«إبداعات» التلفزيون السوري
ندى الأزهري
لا يحيد التلفزيون السوري في التعامل مع أي حدث عن أسلوب: معنا «محور الممانعة والخير» أو ضدنا «محور المؤامرة والشر». وصبراً لمن يريد معرفة وجهة نظره مما يجري في سورية والعالم. ولمن لا يعرفها، هذه مقتطفات مما يبثه من مواقف وما يدلي به من تصريحات «مبتكرة»…
بعد تهليل برحيل ساركوزي ووصول هولاند إلى الرئاسة الفرنسية، وبعد تبين ثبات الموقف الفرنسي تجاه ما يجري في سورية، تحولت النظرة إلى هولاند. وحين استقبل هذا رئيس الائتلاف السوري المعارض، تفنّن المعلق التلفزيوني في قوله: «حاول الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إعطاء جرعة دعم جديدة لمخطط إحياء الأحلام الاستعمارية الفرنسية الغابرة في الشرق الأوسط من البوابة السورية عبر مسرحية إعلامية على خشبة قصر الإليزيه عيّن خلالها مندوباً سامياً جديداً إلى سورية أنتجه ائتلاف الدوحة لدعم الإرهاب في سورية المنشأ بإيعاز أميركي وتمويل قطري».
ومع «دخول الموقف التركي عتبة الزوغان الكلي»، يشتكي التحليل السياسي في هذا التلفزيون من «صعوبة إجراء محاكمته المنطقية»، لكنه مع هذا يجد أنه «ليس من العسير فهم الخلفيات ولا التمييز بين النفاق المحترف وكالة وأصالة (للغرب) وبين نفاق الأدوات (تركيا وبعض العرب) حيث يحاول النفاق التركي أن يجاري النفاق الغربي شأنه في ذلك شأن نظيره من الأعراب فيأتي نافراً ونشازاً… وفي بعضه ساذجاً ومفلساً… فمن استوطن في قلبه وفي عقله الهوى الإسرائيلي…» إلخ…
وحين يحاول هذا التلفزيون الحوار (!) مع وزير الدفاع لطرح أسئلة ساذجة – على رغم أنها معدّة سلفاً – من نوع «يتم تطهير بعض الأحياء من المسلحين (ثم مستدركاً) العصابات الإرهابية المسلحة، ليعود الجيش ويدخل إليها، لماذا (سؤال محير حقاً)؟»، فهذا كي يترك الضيف ليرد تسع دقائق من دون أدنى تعليق أو سؤال مضاد من المذيع تستدعيه بعض تفاصيل الإجابة، إلا إذا اعتبرنا هزّ الرأس وترداد نعم بين فينة وأخرى نوعاً من التعليق.
أما المهجّرون الذين قرر هذا التلفزيون الالتفات إليهم والاعتراف بوجودهم أخيراً، وذلك في تقرير الجولة الميدانية لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل رئيس اللجنة العليا للإغاثة، فقد تحولوا إلى مجرد «متضررين (ممّ؟) يقيمون في مراكز الإقامة الموقتة (هل يمكن إلا الإعجاب بهذا التعبير لشدة لباقته!)». ولا يفوت التلفزيون، للبرهان على مدى تضامن الشعوب مع سورية، بث صور مقربة (كي لا تظهر الأعداد الحقيقية؟) عن مسيرة «حاشدة» عنوانها «سورية والهند صداقة للأبد» (أيضاً؟!) قامت بها أحزاب وجمعيات هندية. لا أحد يضاهي التلفزيون السوري في لغته الفصيحة وابتكاراته، لكن على رغم هذا لا بد من طرح سؤال: متى يكفّ عن الاستخفاف بمشاهديه؟
الحياة