أميركا: تصفية حساب مع سوريا… أم حوار؟
سركيس نعوم
عن سؤال: “ماذا يجب ان يفعل بشار الاسد في رأيك والذي طرحه المكلف نفسه في الادارة الاميركية المهمة اياها التعاطي مع عملية السلام وصاحب الخبرة فيها ولا سيما في الشق السوري منها”، أجبت: ما حصل فاجأ الجميع في المنطقة والعالم. المهم ان لا يكون فاجأ بشار نفسه. في رأيي هناك أمران اذا اقدم عليهما بشار نجا ونظامه واذا أحجم تأذّيا. الأول، اصدار قرارات اصلاحية جدية تتعلق بالقضايا الاساسية المشكو منها وفي مقدمها حال الطوارئ وقانون الأحزاب والمادة الثامنة من الدستور وقانون الاعلام ومباشرة العمل على تنفيذها بعيداً من اي مماطلة. اما الأمر الثاني، فهو ضبط الأمن بالتفاهم السياسي أولاً (قرارات الاصلاح المشار اليها) وبالحزم وذلك تلافياً لإعطاء الفرصة لكل من يسعى الى تغييرات جذرية تؤدي الى حرب اهلية. علماً ان القرارات الاصلاحية يجب ان تجعل تداول السلطة أمراً مقبولاً وممكناً. علّق: “الأمران صحيحان لكن نحن لا نستطيع ان نقول لبشار ان على قبضته ان تكون حديدية حين يبدأ جدياً تنفيذ الاصلاحات”. علّقت: معك حق. لكن على بشار ان يقيّد نفسه بمهلة للتنفيذ، ستة أشهر مثلاً. وعلى الناس المعترضين اذا اقتنعوا بجديته وصوابية قراراته عدم البقاء في الشارع حينئذ. ولا شيء يمنعهم من ذلك لأنهم يستطيعون العودة اليه ساعة يشاؤون. ولن تنفع قبضة حديدية عندها، لأنها اساساً فقدت الكثير من قوتها. ردّ: “الظروف الآن غير ظروف عام 1982، اي ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد وشقيقه وحماه وما حصل فيها. اليوم هناك الانترنت واليوتيوب والفيسبوك والخليوي. لا تستطيع ان ترتكب ما ارتُكب في حماه قبل نحو ثلاثة عقود ولم يعرف به وبتفاصيله المجتمع الدولي والعربي الا بعد اشهر طويلة. فالعالم كله سيعرف وبالصور ما حصل او ما يحصل بعد ساعات قليلة. لا تستطيع ان تقتل 20 الفاً او 30 الفاً او 40 الفاً من دون ان يدري بك احد. هناك مثل ليبيا. على كل حال لا اعرف مدى دقة الصور والافلام التي تُبث عن التظاهرات وما يجري فيها او خارجها واذا كانت صحيحة أو لا. لكنها انطوت كلها وتنطوي على مشاهد فظيعة”. سألت من هي المعارضة السورية؟ ممن تتألف؟ أجاب: “ليسوا كلهم ليبراليين وديموقراطيين. ربما لا يشكل هؤلاء ما نسبته خمسة في المئة من المعارضة. هناك ناس لا يعرفون حماه وما جرى فيها. ولدوا بعدها. هؤلاء لن يخافوا النزول الى الشارع. اذ يعتقد البعض ان الناس لا يريدون حماه جديدة او عراقاً جديداً في سوريا. الى ذلك يخرج هؤلاء من الجامعات مع شهادات ويبقون بلا عمل. كما ان هناك مشكلات كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية تدفع الى النزول الى الشارع. هناك ايضاً الاسلام الاصولي الناقم على النظام، والمعارضة السنية للنظام واعني بذلك “الاخوان المسلمون”. لا بد من اجراء حساب لكل ذلك.
ما هو في رأيك موقف السعودية من الذي يجري في سوريا؟”. أجبت: سمعت في اكثر من مكان وخصوصاً في واشنطن ان السعوديين واستطراداً الوهابيين لا يحبون “الاخوان المسلمين”. كانت السعودية سابقاً، وربما لا تزال على موقفها، ضد تغيير اي نظام في المنطقة وإن معادٍ لها او مُبتزٍّ خوفاً من ان تكر سبحة سقوط الانظمة فيروح نظامها ضحية ذلك ايضاً. بعد الاستياء من الاسد بسبب تراجعه عن تسوية مع “تيار المستقبل” وزعيمه الرئيس سعد الحريري عاد الملك عبد الله بن عبد العزيز وارسل اليه ابنه، وربما حض “معاونيه” على عدم التدخل ضد النظام المهدَّد في سوريا. قد يكون سبب ذلك معرفته ان اذية هذا النظام تؤذي بلاده ومصالحها في اكثر من دولة حليفه لها في المنطقة. علّق: “داخل الادارة الاميركية هناك التباس وهناك ربما رأيان. وانا لا اقول موقفاً الآن. فالموقف الرسمي يعبر عنه رئيس الدولة. وهو لم يتحدث عن هذا الأمر. هناك اناس يريدون تصفية حسابات مع سوريا واسقاط النظام الحاكم فيها، واراحة فريق 14 آذار اللبناني. وأسباب ذلك كثيرة، بعضها شخصي وبعضها يتعلق باسلوب الاملاء الذي استعملته ادارة جورج بوش السابقة مع سوريا ولم ينجح في تحقيق الاهداف المرجوة منه. أما الرأي الثاني فيعتبر اصحابه ان من المصلحة ادخال سوريا في حوار مع اميركا. لكن منهجية هذا الأمر لا تزال غير مبررة ولا واضحة المعالم لاسباب عدة. منها ان سوريا غير واضحة، وربما لم تحسم أمرها بعد. قد يكون الانسان أو الزعيم مُبالغاً في الثقة بنفسه وبقدرته. وهذا خطأ. قد يكون معتمداً على ايران ومساعداتها المتنوعة وخصوصاً التسليحية والتدريبية “وحزب الله” اللبناني”. سألت: ماذا عن عملية السلام في المطلق. بماذا أجاب؟
النهار