اطبخوا مؤتمركم جيداً من أجل سوريا الحلم
فلورنس غزلان
عرفنا من روايات الماضي قصصاً تصل لدرجة الخرافة..لما قامت به حملات طغاتها من عنف مفرط…لكن مايأتينا على يد طاغية مهووس رضع شهوة القتل والتدمير…وعمدته شياطين البساطير البربرية وأحذية العسكر …المأفونين والمعلوفين خصيصاً لممارسة الذبح..له لون ونموذج ينتج العتمة حتى في وضح النهار..يتمتع بجينات لها فرادة لا معيار لها سوى عشقها المفرط للقتل.فماهي اللعنة الإلهية التي تلاحقنا منذ مايزيد على الأربعة عقود وتستمر حملته الشعواء علينا دون رادع من خُلق إنساني أو ضمير عالمي..أو حتى لفتة إلهية؟ ..فهل نحن عاقون إلى هذا الحد؟
كل أصوات الضمير تختفي..تتخفى خلف وريقات صفراء لفظتها أغصان الشجر…فالخريف السياسي…يجدد تموضعه في خرائط الفصول…هجرتها كل الطيور…ولم تعد صالحة لأعشاشها..فغدت مسرحاً لنعيق غربان تنتعش للفراق وتبتهل حين تخلو لها الأجواء…فيصبح سوادها ..سيد الحرائق….لأن حَجاج دمشق..وعشاق الجريمة ..مُنِحوا الاستمتاع بالوقت وبرائحة الدم والغبار…فاستباحوا كل ماسَنتهُ الأمم عبرَ تجاربها من قوانين تحمي الإنسان…صارت حلب وحمص ومدن الشام جراحاً في قلب أمةٍ تستقي قراراتها..وتحمي تخوم سلاطينها من تعاليم تلوكها سيدة شقراء…تتصدر منابر القِمم…باعتبارها سلطانة القوة الأعظم …تَحرثُ العالم …تنظم سهام الزرع بمقياس الري المنقط أو الغزير..كُلٌ له نصيب ..حسب ترموميترالسياسة الخارجية والاقتصادية للعم سام وبرنامجه الانتخابي من جهة….وشركائه في بسط خلافةٍ لها نماذج ستالينية في الشرق ، صهيونية في المتوسط …وليبرالية بخنجر مسموم في الغرب من جهة ثانية…فتفضلي يا ثورة الشام واختاري…رجالاً يعرفون أين يقفوا من هذه الاختيارات.!
كُلٌ يسحب سيف الكلام، كل يكتب رسائل موجهة للشهداء، ولمن يصطفون كمشروع شهيد…في حقل الألغام اليومي للمدن السورية، كُلٌ يتوضأ قبل صلاته الخَطابية..أو يتيمم بغبار اللغة ..لتصل مفرداته المُعَدة في بيوت الطاعة العربية والعالمية إلى المنتظرين تحت الركام أو تحت الخيام..رفاقاً لذباب الفقر والفاقة..أصدقاء للريح وضحايا لمزاودات الدول المجاورة…لم تكفهم طلقات القتل…فراحت تتوجه إليهم طلقات المتثاقفين..واليسراويين…وأصحاب المدارس المذهبية…جُلَها محشو بالرعونة وأساطير الذات..كلها تَخَرَّجت من معاهد الأحزاب الواحدة..مخنوقة الصوت….سجينة اللون..والسيادة والفقه…فكيف يصل صوتنا؟ ..ومَن سيحمله نحو بوابات الشمس، إن لم تصبح خطواتكم أوسع وأثبت في الأرض الشهيدة والمحاصرة..إن لم تتخلى أشخاصكم عن سيوفها، التي تخون قاماتها..وعن أصواتها …التي أهدرت أبجدية الثورة…وتشرب خمرة الانتشاء بصولات المحافل…قبل أن تحققوا مكاسباً تتناسب وقصائد الفجائع…التي التهبت بها حناجر شعبنا السوري ، أن تعيدوا لحجارة التراث السوري لغته المغتالة…وليس قبل أن تتمخض عهودكم ومواثيقكم عن خرائط تعيد الموت إلى صدر القتلة…توقف الزحف المغولي على الإنسان والحجر…تعيد ثقتنا بإنسان الثورة السورية قبل أن يمارس جميعكم عليها سلطة المُرَبي والمُمول، أو سلطة الحانوتي…الذي يحفر قبرها وقبر الوطن معاً…والأهم تخليصنا من مومياء قاسيون..
أوصيكم …ــ ولست إلا مواطنة بانتماءين ــ أن تسموا الأشياء بمسمياتها…ألا تضعوا البغايا والمرابين …تجار الحروب والساقطين ..دود الأرض والقصابين…زناديق المذاهب والمشعوذين…المتثاقفين واليسراويين…السلفيين والدجالين…في صف الضحايا وقوافل الشهداء…
ألا تنسوا عذراواتنا الناذرات والمنذورات…لنصرة الوطن ولبنائه…ألا تنسوا زهور الكلمة وقلاع الثقافة…من ضمها إلى صفوف البناء …ألا تغفلوا عن حق بلورات الزنابق وعن ياسمينات قدمن مثلكم وأبعد…لسوريا الثورة والحلم ….ألا تذهبوا بعيداً في المساومة على حنجرة القاشوش وجسد حمزة
وأخيراً لاتسقطوا الغفران من لحظات المجابهة ولا تسهوا عن هوية المواطنة…في خضم الغضب…فسوريا لكم…ولكل مواطن..باستثناء من ساهم بالموت…..بالفساد بالدمار وخطط له.
ــ باريس 4/11/2012