إسلاميون أمميون/ غسان المفلح
الاسلامي السياسي بمعزل عن كونه معتدلا أم متطرفا، منفتحا أم مغلقا، أسلاميا لبيراليا أم اسلاميا يساريا، أخوانيا أم قاعديا، لايمكن أن يفكر بشكل وطني صرف. تماما كالشيوعي في السابق وحتى الآن. اضافة إلى القومي الذي لم تحل مشكلته القومية. الدولة الوطنية لهم جميعا ليست سوى محطة عبور لدولة أممية، أو ما فوق وطنية. لهذا هو لا يعالج مشاكل الدولة الوطنية وناسها إلا انطلاقا من هذه البداهة. إنه فضاء من القناعات، الجمل الجاهزة، العبارات التي تجعل كل فرد يطل على الكرة الارضية من موقعه هذا. ينظر في افغانستان، كما يتحدث عن الازمة الاقتصادية في اليونان بنفس الدرجة والحمية. تحالفات داخلية بينية بين حاملي نفس الجمل الجاهزة، العلاقة مثلا بين أخوان سورية واخوان مصر أو حماس. تجعل من المسألة الوطنية- بمعناها الدولتي- تأتي تاليا. المركز الاممي في موسكو- يجسده مثلا كان متداولا بين اوساط اليسار الجديد في انتقاده للاحزاب الشيوعية” تمطر في موسكو يحمل الشمظلة في دمشق أو بغداد”. كالمركز القاعدي في تورابورا، وكمقر المرشد العام في القاهرة، الناصري في سورية مع الناصري في مصر. عبد الله اوجلان من معتقله في تركيا يقود أكراد من عدة دول، الولي الفقه الايراني حول كتل مهمة من الشيعة بالعالم إلى أجراء عنده، تحت مسميات احزاب شيعية، حاولت بعض الاوساط الخليجية أيضا بالمقابل أن تلعب هذا الدور، لكنها كانت أكثر فشلا من الولي الفقيه، اصبحنا أمام الغام وطنية متفجرة أو باقية لحين الحاجة- لبنان مثالا. ظهرت أمراض هذه الظاهرة في الربيع العربي. لكن مرضية هذه الظاهرة تتسع عندما نجد عدم اتساق وتساوي في التعاطي معها، عندما تكون هنالك دولة أكثر رسوخا كمصر، سيكون موقف الاخوان في مصر أكثر مراعاة لتلك الدولة من اقرانهم في سورية مثلا. من جهة اخرى النظم العربية عموما تباين فعلها على هذا المستوى، فبين جماعة البعث ونظامي الاسد وصدام وفروعهما في العالم العربي، وبين السياسة في دول خليجية في هذا المستوى، وصولا لملوك لا يريدون سوى سلطتهم ملك المغرب أو الكويت مثلا. اسلاميون امميون وأنظمة قومية أو اسلامية أو ملكية. في النهاية هي مشدودة لسلطها المشخصنة حول ديكتاتور. بالطبع هنالك عامل وهو الاهم في هذا الموضوع، هو طبيعة النظام الدولي الذي اسس هذه الدول. توزع قواه وتناقضاتها السياسية والمصلحية، التي كانت حتى هذه اللحظة تجد في انظمة العسكر والفساد والديكتاتوريات ضالتها، واكثر سهولة بالتعاطي معها في بعض مناطق العالم، خاصة في الشرق اولاسط. بالعودة لموضوعنا يصبح التداخل بين هذه الايديولوجيات المافوق وطنية، والنظام الدولي هذا في حركيته وتناقضاته أمرا مرحبا به. فهي تنزع عنها شرعية الحضور هنا، وتسبغ عليها دستورية الحضور هناك. حسب كل دولة وتراتبيات الهيمنة والسيطرة الدوليتين. في الثورة السورية شعبنا دفع ثمنا ويدفع، نتيجة هلوسات هذه الايديولوجيات، والتنظيمات التي انبتتها، والدعم المتبادل من قوى في النظام الدولي حسب مصالحها. اهم عامل نجاح من نجاحات التجربة التركية، أنها كانت تركية أولا وأخيرا، ومدعومة من اطراف قوية في النظام الدولي لها مصلحة في ذلك.عندما حررت امريكا العراق من صدام حسين، قام النظام الاسدي بارسال مقاتلين للعراق مع ايران لافشال التجربة، ولخوفه ان تمتد لدمشق. ساعده في ذلك تغطية بعض من المعارضة السورية، تحت مسمى مقاومة عراقية. هذه المعارضة ورموزها أنفسهم شكلوا بعد الثورة ما عرف بهيئة التنسيق، هذه الشخصيات والاحزاب يغلب عليها الطابع القومي والقومي اليساري. هذه المجموعات نفسها عندما دخلت لسورية اصبحت ارهابية. في العراق كانت مقاومة وفي سورية ارهابية دون اتساق! لهذا على الاسلاميين في الثورة السورية اعادت الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية.
ايلاف