صفحات العالم

الأسد.. أين المفر؟!


يوسف الكويليت

يبدو أن دمشق بدأت تدخل حصار الجيش الحر، وأن جيش النظام يعيش حالة التسيب والشتات، لأن الدولة بدأت تتداعى أمام إرادة لم تكن تضعها في احتمالاتها وتقويمها للوضع، طالما كان العناد وكبرياء القوة، والاعتماد على الداعم الخارجي على حساب القاعدة الوطنية، هي التي قادت سرعة التحولات لصالح الخصم ضد السلطة..

القتلى بعشرات الآلاف وقريب من تعدادهم من شردهم النظام أو سجنهم لكن إذا كانت دمشق آخر ملاذات السلطة، وأصبحت في مرمى الجيش الحر، ما هو التصرف الذي سيقود الأسد للنجاة، هل التنازل عن الحكم طريق وحيد، والقبول بكل شروط المعارضة، أم الحرب إلى آخر قطرة دم له؟ وفي حال اختار اللجوء أو الهروب، ما هي الوسيلة التي ستنقذه من قبضة المعارضة، طالما أصبحت لبنان شبه مغلقة، وليس بقدرة حزب الله تأمين حمايته واستضافته، كذلك الأمر بالنسبة للأردن، لا تستطيع المجازفة بقاتل مدمر لبلده أن يحل ضيفاً ثقيلاً عليها ثم تعارض تسليمه لمطارديه، لأنها ترتبط بعلاقات مع كيان بلد وليس مع شخص بدأت رحلة انهياره قريبة؟

منفذ العراق هيمن عليه معارضو النظام وقد يكون القنطرة التي توصل الأسد وحاشيته لإيران، وحتى في هذه الحال فإيران عاملته سابقاً كحليف يمرر أهدافها ورئيس دولة يهيمن على قرارها، لكن في حال لجوئه سيصبح عبئاً سياسياً واجتماعياً، لأن أوراقه احترقت بزوال نفوذه وقدرته على فرض القرار!

تركيا من جانبها في حال نزاع مع النظام وساهمت في تعزيز دور المعارضة سياسياً وعسكرياً، ودخوله لها يعني تسليمه لمن سيحكم سوريا لمحاكمته على جرائمه، وتبقى روسيا آخر حلقات الأمل في الهروب الآمن، لكن هل تجازف موسكو بتبعات سياسة لا تدري كيف ستكون نتائجها في إيواء رجل مطلوب لمحاكم جنائية وشرعية بتسليمه لمحاكمته على جرائمه، وفي هذه الحال هل تجني من جميع معارضاتها واتخاذها الفيتو لصالح السلطة وتسليمها فقط برأس الأسد واتباعها لتجد أنها مأوى لرجل مطارد قد يجعلها في موقف محرج عربياً ودولياً؟!

بن علي اختار الهروب لأنه قرأ المشهد التونسي، بأنه ثورة شعب سوف تحاصره وتقبض عليه فآثر اتخاذ قراره، وحسني مبارك أدرك ان سنه التي تجاوزت الثمانين تمنع اعدامه وربما كان يراوده ان المسألة وقت باستعادة سلطته ليبقى بوطنه، والأمر مختلف مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي لا يزال يحظى بحماية عناصر من قوى داخلية، قبلت خروجه من السلطة ومعارضة نفيه خارج اليمن، التماثل بين وضع الأسد يبقى شبيهاً بواقع معمر القذافي الذي أصر على الدفاع عن سلطته بقوة مليشياته وسلاحها، لكن ما حدث من انشقاقات وتدخل دولي انهى وجوده في صورة مأساوية كوميدية سوداء قد يستنسخها الشعب السوري للأسد؟

الأسد ما زال يملك بعض القوة ولكن المعادلة بدأت تذهب إلى الجيش الحر وعملية قطع الاتصالات في الداخل السوري يطرح السؤال هل تريد السلطة اخفاء تحركاتها عن العيون الراصدة في تغيير الأماكن استعداداً للهروب، لكن لأي جهة؟ ذلك ما ستكشفه الأيام القريبة القادمة؟..

الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى