صفحات العالم

جهود فرنسية لافتة حيال المستقبل السوري


تركيز على صيغ ضمانات للطائفة العلوية

    روزانا بومنصف

تكشف مصادر ديبلوماسية ان العاصمة الفرنسية رغبت في اثناء رئاستها مجلس الامن خلال شهر آب المنصرم في ان تأتي بعناصر جديدة من اجل المساهمة في ايجاد حلول للوضع السوري من دون نتيجة بما في ذلك الاجتماع الذي دعت اليه فرنسا وعقد قبيل يوم من انتهاء رئاستها الدورية للمجلس وتناول الوضع الانساني للسوريين والنفاذ منه الى محاولة تقديم حلول لما يشهده الوضع السوري. ويسود الارتباك الدول الاوروبية عموما التي تضغط عليها الاحداث الدموية والمجازر التي تحصل في سوريا وتحاول المساهمة من جهتها بما يمكن ان يساعد الوضع السوري على غرار الاجتماعات التي عقدت في شكل متواصل في برلين في الاشهر الاخيرة من اجل بلورة صيغ لمرحلة انتقالية بكل تفاصيلها والتي تكللت بالنجاح وفق المصادر المعنية. اذ اعدت صيغة متكاملة لكل جوانب الحياة في سوريا مستقبلا سياسيا واقتصاديا وماليا واداريا بحيث تستحق ان تكون ورقة مهمة للنقاش على الاقل متى استحق الوقت لذلك. كما دخلت ايطاليا اخيرا على هذا الخط في الاطار نفسه خصوصا ان الدول الاوروبية باتت تفتقد وبعدما استنفدت كل وسائل الضغط الممكنة عبر العقوبات وما شابه الاداة الفعالة للضغط من جانبها على الوضع السوري. وتعمل فرنسا من جهتها على بذل جهود لافتة في هذا الاطار ولو ان الاقتراحات التي تعرضها لا تلقى الصدى اللازم. اذ ان ادارة الرئيس فرنسوا هولاند تسعى لاسباب داخلية تتصل بالتعهدات التي قطعها الرئيس الفرنسي في حملته الانتخابية وسعي فرنسا الى المحافظة على دور متقدم لها في المنطقة ولاسباب اخرى تتصل بعلاقاتها مع الدول العربية ان تكون سباقة وفاعلة اكثر من ادارة سابقتها في هذا الاطار من دون نجاح كبير حتى الان. اذ ان الديبلوماسية الفرنسية سعت في الاونة الاخيرة الى الدفع في اتجاه توسيع المجلس الوطني السوري نفسه من اجل ان يضم قوى اضافية تمثل غالبية الشرائح السياسية والاجتماعية في سوريا بحيث يمكن البناء عليه من اجل تأليف حكومة انتقالية دفع الفرنسيون علنا في اتجاهها. لكنها سرعان ما ووجهت باجوبة او بردود فعل سلبية من العاصمة الاميركية في الدرجة الاولى كما من روسيا اللتين تتفقان، ولو من مواقع مختلفة بالنسبة الى الوضع السوري، على بعض الامور كرفض حكومة انتقالية يقول الفرنسيون وفق ما تكشف المصادر المعنية انهم مستعدون للاعتراف بها. ومن شأن الاعتراف بهذه الحكومة في رأيهم ان يساهم اكثر في دعم المعارضة ويحد من القيود المتمثلة او المتذرعة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة. اذ يكون هذا الدعم لحكومة شرعية تمثل غالبية السوريين وليس تدخلا في الشؤون السورية.

ويبدو ان هذه الفكرة شهدت فرملة على وقع رد الفعل الاميركي ورد الفعل الروسي على رغم ان مرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الاسد شهدت تقدما نظريا مهما. وتكشف المصادر المعنية ان علامات الاستفهام التي تشغل الفرنسيين في شكل خاص في حمأة البحث عن الافكار التي تساعد على ايجاد مخارج للوضع المأسوي السوري تتصل بمحاولة ايجاد الصيغة المناسبة من اجل طمأنة الطائفة العلوية الى مستقبلها في المرحلة المقبلة. ومع الاقرار بان لا تصور واضحا لدى احد في هذا المجال حول كيفية اقناع ابناء هذه الطائفة بوقف التماهي مع الرئيس السوري ومحاولة ربط مصيرهم بمصيره، فان الاعتقاد يظل هو ان الاطمئنان لا يمكن ان يتأتى الا بالانخراط في العملية الانتقالية التي تشكل الضمان للمستقبل والبحث في سبل اقناع هذه الطائفة بذلك. وتجدر الاشارة في هذا الاطار الى ان هناك من يحاول ان يبحث في صيغ مماثلة للصيغة اللبنانية التوافقية التي حفظت حصص الطوائف وقدمت لهم ضمانات نسبية تطمئنهم الى وضعهم ومستقبلهم في لبنان او في ما اذا كانت الصيغة اللبنانية ممكنة ايضا علما ان الامر اثير ايضا لدى الحرب في العراق وفي ظل البحث عن صيغة حكم بديلة من حكم صدام حسين فاثار البعض ايضا امثلة وردت من بينها صيغة تقاسم الحكم طائفيا في لبنان على رغم انه لم يتم اعتمادها في العراق. ولا يعتقد ان الامر سيكون ممكنا ايضا بالنسبة الى سوريا وصيغة الحكم فيها في المستقبل نظرا الى اختلاف التوزيع الطائفي ونسبه كما لوجود اعتبارات اخرى..

وتقول المصادر المعنية ان هذه الضعضعة تظهر التردد ازاء الاندفاع في الوضع السوري في ظل غياب التوافق الدولي لايجاد حل سياسي هناك على رغم ان الانتخابات الرئاسية الاميركية تشكل الذريعة الاهم التي يختبئ وراءها كثر من اجل تبرير غياب اي مواقف حاسمة ازاء ما يجري في سوريا. ولكن هذه الانتخابات قد تغدو ذريعة اخرى كسواها باعتبار انه غالبا ما تثار اسباب واستحقاقات تبرر الانتظار او غياب الحلول في حين ان الاسباب الحقيقية قد تكون في مكان آخر كليا وفق ما هي الحال بالنسبة الى الوضع السوري حتى الان. وهذا سيظهر متى انتهت الانتخابات الاميركية وظل الوضع السوري على حاله من المراوحة حتى اشعار آخر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى