أهو الشؤم يلازمني إلى اللاذقية؟؟؟
ثائر موسى
يكثر سفري إلى اللاذقية هذه الفترة وذلك بحكم وجود أخت لي مريضة هناك، وأجد نفسي في معظم الأحيان على سفر إلى عائلتي، ليس فقط لمتابعة الحالة المرضية لأختي، وإنما أيضا للتواجد بقرب أمي أشد من أزرها وهي التي لاتنام قلقة على حال إبنتها… وفي خضم هذا الظرف الصعب علي وعلى أهلي، تزداد حالتي النفسية بؤسا مع توارد الأخبار عن إعتقال أصدقائي الذين تركتهم في دمشق… هكذا كان الحال عند إعتقال الصحفي عمر الأسعد والناشط السياسي أدهم القاق، وكذلك كان الأمر مع إعتقال صديقي الدكتور أسامة غنم، الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية… جملة من الإعتقالات تجعل الأسى يزداد تمكنا من روحي، حيث أجد نفسي محاصرا بمرض أختي من جهة، وقضبان تطبق على أصدقائي من جهة أخرى… وهكذا بدل أن أخفف عن أمي في مرض إبنتها، باتت هي من تخفف عني بعد أن فشلت في إخفاء قلقي وحزني عنها، وغدت الوالدة تدعو لهم بسرعة الفرج، وعودة الإبن إلى أمه، والأب إلى أولاده، وكل معتقل إلى أحبابه…
وإذا كانت دعواتها ودعوات الأمهات غيرها قد ساهمت بإطلاق سراح أصدقائنا الفنانين والكتاب والصحفيين الذين إعتقلوا في مظاهرة حي الميدان، فإن عودتي السريعة إلى اللاذقية قد حملت لي مع وصولي إلى بيت الأهل نبأ إعتقال الصديق شادي أبو الفخر؟؟؟!!! أهو الشؤم يرافق سفري إلى تلك المدينة؟؟؟ أهو القدر قد قرر صفعي مع كل قدوم لي إلى اللاذقية؟؟؟ أم أني أحمل” عروس الساحل السوري” ما لاتطيقه؟؟؟ فبحرها طالما أنشد الحب وحمل مع موجه إنعتاق الأفق ورحابة الحياة… وكأني أسمع صوتا يحاكيني من شواطئه: هو الشؤم نعم.. لكنه شؤم ذلك الجنون الذي إنطلق من عقاله.. شؤم من يريد حبس الماء والهواء.. الشواطئ والجبال.. الأرواح والقلوب.. لكنه شؤم زائل زائل.. ويؤكد لي بحر اللاذقية ألا أخاف من السفر إلى مدينته أو إلى دمشق.. إلى درعا أو دير الزور.. وأن أمر بحمص وحماه.. سافر ولاتخشى يابني فأصدقاؤك سيكسرون قضبان السجان، وسيأتون معك لزيارة أختك المريضة، فتستقبلهم أمك بفرح، وتطبع قبلاتها على وجوههم.. قبلات بيضاء على جباه سمراء وبيضاء.. أما السواد فسيغمر وجوه من إعتقلوهم إلى أبد الآبدين
السوري حتى العظم
ثائر موسى