استطلاع: المجلس الوطني السوري: استكمال المهام
لا شك أن للمجلس الوطني الحق باعتبار نفسه أكبر هيئة سياسيّة معارضة في الوقت الحالي في سوريا، ولاشك أيضاً في أن هذا التوصيف يحمل معه من المسؤوليّة بقدر ما يحمل من التشريف أو أكثر، كما أنه يقتضي جهداً فكرياً أكبر في نقد شكل المجلس وعمله، سيما وأنه نال تفويضاً شعبياً مبدئياً لتمثيل انتفاضة شعبيّة عارمة في البلاد، تدفع ثمناً هائلاً مقابل نيلها الحرّية والكرامة من براثن نظامٍ استبدادي عنيف وتستحق كلّ العمل والجهد لكي تصل بآمالها، وبالبلاد، إلى برّ الأمان.
عقد المجلس الوطني مؤتمره الأول في تونس الأسبوع الماضي، أي في مهد انتفاضات الربيع العربي ضدّ أنظمة اﻻستبداد والقمع والنهب من المحيط إلى الخليج. إنها بلا شك خطوة رمزيّة جميلة وتمنح زخماً ثورياً أكبر من أي مكانٍ آخر، لكنها خطوة رمزيّة، ﻻ أكثر. ﻻ يبدو من الجيّد للعمل المعارض أن نخطو، مع بعض المعلّقين في وسائل الإعلام، باتجاه اعتبار عقد المجلس الوطني مؤتمره في تونس إنجازاً، فهنا ما زلنا في مرحلة التأسيس للحدث. لكن، كيف كان الحدث؟ ما هي نتائجه؟
انطلاقاً من حرصه منذ تأسيسه على أن يكون منبراً فكرياً مُراقباً للسياسة وناقداً لها، قرر موقع “صفحات سوريّة” سبر آراء ناشطي الحقل العام السوري حول مؤتمر المجلس الوطني السوري في تونس بحثاً عن أكبر قدر من تنوّع الآراء وتباينها انطلاقاً من توافقها على أن هذا النظام القائم في سوريا يستحق الثورة عليه، وتستحق هذه الثورة عليه أن تنجح في تحقيق أهدافها بإسقاطه. لأجل ذلك، راسلنا مجموعة كبيرة من الكتّاب والمثقفين والناشطين في الشأن العام بمجموعة من الأسئلة حول مؤتمر المجلس الوطني تمحورت الرأي بالمؤتمر وفعالياته ونتائجه، مروراً بالمقترحات حول الخطوات المستقبليّة التي يجب على المجلس، بوصفه “دينامو” العمل السياسي السوري المعارضة، أن يخطوها، وانتهاءاً بالرأي حول تعاطي المجلس الوطني مع بروتوكول الجامعة العربيّة والخيارات المطروحة أمامه في حال فشل البروتوكول. لم نتلقى، للأسف الشديد، الكثير من التجاوب من قبل المثقفين والناشطين الذين تواصلنا معهم. البعض اعتذر لضيق الوقت، البعض الآخر أبدى عدم رغبته بالحديث عن المجلس الوطني في هذه الفترة، آخرون مارسوا حقّهم بعدم الرد سلباً أو إيجاباً. كنا نتمنى شمل طيفٍ أكبر من الساحة الفكرية المعارضة لكي تكون استنتاجاتنا واستنتاجات القارئ أكثر اتساعاً. على كل حال، يود موقع “صفحات سوريّة” أن يعبّر عن شكره وامتنانه للسادة إياد العبد الله، بكر صدقي، حسام القطلبي وصبحي حديدي على تعاونهم معنا والإجابة على أسئلتنا.
ﻻ نود إخفاء أن عزوف العديد من الأشخاص الذين راسلناهم عن الحديث عن المجلس الوطني حالياً أثار قلقنا، إذ أننا نعتبر أن الصمت عن آراء نقدية أو مخالفة لتوجهات وعمل المجلس أمرٌ مؤسف أيّاً كان سببه، خصوصاً إن كان ناتجاً عن خوفٍ من إساءة الفهم أو المزاودة من قبل من يعتبر، خاطئاً جداً، أن نقد المجلس الوطني يعني عرقلة العمل المعارض وزيادة الصعوبات عليه. نتفهّم، بطبيعة الحال، واقع الغضب والحزن العارم نتيجة سياسات وممارسات النظام الفاشي الدمويّة، لكننا نشدد على أن العمل الفكري النقدي يجب أﻻ يتوقّف، بل يجب أن يدخل في عمق المرحلة ويدرسها بالكامل ويقدّم فيها مقترحاته ووجهات نظره.
نعتبر أن على المجلس الوطني أن يدرس وجهات النظر النقدية حوله كهيئة أو حول تفاصيل عمله، وأن يعمل جاهداً على التنصّل من أي “قدسيّة” قد يضفيها عليه بعض أنصاره، فوقوعه في فخ تمجيد نفسه واستساغة سماع التأييدات هو أسوأ ما يمكن أن يقدّمه للثورة السوريّة، وعليه أن يعرف أن التأييد الذي يناله حالياً هو منطلق للعمل وليس هدفاً له، وأن هناك الكثير من المثقفين والعاملين في النشاط العام يؤيدونه طالما رأوا فيه تجسيداً لعمل سياسي من أجل طموحات شعبيّة سال من أجلها حتى الآن الكثير الكثير من الدّم، ووحده هذا الدم هو المقدّس اليوم. نعلم أن هذا الوعي غير غائب عن المجلس الوطني الآن، لكنّ مهمتنا الفكرية تقتضي التذكير مراراً وتكراراً بذلك، والوقوف بوجه هذا الغياب إن حدث.
يتحمّل المجلس مسؤوليات ضخمة، ولعلّها أضخم بكثير مما يمكن أن يُنتظر من هيئة سياسية عمرها شهور قليلة أن تتحمّل. لكنّ الظروف التي تمر بها البلاد تقتضي منه أن يتصدّى لهذه المسؤوليات وأن يمتنع، كهيئة وكأعضاء، عن جعلها حجّة لتبرير أي نواقص يمكن أن تظهر في عمله. لدى المجلس، حتّى الآن، مشكلة في الخطاب والتواصل والوضوح. ﻻ نعلم إن كان ذلك بسبب تأخر في تبلور السياسة الإعلاميّة حتى الآن أم أن هناك أسباباً أخرى، لكن هذه المشكلة لم تعد تحتمل انتظاراً أكبر.
ختاماً، نقول أن موقفنا الأخلاقي المنخرط في نضال الشعب السوري من أجل كرامته وتحرره من الطغيان تحتّم علينا الوقوف بجانب العمل السياسي المعارض السائر في هذا الطريق، وﻻ وقوفاً وﻻ تضامناً افضل من تسخير العقل والفكر النقدي لصالح الانتفاضة ولأجل نجاحها.
أسئلة موقع صفحات سورية، ومن ثم الاجابات مرتبة أبجديا.
1- ما هي أهمية انعقاد مؤتمر المجلس الوطني في هذا الوقت
2- هل كانت نتائج هذا المؤتمر عند حسن الظن؟ هل استجابت لمطالب الشعب الثائر في سوريا؟
3- ما هي توقعاتك بما يخص عمل المجلس الوطني في المرحلة المقبلة
4- ما هي مقترحاتك لتطوير العمل فيه
5- المجلس الوطني وبروتوكول الجامعة. هل تعاطى المجلس الوطني بشكل جيّد برأيك مع المستجدات الحاصلة في الأيام الأخيرة فيما بخص توقيع بروتوكول الجامعة العربية؟ ما هي آراؤك ومقترحاتك بهذا الخصوص
6- كيف سيتعاطى النظام مع البروتوكول؟ ما هي العراقيل التي سيضعها في وجهه؟
7- ما هي خيارات المعارضة في حال فشل البروتوكول؟ ما البدائل؟
إياد العبدالله
ج1 ـ في هذا الوقت تأتي أهمية انعقاده من التطورات الأخيرة المتعلقة بالمسألة السورية. دولياً وعربياً، ثمة تغيرات تلوح في الأفق، وخصوصاً الموقف الروسي والصيني. لست مع تضخيم هذا الأمر بالطبع، فروسيا إذ أقدمت على خطوتها هذه فذلك لأنها لا تستطيع السباحة منفردة في المياه العالمية، ومع ذلك فهي لا تزال تناور وتحاول إرسال الرسائل إلى مختلف الأطراف، تجلى هذا في مشروعها الأخير الذي يحمل إدانة لعنف المعارضين والمحتجين في سوريا، وكذلك للنظام. الأوروبيين والولايات المتحدة يراقبون سير عمل فريق المراقبين المرسل من قبل الجامعة العربية وينتظرون نتائجه، وكذلك سلوك النظام السوري أثناء تأدية هذا الفريق عمله، ومدى التزام النظام بنقاط البروتوكول الذي وقع عليه. داخلياً، هناك تطورات لافتة أيضاً، لعل أبرزها دخول بعض المدن السورية التي نأت بنفسها سابقاً عن المشاركة بالثورة، حلب والرقة على سبيل المثال. ولا نستطيع إغفال تفجيرات دمشق الأخيرة، فهي تحول يحمل دلالات لا يستهان بها. ما أريد قوله بعد هذه المطولة، أن أهمية انعقاد المؤتمر في هذا الوقت تأتي ربما أنه ينبغي أن يكون جديراً بالتعامل مع هذه المستجدات. وخصوصاً أنه الائتلاف المعارض الأكثر تمثيلاً وبروزاً.
ج2 ـ ليس من السهل أن تطابق تماماً مطالب الناس التي هي على الأرض وتعاني من ظروف مرعبة. أقصد، أن السوريين الثائرين على الأرض، وبسبب من ظروفهم الصعبة، بدءاً من صعوبة توفير مستلزمات الحياة الأولية وانتهاء بالنزيف اليومي المتمثل بالشهداء، مروراً بالحصار والاعتقال…إلخ؛ هذا يجعلهم أكثر انفعالية وتبرماً من أداء أهل السياسة ولغتهم. وربما تدفعهم هذه الظروف نفسها إلى عدم اعتبار المتاح والممكن، وربما كان هذا وراء بعض ردود الأفعال الغاضبة اتجاه المجلس الوطني، من قبل من سبق له أن رفع شعار “المجلس الوطني يمثلني”. أما المجلس الوطني فهو هيئة سياسية، يسير وفق حسابات معينة تتداخل فيها معطيات لا يستطيع أن يدير ظهره لها. هو يسعى للتطابق مع مطالب الثائرين، وأظنه نجح إلى حد كبير، ولكن أيضاً هو يعمل بالسياسة وما تفرضه هذه الأخيرة من أخذ ورد لتحصيل مكاسب سياسية. لذلك اعتقد أن نتائج المؤتمر هي أقصى ما يستطيعه المجلس.. وهي تلامس إلى حد بعيد أهم القضايا الحساسة في الشأن السوري.
ج3 ـ لا خطوات عملية معينة في بالي حول ما سيقوم به بالضبط. أظنه سيسير على طريق تفعيل نتائج مؤتمره… والتعامل مع المستجدات والوقائع الحاصلة في سوريا. وإذا كان المقصود بالمرحلة المقبلة، أي بعد حصول التغيير في سوريا، أيضاً لا خطوات محددة أستطيع توقعها بالضبط. إن “الجهاد الأكبر” سيكون بعض حصول التغيير. وبكل الأحوال، يرتبط شكل ومضمون أداء المجلس الوطني، وغيره من التمثيلات السياسية، بالوقائع التي ستعيشها سوريا أثناء وبعد التغيير. ثمة وقائع مركبة، واحتمالات متعددة فيما يخص مستقبل البلاد، وينبغي أن يكون المجلس الوطني مستعداً لها.
ج4 ـ مما اقترحه على هذا الصعيد، بلورة رؤية واضحة وصارمة اتجاه مستقبل سوريا لا تكتفي بالعموميات. ثمة سوريون يقفون على أرض أخرى غير تلك التي يقف عليها المجلس، كثير منهم قلق وخائف وينظر بتوجس إلى المستقبل الذي ينتظره. ومن هنا أؤكد على قضية الإعلام ومضمون الخطاب الذي ينبغي اعتماده، وخصوصاً أنها شهدنا في مرحلة سابقة فوضى إعلامية فيما يخص المجلس عبر تصريحات غير مسؤولة أحياناً من قبل البعض الذي يقدمون أنفسهم بشكل يوحي وكأنهم يعبرون عن توجهات المجلس، بل إن بعض التصريحات كانت تصل إلى حد التناقض تقريباً. على المجلس أيضاً أن يسعى لبناء مرتكزات اجتماعية فاعلة على الأرض، تكون مهمتها التعامل مع بعض الاندفاعات الشعبية التي تأتي على شكل ردات فعل انتقامية على القمع الممارس على أصحابها من قبل النظام وأنصاره. أنا أجد أن هذا الأمر هام جداً، ومن الخطير عدم التصدي له. مما أقترحه أيضاً، العمل على توسيع المجلس ليشمل أكبر قدر ممكن من القوى والشخصيات الوطنية والتعبيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وأشير أخيراً، أن العمل على خلق آليات وطنية فاعلة تساعد على الصمود وتحقق بعض المكاسب هو أمر في غاية الأهمية، ففي الوقت الذي لا يمكن التغاضي فيه عن المجتمع الدولي والدول العربية، إلا أن تكثيف العمل باتجاههما وإهمال ما عداهما، غير جيد. ولنا تجربة في هذا الشأن عمرها عشرة اشهر.
ج5 ـ خرجت بعض التصريحات التي تشير إلى خداع النظام في توقيعه على البروتوكول، وأنه يسعى لكسب الوقت الذي يتيح له الاستمرار في قمع الثورة، وطالبت الجامعة العربية بإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن. حصل هذا حتى قبل وصول وفد المراقبين العرب. ما أعطى بعض القوة لهذه التصريحات هو المأساة التي مرت فيها إدلب عشية التوقيع على البروتوكول، على يد عناصر الأمن. لا أشكك لحظة بأن النظام سيسعى للالتفاف على البروتوكول وتطبيقه، وتعطيل مضمونه أيضاً. ولكن مع هذا، لا أجد أنه من المستحسن ترك الساحة خالية للنظام وحده في التعاطي مع المراقبين العرب. وخصوصاً أن دخول المراقبين نال ترحيباً دولياً وعربياً، وتستطيع المعارضة أن تراقب بدورها عمل اللجنة وتعمل على كشف بعض الألاعيب التي يمكن أن يمررها النظام. ثمة بعض النقاط الواضحة في البروتوكول تخص الإفراج عن المعتقلين وسحب قوات الجيش والأمن من المدن والسماح بدخول الإعلام لمتابعة ورصد الأوضاع في سوريا والوقوف على حقيقتها، مثل هذه الأمور تستطيع المعارضة من خلال متابعتها إحراج النظام، بل وحتى المراقبين العرب، ومن ورائهم الجامعة العربية، في حال تراخيهم. وبكل الأحوال، فإن التعامل مع واقعة دخول المراقبين الدوليين لا يقف عائقاً أمام العمل على مسارات أخرى ترتئيها المعارضة.
ج6 ـ إن تنفيذ البروتوكول بحذافيره له نتائج كارثية بالنسبة للنظام، وهو أمر يعيه تماماً. وما ذهابه للتوقيع عليه إلا مجبراً ومكرهاً على ذلك. ولذلك من الطبيعي أن نتوقع أن يعمل النظام على تعطيل أو تفريغ البروتوكول من محتواه أو سحب نتائج عمل المراقبين العرب لصالحه. أما كيف؟ فهذا سيكون عمل استخباراته التي ستعمل على صناعة وقائع على الأرض وإخراجها بما يفيد رواية النظام وإعلامه. ولكن هل سينجح في هذا؟ أعتقد أن هذا متوقف على نزاهة وجدية المراقبين العرب، وعلى فاعلية المعارضة والثائرين، بالدرجة الأولى.
ج7 ـ الوضع معقد ومركب في سوريا. في حال فشل البروتوكول، لا خيار إلا بمتابعة العمل نحو إيجاد سبل ضغط دولية وعربية وداخلية على النظام. وهنا لا بد من التأكيد على الآليات الداخلية، التي تتيح الاستمرار والصمود. فالدول العربية والغربية لها حساباتها وأولوياتها، وهذا أمر أصبح غاية في الوضوح.
بكر صدقي
ولد المجلس الوطني السوري بعد مخاض عسير، وبضغط من الثوار على الأرض. فتحمل بذلك مسؤولية وطنية وتاريخية كبيرة جداً، إذا فشل في تحقيق مهماته، تحمل وحده الفشل، وإذا نجح في تحقيق جزء منها أو كلها، فالفضل سيكون للثوار وليس له. باختصار لا يحسد المجلس وأعضاؤه على موقعهم. وأخص منهم رئيس المجلس برهان غليون الذي يتحمل برأيي ما فوق طاقة البشر. فبالمعنى الشخصي انتقل الرجل من موقع المثقف النقدي المحترم، إلى موقع السياسي الذي يجب أن يغوص في أوحال العمل السياسي وفي وضع استثنائي. أضف إلى ذلك تحمله لمسؤولية أخلاقية باهظة جداً تجاه دماء السوريينن وبالأخص ما يمكن أن يتعرض له أهله أو أقاربه في سوريا على يد عصابات الإجرامن وهذا ما حدث فعلاً لأخيه ولابنة أخيه.
لكن كل الاعتبارات السابقة، على أهميتهان قد تهون أمام صعوبة قيادة الثورة إلى بر الأمان في شروط هي الأصعب بالقياس إلى الثورات العربية الأخرى. هذا ما أريد التفصيل فيه.
كان واضحاً منذ البداية أن الثورة السورية يتيمة تماماً لولا بعض التعاطف الإعلامي، ويعود الفضل في هذا التعاطف إلى إيغال العصابة الحاكمة في إجرامها أكثر مما إلى أي عامل آخر. أعني أنه لا الدول العربية ولا ما يسمى المجتمع الدولي متحمس لأي تدخل فاعل لحماية الثورة السلمية أو لمساعدتها على الغطاحة بحكم العصابة. لا يتعلق الأمر فقط بالفيتو الروسي أو الصيني، بل كذلك هي حال تركيا والولايات المتحدة وأوروبا. فعلى رغم ارتفاع نبرة إداناتها لوحشية النظام، لكنها غير مستعدة لأي تدخل فاعل يلجم همجية النظام.
يبقى الرهان الوحيد على صمود الشعب الثائر وتحمله للقمع الوحشي لأطول فترة ممكنة. فهذا وحده ما سيضع ضمير العالم أمام مسؤولياته -وإن كانت الدول بلا ضمير من حيث المبدأ – بكلمات أخرى: النظام الذي لا يملك امام صمود الثورة غير البطش الدموي سوف يُرغِم العالم أخيراً على التدخل. وهذا ما بدأ فعلاً منذ تم إنشاء المجلس الوطني السوري أوائل تشرين الأول الماضي. فقد تحركت الجامعة العربية بعد ذلك مباشرةً. ورأيي الشخصي أن الجامعة فعلت كل ما تستطيع فعله، ومن المجحف لومها بالتقصير أو المماطلة. تحرك الجامعة هذا، إضافة إلى عزلها للنظام وفرض عقوبات عليه، ساهم أيضاً في إنضاج الموقف الروسي ودفعه نحو الأفضل. برأيي أيضاً أن مجرد نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن يعتبر خطوة كبيرة جداً إلى الأمام مهما كان القرار الذي قد يصدر عنه ضعيفاً أو مخيباً في صيغته. فهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يردع العصابة من جهة ويعجل في تفككها الحتمي من جهة أخرى.
إذن بين توقعات الثوار على الأرض من المجلس الوطني والامكانيات الواقعية المتاحة، بون شاسع. فهم عقدوا آمالهم على تأسيس المجلس وفي أذهانهم نموذج المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي شكل منصة التدخل العسكري لحلف الناتو. بصراحة هذا ما يتمناه السوريون الثائرون. لكن المجلس بالمقابل يدرك – من خلال اتصالاته الدولية – أن المجتمع الدولي غير متحمس لأي تدخل عسكري في سوريا.
هذا هو مأزق المجلس الوطني الرئيسي.
وكأن هذا لا يكفي، واجه المجلس وما زال، ضغوطاً من نوع آخر عرقلت إمكانيات تحقيقه لإنجازات ملموسة. فهناك أولاً ضغوط من الجامعة العربية والمجتمع الدولي تطالبه بضم بقية اطياف المعارضة السورية لكي يعترفا به ممثلاً بديلاً للشعب السوري، وهو شرط أي دعم له.
ومن جهة ثانية هن جماعة هيئة التنسيق التي خربت على المجلس كثيراً ولعبت دوراً مشؤوماً زاد من معاناة الشعب وسفك دمه. وهناك قوى وأفراد معارضين ناصبوا المجلس العداء بدعوى انه لم يعطهم حصة. أي من اشترطوا لدعم المجلس أن يكونوا أعضاء فيه. وبرأيي هذا موقف لا أخلاقي وسفيه. فإما أن يدعم المرء المجلس أو لا يدعمه بصرف النظر عن الحصول على “حصة” فيه. هذه هي حال كثير من المتسلقين الذين ينظرون إلى المسؤولية الوطنية باعتبارها مكاسب شخصية.
أيضاً الحركة السياسية الكردية أربكت المجلس كثيراً بانفصالها في “مجلس وطني كردي” مستقل عن أطر المعارضة العربية، ليشترط على المجلس الوطني مطالب كردية خاصة ثمناً لدعمه والانخراط فيه. أعتقد أن مؤتمر تونس انتزع هذا الفتيل حين التزم في بيانه الختامه بالحقوق المشروعة للأكراد بما في ذلك الاعتراف الدستوري بالهوية الكردية ضمن إطار وحدة البلاد أرضاً وشعباً.
كما نجح المؤتمر بضم هيثم المالح إلى قيادته. يبقى أمر جماعة هة التنسيق. وهناك أخبار تدعو لشيء من التفاؤل بهذا الخصوص.
باختصار: كما تلعب همجية النظام الدور الأول في ازدياد عزلته العربية والدولية وتعجل بمسار سقوطه، كذلك تلعب دوراً مماثلاً في ردم الفجوات بين أطراف المعارضة وصولاً إلى توحيدها.
أعتقد أن مسار الأحداث يمضي حثيثاً في اتجاه واحد هو سقوط النظام، وذلك بتضافر مجموعة العوامل الفاعلة: العرب والعالم يزدادون قناعة باطراد بضرورة التخلص من النظام… الشعب السوري يزداد قرباً من الثورة وابتعاداً عن النظام (أعني اتساع رقعة المشاركين والمؤيدين للثورة مقابل تقلص القاعدة الاجتماعية المؤيدة له باطراد)… المعارضة السورية تزداد تلاحماً… الجيش يزداد تفككاً… والنظام يزداد وحشية وتخبطاً… أضف إلى ذلك مفاعيل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والإضراب الذي يسرع من وتيرة هذه الأزمة…
من المحتمل أن يبدأ تفكك النظام بعد نقل ملفه إلى مجلس الأمن.. فإذا بدأ قد نشهد انهياراً سريعاً…
أما إذا لم يحدث هذا التفكك، فهناك مخاطر جدية من انزلاق الوضع إلى الحرب الأهلية بمعناها الطائفي الأهلي. وهنا تتحول سوريا إلى ما يشبه البوسنة والهرسك، فيدث تدخل عسكري دولي لا مفر منه..
ما هو المطلوب من المجلس الوطني بعد مؤتمره الأول؟
مطلوب منه إنهاء ما تبقى من انقسامات في صفوف المعارضة بأسرع ما يمكن… ومطلوب منه ضم عارف دليلة بالذات إلى قيادته… ومطلوب منه تعويض فشله السابق في زيارته لموسكو، أي بذل مزيد من الجهد الدبلوماسي لتطوير الموقف الروسي… وعموماً بذل كل جهوده الدبلوماسية مع القوى الفاعلة في العالم للتعجيل بإصدار موقف قوي قدر الإمكان من مجلس الأمن لصالح الثورة السورية… ومطلوب من المجلس إصدار بيان يومي يواكب الحدث على مدار الساعة ويغطي الجانبين الميداني والسياسي.. ومطلوب من المجلس توفير مصادر دعم للثوار ولإغاثة المنكوبين والمعتقلين وأسرهم والمهجرين في لبنان وتركيا والأردن إضافة إلى الجنود والضباط المنشقين في الجيش الحر…
هذه بعض المقترحات التي تحضر في الذهن بصورة مباشرة.
حسام القطلبي
1- تأسيساً على أهمية تشكيل المجلس الوطني لبلورة وتغطية المستوى السياسي للثورة السورية، فإن انعقاد الهيئة العامة للمجلس الوطني السوري في تونس شكل فرصة لتدارس البرنامج السياسي المرحلي القادم. كما بلورة عدة نقاط أساسية تبنى عليها إستراتيجية تحرك المجلس على المستويين الدولي و الإقليمي.
كما يجب أن يساهم هذا الاجتماع في تحديد خط إعلامي بدا مرتبكاً خلال المرحلة الفائتة نتيجة لاختلال في توزيع المهام الإعلامية داخل المجلس. أيضاً مسائل كالإغاثة و تأمين المساعدات الإنسانية للاجئين و المحاصرين داخل سوريا و على حدودها مع الدول المجاورة، هذه لا تقل أهمية عمّا سبق. ذلك ببناء هيكلية واضحة و محددة لتوزيع المهام الإغاثية، و بناء خطط عمل لتأمين الموارد المالية و من ثم تأمين توصيل المساعدات.
أيضاً فإن انعقاد المجلس بكامل أعضاء هيئته العامة، شكل فرصة للتواصل بين الرؤى المختلفة و إعادة النظر في المواقف المسبقة التي بنيت على انطباعات عامة داخل المجلس. وكان من المفيد توجيه النقد والنظر في إنجاز أقسام المجلس التنفيذية في أعلى الهرم أمام الهيئة العامة للمجلس.
ولا أغفل البعد الرمزي العميق لانعقاد المجلس في تونس مع نجاح الخطوات الأولى للعملية السياسية في المرحلة الإنتقالية في هذا البلد الذي شهد انطلاقة الربيع العربي. و مع الذكرى السنوية الأولى لشمعة الحرية محمد البوعزيزي.
2- ثمة إرتباك دائم في الإجابة على هذا السؤال. هناك مطالب أساسية للشعب السوري الثائر، تم تشكيل المجلس ليستجيب لها تحديداً. وعليه أن يكون بهذا المعنى عند حسن الظن في أدائه و خطه السياسي و خطابه الإعلامي و دعمه للثورة بالداخل. لكن الارتباك ينشأ أحياناً أمام فهم خاطئ لمهمة المجلس على أنها تنفيذية. أي أن المطالب تأتي من الداخل و المجلس ينفذ التعليمات أو يتبنى كل ما قيل على قاعدة (الجمهور عايز كده)! هذا تبسيط وتسطيح بالغ لدور المجلس الوطني السوري. لو كان الأمر هكذا لما كان للـ(الجمهور) نفسه حاجة بالمجلس. كما أن المجلس لا يملك أي قوة تنفيذية بطبيعة الحال.
إذا أغفلنا التبسيط الأخير، و بالنظر إلى الاجتماع الأخير في تونس على مستوى استكمال تشكيل هيكلية المكاتب التخصصية و توزيع المهام و إقرار النظام الداخلي للانطلاق باتجاه العمل كمؤسسة تستطيع أن تعطي انطباعاً في الداخل السوري و على المستوى الدولي بأنها قادرة على القيام بأعباء المرحلة. فإن هذا إنجاز يسجل للمجلس. ويبقى أن اختبار كل هذا على المستوى العملي سيكون في الأسابيع القادمة و هناك يتم الحكم تالياً على مدى نجاح المجلس في نقل ما تم إنجازه في دورة انعقاده الأولى إلى المستوى العملي بما يخدم الثورة السورية ويدعمها.
3- هناك عدد كبير من التحديات أمام المجلس. أولها العمل تحت ضغط الوقت و الدم المسال يومياً في شوارع سوريا. في ظل الظرف الدولي و الإقليمي بالغ التعقيد بخصوص موقع سوريا ودورها وتضارب رؤى القوى الدولية المؤثرة ومراكز صنع القرار العالمي و الإقليمي. سيواجه المجلس كل هذا وهو يحمل ملف حماية المدنيين منطلقاً من أن التغيير في سوريا هو مهمة ملقاة على عاتق السوريين أنفسهم. و في الوقت نفسه فإن توفير الحماية للمدنيين السوريين أمام آلة قتل فظيعة ويومية هي مهمة ملقاة على عاتق المجتمع الدولي كله. ضمن معادلة مركّبة من هذا النوع فإن المجلس الوطني يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في أن يعطي الانطباع بالقدرة على إدارة شؤون الدولة في مرحلة إنتقالية ربما تكون بالغة الصعوبة. كما تأمين السلم الإجتماعي، ذلك بمعاملة كل السوريين على القدر نفسه من التقدير و المساواة أياً يكن توجههم السياسي أو حتى مدى إنخراطهم بنشاطات الثورة أو مدى التصاقهم أو ابتعادهم عن النظام المجرم، مراعياً في الوقت نفسه مسألة محاسبة من ارتكب أو ساهم في ارتكاب الجرائم بشكل مباشر أو غير مباشر.
باختصار فإن المجلس الوطني السوري يجب أن يحمل من اسمه كل النصيب، بمعنى أن يكون وطنياً جامعاً و للسوريين جميعاً. هذا سيسهم بشكل كبير في اكتسابه للثقة داخل و خارج سوريا. هذه الثقة الضرورية التي ستسهل مهمته المرحلية إلى حد بعيد.
4- على المجلس الوطني أن ينطلق أساساً من الثقة بنفسه و قدرته على تمثيل الشعب السوري. هذا لا يصح مع خطاب مرتبك أمام موضوعة وحدة المعارضة و ما يخلقه آخرون محسوبون على المعارضة من انشغالات بذلك تحت عناوين زائفة تسهم في تضييع الوقت و تشتيت جهد المجلس و العمل الوطني العام. لقد أقر المجلس منذ بداية تشكيله بنية مفتوحة على كل السوريين وقادرة على استيعاب أي تيارات سياسية أو ميدانية حقيقية ناشئة أو سابقة عليه. ذلك تحت عناوين أساسية لا لبس فيها ومواقف جذرية متعلقة بإسقاط النظام برأسه وكل رموزه، كما القطيعة الكاملة مع أي حوار مع النظام المجرم إلا تحت عنوان أوحد هو: الانتقال السلمي الفوري للسلطة.
إن الإنطلاق من القاعدة السابقة بالثقة بالنفس سيسهم في تكريس المجلس الوطني بشكل مرحلي على الأقل ممثلاً للشعب السوري. كما أن خطوات عملية من قبيل تشكيل حكومة منفى تستطيع نقل العمل إلى مستوى أعلى وتسهم في الاعتراف الدولي الضروري به.
هناك أيضاً مسألة إنجاز الوثائق الأساسية لوضع الإطار النظري لعمل المجلس و تكريس المفاهيم الأساسية التي تنطلق منها الثورة السورية في العدالة الاجتماعية و الحرية والكرامة. تمهيداً لكتابة دستور سوري جديد وعصري ينسجم مع الأسباب و الأهداف التي انطلقت الثورة من أجلها.
5- أذكر أننا و بعد الانتهاء من الجلسات في تونس وقبل التوجه للمؤتمر الصحفي، جلسنا لمتابعة خبر توقيع نائب وزير الخارجية السوري على البروتكول المقترح من الجامعة العربية ثم المؤتمر الصحفي لوزير خارجية النظام المجرم. في هذه الأثناء بدأنا بتلقي المكالمات من وسائل الإعلام المختلفة للتعليق على الحدث. وتابع الجميع مواقف غير منسجمة لأعضاء المجلس فيما يخص توقيع البروتكول و كان ثمة إغفال في التصريحات لمسائل أساسية متعلقة بارتباط البروتكول بجملة نقاط في المباردة العربية. هذا أدى لارتكاب مغالطات مختلفة في التصريحات. ومع أننا كنا سنتوجه جميعاً للمؤتمر الصحفي للمجلس و يفترض أن نعلن من هناك موقفاً محدداً من المسألة. إلا أن تسرع بعض أعضاء المجلس في الإدلاء بتصريحات لم تتم بالتنسيق مع فيما بيننا لم يترك انطباعاً طيباً. ثم جاء تالياً المؤتمر الصحفي لرئيس المجلس و أعضاء من المكتب التنفيذي لتوضيح موقف المجلس الرسمي من توقيع البروتكول.
أريد أن أضع هذا في سياق اختلاف الرؤى السياسية التفصيلية أحياناً. إلا أن ذلك لا يعفينا من مسؤولية الانضباط في العمل داخل مؤسسة المجلس لجهة ترسيخ رؤى منسجمة من تطورات الأحداث.
6- كل من شاهد المؤتمر الصحفي للوزير المعلم بعد توقيع البروتكول أدرك بوضوح أن النظام المجرم قام بالتوقيع على قاعدة إفراغ المبادرة العربية من مضمونها و إدخالها في تفاصيل تقنية تبتعد بها عن الروح الأساسية التي انطلقت منها و التي تجلت في نقاط متعلقة بوقف القتل و سحب المظاهر المسلحة من الشوارع و المدن و إطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية نشاطات الثورة. ولم يخفِ الوزير المعلم ذلك عندما قال بفذلكة بالغة: سنغرقهم بالتفاصيل و عليهم أن يتعلموا السباحة!
تبيّن لاحقاً أن النظام سيغرق مهمة المراقبين بأكثر من مجرد تفاصيل، بالدماء! بدأ بارتكاب مجازر وحشية في جبل الزاوية ثم انتقل لتدبير انفجارات في قلب العاصمة دمشق.
يدرك النظام المجرم أن توقيعه للبروتكول و التزامه ببنوده سيسهم بتعجيل سقوطه. كما أدرك أن عدم التوقيع لن يبقيه بمنأى عن السقوط الحتمي. وهو يعلم أي درك أسفل وصله مع غوصه في دماء السوريين و إمعانه في القتل اليومي. هو يدرك أنه الغريق الحقيقي هنا وليس الشعب السوري أو مبادرة الجامعة العربية. ولكن مهارات فذلكة (السباحة) التي أتقنها طول عقود لم تعد صالحة للعمل بقرار من الشعب السوري وبالبيان العملي طوال الأشهر العشر المنصرمة.
7- أدخل من الإجابة السابقة إلى القول بحتمية فشل تطبيق البروتكول. وهذا سيضع المجلس الوطني السوري فوراً أمام استحقاقاته. مما يوجب عليه العمل فوراً باتجاه زيارات كثيفة للعواصم المؤثرة في القرار العالمي و عقد مؤتمرات صحفية يومية للتركيز بكثافة على تحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن لاستصدر قرار واضح وملزم لحماية المدنيين تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وإرسال رسائل مباشرة للنظام بعدمية سلوكه الإجرامي الذي لن ينأى به عن مصير السقوط الحتمي.
هناك الكثير من الخطوات العملية الجاهزة التي تم تدارسها في هذا الشأن بشكل مسبق داخل المجلس الوطني سأتركها للأيام و الأسابيع القادمة.
صبحي حديدي
ما هي أهمية انعقاد مؤتمر المجلس الوطني في هذا الوقت؟
بعد أن تأخر المؤتمر أكثر ممّا ينبغي، صار حدث الانعقاد في ذاته هو مبعث الأهمية، وليس اقترانه بأي سياق أو توقيت. مؤسف، على هذا، أنّ الوقائع على الأرض، سواء لجهة مجازر جبل الزاوية أو توقيع النظام على البروتوكول مع الجامعة العربية، كانت قد تجاوزت الكثير الجوهري في جدول اعمال المؤتمر.
هل كانت نتائج هذا المؤتمر عند حسن الظن؟ هل استجابت لمطالب الشعب الثائر في سوريا؟
ما خلا التسريبات والأقاصيص هنا وهناك، لا نعرف الكثير، بعد، عن نتائج المؤتمر، في المستويات الرسمية والتوثيقية على الأقل. ضمن هذه الحدود، لا أرى أنّ المؤتمر كان عند حسن الظن، إذْ تلكأ في معالجة ثلاث مسائل حساسة للغاية، هي طرائق مواجهة اشتغال النظام على إشعال بؤر مواجهات طائفية، وتصاعد مزاج عسكرة الانتفاضة في الشارع الشعبي، واختلاط مفاهيم التدخل الخارجي وحماية المدنيين. وما صدر عن المؤتمر بصدد هذه المسائل كان أقرب إلى التأتأة!
ما هي توقعاتك بما يخص عمل المجلس الوطني في المرحلة المقبلة؟
لا أسمح لنفسي بتوقّع الكثير عملياً، إذْ أتفهم أيضاً، وبشكل شديد التسامح، التعقيدات الكثيرة التي اكتنفت وتكتنف عمل المجلس. ثمة، مع ذلك، آمال كبيرة لا مناص من أن يعلّقها المرء على المجلس، ما دمنا قد محضناه الثقة، واعتبرناه ممثّلنا الشرعي الأهمّ في الميادين الدبلوماسية والاتصالات الخارجية والعلاقات الدولية مع الحكومات أو المنظمات أو الهيئات. وفي كل حال، ثمة ما هو أهمّ من تجديد البيعة لصديقنا الدكتور برهان غليون، سنة كاملة وليس دورة ثانية لثلاثة أشهر!
ما هي مقترحاتك لتطوير العمل فيه؟
هنا أيضاً، لا أسمح لنفسي بإعطاء النصائح أو تعداد المقترحات لتطوير العمل. الأخوات والأخوة في مختلف قيادات المجلس، الأمانة العامة والمكتب التنفيذي بصفة خاصة، يعرفون حقّ المعرفة ما يريده الشعب السوري من مجلسهم، وما تتطلبه الانتفاضة، وما يتوجب القيام به. المشكلة في تحويل المعرفة إلى فعل، والارتقاء بالأداء على نحو يليق بتضحيات شعبنا، وبآلامه مثل آماله.
المجلس الوطني وبروتوكول الجامعة. هل تعاطى المجلس الوطني بشكل جيّد برأيك مع المستجدات الحاصلة في الأيام الأخيرة فيما بخص توقيع بروتوكول الجامعة العربية؟ ما هي آراؤك ومقترحاتك بهذا الخصوص؟
المجلس تعاطى مع المستجدات، وخاصة بروتوكول الجامعة العربية، بروحية ردّ الفعل وحدها للأسف، وبالتالي جاء الأداء أقرب إلى تحصيل الحاصل منه إلى استباق الحدث بطريق تتيح المشاركة في صناعته أو صياغة مواقف متكاملة من ملابساته. لم يكن الموقف سيئاً بالطبع، ولكنه أيضاً كان موقف الحدّ الأدنى، فلم يتخذ صفة قيادية أو طليعية متميزة تليق بالمجلس.
كيف سيتعاطى النظام مع البروتوكول؟ ما هي العراقيل التي سيضعها في وجهه؟
النظام وافق على البروتوكول وهو يدرك جيداً أن بنود عمل المراقبين، والأهمّ من هذا السماح بعمل الصحافة العربية والدولية المستقلة، هي بمثابة فخّ قسري معلن، لا مهرب منه، بالنظر إلى تلويح الجامعة العربية بإحالة الملف على مجلس الأمن. لا ريب أنّ النظام سوف يستخدم الأساليب الأقذر للخروج من الفخّ بأقلّ الخسائر، بل ببعض المكاسب ايضاً، كما في نموذج تفجيرات دمشق الأخيرة. سوف يكيد النظام كثيراً، وعلينا ان نكيد له بدورنا، أكثر!
ما هي خيارات المعارضة في حال فشل البروتوكول؟ ما البدائل؟
البروتوكول ليس أحد بدائل الانتفاضة لكي نفتّش عن سواه في حال فشله، وهو سيفشل أغلب الظنّ، أو يتمّ وأده قبل أن يحقق أي نتيجة ملموسة لصالح الانتفاضة. نعرف حدود البروتوكول، بل حدود الجامعة العربية قبل بروتوكولاتها، ولهذا فليس من بديل سوى متابعة الانتفاضة كما بدأها شعبنا منذ تسعة أشهر ويواصل تطوير ثقافتها النضالية والارتقاء بأدائها السياسي وأدواتها وطرائقها…
1-ان انعقاد المؤتمر بهذا الوقت جاء متأخرا,,و لكن اهميته تكمن في تنظيمه
2-بالنسبه لنتائج المؤتمر,غالبيه الشارع ليس لديها فكرة عن هذه النتائج,لهذا نرجو و بشدة تفعيل المكتب الاعلامي و تفعيل دوره بأسرع ما يمكن,و يستحسن فتح قناة فضائيه للمجلس و نشر اخباره اول بأول,لهذه الاسباب الشارع غير راض عن هذا المؤتمر
3-اذا لم يتدارك المجلس هذا الخلل التنظيمي و الاعلامي,فان الشارع سيشعر بالتململ منه و سيفقد الثقة فيه خصوصا مع التصريحات المتناقضة لبعض اعضائه
4-اقامة مقر لهذا المجلس بحيث يكون الاعضاء(او على الاقل غالبيتهم)على اتصال ببعض لتنسيق الافكار…تفعيل المكتب الاعلامي…ضم بقيه اطياف المعارضة لهذا المجلس و خصوصا الاحزاب الكرديه,فقد لاحظنا ابتعاد فئة من الاكراد عن الثورة…تشكيل ميثاق لسوريا الجديدة بحيث يعطي انطباعا عن الدستور و حقوق الناس و طبيعة الدوله
5-على المجلس التعاطي مع البروتوكول بجديه علما ان النظام سيفرغ هذا البروتوكول من محتواه,حيث ان التطبيق الجدي للبروتوكول يعني سقوط النظام..على المجلس توثيق زيارات المراقبين لجميع الاماكن,و التنسيق مع الجامعة العربيه لتزويدهم بأجزة لتحديد الاماكن(لان النظام يقوم بتبديل اسماء بعض المناطق)و التنسيق مع الجامعة العربيه لمنع المراقبين من تقديم تصريحات غير مسؤوله من الممكن ان تعقد الوضع اكثر(تصريحات الدابي عن حمص)..على المراقبين الاستفسار عن المفقودين,و المعتقلين…طبعا الاستفسار من النظام و ذويهم,و توثيق الشهادات
6-لو طبق النظام هذا البروتوكول سيسقط بكل بساطة..لهذا سيقوم بالاتفاف عليه بتغيير اسماء المناطق,و سحب الاليات لدى وصول المراقبين,و اعادتها بعد خروجهم..سيقوم النظام بافتعال اعمال ارهابيه,و سيقوم باستفزاز المتظاهرين و الثوار لجرهم الى اعمال تسيء اليهم…سيقوم ايضا بمحاولات رشوة المراقبين و تهديدهم و لو بشكل غير مباشر(على الاغلب)
7-البروتوكول فاشل منذ ولادته,,ولكن علينا الاستفسار و معرفة مدة وجود المراقبين اولا,في حال ظهور بوادر مبكرة للفشل,دعوة المجلس للعصيان المدني..في حال فشل العصيان,على المجلس الوطني التقدم بطلب لمجلس الامن بشكل علني للتدخل العسكري لحمايه المدنين و دعم الجيش الحر علنا