أحداث السبت 16 حزيران 2012
عائلات محاصرة في حمص تطلق نداء استغاثة
بيروت – ا ف ب – ناشد المرصد السوري لحقوق الانسان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التدخل من اجل حماية “اكثر من الف عائلة” محاصرة في عدد من احياء حمص في وسط سورية وتتعرض لقصف مستمر منذ اسابيع من قوات النظام.
ودعا المرصد في بيان الامين العام للامم المتحدة “وكل من لديه حس انساني بالتدخل الفوري لوقف القصف المتواصل على احياء حمص من اجل اجلاء وحماية اكثر من الف عائلة محاصرة تضم أطفالا ونساء”.
ووجه حوالى 800 مدني من المسلمين والمسيحيين العالقين في حمص نداء الى الامم المتحدة والصليب الاحمر والهلال الاحمر لمساعدتهم على الخروج من هذه المدينة السورية، كما ذكرت وكالة فيدس الفاتيكانية. ويحمل نداء الاستغاثة الذي وجهته عائلات من الديانتين الى هذه المنظمات عنوان “نستحلفكم بالله اسمحوا لنا بالمغادرة”.
وقالت الوكالة الفاتيكانية ان 800 مدني عالقون في احياء الورش والصليبية وبستان الديوان والحميدية ووادي لسايح في وسط حمص. وقال مصدر في الوكالة التي تعمل على اجلائهم، انهم نساء واطفال ومسنون ومعوقون “يواجهون خطرا حقيقيا ولا يتوافر لهم اي شيء ويعيشون مذعورين وسط عمليات القصف والمعارك”.
واكدت الوكالة نقلا عن مصادر في حمص ان الجيش السوري مستعد على ما يبدو لوقف اطلاق النار لتمكينهم من المغادرة، لكن فصيلا متمردا هو فصيل ابو معن يعارض ذلك لانه يتخوف من ان يزيد الجيش لدى مغادرتهم عملياته والضغط على وسط المدينة.
وما زال في حمص 400 مسيحي في مقابل 80 الفا قبل اندلاع النزاع، كما تفيد تقديرات الوكالة.
من جهة اخرى، نقلت الوكالة الفاتيكانية عن شهود عيان ان كنيسة القديس ايليا اليونانية الارثوذكسية في القصير قرب حمص تحتلها منذ الخميس مجموعة من المسلحين وهم على ما يبدو من الاسلاميين المتطرفين الذين خلعوا ابوابها وجعلو منها قاعدة.
ودان المسؤولون المحليون عن الكنيسة “هذا التصرف غير المقبول الذي لا يقيم وزنا لقدسية المكان”. وطلبت السلطة الكنسية في ابرشية حمص “الا ينزلق النزاع ايضا الى تدنيس الكنائس والاماكن المقدسة الاخرى لجميع الطوائف” الدينية التي تعيش جنبا الى جنب في سورية.
ويغادر آخر المسيحيين الذين كانوا ما زالوا في القصير ومعظمهم من المسنين، المدينة. وقد غادرها حتى الان الف على الاقل في الايام الاخيرة بعد انذار وجهه فصيل مسلح طالب برحيلهم، كما ذكرت الوكالة الفاتيكانية.
«هيومان رايتس»: الإغتصاب والذبح من أسلحة النظام ضد الانتفاضة
واشنطن – جويس كرم؛ بيروت، دمشق، باريس، لندن، اسطنبول، نيويورك – «الحياة»، ا ب، رويترز، ا ف ب
رسم قائد بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سورية الجنرال روبرت مود صورة قاتمة للوضع، متهماً الحكومة والمعارضة بمحاولة «تحقيق مكاسب» بدلاً من تطبيق خطة وضعها المبعوث الدولي – العربي كوفي انان لحل الأزمة.
وقال مود في مؤتمر صحافي عقده أمس في دمشق: «زادت حدة العنف خلال الأيام العشرة الماضية، برغبة الطرفين ووقعت خسائر على الجانبين ما يمثل مخاطر على مراقبينا». واشار الى «أن هناك افتقاراً للرغبة في التحول السلمي، وبدلاً من ذلك ثمة اندفاع في اتجاه تحقيق تقدم لتعزيز المواقع العسكرية.
ومع أن الجنرال النروجي رفض تسمية ما يجري بأنه «حرب طائفية» الا ان الحديث عن تعايش بين مختلف الاطراف يزداد صعوبة وتزداد الهوة بين الفريقين خصوصاً مع المجازر التي ترتكب وقتل الاطفال والتنكيل فيهم وحتى اغتصابهم وامهاتهم وشقيقاتهم باسلوب وحشي مقزز. وقال ناشطون أمس انه عثر على تسع جثث مساء الخميس لأشخاص «بعضهم قتل ذبحاً» في بلدة حمورية في ريف دمشق، على ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وأكد الناشطون ان «المجزرة» ارتكبتها قوات النظام «على اساس طائفي»، بينما لم يجزم المرصد بالجهة المنفذة.
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» لمراقبة حقوق الإنسان قوات الأسد باستخدام الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد رجال ونساء وأطفال أثناء الانتفاضة وأشارت إلى مقابلات أجريت مع الضحايا.
وقالت سارة لي ويتسون مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة «العنف الجنسي أثناء الاحتجاز واحد من الأسلحة الأكثر ترويعاً في ترسانة التعذيب لدى الحكومة السورية وتستخدمه قوات الأمن السورية بشكل منتظم لإذلال المعتقلين والحط من قدرهم مع إفلات كامل من العقاب».
وقتل أمس، اثناء تظاهرات «الاستعداد التام للنفير العام»، التي شارك فيها عشرات الالوف، ما لا يقل عن 38 شخصاً بينهم اثنان نتيجة اطلاق القوات النظامية السورية النار على مشاركين في تظاهرة بحي صلاح الدين في مدينة حلب (شمال)، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. كما اصيب عدد من المواطنين بجروح في اطلاق نار من القوات النظامية على تظاهرة في مدينة الباب في ريف حلب. واعلنت لجان التنسيق المحلية ان قوات النظام حاولت تفريق التظاهرات باطلاق النار في دمشق وريفها ودير الزور (شرق) حيث سقط جرحى ايضا.
كذلك تعرضت معظم تظاهرات مدينة حماة لإطلاق نار، بحسب «ابو غازي الحموي» من المكتب الاعلامي للمدينة. وافاد المرصد عن خروج آلاف المتظاهرين في احياء عدة من حماه (وسط)، وبلدات عدة من المحافظة احتجت على الموقف الروسي الداعم للنظام السوري.
واظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الانترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق خرجوا اليه بعد صلاة الفجر من مسجد حذيفة بن اليمان وهم يهتفون نصرة لحمص ودير الزور وغيرها من المدن المحاصرة.
بينما وزعت لجان التنسيق المحلية شريط فيديو آخر عن «تظاهرة صباحية في حي المزة في دمشق»، بدا فيه عشرات الشبان معظمهم ملثمون يهتفون لنصرة حمص والحفة والاسرى والجرحى، مطلقين شعارات بينها «الجيش الحر للأبد، داعس رأسك يا أسد».
وسجلت تظاهرات عدة في مدن وبلدات في ريف دمشق ومدينة دير الزور ومحافظتها ومحافظة درعا (جنوب)، ومحافظة ادلب (شمال غرب) حيث بدا متظاهرون في معرة النعمان في احد اشرطة الفيديو وهم يرفعون لافتة كتب عليها «بكاؤنا على السلاح اشد من بكائنا على اطفالنا»، في اشارة الى سعيهم للتسلح للدفاع عن انفسهم في مواجهة القوات النظامية.
ومع صدور لائحة عقوبات تفصيلية عن الاتحاد الاوروبي ضد النظام في سورية واستهدفت رفاهية السيدة الاولى اسماء الأسد، اشتملت على منع صادرات الكافيار والسيارات الرياضية واليخوت الفاخرة وحتى «السموم»، اعلنت وزارة الخارجية الروسية انها لم تسلم اي طائرات هليكوبتر جديدة الى دمشق بل اقتصر الامر اجراء إصلاحات على طائرات سُلمت الى سورية «منذ سنوات طويلة».
وفي انتظار اجتماع الرئيس الاميركي باراك اوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني هو جيانتاو على هامش قمة مجموعة العشرين في المكسيك الاثنين حيث يُنتظر ان يحاول الثلاثة «ردم الهوة» بينهم في شأن اسلوب حل الأزمة السورية وايجاد «ارضية مشتركة» وما اذا كانت موسكو ستتخلى عن دعم نظام الرئيس بشار الأسد وتبدأ البحث جدياً عن حكم بديل، نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ما اعلنته الولايات المتحدة قبل يومين ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس عن «محادثات غربية مع روسيا للإتفاق على نظام ما بعد الأسد» وحل الخلاف حول مشاركة ايران في «مجموعة الاتصال» التي قد تجتمع في جنيف في الثلاثين من الشهر الجاري وتفاصيل «تكتيكية» في المرحلة الانتقالية.
وبانتظار نتائج القمة في المكسيك بدأت في مجلس الأمن «ورشة مناقشات عملية حول بعثة المراقبين الدوليين في سورية وطبيعة عملهم تمهيداً لمناقشة مستقبل البعثة التي تنتهي ولايتها في 21 تموز (يوليو) المقبل».
وعلمت «الحياة» أن الجنرال مود سيقدم إحاطة الى مجلس الأمن الإثنين أو الثلثاء في جلسة مغلقة تتناول «أمن وسلامة المراقبين افي سورية». وقال ديبلوماسيون إن «المجلس وافق مجتمعاً الخميس على طلب تقدمت به ألمانيا للاستماع الى مود والظروف الأمنية التي تحيط عمل بعثة أنسميس في سورية».
وقالت مصادر الأمم المتحدة إن مود سيركز على الجانب المتعلق بأمن وسلامة المراقبين ولن يتطرق الى «الخيارات المستقبلية المتعلقة بعملهم أو إمكانية تعديل صلاحياتهم أو دورهم».
وبموجب الطلب الألماني الى مجلس الأمن فإن مود سيقدم تقريراً حول «القضايا العالقة والعراقيل التي لا تزال تواجه عمل بعثة المراقبين وبينها عدم موافقة الحكومة السورية على نشر قدرات جوية تابعة للبعثة، والعراقيل في منح تأشيرات الدخول الى بعض المراقبين».
وأوضحت المصادر إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هو من سيقدم الى مجلس الأمن «عدداً من الخيارات تعديل عمل بعثة المراقبين بناء على تصورات لسيناريوات محتملة قد ينزلق إليها الوضع في سورية».
وشددت المصادر على أن مجلس الأمن «طلب الحصول على تصور الأمانة العامة لمستقبل عمل بعثة المراقبين قبل حلول 21 تموز موعد انتهاء ولاية البعثة المحدد في قرار مجلس الأمن 2043، وقبل البدء في مناقشة إمكانية تمديد ولايتها».
وأعرب المستشاران الخاصان للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون «منع الإبادة الجماعية» فرانسيس دينغ و»مسؤولية الحماية» إدوارد لاك عن «الهلع الشديد إزاء التقارير عن عمليات قتل جماعي أثناء هجمات النظام التي اشتملت على سلسلة من عمليات قصف بالمدفعية والدبابات على أحياء سكنية، فضلا عن هجمات يُزعم أن ميليشيا موالية للحكومة وجماعات مسلحة أخرى شنتها ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، مما قد تشكل جرائم ضد الإنسانية». وأكد المستشاران الخاصان أن «هذه المجازر تعبر عن تقاعس الحكومة السورية الواضح عن حماية شعبها». واعتبرا أن «عمليات القتل الجماعي للمدنيين في الحولة ومزرعة القبير، بما في ذلك الاعتداء على النساء والأطفال وقتلهم بوحشية من مسافة قريبة، يمثل تصعيدًا مروعًا في الهجمات التي تستهدف المدنيين». وأكدا على ضرورة وصول بعثة المراقبين الدوليين في سورية دون عراقيل لتضطلع بولايتها وللتحقق من عمليات القتل». ودعا المستشاران دينغ ولاك المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية السكان «مع الأخذ في الاعتبار المجموعة الكاملة من الأدوات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة». ودعيا مجلس الأمن الى «النظر في طلب المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي إحالة الوضع في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية». وحذرا من «ازدياد خطر وقوع المزيد من الجرائم الجماعية الفظيعة بسبب تفاقم التوترات الطائفية».
طردت الحكومة الكندية الديبلوماسيين السوريين فخلت ساحات مونتريال من أنصار الأسد
مونتريال – ابراهيم الغريب
كانت مونتريال مسرحاً لتظاهرات وتظاهرات مضادة من الجالية السورية على مدى الأشهر العشرة الماضية، وتؤيد النظام أو تهاجمه، إلى أن صدر قرار وزير الخارجية الكندي جون بيرد في 29 أيار (مايو) الماضي بطرد ما تبقى من الديبلوماسيين السوريين، وعدم منح تأشيرة دخول لأحدهم القادم من العاصمة السورية لمباشرة عمله في كندا، فأصبحت ساحات مونتريال مفتوحة للمعارضة السورية وحدها، تبرز وجوهها وتوصل تطلعاتها إلى الرأي العام الكيبيكي والكندي وتتواصل مع وسائل الإعلام التي غطت في السابق تحركات مؤيدي النظام ومعارضيه.
الجالية السورية في مونتريال لا يتعدى تعدادها العشرة آلاف مغترب بحسب التقديرات، استقطبت أفرادها، في معظمهم، الأعمال الحرة، فأنشأوا المحال التجارية، وامتهنوا أو مارسوا الحرف، ولم تستحوذ الحالة السياسية في الوطن، عادة، أياً من اهتماماتهم، إذ كرّست الجمعيات والمؤسسات السورية الاجتماعية ووسائل الإعلام ( صحف جالوية، وبرامج إذاعية وتلفزيونية) موالاتها للنظام وكانت تربطها بالجسم الديبلوماسي في العاصمة أوتاوا علاقات متينة، ما غيّب أي حضور للمعارضة التي لم تستطع، في السابق، استقطاب المغتربين. ولكن، منذ اندلاع الثورة بدأ حراك المعارضة بخجل، من خلال التظاهر في وسط المدينة بأعداد قليلة جداً، وأذكر أن أول تظاهرة دعت إليها المعارضة لم تضم أكثر من أربعين سورياً مع بعض المؤيدين من أبناء الجاليات العربية المتعاطفين، لبنانيين وتونسيين ومصريين.
كان الخوف والتخويف يسيطران على الفريقين السوريين، فمن جهة كانت السفارة السورية في أوتاوا تسيطر على الجمعيات التي أنشأها السوريون في كندا، في مدن مونتريال وأوتاوا وتورونتو وادمنتن، حيث يوجد سوريون أو كنديون من أصل سوري، وحتى أنها كانت تشرف على وضع أنظمتها الداخلية، وهذه تجربة مرّت بها الجالية السورية في مونتريال بحسب ما صرّح لنا أحد الذين شاركوا في إحدى الجمعيات، وخرج عليها في ما بعد، بعد أن سيطر من أسماهم «رجال النظام» على الجمعية، وعملوا على إحصاء تحركات أبناء الجالية السورية في المدينة، وتحرير تقارير أسبوعية ترفع للسفارة، وفي أحيان، مباشرة إلى مراجع في العاصمة السورية دمشق، ما استدعى الحذر الشديد من أبناء الجالية، حتى في الأحاديث بشأن الأوضاع في الداخل السوري.
وفي حديث مع أحد المثقفين من أبناء الجالية السـورية، وهو ناشط جـالـوي، قـال: أنـا مـع الثـورة الـسورية، أنا ضـد الـظـلم، وضد كبت الحريات، وكم الأفواه، وضد انتخابات الـ 99،99 في المئة، لكنني لا أستطيع أن أجاهر برايي هذا، لئلا تجلب هذه التصريحات ويلات على عائلتي في الوطن.
وأضاف: إن النظام السوري اعتاد تطويع معارضيه في الخارج بضرب أهله في الوطن، ولا يجب أن تنسى أن للنظام في كندا عيوناً وآذاناً في كل تجمع أو حتى في أي لقاء. وحتى الصحف التي يصدرها سوريون في أي مكان في كندا، خصوصاً في مونتريال، كان مطلوباً منها نيل رضى المسؤولين في السفارة السورية.
هذا واحد من المواقف التي لعب فيها التخويف دوراً مهماً، ما أملى على هذا المثقف اتخاذ موقف «الأخرس» الذي يبعده عن أي حوار أو نقاش في موضوع النظام في سورية.
رداء الخوف
أحدى الناشطات في المجتمع الاغترابي، ماري، خلعت رداء الخوف الذي تلبّسها منذ عشرات السنين، قالت: لقد هاجرت، لأنني كنت أشعر بغصّة في الوطن، فإما أن أكون مع النظام، وأوافق على كل ما كان يقوم به مسؤولو الحركة الطالبية، التي كان يديرها بعثيون «ألّهوا» الرئيس الراحل حافظ الأسد، ومن المفترض أنهم تعاطوا مع نجله بشار بعد وفاته بنفس الأسلوب، وإما لن أحصل على وظيفة أو أي خدمة، مع أنني كنت مبرّزة في مجالي العلمي، بينما يحصل الطلاب الذين يماشون النظام على الكثير، وحتى لو كانوا من مستويات عادية، كي لا أقول أقل من العادي. نحن في سورية لم نعرف ما هي الديموقراطية، لا معنى ولا ممارسة، ولم نمارس الحرية حتى في القول، في إبداء الرأي. كثيرون ممن حاولوا أن يتكلموا، أمضوا شبابهم في السجون، وحرموا من العمل في المؤسسات العامة، وأصبح السجن هو المكان الوحيد الذي نشعر فيه، رغم المعاملة السيئة، بأننا أحرار.
قالت ماري: لم يعد يهمنا ما ينقل عنّا اليوم إلى السفارة أو إلى السلطات في دمشق، لم أزر الوطن منذ أكثر من 15 سنة، وهنا أشعر بأنني أستطيع التعبير عن رأيي بحرية تامة، أنا وعدد لا بأس به من أبناء وطني كسرنا جدار الخوف، تظاهرنا ضد ممارسات النظام في سورية، أعلنا أننا مع الثورة، قمنا بجمع تبرعات لمساعدة أهلنا هناك، نحيي الحفلات الفنية الراقية مع الصليب الأحمر الكندي لجمع التبرعات وإعانة العائلات المشردة في تركيا ولبنان والأردن، ونحن نعرف أن الطريق طويل وشاق لمواجهة هذا النظام وإسقاطه، لكن إيماننا بحقنا في الحياة وفي الصراع أعطى شعبنا أن ينتفض، أن يثور، والمهم أننا استفقنا من سباتنا الطويل وبدأنا.
أضافت: عندما بدأنا في أول تظاهرة ضد النظام، لم يتجاوز عددنا أربعين شخصاً، وفي أحدث تظاهرة فاق عددنا الألف شخص… لقد كسرنا جدار الخوف مرة أخرى كما أهلنا في الوطن. لم يعد النظام يخيفنا.
ولكن، رغم هذا فإن الخوف لا يزال يخيّم على عدد لا يستهان به من أبناء الجالية السورية في مونتريال، فمثلاً عندما دعا الناشطون المعارضون إلى تظاهرة أمام السفارة السورية في اوتاوا، لم يلبّ النداء من مونتريال إلا حوالى مئتي شخص، والسبب حسب ما صرّح أحد المعتكفين:»يا أخي، سيصوروننا ويرسلون صورنا إلى المخابرات. و «خيّو، شوبدنا من هاي الشغلة، خلّي بالنا فاضي».
هيام، امرأة سورية أخرى التقيتها في مطعم بعد إحدى التظاهرات، قالت: أتعرف لماذا أنا أتظاهر اليوم؟ قلت: لأنك ضد النظام في سورية. أجابت: هناك أهم فليس هذا الدافع الوحيد، إنما لأنني لم أكن أشعر بإنسانيتي في الشام. لم أعامل كإنسانة هناك، كان يجب أن أوافق على كل شيء يقال، وشاءت الظروف أن اعترض في يوم على موقف لأحد «الشبّيحة»، وفي سورية «الشبّيحة» ليسوا نتاج اليوم، إنهم من زمان هناك، فماذا كانت النتيجة؟ طلب رسل من المكتب الثاني إلى أهلي، كي يحسنوا تربية ابنتهم…. ثار والدي عليّ، وأخوتي، « بدّك إيانا ما ناكل خبز؟ مثل ما بيقولوا بتعملي…» من يومها طلبت من والدي أن يسمح لي بزيارة أقارب لنا في كندا، فسمح، ولم أتقدم بطلب زيارة، بل تقدمت بطلب هجرة، ولم يدر أهلي بذلك، وعندما حصلت عليها، قلت لهم لقد أعطوني فيزا لكندا، وسأسافر الأسبوع القادم، خرجت ولم أعد… وسأعود عند إسقاط النظام.
وهل تتصلين بأهلها في الشام؟ قالت: لا أريد أن أضعهم في موقف لا يحسدون عليه.
مصير الأقليات
دعد سيدة سورية أخرى، أربعينية، مسيحية من منطقة الجزيرة، تخاف على سورية، حزينة على ما يجري في الوطن كما قالت، وترى أن الرئيس بشار الأسد هو ضمانة لبقاء سورية، خصوصاً، لبقاء المسيحيين بخير في سورية، وتساءلت كيف ستصبح سورية بشكل عام، وأوضاع المسيحيين بشكل خاص في حال تسلم الإخوان المسلمون الحكم هناك؟ سيقتلوننا، سيشردوننا، نحن مع بشار بخير، كما كنا مع والده المرحوم حافظ الأسد.
هذه أيضاً وجهة نظر كثيرين من المسيحيين السوريين في مونتريال، يخيفهم الإخوان المسلمون، وهذا ما زرعته السفارة السورية في نفوسهم، بحسب قول أحد «الجزراويين» المؤيدين للثورة السورية. قال: لقد لعب مؤيدو النظام في سورية دوراً كبيراً في هذا من خلال الزيارات إلى العائلات السورية في مونتريال، حيث كانوا يقولون إن سقوط النظام يعني حكم الإخوان المسلمين، يعني القاعدة… فهل أنتم مع هذا؟ تصوروا ما يمكن أن يحلّ بكم وبأهلكم لو حكم هؤلاء.
هذه حال الجالية السورية في مونتريال، الجالية التي يحاول أبناؤها المحكومون بالبقاء في المغتربات، على رغم الحنين الذي يراودهم دائماً إلى الوطن وأهله، أن ينتصروا على ذواتهم، بعد أن واجهوا واقعاً دفعهم إلى الهجرة، منذ زمن ليس ببعيد، ليعيشوا بحرية، حرية في الفكر، حرية في المعتقد، والأهم حرية في العمل، وعدم الخوف من مستقبل لا يرون فيه حماية لهم ولمن سيأتون بعدهم.
أوباما يبذل محاولة أخيرة مع بوتين لتغيير الموقف الروسي من الأسد
واشنطن – هشام ملحم / العواصم الأخرى – الوكالات
حذر رئيس فريق المراقبين الدوليين في سوريا الميجر جنرال روبرت مود، من ان تصعيد العنف يهدد قيام المراقبين بمهماتهم، قبل ان يناقش الرئيس الاميركي باراك أوبابما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في سوريا على هامش قمة العشرين المقرر عقدها في المكسيك الاسبوع المقبل. وفي غضون ذلك تواصلت الاشتباكات في سوريا موقعة 22 قتيلا استنادا الى ناشطين. وأبدت وزارة الخارجية الفرنسية “قلقها العميق” من معلومات مفادها أن القوات النظامية السورية تعد لهجوم عسكري وشيك واسع النطاق على مدينة حمص التي تعتبر أحد أبرز معاقل المعارضة السورية.
واشنطن
وأفاد مسؤولون أميركيون ان لقاء أوباما وبوتين الاثنين في المكسيك سيكون محاولة مفصلية وربما أخيرة لاقناع روسيا بالضغط على الرئيس بشار الأسد لتطبيق خطة المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا كوفي أنان. واعترف هؤلاء المسؤولون بأن العلاقات الثنائية المعقدة واعتماد واشنطن على تعاون روسيا لانجاح المحادثات بين مجموعة 5+1 وايران في موسكو الاثنين المقبل، وكذلك تعاون موسكو اللوجستي للسماح للقوات الاميركية بنقل الامدادات برا الى افغانستان (بعد اقفال باكستان المعابر) يقلص قدرة أوباما على الضغط على بوتين.
على صعيد آخر، نفى مسؤول اميركي بارز لـ”النهار” ما نشرته صحيفة “الدايلي تلغراف” البريطانية من أن مسؤولا بارزا في “الجيش السوري الحر” عقد في واشنطن اجتماعات مع مسؤولين أميركيين بينهم فريد هوف والسفير روبرت فورد وناقش معهم مسألة الحصول على أسلحة متطورة. وشدد المسؤول على أنه لا صحة اطلاقا لتقرير الصحيفة، وتحديدا نفى عقد أي اجتماع كهذا مع هوف وفورد. وذكر بالموقف الرسمي الرافض لتسليح المعارضة، وإن يكن أشار الى ان واشنطن تدرك أن أطرافا آخرين يسلحون المعارضة “ولذلك لا حاجة لنا الى ان نزودهم الاسلحة”.
وقال نائب مستشار الامن القومي للاتصالات الاستراتيجية بن رودز إن سوريا سوف تكون “بالتأكيد” من القضايا التي سيثيرها أوباما مع بوتين، مذكرا بأن سوريا هي من القضايا الخلافية بين البلدين. وأكد رودز والناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نيولاند ان واشنطن تناقش مع موسكو سبل تطبيق خطة أنان والبدء بتطبيق خطة انتقالية سياسية في سوريا.
وكرر رودز موقف بلاده من أن العملية الانتقالية تقتضي تنحي الرئيس الاسد عن السلطة.
وأوضح ان واشنطن أبلغت موسكو أنها لا تسعى “الى انهاء النفوذ الروسي في سوريا”، وأن “مصلحتنا في سوريا هي انهاء العنف الذي يمارس ضد الشعب السوري، وقيام حكومة تعكس ارادة الشعب السوري. ومن الضرورة القصوى كي يتم ذلك أن يتنحى الاسد عن السلطة”. وخلص الى ان مستقبل العلاقات الروسية – السورية هو مسألة سيادية متروكة للبلدين.
وقالت نيولاند إنه اذا لم تنجح المساعي الرامية الى تطبيق خطة أنان، عندها سوف تعود واشنطن الى مجلس الامن للبحث في البدائل. ولاحظت ان الوضع في سوريا “يبدو كأنه ينزلق الى الحرب الاهلية”. وكشفت ان السفير الاميركي في دمشق فورد موجود في اسطنبول الآن حيث يجري محادثات مع اطياف المعارضة السورية “لمناقشة الافكار للخطة الانتقالية لحقبة ما بعد الاسد”.
وعن التقارير الصحافية التي تحدثت عن ارسال روسيا جنوداً لحماية قاعدتها البحرية في طرطوس، قالت نيولاند انها لا تستطيع ان تؤكد هذه التقارير. واستبعد المصدر المسؤول الذي تحدثت معه “النهار” ذلك، قائلاً انه لا ادلة على ان موسكو أرسلت قوات قتالية الى سوريا، مع إشارته الى ان لروسيا مستشارين عسكريين في سوريا.
وعن احتمال تطوّر الموقف الروسي، قال إن المحادثات مع روسيا، وآخرها تلك التي اجراها هوف في موسكو قبل ايام، “تحرز تقدماً تدريجياً، ولكن ربما كان هذا التقدم متأخراً لانقاذ خطة أنان”. وبعدما لفت الى القلق العميق الذي تشعر به الامانة العامة للامم المتحدة على سلامة المراقبين، استبعد تمديد مهمة الامم المتحدة “بعد انتهاء انتدابها الحالي”. واضاف: “يجب ان نفكر في الخطوة التالية والعودة الى مجلس الامن مجدداً لن تكون فعالة ما لم نتوصل قبل ذلك الى تفاهم مع روسيا، ومن هنا الاهمية التي نعلقها على لقاء الرئيس اوباما والرئيس بوتين”.
وتحدثت مصادر اميركية عن خطط لعمليات متنوعة ضد سوريا كاجراء وقائي يتناسب مع توسيع الهجمات التي تشنها الحكومة السورية على المعارضة وتصاعد أعمال العنف، وخصوصاً بعد استخدام الطائرات والمروحيات الحربية. لكنها شددت على ان البيت الابيض لم يصدر اوامر بأي تحرك عسكري.
لافروف
وكتب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقال له نشر في صحيفة “هافينغتون بوست” الاميركية ان محاولات اطاحة الاسد وتغيير النظام تشكل جزءاً من “لعبة جيوسياسية” أوسع في المنطقة تستهدف ايران، مبرزاً ضرورة تفادي اللاعبين الدوليين هذا السيناريو الذي من شأنه ادخال سوريا في حرب اهلية طويلة الامد تؤثر على الامن الاقليمي والدولي. وحذّر من ان اي اشعال لنزاع داخلي سوري قد يؤثر سلباً على الوضع في الدول المحيطة بسوريا، وسيكون له تأثير مدمر على الامن الاقليمي والدولي. وافاد ان عوامل الخطر تتضمن “فقدان السيطرة على الحدود السورية – الاسرائيلية، وتأزم الوضع في لبنان والدول الاخرى في المنطقة، ووقوع الاسلحة في الايدي الخاطئة، ومنها عناصر المنظمات الارهابية”.
وفي وقت سابق صرح لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري: “قرأت اليوم ان الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند قالت ان الولايات المتحدة وروسيا تبحثان في تغييرات سياسية في سوريا بعد رحيل بشار الاسد… اذا قيل ذلك حقاً، فإنه غير صحيح… لسنا مشاركين في تغييرات للنظام من خلال مجلس الامن او مؤامرات سياسية”.
وفي اسطنبول، عقد ممثلون للمعارضة السورية اجتماعاً يستمر حتى اليوم للعمل على “توحيد” رؤية المعارضة لمستقبل سوريا.
الفرنسيون يسرّبون ان الروس ليسوا متمسكين بالاسد… ولافروف يرد: هذا كذب
محمد بلوط
لوران فابيوس طلب من الصحافيين إمهاله ما يكفي من الوقت لكي يجيب على اسئلتهم بشأن سوريا “لأنه ليس دبلوماسيا منذ وقت طويل”. الوزير الفرنسي الحديث العهد بالخارجية الفرنسية، اثار مع ذلك، سجالا عن بعد مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول حقيقة ما يجري بحثه بين موسكو وباريس.
السجال بدأ صباحا مع وزير فرنسي يجزم لإذاعة فرنسا بأن تقاربا يتقدم مع روسيا، كذّبه ظهرا وزير الخارجية الروسي من منبر مؤتمر صحافي في بغداد. لوران فابيوس قال إن محادثات تدور مع روسيا، لتحضير مرحلة ما بعد الرئيس بشار الأسد “الروس ليسوا متمسكين به، ويرون بأنه طاغية، ولن يقيّدوا أنفسهم بمستبد كهذا لأنهم سيضعفون بدورهم”.
من بغداد رد سيرغي لافروف، ونفى أن تكون موسكو بصدد إجراء محادثات حول استقالة الأسد والتطورات السياسية في سوريا ما بعد تنحّيه عن السلطة: “إذا قيل ذلك حقا فإنه كذب. لم يجر نقاش كهذا ولا يمكن أن يجري لأن ذلك يتعارض مع مواقفنا. واكرر ان الأقوال التي تزعم بأننا نجري مباحثات مع احد حول مصير سوريا بعد رحيل الأسد هي اقوال كاذبة. نحن لا نقوم بالإطاحة بأنظمة عن طريق الموافقة على أعمال أحادية الجانب في مجلس الأمن الدولي، ولا من خلال المشاركة في أية مؤامرات سياسية “.
ويبدو النفي الروسي، بالرغم من شدته، بعيدا عما يجري تسريبه عن حقيقة موقف موسكو من مستقبل الرئيس الأسد. ويتطابق كلام الوزير الفرنسي مع تصريحات روسية الأسبوع الماضي من أن روسيا لا تتمسك بالرئيس الأسد إذا ما أراد التنحي. وبلغة اوضح يقوم الخلاف الروسي الغربي، ليس على بقاء الأسد الذي حسم الروس والغربيون النقاش حول ضرورة خروجه من السلطة بل حول التوقيت.
فروسيا تريد أن يرحل الأسد في منتهى العملية الإنتقالية، فيما يدعو الغربيون والمعارضة إلى تهميشه فور بدء العملية السياسية، وازاحته كليا في ختامها. وليس عبثا ان يقول الوزير فابيوس في من يخلف الأسد “إنهم سيكونون من المعارضة، وبعض الناس الذين ينتمون إلى الفريق الحاكم، دون أن يكونوا من الصف الأول”.
وما يقوله الوزير فابيوس هو مجرد إعلان لما بات اقتراحا روسيا متداولا، بالإبقاء على الحلقة التي لم تتلوث ايديها بالدماء من رجال النظام الحالي في صلب العملية الانتقالية، وربما في قلب مرحلة ما بعد الأسد، من خلال الدور المركزي الذي ستلعبه المؤسسة العسكرية السورية. “وليس هناك دليل اوضح على اختيار الروس لخروج الأسد من اللعبة، من تصويتهم ودعمهم خطة انان التي تدعو إلى انتقال سلمي للسلطة، بالرغم من الغموض الذي يثيره نصها على إجراء حوار سياسي بين الأطراف كافة في “ظل القيادة السورية “.
ويبدو الانخراط في النقاش حول ما بعد الأسد فرنسيا او روسيا، بديهيا بالنسبة للطرفين، باعتبار أن لحظة التسوية النهائية في الصراع حول سوريا لم تحن بعد، ولم تحن معها احتمالات الصدام الواسع. ولكن التقارب في التحليل وتصور المخارج يتقدم. فالطرفان يقرّان بأن ما يجري هو حرب اهلية واسعة. وهناك مخاوف من أن تتحول إلى حرب اقليمية يتقدم اليها ايرانيون وعراقيون ودول الجوار مباشرة او بالوكالة. وكان الوزير الفرنسي قد وصف قبل يومين ما يجري في سوريا بأنه حرب اهلية. وتشتمل المحادثات من دون شك على تنظيم المرحلة الانتقالية، ولا تحتمل اكثر من مضمون واحد هو تنظيم رحيل الأسد.
وكان الوزير الفرنسي يتحدث، بعد عودة وفد فرنسي مفاوض من موسكو. وخلال اليومين الماضيين التقى المدير السياسي للخارجية الفرنسية جاك اوديبير مسؤولين في الخارجية الروسية، ورافق اوديبير خبير الملف السوري جان كلود كوسران، والسفير الفرنسي في دمشق ايريك شوفالييه.
ويؤشر حضور كوسران في الوفد الفرنسي إلى انتصار ارادة دبلوماسية في الخارجية الفرنسية ولدى الرئيس فرنسوا هولاند، بالانفتاح على الروس، والإقرار بأن الطريق إلى دمشق تمر بالضرورة عبر موسكو. وان الروس وحدهم قادرون على التحدث إلى المؤسسة الحاكمة في دمشق بكل تعقيداتها.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن المفاوضات مع الجانب الروسي، تناولت بالتحديد شروط المرحلة الانتقالية، ومشاركة جزء من الطاقم الحالي في العملية. وقال قطب معارض سوري في باريس إن الروس الذين يوافقون على تنحية الأسد وعلى عدد من افراد الحلقة المحيطة به، ويكررون أنه لا أحد من التركيبة الحالية مقدس، يعملون على الإبقاء على مؤسسة الجيش، والأجهزة التي تبقي على الدولة السورية قائمة منعا لانتشار الفوضى. “إن الروس يقولون لنا بأنهم حساسون جدا، تجاه تقيدهم بالأسد، ولكنهم في تسليمهم بطرد الأسد من السلطة يتساءلون من سيحل محله” كرر الوزير الفرنسي لوران فابيوس.
من يكذب فابيوس او لافروف؟
في الأثناء، لا يضيع الطرفان الوقت، فإلى جانب الديبلوماسية ينشغل الروس بدعم النظام السوري، والفرنسيون بدعم المعارضة. صحيفة “لو فيغارو” كشفت بالأمس عن نصب روسيا محطة رادار وتنصت في مدينة كسب على بعد كيلومتر من الحدود السورية مع تركيا. ويشغل الرادار منطقة إستراتيجية ترتفع 800 متر عن سطح البحر، وتسمح للروس بمراقبة تحركات الاستخبارات الأميركية في المنطقة وفي اوساط “الجيش السوري الحر” في انطاكيا. كما تشمل عمليات الرادار التنصت على قواعد الردع الصاروخي في ملاطية، وقاعدة اميركية في أضنة.
وفي المقابل، اعلن وزير الخارجية الفرنسية أن باريس ستزود المعارضة السورية بمعدات اتصال، لمساعدتها على نقل المعلومات من الداخل، وتسهيل الاتصال ما بين المدن المحاصرة، والمساعدة على التحذير من عمليات الجيش السوري.
«معارضات مختلفة في كل منطقة…والأجندات كثيرة منها الخفيّ»
مود: 1000 مراقب لن يُجدوا من دون وقف العنف المتصاعد
تراوح حديث رئيس بعثة المراقبين الدوليين روبرت مود بين إعلان الإحباط العام الذي يقف على مشارف هاوية التسليم بفشل خطة المبعوث الدولي كوفي أنان، والتشديد على أن تحسناً جرى على عمل البعثة لدى المجتمعات المحلية في محاولتها ترسيخ الثقة وتأسيس بيئة للحوار.
ومود، العائد من إجازة لثلاثة أيام في بلاده، توخى الحذر الشديد في أجوبته، كما حاول تجنب إلقاء المسؤولية على أي طرف من دون آخر، واضطر تقريباً لثلاث إجابات متلاحقة لصياغة جوابه على سؤال من «السفير» عما إذا كانت بعثته رأت «دبابات سورية معطوبة باستهدافها من المعارضة»، وذلك بعدما تكررت استفسارات الصحافيين عما إن كان لديه مؤشرات على ارتفاع وتيرة التسلح لدى المعارضين ونوعية ذلك السلاح.
في النهاية اختار أن يترك مود لنا قدرة التفسير لصياغته بأن «آليات ميكانيكية ثقيلة تم استهدافها فعلاً». وقالت المتحدثة باسم بعثة المراقبين سوسن غوشة عن سبب المؤتمر الصحافي لمود هو مرور ستة أسابيع على عمل البعثة، ومحاولة إجراء تقييم للوضع الراهن.
من جهته، أشار مود في مقدمة مكتوبة إلى «تزايد أعمال العنف في الأيام الأخيرة الماضية»، مبدياً إحباطه الشديد منها، ومشيراً إلى أن هذا حصل «بإرادة الطرفين (دولة ومعارضة) مما عرض مراقبينا لمخاطر أثناء تأديتهم لمهامهم»، وأضاف «إن الشعب السوري بمن فيهم المدنيون يعانون كثيراً، وبعضهم حوصر أثناء العمليات المتسمة بالعنف»، ورأى أن «تصاعد العنف أعاق قدرتنا على المراقبة والتحقق والإبلاغ وحتى القدرة على المساعدة في تواصل الحوار بين الأطراف لضمان الاستقرار».
وتابع مود في بيانه المكتوب قائلا إن خطة النقاط الست التي تأسست خطة أنان على أثرها «ليست حكراً على كوفي أنان ولا على بعثة المراقبين، إنما هي ملك للأطراف السورية التي قبلت بها والمجتمع الدولي الذي أيدها، مع العلم أنه لم يتم تنفيذ الخطة وليس لها بديل حتى الآن».
وقال مود ما بدى تطوراً في تقييم البعثة لمجريات الأيام الأخيرة «أنه يبدو ليس هنالك نية للتوصل لانتقال سلمي بل على العكس هنالك اتجاه نحو تعزيز المواقع العسكرية»، ليضيف أن البعثة قابلة للتطوير حين يقرر مجلس الأمن ذلك، مع تركيزه على أن البعثة التي تحتاج لأعداد أكبر من المراقبين ومعدات أفضل، «ليست هي الحل». ورأى مود أن «1000 مراقب لن يغيروا الصورة والحل هو بيد من يدهم على الزناد».
ولاحظ مود، رداً على سؤال، أن «الهجمات على الدولة وكياناتها أصبحت أشد» في الفترة الأخيرة. وفي سؤال لـ«السفير» حول تبعثر المعارضة ومدى التئامها في جسم واحد قال مود صراحة «أحد الآراء التي نسمعها باستمرار أن المعارضة السياسية في الخارج لا تتطور نحو مجموعة واحدة منظمة ذات هوية ملحوظة… والواقع أن هنالك حالات مختلفة في كل منطقة، فهنالك حالة في درعا وحالة في حمص وحالة في إدلب وهكذا»، و«كل منطقة لديها ملامحها المحلية ومن الصعب إيجاد شخص لديه قدرة قيادية للتأثير على كل هذه الجماعات والحديث معها. هنالك تبعثر وانعدام قيادة وهذا يجعل مهمتنا أكثر صعوبة».
وتابع مود قائلا «إن البعض يحاول تبسيط الأمر (الأزمة السورية)، وهذا خطأ… هنالك الكثير من الأجندات الموجودة فيما يخص سوريا وهنالك أجندات معلنة وأخرى غير معلنة، وأعتقد أن وجود هذه الأجندات جعل الوضع أكثر تعقيداً والمفتاح للحل سياسي وليس بيد المراقبين وإنما بيد الأطراف التي عليها اختيار طريق آخر غير طريق العنف».
واعتبر مود، رداً على سؤال آخر لـ«السفير» حول ما إذا كان ثمة مؤشرات على نجاح المراقبين في بناء أرضية الثقة في بعض البيئات، «إنه في كل المناطق هنالك مؤشرات مشجعة للرغبة في الحوار من الجانبين لإيجاد طريقة للانتقال نحو كسر حلقة العنف والرد على العنف وقد رأينا الرغبة في كسر هذه الحلقة». وأضاف «هنالك مناطق استطعنا فيها التوصل لحلول وتم تنفيذها ولكن بعد ايام الحالة تتغير»، بسبب تصاعد العنف على حد تعبيره. ففي حمص الوضع معقد ونحن نعمل على مستويين قيادي ومحلي لبناء أرضية للحوار وتعزيز الثقة ونضع الأرضية المناسبة لعمل المنظمات التي ستقدم الدعم والعون للمجتمع المحلي. والغاية تأكيد أنه يمكن وقف العنف وتعزيز الاستقرار في منطقة معينة. وقد نجحنا في فعل ذلك في دير الزور على سبيل المثال، ولكن من غير العدل الحديث عن منطقة من دون غيرها».
وسئل مود إن كان ثمة مناطق تخضع فعلياً لسيطرة المعارضة المسلحة، وإن كانت في ازدياد فأجاب «أنا لا أجد هذه المناطق تكبر. على العكس أجدها تواجه تحدياً»، في إشارة للعملية العسكرية الأخيرة للجيش السوري على ما يبدو. وتفادى مود في ختام المؤتمر الإجابة الصريحة عن سؤال عما إن كانت بعثته سجلت وجود دبابات معطوبة للجيش السوري بعد استهدافها من قبل المعارضة، في دلالة على ارتفاع مستوى التسلح لدى الأخيرة، مفضلا القول إنه شاهد هذه النتائج لدى الطرفين.
فسألت «السفير» إن كان لدى المعارضة دبابات في هذه الحالة، ليرد بوضوح أكبر أنه شاهد «آليات ميكانيكية ثقيلة معطوبة وأن الطرف الآخر لا يمتلك هذا النوع من السلاح» تاركاً للإعلاميين حرية التفسير.
فرقاطات روسية إلى سوريا ورادار مراقبة قرب اللاذقية
لافروف يكذّب الغرب: لا نبحث تغيير نظام دمشق
تصدّرت المناوشات الكلامية الروسية – الغربية أمس، على الجبهتين الفرنسية والأميركية، الأروقة السياسية للبحث عن تسوية أزمة سوريا المتفاقمة، فيما بدا رئيس بعثة المراقبين الدوليين لسوريا روبرت مود محبطا في تقييمه للوضع الميداني حيث اشار إلى «تصاعد العنف» من قبل طرفي الأزمة السورية وهو ما يعرقل جهود البعثة، مؤكدا أن مفتاح تغيير المشهد يقع بين يدي «من بيده الزناد».
ونقلت وكالة الأنباء «ايتار- تاس» الروسية عن مصدر في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن عددا من البوارج الروسية تقف في حالة الاستعداد للتوجه نحو الشواطئ السورية، فيما أشارت صحيفة «لوفيغارو» إلى إنشاء محطة رادار روسية في قرية كسب قرب اللاذقية قريباً من الحدود التركية، تتيح للروس مراقبة النشاط الاستخباراتي في المنطقة وتحركات مسلحي المعارضة.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أعقاب محادثاته مع نظيره العراقي هوشيار زيباري في بغداد، أن روسيا تعول على أن الولايات المتحدة لن تتصرف إزاء سوريا من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أن الاخير لن يوافق على «تغيير النظام» السوري.
وفيما شدد لافروف على أن موسكو لا تبحث مع واشنطن في مرحلة «ما بعد» الرئيس السوري بشار الأسد، دار سجال بينه وبين نظيره الفرنسي لوران فابيوس على إثر تصريحات للأخير أكد فيها أن موسكو تتباحث مع
الغرب حول حيثيات إدارة مرحلة ما بعد التنحي المفترض، وهو ما كذبه لافروف بقوة، مجددا دعوته المشتركة مع زيباري إلى إشراك جميع الاطراف المعنية ومنها ايران في مؤتمر دولي حول سوريا.
وقال لافروف: «آمل ألا تتصرف الولايات المتحدة بالالتفاف على مجلس الأمن لدولي. ولن يوافق مجلس الأمن على تغيير النظام». وذكر الوزير الروسي أنه «لم يسمع أقوالا جدية صادرة عن الإدارة الأميركية تفيد بنيتها استخدام القوة ضد سوريا». وحسب قوله فإن الأميركيين يعلنون كما جرت العادة عن أنهم لا يستبعدون أية احتمالات لحل القضية السورية.» وقال: «لكنني لم أسمع أية بيانات رسمية بشأن استخدام القوة».
وقال لافروف: «أكرر أن الأقوال التي تزعم أننا نجري محادثات مع أحد حول مصير سوريا بعد رحيل الأسد هي أقوال كاذبة. ونحن لا نقوم بإطاحة أنظمة عن طريق الموافقة على أعمال أحادية الجانب في مجلس الأمن الدولي ولا من خلال المشاركة في أية مؤامرات سياسية».
وجاء ذلك ردا على وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي قال «ان «المسؤولين الروس انفسهم ليسوا متمسكين اليوم بشخص الاسد فهم يدركون انه طاغية وقاتل وأن موقفهم سيضعف في حال استمروا في دعمه». وتابع «لكنهم حساسون بشأن من سيتولى الحكم في حال إطاحة الاسد. المحادثات تدور حول هذه النقطة».
وأعلن لافروف استعداد روسيا للمشاركة في مؤتمر جنيف بشأن سوريا الذي من المزمع عقده في 30 حزيران المقبل، «في حال مراعاة بعض الشروط». وقال إنه «من الضروري أن تتوفر تشكيلة صحيحة للمشاركين، وأن يبحث المؤتمر مسألة المساهمة في الحوار السياسي، وألا يقرر مسبقا مستقبل النظام السياسي في سوريا». وأضاف: «في حال مراعاة هذين الشرطين فإننا مستعدون للمشاركة وسنشارك حتما في هذا المؤتمر».
من جانبه قال زيباري «نحن لسنا محايدين كما يشاع، نحن مع حرية الشعوب في خياراتها السياسية، وحتى التحول السياسي لكن بشكل منضبط يؤدي إلى الازدهار والاستقرار في سوريا». وتابع الوزير العراقي قائلا «لقد أطلعنا لافروف على المبادرة الروسية لعقد مؤتمر دولي… نؤكد أن أي اجتماع دولي بشأن سوريا يجب ان تكون الدول المعنية ولا سيما دول الجوار طرفا فيه ولا نقبل بأي تهميش لها في مثل هذه الاجتماعات».
وأعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين سيتناقشان في «خلافاتهما» حول الموقف من سوريا، على هامش اعمال قمة العشرين في المكسيك الاثنين المقبل. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند «هناك خلافات لا تزال قائمة بشأن سوريا، وستكون مناسبة جيدة للرئيسين للالتقاء والنقاش».
وأكدت نولاند انها لا تريد الكلام باسم الروس. وقالت «اننا نتكلم حول الاتجاه العام الذي نرغب بأن نرى سوريا تتطور باتجاهه، وهي مبادئ عامة تطرقت اليها وزيرة الخارجية حول المرحلة الانتقالية لما بعد الاسد». وأضافت «في ما يتعلق بحوارنا مع الروس فإننا نتطرق معا الى كل المواضيع… نتكلم عن الوضع في سوريا وعن طريقة تطبيق خطة كوفي انان للخروج من الازمة بكل جوانبها».
أما مود فقال خلال مؤتمر صحافي إن نقاط خطة أنان الست «ليست حكراً على كوفي أنان ولا على بعثة المراقبين، بل هي ملك للأطراف السورية التي قبلت بها والمجتمع الدولي الذي أيدها، مع العلم أنه لم يتم تنفيذ الخطة وليس لها بديل حتى الآن». وأضاف «يبدو أن ليس هنالك نية للتوصل لانتقال سلمي بل على العكس هنالك اتجاه نحو تعزيز المواقع العسكرية»، ليؤكد أن «1000 مراقب لن يغيروا الصورة والحل هو بيد من يدهم على الزناد».
وجاء ذلك فيما اجتمع «المجلس الوطني السوري» المعارض في اسطنبول ضمن محاولة «توحيد» المعارضة، مع «المجلس الوطني الكردي» ومجموعة الزعيم العشائري نواف البشير، ومجموعة ميشال كيلو، بغياب «هيئة التنسيق».
إلى ذلك، قتل ما لا يقل عن 22 شخصا في سوريا، بينهم اثنان نتيجة إطلاق القوات النظامية السورية النار على مشاركين في تظاهرات جمعة «الاستعداد التام للنفير العام» التي شارك فيها الآلاف في مناطق مختلفة، بحسب مراقبين وناشطين.
وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «مجموعة إرهابية مسلحة فجرت ظهر أمس عبوتين ناسفتين أمام جامع خالد بن الوليد في بصرى الشام بريف درعا، ما أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين وإصابة آخرين».
(تفاصيل أخرى ص 12)
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أ ب)
لافروف: محاولات الإطاحة بالأسد جزء من لعبة جيوسياسية أوسع تستهدف إيران
واشنطن- (يو بي اي): إعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الجمعة، أن محاولات الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتغيير النظام تشكل جزءاً من “لعبة جيوسياسية” أوسع في المنطقة تستهدف إيران، مشدّداً على ضرورة تفادي اللاعبين الدوليين لهذا السيناريو الذي من شأنه إدخال سوريا في حرب أهلية طويلة الأمد تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي.
وقال لافروف في مقال له نشر في صحيفة (هافينغتون بوست) الأمريكية الجمعة، إن “الضغط للإطاحة فوراً ببشار الأسد، بما يتعارض مع تطلعات شريحة ملحوظة من المجتمع السوري التي لا تزال تعتمد على هذا النظام لحماية أمنها وعيشها، سيعني إدخال سوريا في أتون حرب أهلية دامية”.
وأضاف أنه يجب أن ينحصر دور اللاعبين الخارجيين المسؤولين في مساعدة السوريين على تفادي هذا السيناريو وضمان إصلاح نظام السلطة السياسية في سوريا، عن طريق التطور، وليس عن طريق الثورة، ومن خلال إجراء الحوار الوطني وليس من خلال الإرغام الخارجي.
واعتبر لافروف أن السعي إلى الدعم الأحادي الجانب للمعارضة لا يؤدي إلى إحلال السلام السريع في هذه البلاد، ويتعارض مع هدف حماية المواطنين المسالمين.
وأضاف “يبدو أن النزعة السائدة في هذا الخيار هي محاولات إجراء تغيير للنظام في دمشق كعنصر من لعبة جيوسياسية إقليمية أكبر. وهذه المخططات تستهدف من دون شك إيران التي تبدو مجموعة كبيرة من الدول بينها الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي، وإسرائيل، وتركيا وبعض دول المنطقة، مهتمة في إضعاف مواقفها الإقليمية”.
وأشار إلى أنه حالياً يكثر الحديث عن آفاق توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مضيفاً “لقد شددت مراراً على أن مثل هذا الخيار سيؤدي إلى وقوع عواقب وخيمة، علماً أن محاولة قطع عقدة المشاكل المتراكمة بضربة واحدة محكوم عليها بالفشل”.
وقال إن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لطالما كان مشكلة أساسية، وما زال كذلك، في دول الشرق الأوسط، وكان سبباً أساسياً “للثورات العربية”، مضيفاً “لكن سوريا لم تكن في المراتب السفلى بهذه اللائحة، إذ إن مستوى الحريات المدنية فيها أعلى بشكل لا يقاس، من بعض الدول التي تحاول حالياً إعطاء الدروس بالديمقرطية لدمشق”.
وذكر أن تقريراً إعلامياً نشر مؤخراً في صحيفة فرنسية أشار إلى أن دولة كبيرة في الشرق الأوسط، نفذت خلال العام 2011 وحده 76 حكم إعدام، بينها ضد أشخاص اتهموا بالسحر.
وقال إن موسكو تتعامل مع دمشق يومياً من أجل أن تنفذ الأخيرة، بشكل كامل خطة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي أنان.
وأضاف “نحن منزعجون من مزاعم وأفعال بعض اللاعبين المعنيين في الوضع بسوريا التي تلاحَظ من ورائها المراهنة على إفشال جهود أنان، وبينها دعوات صادرة عن المجلس الوطني السوري إلى التدخل الخارجي”.
وتساءل لافروف “كيف يمكن أن تسهم بيانات كهذه في الجهود التي يبذلها رعاة المجلس من أجل توحيد المعارضة السورية تحت سقفهم؟”.
وأضاف “نحن ندعم توحيد المعارضة فقط على أساس الإستعداد للحوار السياسي مع الحكومة تماشياً مع خطة كوفي أنان”.
وقال لافروف إن موسكو لا تزال تعمل مع السلطات السورية يومياً لحثها على تنفيذ البنود الستة لخطة أنان.
وأضاف “نحن نعمل أيضاً مع الممثلين عن كل الفصائل المعارضة السورية”.
وأعرب لافروف عن ثقته بأنه في حال تصرّف شركاء روسيا كذلك، من دون إتباع المعايير المزدوجة ستبقى فرصة لبلوغ التسوية السلمية في سوريا.
وقال “علينا الضغط جميعاً على النظام والمعارضة وإجبارهما على وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات. ونعتبر أنه من المهم إتخاذ جهود جماعية عاجلة من أجل ذلك، وعقد مؤتمر دولي للبلدان المتعلقة مباشرة بالنزاع السوري”.
وأشار إلى أنها الطريقة الوحيدة التي تمنع المنطقة من الإنزلاق نحو حروب دامية وفوضى، مضيفاً أن المخططات الأخرى التي تقضي بالتدخل الخارجي في سوريا، بدءً من إغلاق القنوات التلفزيونية غير المرغوب فيها وانتهاء بزيادة تزويد المجموعات المعارضة بالأسلحة وتوجيه ضربات جوية، “فلا تجلب السلام لا لهذا البلد ولا للمنطقة برمّتها”.
وحذّر من أن أي إشعال لنزاع داخلي سوري قد يؤثر سلباً على الوضع في الدول المحيطة بسوريا، وسيكون له تأثير مدمّر على الأمن الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن عوامل الخطر تتضمن “فقدان السيطرة على الحدود السورية – الإسرائيلية، وتأزّم الوضع في لبنان والدول الأخرى في المنطقة، ووقوع الأسلحة في الأيدي الخاطئة، بينها عناصر المنظمات الإرهابية”.
وقال إن أي تخويل صادر عن الأمم المتحدة يجب أن يكون واضحاً تماماً ولا يترك مجالاً لازدواجية التفسير، مضيفاً أن “هناك أكثر من مبرر لاتخاذ موقف متوازن من الأزمة السورية. ومن المفهوم أنه يستحيل السير على طريق إتخاذ قرارات غير دقيقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي، من شأنها أن تقدّم حرية التصرف لمنفذيها كما هو الحال في ليبيا”.
وتابع أن روسيا أعلنت مراراً أنها “لا تعتبر نفسها جهة مدافعة عن النظام الحالي في دمشق. وليست لديها مبررات سياسية ولا إقتصادية وغيرها من المسببات، علماً أننا لم نكن أبداً شريكاً إقتصادياً وتجارياً رئيسياً لهذا البلد الذي كان قادته يتعاونون أساساً مع العواصم الغربية”.
وأضاف “لا نحاول غض نظرنا عن المسؤولية الرئيسية التي تتحملها القيادة السورية عن الأزمة التي عمّت البلاد بسبب أنها لم تسر وقتها على طريق الإصلاحات”.
وأسف لأن عملية تنفيذ خطة أنان تواجه مشاكل، وقال لقد “هزّت العالم كله مجزرة الحولة التي وقعت في 25 مايو/ أيار وما حدث في حماه من مآسي دموية. ولا بد من معرفة المسؤول عن ذلك ومعاقبة المذنبين”.
وأشار لافروف إلى أنه لا يحق لأي أحد إحتكار دور القاضي والإستفادة من هذه المآسي بغية تحقيق أهداف جيوسياسية. وقال إن مَن يقول أن روسيا “تنقذ” الأسد مخطئ، إن “اختيار النظام السياسي وقادة البلاد هو أمر يخص السوريين أنفسهم”.
وأضاف أن قصف الأحياء السكنية يعتبر أمراً غير مقبول، لكنه لا يمكن أن يكون مبرراً لتنفيذ “عمليات إرهابية” في المدن السورية والإغتيالات التي يقوم بها المقاتلون المعارضون للنظام، بمن فيهم الأعضاء في تنظيم “القاعدة”.
باريس تتخوف من هجوم عسكري وشيك على حمص
باريس- (ا ف ب): اعربت فرنسا مساء الجمعة عن “قلقها العميق” إزاء معلومات مفادها أن قوات النظام السوري تعد لهجوم عسكري وشيك واسع النطاق على مدينة حمص، احد ابرز معاقل المعارضة في وسط سوريا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان “يهمنا ان نعرب عن قلقنا العميق بشأن المعلومات التي تتحدث عن عملية واسعة النطاق وشيكة على مدينة حمص”.
وصدر التحذير الفرنسي اثر نداء وجهه المرصد السوري لحقوق الانسان وناشد فيه “منظمتي الهلال والصليب الاحمر لارسال طواقم طبية بشكل عاجل الى مدينة حمص لمعالجة وإجلاء عشرات الجرحى الذين أصيبوا نتيجة القصف المتواصل الذي تتعرض له أحياء مدينة حمص وبالاخص حي الخالدية”.
واكد المرصد أن “هذه الاحياء تفتقر الى الكوادر الطبية القادرة على إجراء عمليات جراحية لإنقاذ حياة عشرات الجرحى المصابين بجراح خطرة يضاف إلى ذلك عدم توفر الماء والكهرباء في الأحياء التي تتعرض للقصف والحصار الخانق وعمليات التدمير الممنهج من قبل القوات النظامية السورية”.
واضاف المتحدث الفرنسي انه “يجب وضع حد للقمع الدموي الذي تشنه السلطات السورية والذي اوقع خلال الايام الماضية عشرات القتلى الاضافيين”، مؤكدا انه “لا يمكن القبول باستمرار” هذا القمع.
وتابع فاليرو ان “نظام (الرئيس السوري) بشار الاسد يواصل انتهاكاته الخطيرة لتعهداته الواردة في خطة انان ويهدد السلام والامن الدوليين. ان مجلس الامن عليه، عاجلا ام آجلا، ان يستخلص العبر من هذا كما سبق وان دعاه لفعل ذلك المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان”.
وكانت فرنسا اعلنت الاربعاء انها ستعرض على باقي اعضاء مجلس الامن الدولي جعل بنود خطة انان “الزامية” عبر ادراجها تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي ينص على اجراءات زجرية تصل الى اجازة استخدام القوة ضد بلد ما اذا كان يشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين.
22 قتيلا في اعمال عنف.. والعثور على تسع جثث قتل بعضهم ‘ذبحا’ في الحمورية
روسيا تنفي إجراء مناقشات بشأن سورية ما بعد الأسد والمعارضة السورية تجتمع في اسطنبول ‘لتوحيد’ رؤيتها
دمشق ـ موسكو ـ انقرة ـ وكالات: قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة إن بلاده لا تبحث خططا للتحول السياسي في سورية بعد رحيل الرئيس بشار الاسد، مؤكدا معارضة موسكو الثابتة للتدخل الخارجي، في الوقت الذي استمرت فيه عمليات القتل في سورية حيث قتل ما لا يقل عن 22 شخصا الجمعة، بينهم اثنان نتيجة اطلاق القوات النظامية السورية النار على مشاركين في تظاهرات جمعة ‘الاستعداد التام للنفير العام’ التي شارك فيها الآلاف في مناطق مختلفة.
جاء ذلك فيما عثر على تسع جثث مساء الخميس لاشخاص ‘بعضهم قتل ذبحا’ في بلدة حمورية في ريف دمشق، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
واكد ناشطون ان ‘المجزرة’ ارتكبتها قوات النظام السورية ‘على اساس طائفي’، بينما لم يجزم المرصد بالجهة المنفذة.
وقال المرصد الجمعة ‘عثر على جثامين تسعة مواطنين في بلدة حمورية في ريف دمشق، بعضهم قتل ذبحا على ايدي مجهولين’.
وذكر المرصد بانه تم تصوير تلك الحادثة ونشرت الصور على شبكة الانترنت وشوهد فيها الاطفال وقد فارقوا الحياة، بينما كانت المرأة ‘تلفظ انفاسها الاخيرة امام الكاميرا’.
ودعا ‘النشطاء الذين عثروا على جثامين المواطنين التسعة وجثامين السيدة واطفالها وقاموا بتصويرهم الى التعاون مع المراقبين الدوليين من اجل تقديم القتلة الى العدالة’.
الى ذلك قال لافروف في مؤتمر صحافي عقب محادثات اجراها مع نظيره العراقي إنه اطلع على تقارير تشير الى أن المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند أشارت الى ان واشنطن وموسكو تبحثان استراتيجية لسورية بعد الاسد.
وأضاف ‘لو كان هذا قيل بالفعل فهو غير صحيح.. لا تجري مثل هذه المحادثات ولا يمكن ان تجري لان اتخاذ قرار بالنيابة عن الشعب السوري أمر يتنافى بالمرة مع موقفنا’.
وقال ‘لا نتدخل في الإطاحة بأنظمة لا من خلال الموافقة في مجلس الأمن الدولي على القيام بأعمال فردية ولا بالمشاركة في مخططات سياسية’.
وكانت نولاند سئلت في مؤتمر صحافي الخميس عما اذا كانت الولايات المتحدة وروسيا تبحثان انتقالا للسلطة مماثلا لما حدث في اليمن العام الماضي حيث تسلم نائب الرئيس السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح. وقالت ‘مازلنا نتحدث عن استراتيجية للانتقال بعد الأسد في هذا السياق’.
ومضى لافروف يقول إن اجراء أي محادثات دولية موسعة بشأن سورية يتعين ان يتضمن ايران ويجب ان يقتصر على بحث سبل تهيئة الظروف لاجراء حوار سياسي في سورية وليس مضمون هذا الحوار او أي شروط مسبقة مثل رحيل الاسد.
من ناحية اخرى قالت وزارة الخارجية الروسية الجمعة إن موسكو لم تسلم سورية أي طائرات هليكوبتر عسكرية جديدة لكنها قامت بأعمال صيانة لطائرات سلمت لسورية ‘منذ عدة طويلة’.
وفي رد مباشر على تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي قالت فيها إن واشنطن لديها معلومات عن أن طائرات هليكوبتر هجومية في طريقها من روسيا الى سورية قالت وزارة الخارجية إن التعاون بين موسكو ودمشق في مجال التسلح يقتصر على التكنولوجيا ‘الدفاعية’.
وقالت الوزارة في موقعها على الانترنت ‘لا توجد دفعات جديدة من طائرات الهليكوبتر العسكرية الروسية لسورية. كل التعاون في مجال صناعة الاسلحة مع سورية مقتصر على نقل اسلحة دفاعية’.
وأضافت ‘فيما يتعلق بالطائرات الهليكوبتر.. جرت إصلاحات كانت مقررة من قبل لمعدات عسكرية سلمت لسورية منذ سنوات طويلة’.
وفي اسطنبول عقد ممثلون عن المعارضة السورية الجمعة اجتماعا في اسطنبول يتواصل حتى السبت بهدف العمل على ‘توحيد’ رؤية المعارضة لمستقبل سورية، التي تقول الامم المتحدة انها تشهد حربا اهلية.
وقال برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، اكبر تحالف للمعارضة، لوكالة فرانس برس، قبيل بدء الاجتماع ‘سنعمل على توحيد رؤيتنا’.
وبالاضافة الى المجلس الوطني السوري، يشارك في الاجتماع المجلس الوطني الكردي الذي رفض دعوة غليون للانضمام الى المجلس خلال اجتماع سابق للمعارضة في آذار (مارس) في اسطنبول، ومجموعة يقودها زعيم احدى العشائر نواف البشير، واخرى ملتفة حول المثقف ميشال كيلو، كما ذكرت مصادر سورية متطابقة.
وهيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي التي تضم احزابا قومية عربية واكرادا واشتراكيين، هي التجمع الوحيد الذي تغيب. وقالت مصادر في المؤتمر ان مشاكل تقنية منعتها من ارسال ممثلين لها الى اسطنبول.
وبدأ الاجتماع بدعوة الى الوحدة وجهها ممثلو حوالى 12 بلدا عربيا واوروبيا دعوا الى الاجتماع.
وقال مصدر دبلوماسي في المؤتمر ‘هذا الصباح اكد ممثلو الاسرة الدولية اهمية وجود معارضة موحدة’.
ويشارك في الاجتماع ممثلون عن المانيا والعربية السعودية والامارات وايطاليا وقطر وبريطانيا وتركيا، كما يشارك ايضا شخص من فريق المبعوث الدولي والعربي الى سورية كوفي عنان.
غالبية الاتراك يعارضون تدخل بلادهم عسكريا في سورية
انقرة ـ ا ف ب: افاد استطلاع نشر الجمعة في تركيا ان غالبية الاتراك يعارضون التدخل العسكري لبلادهم في سورية.
وافاد هذا الاستطلاع الذي اجراه مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية في اسطنبول ان 57 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع يعارضون التدخل العسكري في سوريا في حين أيده 11.7 بالمئة.
ومن بين المعارضين للتدخل هناك 41.1 بالمئة يعتبرون ان على تركيا عدم التدخل باي شكل من الاشكال، في حين ان الباقين 15.9 بالمئة اعلنوا ارتياحهم لطريقة تعاطي الحكومة التركية مع الأزمة السورية، اي ادانة النظام السوري سياسيا.
واجري الاستطلاع بين الخامس من ايار (مايو) والخامس من حزيران (يونيو) وشمل 1500 شخص.
جمع تبرعات لدعم الثورة السورية خلال وقفة تضامنية في مدينة غزة
غزة ـ ا ف ب: شارك عشرات الفلسطينيين الجمعة في فعالية تضامنية لجمع تبرعات دعما للمعارضة السورية في مدينة غزة بدعوة من ‘التجمع الفلسطيني لنصرة الثورة السورية’.
وتجمع المشاركون داخل مسجد النور غرب مدينة غزة حيث تضمنت خطبة صلاة الجمعة انتقادا حادا لنظام الرئيس السوري بشار الاسد والدعوة ‘لدعم الثورة السورية’.
كما قام المصلون باداء صلاة الغائب على ‘ارواح شهداء الشعب السوري’ ، تلاها جمع تبرعات لدعم الثورة السورية خلال وقفة تضامنية في ساحة المسجد حمل فيها المشاركون يافطات كتب على احداها ‘نداء لثوار سورية نرجو منكم عدم نشر جرائم بشار، نتنياهو (رئيس الحكومة الاسرائيلية) يتابعها ويتعلم منها ونخشى ان يطبقها علينا’ وكتب على اخرى ‘من غزة كلنا سورية’.
وانطلق هذا التجمع الذي يقوم عليه حمزة ابو شنب نجل القيادي في حركة حماس اسماعيل ابو شنب الذي اغتالته ااسرائيل عام 2004، في شهر ابريل عام 2011 بحسب صفحة التجمع على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ويقول التجمع على صفحته انه ‘تجمع للفلسطينيين في داخل فلسطين وخارجها يهدف لتوحيد الجهود الفلسطينية من أجل مناصرة ثورة الشعب السوري الحبيب عبر فعاليات ونشاطات إعلامية وميدانية تعكس حجم التعاطف الشعبي الفلسطيني’.
كما يؤكد على ان التجمع ‘منبر جامع لكل الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية والعقائدية للتعبير عن وقوفهم الى جانب الشعب السوري في ثورته’.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الاسد في اذار (مارس) 2011، ادت اعمال القمع والمعارك بين المعارضة وقوات الامن الى سقوط نحو 14500 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
اكثر من ثلاثين الف لاجىء سوري في تركيا
انقرة ـ ا ف ب: اكد مسؤول في وزارة الخارجية التركية الجمعة ان عدد اللاجئين السوريين في تركيا بلغ ثلاثين الف شخص.
وقال هذا المسؤول ان ‘400 سوري عبروا الحدود التركية الخميس ما يرفع عدد اللاجئين الى 30 الفا و800’ شخص فروا من اعمال العنف المستمرة في بلادهم.
ويتم استقبال النازحين في مخيمات اقامها الهلال الاحمر التركي في محافظات هاتاي وغازي عنتاب وكيليس وسنليورفا، فيما يتم معالجة نحو خمسين جريحا ومريضا داخل مستشفيات في تلك المحافظات.
وتستمر اعمال العنف في سورية وخصوصا في شمال غرب البلاد المحاذي لتركيا، وذلك رغم خطة الموفد الدولي والعربي كوفي عنان لتسوية الازمة والتي ظلت حبرا على ورق.
ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد في اذار (مارس) 2011، قتل نحو 14500 شخص معظمهم من المدنيين وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
سوريا: مظاهرات تواجه الرصاص.. ومود: الاتجاه للحل العسكري
مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من ارتكاب عمليات إبادة * فرنسا تؤكد أنها تتحادث مع الروس حول ما بعد الأسد ولافروف ينفي
بيروت: ليال أبو رحال واشنطن: هبة القدسي باريس: ميشال أبو نجم موسكو: سامي عمارة
خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المناطق السورية أمس مطالبين برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مظاهرات ووجهت بالرصاص، بينما قال الجنرال روبرت مود قائد قوة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا أمس إن ثمة توجها نحو «الحل العسكري».
وقال مود في مؤتمر صحافي عقده بدمشق أمس «يبدو أن هناك افتقارا للرغبة في التحول السلمي. وبدلا من ذلك ثمة اندفاع في اتجاه تحقيق تقدم لتعزيز المواقع العسكرية». وأضاف «زادت حدة العنف خلال الأيام العشرة الماضية, مرة أخرى برغبة الطرفين ووقعت خسائر على الجانبين مما يمثل مخاطر جمة».
وفي رد فعل سريع لتصريحات مود، أصدر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة بيانا جاء فيه «إنه في ضوء العنف المتزايد، وتعميق التوتر الطائفي، فإن مخاطر ارتكاب عمليات إبادة جماعية تبدو كبيرة ووقت التحرك لمنع حدوث ذلك هو الآن».
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن مباحثات جارية مع روسيا تركز على «المرحلة الانتقالية» وعلى نوعية السلطة التي ستقوم في دمشق بعد تنحي أو رحيل الرئيس الأسد، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سارع إلى نفي هذا معلنا أن ذلك يتناقض مع موقف بلاده.
ميدانيا، لبى آلاف السوريين دعوة المعارضة للتظاهر تحت شعار «الاستعداد العام.. للنفير التام»، وواصلت قوات الأمن السورية حملتها العسكرية وقصفها لمناطق دمشق وريفها.وشهدت أحياء في العاصمة استنفارا أمنيا كبيرا، كما تعرضت مدينة القصير لقصف عنيف من القوات النظامية منذ ساعات الصباح الأولى، مما أسفر عن اشتعال حرائق ضخمة في المنازل والأراضي الزراعية.
مظاهرات حاشدة في جمعة «الاستعداد العام للنفير التام».. والنظام يطلق الرصاص الحي لتفريقها
المتظاهرون السوريون يعلنون روسيا «عدوا للشعب السوري»
بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط»
خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المناطق السورية أمس مطالبين برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تلبية لدعوة المعارضة السورية للتظاهر تحت شعار «الاستعداد العام.. للنفير التام»، فيما كان أهالي بلدة حمورية في ريف دمشق يشيعون قتلى مجزرة مروعة وقعت مساء الخميس وأودت بحياة تسعة أشخاص قضوا ذبحا.
وكان مكتب حقوق الإنسان التابع للمجلس الوطني السوري أشار في بيان أصدره ليل الخميس إلى ابتكار النظام «أسلوبا جديدا في الإجرام في ريف دمشق، بذبحه بالسكاكين تسعة مزارعين في بلدة حمورية بكل دم بارد». وذكر أن «منفذي المجزرة قاموا ببتر أعضاء من الشهداء من أيدي وأرجل وأعضاء تناسلية»، واصفا المشهد بأنه «لا يمت إلى الإنسانية بصلة».
ووجه مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أهالي دوما وحمورية «نداء إلى العالم»، أكد فيه أن «الهجوم عمل انتقامي من ترتيب النظام وشبيحته»، ودعا «الدول العربية والعالم الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والمنظمات الإنسانية والحقوقية والإغاثية والأمم المتحدة إلى وضع حد لجرائم النظام وميليشياته ووقف المجازر».
من ناحيته، طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان «المراقبين الدوليين بالتحقيق الفوري في جريمة مقتل المواطنين التسعة والتحقيق في جريمة قتل لسيدة وأطفالها حدثت في الأول من الشهر الحالي في البلدة».
في موازاة ذلك، واصلت قوات الأمن السورية حملتها العسكرية في مناطق دمشق وريفها، وشهدت أحياء في العاصمة استنفارا أمنيا كبيرا، تحديدا في المزة، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على مظاهرة في حي الفاروق هتفت لإسقاط النظام، كما حاصرت مساجد حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب والخليل في العسالي بعدد من الباصات والسيارات وأقامت حواجز في مختلف أنحاء الحي. وفي جوبر، حاصرت قوات الأمن معظم مساجد الحي، في ظل وجود أمني كثيف في الشارع العام وتجول لسيارات جيش النظام المحملة بالرشاشات لمنع خروج المظاهرات.
وأعلن المتظاهرون السوريون في مختلف أنحاء البلاد روسيا عدوا للشعب السوري، وذلك من خلال إطلاق تسمية «روسيا هي العدو للشعب السوري» على المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد يوم أمس الجمعة، الذي شهد تصعيدا عسكريا في عدة مناطق، بينما قالت لجان التنسيق المحلية إن 26 شخصا قتلوا يوم أمس بنيران قوات الأمن والجيش النظامي في دير الزور ودرعا وحمص وحلب وإدلب ودمشق وريفها. واستمر النظام السوري في تصعيد عملياته العسكرية، في وقت سربت فيه وسائل إعلام سورية شبه رسمية أنباء عن «تهديد الرئيس الأسد للمسلحين بالقضاء عليهم عسكريا في حال لم يقوموا بتسليم سلاحهم خلال 24 ساعة»، مسقطا خيار التفاوض الذي تحمله مبادرة المبعوث الأممي كوفي أنان. وقالت مصادر إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية إن «الرئيس بشار الأسد أبلغ المبعوث الأممي كوفي أنان بأنه أمهل كل المسلحين في سوريا مهلة 24 ساعة وذلك لإلقاء سلاحهم وتسليم أنفسهم كل حسب المنطقة الموجود بها».
وشهد الأسبوع الأخير تصعيدا عسكريا غير مسبوق على عدة مناطق شملت عدة أحياء في مدينة حمص (وسط) ومدينتي القصير والرستن في ريف حمص ومنطقة الحفة في محافظة اللاذقية (غرب) ومدينة دير الزور وريفها، وتم استخدام مختلف أنواع الأسلحة، كما استخدمت المروحيات في قصف المناطق. وكانت المصادر الإعلامية المقربة من الأجهزة الأمنية السورية قد روجت خلال الأيام القليلة الماضية أن «إجراءات مشددة ستتخذ، وستعطى الأوامر للفرق العسكرية بأكملها للتحرك والقضاء على معاقل الإرهاب عسكريا لا سلميا بحسب رغبة الأمم المتحدة».
وتعرضت مدينة القصير لقصف عنيف من القوات النظامية منذ ساعات الصباح الأولى، وأسفر القصف عن اشتعال حرائق ضخمة في المنازل والأراضي الزراعية، وقدرت مساحة الأراضي التي التهمها الحريق بثلاثة آلاف دونم، ومنع القصف والقناصة الأهالي من محاولة إطفاء الحريق، كما وقعت اشتباكات عنيفة جدا بين قوات النظام والجيش الحر. وقالت السلطات السورية إن اشتباكا جرى في القصير بين قوات النظام و«العصابات الإرهابية» أدى إلى مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين منهم. ومن جانبهم، وجه أهالي القصير نداء استغاثة وقالوا إن «الحرائق تمتد بشكل مفزع تماما لتشمل معظم الأراضي الزراعية في مدينة القصير، وألسنة النار تلتهم هذه المحاصيل بشكل ضخم وغير مسبوق لتشمل أكثر من 3000 دونم زراعي، وما زالت الحرائق تمتد بشكل سريع مع تخوفات حقيقية من وصولها إلى مصفاة المياه التي تغذي محافظتي حمص وحماه بالكامل»، وأنهم لم يتمكنوا من إطفاء الحرائق «بسبب ضخامتها من جهة، واستمرار تساقط القذائف المدفعية وقذائف الهاون عليهم من جهة أخرى»، وحذروا من كارثة إنسانية تحصل في المنطقة.
وفي مدينة النبك (عاصمة منطقة القلمون)، خرجت مظاهرة حاشدة من ثلاثة جوامع اجتمعت في ساحة المخرج، بعد استهداف الجيش الحر لتمثال باسل الأسد شقيق الرئيس السوري الموجود أمام مشفى بلدة دير عطية. وقامت قوات الأمن والشبيحة بإطلاق النار على المتظاهرين، بعد إغلاق كل مداخل المدينة، ليجري بعدها اشتباك بين قوات الجيش النظامي والجيش الحر استمر عدة ساعات، وهو أول اشتباك يجري نهارا في مدينة النبك. وأسفر هذا الاشتباك عن مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين من المدينين، بحسب ما أعلنه ناشطون هناك.
وفي حمص، قتل مدني في حي جورة الشياح في مدينة حمص لدى محاولة القوات النظامية اقتحام الحي وسط استمرار القصف على أحياء أخرى في المدينة. وتجدد القصف من قوات النظام يوم أمس على مدينة الرستن، حيث قتل شخص، بالإضافة إلى قتل ضابط من القوات النظامية برتبة نقيب في اشتباكات في محيط المدينة. كما قتل متظاهران إثر إطلاق رصاص من القوات النظامية لتفريق مظاهرة خرجت في حي صلاح الدين في مدينة حلب (شمال). وأصيب عدد من المواطنين بجروح في إطلاق نار من القوات النظامية على مظاهرة خرجت في مدينة الباب في ريف حلب. كما جرت اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة عندان بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي لدى محاولتها اقتحام البلدة، وقتل مدني في البلدة في إطلاق نار، في وقت تعرضت فيه بلدة الأتارب في ريف حلب للقصف أيضا. وغابت مظاهرات ريف حلب يوم أمس عن شاشات البث المباشر، جراء التصعيد الكبير الذي شهده ريف حلب.
وفي مدينة حماه وريفها (وسط) خرجت المظاهرات في العديد من الأحياء والبلدات في المحافظة رفضا للموقف الروسي، وإعلان روسيا عدوا للشعب السوري. وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق خرجوا إليه بعد صلاة الفجر من مسجد حذيفة بن اليمان وهم يهتفون نصرة لحمص ودير الزور وغيرهما من المدن المحاصرة، ويرددون «سوريا للثوار غصبا عنك يا بشار». كما خرجت مظاهرات حاشد في جوبر أثناء تشييع عدد من الشهداء سقطوا في وقت سابق خلال تفريق مظاهرات في جوبر. كما بث ناشطون فيديو آخر عن «مظاهرة صباحية في حي المزة في دمشق»، بدا فيه عشرات الشبان، ومعظمهم ملثمون، يهتفون لنصرة حمص والحفة والأسرى والجرحى، مطلقين شعارات بينها «الجيش الحر للأبد.. داعس راسك يا أسد».
وفي دوما بريف دمشق، ورغم استمرار سقوط القذائف على المدينة، خرجت مظاهرة من جامع التوحيد والأنصار وسليق وتوجهت إلى الجامع الكبير حيث تم تفريقها هناك بإطلاق نار عنيف، كما قتل مدني في مدينة حرستا في ريف دمشق إثر إصابته برصاص قناص لدى خروج مظاهرة في منطقة الحدائق. وفي بلدة الذيابية سقط قتيلان وأكثر من عشرين جريحا بعد إطلاق قوات الأمن النار على المصلين في جامع العباس. وقامت قوات الأمن باختطاف جثتي القتيلين. وفي دمشق، انفجرت عبوة ناسفة في حي الميدان، وأشار المرصد إلى وقوع إصابات.
وفي مدينة بصرى الشام في ريف درعا، سقطت قذيفة هاون على مظاهرة خرجت قرب مسجد في المدينة، أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص، وإصابة خمسين آخرين أغلبهم إصابات خطيرة. وفي مدينة دير الزور جرت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي تركزت قرب مقر للمخابرات والشرطة العسكرية.
رئيس بعثة المراقبين: وتيرة العنف أعاقت مهمتنا ويجب العمل على تطبيق خطة أنان
مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من ارتكاب عمليات إبادة جماعية في سوريا
بيروت: كارولين عاكوم واشنطن: هبة القدسي
أعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود، أنّ وتيرة العنف التي زادت وتيرتها في الأيام العشرة الأخيرة، أعاقت قدرة البعثة على تأدية مهامها، طالبا من المجتمع الدولي العمل على تطبيق خطّة أنان التي لا بديل عنها. وجاء إعلان مود بعدما كانت وسائل إعلام سورية تابعة للنظام قد قالت إنّ الأسد أبلغ المبعوث العربي والأممي كوفي أنان أنه أمهل المسلحين كافة في سوريا مهلة 24 ساعة لإلقاء سلاحهم وتسليم أنفسهم كل حسب المنطقة الموجود فيها.
وتعليقا على ما أعلنه مود، قال نائب قائد الجيش السوري الحر، العقيد مالك الكردي، إنّ ثورة الشعب السوري والجيش الحر انطلقت بهدف واحد وهو إسقاط النظام، وهم بالتالي لن ينكفئوا أو يتوقفوا قبل تحقيق هذا الهدف، لا سيّما أنّ المرحلة هذه تشهد وبوضوح أنّ النظام هو الذي يتخبّط وفي تقهقر مستمر. وقال لـ«الشرق الأوسط» إننا «منذ البداية قلنا إنّ خطّة أنان ميتة قبل ولادتها، والنظام لم ولن يتوقف عن القتل والانتهاكات وبالتالي التقيد بخطّة أنان لأنّه وبكل بساطة تطبيقها يعني نهايته، لذا لا نزال نؤكّد على دعمنا لها، وإن كنا متحفظين على بعض نقاطها».
ورأى الكردي أنّ البديل عن تطبيق هذه الخطة هو تحرّك المجتمع الدولي المطالب بوقف حمام الدم، لدفع الأسد للتنحي بعدما أصبح يهدّد أمن المنطقة وهذا ما بدأ يظهر من خلال إشارات واضحة، وبالتالي إن لم يتمّ إيجاد حل سريع فانعكاسات بقائه ستتفاقم بشكل كبير. وفي حين أشار الكردي إلى أنّ الجيش الحر لا يعمل خارج خطّة أنان وأنّ عملياته ضيقة ومحدودة وهي للدفاع عن الشعب والرد على الهجمات التي تنفذ ضدّه، أكّد أنّ هذا الجيش سيكون قادرا على القيام بعمليات أوسع وأكبر في حال أعلن عن فشل خطّة أنان بشكل رسمي. في المقابل، دعا الكردي روسيا للكفّ عن مساندة النظام السوري ومدّه بالأسلحة، قائلا «هي شريكة في قتل الشعب السوري سياسيا وعسكريا، وذلك من خلال دعم جيش النظام بالطائرات المروحية التي أصبح يستخدمها في عملياته في كلّ المناطق، وهي طائرات حديثة زوّد بها سلاح البحرية».
وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده الجنرال مود في دمشق، أعلن أن وتيرة العنف في الوقت الحالي أعاقت قدرة البعثة على المراقبة والتحقق والإبلاغ عنها وحدت من القدرة على المساعدة في «تواصل الحوار بين الأطراف المختلفة لضمان الاستقرار».
وأضاف «خطة أنان هي ملك للأطراف السورية التي قبلت بها والمجتمع الدولي الذي أيدها (وليس لها بديل حتى الآن)».
وأكّد مود أن المراقبين الدوليين تعرضوا لمخاطر في الأيام العشرة المنصرمة نتيجة تصاعد وتيرة أعمال العنف وقال «إن الشعب السوري بمن فيهم المدنيون يعانون كثيرا وبعضهم حوصر أثناء العمليات المتسمة بالعنف». معتبرا أنّ خطّة أنان ليست جامدة بل قابلة للتطوير وسيتم التشاور في مجلس الأمن خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة حول مهمة هذه البعثة.
وفي رد فعل سريع لتصريحات الجنرال روبرت مود في سوريا حول الاندفاع إلى تحقيق مكاسب عسكرية بدلا من التحول السلمي في سوريا، كرر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة مطالبهم للمجتمع الدولي بالبدء في تحركات فورية لحماية المدنيين في سوريا، متهمين نظام بشار الأسد بالفشل في حماية أرواح المدنيين، وسط تزايد التقديرات بأن سوريا أصبحت تعيش الآن حربا أهلية كاملة.
وقال بيان مشترك للمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون منع الإبادة الجماعية فرانسيس دينغ والمستشار الخاص لمسؤولية الحماية إدوار لوك، إنه «في ضوء العنف المتزايد، وتعميق التوتر الطائفي، فإن مخاطر ارتكاب عمليات إبادة جماعية تبدو كبيرة ووقت التحرك لمنع حدوث ذلك هو الآن». ودعا البيان المشترك المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لحماية المدنيين من التعرض لمزيد من الفظائع في سوريا، وطلب البيان من مجلس الأمن سرعة النظر في طلب المفوضية العليا لشؤون الإنسان بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
فرنسا تؤكد أنها تناقش مع الروس تنحي الأسد.. ولافروف ينفي
موسكو تؤكد مجددا عدم تزويد سوريا بمروحيات قتالية
باريس: ميشال أبو نجم موسكو: سامي عمارة
يبدو أن باريس تسعى فعلا للعب «دور ريادي» في المسألة السورية وفق ما أعلنه وزير خارجيتها يوم الأربعاء الماضي. فقد أكد لوران فابيوس، أمس، أن مباحثات جارية مع روسيا، الطرف الدولي الحامي للنظام السوري، تركز على «المرحلة الانتقالية» وعلى نوعية السلطة التي ستقوم في دمشق بعد تنحي أو رحيل الرئيس بشار الأسد، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سارع بنفي هذا معلنا أنها تتناقض مع موقف بلاده.
وكشف الوزير الفرنسي عن تطور إضافي في تعاطي فرنسا مع المعارضة السورية يتمثل في سعيها لتزويدها بمعدات اتصال على غرار ما يفعل الأميركيون. فضلا عن ذلك، عرض فابيوس لما يمكن أن يكون عليه «السيناريو العسكري» في حال سلكت الأمور منحى كهذا، علما بأن رئيس الجمهورية، فرنسوا هولاند، «لم يستبعد» مشاركة فرنسا في عمل من هذا النوع، ولكن تحت راية الأمم المتحدة.
وفي حديث صحافي لإذاعة «فرانس أنتير»، رجح فابيوس أن تستضيف مدينة جنيف في نهاية الشهر الحالي اللقاء الأول لـ«مجموعة الاتصال» التي يسعى المبعوث الدولي العربي، كوفي أنان، لتشكيلها. وبحسب فابيوس، فإن هذه المجموعة ستكون «شبيهة بما هو عليه مجلس الأمن الدولي».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية، أمس، إن التوجه هو أن تضم المجموعة ما بين 12 و15 عضوا هم، إلى جانب الأعضاء الـ5 الدائمين في مجلس الأمن الدولي، تركيا والسعودية وقطر والجامعة العربية ودول ناشئة مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وممثل عن الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن إيران مستبعدة من المجموعة بعد رفض 3 دول غربية رئيسية، هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مشاركتها فيها باعتبارها «جزءا من المشكلة وليس طرفا في الحل».
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن «فائدة» المجموعة قياسا لمجلس الأمن الدولي أن حق النقض (الفيتو) غير موجود. لكن حتى عصر أمس لم يكن قد صدر شيء عن أنان أو من يمثله يؤكد معلومات الوزير الفرنسي الذي لم يكتف بالقول إن الغرض من الاجتماع تدعيم تنفيذ خطة أنان بل ذهب أبعد من ذلك، إذ اعتبر أن الغرض سيكون البحث في المرحلة الانتقالية في سوريا وهو ما تتم مناقشته حاليا مع موسكو على الأخص. وقال فابيوس: «إن الروس ليسوا متمسكين اليوم بشخص الأسد، إذ هم يرون أنه طاغية وقاتل وأنهم بارتباطهم به فإنهم يضعفون أنفسهم». واستطرد فابيوس قائلا: «لكنهم (الروس) حساسون ويتساءلون عمن سيحل محل الأسد إذا طرد من السلطة وهذه هي المسألة التي يتم النقاش حولها».
وترى فرنسا أن أحد أوجه المشكلة يتناول شكل السلطة بعد رحيل الأسد وهو الأمر موضع النقاش في الوقت الحاضر على المستوى الدولي ومع المعارضة السورية. وبحسب باريس، كما شرح الوزير فابيوس موقفها، فإنه «لا يمكن توقع الانتقال بين ليلة وضحاها من نظام بشار الأسد إلى نظام ديمقراطي مطهر وكامل»، ولذا فإن البحث جار مع الأميركيين والروس والمعارضة حول الأطراف التي ستتكون منها السلطة القادمة. ولم يستبعد الوزير الفرنسي أن يكون من بينها، إلى جانب شخصيات من المعارضة الحالية، «عدد من الأشخاص الذين انتموا إلى النظام السابق من غير أن يكونوا في الصفوف الأمامية».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية واسعة الاطلاع، أمس، إن الموضوع تمت مناقشته بين مدير الشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية جاك أوديبير مع الجانب الروسي يوم الخميس، وإن الروس «يفكرون في المرحلة التي ستلي رحيل الأسد». وكان أوديبير قد زار موسكو بمعية السفير الفرنسي السابق في دمشق، أريك شوفاليه، والسفير جان كلود كوسران، رئيس المعهد الدبلوماسي الدولي في باريس، وأحد أفضل الخبراء الفرنسيين في الشؤون العربية.
غير أن بروز استحقاقين أساسيين في الأسابيع الثلاثة المقبلة؛ وهما اجتماع جنيف ومؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي سيلتئم في العاصمة الفرنسية في 6 يوليو (تموز) المقبل لا يمنع الغربيين من التفكير في بدائل في حال لم تنفع الضغوط السياسية والاقتصادية في حمل الأسد على الرحيل. ومن هذه الزاوية يعود «الخيار العسكري» إلى الطاولة، الأمر الذي أشار إليه الوزير الفرنسي، أمس.
وبحسب فابيوس، فإن رحيل الأسد يمكن أن يكون نتيجة لـ«انتصار عسكري ميداني واضح وصريح، الأمر الذي سيستدعي معارك قاسية وبالغة الشدة». ولذا، فإن باريس لا تستبعد أن تقدم للمعارضة السورية وسائل اتصال. لكن الناطق باسم الخارجية أوضح أن هذه المعدات لن تعطى إلا للمدنيين لا للمعارضة المسلحة لتمكينهم من التواصل مع الخارج. وتستبعد باريس، حتى الآن، تقديم السلاح للمعارضة. لكنها «تعرف» أن السلاح يصل إليها من مصادر كثيرة لم تسمها.
وأعلن فابيوس أن الأوروبيين سيناقشون فرض عقوبات جديدة على سوريا، وتحديدا على العسكريين. وسيتم ذلك في أول اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد بعد 10 أيام في بروكسل. فضلا عن ذلك، ستطرح فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لوضع خطة أنان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عقوبات وتدابير قسرية أخرى بحق الدول التي لا تلتزم به ما قد يصل إلى استخدام الوسائل العسكرية.
وفي هذا السياق، استبعد فابيوس أن تكون العمليات العسكرية على «صورة حرب لأن ذلك أمر بالغ التعقيد»، لكنه رأى في المقابل أن التدخل يمكن أن يكون على شاكلة إيجاد ممرات إنسانية تحت حماية عسكرية أو عبر عمليات جوية، لكنه استبعد هذا السيناريو «في الوقت الحاضر» لصالح استراتيجية مزدوجة: زيادة الضغوط على النظام السوري «عبر العقوبات وغيرها» والمضي في المناقشات مع الطرف الروسي. وأشار فابيوس إلى أن مناقشات عالية المستوى حول بلورة مخرج من الأزمة السورية ستتم في لاس كابوس (المكسيك) بمناسبة قمة الدول العشرين الأسبوع المقبل التي سيشارك فيها الرئيس الروسي بوتين، فضلا عن ذلك سيوفر اجتماع جنيف ثم مؤتمر باريس فرصتين إضافيتين لهذا الغرض.
غير أن مصادر واسعة الاطلاع في باريس تستبعد أن يتم اللجوء إلى الحل العسكري في الأمد المنظور لجملة أسباب؛ منها: الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الأمر الذي يرفضه الروس والصينيون رفضا تاما. ومن الأسباب أيضا تردد الحلف الأطلسي الذي يكرر دوما بأن لا دور له في سوريا. أما التدخل من خارج الغطاء الدولي فإنه يطرح إشكاليات أخرى أكثر صعوبة فضلا عن افتقار عمل من هذا النوع للقاعدة القانونية الضرورية له.
ومن جانبه وتعليقا على ما قيل نقلا عن الإدارة الأميركية في وقت سابق حول أنها تجري محادثات مع موسكو حول موضوع الانتقال السلمي للسلطة في سوريا، قال لافروف إن روسيا لا تجري أي نقاشات حول موضوع استقالة الرئيس السوري، بشار الأسد، مؤكدا أنه «إذا قيل ذلك حقا فإنه كذب. فلم يجر نقاش كهذا ولا يمكن أن يجرى لأن ذلك يتعارض تماما مع موقفنا».
وأشار لافروف إلى أن ذلك ينطبق أيضا على ما قيل حول احتمال إجراء محادثات بين روسيا وفرنسا حول مسألة «استقالة بشار الأسد». وقال: «أكرر أن الأقوال التي تزعم بأننا نجري محادثات مع أحد حول مصير سوريا بعد رحيل الأسد هي أقوال كاذبة. ونحن لا نقوم بالإطاحة بأنظمة عن طريق الموافقة على أعمال أحادية الجانب في مجلس الأمن الدولي ولا من خلال المشاركة في أي مؤامرات سياسية».
وكانت نولاند الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت أول من أمس عن أن «محادثات تجرى مع موسكو حول احتمالات التطورات السياسية في سوريا بعد تنحي بشار الأسد عن السلطة». وحول مواضيع مباحثات لافروف مع نظيره العراقي زيباري قالت المصادر الروسية الرسمية إن الجانبين تناولا الملف السوري وآفاق تنظيم مؤتمر دولي في موسكو بشأن التسوية في سوريا بمشاركة جميع أطراف الأزمة والدول المؤثرة فيها إلى جانب التطورات السياسية في العراق على ضوء تفاقم الأوضاع الأمنية هناك، بالإضافة إلى مستقبل التعاون الاقتصادي بين البلدين، وخصوصا في مجال الطاقة.
كما أعلن سيرغي لافروف عن ضرورة إدراج إيران ضمن قائمة المشاركين في المؤتمر الدولي الذي سبق واقترحته موسكو حول سوريا. وقال في ختام مباحثاته مع نظيره العراقي، هوشيار زيباري، في موسكو: «إن قائمة المشاركين يجب أن تكون محدودة، لكنها يجب أن تمثل حتما كل اللاعبين الخارجيين المحوريين. ونعتبر أن القائمة يجب أن تتضمن قبل كل شيء الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وجيران سوريا، وبينهم العراق وتركيا ولبنان والأردن إلى جانب السعودية وقطر وجامعة الدول العربية وإيران».
وقال لافروف: «نعتقد بضرورة توجيه الدعوة إلى الدول المذكورة بما فيها إيران في حال نعتزم الاسترشاد بمنطلقات القضية ومصلحة تعبئة كل الإمكانات المتوفرة لدى الأسرة الدولية من أجل وقف العنف والتحول بالأوضاع إلى المجرى السلمي بعيدا عن الانطلاق من أولويات آيديولوجية». وأضاف: «نحن على يقين بأن اللاعبين الخارجيين يجب أن يبحثوا الخطوات الرامية إلى تحقيق الاتفاق حول إجراء الحوار السوري الشامل بين الحكومة السورية وكل التنظيمات المعارضة، كما تقضي بذلك خطة كوفي أنان».
وأشار الوزير الروسي إلى أن عقد المؤتمر يستهدف بحث السبل اللازمة للتأثير على كل الأطراف السورية من أجل وقف العنف والتحول نحو الحوار. وإذ أكد إصرار موسكو على عقد المؤتمر قال: «إن الجانب الروسي أطلع كل المشاركين المحتملين على رؤيته للمؤتمر وأهدافه ومهامه. ونجري الآن اتصالات نشيطة من أجل التنسيق في المواقف». أما عن احتمالات المشاركة في مؤتمر جنيف حول سوريا الذي من المقرر عقده في 30 يونيو (حزيران) الحالي في حال مراعاة بعض الشروط، قال لافروف بضرورة توفر القوام المناسب للمشاركين، وأن يبحث المؤتمر مسألة المساهمة في الحوار السياسي، دون أن يقرر مسبقا مستقبل النظام السياسي في سوريا. وأضاف: «في حال مراعاة هذين الشرطين فإننا مستعدون للمشاركة وسنشارك حتما في هذا المؤتمر».
ومضى الوزير الروسي ليؤكد أن خطة كوفي أنان توفر الفرصة اللازمة لتحقيق التطور الديمقراطي في سوريا، مشيرا إلى ضرورة عدم جواز تفويت مثل هذه الفرصة. وأضاف أنه «من المهم مبدئيا عدم تصعيد الأجواء الإعلامية من خلال خطوات أحادية الجانب وعبر الإدلاء بتصريحات وبيانات عاطفية وتحريض بعض فصائل المعارضة المسلحة على تشديد الموقف والتخلي عن إجراء الحوار مع السلطات».
عادت موسكو لتؤكد مجددا عدم تزويدها لسوريا بأي طائرات هليكوبتر عسكرية جديدة أو بأي أسلحة يمكن استخدامها ضد المتظاهرين والمدنيين. وتعليقا على الأنباء التي قالت بـ«توريد روسيا لطائرات هليكوبتر مقاتلة من طراز (مي – 25) إلى سوريا»، قالت الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس: «إن روسيا لا تقوم بتوريد أي مروحيات مقاتلة جديدة إلى سوريا». وكشفت الخارجية الروسية عن أن روسيا قامت بالإصلاح الدوري الروتيني لبعض المروحيات السورية، السوفياتية الصناعة (الروسية)، التي سبق وأمدت بها سوريا منذ سنوات طويلة، وأعادتها إليها منذ فترة. وأشارت إلى أن «ما تقدمه روسيا إلى سوريا من أسلحة يقتصر على الأسلحة الدفاعية ومعظمها أنظمة للدفاع الجوي جرى التعاقد عليها في وقت سابق وبما لا يتعارض مع المواثيق الدولية». وكانت فيكتوريا نولاند الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية أشارت إلى أن اتهامات كلينتون تتعلق بـ3 مروحيات قديمة تم ترميمها في روسيا وهي حاليا في طريقها إلى دمشق.
وفي ختام مباحثاته مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، أمس، في موسكو، أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أنه «لم يسمع أقوالا جدية صادرة عن الإدارة الأميركية تفيد بنيتها حول استخدام القوة ضد سوريا»، وإن أشار إلى أن «الأميركيين يعلنون كعادتهم عن أنهم لا يستبعدون أي احتمالات لحل القضية السورية». وأضاف الوزير الروسي قوله إن بلاده تعرب عن أملها في أن لا تقوم الولايات المتحدة بما قد يستهدف الالتفاف على مجلس الأمن الذي قال إنه لن يوافق على تغيير النظام في سوريا.
إلى ذلك اتصلت أمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هاتفيا برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وتناقشا حول التطورات في المنطقة والعنف في سوريا وتأثيراته على الأوضاع في لبنان. كما عبرت كلينتون عن قلقها حول الأحداث التي شهدها لبنان مؤخرا وتقديرها للجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية للسيطرة على الأوضاع.
«هيومان رايتس ووتش» تطالب بإحالة نظام الأسد للمحكمة الجنائية لاستخدامه العنف الجنسي للتعذيب
مدير مؤسسة «ثروة» الحقوقية لـ «الشرق الأوسط»: التقرير يعطي مصداقية لإفادات الناشطين السوريين
واشنطن: هبة القدسي بيروت: ليال أبو رحال
طالب تقرير أصدرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» بنيويورك بإحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمسؤوليته عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها السوريون. وأشار تقرير صدر أمس الجمعة إلى أن قوات الحكومة السورية تستخدم العنف الجنسي لتعذيب الرجال والنساء والأطفال، وشملت حالات لاعتداءات جنسية على فتيات لا تتجاوز أعمارهن 12 سنة. واستندت «هيومان رايتس» إلى مقابلات مع معتقلين سابقين، ومنهم أربع نساء وخمسة وعشرون شخصا تعرضوا لاعتداء جنسي، وصفوا عمليات الاعتداءات والانتهاكات بما في ذلك الاغتصاب والضرب والصعق بالصدمات الكهربائية.
وقالت «هيومان رايتس» إنها وثقت أكثر من 20 حالة اعتداء جنسي ما بين مارس (آذار) 2011 ومارس 2012 في مدن درعا وحمص وإدلب ودمشق واللاذقية، وتركزت معظم الحالات في حمص معقل المعارضة السورية. وأشارت إلى أن المنظمة لا تملك أدلة على تورط كبار القادة العسكريين في تلك الانتهاكات بإعطاء أوامر للجنود لارتكاب أعمال العنف الجنسي، وأوضحت أن الحكومة السورية لم ترد على هذه المزاعم ولم تتخذ أي إجراء للتحقيق في تلك الانتهاكات.
وقالت سارة ليا واتسون، مديرة الشرق الأوسط في المنظمة إن «العنف الجنسي أثناء الاعتقال هو أحد الأسلحة الرهيبة في ترسانة التعذيب الحكومية السورية التي تستخدم هذه الطريقة بانتظام لإهانة والحط من المعتقلين مع الإفلات التام من العقاب، ولا تقتصر الاعتداءات على مراكز الاعتقال، بل تقوم القوات الحكومية وعناصر الميليشيات الموالية للحكومة بالاعتداء جنسيا على النساء والفتيات خلال مداهمة المنازل والمناطق السكنية».
وأشارت المنظمة إلى أن مدى انتشار العنف الجنسي داخل وخارج مراكز الاعتقال لا يزال غير معروف، حيث يتردد الضحايا في الإبلاغ عن سوء المعاملة، ووصول الباحثين محدود إلى البلاد لتوثيق الانتهاكات. وقال كثير من الضحايا في مقابلاتهم مع «هيومان رايتس» إن أسر الضحايا لا تريد الإبلاغ بسبب الخوف أو الخجل.
ووثقت «هيومان رايتس» روايات الضحايا، حيث قال أحد الجنود إنه تم اعتقاله في يونيو (حزيران) 2011 والتحقيق معه حول دور شقيقه ووالده في المظاهرات. وأشار إلى تعرضه للتعذيب بالصعق الكهربائي عاريا. ووثقت المنظمة روايات بعض النساء اللاتي تعرضن للانتهاكات الجنسية، وقالت «هيومان رايتس» إن كل المعتقلين الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي لم يتلقوا العلاج الطبي أو النفسي باستثناء سيدة واحدة.
وكررت «هيومان رايتس» مطالبتها لمجلس الأمن الدولي بإحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحثت الدول للانضمام إلى دعوات لمساءلة النظام السوري ودعم مطالب بإحالته إلى المحكمة الجنائية وملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات وتحميلهم المسؤولية. وطالبت المنظمة نداءها بالسماح للمنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات الدولية والإنسانية ومنظمات الإغاثة بالوصول إلى البلاد لتقديم المساعدة الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية للضحايا داخل وخارج البلاد. وقالت ليا واتسون «وفقا لخطة أنان يجب على الحكومة السورية السماح لمقدمي المساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع المناطق المتضررة من القتال، والمجتمع الدولي في حاجة ماسة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا». وأضافت «ينبغي لمجلس الأمن أن يرسل رسالة قوية إلى حكومة الأسد بأنهم ستتم محاسبتهم عن العنف الجنسي وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان من خلال إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وأشار عمار عبد الحميد، الذي يدير مؤسسة «ثروة» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا والشرق الأوسط، إلى أن تواتر التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية عالمية وآخرها منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتعاون بشكل وثيق مع «ناشطين ميدانيين ولديها نشاطها داخل سوريا وفي الأماكن حيث يوجد نازحون سوريون وتتمتع بمصداقية كبيرة»، إنما يشكل «عاملا مهما لبناء ضغط دولي على الحكومات لتتحرك بالسرعة المطلوبة قبل أن يتأزم الوضع أكثر».
وشدد المعارض السوري على أن «التلكؤ على المستوى الدولي يساعدنا على تكثيف الضغوط على المجتمع الدولي، إذ لم يعد يكفي اليوم إصدار إدانات وفرض عقوبات اقتصادية لوقف إجرام النظام المتمادي، الذي يتبع وسائل قتل منهجي، وذلك إما من خلال قرار يصدر تحت البند السابع أو من خلال تحرك حقيقي واقعي خارج نطاق الأمم المتحدة».
حرب إعلامية حامية بين النظام السوري والمعارضة
النظام يحاول تبرير قمعه ببث اعترافات «الإرهابيين» على القنوات الرسمية.. والمعارضة ترد بأشرطة فيديو تحمل اعترافات «الشبيحة»
واشنطن: سي . جي . شيفرد *
يخوض النظام والناشطون في سوريا حربا إعلامية حامية، وتبث وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية بين يوم وآخر اعترافات لمن تصفهم بـ«الإرهابيين» الذين ينتمون لعصابات إرهابية، دون تسميتها، بأعمال تخريب لإثبات أن المظاهرات التي تشهدها البلاد ليست سلمية، ومؤخرا صارت الاعترافات تتجه لإثبات وجود نشاط لتنظيم القاعدة داخل البلاد ولمحاولة تبرير القمع والقتل الذي يمارسه بحق المحتجين المسالمين، ويحاول الناشطون الرد عليه بنفس السلاح من خلال تصوير «اعترافات» للمتعاونين مع النظام والشبيحة وعناصر بالأمن وجنود ممن يقوم الجيش الحر والثوار باعتقالهم.
وأمس برزت «اعترافات» لإرهابي قال التلفزيون السوري إنه كان ينوي تفجير نفسه في جامع الرفاعي، و«اعترافات» لشبيح قال ناشطون إنه كان ضالعا في أحداث دموية شهدها جامع الرفاعي في شهر رمضان الماضي، وفي تطور جديد اعترف «الشبيح» بتدبير أجهزة الأمن لواحد من أكبر التفجيرات التي شهدتها دمشق.
وبينما بث التلفزيون الرسمي، أول من أمس (الخميس)، ما سماه «اعترافات الإرهابي محمد حسام الصداقي» عن نيته تفجير نفسه في جامع الرفاعي، بث ناشطون بالمقابل مقطع فيديو تضمن ما سموه «اعترافات الشبيح دريد أحمد اليوسف من إدارة أمن الدولة فرع 111»، أكد فيه مسؤولية أجهزة الأمن السورية عن تدبير التفجير الذي وقع أمام مقر إدارة أمن الدولة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكذلك ضلوع قوات الأمن في الاعتداء على الجوامع، لا سيما جامع الرفاعي في حي كفرسوسة، وضرب إمام الجامع الشيخ العالم أسامة الرفاعي. وإطلاق النار باتجاه ساقيه.
وجامع الرفاعي واحد من أكبر الجوامع الحديثة في مدينة دمشق، التي شهدت خروج مظاهرات حاشدة منذ الشهور الأولى لانطلاق الثورة نصرة لأطفال درعا، إلا أن جامع الرفاعي، الذي يقع في ساحة كفرسوسة وقريبا من أكبر المقرات الأمنية (إدارة أمن الدولة)، شكل علامة فارقة في مسيرة الأحداث يوم 27 أغسطس (آب) 2011، الذي تزامن مع ليلة القدر، حيث تمت محاصرة المصلين ومنع خروجهم بعد الصلاة التهجد، وتعرض الجامع لأعمال تخريب واسعة، كما اعتدى الشبيحة بالضرب على الشيخ أسامة الرفاعي الذي ينتمي لأسرة علماء مرموقة في دمشق، وتتمتع بمكانة روحية رفيعة، إذ تسمى عدة مساجد بأسماء أبنائها. وأثار الاعتداء على مسجد الرفاعي والشيخ أسامة، الذي نقل بعده إلى المشفى، عموم أهالي دمشق وريفها، وخرجت مظاهرات لمؤازرة المصلين المحاصرين، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا. وبعد تلك الأحداث تم إغلاق الجامع لعدة أشهر ومنع الشيخ أسامة عن إمامة الصلاة إلى أن خرج من البلاد، ليظهر بعد مجزرة الحولة (الشهر الماضي) ليدعو تجار الشام لتنفيذ إضراب عام احتجاجا على مجزرة الحولة، وتمت الاستجابة لدعوته على نحو واسع، لا سيما في أسواق دمشق التاريخية، مما أقلق النظام ودفعه لنشر المزيد من الحواجز داخل المدينة وتعزيز المظاهر الأمنية على نحو غير مسبوق.
وتضمن تقرير بثه التلفزيون السوري أول من أمس الخميس جزءا من اعترافات «الإرهابي»، وقال التقرير إن «الجهات المختصة ألقت القبض على الإرهابي محمد حسام الصداقي من تنظيم القاعدة – جبهة النصرة الذي كان سيفجر نفسه داخل جامع الرفاعي بدمشق اليوم، خلال صلاة الجمعة، أمس».
وظهر شاب لم يتجاوز العشرين من العمر، رقيق البنية وحليق الوجه، يدلي باعترافاته بشكل مرتبك ومذعور ليقول: «إن المدعو أبو حافظ اجتمع يوم الأربعاء مع نائبه أبو البراء وشخص آخر يدعى أبو حمزة في منزل بحي التضامن، حيث عرض أبو حافظ عليّ سترة ناسفة، وطلب مني الذهاب للصلاة في جامع الرفاعي، وقال لي: لا تهتم، فمهما حدث لك نحن سنتكفل بأهلك».
وأضاف أن «أعضاء المجموعة أعدوا شبانا صغارا ووعدوهم بأشياء كثيرة من أجل أن يذهبوا إلى الجوامع في أكثر من منطقة بدمشق يوم الجمعة بتاريخ 15 يونيو (حزيران) كي يفجروا أنفسهم هناك خلال صلاة الجمعة». وحذرت السلطات السورية من احتمال وقوع سلسلة تفجيرات أمام المساجد يوم الجمعة، الذي عادة يشهد مظاهرات بعد صلاة الجمعة، وقال الإعلام الرسمي إن 9 من المدنيين وعناصر أمن وحدات الهندسة أصيبوا يوم أمس الجمعة بـ«انفجار عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة بمنطقة القاعة بالميدان خلف جامع الماجد، أثناء محاولة تفكيكها».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر بالمحافظة قوله إن «وحدات الهندسة فككت عبوتين ناسفتين موضوعتين في علب تفتيش كهربائية في المنطقة المذكورة، بينما انفجرت عبوة ناسفة ثالثة كانت بالقرب من المكان، خلال محاولة تفكيكها، مما أدى إلى إصابة 9 من المدنيين وعناصر الهندسة ثلاثة منهم إصاباتهم خطيرة».
وأشار المصدر إلى أن وزن كل عبوة يقدر بـ7 كيلوغرامات. وبث التلفزيون السوري صورا للموقع ظهر فيها تضرر عدد من السيارات وبقع دم على الأرض.
وبعد ساعات قليلة من بث التلفزيون السوري اعترافات (الإرهابي محمد حسام الصداقي) بث ناشطون على موقع «يوتيوب» ليل الخميس, شريط فيديو، ظهر فيه رجل قوي البنية بدا عليه التعب والإنهاك، وكان يلهث أثناء الكلام، وقال الناشطون إنه شبيح ألقت «كتيبة شهداء الحولة» القبض عليه، وسجلت اعترافاته، وجاء فيها (بعد أن عرض بطاقته الأمنية أمام الكاميرا): «اسمي دريد أحمد اليوسف، من إدارة أمن الدولة فرع 111، اختصاصي كان مراقبة النشطاء وفض المظاهرات التي تخرج من جامع الرفاعي واعتقال المتظاهرين»، وقال إنه قام بـ«اعتقال أربعة أشخاص»، وعما جرى يوم ليلة القدر قال (الشبيح دريد أحمد اليوسف) إن «الأمن العسكري قام بإحراق مسجد الرفاعي»، وإن المسؤولين عما جرى هناك في تلك الليلة «العقيد أبو حيدر والعقيد علي وسوف» والأخير «كان يخدم بالأمن العسكري ثم انتقل إلى الفرع 111»، و«النقيب مجد والنقيب حيان إبراهيم والعميد غسان والعميد محمد العبد الله رئيس الفرع 111»، وقال إن العميد محمد العبد الله، وبعد إحالته إلى التقاعد، عاد للعمل بعد توقيعه عقدا مدنيا، كما أشار إلى أن اللواء علي مملوك في جهاز أمن الدولة يعمل بعقد مدني. وأكد أن «عناصر الأمن قاموا بإطلاق الرصاص على الشيخ أسامة الرفاعي باتجاه ساقيه»، وقال أيضا إن التفجير الذي شهدته دمشق غداة وصول فريق المراقبين العرب أمام مقر إدارة أمن الدولة في 23 /12 /2011 كان من تدبير «إدارة أمن الدولة الفرع 280، حيث تم وضع شخص اسمه علاء الدوماني في سيارة (جيمس)، بعد تفخيخ بابها، وتم تفجيره هناك».
ويشار إلى أن السلطات السورية سارعت إلى اتهام تنظيم القاعدة بتفجير دمشق في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فور وقوعه، حيث اعتبر نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، التفجير «أول هدية من الإرهاب و(القاعدة) في اليوم الأول من وصول المراقبين العرب». كما سربت أجهزة الأمن، عبر وسائل الإعلام السورية المرتبطة بها، معلومات عن «إحباط محاولات للتسلل إلى دمشق من إرهابيي (القاعدة) من ريف دمشق، وأنه تم القبض على خمس خلايا في عدد من مناطق ريف دمشق، من بينها داريا وحرستا»، والمدينتان تعتبران من المناطق الساخنة في ريف دمشق. وكان ذلك أول تصريح رسمي يؤكد وجود تنظيم القاعدة في سوريا.
الأمر الذي دفع الإعلامي اللبناني ومدير مكتب تلفزيون «العالم»، حسين مرتضى، إلى تنبيه السلطات السورية إلى عدم التسرع باتهام «القاعدة»، وفق ما أظهرته لاحقا رسائل البريد الإلكتروني المسربة للرئيس الأسد وعقيلته، وسط شكوك بضلوع أجهزة الأمن بتدبير التفجير، حتى إن أحد المراقبين العرب الذين افتتحوا مهمتهم إلى سوريا بزيارة موقع التفجير، بعد ساعات من وقوعه، قال للصحافة إن «تكدس أشلاء القتلى في مكان ذي مساحة محدودة وفي محيط دائري لبؤرة الانفجار يدل على أن الجثث كانت قد وضعت مسبقا قبل التفجير، وبعضها قد تم وضعه على عجالة بعدها، وأن الدماء القانية اللون تفيد بما لا يدع مجالا للشك أنها لم تتعرض لضغط أو حرارة أي تفجير».
بينما اتهم المجلس الوطني السوري المعارض نظام الرئيس بشار الأسد بتدبير الهجمات التي استهدفت مقرات أمنية في دمشق، وقال المجلس حينذاك: «إن النظام السوري وحده يتحمل المسؤولية المباشرة عن التفجيرين الإرهابيين مع أجهزته الأمنية الدموية، التي أرادت أن توجه رسالة تحذير للمراقبين (العرب) بعدم الاقتراب من المقرات الأمنية وأخرى للعالم بأن النظام يواجه خطرا خارجيا، وليس ثورة شعبية تطالب بالحرية والكرامة».
* خدمة «نيويورك تايمز»
المعارضة السورية تجتمع في إسطنبول تحضيرا لمؤتمر القاهرة
عضو المجلس التنفيذي في هيئة التنسيق لـ«الشرق الأوسط»: سنشارك في المؤتمر والفشل غير مطلوب
بيروت: كارولين عاكوم
بدعوة من تركيا بدأت المعارضة السورية متمثلة بالمجلس الوطني السوري وعدد من الأطراف المعارضة منها المنبر الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية المعارضة، وبحضور ممثلي دول عدة، منها: الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر إضافة إلى ممثل من الجامعة العربية، مؤتمرا يستمر يومين في إسطنبول بهدف العمل على توحيد رؤية المعارضة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية. وسيتم اليوم الإعلان عن نتائج هذه الاجتماعات التي ستكون بمثابة اللجنة التحضيرية لمؤتمر المعارضة الذي سيعقد في القاهرة بدعوة من جامعة الدول العربية بحسب ما قال محمد سرميني، عضو المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط».
وكان برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري قد قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المؤتمر يجمع أكبر تحالف للمعارضة، مضيفا «سنعمل على توحيد رؤيتنا»، فيما قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس بسمة قضماني «نحن هنا لتحديد موقف مشترك. لم يعد هناك الكثير من نقاط الخلاف بيننا».
وذكر مصدر غربي للوكالة نفسها أن ممثلين عن عدد من الدول العربية والغربية سيحضرون بدء الاجتماع وسيعقدون «لقاء صغيرا» مع المعارضة السورية قبل أن يغادروا الاجتماع.
وستكون فرنسا ممثلة بسفيرها في سوريا إيريك شوفالييه الذي سحبته باريس من دمشق احتجاجا على أعمال العنف الذي تتهم النظام بارتكابها. كما سيمثل دبلوماسيون رفيعو المستوى ألمانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وتركيا.
وقالت مصادر في المعارضة إن هذا الاجتماع يهدف إلى البحث عن سبل إنهاء حالة التشرذم في صفوف المعارضة قبل مؤتمر كبير للمعارضين السوريين سيعقد في القاهرة تحت رعاية الجامعة العربية في موعد لم يتقرر بعد.
من جهته، لفت ماجد حبو، عضو المجلس التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية، إلى أن عدم مشاركة الهيئة في هذا المؤتمر يعود إلى أسباب عدة، أهمها «توجيه الدعوة من وزارة الخارجية التركية، وهو أمر مستهجن» بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا، أما السبب الثاني فهو أنه ليس هناك أي برنامج عمل سبق الاجتماع، وهو دليل على أن لا فائدة من لقاء كهذا نعتبره تحت مظلة «أصدقاء سوريا» الذي نرفضه، لما يتضمن من خيارات لا تنسجم مع رؤيتنا، وأهمها التدخل الخارجي والعنف.
وكشف حبو، عن لقاء سيجمع المعارضة، بمختلف أطرافها، من ضمنها المجلس الوطني وهيئة التنسيق، في بروكسل، وذلك في 24 و25 يونيو (حزيران) الحالي، بدعوة من اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان، ليكون بمثابة اللقاء التشاوري بهدف تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف، للانتقال فيما بعد إلى مؤتمر القاهرة الذي سنشارك فيه مع مختلف الأطراف المعارضة، وسيكون برعاية الجامعة العربية. واعتبر حبو أن الفشل غير مطلوب في هذه المرحلة الدقيقة من الثورة، لأن المسار الذي وصلته الأحداث في سوريا يتطلب من الجميع أن يكونوا في أعلى درجات الوعي، بعدما وصل البلد إلى حرب طائفية.
المعارضون السوريون يرهبون الأسد بلعب أطفال بلاستيكية
تبدو كأنها بنادق آلية من طراز «إم بي – 5»
سي. جي شيفرز*
إذا كان الخداع عنصرا لا تخلو منه كافة الحروب، فإنه لا يكون في كثير من الأحيان بهذه الدرجة من الوضوح التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي أعلن خلاله مقاتلو المعارضة السورية عن تشكيل لواء من القوات الخاصة ينضم إلى المعركة ضد الرئيس بشار الأسد.
ويحمل مقطع الفيديو، الذي يوجد على موقع «يوتيوب»، مجموعة من الرسائل الموجهة من المقاتلين السوريين في عصر الإنترنت، ويظهر فيه 11 رجلا يرتدون ملابس سوداء، ويخفي كل منهم وجهه وراء قناع أو قطعة من القماش، ويحملون ما تبدو كأنها بنادق آلية من طراز «إم بي – 5»، وهو السلاح الذي تستخدمه فرق مكافحة الإرهاب في كثير من الأحيان.
وقرأ أحد الرجال بيانا يعلن الحرب «في سبيل الله» ضد «النظام الإجرامي» للأسد، في الوقت الذي كانت فيه رايات الجيش السوري الحر، وهو الجهة غير المنظمة التي تضم المقاتلين السوريين، معلقة في الغرفة.
وكان كل شيء يلوح بالتهديد والوعيد والتصميم والعزيمة على إنهاء تلك الأزمة، ولكن لم يكن هناك سوى مشكلة واحدة، وهي أن الأسلحة لم تكن أسلحة على الإطلاق، ولكنها كانت عبارة عن لعب أطفال بلاستيكية.
ووفقا لتحليل من قبل أمين أحد المتاحف البريطانية للأسلحة، فإن جميع الرجال الموجودين في الفيديو كانوا يحملون نسخا صينية من لعب الأطفال «تي دي – 2007» وهي نسخ طبق الأصل من المدافع الآلية «إم بي – 5»، ويتم تسويقها على أنها لعب مناسبة للأطفال فوق سن خمس سنوات. وقام الرجال بتثبيت ماسورة – ربما عبارة عن وتد تم طلاؤه أو أنبوب – لتبدو كأنها ماسورة البندقية.
وقال جوناثان فيرغسون، وهو أمين متحف «الأسلحة والدروع الملكية» في ليذز، إن الحجم الغريب لمواسير البنادق هو الذي كشف تلك الخدعة، وأضاف عبر رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الخميس: «لو لم يقوموا بذلك، فإننا على الأرجح لم نكن لنلاحظ أنهم ليسوا مسلحين ببنادق حقيقية».
ولم يتم التعرف على الشخص الذي قام بنشر هذا الفيديو، والذي ربما يكون أحد المتعاطفين مع المعارضة السورية، كجزء من التداول اليومي لمقاطع الفيديو التي تظهر معاناة أو أنشطة المعارضين للرئيس السوري بشار الأسد. وتم الكشف عن تلك الخدعة بمجرد أن شاهد فيرغسون هذا الفيديو يوم الأربعاء، وأدرك أن كل رجل كان يحمل سلاحه بيده اليسرى بطريقة تخفي نقطة التقاء الماسورة غير الحقيقية بالسلاح اللعبة، ثم لاحظ أجزاء أخرى كانت غير متسقة وغير متناسبة مع بعضها البعض، وما أن بحث على شبكة الإنترنت حتى عرف الحقيقة.
وقال فيرغسون: «لدي شعور بأننا نبحث في الحياة الواقعية عما يعادل هذا المشهد المأخوذ من الفيلم الكوميدي (أربعة أسود)»، في إشارة إلى الفيلم البريطاني الذي تم إنتاجه عام 2010. والذي كان ينتقد ثقافة الجهاد.
وقد عبر فيرغسون عن ذلك بطريقة لطيفة، حتى بعدما كشف حقيقة تلك الأسلحة الوهمية، حيث قال: «ما حدث هو شيء مضحك بكل المقاييس»، رغم إشارته بأنه قد حدث في «سياق مروع» نتيجة للحرب المريرة التي تمر بها سوريا.
وأشار فيرغسون إلى أن هذه لم تكن هي المناسبة الوحيدة التي يتم فيها استخدام الأسلحة غير الحقيقية لكسب الرأي العام.
وخلال الأسبوع الجاري، نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية صورا للشبيحة الموالين للرئيس الأسد والمتهمين بقتل مدنيين سوريين بشكل منهجي. ووصفت الصحيفة الشبيحة بأنهم «متعاطون لمادة الستيرويد» ويغطي الوشم أجسادهم ويستخدمون أسلحة من طراز «إيه كيه – 47»، كما يستخدمون المناجل.
وأظهرت الصور اثنين من عناصر الشبيحة وهما يحملان مسدسا شبه آلي، وبعد ذلك كشفت صحيفة «البوابة» الأردنية أن هذا السلاح كان نسخة غير حقيقية من مسدس إسرائيلي الصنع يسمى «نسر الصحراء».
* خدمة «نيويورك تايمز»
عبد الباسط سيدا.. صوت الأقليات
أحد مؤسسي المجلس الوطني السوري ثم رئيسه.. قضى حياته في المنفى لمعارضته حكم عائلة الأسد
بيروت: بولا أسطيح
لم يأت عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري المعارض الجديد، من المجهول.. بل سبقه نضال امتد لعقود، ضد نظام أسرة الأسد في سوريا.. محاربا من أجل إعادة حقوق السوريين جميعا وفئة الأكراد التي ينتمي إليها.
ويُجمع أعضاء المكتب التنفيذي والأمانة العامة في المجلس الوطني السوري الذين توافقوا الأسبوع الماضي على اختيار سيدا كرئيس للمجلس خلفا لبرهان غليون، بأن انتخابه في هذه المرحلة سيكون رسالة واضحة وصريحة للداخل السوري كما للمجتمع الدولي. فالرسالة تقول إن المجلس الوطني الذي يشكل الواجهة الأولى والأوسع لقوى المعارضة السورية والتي تسعى لإسقاط نظام بشار الأسد، بدأ يقرن أقواله بالأفعال بانتخابه شخصية كردية. فالرسالة أيضا تطمئن كل «الأقليات السورية دون استثناء بأن مكانها محفوظ في مرحلة ما بعد الأسد. وسيكون معيار الكفاءة هو المقياس الأوحد لتولي المناصب بغض النظر إلى أي مكون تنتمي».
يقول عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني أحمد رمضان، إن سيدا «عنصر مؤسس للمجلس الوطني السوري وأحد رواده الذين واكبوه منذ أن كان مجرد فكرة»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على وجوب التعامل معه كشخصية سورية وطنية قبل أن يكون شخصية كردية تمثل مكونا اجتماعيا. ويضيف «لطالما سعى سيدا ومنذ بدء عمله النضالي الوطني إلى الدفاع عن حقوق الشعب السوري بشكل عام قبل تبنيه قضية الشعب الكردي وهو ما جعل منه شخصية توافقية ومقبولة من الجميع بالإضافة إلى حرصه على العمل الجماعي وإصراره على أن يكون العمل نابعا من رؤية فريق وليس رؤية فرد.. وهذه من مزايا الرجل القيادي». ويتحدر سيدا، 56 عاما، من منطقة عامودة في محافظة الحسكة السورية، ذات الأغلبية الكردية.. وهاجر إلى السويد منذ نحو عشرين عاما، وقضى معظم سنوات عمره في المنفى بسبب معارضته لنظام الحكم في بلده. فبعد حصوله على دكتوراه في الفلسفة من جامعة دمشق، انتقل إلى ليبيا حيث عمل في مجال التدريس الجامعي لمدة ثلاث سنوات، ثم رحل إلى السويد حيث استقر هناك متفرغا لتدريس الحضارات القديمة ومنصرفا إلى العمل الأكاديمي والأبحاث والكتابة الفلسفية.
يقول أحد أعضاء المجلس الوطني إن سيدا كان المرشح الأوفر حظا، رغم وجود منافسين، لكنه حاز على المنصب بالتوافق. فهو يتمتع بشخصية مستقلة ومعتدلة وهي صفات مطلوبة لمواكبة المرحلة الحالية. وتقول مصادر في الأمانة العامة للمجلس لـ«الشرق الأوسط» إننا «لم نعارض التوافق على سيدا ولكننا كنّا نفضل أن يُفتح باب الترشح لأي شخصية في الهيئة العامة على أن يمارس أعضاء هذه الهيئة حقّهم بانتخاب الأكفأ وأن يكون لديهم أكثر من خيار».
هو رجل تصالحي، ونزيه، وتوافقي.. صفات يُجمع عليها أصدقاء سيدا في المجلس. فنجيب الغضبان، عضو لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني والذي يتحدث عن صداقة قديمة تجمعه مع سيدا، يصفه بـ«الوطني المناضل» مذكرا بأنّه كان عضوا بمجموعة الـ74 المؤسسة للمجلس الوطني.
يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سيدا يترأس المجلس في مرحلة يحتاج فيها لتأسيس عمله بطريقة تواكب تقدم الثورة على الأرض والتي باتت تسبقنا في كثير من الأحيان، وبالتالي على الرئيس الجديد أن يعمل وبإطار الفريق على الاستفادة وبقدر الإمكان من الحراك الدولي الجديد الذي ينتفض حاليا بوجه مجازر الأسد غير المسبوقة».
سيدا الذي لا يملك وبحسب منسق العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري في أوروبا منذر ماخوس «خبرة سياسية كبيرة»، عمل ومع أكثر من 74 شخصية معارضة على تأسيس المجلس الوطني السوري في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) 2011 في اسطنبول. وهو قبل توليه الرئاسة عضو في المكتب التنفيذي للمجلس ورئيس مكتب حقوق الإنسان فيه. ويقول سيدا عن تلك الفترة في مقابلة صحافية أجريت معه العام الماضي «قررنا أنا و24 أكاديميا وخبيرا سوريا من جميع أنحاء العالم الاجتماع في إسطنبول في أغسطس/ آب (2011) ووصلنا إلى قناعة بضرورة تأسيس مجلس وطني. كان ذلك آنذاك أقرب إلى الحلم». حلم سيدا بإنشاء المجلس الوطني وتوسعه أصبح واقعا. هو انتقل اليوم وبحسب ما يقول إلى محاولة تحقيق حلم أكبر «إسقاط النظام والسعي لبناء سوريا ديمقراطية جديدة».
هو وقبل انتخابه بساعات وردا على سؤال حول أهمية اختيار شخصية كردية لتولي المجلس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الاختيار دليل واضح على أنّ السوريين بلغوا درجة عالية من النضج التي تضع المواطنة في الأولوية وتجاوزوا النعرات والانقسامات الطائفية التي يحاول النظام تغذيتها وصولا إلى الحرب الأهلية»، مضيفا «من هنا نؤكّد أنّ المجتمع السوري لا يزال محصنا ضدّ الطائفية ومتوافقا على مبادئ الثورة للوصول إلى وطن ديمقراطي مدني يجمع كلّ الطوائف والأحزاب». وينظر عبد الباسط سيدا إلى النظام السوري اليوم على أنّه «بات في المراحل الأخيرة»، مشيرا إلى أنه فقد السيطرة على بعض مناطق دمشق وعدد من المدن. ويضيف: «دخلنا مرحلة حساسة. المجازر المتكررة والقصف المركز على الأحياء الآهلة بالسكان تشير إلى تخبّطه». وفي موقفه من الجيش السوري الحر، يؤكد سيدا أن المجلس سيدعم «الجيش السوري الحر بكل الإمكانات»، بالتزامن مع تركيز العمل على «متابعة الجهود في الميدان الدولي من أجل اتخاذ موقف حاسم تجاه النظام الذي يواصل ارتكاب المجازر». وعمّا إذا كان «الموقف الحاسم يعني تأييد ضربة عسكرية»، قال سيدا إن «مبادرة الموفد الدولي كوفي أنان ما زالت قائمة، لكنها لا تطبّق. وسنسعى عن طريق مجلس الأمن لإدراجها تحت الفصل السابع من أجل إلزام النظام بتطبيقها وترك كل الاحتمالات مفتوحة». وفيما يتعلق بالمجلس الوطني بعد الخلافات التي نشبت بين مكوّناته، أقرّ سيدا بأن «التحديات كبيرة»، لكن «التركيز الأساسي سيكون على إعادة هيكلة المجلس الوطني». وأوضح أنه «سيتواصل مع كل الفصائل من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة» في هذا المجال. وأضاف «أنا على استعداد للتواصل مع القوى التي تريد الانضمام إلى المجلس الوطني»، كما «سنعمل على توثيق العلاقات مع الحراك الثوري والجيش السوري الحر».
وتعتقد مصادر في المعارضة السورية أن انتخاب سيدا قد يساعد في اجتذاب تأييد مزيد من الأكراد، فيما يؤكد عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني، بسام إسحاق، أن سيدا انتخب «لتحقيق مطالب من داخل المجلس ومن جانب المعارضة داخل سوريا، إضافة إلى القوى الدولية لجعل المجلس أكثر ديمقراطية». ولفت إلى أن رئيس المجلس الانتقالي الجديد «سيعمل على عقد اجتماع لكل أعضاء المجلس بعد شهر، قد يتم خلاله انتخاب أمانة عامة جديدة ورئيس جديد»، ما قد يجعل احتلال سيدا لموقع الرئاسة أمرا مؤقتا.
وبينما لا تتردد بعض الشخصيات الكردية عن إعلان تحفظها على ترؤس سيدا للمجلس الوطني في هذه المرحلة بالذات نظرا لصعوبتها ودقتها وبالتالي تفاديا لتحميل الأكراد مسؤولية أي فشل قد تحمله الأيام القادمة، يتحدث إبراهيم اليوسف، الممثل عن اتحاد تنسيقيات شباب الكُرد وعضو المجلس الوطني عن ثقة كبيرة يحظى بها سيدا في صفوف أكراد سوريا الذين قرأوا بانتخابه رئيسا للمجلس الوطني رسالة طمأنة لهم كما لكل أقليات سوريا. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سيدا كان خير مراقب للمرحلة الماضية وبالتالي عرف مكامن الخطأ وهو سيسعى لتجاوزها في مرحلة رئاسته شرط ألا يعتمد على المصفقين من حوله».
ويعدد اليوسف الذي رافق سيدا على مدى 30 عاما بعض صفاته قائلا: «واسع الصدر لأي نقد وهو يتقبل الآخر وكل ما قد يصدر عنه.. صادق، شفاف وديمقراطي». ويحظى سيدا باحترام لدى مكونات المعارضة السياسية كافة، وحتى العسكرية التي تأمل أن يعطي انتخابه دفعا للمجلس الوطني. ووفق قياديين في الجيش السوري الحر، فإن المطلوب من سيدا أن يدفع المجلس الوطني للسير بنفس وتيرة الثورة ميدانيا وأن يعمل على دعم الجيش الحر وتسليحه. وكان سيدا في أول خطاب رسمي له بعد انتخابه قد أعاد التذكير بأن المجلس الوطني هو الواجهة السياسية للجيش الحر.
ويعتبر معارضون في المجلس الوطني أن من شأن انتخابه أن يؤدي إلى تحقيق خطوات إضافية على طريق توحيد المعارضة وجعل المجلس الوطني أكثر فاعلية، خصوصا أنه يلقى رضا أعضاء المجلس الوطني. ويعول المعارضون أنفسهم على «نفس جديد» من شأن سيدا أن يمد المعارضة السورية به، نفس يجعل المعارضة تتقدم بخطوات أسرع لملاقاة الثورة الشعبية التي تسير بسرعة أكبر للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي موقف لافت صدر عن سيدا مؤخرا، أعرب رئيس المجلس الوطني عن «استعداد المجلس لإصدار وثيقة خاصة بالطائفة العلوية من أجل التأكيد على ثوابتنا التي عبّرنا عنها في وثيقة العهد الوطني»، وأضاف: «المشروع الوطني لسوريا المستقبل الذي يكرس التعددية السياسية والديمقراطية هو الضمانة لكل مكوّنات الشعب السوري»، مذكرا بأن «المجلس الوطني السوري قدم أكثر من وثيقة لطمأنة الأقليات ومن بينها الوثيقة الوطنية حول القضية الكردية، حيث أكدنا أن القضية الكردية جزء أساسي من القضية الوطنية العامة في البلاد». وأضاف: «جميع المواطنين السوريين سواسية أمام القانون. وعلى المستوى الإجرائي، نعمل على تمثيل كافة السوريين في المجلس الوطني، كما أننا نعترف بحقوق كل الأقليات الكردية والمسيحية والعلوية، وممارستنا العملية تؤكد ذلك».
وفي سياق آخر، أكد سيدا أن المجلس الوطني يعمل على «استصدار قرار أممي تحت الفصل السابع»، وقال: «نحن نتواصل مع المجتمع الدولي ونعمل من أجل استصدار هذا القرار»، كاشفا عن تواصل «قيادة المجلس مع موسكو في سبيل الاتفاق على صيغة جديدة» بهذا الشأن. وأضاف: «نقول لروسيا إن مصلحتها ليست مع النظام السوري بل مع الشعب السوري، وإذا عجز مجلس الأمن عن إدراج خطة (موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي) أنان تحت الفصل السابع من أجل حماية المدنيين السوريين بالمرتبة الأولى بسبب الفيتو الروسي، سنعمل ضمن إطار الشرعية الدولية وضمن مجموعة أصدقاء سوريا».
ويقول مسؤولون آخرون في المجلس الوطني إن سيدا يتميز بصفتي المعارض الذي «لا ينتمي إلى أي حزب» و«الكردي المعتدل»، ويستفيد بالتالي «من وضعه كمستقل». وعلى الرغم من أنه يتحدث شخصيا عن قيامه «بالعمل السياسي السري» ضد النظام السوري الذي يسيطر عليه حزب البعث منذ أكثر من أربعين عاما، يروي مقربون منه أنه كان ناشطا في الحركة الكردية السورية التي قامت بأكثر من انتفاضة ضد النظام السوري خلال العقود الماضية. ويُقال إنه من دعاة «الحل الديمقراطي العادل للمسألة الكردية في سوريا ضمن إطار النظام التعددي الذي يحافظ على وحدة سوريا أرضا وشعبا». فبعد انتقاله إلى أوروبا، بقي ناشطا مستقلا يدافع عن الحقوق الكردية، وحضر مؤتمرات عديدة ولقاءات في أوروبا في هذا المجال. ويصفه أصدقاؤه بأنه «هادئ الطباع ومتزن». وهو بقي بعيدا نسبيا عن وسائل الإعلام خلال السنة الماضية.
ولعبد الباسط سيدا مؤلفات عدة. وصدر أول كتاب له في بيروت بعنوان «الوضعية المنطقية والتراث العربي – نموذج فكر زكي نجيب محمود الفلسفي». ومن مؤلفاته أيضا كتاب «المسألة الكردية في سوريا – نصوص منسية من معاناة مستمرة للأكراد السوريين»، و«ذهنية التغييب والتزييف – الإعلام العربي نموذجا»، بالإضافة إلى مجموعة مقالات حول تاريخ الأديان والفكر السياسي. عبد الباسط سيدا متزوج وله أربع بنات وصبي.
العثور على تسع جثث لأشخاص قُتل بعضهم “ذبحاً” في الحمورية بريف دمشق
عشرات آلاف السوريين في تظاهرات جمعة “النفير العام”
شارك عشرات آلاف السوريين في تظاهرات جمعة “النفير العام” التي واجهتها قوات نظام بشار الأسد بالرصاص موقعة عشرات القتلى والجرحى، فيما تم الكشف عن مجزرة بشعة في بلدة الحمورية في ريف دمشق حيث عثر على تسع جثث لأشخاص قتل بعضهم ذبحا.
“جمعة النفير العام”
وافاد “المرصد السوري لحقوب الانسان” عن خروج آلاف المتظاهرين في احياء عدة من مدينة حماه (وسط)، وبلدات عدة من المحافظة احتجت على الموقف الروسي الداعم للنظام السوري.
واظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الانترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق خرجوا اليه بعد صلاة الفجر من مسجد حذيفة بن اليمان وهم يهتفون نصرة لحمص ودير الزور وغيرها من المدن المحاصرة، ويرددون “سوريا للثوار غصبا عنك يا بشار”.
بينما وزعت لجان التنسيق المحلية شريط فيديو آخر عن “تظاهرة صباحية في حي المزة في دمشق”، بدا فيه عشرات الشبان معظمهم ملثمون يهتفون لنصرة حمص والحفة والاسرى والجرحى، مطلقين شعارات بينها “الجيش الحر للابد، داعس راسك يا اسد”.
وسجلت تظاهرات عدة في مدن وبلدات في ريف دمشق ومدينة دير الزور (شرق) ومحافظتها ومحافظة درعا (جنوب)، ومحافظة ادلب (شمال غرب) حيف بدا متظاهرون في معرة النعمان في احد اشرطة الفيديو وهم يرفعون لافتة كتب عليها “بكاؤنا على السلاح اشد من بكائنا على اطفالنا”، في اشارة الى سعيهم للتسلح للدفاع عن انفسهم في مواجهة القوات النظامية.
ودعت المعارضة السورية الى التظاهر من اجل ان يعد السوريون “العدة ماديا ومعنويا”، و”يتأهبوا لخوض أحلك وآخر معارك التحرر من العبودية”، اي “ان نجهز ونحشد كل ما يمكننا جمعه من اموال وسلاح ورجال وحناجر ولافتات وخطط واستراتيجيات”.
وفي مسلسل اعمال العنف، قتل ثمانية اشخاص في مدينة بصرى الشام في محافظة درعا في قذيفة سقطت قرب مسجد في المدينة.
كما قتل مواطن في مدينة حرستا في ريف دمشق اثر اصابته برصاص قناص، فيما سجل سقوط قذائف قبل الظهر مصدرها القوات النظامية على مدينة دوما.
وفي دمشق، انفجرت عبوة ناسفة في حي الميدان، واشار المرصد الى وقوع اصابات.
وفي محافظة حلب، ذكر المرصد ان “اشتباكات عنيفة مستمرة على اطراف بلدة عندان في محافظة حلب بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المعارضة والقوات النظامية التي تحاول دخول البلدة”. وقتل مواطن في البلدة في اطلاق نار، في وقت تتعرض بلدة الاتارب في ريف حلب للقصف ايضا.
ووقعت اشتباكات فجرا في مدينة دير الزور تركزت قرب مقر للمخابرات والشرطة العسكرية.
وفي محافظة حمص، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة عن تجدد القصف من قوات النظام على مدينة الرستن حيث قتل شخص. كما قتل ضابط من القوات النظامية برتبة نقيب في اشتباكات في محيط المدينة.
كما تتعرض مدينة القصير لقصف من القوات النظامية “التي تحاول اقتحامها”، بحسب المرصد الذي اشار ايضا الى مقتل مواطن في حي جورة الشياح في مدينة حمص واستمرار القصف على احياء اخرى في المدينة.
مجزرة حمورية
الى ذلك، عثر على تسع جثث مساء الخميس لاشخاص “بعضهم قتل ذبحا” في بلدة حمورية في ريف دمشق، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
واكد ناشطون ان “المجزرة” ارتكبتها قوات النظام السورية “على اساس طائفي” بينما ارتفعت حصيلة ضحايا اعمال العنف في سوريا الخميس الى 84 قتيلا.
وقال المرصد الجمعة “عثر على جثامين تسعة مواطنين في بلدة حمورية في ريف دمشق، بعضهم قتل ذبحا على ايدي مجهولين”.
الا ان مكتب حقوق الانسان التابع لـ”المجلس الوطني السوري” اتهم النظام بالجريمة. وقال في بيان ليلي ان “النظام ابتكر اسلوبا جديدا في الاجرام في ريف دمشق، بذبحه بالسكاكين تسعة مزارعين في بلدة حمورية بكل دم بارد”.
واشار البيان الى ان منفذي “المجزرة” قاموا “ببتر اعضاء من الشهداء من أيدي وارجل واعضاء تناسلية”.
ووصف “المشهد” بانه “لا يمت الى الانسانية بصلة”.
واوضح مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق ان قوات النظام كانت بدأت منذ الصباح و”كما هي الحال منذ شهر”، بقصف منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لا سيما حمورية ودوما “بالدبابات والمدافع الثقيلة ومضادات الطيران”. واشار الى ان النظام يستقدم “تعزيزات عسكرية باعداد كبيرة” الى المنطقة.
وقال مجلس قيادة الثورة في بيان انه “تم ذبح أغلب شهداء حمورية بشكل طائفي وهناك عدد لا يحصى من الجرحى”.
وذكرت لجان التنسيق المحلية ان القصف طال مناطق اخرى في ريف دمشق الخميس بينها عربين وزملكا والزبداني.
وذكر الناشط فارس محمد ان القصف على الزبداني تزامن مع خروج تظاهرة مسائية حاشدة مندددة بنظام الرئيس بشار الاسد. واشار الى ان القذائف التي مصدرها حواجز لقوات النظام في المنطقة اصابت منازل واوقعت جرحى.
(أ ف ب، يو بي أي، رويترز)
حكاية بيار البلجيكي والنظام السوري!
حكاية تروى تلك التي عاشها بيار بيكسيني، المدرس البلجيكي المهووس بالثورات العربية، فزار تونس ومصر وليبيا… وسوريا. هذا “المثقف” الذي من المفترض انه “يحج” إلى ساحات الربيع العربي ليتعرف عن كثب اليها، وقع اولاً في “فخ” سذاجته” و”غبائه” ومن ثم في فخ الأجهزة السورية لتستفيد منه ومن ثم رميه في السجن.. وتعرضه للتعذيب والضرب.. والاسلاك الكهربائية.
الحكاية ان “الأخ” بيار ذهب إلى سوريا الثورة من دون ان يكون عنده معرفة بأوضاعها، جاهلاً تقريباً كل شيء عن ماضيها (في ظل النظام) وعن حاضرها، عال! في الزيارة الأولى، ظن انه “امتلك” الحقيقة وأدرك ضالته، فها هو، وبجهالة تامة ينحاز إلى النظام ضد الثوار.. وراح يدافع عنه بشراسة (تماماً كالأخ ادونيس بارك الله علمانيته وديموقراطيته وحداثيته) وراح يعبر عن مواقفه في موقعه الالكتروني. وهذا ما اعجب النظام وعندما غادر الأخ بيار سوريا… وجهت إليه دعوة رسمية من وزير الاعلام. لبّى “أخينا” الدعوة بحماس الشغوفين بالديموقراطية والحرية، فزار دمشق ، درعا، جبل الدروز، جسر الشغور، حلب، حماة.. وكتب الانطباعات التالية على موقعه “وصفوا لي سوريا بلاداً تشتعل بالنار والدم وتعمها المظاهرات الضخمة واتهموا النظام بارتكاب قمع بلا رحمة. لكنني وجدت بلاداَ هادئة والمظاهرات نادرة ومحدودة والجنود لا يطلقون النار، اما آثار الدمار فأحدثها المتظاهرون”. شهادته اطربت النظام المسالم” المتسامح” “الحنون” الى درجة نشرت جريدة “الثورة” مقاطع منها… وإلى تجديد الدعوة إليه. لكن الأخ بيار قبل عودته إلى سوريا زار ليبيا مرتين ليؤكد افتراضه ان “سقوط القذافي ليس سوى ثمرة حرب فرنسية بريطانية عليه لتأمين مصالحهما الاقتصادية”. وفي 7 أيار في زيارته الثالثة لسوريا تم اعتقاله عندما حاول الدخول إلى تل كلخ. قضى اسبوعاً في احد اقبية التعذيب، وتعرض للضرب واللبيط واللكم والاسلاك الكهربائية وهناك وتحت التعذيب خضع للاستجواب في زنزانة اعتقاله وما لم يره في “سياحته” النضالية، شاهده بأم عينيه في ذلك المعتقل: ممرات وجدران وقضبان ملطخة بالدم. قذارة. فئران. حشرات. ورأى الأخ بيار جثثاً مقطعة.. وسمع من وراء الجدران بأذنيه “النظيفتين” صراخ الذين يتعرضون لاقسى أنواع التعذيب، وانينهم وتوسلاتهم، وسمع أيضاً كيف يرفعون صوت الراديو.. ليغطوا على صراخ الأسرى والسجناء. وقد كتب بعد اطلاق سراحه، في موقعه “يتم التعذيب بسوريا بالسلاسل والكرابيج والمس بالكهرباء واطفاء السجائر في الوجوه… انهم يمارسون التعذيب للتعذيب”..
فالأخ بيار بعد طرده.. في 23 أيار الماضي، غيّر رأيه واستبدل “افتراضه” المخملي عن النظام بالوقائع المؤلمة، وارتد ضد النظام وها هو يجند نفسه بما يتاح له لمهاجمة النظام والمطالبة بتدخل خارجي في سوريا.. لوضع حد لجلجلة الشعب السوري. تغير الأخ بيار 180 درجة لأنه مر خطفاً بهذه الجلجلة اليومية المستمرة والطويلة منذ سنة وأربعة أشهر.
اليوم، وبعد عودته إلى بروكسل ليدرس مادة التاريخ (ألم يعلمك تدريس التاريخ شيئاً يا بيار) يبدي اسفه العميق لاعتقاده ذات يوم، وعن جه وعن غباء وعن سذاجة وتضليل… ان هذا النظام قابل للاصلاح!
الأخ بيار وقع في الفخ “التاريخي” كما وقع كثيرون من غيره من رواد “السياحة النضالية” الوافدين من الغرب وسواه لكن التجربة الميدانية هي التي علمته. وهي التي ازاحت الغشاوة عن عينيه وها هو اليوم، وكأنه يريد ان يعوض عن أخطائه.. ينضم إلى “صفوف” الثوار بعدما كشف زيف النظام أو اجرامه وكذبه..
ولا اعرف لماذا اتذكر ادونيس اليوم، الذي يدأب منذ وصول الثوار الى سوريا على تشويه صورتها، ونسبها كلها إلى الأصولية، مدافعاً عن النظام (ويذكرني في ذلك بميشال سماحة وناصر قنديل وميشال عون.. وسواهم من الخاضعين للأجهزة). وصدقني يا ادونيس، انا لم افاجأ: فأنت لم توجه الى هذا النظام على امتداد أربعين عاماً أي نقد.. برغم الجرائم التي ارتكبها والقمع الذي مارسه على المثقفين والزنازين التي ضرجت بدمائهم والمنافي التي غصت بهم. لم تنبس يا “ابا” الحداثة” بكلمة واحدة ناقدة للنظام السوري برغم ما ارتكبه النظام بحق “وطنك” الثاني لبنان. هل اشرت ولو بكلمة أو بايحاء إلى من قتل حسين مروة.. مثلاً أو مهدي عامل أو زميلك في الجامعة اللبنانية الشيخ صبحي الصالح… او كمال جنبلاط وصولاً إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وجورج حاوي وإلى ابن صديقك الشهيد جبران تويني… لا شيء! فكيف يكون شاعر متواطئاً إلى هذا الحد؟ أهي المذهبية يا أدونيس..
والفارق بين الأخ البلجيكي بيار وادونيس، ان الأول وقع ضحية جهله وحماسه الشعبي.. أما أدونيس فيعرف كل شيء! وهذه المعرفة بالذات ادانة له.
ب.ش.
() استقي بعض المعلومات عن جريدة لوموند… ومصادر أخرى
25 قتيلا باشتباكات وقصف جوي بسوريا
معظمهم في ريف دمشق
في بداية يوم دام جديد بسوريا, قتل 25 شخصا في اشتباكات وقصف نفذته القوات النظامية في محافظة درعا بجنوب البلاد وفي ريف دمشق, وسط توقعات باقتحام الجيش للخالدية وشارع الستين في حمص, وذلك بينما قتل 51 شخصاً برصاص قوات الأمن في مواجهات متفرقة أمس الجمعة.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 19 قتيلا من هؤلاء سقطوا في ريف دمشق. كما قال الناشطون إن قوات الأمن السوري اقتحمت حي المطار بدرعا المحطة وبدأت تفتيش المنازل، وسط إطلاق نار كثيف وحملة اعتقالات عشوائية. وتحدثت شبكة شام عن إطلاق نار في وسط العاصمة السورية دمشق من قبل قوات الأمن السوري، واشتباكات عنيفة تجري في حي المزة خلف مستشفى الرازي.
وأفاد ناشطون بسقوط قتلى في قصف للجيش النظامي السوري على دوما وسقبا بريف دمشق، فضلا عن اشتباكات بين الجيش النظامي والجيش الحر في أحياء بالعاصمة.
وفي هذه الأثناء، أظهرت صور بثها ناشطون على الإنترنت مظاهرات مسائية خرجت في مناطق عدة كان أبرزها في منطقتيْ السويقة والقابون في دمشق طالبت بإسقاط النظام. كما شهدت مدينة دوما بريف دمشق مظاهرة ليلية رغم القصف العنيف.
وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيانات متلاحقة أن القصف الذي يستهدف مدينة دوما في ريف دمشق بشكل خاص مستمر منذ ثلاثة أيام. وأشارت اللجان إلى نقص في الطواقم الطبية والإسعافات الأولية في المدينة، وأن الأهالي وجهوا نداءات استغاثة لتأمين المواد الطبية لعلاج الجرحى.
كما أفادت اللجان بوقوع قصف صباح اليوم السبت بالرشاشات الثقيلة على أحياء الحميدية والسوق الأثري في مدينة حمص، مما تسبب في احتراق بعض المحلات التجارية. كما استهدف القصف مدينة الرستن المحاصرة حيث يسجل أيضا انقطاع كامل للتيار الكهربائي والخبز والمواد الغذائية، بحسب اللجان المحلية.
قلق فرنسي
وقد أعربت فرنسا عن “قلقها العميق” إزاء معلومات مفادها أن قوات النظام السوري تعد لهجوم عسكري وشيك واسع النطاق على مدينة حمص.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان “يهمنا أن نعرب عن قلقنا العميق بشأن المعلومات التي تتحدث عن عملية واسعة النطاق وشيكة على مدينة حمص”. وأضاف “يجب وضع حد للقمع الدموي الذي تشنه السلطات السورية”، مؤكدا أنه “لا يمكن القبول باستمرار” هذا القمع.
وقال فاليرو أيضا إن “نظام الرئيس السوري يواصل انتهاكاته الخطيرة لتعهداته الواردة في خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، ويهدد السلام والأمن الدوليين. وإن مجلس الأمن عليه -عاجلا أو آجلا- أن يستخلص العبر من هذا، كما سبق أن دعاه أنان لفعل ذلك”.
يأتي ذلك في وقت جرى الإعلان فيه عن هجوم شنته كتيبة الفاروق التابعة للجيش الحر قبل بضعة أيام على ثكنة عسكرية للجيش النظامي مختصة بالدفاع الجوي في منطقة أم الصخر بريف حمص. وقد سيطر الجيش الحر على الموقع بكامل عتاده الذي يتضمن عددا من مضادات الطيران الحربي.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت إن 51 شخصاً قتلوا برصاص قوات الأمن أمس الجمعة معظمهم في ريف دمشق ودرعا وحمص، في حين خرجت مظاهرات حاشدة في مدن عدة ضمن ما سُميت “جمعة الاستعداد التام للنفير العام” التي طالبت بإسقاط النظام.
تصعيد للعنف
جاء ذلك بينما قال قائد بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا روبرت مود إن قوات المعارضة والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد تزيدان حدة العنف، وتعملان على تحقيق مكاسب عسكرية بدلا من الانتقال السلمي للسلطة.
وأكد مود أن حدة العنف زادت خلال الأيام العشرة الماضية مرة أخرى “برغبة الطرفين، ووقعت خسائر على الجانبين، مما يمثل مخاطر جمة على مراقبينا”. وأضاف “يبدو أن هناك غيابا للرغبة في التحول السلمي، وبدلا من ذلك ثمة اندفاع في اتجاه تحقيق تقدم لتعزيز المواقع العسكرية”.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان قد اتهمت قوات الأسد باستخدام الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد رجال ونساء وأطفال، واستشهدت بمقابلات أجريت مع ضحايا. كما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تعمل على مدار الساعة لتخفيف معاناة المدنيين المتزايدة.
قوى المعارضة تدرس مستقبل سوريا
يعقد ممثلون عن المعارضة السورية اجتماعا في إسطنبول يستمر ليوم غد للعمل على توحيد رؤية المعارضة لمستقبل سوريا، فيما نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم وجود مباحثات مع دول غربية بشأن ما بعد رحيل الرئيس بشار الأسد.
اجتماع إسطنبول الذي دعت إليه 12 دولة عربية وغربية، حضرته أطياف من المعارضة ممثلة بالمجلس الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي ومجموعة عشائرية يقودها نواف البشير وأخرى ملتفة حول المعارض ميشيل كيلو، وسيبحث المجتمعون في إسطنبول إعادة هيكلة المعارضة والإعداد لاجتماع مزمع في القاهرة.
وبدأ الاجتماع بدعوة إلى الوحدة وضرورة وجود معارضة موحدة، وجهها ممثلو الدول الداعية للاجتماع، ومنها تركيا وقطر والسعودية والإمارات وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، كما حضر شخص من فريق المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان.
وعن سير الاجتماع، قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري بسمة قضماني “لم يعد هناك الكثير من نقاط الخلاف بيننا”. وأكد مشارك طلب عدم كشف اسمه أن هناك تقدم يسجل في أكثر من صعيد.
وغابت عن الاجتماع هيئة التنسيق الوطنية التي تضم أحزابا قومية عربية وأكرادا واشتراكيين، حيث فشلت محاولات سابقة قام بها سوريون وأطراف عربية لتقريب وجهات النظر بينها وبين المجلس الوطني أكبر تحالف للمعارضة.
الموقف الروسي
على صعيد آخر، نفى وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحفي أن تكون بلاده تجري محادثات مع أميركا بشأن مرحلة ما بعد الأسد، وقال إن هذا الأمر يتنافى مطلقا مع الموقف الروسي إذ لا يمكن اتخاذ قرار بالنيابة عن الشعب السوري.
وفي مقال له نشر اليوم، قال لافروف إن الضغط للإطاحة فوراً ببشار الأسد، بما يتعارض مع تطلعات شريحة ملحوظة من المجتمع السوري التي لا تزال تعتمد على هذا النظام لحماية أمنها وعيشها، سيعني إدخال سوريا في أتون حرب أهلية دامية.
وأكد على أن إجراء أي محادثات دولية موسعة بشأن سوريا يتعين أن تتضمن إيران ويجب أن يقتصر على بحث سبل تهيئة الظروف لإجراء حوار سياسي في سوريا، وليس مضمون هذا الحوار أو أي شروط مسبقة مثل رحيل الأسد.
موقف مغاير
وفي سياق آخر، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن بلاده تبحث تزويد مقاتلي الجيش الحر بأجهزة اتصال لدعمهم في ثورتهم ضد النظام، مؤكدا على أن الدعم لا يشمل السلاح.
ومع تأكيده على دعم خارطة الطريق التي وضعها كوفي أنان لوقف “العنف في سوريا”، إلا أنه قال إن فرنسا وأميركا تبحثان خيارات أخرى ومنها تقديم أجهزة الاتصالات لتقوية الثورة المستمرة منذ 15 شهرا.
وأضاف الوزير الفرنسي أن “المعارضة يمكن أن تحقق انتصارا واضحا على الأرض، لكن ذلك سيكون من خلال مواجهات عنيفة للغاية”، مضيفا أن “المعارضة لا تستطيع تحقيق هذا بمفردها”.
استعداد
وفي هذا السياق قال مسؤولون أميركيون إن الجيش الأميركي أنجز تخطيطه الخاص لكيفية قيام قواته بمجموعة متنوعة من العمليات العسكرية ضد سوريا أو لمساعدة الدول المجاورة في حال تلقيه الأوامر بذلك، إلاّ أنهم أكدوا أن هذا التخطيط هو خطوة احتياطية ولم تصدر أية أوامر للتحرك من البيت الأبيض.
وأوضح المسؤولون أن السيناريوهات العسكرية المرسومة تتضمن فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا وحماية المنشآت الكيماوية والبيولوجية فيها، مشيرين إلى أن جميع السيناريوهات ستكون صعبة التطبيق وتتضمن مشاركة أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين وعمليات موسعة.
وقال المسؤولون لشبكة سي إن إن الأميركية إن القوات الخاصة الأميركية تعكف على تدريب القوات الأردنية على مهام عسكرية محددة قد تحتاج أن تقوم بها إذا امتدت الاضطرابات في سوريا إليها أو شكلت تهديداً للمملكة.
بيد أن المسؤولين الذين تحدثوا إلى الشبكة أوضحوا أن السيناريوهات العسكرية الحالية لا تتضمن نشر جنود في أي من سوريا أو الأردن، وأن المساعدات الأميركية تقتصر على تقديم دعم جوي لنقل القوات الأردنية للحدود، وتقديم معلومات استخباراتية عما يحدث في الجانب السوري من الحدود.
نظم دفاعية روسية تشحن لسوريا
وسط تشكيك بفاعليتها أمام ضربات الناتو
قالت أكبر شركة روسية مصدرة للسلاح إنها بصدد شحن أنظمة دفاع جوي وبحري إلى سوريا قادرة على إسقاط طائرات وإغراق سفن في حال تعرضت سوريا لأي هجوم عسكري من الولايات المتحدة أو سواها.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن أناتولي إيسايكين مدير شركة روسوبورونيكسبورت قوله في مقابلة صحفية “أحب أن أقول إن هذه النظم هي نظم فعالة ويعتمد عليها في صد هجمات جوية وبحرية. إنه ليس بتهديد، ولكن أي طرف يخطط لمهاجمة سوريا عليه أن يأخذ هذه النظم في الحسبان”.
ورأت الصحيفة أن أهمية هذه الصفقة لا تكمن في المعدات نفسها، بل برمزية إقدام روسيا على مثل هذا الإجراء، الذي يضفي برودة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تشبه تلك التي كانت سائدة أيام الحرب الباردة، خاصة وأن هذه الخطوة تأتي قبيل الاجتماع المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش قمة العشرين في المكسيك الأسبوع المقبل.
وقد رفضت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التعليق على تصريحات إيسايكين، لكن الصحيفة تنقل عن جورج أليكساندر غولتس -المحلل العسكري المستقل في موسكو- أن ما قام به الروس هو “بلا شك” رسالة تحذيرية للغرب من أي تدخل عسكري في سوريا.
وقال غولتس “تستخدم روسيا هذه التحركات كنوع من أنواع الردع فيما يتعلق بالشأن السوري. يريدون أن يبينوا للدول الأخرى أن تدخلهم قد يسفر عنه خسائر”.
يذكر أن روسيا تصر خلال الأزمة السورية على أن الأسلحة التي تصدرها لسوريا ذات طبيعة دفاعية، وهي لا تستخدم في قمع الثوار.
رسلان علييف
من جهة أخرى، قالت الصحيفة إن الأخبار المتكررة عن حدوث مذابح في سوريا راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء قد عززت من النقاشات في حلف الناتو بشأن التدخل العسكري في سوريا ولو بدون تفويض دولي، خاصة في ظل رفض روسيا لأي عمل ضد سوريا على شاكلة ذاك الذي أطاح بمعمر القذافي في ليبيا، وتتربص له باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن.
على الصعيد الفني العسكري، أثار خبراء عسكريون مسألة فاعلية نظم الدفاع الجوي التي تبيعها روسيا إلى دول الشرق الأوسط ومن ضمنها سوريا، والتي لم تثبت يوما بأنها حقا تقارع القوة الجوية الغربية.
وتنقل الصحيفة عن رسلان علييف -الذي وصفته بأنه حجة في الشؤون العسكرية وخبير في مركز التقنيات والتحليلات الإستراتيجية في موسكو- قوله إن التصريحات الروسية تأتي للاستهلاك السياسي، ولو إن روسيا جادة في تحصين سوريا ضد الهجمات الغربية لما رفضت بيعها نظام الدفاع الجوي الروسي الضارب والأكثر تطورا S-300 الذي يتألف من صواريخ طويلة المدى.
وأجاب علييف في رسالة بالبريد الإلكتروني على أسئلة للصحيفة “على حد علمي، فإن سوريا غير قادرة على الصمود بوجه الناتو، تماما مثلما فشلت في حماية منشآتها النووية من ضربات إسرائيل الجوية في سبتمبر/أيلول 2007. أخشى أن الأسلحة الروسية لن تكون مجدية”.
يذكر أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا قد قللا من شأن الطائرات المروحية التي ذهبت إلى سوريا مؤخرا، وعلّق إيسايكين عليها بأنها صفقة لصيانة تلك الطائرات وقعت عام 2008.
وأوضح إيسايكين أن سوريا قد أنفقت في السنوات الأخيرة ما يقارب 500 مليون دولار سنويا على شراء أسلحة من روسيا، أي ما يعادل 5% من مبيعات شركة روسوبورونيكسبورت.
اشتباكات وقصف يسفران عن مقتل 18 في سوريا
قتل رجل وزوجته وطفلتهما في بلدة عربين بعد سقوط قذيفة على منزلهم
العربية.نت
قتل 18 شخصا اليوم السبت في سوريا بينهم 12 مدنياً في قصف وإطلاق نار في ريف دمشق، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد في بيان إن سبعة أشخاص بينهم ثلاث نساء قتلوا إثر سقوط قذائف على مدينة دوما في ريف دمشق بعد منتصف ليل الجمعة السبت.
وفي المنطقة نفسها، قتل رجل وزوجته وطفلتهما في بلدة عربين بعد سقوط قذيفة على منزلهم. كما قتل مدني في إطلاق رصاص من حاجز في مدينة التل التي “شهدت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة”.
وقتل شاب في ضاحية أشرفية في ريف دمشق أيضا صحنايا إثر إطلاق رصاص عشوائي.
وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيانات متلاحقة فجرا أن القصف يستهدف مدينة دوما في ريف دمشق بشكل خاص ومستمر منذ ثلاثة أيام.
وأشارت اللجان الى “نقص في الطواقم الطبية والإسعافات الأولية” في المدينة، مشيرة الى أن الأهالي وجهوا “نداءات استغاثة لتأمين المواد الطبية لعلاج الجرحى”.
وقال المرصد أن القوات النظامية السورية “اعتقلت صباح اليوم أكثر من مئة مواطن من حيي الفاروق وكفرسوسة في دمشق” خلال حملة مداهمات طالت أيضا منطقة البساتين في حي المزة واللوان”، وترافقت مع سماع “أصوات انفجارات وإطلاق نار”.
وأشار الى استمرار حملة الدهم والاعتقال في حيي المصطفى والزيات في منطقة المزة.
وقتل عنصر من قوات النظام في انفجار عبوة ناسفة بحافلة عسكرية في المنطقة الصناعية في العاصمة، بحسب المرصد.
وقتل بعد منتصف الليل أيضا “ملازم منشق هو قائد إحدى الكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتل من الكتيبة”، وذلك إثر اشتباكات مع القوات النظامية السورية قرب بلدة خبب في محافظة درعا (جنوب).
كما قتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية على الأقل في اشتباكات في محافظة حمص.
وأفادت لجان التنسيق المحلية عن قصف صباحي السبت بالرشاشات الثقيلة على أحياء الحميدية والسوق الأثري في مدينة حمص (وسط) ما تسبب باحتراق بعض المحلات التجارية.
وأشارت الى قصف استهدف أيضا مدينة الرستن المحاصرة في محافظة حمص حيث يسجل أيضا “انقطاع كامل للتيار الكهربائي والخبز والمواد الغذائية”، بحسب اللجان.
وكانت فرنسا عبرت مساء الجمعة عن “قلقها العميق” إزاء معلومات حول أعداد قوات النظام لهجوم وشيك واسع النطاق على مدينة حمص، أحد أبرز معاقل المعارضة.
وجاء التحذير الفرنسي إثر نداء وجهه المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشد فيه “منظمتي الهلال والصليب الأحمر إرسال طواقم طبية بشكل عاجل الى مدينة حمص لمعالجة وإجلاء عشرات الجرحى الذين أصيبوا نتيجة القصف المتواصل الذي تتعرض له أحياء مدينة حمص وبالأخص حي الخالدية”.
وكانت أعمال العنف في مناطق مختلفة من سوريا أوقعت الجمعة 54 قتيلا هم 43 مدنيا وثلاثة منشقين ومقاتلين معارضين وثمانية عناصر من قوات النظام، بحسب المرصد.
وقتل ستة أشخاص الجمعة في إطلاق نار من قوات النظام على متظاهرين يطالبون بسقوط النظام في مدينة حلب في شمال البلاد.
وبلغت حصيلة أعمال العنف في سوريا منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف آذار/مارس 2011 حوالي 14500 قتيل غالبيتهم من المدنيين، بحسب المرصد السوري.
مود يعلق مهمة المراقبين بسوريا
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
قرر الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين إلى سوريا تعليق مهمة البعثة، مع تزايد العنف المستمر منذ حوالي 15 شهرا.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 55 قتيلا سقطوا بنيران الأمن والجيش السوري، في وقت أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مئات العائلات محاصرة في مدينة حمص التي تتعرض لقصف منذ عشرة أيام.
وناشد المرصد الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون التدخل من أجل حماية “أكثر من ألف عائلة” محاصرة في عدد من أحياء حمص في وسط سوريا وتتعرض لقصف مستمر منذ أسابيع من قوات النظام.
ودعا المرصد في بيان الأمين العام للأمم المتحدة “وكل من لديه حس إنساني بالتدخل الفوري لوقف القصف المتواصل على أحياء حمص من أجل إجلاء وحماية أكثر من ألف عائلة محاصرة تضم أطفالا ونساء”.
وقال المرصد في بيان إن 9 أشخاص قتلوا بعد منتصف ليل الجمعة السبت “بينهم ملازم منشق هو قائد إحدى الكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتل من الكتيبة”، وذلك إثر اشتباكات مع القوات النظامية السورية قرب بلدة خبب في محافظة درعا.
وقتل ستة أشخاص آخرون بينهم ثلاث نساء إثر سقوط قذائف على مدينة دوما في ريف دمشق وآخر في بلدة عربين في المحافظة نفسها.
وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيانات متلاحقة فجرا أن القصف يستهدف مدينة دوما في ريف دمشق بشكل خاص ومستمر منذ ثلاثة أيام.
وأشارت اللجان إلى “نقص في الطواقم الطبية والإسعافات الأولية” في المدينة، مشيرة إلى أن الأهالي وجهوا “نداءات استغاثة لتأمين المواد الطبية لعلاج الجرحى”.
كما أفادت اللجان عن قصف صباحي السبت بالرشاشات الثقيلة على أحياء الحميدية والسوق الأثري في مدينة حمص ما تسبب باحتراق بعض المحلات التجارية.
وأشارت إلى قصف استهدف أيضا مدينة الرستن المحاصرة في محافظة حمص وحيث يسجل أيضا “انقطاع كامل للتيار الكهربائي والخبز والمواد الغذائية”، بحسب اللجان المحلية.
وكانت أعمال العنف في مناطق مختلفة من سوريا أوقعت الجمعة 45 قتيلا هم 43 مدنيا وثلاثة منشقين ومقاتلين معارضين وثمانية عناصر من قوات النظام، بحسب المرصد.
وقتل ستة أشخاص الجمعة في إطلاق نار من قوات النظام على متظاهرين يطالبون بسقوط النظام في مدينة حلب في شمال البلاد.
وبلغت حصيلة أعمال العنف في سوريا منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس2011 حوالي14500 قتيل غالبيتهم من المدنيينن بحسب المرصد السوري.