أين أوراق الضغط على روسيا؟
عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
حدث ما كان متوقعا وأكثر. فأصحاب الأعمال الروس الذين قدموا إلينا، بعد أن تأجلت زيارتهم 3 مرات سابقة، لم يتمكنوا في العاصمة من مقابلة نظرائهم بعد أن اعتذرت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عن تنظيم الاجتماع بمقرها. فتعالوا معاً بدم بارد نحلل دلالات ما حصل؟
ولكن حتى نستوضح الصورة أكثر لا بد، أولاً وقبل كل شيء، من فهم آلية عمل الغرف التجارية والأسباب التي دفعت غرفة الرياض إلى الاعتذار عن تنظيم الاجتماع المشار إليه. فمثلما نعرف فإن غرفنا التجارية هي مؤسسات مدنية غير ربحية تهدف إلى خدمة قطاع الأعمال والمجتمع. وعلى هذا الأساس فإن هذه الغرف لا يمكنها أن تسير في اتجاه معاكس لمصلحة أو رغبة الفئتين المشار إليهما. ولذا فإن اعتذار غرفة الرياض أو رفضها تنظيم الاجتماع يعبر بالدرجة الأولى عن موقف منتسبيها الذين راعهم ما يحدث للشعب السوري الشقيق. وهذا على ما يبدو لي أمر مهم لروسيا أن تعرفه.
الشيء الآخر هو أن وفد أصحاب الأعمال الروس الزائر وفد غير عادي فهو يمثل الجانب الروسي من مجلس الأعمال السعودي الروسي المشترك. مما يعني أن الاجتماع هو جزء من الاجتماعات الدورية التي تعقد مرة في المملكة وأخرى في روسيا. وقد كان هذا الاجتماع مقررا في بداية السنة ولكنه تأجل عدة مرات حتى جاء يونيو/ حزيران. وفي ظل هذا الجو الملتهب ليس فقط من ناحية الطقس ما كان على أصحاب الأعمال الروس أن يصروا على القدوم إلينا وبلدهم لا يزال غائصا في أوحال الأحداث السورية- خصوصاً وأن الخارجية الروسية قد نصحتهم بأن الوقت غير مناسب للزيارة. والقول ان السياسة والاقتصاد موضوعان منفصلان وهم لا يشترى. فأصحاب الأعمال الروس الذين جاءوا إلى المملكة هم مجموعة متنفذة وكانوا يستطيعون بالتأكيد ممارسة الضغط على بلدهم بخصوص ما يجري في سوريا.
ولكن من ناحية أخرى عن أي ضغط من قبل أصحاب الأعمال الروس على حكومتهم نتوقعه إذا كان حجم التبادل التجاري بيننا وبينهم يراوح عند مليار دولار. فهذا مبلغ تافه لروسيا التي تملك ثروات الدنيا كلها ابتداء من النفط والغاز وانتهاء بالياقوت والزمرد. وفي هذا المجال يحضرني عتب الملحق التجاري لإحدى جمهوريات الفضاء السوفيتي السابق. فهو كان يتحدث معي ويشكو من كثرة الانتقادات والنصائح التي يسمعها منا في حين أن حجم التبادل التجاري بين بلده المسلم وإسرائيل يعادل مجموع التبادل التجاري مع كافة البلدان العربية مجتمعة. فعن أي أوراق ضغط يا جماعة نتحدث. فإلغاء الاجتماع الذي نحن بصدده، في ظل وهن العلاقات الاقتصادية بين المملكة وروسيا، لن تترتب عليه خسائر أكثر من تذاكر الطيران التي اشتراها أعضاء الوفد للمجيء إلى جدة والرياض وتكاليف الإقامة في الفنادق التي سكنوها. فأين هي أوراق الضغط إذاً؟!
ليس هناك أوراق ضغط قوية للأسف. بل مجموعة من الانتقادات والنصائح على غرار ما تحدث عنه صديقنا الملحق التجاري لأحد البلدان الإسلامية.
الرياض