهتها أعلنت شبكة ‘الجزيرة’ الإعلامية نبأ استشهاد المراسل محمد المسالمة (الحوراني) الذي كان يعمل مراسلا متعاونا لقناة الجزيرة في درعا السورية الجمعة برصاص قناص.
وكان الصحافي السوري الذي اشتهر باسم محمد الحوراني يغطي الأحداث من الخطوط الأمامية في بلدة بصرى الحرير بريف درعا التي شهدت اشتباكات هي الأعنف بين قوات النظام السوري ومقاتلي الجيش الحر.
وقال مراسل الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة إن الحوراني استشهد جراء إصابته بثلاث رصاصات واحدة في الصدر والثانية في البطن والثالثة في إحدى رجليه، مضيفا أن أسرته هي بين النازحين السوريين إلى الأردن.
من جهته أشاد مصدر مسؤول في الجزيرة بالتغطية المهنية التي تميز بها المراسل الحوراني (33 عاما)، وأوضح أنه عمل مع الجزيرة منذ أكثر من عام، حيث عرف بشجاعته ودقته في نقل الأخبار التي كان يغطيها تغطية حية من منطقة درعا وريفها.
وأكد المتحدث باسم الجزيرة أن استهداف طواقمها أو الصحافيين المتعاونين معها لن يثنيها عن خطها التحريري الذي انتهجته منذ انطلاقتها قبل 16 عاما وقدمت خلالها العديد من شهداء المهنة في سبيل نقل الحقيقة.
كما لقي الصحافي ايف دوباي مصرعه ‘إثر اصابته برصاص قناص خلال اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية بالقرب من سجن حلب المركزي في ريف حلب’ ليل الخميس الجمعة، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة.
وعرض ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي صورتين لجثة الصحافي وبطاقته.
وقالت صفحة ‘مركز حلب الاعلامي’ على موقع ‘فيسبوك’ ان صورة الجثة التقطت في احد المستشفيات الميدانية، وارفقتها بصورة بطاقة تعريف صحافية من وزارة الدفاع الفرنسية.
وقالت ان الصحافي ‘قتل برصاصة قناص للنظام متمركز على سطح السجن المركزي’ الواقع الى الشمال من المدينة اثناء تغطيته الاشتباكات.
وافاد ناشط في المركز قدم نفسه باسم ‘ابو هشام’ لوكالة فرانس برس عبر ‘سكايب’ ان متطوعا في المستشفى الميداني في حلب ابلغه بمقتل دوباي.
من جهته، قال ناشط آخر في المدينة فضل عدم كشف هويته، انه ساعد في وضع جثة الصحافي في سيارة اسعاف تولت نقله الى معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
اضاف ‘يبدو انه دخل شارعا خطيرا جدا حيث كانت تدور اشتباكات’.
ميدانيا، قال المرصد السوري ان ‘اشتباكات عنيفة’ تدور بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلين معارضين لنظام الرئيس بشار الاسد يستخدمون ‘المدفعية الثقيلة ودبابة’، في مدينة رأس العين الحدودية في محافظة الحسكة (شمال شرق ) .
وقال ناشط من المدينة قدم نفسه باسم ‘هفيدار’ لفرانس برس عبر الانترنت ان وحدات الحماية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، استولت على ‘دبابة تابعة لجبهة النصرة . ‘
وكان الناشط نفسه افاد ليل الخميس الجمعة ان الجبهة التي تصنفها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الارهابية، استقدمت ثلاث دبابات من الجهة التركية من الحدود.
ومنذ بداية النزاع، سعى الاكراد للنأي بنفسهم عن الصراع رغم اتهامهم من قبل المعارضة بالعمل لحساب نظام الرئيس الاسد الذي انسحبت قواته من مناطق كردية عدة.
والاشتباكات هي الاعنف في المدينة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حين اندلعت معارك استمرت اياما بين الطرفين بعد دخول المقاتلين المعارضين المدينة في التاسع من الشهر نفسه، وشارك فيها مقاتلون من النصرة ولواء ‘غرباء الشام’.
من جهته، قال مصدر عسكري سوري لفرانس برس ان ‘صاروخ ارض ارض اطلق على الحي من منطقة بستان القصر الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة أثناء تعامل الطيران مع نقاط لاطلاق الهاونات في حي بستان القصر’ الخاضع لسيطرة المقاتلين المعارضين.
وعرض التلفزيون الرسمي صورا لمكان الحادث تظهر دمارا كبيرا في المباني التي انهار جزء كبير من احدها على طبقاته السفلية. وعمل قاطنون في المنطقة على نقل المصابين.
ورفع المتظاهرون شعارات على علاقة بما جرى في الجامعة، منها ‘ما رح قدم امتحان حتى يسقط النظام’ في تظاهرة في مدينة الباب بريف حلب.
في غضون ذلك، شن الطيران الحربي غارات جوية على مناطق عدة في محيط دمشق بينها عربين وداريا، مع استمرار محاولة القوات النظامية السيطرة على معاقل للمعارضين. وطالت الغارات عربين وداريا وبلدة ميدعا حيث قتل اربعة وسيدة، بحسب المرصد.
كذلك دارت اشتباكات في مناطق عدة منها بيت سحم وعقربا، اضافة الى داريا التي تحاول القوات النظامية منذ فترة فرض سيطرتها الكاملة عليها.
ينبغي صنع نظام في الشرق الاوسط
صحف عبرية
جمعت المملكة الاردنية في سنة 1996 منتدى دوليا في قصر الهاشمية في عمان شارك فيه ضيوف من أنحاء الشرق الاوسط وساسة كبار ايضا من خارج المنطقة، ووجدت نفسي باعتباري عُينت آنذاك لمنصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء نتنياهو، مدعوا الى واحد من تلك الاجتماعات. وكان أحد الضيوف الذين تحدثت اليهم طويلا وزير الخارجية الامريكي السابق هنري كيسنجر الذي يتمتع بجمع نادر بين الخبرة الدبلوماسية العظيمة والقدرة على قياس ما سيكون على ما كان.
كان واضحا في تلك الفترة ان المسيرة السياسية الاسرائيلية الفلسطينية على شفا انهيار بعد ان هاجم مخربون منتحرون فلسطينيون مدنا اسرائيلية اربع مرات بين شباط وآذار 1996 وسببوا موت نحو من تسعين اسرائيليا. وقال لي كيسنجر عن ادراك انه يجب الالتزام بتوجه آخر: ‘إن ما تحتاجون اليه هو ‘معيار سلوك’ بالنسبة للشرق الاوسط’.
أقول بصدق أنني لم أكن أعلم في تلك اللحظة ألبتة ما الذي يتحدث عنه. واستقر رأيي على أن أنظر حينما أعود الى بيتي في القدس في المجلدات الاربعة لمذكراته التي كانت في مكتبتي، وأن أعود الى الحديث معه مرة اخرى حينما سيأتي الى البلاد بعد ذلك ببضعة ايام. وتوقعت ان أجد مصطلح ‘معيار سلوك’ في فهرس كتبه، لكنه لم يكن موجودا هناك. لكنه تبين لي من حوارنا بعد ذلك ما الذي قصد اليه بالضبط.
وجد كيسنجر نفسه في 1972 مشاركا في مفاوضة الاتحاد السوفييتي في تحديد زيادة مخزونات الصواريخ الاستراتيجية للقوتين العظميين. وأفضت تلك المباحثات في آخر الامر الى التوقيع على ميثاق ‘سولت 1’، لكن كانت توجد اسباب جدية للشك في ان تفضي المفاوضات بين القوتين العظميين الى حل حقا لأن موسكو عملت على توسيع نشاطها العسكري في العالم الثالث من جنوب شرقي آسيا الى أنغولا. وطور كيسنجر وثيقة سُميت ‘مباديء أساسية للعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي’.
وبحسب تصوره فانه اذا عملت موسكو بحسب معيار السلوك هذا فتستطيع واشنطن ان تزن معدل التقدم الذي تم كي تنشيء علاقات جديدة بين القوتين العظميين تقوم على وقف التوتر بين الدولتين. لكن اذا أخلت موسكو بمعيار السلوك فتستطيع واشنطن ان تحول هذه المباديء الى وسيلة دبلوماسية لتضرب الروس أمام حلف شمال الاطلسي والجمهور الامريكي. ومكّن معيار السلوك الولايات المتحدة من جعل السوفييت يكشفون عن نواياهم الحقيقية.
هل تستطيع فكرة معيار السلوك عند كيسنجر ان تكون نافعة في الشرق الاوسط؟ وهل يمكن ان نصوغ منظومة قواعد لتفاوض في المستقبل تدفع قدما بمسيرة سلام حقيقية أو هل تكفي اشارة واضحة الى ان القيادة الفلسطينية قد أخلت بالتزاماتها؟ كانت توجد قضايا خاصة بالشرق الاوسط كان يمكن التطرق اليها كالتحريض على العنف وايواء المنظمات الارهابية والتوجه الى جهات دولية بمبادرات مضادة لاسرائيل.
لم يكن علاج هذه القضايا جزءا من برنامج العمل الرسمي في التفاوض كموضوع الحدود أو مسألة اللاجئين أو مستقبل المستوطنات لكن هذه القضايا كان يمكن ان تكون اشارة مهمة الى جدية الطرف الفلسطيني في المسيرة السياسية. وهناك حاجة من اجل انشاء معيار سلوك في حال الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الى تأييد امريكي والى ان تصبح واشنطن قاضية في واقع الامر.
إن فكرة معيار السلوك اليوم ذات موضوع بسبب بعد آخر للتحديات المتوقعة في الشرق الاوسط. ففي الفترة التي تلي ما يسمى الى الآن الربيع العربي، أخذت تظهر نظم حكم جديدة في الشرق الاوسط مؤلفة في احيان متقاربة من قادة يُماهون الاخوان المسلمين. ومن المنطق ان نفترض ان يكون تأثير كبير في سوريا في فترة ما بعد الاسد للتيارات السلفية المتطرفة بل لأذرع القاعدة.
يجري في الغرب جدل واسع يتعلق بسؤال ماذا يفعلون مع الاخوان المسلمين. يوجد من جهة وعي ان قيادة القاعدة قد اكتسبت ثقافتها السياسية تحت جناح الاخوان المسلمين مثل أيمن الظواهري خليفة اسامة بن لادن وكذلك ايضا خالد الشيخ محمد المخطط للعملية في برجي التوائم في الحادي عشر من ايلول والذي نشأ في ذراع في الكويت. ومن الجهة الاخرى يوجد في اوروبا وواشنطن صاغة سياسة يرون الاخوان المسلمين بديلا معتدلا نسبيا عن السلفيين.
يستطيع معيار السلوك المخطط له بحرص ان يكون أداة للتفريق بين الزعماء الذين يخضعون لمبادئه واولئك الذين يتجاهلونها اذا ما أُنشئت معايير موضوعية لسلوك سياسي مقبول.
ويمكن ان نستعمله للتفريق بين من يُسمح لهم بأن يكونوا ‘تحت السقف نفسه’ مع الغرب ويتمتعون بالتجارة الدولية ونقل التكنولوجيا بل بيع السلاح ايضا خلافا لاولئك الذين سيبقون في نفس فئة التصنيف مع الدول العاصية.
وفي نهاية الامر تم ايعاب معيار سلوك كيسنجر في وثيقة تأسيسية لمؤتمر الامن الاوروبي في 1975 المعروفة أكثر بتصريح هلسنكي. ودُعي الذين حققوا المباديء المقررة هناك وشاركوا في منظمة الامن والتعاون في اوروبا (سي.اس.سي.إي).
في اطار اتفاق السلام مع الاردن في 1994 وافقت اسرائيل على انشاء منظمة مشابهة في الشرق الاوسط. فلو انه نشأ مؤتمر من هذا النوع في منطقتنا لوجب على الدول ان تقرر هل تؤيد مبادئه الأساسية وكان ذلك سيساعد في صب أسس لتسوية اقليمية مستقرة في المستقبل.
لكن حينما يختار الغرب ان يتبنى زعماء جددا في الشرق الاوسط لا تنطبق عليهم معايير دولية ما في الحد الأدنى فانه يتعجل مسيرة سلبية فقط، فهو يمهد الطريق لانشاء أساس لفوضى دولية تزيد في خطر المواجهة المسلحة في المنطقة في المستقبل.
دوري غولد
اسرائيل اليوم 18/1/2013
جبهة النصرة تقوم بدور اجتماعي وتحاول تأكيد حضورها في سورية ما بعد الاسد.. مكاتبها تساعد المواطنين واعلامها ترفرف على قيادتها العامة في حلب
ابراهيم درويش
لندن ـ ‘القدس العربي’: يهدد انقسام بين جماعات الجيش الحر، والفصائل الجهادية المرتبطة بايديولوجيا القاعدة مصير الثورة السورية خاصة في الشمال. فقادة الفصائل الذين يقاتلون تحت راية الجيش الحر عبروا عن غضبهم من تصرفات الجماعات الجهادية خاصة تلك المرتبطة بفكر القاعدة وهي جبهة النصرة لاهل الشام التي وضعتها الادارة الامريكية على قائمة الجماعات الارهابية نهاية العام الماضي. ويسود التوتر بين الجماعات المقاتلة في معظم مناطق سورية خاصة منطقة حلب التي اوجدت الجماعات الجهادية قاعدة قوية فيها.
ويرجع سبب عدم قدرة المقاتلين على حسم المعركة في حلب وغيرها من المدن لغياب التنسيق بين الفصائل المختلفة. ويتوقع المقاتلون المنضوون تحت لواء الجيش الحر مواجهة مع الجهاديين في مرحلة ما بعد الثورة على الرغم من التعاون بينهم في حلب خاصة. ونقل تقرير لصحيفة ‘الغارديان’ ان الحر سيواجه الجهاديين كل يوم بعد نهاية نظام الاسد.
ينفذون عملياتهم الخاصة
ولوحظ الصدع في العمل العسكري بمنطقة الشمال من خلال قيام لواء التوحيد الذي يعتبر من الالوية القوية وقاتل في الماضي تحت قيادة الجيش الحر انه بدأ يقوم بعملياته بدون التنسيق مع الفصائل الاخرى خاصة جبهة النصرة، ففي شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي قام اللواء بالهجوم على الكتيبة النظامية ـ 80. ويقول القيادي في الجيش الحر ان لواء التوحيد ليس راضيا للعمل مع الحر مع انه يقوم بتجميع الاسلحة لصالحه. واتهم القيادي مقاتلي لواء التوحيد بقوله انهم يسرقون الاشياء التي كانت بيد الحكومة مثل مصانع الرصاص واي مصنع. ويضيف انهم يقومون ببيع ما تحتوي عليه للاتراك ويحتفظون بالمال لانفسهم معلقا ‘هذا خطأ لان الاموال هي ملك للشعب’. ويشير الى ان جبهة النصرة ذهبت الى مصنع للمياه تملكه الدولة حيث دعوا بقية الفصائل للانضمام اليهم من اجل اخذ ما يوجد فيه من قطع وعرضها للشاري حيث انضم اليهم البعض ورفض اخرون. ويقول القيادي انهم يتعاملون مع هذه المنشآت على انها ملكهم الخاص يتصرفون بها كيفما يريدون. واضاف القيادي ان مهمة المقاتلين هي حماية مؤسسات الدولة لما بعد الاسد وليس تدميرها. واضافة الى مخازنهم المليئة بالمواد المسروقة والمعروضة لمن يشتري ، يتدفق المال للجبهة من الخارج حيث اعترف مقاتلوها انهم يتلقون مساعدات مالية من داعمين لهم في السعودي وهذا سبب قدرتهم على شراء السلاح ودعم المشاريع الاجتماعية التي يقومون بها.
دور اجتماعي
وعلى الرغم من الحديث عن صلة الجبهة بالقاعدة وحقيقة معظم جنودها تلقوا خبراتهم في العراق اثناء مواجهة الامريكيين هناك الا انها استفادت من تجربة العراق والحرب الطائفية فيها، حيث يقول قيادات انهم تعلموا من دروس العراق وابتعدوا عن استهداف المدنيين في سورية اليوم. وتقوم الجبهة الان ببرامج مساعدات للمجتمعات التي تعاني من الحرب وقد ادت مشاريع الاغاثة التي قامت بها الى توسع شعبية الحركة في مناطق الشمال.ويقول التقرير الذي اعده مارتن شولوف ان جبهة النصرة تلعب دورا في الجبهات والعمل المدني حيث يسهم هذا الدورفي تشكيل المرحلة القادمة في سورية اي بعد رحيل نظام الاسد. ويضيف ان جبهة النصرة تتنافس على النفوذ في سورية وتقوم بملء الفراغ في المناطق التي خرجت من يد النظام. فخلال الشهرين الماضيين شعرت الجبهة بالجرأة الكافية وخرجت للعلن حيث فتحت عددا من الواجهات او المكاتب في المدن والقرى الممتدة من حلب حتى الحدود مع تركيا، بل واقامت مركز قيادة لها في مركز حلب الى جانب قاعدة للواء التوحيد، حيث ترفرف راية النصرة السوداء اللون، وهي نفس الراية التي يستخدمها تنظيم القاعدة في العراق. وتستقبل كوادر النصرة في هذه المكاتب المواطنين الذين يريدون فض النزاعات، حيث يجلس رجال داخلها وهم يسجلون الشكاوى وفي بعض الاحيان يعطونهم بطاقات اعانة من الغذاء والوقود. ويشير التقرير الى رجل عجوز كان يحمل كيسا من الادوية ويسأل عن مقر جبهة النصرة حيث سأله رجل عن السبب فاجاب ‘انهم ناس جيدون، وهم قادرون على حل المشاكل وانا متعب منها’.
احتمالات المواجهة
وجاءت سمعة التنظيم من الدور الذي لعبه في الهجوم على حلب الصيف الماضي وهو الهجوم الذي شارك فيه ابناء القرى من مقاتلي الجيش الحر والفصائل الاخرى. وقد ادت شجاعة المقاتلين التابعين لجبهة النصرة لنيل احترام بقية الفصائل التي بدأت تتعاون معهم لكن الامور تغيرت حيث يقول القيادي الذي نقلت عنه الصحيفة ان مقاتلي الجبهة بدأوا يكشفون عن حقيقتهم، مضيفا ان الوضع في حلب الآن واضح ‘فهم لا يريدون ما نريد’. وعليه فالتعاون والتنسيق بين الوحدات النظامية للجيش الحر والجبهة تحول خلال الاسابيع الماضية الى حالة من الشك وعدم الثقة. وتشير لقاءات قام بها المراسل ولمدة اسبوع مع مقاتلين في شمال سورية اظهرت ان انقساما يتطور بين الجهاديين والمواطنين حيث يتوقع مقاتلون في الجيش الحر لان يتطور الى مواجهة بينهم وبين المجتمعات التي استقبلتهم. ويقول التقرير ان بعض المقاتلين يتحدث عن جماعات ‘صحوة’ سورية على غرار الصحوات العراقية التي تعاونت عام 2006 لمواجهة القاعدة في العراق.
ويتهم مقاتلون ان الجبهة تقدم عرائس من القرى لمن ينضم اليها معلقا ان هذا هو جزء من منافع ‘الوظيفة’ اي العمل معهم. وفي الوقت الحالي فان قادة المجتمع ومشايخ القرى قادرون على مواجهة هذه المطالب لكنهم يخشون من تراجع تأثيرهم حالة عززت الجبهة نفوذها. ويقول المواطنون ان اعضاء الجبهة قاموا بتدمير قبر في بلدة دابق واعزاز لانها مخالفة للشرع، وقال مواطنون ان مقاتلي الجبهة جاءوا الى البلدة واخذوا يكسرون بعض الحجارة، حيث قالوا انهم بدأوا بفرض حضورهم ومبادئهم على الناس. وفي الوقت الذي يعمل فيه مقاتلو الجبهة في العلن الا ان القيادة لا تزال تعمل في الخفاء، ولكن القيادة تتحدث في جلساتها الخاصة عن اهمية تعزيز دورها في المجتمع وتجنب اخطاء العراق حيث يقول عضو ‘كانت هناك اخطاء، خاصة قتل الاشخاص امام الكاميرا، والربط الواضح مع الحرب الطائفية، وهذه الامور لا يمكن تكرارها’. لكن هناك اشرطة فيديو على ‘يوتيوب’ تظهر عمليات اعدام لجنود للنظام، ولمن ظهر انهم مدنيون. ويتحدث العضو عن اجراءات عقابية لمن لا يلتزم باوامر القيادة، مشيرا ان الجبهة بحاجة للناس وهم بحاجة اليها.
دعوة للانضمام
ولكن مخاطر القاعدة ليست بعيدة عن سورية فحسب رواية نقلها الصحافي عن قائد عسكري في المعارضة والذي قال انه استقبل قبل عام زائرا من الخارج، وكان تونسيا حيث جاء يحمل رسالة من زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري وفيها دعوة للتنظيم السوري للانضمام للتنظيم الام، وتحدث الظواهري في رسالته عن منافع الانضمام وانه سيجلب الكثير من الدعم المادي والمعنوي على الجهة المعنية بالرسالة، ولكن القيادي رفض مشيرا الى ان هذا يعني نهاية سورية التي يرغبون ببنائها وان ‘سورية التي نحلم بها ستلاحق اطفالنا في كوابيسهم’.
ونقل شولوف في بداية عن مهندس سوري تدرب في المانيا انه جاء الى بلاده كي يخدم الثورة ولكن ‘القاعدة’ تطالبه الان بصناعة متفجرات، حيث قال ان ‘عندي مشكلة مع القاعدة’، ‘تعال معي وساخبرك بكل شيء’.
ويقول المهندس واسمه حسن ان مهنته هي صناعة قطع كهربائية والان تريد القاعدة منه صناعة المتفجرات. واضاف ان الجهاديين يديرون كل شيء في حلب، ويضيف ان جبهة النصرة تأتي اليه كل يوم وتسأله عن عمله في صناعة الاسلحة ولكنه يقدم لهم كل يوم العذر وراء العذر قائلا انه القطع التي لديه لا تصلح لصناعة المتفجرات. ويصور التقرير حالة حلب التي دمرت احياء فيها حيث دخل اليها المقاتلون بدون تخطيط وسيطروا على احياء فيها مما ادى الى رد فعل شرس من النظام الذي قصف الاحياء بالمدافع والطائرات. ولا تزال حالة الحرب في المدينة تشهد جمودا حيث لم يستطع اي طرف حسم المعركة لصالحه. وشهدت جامعة حلب تفجيرات ادت لمقتل اكثر من ثمانين شخصا وجرح العشرات من الطلاب.
ويلقي المقاتلون باللوم على الدول الغربية والداعمة للقضية السورية لترددهم في تسليح المعارضة، وفي الوقت الذي ادانت فيه فرنسا ‘المجزرة الجديدة’ في جامعة حلب الا ان روسيا الداعم القوي لنظام بشار الاسد رفضت تحميله المسؤولية. في وقت دعا فيه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الى الانتقال السياسي السلمي في سورية وانه سيكون أفضل لبلاد، لكن إذا استمر القتل والعنف دون أي اختراق دبلوماسي فإن على المجتمع الدولي أن يكون جاهزا لتصعيد رده والبحث عن طرق لإرسال المساعدات والدعم للمعارضة السورية. وأشار إلى أن عام 2013 يجب ألا يكون عاما يقتل فيها 60 ألف مدني سوري إضافي.
داوود أوغلو: ينبغي عدم مشاركة نظام الأسد في أي عملية انتقالية
ارتفاع عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى قرابة 158 ألف شخص
أنقرة ـ يو بي آي: قال وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، الجمعة، إنه ينبغي عدم مشاركة نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أي عملية انتقالية، وجدّد مطالبة إسرائيل بتقديم اعتذار ‘واضح’ عن حادثة ‘أسطول الحرية’.
وقال داوود أوغلو، لوكالة أنباء (الأناضول) التركية، إن سبب تأخّر الحل في سورية، ‘فشل الإجماع الدولي في الاتفاق حول وضع النظام السوري في أي عملية انتقالية، حيث تصرّ تركيا مع مجموعة دول على ضرورة أن لا يكون للنظام، الذي تلطّخت أيديه بدماء السوريين، أي دور في العملية الانتقالية، بينما تصرّ الدول الداعمة للنظام على أن يكون له دور في المستقبل’.
وأضاف أن تركيا هي أكثر دولة تبذل جهوداً من أجل حل الأزمة في سورية، لافتاً إلى أن حكومته استمرت 9 أشهر في محاولات مع النظام، ‘من أجل إقناعه بالكف عن ممارساته ضد شعبه’.
ووصف كلمة الرئيس الأسد الأخيرة، قبل نحو أسبوعين بأنها ‘مخيبة للآمال’، وتمثل تكراراً لوعود سابقة، لم يتم الإيفاء بها من قبل النظام، ولم تسعد سوى الطرف الإيراني الذي قام بالترحيب بالخطاب.
وقال إن كل ما سبق أفرز إصراراً من قبل النظام في ‘تصعيد استخدام وسائل العنف’ بشكل متصاعد ضد شعبه، فيما ظهر واضحاً مواصلة الشعب السوري لمدة عامين من أجل الوصول إلى حقوقه، منتقداً مواقف المجتمع الدولي التي لم تنطلق من مواقف الشعب السوري.
وانتقد عجز المجتمع الدولي في الاتفاق على قرار على الرغم من قرارات الجامعة العربية، وقرارات منظمة التعاون الإسلامي الداعمة لقرارات الجامعة العربية، في ما يخص الملف السوري، في وقت لفت فيه إلى حاجة منظمة التعاون الإسلامي إلى إصلاح ضروري.
وقال إن ‘المجتمع الدولي بما فيه الدول الداعمة لسورية توصلوا إلى استنتاج مشترك بوجوب تخلي الأسد عن السلطة. والنقطة الوحيدة التي يتم الجدل بشأنها حالياً هي كيف وأين وماذا سيحصل بعدها؟’.
وعن موقف الولايات المتحدة، كشف داوود أوغلو أنه سيلتقي وزير الخارجية الأميركية الجديد، جون كيري، في شهر شباط (فبراير) المقبل، لمناقشة الملف السوري، وأكد أن الأشهر المقبلة ستشهد زيارة لرئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، إلى الولايات المتحدة، لمناقشة الأمر أيضاً. وأضاف أنه لا يتوجب على الدول المؤثّرة والفاعلة في العالم أن تتعامل مع المواضيع الدولية الهامة، التي تخص دول العالم، وفق أجنداتها المحلية مثل الانتخابات، وذلك في معرض تعليقه على ما وصفه بـ’التلكؤ الأميركي في التعامل مع القضية السورية’.
وبيّن داوود أوغلو أن مواقف تركيا ‘تاريخية وتستند على الأخلاق والحقوق’، وتنطلق من رغبة الحكومة في إحلال السلام في المنطقة، مشيراً إلى أن مواقفها تباينت حيال كل دولة وفق خصوصيتها.
وتطرّق إلى مسألة الاعتذار الذي تطلبه تركيا من إسرائيل على حادثة ‘أسطول الحريّة’ التي قضى فيها 9 أتراك وأصيب 50 آخرون عام 2010.
وقال الوزير التركي ‘لن نقبل إلا أن تدفع إسرائيل ثمن قتلها لمواطنينا’، مضيفاً أن تركيا كانت تدعو دائماً إلى السلام، وتتعامل مع الأمور بحسن نيّة، و’لكن ذلك غير ممكن مع دولة مثل إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي’. وكان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، قال أمس الخميس، إن إسرائيل مستعدة لتوجيه رسالة الى تركيا بشأن الحادثة، من أجل تصحيح العلاقات معها، مثل التي بعثت بها واشنطن إلى إسلام آباد حول مقتل 24 جندياً باكستانياً بغارة أمريكية.
وجدد داوود أغلو مطالبته لإسرائيل ‘باعتذار خطي وواضح’ عن الاعتداء على ‘أسطول الحرية’، مشدداً على أن اسرائيل لا بد أن تدفع ثمن ما اقترفته.
وعبّر عن دعم بلاده لجهود المصالحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن علاقات طيبة تربطها مع حركتي ‘فتح’ و’حماس’، الأمر الذي أكد عليه خلال زيارته إلى غزة بعيد الهجوم الإسرائيلي على القطاع في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.
وبيّن أن بلاده دعمت الجهود، التي أفضت إلى قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، آملاً أن تكون هذه الخطوة فاتحة لخطوات إيجابية إزاء القضية الفلسطينية، وصولاً إلى توحيد الفلسطينيين وتحقيق السلام العادل.
وتطرّق إلى الوضع في العراق، وقال إن استهداف الشخصيات الوطنية، مثل نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، ووزير المالية رافع العيساوي، الذي ‘يمتلك تاريخاً وطنياً مشرفاً، ثم تأزيم الموقف بين الحكومة المركزية وإقليم شمال العراق، فاقم الوضع بالعراق وزاد من حدة التوتر والاحتقان، ما جعل الأمور تصل قاب قوسين أو أدنى من المواجهات المسلّحة’.
وأشار إلى أن تصاعد التوتر في العراق ‘تسبّب باهتزاز لصورة حكومة (نوري) المالكي داخل مختلف شرائح ومكونات الشعب العراقي’، مؤكداً أن تركيا ‘تعتبر الشعب العراق شعباً شقيقاً، بكافة مكوناته الدينية والإثنية، من دون أي تمييز على أي أساس ديني وطائفي وقومي’.
واعتبر أن شمال العراق هي بوابة طبيعية لتركيا على المنطقة، وأن علاقات تركيا بشمال العراق هي علاقات طبيعية، وأن تركيا تتعامل مع شمال العراق كباقي الدول التي تمتلك مشاريع استثمارية هنالك، مشدداً على أن تلك الاستثمارات من شأنها أن تسهم في اقتصاد العراق وترفده.
وأكّد داوود أوغلو، أن دعم وحدة العراق أرضاً وشعباً من أولويات السياسة الخارجية لتركيا، وأن علاقات أنقرة مع أربيل، كعلاقاتها تماماً مع البصرة أو مع أي مدينة أخرى، وهي تتطلع لرؤية عراق قوي وغني بجوارها.
وأعلن وزير الخارجية التركي عن دعوة حكومته لمنظمة التعاون الإسلامي، للانعقاد بشكل طارئ من أجل بحث تطورات الأوضاع في مالي، مؤكداً أن تركيا تعارض التدخل فيها بشكل أحادي.
وأعرب عن ضرورة أن يكون التحرك فيها تحت مظلة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن بلاده طلبت رسمياً انعقاد اجتماع طارئ لدول المنظمة، تكون مالي في أجندة أعمالها، في مدة أقصاها 10 أيام.
الى ذلك ارتفع عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى 157.490 شخصاً، فرّوا من المواجهات العسكرية في بلادهم.
ونقلت صحيفة ‘زمان’ التركية عن بيان لإدارة الطوارئ والكوارث في رئاسة الوزراء التركية، اليوم الجمعة، أن تركيا تستضيف حالياً 157.490 لاجئاً سورياً دخلوا تركيا منذ بدء الاضطرابات.
ويعيش اللاجئون في 14 مخيماً، 5 منها في هاتاي و2 في أورفة و3 في غازي عنتاب ومخيم واحد في كل من كهرمان مرعش وعثمانية وأدي يامان وكيليس.
وقالت الإدارة التركية إن 223.986 سورياً عبروا إلى تركيا منذ بدء الاضطرابات في بلادهم، وعاد منهم 66.469 شخصاً على سورية.
مقتل صحافي فرنسي خلال تغطية اشتباكات عنيفة بين مقاتلين معارضيين اسلاميين واكراد في شمال سورية
غارات جوية وقصف في محيط دمشق.. قتلى وجرحى بتفجيرين انتحاريين في درعا.. وتظاهرات ‘جمعة جامعة الثورة… هندسة الشهادة’ عمت المدن
دمشق ـ بيروت ـ وكالات: قتل صحافي فرنسي من اصل بلجيكي برصاص قناص في مدينة حلب في شمال سورية ليل الخميس الجمعة، بينما تدور اشتباكات عنيفة الجمعة بين مقاتلين اكراد وآخرين معارضين للنظام السوري غالبيتهم من الاسلاميين في مدينة حدودية مع تركيا.
ولقي الصحافي ايف دوباي مصرعه ‘إثر اصابته برصاص قناص خلال اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية بالقرب من سجن حلب المركزي في ريف حلب’، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة.
وعرض ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي صورتين لجثة الصحافي وبطاقته.
وقالت صفحة ‘مركز حلب الاعلامي’ على موقع ‘فيسبوك’ للتواصل الاجتماعي ان صورة الجثة التقطت في احد المستشفيات الميدانية، وارفقتها بصورة لبطاقة تعريف صحافية من وزارة الدفاع الفرنسية يعود تاريخها الى العام 2010، عليها اسم دوباي وصورته.
وقالت الصفحة ان الصحافي ‘قتل برصاصة قناص للنظام متمركز على سطح السجن المركزي (الواقع الى الشمال من المدينة) اثناء تغطيته الاشتباكات هناك’.
وافاد ناشط في المركز قدم نفسه باسم ‘ابو هشام’ لوكالة فرانس برس عبر ‘سكايب’ ان متطوعا في المستشفى الميداني في حلب ابلغه بمقتل دوباي.
من جهته، قال ناشط آخر في المدينة فضل عدم كشف هويته، انه ساعد في وضع جثة الصحافي في سيارة اسعاف تولت نقله الى معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
ولم يحدد ظروف مقتل دوباي، لكنه اوضح ‘يبدو انه دخل شارعا خطيرا جدا حيث كانت تدور اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية’.
وكان دوباي، الذي يصفه عارفوه بانه شخص مرح وذو بنية جسدية ضخمة، يعد تقارير من سورية لصالح مجلة ‘آسو’ (اقتحام) المتخصصة بالشؤون العسكرية التي اسسها قبل خمسة اعوام، علما انه سبق واطلق مجلة ‘ريد’ (غارات) في العام 1986.
وولد دوباي في 24 كانون الاول (ديسبمر) 1954 في لومباشي (الكونغو سابقا، والتي كانت في حينه تحت الاستعمار البلجيكي)، وخدم في وحدات النخبة الروديسية وهي استخبارات نظام البيض في زيمبابوي سابقا، والذي بقي في السلطة حتى 1980.
واتت تغطيته للنزاع السوري بعد تجارب مماثلة في العالم بينها لبنان والبلقان.
ويواجه الصحافيون ظروفا صعبة في محاولتهم تغطية النزاع السوري المستمر منذ 22 شهرا، اذ تشير ارقام منظمة ‘مراسلون بلا حدود’ الى مقتل 17 صحافيا من الاجانب والسوريين، اضافة الى 44 ناشطا اعلاميا، منذ منتصف آذار (مارس) 2011.
وعلى بعد مئات الكيلومترات الى الشرق من حلب، دارت معارك عنيفة الجمعة بين مقاتلين اكراد ومقاتلين معارضين لنظام الرئيس السورب بشار الاسد غالبيهم من الاسلاميين في مدينة راس العين الحدودية (شمال شرق) مع تركيا، والواقعة في محافظة الحسكة.
وقال المرصد السوري ‘تدور اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة ومقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة راس العين’، يستخدم خلالها المقاتلون المعارضون ‘المدفعية الثقيلة ودبابة’.
وقال ناشط من المدينة قدم نفسه باسم ‘هفيدار’ لوكالة فرانس برس عبر الانترنت ان ‘وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)’ وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، ‘قامت بالاستيلاء على دبابة تابعة لجبهة النصرة”.
وكان الناشط نفسه افاد ليل الخميس الجمعة ان الجبهة التي تصنفها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الارهابية، ‘قامت بادخال ثلاث دبابات من الجهة التركية’ إلى المدينة.
ومنذ بداية النزاع السوري، سعى الاكراد للنأي بنفسهم عن الصراع رغم اتهامهم من قبل المعارضة بالعمل لحساب نظام الرئيس الاسد الذي انسحبت قواته من مناطق كردية عدة.
وقال محمد، وهو احد سكان المدينة، لفرانس برس ان ‘وتيرة الاشتباكات ارتفعت مع حلول ساعات المساء (الخميس) بعد قدوم تعزيزات للمسلحين الأكراد الذين يحاولون صد هجوم هو الأعنف منذ دخول مسلحي المعارضة للمدينة قبل أكثر من شهر ونصف’.
والاشتباكات هي الاعنف في المدينة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حين اندلعت معارك استمرت اياما بين الطرفين بعد دخول المقاتلين المعارضين المدينة في التاسع من الشهر نفسه، وشارك فيها مقاتلون من النصرة ولواء ‘غرباء الشام’.
ويخشى بعض النشطاء من لجوء تركيا التي تساند المقاتلين المعارضين الى مجموعات جهادية في سورية في صراعها ضد الاكراد. واوضح هافيدار ان ‘المقاتلين المعارضين لم يستخدموا الدبابات لمحاربة النظام وانما لقصف راس العين’.
وعبر الصحافي والناشط الكردي مسعود عكو عن قلقه ازاء ‘المعارك بين الميليشيات الكردية والمقاتلين المعارضين’ مشيرا الى انه ‘اذا تحولت المعركة الى صراع بين الاكراد والعرب فان ذلك من شانه ان يضع سورية والثورة في خطر’.
وادت اعمال العنف الخميس الى مقتل 147 شخصا، بحسب المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية.
وشن الطيران الحربي الجمعة غارات جوية على مناطق في محيط دمشق بينها عربين وداريا، مع استمرار محاولة القوات النظامية السيطرة على معاقل للمعارضين.
وفي شمال البلاد، افاد محافظ حلب وحيد عقاد فرانس برس ان ثلاثة اشخاص قتلوا وجرح 63 آخرون في ‘تفجير ارهابي’ في حي المحافظة الذي تسيطر عليه القوات الحكومية غرب المدينة.
وافاد مصدر عسكري سوري ان ‘صاروخ ارض ارض اطلق على الحي من منطقة بستان القصر الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة أثناء تعامل الطيران مع نقاط لاطلاق الهاونات في حي بستان القصر’.
وتأتي العملية بعد ايام من تفجيرين في جامعة حلب اوديا بـ 87 شخصا، وتبادل طرفا النزاع المسؤولية عنهما.
وأفادت وكالة الأنباء السورية ‘سانا’ عن وقوع تفجيرين انتحاريين، الجمعة، في محافظة درعا جنوب سورية، وإطلاق مجموعة مسلحة صاروخاً بمحافظة حلب شمالاً، ما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى.
وقالت الوكالة إن المعلومات الأولية أفادت أن ‘تفجيرين إرهابيين انتحاريين بسيارتين مفخختين في درعا البلد أسفرا عن وقوع ضحايا وإصابات أغلبهم من المصلين في جامع الحسين إضافة إلى خسائر مادية’.
وإلى ذلك، أفادت الوكالة أن ‘مجموعة إرهابية أطلقت صاروخاً من منطقة الكلاسة إلى منطقة المحافظة السكنية في حلب ما أسفر عن وقوع عدد من الضحايا والإصابات وأضرار مادية في المكان’.
وحملت التظاهرات الاسبوعية التي ينظمها الناشطون المعارضون كل يوم جمعة عنوان ‘جمعة جامعة الثورة… هندسة الشهادة’ في اشارة الى جامعة حلب التي وقع فيها تفجيران اوقعا عشرات القتلى الثلاثاء.
سوريا | طهران: الأسد خطّ أحمر
هيغ يطلب دعم المعارضة… ودمشق تنشئ «جيش الدفاع الوطني»… واشتباكات رأس العين تتصاعد
دون أيّ مواربة أو «مقاربات دبلوماسية»، صرّح علي أكبر ولايتي بأنّ الرئيس بشار الأسد خطّ أحمر. ولايتي رأى أن تركيا والسعودية تفهّما أخيراً الواقع عكس قطر، التي تعمل مع آخرين على تعيين «مرسي» جديد في قصر المهاجرين
بوضوح تام تكلّم مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، عن موقف بلاده الداعم لسوريا ورئيسها، فيما دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إلى دعم المعارضة، تزامناً مع تصاعد الاشتباكات الميدانية وتزايد عدد التفجيرات اليومية في مناطق سوريا.
وأكّد علي أكبر ولايتي، في مقابلة مع قناة «الميادين»، أنّ الرئيس السوري بشار الأسد هو خط أحمر بالنسبة إلى إيران، «دون اغفال حقوق الشعب في تعيين حكامه». وأضاف أنّ «السبب الأساسي لتركيزنا على سوريا هو منع سقوط خط المقاومة في وجه اسرائيل، لذلك دعمنا سوريا، ولكن نحن نؤمن بوجود إصلاحات في سوريا تعتمد على رأي الشعب، لكن دون اللجوء إلى العنف. بعض الدول الرجعية مثل قطر تزود الناس بالأسلحة، وتحضر المسلحين من الصومال وأفغانستان لإحداث مجازر في العسكريين والشعب، بهدف إطاحة الأسد، وهذا يؤكد وجود مؤامرة خارجية». وأضاف أنّ «بعض أصدقائنا من الأناس المتدينين، ينتمون إلى الجماعات الإسلامية في المنطقة، يرتكبون بعض الأخطاء، يعتقدون أنهم من طريق مساعدة أميركا وإسرائيل وقطر والقاعدة سيتمكنون من إطاحة بشار، وسيستطيعون تولية شخص مثل السيد مرسي». ولايتي رأى أنّه في الأشهر الأخيرة اختلف موقف تركيا والسعودية عن قطر «حيث إنهم تفهموا الواقع، وخاصة مع التصريح الأخير لوزير الخارجية السعودية الذي يقول إنّ الحل يجب أن يكون سياسياً». ورأى أنّ الحل في سوريا هو عبر المفاوضات، ودعا الدول التي لها علاقة بالملف السوري إلى أن تتفاوض فوق الطاولة دون دعم المسلحين.
من ناحيته، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، ثبات الموقف الروسي المبدئي المبني على حلّ الأزمة في سوريا عبر الحوار، وعلى أساس المبادئ التي نصّ عليها بيان جنيف.
وقال بوغدانوف، خلال لقائه وفد مجلس الشعب السوري، برئاسة رئيس لجنة الصحافة والطباعة والنشر، فائق الصائغ: «إنّ هجوماً قذراً يشنّ على سوريا في وسائل الإعلام، وخاصة الغربية، وخصوم سوريا يستغلون وسائل الإعلام المتطورة في هذه المعركة».
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أنّ استمرار العنف في سوريا يتطلّب من المجتمع الدولي دعم المعارضة. وقال هيغ إنّ من الأفضل أن يحدث انتقال سياسي سلمي في سوريا، لأنّه سيكون أفضل سبيلاً للبلاد.
في سياق آخر، ذكرت قناة «روسيا اليوم» نقلاً عن «مصدر سوري مطلع» قوله إنّ السلطات السورية تتجه لإنشاء ما يمكن تسميته «جيش الدفاع الوطني»، كرديف للقوات النظامية التي تتفرغ للمهمات القتالية.
وأضاف المصدر أن الفصيل الجديد سيُشكَّل من عناصر مدنية، أدّت الخدمة العسكرية، مشيراً إلى أنّ مهمات «جيش الدفاع الوطني» ستقتصر على حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة، وسيتقاضوْن رواتب شهرية، وسيكون لهم زيّ موحد. وأفاد المصدر بأنّ العدد المرتقب لهذا الجيش سيقارب عشرة آلاف شاب.
ميدانياً، دارت معارك عنيفة بين مقاتلين أكراد واسلاميين معارضين في منطقة رأس العين الحدودية مع تركيا. وذكر ناشط معارض أنّ «عناصر من مجموعات مسلحة ترتبط بتنظيم جبهة النصرة اجتازوا الحدود على متن ثلاث دبابات، ودخلوا رأس العين أول من أمس». وأضاف أنّ «المقاتلين المعارضين لم يستخدموا الدبابات لمحاربة النظام، بل لقصف رأس العين».
إلى ذلك، شنّ الطيران الحربي السوري غارات جوية على مناطق في محيط دمشق، بينها عربين وداريا. وفي شمال البلاد، أفاد محافظ حلب، وحيد عقاد، بأنّ ثلاثة أشخاص قتلوا وجرح 63 آخرون في «تفجير ارهابي» في حيّ المحافظة.
وأفاد مصدر عسكري سوري بأنّ «صاروخ أرض – أرض أطلق على الحيّ من منطقة بستان القصر الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة». في المقابل، أفاد المرصد عن مقتل 12 شخصاً بالانفجار.
وذكرت وكالة «سانا» أنّ «تفجيرين إرهابيين انتحاريين بسيارتين مفخختين» هزّا مدينة درعا، ما أدى إلى «وقوع ضحايا وإصابات، أغلبهم من المصلين في جامع الحسين، إضافة إلى خسائر مادية».
في موازاة ذلك، قتل الصحافي الفرنسي، إيف دوباي (58 عاماً)، برصاص قناص في مدينة حلب ليل الخميس الجمعة، «إثر اصابته خلال اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية بالقرب من سجن حلب المركزي في ريف حلب»، بحسب ما أفاد المرصد. كذلك قتل مراسل قناة «الجزيرة» محمد الحوراني برصاص قناص تابع للقوات النظامية في محافظة درعا، خلال تغطيته لاشتباكات في بصرى الحرير، بحسب ما أفادت القناة.
(أ ف ب، رويترز، أ ب، سانا)
دمشق «محمية عسكرية ومقطعة الأوصال».. و«السور العسكري» يصعب اختراقها
«الحر» يعد بمفاجآت «تقلب المعادلة».. وناشطون يشبهونها بـ«برلين في الحرب العالمية»
بيروت: نذير رضا
المرور في شارع الميدان في دمشق، «يستوجب التوقف عند 6 حواجز أمنية، عسكرية ومدنية، بغرض التفتيش». هذا الواقع الذي ينقله ناشطون سوريون من قلب العاصمة السورية، يشير إلى حجم التعزيزات الأمنية المستحدثة في الأحياء الدمشقية، منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، لكنه «جزء يسير من الإجراءات العسكرية النظامية» في مدينة يسيطر النظام على أجزاء واسعة منها، ويتحسب وصول الاضطرابات إليها في أي لحظة.
أنشأ النظام السوري، بحسب ناشط دمشقي، «سورا عسكريا مشددا على أطرافها»، إذ «تنتشر الآليات العسكرية والمدرعات بشكل لافت على أطراف المدينة ومداخلها»، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المدينة باتت محمية عسكرية، والمباني الحكومية تحولت إلى محميات محروسة بأكياس الرمل والمتاريس، وتحميها عناصر تحمل قناصات على المباني المرتفعة لحراسة الشوارع».
لكن هذا المشهد الأمني في الداخل، ليس سوى «إجراءات بسيطة مما يلف العاصمة السورية من تعزيزات ومشاهد عسكرية تشبه برلين إبان الحرب العالمية الثانية»، كما يقول مصدر قيادي من المعارضة المسلحة في دمشق، مشيرا إلى أن «النظام لا يتوقف يوميا عن إرسال التعزيزات إليها، وزج عناصر أمنية جديدة، تحت مسميات مختلفة مثل اللجان الشعبية وغيرها، فضلا عن قوات النخبة في الجيش التي تمركزت فيها وجعلتها ثكنات دائمة».
ويلتقي وصف الناشطين مهما أكده مصدر عسكري سوري في تصريحات نقلها موقع «داماس بوست» السوري الإلكتروني أمس، أن العاصمة دمشق «تقع كليا تحت حماية عسكرية عالية من قبل الجيش السوري»، مشيرا إلى أن «اختراقه عسكريا أمر شبه مستحيل، نظرا لتمركز قوات النخبة في مناطق تشرف على دمشق، قادرة على سحق أي هجوم عسكري لمقاتلي المعارضة المسلحة».
وقال المصدر إن الجيش النظامي نشر الآلاف من جنوده في محافظات وبلدات سوريا، بعضها أرسل من دمشق وريفها، مؤكدا أنها «تكفي لحماية دمشق من حيث التعداد والتجهيز القتالي ونوعية الأسلحة التي تمتلكها لصد أي هجوم أو محاولة خرق عسكري خارجي».
إزاء هذا التشدد الأمني، ينفي مسؤول الإعلام في الجيش السوري الحر فهد المصري وجود «خطة لاقتحام العاصمة بأعداد كبيرة من عناصر الجيش الحر منذ تشديد الإجراءات الأمنية فيها»، كاشفا في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «شهر فبراير (شباط) المقبل سيشهد مفاجآت كبيرة في دمشق، سيكون لها تأثير استراتيجي على الصراع الدائر في البلاد». ويضيف: «الخطة التي وضعها الجيش الحر ستغير المعادلة القائمة في النزاع، وسيكون لها دور مزلزل لما تبقى من استقرار النظام السوري»، مشيرا إلى أن الخطة العسكرية والأمنية التي وضعتها المعارضة «ستكون مفاجأة من العيار الثقيل».
ويصف المصري دمشق اليوم بأنها «مدينة مقطعة الأوصال». يلفت إلى وجود «مئات الحواجز الأمنية داخلها». أما الجيش الحر الذي استعصى عليه اقتحامها والتنقل بحرية داخلها، على غرار حرية تحركه في ريف دمشق، «فاعتمد العمليات النوعية مثل عملية اختراق أكثر المربعات الأمنية تشددا وحراسة في دمشق، وهو وزارة الداخلية، مما أدى إلى إصابته». ويشير المصري إلى أن تلك العمليات «نفذت بالتعاون مع مخبرين من داخل الجسم العسكري والأمني للنظام»، لافتا إلى أن «عدد المتعاونين معنا في الداخل يعد بالمئات».
داخل دمشق، يشير الناشطون إلى أن القوات النظامية تعتمد على قوات النخبة من الحرس الجمهوري. لكن المصري، يؤكد أن قوات الحرس الجمهوري «تنتشر بالتعاون مع مستشارين من الحرس الثوري الإيراني». ويلفت إلى أن القوات النظامية الآن «تنفذ عسكرية وضعها الخبراء الإيرانيون، تقوم على سياسة الأرض المحروقة والتي تنص على التدمير الكامل والشامل لداريا والمعضمية بهدف تأمين مطار المزة العسكري وطريق دمشق – بيروت، فضلا عن أنه بموجب هذه الخطة، تحمي القوات النظامية مقر قيادة الحرس الجمهوري والمواقع الأمنية والعسكرية القريبة من تلك المنطقة».
وتؤكد معلومات المعارضة السورية أن «مداخل دمشق، تنتشر فيها قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري وهي القوة الضاربة التي تتولى حماية النظام في العاصمة». وتضيف أن «عناصر الفرقة الرابعة دخلوا العاصمة بعدما تركوا مواقعهم في القلمون بغية حماية المقرات الأمنية في الداخل».
وتتقاطع هذه المعلومات مع ما ذكره خبراء عسكريون لموقع «داماس بوست» السوري أن ألوية وكتائب الحرس الجمهوري ذات القدرة القتالية العالية، وأهمها اللواء 105 و106 و101 وتضم مختلف التشكيلات القتالية، تتمركز علي مجموعة تلال جبلية محيطة بدمشق، وقد احتفظت المؤسسة العسكرية بقوة ضاربة منها لحماية العاصمة.
ولا تنفي مصادر الجيش الحر أنه «في ظل الإجراءات الأمنية والعسكرية المشددة في العاصمة، يصعب اختراقها بعمليات عسكرية مباشرة على غرار الريف»، لكن سيطرة النظام على المدينة، لا تعني أن «العمليات فيها محظورة». هنا، يوضح المصري أن «النظام يسيطر على المناطق الغربية والشمالية من العاصمة، لكن جنوب العاصمة وشرقها، يعدان نقطتي توتر دائر بالنسبة إليه، إذ تشهدان عمليات عسكرية على أطرافها، في ظل فقدانه السيطرة تدريجيا على الغوطة الشرقية». في هذه المناطق «تشهد الساحات معارك كر وفر، وعمليات أمنية، بينما يفقد السيطرة أيضا على الشريط الجنوبي للعاصمة، وهي مناطق الحجر الأسود وحجر فلسطين وغيرها التي باتت خارج السيطرة».
أما في الداخل، فإن اختراق العاصمة لا يعد مهمة سهلة بالنسبة للناشطين. ويؤكد هؤلاء وجود مئات حواجز التفتيش في الداخل، التي تتولاها أجهزة أمنية وقوات من الجيش ومدنيين ينقسمون إلى شبيحة، وإلى لجان شعبية تتولى إقامة الحواجز وتفتيش المارة وتسليم المطلوبين. ويقول المصري إن هذه اللجان «باتت وجها آخر للشبيحة الذين يختطفون الناس ويتفاوضن مع عائلاتهم لإطلاق سراحهم مقابل المال، كما يقومون بالسرقة».
وبحسب ناشطين، ينقسم الرأي حول اللجان الشعبية بين من يعتبرهم «شبيحة»، وآخرون يعتبرونهم «مساعدين للقوات الأمنية». وهم في واقع الحال، بحسب تبريرات النظام، «مساعدون شعبيون للقوات الأمنية التي لا تستطيع ضبط الوضع بمعزل عن مساعدة الشعب نفسه». ويقوم هؤلاء الذين ينتشرون في الأحياء التي يسكنونها، بمهمات تفتيش السيارات والتدقيق في هويات الغرباء وتمحيصهم، وتسليم الناشطين وكل من يشكون في أنه معارض.
«شبيحة» وقطاع طرق يستغلون الفوضى لسلب المسافرين إلى إدلب وحلب
مصادر «الحر» لـ «الشرق الأوسط»: لا علاقة لهم بالمعارضة وليسوا في صفوفها
بيروت: نذير رضا
يرفض سائق سيارة أجرة سوري بموقف «محطة الرحاب» في بيروت عرضا بتوصيل كيسين من الطحين إلى إدلب مقابل 200 دولار. حجة السائق أن «قُطّاع الطرق ينهبون كل شيء على الطريق، ولا أتحمل مسؤولية سلبها». فقد تعرّض السائق الخمسيني، بحسب ما يزعم، إلى عمليتي سلب خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في سوريا، خسر خلالهما «أدوية وقوارير غاز و15 ربطة خبز فضلا عن أموال كانت في جيبي».
ويتريث سائقو سيارات الأجرة الذين ينطلقون كل يوم إلى حلب وإدلب قبل الموافقة على حمل بضائع من عمال لبنانيين إلى ذويهم في شمال سوريا. يقول أحدهم إن «مسلحين مدنيين، لا يعرّفون عن أنفسهم، يقطعون الطريق فجأة، ويطلبون من الركاب تسليم أموالهم». وإذ ينفي السائق انتماء هؤلاء للجيش السوري الحر، حيث «لا يوجد دليل على أنهم مقاتلون معارضون»، يرجّح أن يكونوا من «الشبيحة والزعران (قطاع الطرق) الذين يستغلون الفوضى لسلب الناس».
وتلتقي هذه الحادثة مع أنباء كثيرة يتناقلها السوريون في لبنان عن تعرضهم لحوادث سلب مماثلة على الطريق الدولي من حمص باتجاه حلب وإدلب. يقول عامل سوري عاد مطلع العام الحالي من سوريا، إنه لدى وصول السيارة إلى قرى منطقة جبل سمعان في جنوب حلب «تفاجأ السائق بخمسة مسلحين يقطعون الطريق». ويضيف «طلبوا منا التوقف، وأجبرونا على تسليم الأموال التي نحملها وإلا سيجبروننا على خلع ملابسنا وتفتيشنا». ويتابع «أذعنا لطلبهم، وأخذوا من السيارة أيضا بعض المواد الغذائية التي نحملها من بيروت، قبل أن يسمحوا لنا بالمغادرة».
ويشير العامل السوري إلى أن المسلحين «مدنيون يحملون بنادق روسية». ويؤكد أن هؤلاء «لا يحملون علم الثورة السورية، ولا يرتدون بزات عسكرية على غرار عناصر الجيش السوري الحر الذي يقيمون حواجز طيارة في منطقة سراقب مثلا»، لافتا إلى أنهم «غير ملتحين، ويتحدثون بلهجة (الزعران) الذين يعرفهم السوريون منذ أمد طويل».
وتشير تلك الوقائع إلى الفوضى التي تعم المناطق المحررة من سلطة الجيش النظامي، في غياب شرطة عسكرية للمعارضة تضبط الطرق وتحفظ أمن الناس. ومع تردد أخبار كثيرة عن ظواهر مماثلة «برزت بعد تحرير أرياف منطقتي حلب وإدلب»، تؤكد مصادر الجيش السوري الحر أن هذه الظواهر الفردية «لا علاقة لها بالثورة ولا بالمقاتلين المعارضين». وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الظاهرة تمتد منذ أيام سلطة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على المنطقة»، موضحة أن «مجموعة من 300 شبيح مثلا، معظمهم من عائلة واحدة في ريف حلب، تلقت تسليحا من القوات النظامية في بدايات الأزمة، قبل أن تعلن انضمامها للثورة، من غير أدنى تنسيق مع الكتائب المقاتلة في حلب». وتؤكد المصادر أن أولئك الأشخاص «أعلنوا أنهم مع الثورة فجأة، وتابعوا ممارسة تشبيحهم زاعمين أنهم معارضون»، مرجحة أن يكون قطاع الطرق «على هذا النمط من الشبيحة الذين يعيشون في الفوضى لممارسة عملهم الأساسي؛ وهو سرقة ونهب الناس وتخويفهم».
واللافت، بحسب السوريين القادمين إلى لبنان، أن هؤلاء «الشبيحة والزعران لا يقيمون حواجز ثابتة، بل يتنقلون من مكان إلى آخر». ويوضح عامل سوري يتهيأ للسفر إلى محطة الرحاب أن أحد السارقين في منطقة السفيرة «خرج من السجن في بدايات الثورة السورية بعد أن كان مسجونا بجريمة جنائية، وقد تبرأ والده منه.. لكنه اليوم يزعم أنه معارض، ويتنقل برفقة ثلاثة أشخاص معروفين أنهم كانوا من شبيحة النظام، ويقيمون حواجز السلب والنهب على الطرقات الريفية».
ويؤكد سائقو سيارات الأجرة أن قطّاع الطرق يستولون على الخبز والطحين وقوارير الغاز التي تهرب إلى داخل سوريا للعائلات المقيمة في الشمال، فضلا عن الأجهزة الجوالة والإلكترونيات والأدوية. يقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن «تجارة الأدوية المهربة والطحين تلقى رواجا في هذه الأيام، في ظل ندرتها في سوريا، وهي أكثر ما تستهوي قطاع الطرق الذين يتاجرون بها».
وتعتبر قوارير الغاز والخبز وأكياس الطحين عملة نادرة في شمال سوريا الآن؛ مع وصول سعر قارورة الغاز إلى نحو مائة دولار، وندرة وجود الخبز في المنطقة، وارتفاع أسعار وقود التدفئة.
سوريا تنشئ «جيش الدفاع» والمعارضة تراه «قوننة» للشبيحة
رديف للقوات النظامية وعدده 10 آلاف مقاتل يرتدون زيا موحدا
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلن مصدر سوري أن السلطات السورية تتجه لإنشاء ما يمكن تسميته بـ«جيش الدفاع الوطني»، كرديف للقوات النظامية التي تتفرغ للمهام القتالية، فيما اعتبرته المعارضة السورية «تسمية أخرى لميليشيات الشبيحة».
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المصدر قوله: إن «الفصِيل الجديد سيتم تشكيله من عناصر مدنية أدت الخدمة العسكرية إلى جانب أفراد اللجان الشعبية التي تشكّلت تلقائيا مع تطور النزاع القائم في سوريا»، موضحا أن مهام هذا الجيش «ستقتصر على حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة، وسيتقاضوْن رواتب شهرية كما سيكون لهم زِي موحد». وتوقع المصدر نفسه أن يناهز العدد المرتقب لهذا الجيش، العشرة آلاف شاب من مختلف محافظات البلاد.
لكن المعارضة السورية لم تفرّق بين هذا الجيش و«الشبيحة» الذين ظهروا مع انطلاق الأزمة السورية. وقال المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» إن جيش الدفاع الوطني المزمع إنشاؤه «هو تسمية أخرى لميليشيات الشبيحة»، لافتا إلى أن هذه الميليشيات «يجري إنشاؤها على أساس طائفي».
وكشف المقداد أن النظام السوري، أفرج مؤخرا عن دفعة من المجرمين المدانين بجرائم السرقة والقتل والمخدرات وأنشأ لهم كيانا يقاتل إلى جانبه ويقتل المواطنين السوريين، مشيرا إلى أن الإفراج عن هذه الدفعة «تزامن مع تشكيل دفعة من الفتيات للقتال إلى جانبه». وأضاف: «يحاول النظام إيجاد تسميات قانونية للشبيحة بعد موجة الانشقاقات الهائلة في صفوف الجيش السوري، بحيث لم يعد قادرا على ضبط الجيش، وبات مضطرا لإيجاد كيانات رديفة موالية له، يجد لها تسميات مختلفة».
وأكد المقداد أن «تلك التسميات لا تعنينا»، مشددا على أن «كل من يقتل الشعب السوري هو عدونا، وسنتعامل معه على هذا الأساس».
وسخر ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكيل هذه الفرقة، معتبرين أنها «كتيبة جديدة من جيش الأسد». وربط هؤلاء بين مهام هذا الجيش، ومهام الشبيحة. ولا يتوقع الناشطون أن يكون شكل هذا الجيش مختلفا عن الشبيحة. وفي حين لا يستطيع الخبراء العسكريون أن يقدروا شكل هذه الفرقة قبل تشكيلها، كما أكد الخبير لـ«الشرق الأوسط»، قال ناشط من درعا لـ«الشرق الأوسط» إن الشبيحة «عرفوا بمسدساتهم وبنادقهم الروسية التي تخرج حربة من مقدمتها، فضلا عن ثيابهم السوداء والأحذية الرياضية التي ينتعلونها، ولا نتوقع أن تكون هذه الفرقة مختلفة عن الشبيحة».
=لكن الشبيحة في دمشق، ظهروا مختلفين عما ظهروا به في درعا وحمص في بداية الأزمة، إذ «تميزوا بأسلحة أوتوماتيكية مثل البومب أكشن، وقناصات، وبنادق آلية أميركية مثل إم 15، فضلا عن القنابل التي تحملها جعبهم العسكرية»، بحسب الناشط نفسه.
ومن المعروف أن الجيش الشعبي الذي يتشكل في الأزمات، يقوم بمهام اجتماعية وقتالية رديفة للجيش النظامي، ويملأ مواقعه بعد تقدم الجيش النظامي. ومن ميزات الجيش الشعبي، أنه غير منضبط، خلافا للجيش النظامي، ويقوم بمهام أمنية تتخطى المهام العسكرية، تشبه إلى حد بعيد المهام الأمنية التي تقوم بها اللجان الشعبية في سوريا والتي تشكلت مع وصول المعركة إلى دمشق الصيف الماضي.
اشتباكات بين مقاتلين أكراد والجيش الحر في مدينة رأس العين الحدودية تطيح بالهدنة
رئيس المجلس الوطني الكردي لـ«الشرق الأوسط»: نتمنى على قيادة «الحر» تنسيق تحركاتها معنا
بيروت: «الشرق الأوسط»
مع اشتداد المعارك بين كتائب «الجيش السوري الحر» والقوات النظامية بريف دمشق، وخروج الآلاف في مظاهرات أطلق عليها ناشطو المعارضة جمعة «جامعة الثورة، هندسة الشهادة»، إثر التفجيرات التي استهدفت قبل أيام جامعة حلب، برز تطور ميداني لافت أمس في مدينة رأس العين الحدودية، حيث دارت اشتباكات بين مقاتلين أكراد وكتائب «الجيش الحر»، بحسب ناشطين سوريين.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان عن «اشتباكات عنيفة وقعت في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي (حزب الاتحاد الديمقراطي) ومسلحين، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مقاتلين أكراد وسبعة مقاتلين معارضين، إضافة إلى إصابة 59 آخرين من الطرفين».
وفي حين أن هذه الاشتباكات ليست الأولى التي تشهدها مدينة رأس العين، ذات الغالبية الكردية، اتهم الناشط الكردي مسعود عكو تركيا بـ«تقديم الدعم لهؤلاء المسلحين». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «دبابتين دخلتا من الأراضي التركية لتتمركزا عند مقبرة المدينة وتقوم بقصفها»، مشيرا إلى أن «غالبية المنازل في حي الخزان الكردي تعرضت للتدمير». وأكد عكو أن المقاتلين الذي هاجموا رأس العين ينتمون إلى كتائب «أحفاد الرسول»، و«غرباء الشام»، إضافة إلى عناصر من «جبهة النصرة»، على حد تعبيره.
وكان المرصد السوري قد أوضح أنها «المرة الأولى التي تتجدد فيها الاشتباكات بهذا العنف» في هذه المدينة الحدودية مع تركيا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين اندلعت معارك استمرت أياما بين المقاتلين الأكراد ومئات المسلحين الإسلاميين الذين دخلوا المدينة من تركيا. وأشار إلى أن المسلحين «استخدموا دبابات دخلت إحداها المدينة من الجهة الجنوبية الغربية». وفي سياق متصل، بث ناشطون شريط فيديو على موقع «يويتوب» يظهر الدبابات أثناء قصف المدينة، الواقعة شمال شرقي سوريا وتضم خليطا سكانيا يتألف من أكراد وعرب ومسيحيين.
في موازاة ذلك، اعتبر رئيس المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف أن «المجموعات المسلحة التي هاجمت منطقة رأس العين تأتي إلى المدينة تحت عناوين الجيش الحر»، مشددا على أن «هوية هؤلاء المقاتلين ما تزال مجهولة بالنسبة للمجلس الكردي».
وأبدى يوسف لـ«الشرق الأوسط» استغرابه لشعار تحرير «رأس العين» الذي ترفعه بعض الكتائب المقاتلة، مشيرا إلى أن «النظام ليس موجودا في هذه المنطقة وانسحب منها منذ مدة، ولا معنى لهذا الشعار أبدا». وتمنى يوسف على «الجيش الحر» أن «ينسق مع قيادة المجلس الوطني الكردي في تحركاته داخل منطقة رأس العين»، لافتا إلى أن «مكونات متنوعة تعيش في هذه المنطقة، ما يدفعنا للمحافظة على السلم الأهلي».
وفي حين أكد يوسف أن «المقاتلين المهاجمين لبلدة رأس العين دخلوا مع آلياتهم من الجهة التركية»، نفى عضو «الائتلاف الوطني» المعارض و«المجلس الوطني السوري» عبد الأحد اسطيفو، وهو من أكراد سوريا، لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون هذا الأمر قد حدث»، متهما النظام السوري «بإشعال فتنة طائفية في محافظة الحسكة التي تضم بين أطيافها مكونات مختلفة».
وأوضح اسطيفو أن «المجلس الوطني» يقوم باتصالات مكثفة لضبط الوضع في رأس العين، مذكرا بأنها «ليست المرة الأولى التي يتم فيها خرق اتفاق الهدنة المتفق عليها بين جميع مكونات محافظة الحسكة ومن بينها القوى المسلحة في رأس العين».
إلى ذلك، أكد ناشطون معارضون حصول مجزرة في مدينة دوما بريف دمشق، حيث عثر على 13 جثة لأشخاص من المدينة كانوا قد اعتقلوا على حواجز اللجان الشعبية. وأشاروا إلى أن «الطيران الحربي النظامي كثف غاراته على مواقع مختلفة من الريف الدمشقي، ومنها بلدة المليحة المهجورة في الغوطة الشرقية ملحقا مزيدا من الدمار ببنيتها التحتية وممتلكات سكانها». كما قصفت طائرات الميغ التابعة للنظام منطقة مزارع رنكوس في ريف دمشق، فيما تعرضت معضمية الشام لقصف بواسطة مدفعية الفرقة الرابعة. وفي بيت سحم، تجدد القصف على البلدة، وتزامن مع اندلاع اشتباكات بين «الجيش الحر» والقوات النظامية على طريق مطار دمشق الدولي، في حين شهدت جديدة عرطوز انفجارات نتيجة القصف الذي تعرضت له البلدة.
وفي حين أفاد ناشطو المعارضة عن قصف مدفعي عنيف، أدى إلى سقوط قتلى وعشرات الجرحى جراء غارة جوية على حي «المحافظة» في حلب، أفاد وسائل إعلام سورية رسمية عن انفجار كبير وقع وسط مدينة حلب نجم عن صواريخ أطلقتها «جماعة إرهابية». وأظهر التلفزيون السوري لقطات «أظهرت جانبا منهارا من أحد المباني فيما كان السكان يفتشون وسط الحطام وينقلون جثثا من المكان».
سوريا تتضامن مع طلابها في “جمعة جامعة الثورة“
لم يحل القصف المتواصل الذي تنفذه طائرات ومدفعية نظام بشار الأسد في أرجاء سوريا دون خروج المواطنين في القرى والبلدات والمدن يوم أمس، تضامنا مع طلاب سوريا الذين سفكت طائرة أسدية دمهم الثلاثاء الماضي عندما وجهت صاروخين باتجاه مبنى الجامعة موقعة اكثر من 30 طالباً قتيلا وعشرات الجرحى.
مقتل صحافي
وقتل صحافي فرنسي من اصل بلجيكي برصاص قناص في مدينة حلب في شمال ليل الخميس ـ الجمعة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الصحافي ايف دوباي مصرعه “في إثر اصابته برصاص قناص خلال اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية بالقرب من سجن حلب المركزي في ريف حلب.
وعرض ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي صورتين لجثة الصحافي وبطاقته.
وقالت صفحة “مركز حلب الاعلامي” على موقع “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي إن صورة الجثة التقطت في احد المستشفيات الميدانية، وارفقتها بصورة لبطاقة تعريف صحافية من وزارة الدفاع الفرنسية يعود تاريخها الى العام 2010، عليها اسم دوباي وصورته.
وقالت الصفحة ان الصحافي “قتل برصاصة قناص للنظام متمركز على سطح السجن المركزي (الواقع الى الشمال من المدينة) اثناء تغطيته الاشتباكات هناك”.
وافاد ناشط في المركز قدم نفسه باسم “ابو هشام” وكالة “فرانس برس” عبر “سكايب” بأن متطوعا في المستشفى الميداني في حلب أبلغه بمقتل دوباي.
وقال ناشط آخر في المدينة فضل عدم كشف هويته، انه ساعد في وضع جثة الصحافي في سيارة إسعاف تولت نقله إلى معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا. ولم يحدد ظروف مقتل دوباي، لكنه اوضح “يبدو انه دخل شارعا خطيرا جدا حيث كانت تدور اشتباكات بين المقاتلين المعارضين وقوات النظام”. وكان دوباي، الذي يصفه عارفوه بأنه شخص مرح وذو بنية جسدية ضخمة، يعد تقارير من سوريا لصالح مجلة “آسو” (اقتحام) المتخصصة بالشؤون العسكرية التي اسسها قبل خمسة اعوام، علما انه سبق واطلق مجلة “ريد” (غارات) في العام 1986.
وولد دوباي في 24 كانون الاول 1954 في لومباشي (الكونغو سابقا، والتي كانت في حينه تحت الاستعمار البلجيكي)، وخدم في وحدات النخبة الروديسية وهي استخبارات نظام البيض في زيمبابوي سابقا، والذي بقي في السلطة حتى 1980.
واتت تغطيته للنزاع السوري بعد تجارب مماثلة في العالم بينها لبنان والبلقان.
ويواجه الصحافيون ظروفا صعبة في محاولتهم تغطية النزاع السوري المستمر منذ 22 شهرا، اذ تشير ارقام منظمة “مراسلون بلا حدود” الى مقتل 17 صحافيا من الاجانب والسوريين، اضافة الى 44 ناشطا اعلاميا، منذ منتصف آذار 2011.
وعلى بعد مئات الكيلومترات الى الشرق من حلب، دارت معارك عنيفة الجمعة بين مقاتلين اكراد ومقاتلين معارضين لنظام الرئيس السوري بشار الاسد غالبيهم من الاسلاميين في مدينة راس العين الحدودية (شمال شرق) مع تركيا، والواقعة في محافظة الحسكة.
وقال المرصد السوري إن اشتباكات عنيفة دارت “بين مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة ومقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي في مدينة راس العين”، استخدم خلالها المقاتلون المعارضون “المدفعية الثقيلة ودبابة”.
وقال ناشط من المدينة قدم نفسه باسم “هفيدار” لـ”فرانس برس” عبر الانترنت ان “وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)” وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، “قامت بالاستيلاء على دبابة تابعة لجبهة النصرة”.
وكان الناشط نفسه افاد ليل الخميس ـ الجمعة أن الجبهة التي تصنفها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الارهابية، “قامت بادخال ثلاث دبابات من الجهة التركية” إلى المدينة.
ومنذ بداية النزاع السوري، سعى الاكراد للنأي بنفسهم عن الصراع رغم اتهامهم من قبل المعارضة بالعمل لحساب نظام الرئيس الاسد الذي انسحبت قواته من مناطق كردية عدة.
وقال محمد، وهو احد سكان المدينة، ان “وتيرة الاشتباكات ارتفعت مع حلول ساعات المساء (الخميس) بعد قدوم تعزيزات للمسلحين الأكراد الذين يحاولون صد هجوم هو الأعنف منذ دخول مسلحي المعارضة للمدينة قبل أكثر من شهر ونصف”.
والاشتباكات هي الاعنف في المدينة منذ تشرين الثاني الماضي، حين اندلعت معارك استمرت اياما بين الطرفين بعد دخول المقاتلين المعارضين المدينة في التاسع من الشهر نفسه، وشارك فيها مقاتلون من النصرة ولواء “غرباء الشام”.
ويخشى بعض النشطاء من لجوء تركيا التي تساند المقاتلين المعارضين الى مجموعات جهادية في سوريا في صراعها ضد الاكراد. واوضح هافيدار ان “المقاتلين المعارضين لم يستخدموا الدبابات لمحاربة النظام وانما لقصف راس العين”.
وعبر الصحافي والناشط الكردي مسعود عكو عن قلقه ازاء “المعارك بين الميليشيات الكردية والمقاتلين المعارضين” مشيرا الى انه “اذا تحولت المعركة الى صراع بين الاكراد والعرب فإن ذلك من شأنه ان يضع سوريا والثورة في خطر”.
غارات
وفي ريف دمشق، قال المرصد “استشهدت طفلة إثر اصابتها بشظايا القصف على مدينة عربين كما سقط عشرات الجرحى جراء القصف بالطيران الحربي”.
واشار الى ان “طائرة حربية نفذت غارات جوية عدة على مدينة داريا في ريف دمشق” التي تحاول القوات منذ فترة فرض سيطرتها الكاملة عليها.
كما تعرضت دوما والمعضمية للقصف، اضافة الى بيت سحم وعقربا تزامنا مع اشتباكات على اطراف البلدتين، بحسب المرصد.
وقال المرصد انه عثر على جثامين ما لا يقل عن 11 رجلا مجهول الهوية بالقرب من احد الحواجز العسكرية في بلدة عدرا.
واظهر شريط بثه المرصد على الانترنت جثث رجال وشبان مكبلي الايدي، وبدت على الجثث آثار اصابات بالرصاص، وبعضها مصاب في الرأس. ويسمع رجل يقول “هؤلاء شهداؤنا، هؤلاء اولادنا. والله جماعة (الاسد) بأيدينا رح نجيبهن (نحضرهم) ونقتلهم”.
وفي درعا (جنوب)، “هز انفجار ناتج عن سيارة مفخخة مخيم درعا للنازحين”، بحسب المرصد.
مليشيا جديدة للنظام
في غضون ذلك، يعمل نظام بشار الأسد على تشكيل ميليشيا جديدة. وقال مصدر سوري مطلع في دمشق، إن سلطات النظام تتجه لإنشاء ما يمكن تسميته “جيش الدفاع الوطني” يتألف من 10 آلاف شاب، كرديف للقوات النظامية تكون مهمته حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة.
وقال المصدر لقناة “روسيا اليوم” في دمشق، إن السلطات تتجه لإنشاء ما قد تسمّيه جيش الدفاع الوطني كرديف للقوات النظامية التي تتفرغ للمهام القتالية. وأضاف المصدر أن الفصيل الجديد سيتم تشكيله من عناصر مدنية أدت الخدمة العسكرية إلى جانب أفراد اللجان الشعبية التي تشكّلت تلقائياً مع تطور النزاع القائم في سوريا.
وأشار المصدر إلى أن مهام جيش الدفاع الوطني ستقتصر على حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة، وسيتقاضوْن رواتب شهرية كما سيكون لهم زِي موحد.
وأضاف أن العدد المرتقب لهذا الجيش، سيقارب 10 آلاف شاب من مختلف محافظات البلاد.
“الأونروا”
وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا” قالت أمس “إن التقارير الواردة بعد يوم من المنازعات العسكرية المكثفة في منطقة الحسينية جنوب ريف دمشق تفيد بمقتل ما لا يقل عن 12 لاجئا فلسطينيا وجرح أكثر من 20 آخرين.. ووردت تقارير تفيد أن بين القتلى والجرحى نساء وأطفالا”.
وأعربت الاونروا في بيان أمس عن إدانتها لمقتل اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين.
لاجئون
وقد ارتفع عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى 157,490 شخصاً، فرّوا من المواجهات العسكرية في بلادهم.
ونقلت صحيفة “زمان” التركية عن بيان لإدارة الطوارئ والكوارث في رئاسة الوزراء التركية أمس، أن تركيا تستضيف حالياً 157,490 لاجئاً سورياً دخلوا تركيا منذ بدء الاضطرابات.
ويعيش اللاجئون في 14 مخيماً، 5 منها في هاتاي و2 في أورفة و3 في غازي عنتاب ومخيم واحد في كل من كهرمان مرعش وعثمانية وأدي يامان وكيليس.
وقالت الإدارة التركية إن 223,986 سورياً عبروا إلى تركيا منذ بدء الاضطرابات في بلادهم، وعاد منهم 66,469 شخصاً على سوريا.
(أ ف ب، يو بي أي)
طائرة ميغ تقصف مواقع نظامية بسوريا
استهدفت طائرة سورية من طراز ميغ مناطق تابعة للنظام السوري في معضمية الشام بريف دمشق، وجاء ذلك في ظل حملة قصف شرسة على داريا وعدد من المناطق الأخرى.
وقال ناشطون إن طائرة ميغ سورية قصفت مواقع تابعة للنظام في معضمية الشام بريف دمشق، وأفادوا أن الطائرة الحربية قصفت منطقة الجسر بالقرب من الحي الشرقي الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد والذي يضم عددا من المراكز الأمنية، إضافة إلى مناطق محاذية للفرقة الرابعة. وذكر ناشطون أن الطائرة حلقت فوق القصر الرئاسي قبل أن تنسحب وتختفي في الأفق.
وأوضح المتحدث باسم المجلس العسكري الثوري في الغوطة الغربية بريف دمشق، نور الحق، للجزيرة، أن الطيار قد يكون انشق عن القوات النظامية التي استهدفت طائرته بنيران أسلحتها.
وقال نور الحق إن قصفا عنيفا وغير مسبوق استهدف داريا بريف دمشق، وذكر أن القوات النظامية أطلقت ثمانين صاروخ غراد خلال 25 دقيقة على البلدة.
وأفاد المركز الإعلامي السوري بأن طيران النظام مدعومًا بالدبابات استهدف الأحياء السكنية في مدينتي داريا ومعضمية الشام، فسقط قتلى وجرحى، ودمرت أبنية بأكملها. وقال ناشطون إن دوما تعاني حصارا خانقا للشهر السابع على التوالي مع انعدام المواد الطبية والغذائية. وتحدث الناشطون عن قصف مس مدن وبلدات الزبداني وعربين وحزة والنشابية وحرستا.
وفي وقت سابق أفادت لجان التنسيق المحلية أن قنابل عنقودية سقطت على مبنى مكون من ثلاثة طوابق في داريا يعج بالسكان مما أدى لانهياره بالكامل على رؤوس ساكنيه أغلبهم من نساء وأطفال.
غارات جوية
وفي دير الزور قال الجيش الحر إنه سيطر على حي خسارات، وأفادت لجان التنسيق المحلية أن طائرات النظام شنت غارات جوية على مدينة البوكمال على الحدود مع العراق، واستهدف القصف حي المساكن في المدينة، مما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وجرح آخرين بينهم نساء وأطفال. كما أسفر القصف عن تدمير تسعة منازل.
في غضون ذلك ذكرت شبكة شام أن اشتباكات عنيفة اندلعت عند مفرق بلدة حيش بريف إدلب إثر استهداف الجيش الحر أحد أرتال قوات النظام الحاكم. وأضافت أن الحر تمكن من تدمير دبابة بينما سمع دوي انفجارات في المنطقة.
وتمكن الجيش الحر مؤخرا من تحقيق تقدم بمدينة حلب حيث وصل مشارف ملعب حلب الدولي لأول مرة منذ فقد السيطرة على معظم حي صلاح الدين قبل حوالي خمسة أشهر.
من جانب آخر ووري الزميل محمد المسالمة المعروف باسم محمد الحوراني الثرى في بصر الحرير اليوم السبت بعد تعذر دفنه في مسقط رأسه بمدينة درعا، واستشهد الحوراني والذي كان يعمل مراسلا متعاونا مع الجزيرة، إثر إصابته برصاص قناص حينما كان يغطي الأحداث في بلدة بصرى الحرير بريف درعا.
دمشق تنتقد طلب إحالة ملفها للجنائية
انتقدت دمشق الطلب الذي تقدمت به 58 دولة من أجل إحالة النزاع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، متهمة بعض الدول الموقعة على العريضة المرفوعة إلى مجلس الأمن بدعم “المجموعات الإرهابية” في سوريا. وذلك على الرغم من فشل أعضاء المجلس في الاتفاق على رأي موحد بهذا الشأن.
وجاء في نص الرسالة -التي وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى رئيس مجلس الأمن الدولي- أن “الحكومة السورية تأسف لإصرار تلك الدول على انتهاج مقاربة خاطئة ترفض الاعتراف بواجب الدولة السورية في حماية شعبها من الإرهاب المفروض عليها من الخارج”.
ولفتت الوزارة إلى أنه “لم يعد خافيا على أحد التمويل والتدريب والإيواء الذي تتلقاه المجموعات الإرهابية المسلحة من دول بعينها، بعضها وقع على الرسالة المشتركة، والذي تتم تغطيته بحملات سياسية وإعلامية تسعى لحماية جرائم تلك المجموعات المسلحة والإساءة للدولة السورية واتهامها بتلك الجرائم”.
وعبرت الخارجية السورية عن الأسف لأن “تقوم سويسرا -الدولة المودعة للاتفاقيات الأساسية في القانون الدولي الإنساني والمعروفة سابقا بحيادها وموضوعيتها- بقيادة هذه الحملة الظالمة والمضللة ضد بلد عضو في الأمم المتحدة، والدفاع عن ممارسات المجموعات الإرهابية”.
وأوضحت أن الدول الموقعة تعرب عن قلقها بشأن الشعب السوري والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتتجاهل “الدعم الذي تتلقاه المجموعات المسلحة سياسيا وإعلاميا ولوجستيا وعسكريا”، مكررة أن بعض الموقعين يدعمون هذه الجماعات “بالسلاح والمال بشكل مباشر”.
فشل المجلس
وجاء رد الخارجية السورية على الرغم من فشل أعضاء مجلس الأمن الدولي في الاتفاق على رأي موحد بشأن إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن طالبت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي بالعمل على تمكين المحكمة من التحقيق في جرائم الحرب التي تشهدها البلاد منذ مارس/آذار 2011.
وأصدرت فرنسا وبريطانيا وأستراليا ولوكسمبورغ وكوريا الجنوبية بياناً أكدت فيه تأييدها للخطاب الذي قدمته سويسرا إلى مجلس الأمن الدولي نيابة عن 58 دولة، وطالبت فيه بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
لكن الأعضاء الـ15 في المجلس ليسوا متحدين بشأن هذه القضية، خاصة روسيا والصين اللتين تعارضان اتخاذ أي قرار ضد النظام السوري، إذ سبق أن استخدمتا حق النقض (الفيتو) لمنع إصدار ثلاثة قرارات تهدد بفرض عقوبات على الرئيس بشار الأسد.
وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك لايل غرانت “ندعم بشكل كامل المبادرة السويسرية وسنبقى في طليعة المجتمع الدولي الذي يطالب بإحالة الوضع في سوريا للمحكمة في لاهاي، ولضمان مساءلة جميع مرتكبي بعض أخطر الجرائم الدولية من دون استثناء”.
وبدوره، أكد رئيس مجلس الأمن السفير الباكستاني مسعود خان وجود انقسام بشأن إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وكان مجلس الأمن الدولي عقد جلسة مشاورات مغلقة بشأن سوريا مساء الجمعة، استمع خلالها إلى إفادتين من المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، ومن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري آموس حول الأوضاع في البلاد.
وقالت بيلاي -في مقابلة مع الجزيرة- إنها طالبت خلال الجلسة بإحالة سجلات انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، خاصة ما يتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وأشارت إلى زيادة عدد القتلى الشهري إلى ما يقدر بخمسة آلاف شخص.
وأكدت أنها ستواصل الدعوة لإحالة الوضع السوري للجنائية الدولية، لأن الأمم المتحدة لا تدعم الإفلات من العقاب بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم خطيرة، مثل الجرائم ضد الإنسانية.
وأوضحت أن سوريا ليست من الدول الموقعة على ميثاق روما الأساسي، ومن ثم لا تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، والطريقة الوحيدة لإحالة الوضع إلى المحكمة لا تكون إلاّ عن طريق مجلس الأمن.
يشار إلى أن بيلاي سبق لها أن تقدمت بنفس الطلب إلى مجلس الأمن الدولي في يوليو/تموز الماضي.
مراسل الجزيرة الحوراني يوارى الثرى
ووري الزميل الشهيد محمد المسالمة (الحوراني) الثرى في بصر الحرير بريف درعا في سوريا بعد تعذر دفنه في مسقط رأسه بمدينة درعا.
وكانت شبكة الجزيرة الإعلامية قد أعلنت استشهاد الحوراني الذي كان يعمل مراسلا متعاونا لقناة الجزيرة في درعا السورية أمس الجمعة.
وكان الصحفي السوري الذي اشتهر باسم محمد الحوراني يغطي الأحداث من الخطوط الأمامية في بلدة بصر الحرير بريف درعا التي شهدت اشتباكات هي الأعنف بين قوات النظام السوري ومقاتلي الجيش الحر.
وقال مراسل الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة إن الحوراني استشهد جراء إصابته بثلاث رصاصات واحدة في الصدر والثانية في البطن والثالثة في إحدى رجليه، وأضاف أن أسرته من بين النازحين السوريين إلى الأردن.
من جهته أشاد مصدر مسؤول في الجزيرة بالتغطية المهنية التي تميز بها المراسل الحوراني (33 عاما)، وأوضح أنه عمل مع الجزيرة منذ أكثر من عام، حيث عرف بشجاعته ودقته في نقل الأخبار التي كان يغطيها تغطية حية من منطقة درعا وريفها.
وأكد المتحدث باسم الجزيرة أن استهداف طواقمها أو الصحفيين المتعاونين معها لن يثنيها عن خطها التحريري الذي انتهجته منذ انطلاقتها قبل 16 عاما وقدمت خلالها العديد من شهداء المهنة في سبيل نقل الحقيقة.
وكان الحوراني أحد نشطاء الثورة السورية منذ بداياتها، حيث اعتقله جهاز المخابرات الجوية قبل أن يطلق ويتحول إلى العمل الإعلامي.
يذكر أن الحوراني هو ثاني صحفي يقتل برصاص النظام في 24 ساعة.
قصة السيطرة على مطار تفتناز العسكري
محمد بنكاسم-تفتناز
أصبح وقوع مطار تفتناز العسكري في الحادي عشر من شهر يناير/كانون الأول الجاري حدثا عسكريا فارقا في معارك المطارات بين كتائب الثوار وقوات النظام السوري التي انطلقت قبل بضعة أسابيع.
يأتي ذلك في محاولة من الثوار لحرمان النظام من قواعد ارتكازه الأساسية لتصويب نيرانه وتأمين الإمدادات العسكرية والغذائية لمراكز وجوده في مناطق أبعد، لاسيما تلك التي يحاصرها الثوار.
ويقع المطار -الذي رصدت الجزيرة نت قصة استيلاء الثوار عليه- جنوب مدينة تفتناز الواقعة في الريف الجنوبي لإدلب، ويضم قوة جوية كبيرة قوامها المروحيات الحربية المجهزة بصواريخ ورشاشات، حيث كانت قوات النظام تستخدمه كنقطة انطلاق لإلقاء البراميل المتفجرة على المدن والقرى السورية، وهو من القواعد الكبرى للمروحيات العسكرية في محافظة إدلب.
وبمجرد وصولنا إلى بوابة المطار، وجدنا مجموعة من الثوار تحتمي داخل خنادق ترابية، وما كدنا نتحدث مع أحدهم حتى طلب منا بنبرة حازمة مغادرة المكان لأن هناك قصفا من الطيران على المطار.
لم يعقـّب سائق السيارة التي تقلنا، وانطلق مسرعا في اتجاه مدينة تفتناز التي لا تبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن المطار، وكنا خلال قطع هذه المسافة نسمع دوي القصف من ورائنا.
قادة مصابون
بعد ساعة رجعنا إلى المطار باحثين عن قائد ميداني يشرح لنا القصة الكاملة لسقوط المطار بأيدي الثوار، فأخبرنا بأن الكثير من القادة الذين شاركوا في العملية مصابون الآن، غير أن هناك قادة آخرين رفضوا الحديث معنا، كما لم يسمح لنا بالدخول إلى المطار لاعتبارات أمنية.
قصدنا مدينة بنش غير البعيدة، وهناك استطعنا لقاء أحد قادة “الطليعة الإسلامية” الذين ساهموا في التخطيط للهجوم على المطار، وقد فضل عدم ذكر اسمه أو نشر صورته مكتفيا بلقب له هو أبو دجانة.
حكى أبو دجانة -ونحن في قبو منزل إضاءته خفيفة- أن الكتائب التي شاركت في المعركة الحاسمة كانت “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” و”الطليعة الإسلامية”، مع مشاركة محدودة من “لواء داود”.
وأضاف أن المطار كان يمطر القرى المجاورة له، وأيضا البلدات في محافظة إدلب وحماة وحلب بوابل من النيران والقنابل الفراغية التي تسوي المنازل بالأرض، وقد استخرج الثوار جثثا من الأنقاض وهي أشلاء، “وقد كان المطار يستهدف المدنيين الآمنين في أغلب الحالات، وليس المقاتلين”.
كان محاورنا كتوما في الحديث عن نوعية الأسلحة المستخدمة، والقوة العددية التي هاجمت المطار، وأيضا الخطة التي اتبعها الثوار، قائلا إن المعارك القادمة كفيلة بإظهار الغنائم من العتاد، مشددا على أن التكتم على هذه التفاصيل هو لصالح الثوار فيما يُستقبل من عمليات ضد قوات النظام. وأكد أن الثوار “يستقوون بالله وليس بالقوة العددية أو بالعتاد، وقد كانت المعنويات تطاول السماء”.
إمهال.. فهجوم
حاصر الثوار المطار من كافة الجهات تقريبا، وذلك من جهة طعوم والطالحية ومدينة تفتناز ومناطق السهل والجهة الجنوبية للمطار، وقطعت كل سبل الإمدادات عن المنشأة العسكرية.
وكانت عملية محاصرة واقتحام المطار والسيطرة على مراحل، حيث أعطيت الفرصة في المرحلة الأولى للجنود الموجودين داخل المطار للانشقاق، إذ دعاهم الثوار عبر مكبرات الصوت للتخلي عن النظام وأمهلوهم أربعة أيام، وقد انشق عدد لا بأس به من الجنود، مستغلين وجود الضباب والظلام واتساع مساحة المطار.
وقال أبو دجانة إن القناصة من الثوار انتشروا على نقاط عديدة على امتداد أسوار المطار، ففتحوا فجوات فيها لاستهداف الجنود، و”هو ما أدخل الرعب في قلوبهم فتشتتوا ولجؤوا للمباني، وقد كان عدد الضباط أكبر من عدد الجنود، وفي الأخير تمركزوا في المبنى الرئيسي للمطار القريب من مدخله”.
عوامل أخرى
في اليوم الأول، حاول الثوار اقتحام المطار فلم يستطيعوا، وظلوا ليلة كاملة في محاصرته في ظل برد قارس، وتم استبدال قسم من الثوار في اليوم التالي بآخرين، ثم نزلت أمطار غزيرة على المنطقة فأصبحت الأرض موحلة لا تساعد على الحركة، قبل أن يلي ذلك يوم فيه ريح شديد زال معه وحل التراب فعاود الثوار الكرّة، بعد عقد اجتماع للقادة الميدانيين لإعداد خطة الهجوم وتقسيم المجموعات.
وفي اليوم الرابع من محاصرة المطار، تم الهجوم باستخدام أنواع من الأسلحة أبرزها بنادق كلاشينكوف وقاذفات أر بي جي ورشاشات بيكاسي، والقليل من مضادات الطيران التي استخدمت لإسقاط الطائرات.
وتمت السيطرة بشكل تدريجي على أجزاء المطار بالنظر إلى اتساع مساحته، حيث تناهز 240 هكتارا، وفي اليوم الرابع بلغت نسبة السيطرة على أطراف المطار 80%.
يوضح أبو دجانة أن الثوار عمدوا بعد الاقتحام إلى تمشيط المباني، وكان كل من يقاوم من الجنود يقتل، وكانت حصيلة الخسائر لدى القوات النظامية 150 قتيلا من بينهم قائد المطار. وفي المقابل قتل من الثوار أقل من العشرين، أغلبهم جراء القصف الآتي من خارج المطار، انطلاقا من معمل القرميد ومعسكر الإنشاءات ومطار النيرب وحاجز الإسكان.
بعد السيطرة
وبعد السيطرة على المطار، استمر قصف النظام على الثوار، وهو لا يستهدف استعادة السيطرة بل تدمير المروحيات والعتاد المتبقي في المنشأة، وتوجد في المطار نحو ثلاثين مروحية، العديد منها مدمر أو معطوب.
وحول الفوائد المترتبة على فقدان النظام السيطرة على المطار، يوضح أبو دجانة أن الناس كانت لا تأمن على نفسها عند المرور في الطرق القريبة من المطار، والذي يريد العبور يتخفى بالليل ويطفئ الأنوار، لأن قوات النظام داخله تطلق النيران على كل شخص تشتبه فيه، حتى إن المزارعين في الضيعات القريبة كانوا لا يستطيعون الخروج للاعتناء بأراضيهم خوفا من الاستهداف.
أما الآن -يختتم أبو دجانة حديثه- فتلاحظ العديد من الجرارات وهي تجوب الأراضي الزراعية طولا وعرضا غير بعيد عن المطار.
محمد الحوراني.. عندما يتحول المراسل لخبر
الحوراني عمل مراسلا للجزيرة من داخل سوريا على مدار عام كامل
محمد النجار-عمّان
استشهد في بصر الحرير بمحافظة درعا جنوبي سوريا الجمعة مراسل الجزيرة محمد المسالمة (الحوراني) نتيجة إصابته برصاص قناص من الجيش النظامي أثناء قيامه بمهمة تغطية صحفية لصالح القناة، ليتحول إلى خبر ضمن الأخبار الواردة من سوريا بعد أن ظل لأكثر من عام ناقلا للأخبار.
والحوراني من موالد 1980 في درعا البلد التي ترعرع فيها حتى استشهد قريبا منها، وهو متزوج لكنه لم يرزق أطفالا. ونقلَ قبل أسابيع قليلة زوجته ووالديه إلى الأردن بعد أن تكررت عمليات ملاحقتهم ومضايقتهم من قبل قوات النظام السوري بحثا عنه.
وأظهرت صور حية إصابة الحوراني برصاصتين من القناص أثناء حمله لميكروفون الجزيرة وعبوره لأحد الطرق، حيث عاجله الموت بعد أشهر من مطاردته من قبل قوات النظام.
الحوراني سجل نفسه مثالا للناشط في الثورة الذي تحول مع الوقت إلى مراسل مهني ينقل الأحداث ليدفع حياته ثمنا للصور والشهادات التي كان ينقلها عن حجم معاناة السوريين جراء قمع قوات النظام في درعا التي سجلت نفسها كأول المحافظات الثائرة على نظام الرئيس بشار الأسد.
التحاقه بالثورة
سجل الحوراني حضوره في الثورة السورية منذ المظاهرة الأولى التي خرجت من المسجد العمري بدرعا، والتي قابلتها قوات الأمن السورية بالرصاص، وانتقل في مراحل الثورة ليكرس نفسه واحدا من أهم النشطاء الإعلاميين الذين أجبرتهم الثورة على العمل كصحفيين بعد أن منعت السلطات السورية دخول وسائل الإعلام المستقلة لتغطية الثورة ضد النظام هناك.
عمل الحوراني مع قناة الجزيرة منذ عام تقريبا، ونقل من هناك عشرات التقارير عن معاناة السوريين تحت وطأة القصف والقتل اليومي. كما نقل أحداث المعارك التي شهدتها محافظة درعا، وتعرض للاستهداف عشرات المرات، وتعرض أيضا لمحاولات اعتقال عديدة جراء مداهمات قوات النظام لمنزله ومنازل أفراد من عائلته.
يقول صديقه عمر الحوراني، وهو أحد المقربين منه، للجزيرة نت إن محمد “مثال للإنسان السوري المكافح قبل الثورة والثائر بكل ما يستطيع بعد الثورة”.
وأضاف أن الحوراني كان قبل الثورة يعمل في مجال تصميم المطابخ والموبيليا والألمونيوم، وعرف بين أصدقائه بعقليته الثورية حيث سبق أن توجه للعراق للقتال هناك قبيل الغزو الأميركي للعراق قبل أن يعود لاستكمال حياته في المحافظة السورية الجنوبية.
وتابع عمر الحوراني “كان محمد بعيدا عن عائلته طوال فترات الثورة لأنه كان مطلوبا، ونقل زوجته ووالديه المسنين للأردن حتى يبتعدوا عن مكان استهدافه”.
وأضاف “محمد مثال للثائر الذي ترك كل شيء لأجل الثورة، ولم يكن ثائرا بالتظاهر فقط، بل كان أحد أبرز من عملوا بالإغاثة الطبية والإنسانية، وكان يعتبر نفسه مسؤولا عن أي شخص بحاجة لأي نوع من المساعدة بجانب عمله كأبرز ناشط إعلامي في محافظة درعا”.
وختم بالقول إن أكثر ما كان يغضب المراسل الشهيد هو أن كل صور المآسي التي ينقلها وغيره العشرات من الإعلاميين من سوريا باتت أخبارا اعتيادية لدى عالم لم تحركه عشرات آلاف الصور عن القتل اليومي في سوريا.
استشهاد شقيقته
قبل شهرين تقريبا تقبل الحوراني التعازي باستشهاد إحدى شقيقاته التي قضت برصاص قناص في درعا أيضا، لتعاجله رصاصات قناص آخر وتضع حدا لحياة مراسل استقبل الرصاصات وهو يحمل الميكروفون في وقت كانت الكاميرا تنتظر عبوره لتلحقه.
يتحدث مقربون من الشهيد وعلى صفحات الثورة السورية في حوران ودرعا عن مناقبه وإقدامه المنقطع النظير، ونجاته عشرات المرات من الاستهداف ومنها قبل فترة قصيرة.
في آخر زيارة له للأردن في سبتمبر/أيلول الماضي تحدث الشهيد للجزيرة نت عن معاناة النشطاء الإعلاميين الذين حولتهم الثورة من مواطنين عاديين إلى جنود يحملون الكاميرات التي توثق جرائم النظام بحق الشعب السوري ومنهم اثنان انتقلا للأردن ومنه لألمانيا حيث لا يزالان يتلقيان العلاج.
لكن إصابة هؤلاء النشطاء بجروح على ألمها تظل أقل مأساة من عشرات قضوا وهم يحملون الكاميرات التي تنقل مشاهد القصف المروع أو رصاص القناصة أو الاقتحامات التي يشاهدها العالم ولا يعرف أن حامل الكاميرا نجا من الموت لنقلها له.
صمت القبور يلفّ تفتناز المدمرة
محمد بنكاسم-تفتناز
يشعر الداخل إلى مدينة تفتناز الواقعة في ريف إدلب الشمالي وكأنه يتجول في مدينة شهدت حربا حقيقية بين جيشين نظامين مدججين بكافة الأسلحة الثقيلة، فالكثير من البيوت مهدمة وكذا المساجد والمدارس والمحلات التجارية، وفي بعض المناطق تجد مجموعة مبان متجاورة وقد سويت بالأرض أو لحقها دمار كبير جراء صواريخ الطيران الحربي أو البراميل الفراغية.
لا أثر للحياة البشرية إلا من بعض المقاتلين أو الرجال الذين يمرون مسرعين على متن عرباتهم أو دراجاتهم النارية. سكون رهيب يلف تفتناز التي تعرضت لقصف عنيف من الجيش النظامي السوري، واقتحامات عديدة خلال السنة الماضية تمت خلالها إعدامات ميدانية وعمليات إحراق لعشرات المنازل، وهو ما تجد آثاره ظاهرة في جدران العديد منها.
وحتى سكان المدينة الذين أعادوا صباغة المنازل المحترقة لم يهنئوا بها، حيث دمرت بالقصف بواسطة المدفعية والطيران الحربي والمروحيات ولا سيما أن المدينة لا تبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن مطار تفتناز العسكري، الذي سقط في يد كتائب الثوار في الحادي عشر من الشهر الجاري.
أطلال مسجد
من المساجد التي دمرت بالكامل مسجد الحسين الذي لم يتبق منه سوى جزء من المحراب، ويقع في حارة بيت غزال وهي الأقرب لمطار تفتناز وبالتالي نالت نصيبا كبيرا من القصف والتدمير، حسب ما يقول عبد السلام غزال وهو شاب صادفنه في الحارة وهو يوثق بالفيديو مشاهد الدمار، كما أنه ناشط في لواء الحق الذي ينتشر عناصر منه في المدينة.
ومن أصل 120 شخصا قضوا نحبهم جراء قصف القوات النظامية والإعدامات الميدانية كان قرابة 65 منهم من آل غزال، وهو ما يفسره عبد السلام قائلا “أسرتنا معروفة بانتمائها إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والنظام يكن لها العداء من عقود”.
لم يعد يقطن في تفتناز أي أحد من سكانها البالغ عددهم 20 ألف نسمة، فقد نزح الجميع مكرهين إلى القرى المجاورة الأكثر أمنا مثل الدانا ومعرة نعسان وأطمة، وبعضهم لجأ إلى داخل تركيا، وكانت آخر أسرة غادرت المدينة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
مدرسة مهدمة
انتقلنا إلى مدرسة ثانوية غير بعيدة عن مسجد الحسين فكان المشهد مماثلا، أسوار مهدمة وجدران مدمرة واللون الرمادي -لون الركام- سيد المكان بامتياز، كما تجد الكثير من طلقات رشاشات المروحيات تملأ جانبا من فناء المدرسة وبجوارها حائط لا يزال قائما وقد كتبت عليه عبارة “لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الخائن بشار”.
بمجرد الدخول من باب المدرسة أو ما يشبه الباب تجد كتابا ملقى على الأرض خاصا بتدوين بيانات الحالة الصحية للطالب من سلامة حواسه والأعضاء والنطق وغيرها.
فأي إجابة يمكن تدوينها وقد دمرت مدينة كانت تضج بالحياة ومدراس كانت قبلة لطلاب يأملون في مستقبل أفضل فإذا بهم الآن بلا مساكن ولا يجدون المقومات الأساسية للحياة من مأكل وملبس إلا بشق الأنفس.
قبل مغادرة الجزيرة نت تفتناز صادفنا شابا ينقل أمتعة من شاحنة مهترئة إلى داخل أحد المنازل، سألنا عن سبب وجوده هنا رغم استمرار الخطر والوضع المأساوي للمدينة، فقال إنه عائد إلى منزله لأنه لم يطله الدمار، ورغم أن المدينة لا تزال معرضة للقصف فإنه لا يخشاه لأنه اعتاده، وربما كانت سيطرة الثوار على مطار تفتناز قبل أسبوع عاملا مشجعا على عودة بعض العائلات إلى منازلها.
موسيقي في جيش الأسد.. يرمي البوق ويحمل السلاح ضده
حلب – فرانس برس
استبدل علي نعيمة بوقه الذي كان ينفخ فيه ضمن فرقة موسيقى الجيش السوري قبل أشهر برشاش من طراز “إيه-كي 47” يحارب به إلى جانب مقاتلي الجيش السوري الحر رفاقه السابقين الذين لا يزالون أوفياء لنظام الرئيس بشار الأسد.
ويقول علي (24 عاماً) لوكالة فرانس برس من حلب، كبرى مدن الشمال السوري التي تشهد منذ تموز/يوليو معارك يومية بين قوات النظام والمجموعات المقاتلة المعارضة “خدمت في فرقة الموسيقى العسكرية لمدة سنتين”، لكنه الآن بين رفاق جدد يحمل رشاشاً حربياً ويقاتل ضد رفاق الأمس.
ويضيف “كنت أتقاضى مئة دولار في الشهر عندما كنت في الجيش، لكن الضابط المسؤول عني كان يقتطع مبلغاً كبيراً من راتبي ويضعه في جيبه. عندما مرضت، دفعت تكاليف علاجي بنفسي”.
لكنه كان يتحمل الوضع، إلى أن رأى رفاقه يقومون بعمليات اغتصاب في حق مدنيين ويسرقون، فقرر الانشقاق.
على مدى ستة أشهر بعد اتخاذ هذا القرار، لم يتحرك الشاب المنتمي إلى الطائفة السنية من المركز الذي كان فيه خوفاً من إثارة الشكوك وتعرضه للقتل. وتوصل أخيراً إلى إقامة اتصال عبر سكايب مع أحمد جمال، وهو مقاتل معارض في حلب.
وفي أيلول/سبتمبر، وبناء على نصيحة جمال، دفع خسمين دولاراً إلى ضابط سوري ليسمح له بالخروج لزيارة عائلته.
ويتابع “بعد خروجي من القاعدة، لاقاني أحمد وعناصر آخرون في الجيش السوري الحر ونقلوني بواسطة سيارة إلى مركز لهم”.
ويقول “كنت خائفاً جداً، ولم أكن أعرف ما سيحصل، لكنهم قبلوني على وجنتي، وهنأوني، فشعرت بأنني في أمان”.
خيار الانضمام إلى الجيش الحر
وقرر علي الانضمام إلى الجيش الحر، بدلاًمن أن يبحث عن ملاذ في مخيم بائس للنازحين السوريين في تركيا أو غيرها من الدول المجاورة.
ويقول قادة ميدانيون لمجموعات من الجيش الحر إن العديد من عناصر قوات النظام يرغبون في الانشقاق، لكنهم غير قادرين على ذلك.
إلى جانب علي، يعمل أبو المعتصم، وهو قائد مجموعة ميداني في التاسعة والثلاثين، على تعبئة استمارات تحمل شعار كتيبته لجنود منشقين انضموا إليها.
ويوقع الاستمارات بيد بترت قذيفة هاون عدداً من أصابعها، موضحاً أن هذه الاستمارات ستسمح للمنضوين الجدد بالحصول على المأكل والمأوى، و”إذا كانوا مدخنين، على السجائر”.
وقال أبو المعتصم “لا نعطيهم مالاً”.
وعما إذا كانت المجموعات المقاتلة تستقبل كل المنشقين من دون التدقيق في صدقيتهم، يقلل أبو المعتصم من أهمية ذلك، وقال “لا يهم إذا كان بينهم مخبرون، إنهم لا يلتقون القادة الأساسيين ولا يعرفون شيئاً استراتيجياً”.
ويشير أبو المعتصم إلى أن كثيرين من الجنود المنشقين يموتون في المعارك، مضيفاً أن المنشقين عن جيش النظام، لا سيما الضباط منهم، يلعبون دوراً مهماً في الاستيلاء على القواعد والمراكز العسكرية من جانب مقاتلي المعارضة.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 1587 عنصراً من قوات النظام قتلوا في المعارك بعد انضمامهم إلى الجيش الحر، وذلك منذ بدء النزاع قبل 22 شهراً.
ويلجأ عدد كبير من الضباط المنشقين إلى تركيا المجاورة لسوريا، ويشغل عدد منهم مناصب قيادية في الجيش الحر.
ويتلقى علي الذي لم يحارب من قبل تدريباً عسكرياً على أيدي مقاتلي المعارضة. ويقول “انضممت إليهم لأحارب الظلم”.
ثم يضيف “عندما ينتهي كل هذا، سأعود إلى الموسيقى، وقد أنشئ فرقة خاصة بي”.
طيار يقصف مواقع تابعة لقوات وشبيحة الأسد في الشام
المجلس العسكري في دمشق أكد انشقاق طيار الميغ وقصفه لثلاثة مواقع في المعضمية
دبي – قناة العربية
أفاد المكتب الإعلامي للمجلس العسكري في دمشق بأن طياراً سورياً منشقاً قصف بطائرته، وهي من طراز ميغ، مواقع لقوات الأسد في معضمية الشام في ريف دمشق. فيما أشار ناشطون إلى أن قصف مواقع النظام كان عن طريق الخطأ.
وأكد المتحدث باسم المجلس، مصعب أبو قتادة، انشقاق طيار من الجيش النظامي وقصفه لثلاثة مواقع تابعة لنظام الأسد منها الحاجز المتواجد بين الفرقة الرابعة (الحرس الجمهوري) ومعضمية الشام.
ومن جانبه شرح الناطق الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، عمر حمزة، لقناة “العربية” أن شهود عيان تحدثوا عن قصف طائرة ميغ لثلاثة مواقع تابعة لشبيحة الأسد وحواجز تابعة له شرقي معضمية الشام، قريبة من تل كوكب حيث تتواجد سرايا الصراع. وأكد على وجود قتلى بين شبيحة الأسد بالعشرات.
وشدد على أنه لم يتم التأكد حتى الآن ما إذا كانت طيار الميغ قد انشق فعلاً أم أنه قصف بالخطأ هذه المواقع، إلا أنه شرح أن تكرار القصف لثلاث مرات يرجح أن يكون الطيار قد انشق فعلاً.
كما أنه كشف أن طائرة الميغ هذه تعرضت لإطلاق نار من قبل مضادات الطيران التابعة للجيش النظامي.
وفي سياق آخر، أفادت لجان التنسيق المحلية عن سقوط 30 قتيلا على الأقل اليوم برصاص قوات النظام. وتركز قصف النظام اليوم على مناطق متفرقة في ريف دمشق.
105 قتلى في سوريا.. وقصف عشوائي عنيف على ريف دمشق
استهداف أحد مستشفيات داريا بصواريخ أرض- أرض وسط حملة عسكرية لقوات النظام
العربية
أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن سقوط 105 قتلى بنيران قوات النظام في مختلف المناطق السورية، فيما كثفت قوات الأسد قصفها على مناطق ريف دمشق تحديدا، مستخدمة القنابل العنقودية في بعض الأحيان.
وأفاد ناشطون بوقوع عشرات القتلى والجرحى في داريا إثر استهداف أحد مستشفياتها بصواريخ أرض- أرض ولم تشهد بلدة داريا بريف دمشق خلال الثورة السورية قصفاً عنيفاً من قبل قوات الأسد كما واجهت اليوم، فيما يقول ناشطون إنها حملة عسكرية يشنها جيش النظام بشكل خاص على البلدة، حيث تنهال مئات القذائف والصواريخ عليها دون انقطاع.
لاجئون سوريون في “حلق” الصقيع
إيهاب العقدي- بيروت – سكاي نيوز عربية
يعاني اللاجئون السوريون عامة جملة من الصعوبات في المخيمات منها الظروف المناخية القاسية وسطوة مارد الفقر والحاجة، والافتقار إلى مرافق حياتية ضرورية جدا.
ففي شمال وشرقي لبنان يقف اللاجئون السوريون هناك شبه عاجزين أمام غول البرد والصقيع بعد أن ضاقت سبل التدفئة وعزّت أسبابها.
ويواجه هؤلاء اللاجئون صعوبات في تأمين التدفئة في أماكن سكنهم، وذلك بسبب عدم قدرتهم على شراء المدافىء أو تأمين المحروقات اللازمة.
ويكابد سكان هذه المخيمات عناء كبيرا في تجميع ما تيسر من أسباب التدفئة سرعان ما تؤكد قدرتها على عدم الصمود في وجه البرد القارس، أنها لم تكن إلا مجرد محاولات شبه يائسة في منازلة مارد البرد.
اللاجئة أم خالد عليان تجمع بعض الأخشاب لساعات لتطعمها لمدفأتها التي لا تصمد فيها هذه الأخشاب إلا لدقائق في مواجهة حرارة تبلغ درجة التجمد.
وفي هذه الظروف توازي التدفئة بالنسبة إلى هؤلاء اللاجئين قيمة الماء والغذاء، وفقدانها يعني حكما إصابة الأطفال بأمراض مختلفة، ليس بمقدور هؤلاء تكبد تداعياتها.
يشار إلى أن أعداد قليلة من اللاجئين باستطاعتهم شراء مدفأة التي يبلغ سعرها نحو 100 دولار، وتقدر هيئات الإغاثة الدولية عدد اللاجئين الذين لم تصلهم معونات التدفئة 60 ألفا على الأقل.
وتواجه هيئات الإغاثة معضلة ارتفاع أسعار المحروقات وتحتاج كل عائلة إلى ما لايقل عن 20 دولار كل يومين، وهو أمر لم تستطع المؤسسات الدولية سده بشكل كامل بسبب قلة المساعدات المقدمة.
مصدر سوري معارض: السلاح قد يصل إلى ثوار سورية قريباً
روما (19 كانون الثاني/يناير) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
رجّح مصدر في المعارضة السورية أن “يجد السلاح الغربي والعربي طريقه إلى سورية خلال أسابيع”، حيث رأى أنه “مع حسم روسيا موقفها نهائياً إلى جانب النظام لم يعد هناك وسيلة للإطاحة به سوى تسليح الثوار” في سورية
وأوضح المصدر المقيم في فرنسا، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، أن لديه “شبه تأكيدات من أن الاتحاد الأوروبي سيقوم نهاية الشهر الجاري بالموافقة الأولية على تعديل قرار حظر الأسلحة المفروض على سورية لتمكين الثوار من الحصول على السلاح بحيث يتم رفع القيود بداية آذار/مارس المقبل موعد مراجعة هذا الحظر” وفق تقديره
وأضاف “كذلك الأمر، نقلت مصادر مطلعة أن أشخاصاً وكيانات غير رسمية في دول خليجية ستمدّ الكتائب الثورية المسلحة بالسلاح خلال الشهر المقبل” حسب قوله
وشدد على أن “مسؤولين غربيين أكّدوا على أن أوروبا وليس أمريكا ـ لو اتّخذت قراراً بعدم منع بيع الأسلحة لسورية ـ ستنسّق ذلك مع الكتائب العسكرية الأقوى التي يمكنها أن تسيطر على بقية الواقع الميداني وتقف بوجه الكتائب الجهادية وتحتويها، وتقدر فيما بعد على منع فوضى السلاح”، وأضاف “يشدد الأوربيون على ضرورة أن الكيانات العسكرية المعارضة قادرة على ضبط الحراك المسلح وفق أسس واستراتيجيات واضحة عسكرية وسياسية واضحة” حسب تقديره
وأكّد على أن دول الجوار “خائفة جداً من استلام المجاهدين الحكم في سورية، وهي ترفض تماماً تسليح أو مساعدة الكتائب الأكثر تطرفاً أو الكتائب الجهادية، ولا تُمانع من محاربتها فيما لو ظهر نجمها أكثر مما ينبغي” وفق جزمه
وكانت الدول الغربية حذرة خلال الـ 22 شهراً الماضية من بيع أسلحة أو إرسالها للثوار في سورية خوفاً من وصولها لجماعات تصفها بالجهادية والمتطرفة
ناشطون سوريون: اقتتال عنيف بين الجيش النظامي ومسلحين
يحاول المسلحون السيطرة على القواعد المحاصرة
قال ناشطون سوريون إن قتالا عنيفا اندلع بين القوات النظامية ومسلحين يحاولون إحكام سيطرتهم على قاعدتين عسكريتين في الشمال الشرقي من سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ولجان التنسيق المحلية إن المسلحين دمروا السبت دبابة على الأقل بالقرب من خان شيخون في محافظة إدلب.
ويذكر أن المسلحين يشنون منذ أسابيع هجمات متكررة على القاعدتين الموجودتين في وادي ضيف وحمدية.
وأضاف المرصد أن المسلحين يحاولون قطع الطرق المؤدية إلى القاعدتين والتي تزودها بالإمدادات.
ويحاول المسلحون مؤخرا السيطرة على القواعد المحاصرة.
وكان المسلحون استولوا مؤخرا على قاعدة تفتناز الجوية في محافظة ادلب، ما وجه ضربة قاصمة لنظام الرئيس بشار الأسد.
“طائرة الميغ”
ومن جهة أخرى، نقلت شبكة الجزيرة القطرية في خبر عاجل عن أن مقاتلة سورية من طراز ميغ قصفت بالصواريخ مواقع تابعة للنظام السوري في معظمية الشام.
وقال ناشطون إن “طائرة الميغ استهدفت مقر الفرقة الرابعة وثكنات تابعة للشرطة في ريف دمشق”.
ولم يتسن لبي بي سي التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
إدانة
وعلى صعيد آخر، أدانت منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة السبت العنف الذي عم سوريا خلال الأسبوع الماضي وخلف مقتل عشرات الأطفال.
وقالت المديرة الإقليمية لليونسيف، ماريا كاليفس، المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “ذكرت تقارير إعلامية الجمعة من قرية حساوية خارج حمص أن أسرا برمتها قتلت في ظروف فظيعة”.
وأضافت قائلة “تدين اليونسيف بأشد العبارات هذه الأحداث الأخيرة وتدعو مرة أخرى جميع الأطراف إلى ضمان سلامة المدنيين ولاسيما الأطفال وعدم تعريضهم لأي مخاطر”.
وكان المرصد ذكر أن 31 طفلا قتلوا الاثنين الماضي في مناطق مختلفة من سوريا.
وقتل في اليوم ذاته نحو 100 شخص بمن فيهم نساء وأطفال خلال عمليات عسكرية نفذها الجيش السوري في محافظة حمص.
وقتلت 7 فتيات على الأقل الخميس جراء قصف جوي في جنوبي دمشق.
وكان المرصد الذي يعتمد على شبكة من الناشطين ومسعفين طبيين وثق مقتل 3538 طفلا منذ بدء الصراع في سوريا في مارس/آذار 2011. كما وثق مقتل 2031 امرأة خلال أعمال العنف التي شهدها البلد.
BBC © 2013
مقتل 12 في انفجار بمنطقة تسيطر عليها القوات السورية في حلب
بيروت (رويترز) – قالت جماعة تراقب الوضع في سوريا إن 12 شخصا قتلوا عندما هز انفجار منطقة تسيطر عليها القوات الحكومية في مدينة حلب بشمال سوريا يوم الجمعة وتبادل طرفا الحرب الاتهامات بالمسؤولية عن الهجوم.
وعرض التلفزيون السوري لقطات تظهر انهيار جزء من مبنى وتساقط الأنقاض في الشارع وحشد ينقب بين الأنقاض فيما حمل مسعفون جثامين مخضبة بالدماء على محفات.
وقال التلفزيون السوري إن الانفجار ناجم عن صاروخ أطلقته “جماعة إرهابية” وهو وصف تطلقه وسائل الإعلام الرسمية على مقاتلين يحاربون من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وقال نشطاء إن المبنى الذي يقع في منطقة المحافظة السكنية وهي منطقة تسيطر عليها القوات الحكومية في حلب تعرض لهجوم جوي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن 12 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب عشرات في الانفجار.
وقال حميد بارشو وهو ناشط من حلب كان يتحدث من خلال خدمة سكايب إن مقاتلي المعارضة لم يمتلكوا هذه القدرة بعد. وأضاف أن لدى المعارضة عدة تقارير عن تحليق طائرة فوق المنطقة قبل الضربة. واتهم النظام بالعمل على إثارة مزيد من الفوضى في المدينة.
وأصبحت الهجمات بسيارات ملغومة وبالصواريخ وعمليات الإعدام دون محاكمة من الأحداث المتكررة في الحرب الدائرة في سوريا منذ 22 شهرا ومن الصعب غالبا تحديد من يقف وراءها.
وأبلغ سكان العاصمة دمشق عن غارات جوية شنتها القوات الحكومية على المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في ريف دمشق.
ووضع نشطاء من المعارضة في منطقة دوما شرقي دمشق لقطة فيديو لجثامين ما لا يقل عن عشرة رجال أعدموا على ما يبدو. وكانت أيادي الرجال مقيدة ومعظمهم قتل برصاصة في الرأس أو العين.
ووقعت أعمال عنف جنوبا. وقال نشطاء إن سيارة ملغومة انفجرت خارج مسجد مما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة العشرات في مخيم للاجئين في درعا قرب الحدود مع الأردن.
وتحول المخيم إلى واحد من مناطق المدينة بعد أن أقيم منذ سنوات للذين فروا من مرتفعات الجولان بعد أن احتلت إسرائيل الهضبة السورية في حرب عام 1967 .
وقال المرصد السوري الذي يعتمد على شبكة من النشطاء في أنحاء سوريا إن السوريين الفارين من أعمال العنف الحالية لجأوا أيضا الى المخيم. وأضاف أن المخيم شهد أيضا اشتباكات بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية في الأشهر القليلة الماضية.
(إعداد أشرف راضي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)
من ألكسندر جاديش وإيريكا سولومون
تشتت في عقول و قلوب المتمردين السوريين
آن بيرنارد
بيروت- لبنان- مع اقتراب دخول الحرب الأهلية السورية عامها الثاني, فإن معارضي الرئيس بشار الأسد و داعميهم الدوليين فشلوا في كسب دعم الكثير من مؤيدي الحكومة, من ضمنهم الأقليات, و هي شريحة من السكان تعتبر مساعدتهم أمرا ضروريا ليس فقط لحل الصراع, و لكن للحفاظ على سوريا دولة غير فاشلة, كما يقول المحللون.
قادة المعارضة السورية في المنفى قدموا مرارا و تكرارا وعودا بأن سوريا المستقبل سوف تضمن حقوقا متساوية لجميع المواطنين بغض النظر عن الدين و العرق, من بينهم أعضاء الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد, و أن المسئولين الحكوميين غير الملطخة أيديهم بالدماء سوف يكونون في أمان. و لكن هذا الأمر لم يكن له الأثر الكبير في كسب ولاء كتلة كبيرة من السوريين الذين يشعرون بالقلق من الانتفاضة.
يقول بيتر هارلنغ, و هو محلل يعمل مع مجموعة الأزمات الدولية كان قد التقى مع أناس في سوريا من جميع أطراف الصراع :”إن المعارضة في واقع الأمر تساعد في توحيد النظام. يبدو أنهم لا يملكون إستراتيجية للحديث عندما يتعلق الأمر بالحفاظ عما سوف يتبقى من الدولة, و التودد للعلويين داخل النظام أو التواصل مع أولئك الذين لا يعرفون من يكرهون أكثر, النظام أو المعارضة”.
محللون في سوريا قالوا أن المعارضة فشلت في تحديد كيفية التعامل مع التحديات السياسية في قضايا مثل مصير حزب البعث و ملف الجيش و القطاع العام – الذي يعمل فيه ما لا يقل عن 1.2 مليون سوري- أو كيف سوف يقوم بكبح جماح العنف و الانتقام. المعارضة, كما يقول المنتقدون, أضاعت الفرصة لتقسيم دعم الحكومة من الداخل و سمحت للسيد الأسد بتصوير نفسه على أنه السياج الآمن و أفضل رهان للحفاظ على وحدة الدولة.
هذا الفراغ, كما يقول بعض المحللين, توضح في لهجة السيد الأسد الواثقة في الخطاب الذي ألقاه في 6 يناير عندما عرض الدخول في حوار سياسي مع المعارضين الذين اعتبرهم مقبولين.
يقول السيد هارلنغ أن الخطاب سمح للسيد الأسد بمحاولة إقناع المحايدين بأنه لا زال خيارا مقبولا, و عكس اعتقادا داخل دائرة الرئيس الخاصة – لربما يكون خاطئا- بأن ” الناس سوف يعودون في نهاية المطاف إليهم, لأنهم يقدمون الرؤية الأفضل للدولة”.
يوم الأحد, دعا وزير الخارجية الروسي المعارضة لتقديم اقتراحات مقابلة للحل السياسي عوضا عن التذمر من رفض السيد الأسد للتفاوض. و يوم الاثنين, انتقد كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة الولايات المتحدة و روسيا بسبب عدم عمل ما يكفي لجمع الأطراف مع بعضها, محذرا أن إصرار المعارضة على تنحي السيد الأسد كشرط لبداية أي مفاوضات يؤدي إلى إدامة حالة الانسداد و يهدد بالهبوط مزيدا نحو الفوضى.
إن المخاوف ليست قادمة من روسيا فقط, حليفة الأسد الوثيقة, و السيد عنان الذي استقال من منصبه كمبعوث دولي إلى سوريا و ذلك عندما ذهبت وساطته أدراج الرياح. إنهم يتقاسمون هذه المخاوف مع محللين من الشرق الأوسط و مثقفين سوريين و مع مستشار سوريا السابق في إدارة أوباما, التي اعترفت بالمعارضة كممثل شرعي للبلاد.
مستشار سوريا السابق في إدارة أوباما السيد فريدرك سي هوف, كتب الشهر الماضي أنه في الوقت الذي تقدم فيه المعارضة ضمانات عامة لثلث السوريين الذين ينتمون إلى الأقليات, ” إلا أن مجموعة صغيرة فقط ” تؤمن بذلك, خصوصا مع تنامي المجموعات الجهادية في أرض المعركة و إصدار مقاطع فيديو تدعو إلى إعادة الخلافة الإسلامية.
و قد كتب أيضا في مقالة نشرت من قبل المجلس الأطلنطي, و هو معهد دراسات مقره واشنطن. :”و لماذا يتوجب عليهم فعل ذلك؟ ما الذي يشكل ثقلا أكبر على عقول العرب غير السنة (أو العرب السنة الملتزمون بالحكم العلماني): هل هي الكلمات العابرة حول أولوية المواطنة , أم الهتافات المتلفزة من قبل المقاتلين ذوي الشعور الطويلة؟”.
جزء من المشكلة هو أن المعارضة, على خلاف الحكومة, لا تتحدث بصوت واحد. إنها منقسمة ما بين عناصر علمانية و متدينة , و عناصر في المنقى و أولئك الذين يقاتلون داخل سوريا, و داعمون و معارضون للكفاح المسلح. حتى بعد الاعتراف تحت الضغط من قبل الغرب, فإن التحالف لم يتفق على تشكيل حكومة في المنقى لحد الآن.
و مع إدراك التحالف للمخاطر كما يقول سمير نشار و هو عضو في التحالف في مقابلة أجريت معه في تركيا فإن ” الجميع يشعر و يعلم أن هناك معضلة حقيقية و خطرا عندما يتعلق الأمر بمعنوية المواطن السوري. لسوء الحظ, فإننا لا نمتلك أي شئ على الأرض يمكن أن يخفف من المخاوف و القلق الذي تعاني منه الأقليات في نفس الوقت. و للأسف فإن الطائفة العلوية قد أخذت رهينة من قبل النظام”.
و رفض النشار الانتقادات الموجهة للمعارضة, قائلا بأن تطرف المقاتلين على الأرض هو خطأ السيد الأسد في المقام الأول بسبب “تصويره للثورة على أنها ثورة سنية” إضافة إلى فشل الولايات المتحدة و آخرين في دعم المعارضة المسلحة العامة من خلال التدخل العسكري.
و يضيف :”إن أفضل طريقة لتطمين الأقليات, تتم من خلال القوات المعتدلة على الأرض”.
لقد دعت الولايات المتحدة طويلا لتشكيل حكومة تعددية تحافظ على هيكل الدولة, و يبدو أنها تريد معالجة هذه القضية بشكل عاجل. في لقاء جمع ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره الروسي يوم الجمعة شدد على أن المعارضة في المنفى عملت على التواصل مع التكنوقراط في الحكومة من أجل معرفة كيفية إدارة “اليوم التالي” – على سبيل المثال الحفاظ على إمدادات الكهرباء و الأمن و إدارة باقي أمور البنية التحتية.
و لكن يزيد صاغية و هو محلل في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت, قال بأن الوقت قد أهدر من قبل الولايات المتحدة و المعارضة و ذلك من خلال المطالبة بتنحي الأسد قبل الحوار, مضيفا بأن هذا ” لا يعتبر حلال سياسيا, إنه انتصار”.
باول سالم و هو مدير مركز كارنيغي, دافع عن المعارضة قائلا بأنه من الصعب تغيير الديناميكية التي عملت عائلة الأسد من خلالها لعقود من أجل القضاء على أي قيادة علوية بديلة أو معارضة معتدلة من أجل إقناع العلويين و الآخرين بأن مصيرهم مرتبط بمصير الحكومة”.
إن جهود المعارضة في التطمين و التواصل كانت مختلطة كما يقول المحللون. في 17 ديسمبر بدا أن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وكأنه يشير إلى تسوية من نوع ما, مصرحا لصحيفة الأخبار اللبنانية أن البعض في الحكومة و حزب البعث و الجيش يعتقدون أنه ” ليس هناك أي بديل للحل السياسي, و أنه لا يمكن العودة إلى الماضي”.
و كان رد التحالف العلني هو مجرد بيان يقول بأن ملاحظات السيد الشرع تظهر ” أن النظام في أيامه الأخيرة و هو يواجه صعوبات و يريد أن لا يموت وحيدا”.
يقول السيد هارلنغ بأن المتظاهرين في سوريا رفعوا لافتات تدعو إلى العفو عن جميع مؤيدي النظام الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء, وهو كما يقول أمر يراد منه التطمين و لكن مع الإيحاء بأن مجرد تأييد الحكومة يعبر جريمة تتطلب العفو.
في هذه الأثناء, استثمرت الحكومة مزيدا من الجهود في الإقناع. فهي مستمرة في دفع الرواتب و الضمان الاجتماعي في بعض المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. منذ خطاب السيد الأسد, أصدرت وسائل إعلام الدولة تقارير مستمرة حول الإعداد للحوار الوطني.
هذه العملية قد “تهدئ من روع السكان في المناطق الحضرية” وفقا لما كتبه إيميلي حكيم المحلل الذي يعمل مع المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في الفورين بوليسي مؤخرا , حيث يضيف أيضا :” إن غمر مستمعيه بوعود التقدم السياسي أمر لن يكلفه شيئا , بغض النظر عن مدى خلوها من المعنى الحقيقي”.
نيويورك تايمز
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
قصة لاجئ سوري شنق نفسه في مخيم لبناني للشتات الفلسطيني
ريّـان ماجـد
“مخيم الشتات الفلسطيني يرحّب بكم”، عبارة مكتوبة على مدخل مخيّم عين الحلوة لللاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا الجنوبية. في مخيّم القهر والظلم هذا، يعيش حوالي 80 ألف فلسطيني ظروفاً غير إنسانية، انضمّ إليهم أخيراَ آلاف النازحين السوريين والفلسطينيين الهاربين من الموت والقصف في سوريا.
ريما، شابة سورية، عمرها 28 سنة، أمّ لأربع بنات، أصغرهنّ عمرها 8 أشهر ونصف. كانت تسكن مع زوجها محمد ملسي (35 عاماً) وبناتهما في بلدة يلدا في ريف دمشق. محمد كان موظفاً في معمل نسيج في مخيم اليرموك لللاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة السورية. نزحت هي وبناتها مرّات عديدة داخل سوريا هرباً من الصورايخ والقذائف الى أن قدمن الى مخيم عين الحلوة منذ شهرين، بسبب تدهور الأوضاع هناك.
لحق بهنّ محمد ملسي منذ شهر تقريباً. جاء الى لبنان متعباً ومثقلاً بمشاهد الموت والخراب التي تخيّم على بلده. بدأ يبحث عن عمل. “كل يوم يطلع الصبح بكّير يفتّش على شغل، شو ما كان، وما يلاقي”، تُتمتم زوجته المذهولة، التي لا تقوى على الكلام ولا على الحركة. هي ممدّدة على فرشة على الأرض، في غرفة صغيرة باردة كئيبة، غير صالحة للسكن، تدفع إيجارها 250 ألف ليرة لبنانية، وفي حضنها طفلتها الصغيرة النائمة التي تعاني من التهاب في صدرها. “كان يسمع دايماً نفس الأجوبة، صار في كتير سوريين، ما في شغل أو ليش طلعت، رجاع على بلدك”. كان يقول لها “صارت كلمة سوري تهمة. نحنا مش محبوبين من اللبنانيين”.
يئس محمد، وبدأت تتغيّر ملامح وجهه، تقول زوجته. لم يتحملّ الذلّ، أحجم عن الكلام، أكثر في التدخين وأصبح كأنه لا يرى أحداً. ” يطلّع فيني وبالولاد ويصفن. ولا كأنو هوّي”.
جاء وقت دفع الإيجار، باع جهاز الكومبيوتر الذي جلبه معه من سوريا وكان كل ما يملك، ودفع فيه المبلغ المطلوب. علم بعد فترة أن والدته في دمشق بين الحياة والموت وأن برميلاً سقط على منزله ودمّره. “راح كل شقى عمري”، قال محمد لزوجته.
بعدها بأيام، خرج من المخيّم وعند عودته، دخل من بوابته الثانية، في حين أن “تصريحه” يخوّله الدخول من البوّابة الأولى، فتعامل معه أحد أفراد الجيش اللبناني على الحاجز بطريقة غير لائقة. “عزّت عليه نفسه”، تعلّق ريما. في الليل، صعد محمد الى الطابق العلوي، حيث كان يمضي سهراته وحيداً، وشنق نفسه.
“تأخّر فوق، طلعت إمّي وتغريد لعندو، وشافو…”. تغريد هي ابنتهما الكبيرة، عمرها 13 عاماً. هي أيضاً ممدّدة على الفراش، صامتة، تهزّ ساقها والدموع لم تفارق عينيها.
لا تخرج تغريد وأختاها من الغرفة إلاّ نادراً، لا يلعبن ولا يذهبن الى المدرسة. “المدارس بالمخيم بسّ للفلسطينيين، السوريين ممنوع يتسجّلوا. والأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) ما عم تعطي مساعدات للسوريين”.
بعد انتشار الخبر وتداوله، توافد الإعلام الى غرفة محمد وريما، لكنّ الحكومة والجمعيات والمؤسسات والتيارات المعنية متابعة وضع النازحين السوريين لم تحرّك ساكناً. ” تغريد ما كان بدها تتصوّر. صارت تقول، بابا مات، شنق حالو، خلص”.
تكفّل جيرانها والشباب في المخيّم بموضوع الدفن، “ما حسّسونا إننا غرباء، وقفوا الفلسطينية معنا وقفة أهل”، تضيف ريما…
وفي الوقت الذي كان محمد يُدفن في مقبرة مخيّم عين الحلوة، كانت ابنته نغم، وعمرها 8 سنوات، جالسة بقرب أّمها وأختها الصغيرة، ترسم على ورقة علم سوريا، وبيت وشمس مبتسمة.
موقع لبنان الآن