أحرج السوريون أوباما.. فماذا عن العرب؟
طارق الحميد
لولا صمود السوريين العزل وتمسكهم بحقوقهم المشروعة أمام القمع الوحشي للنظام السوري طوال تسعة أسابيع متواصلة، لما كسر الرئيس الأميركي صمته، مطالبا بشار الأسد بوقف القتل، والإصلاح، أو الرحيل.. لكن السؤال اليوم هو: ماذا عن الصمت العربي؟
فإذا كان السوريون قد أحرجوا الأميركيين والأوروبيين بصمودهم، وأجبروهم على أن يكسروا صمتهم، ويتحركوا ضد نظام الأسد، فمتى يُكسر الصمت العربي، وقد وصل عدد القتلى السوريين، جراء قمع النظام، إلى قرابة الألف قتيل؟ أين الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي؟ ولماذا وقفوا سريعا مع الليبيين ضد القذافي، وطالبوا المجتمع الدولي بالتدخل، بينما التزموا الصمت تجاه ما يحدث بحق السوريين العزل الذين نزل بعضهم في مظاهرات الجمعة الأخيرة كاشفي الصدور ليبينوا أنهم لا يحملون الأسلحة، وعلى الرغم من ذلك قتل الأمن السوري قرابة الأربعين منهم؟
فإذا كان النظام الليبي قد استخدم العنف ضد الثوار في بداية الثورة، فكلنا يعلم أن الثوار الليبيين قد حملوا السلاح مبكرا ضد قوات القذافي، أو قُل مرتزقته، بينما في سوريا تدخل المظاهرات أسبوعها التاسع، ولم يظهر أن الانتفاضة السورية قد احتكمت للسلاح، على الرغم من كل الدعاية المضللة للنظام، ومن السهل بالطبع التأكد من حقيقة الأوضاع في ليبيا؛ نظرا لأن القذافي يسمح لوسائل الإعلام بالوجود بطرابلس، على الرغم من أنها تحت قصف الناتو الذي يريد إنهاء حكمه، بينما لا يسمح للإعلام بالوجود داخل سوريا!
لذا، فإن الصمت العربي تجاه ما يحدث بسوريا محزن ومحبط، خصوصا أن معدل القتل والقمع الوحشي بحق السوريين العزل مستمر، ولا مؤشر على توقفه.. وهاهو شيخ القراء في الشام يعلن استقالته من على منبر الجمعة؛ لأن المصلين لا يعرفون كيف يصلون بسبب تصرفات الأمن، وبالطبع لا يستبعد أن تمنع السلطات هناك صلاة الجمعة أيضا لوقف المظاهرات، التي أثبتت أنها تنطلق من أرض صلبة، وليست طائفية، كما يحاول النظام تصويرها، أو سلفية.. فهاهم الأكراد يشاركون في المظاهرات، وقبلهم أبناء الريف، وحتى المدن الكبرى من دمشق إلى حلب وحمص، وغيرها.
وعليه، وبعيدا عن كل المفاهيم السياسية، وخلافه، فهناك واجب أخلاقي وإنساني يتوجب على كل من مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، أن يكسروا صمتهم ويقفوا موقفا أخلاقيا وإنسانيا تجاه السوريين العزل الذين يريدون أن يعيشوا حياة كريمة، وملُّوا من شعارات المقاومة الكاذبة، وملوا القمع، والإهانة. وما لم يتنبه له العرب، دون استثناء، أن هناك أسئلة حقيقية تُطرح اليوم بالمنطقة، وقبلها بسوريا، منها: لماذا يُقتل السوري الذي يتظاهر ببلاده، بينما لا يُقتل السوري الذي يتظاهر بالجولان ضد الاحتلال الإسرائيلي؟ ولماذا يسلم اللبنانيون الجنود السوريين الفارين لأنهم يرفضون قتل أبناء شعبهم، بينما لو فروا لإسرائيل لما سلمتهم لدمشق؟
ولأننا انتقدنا الصمت الأميركي تجاه سوريا، والانتقائية بالتعامل مع البحرين، التي كانت مظاهراتها إيرانية صرفة، فإننا اليوم نوجه سؤالنا للعرب: إذا كان الصمود السوري قد أحرج أوباما، فمتى تشعرون أنتم بالحرج؟
الشرق الأوسط