صفحات العالم

الأسد نصف المشكلة والمعارضة نصفها الآخر/ موناليزا فريحة

 

 

أخطأ الرئيس السوري بشار الأسد التقدير هذه المرة، مخاطبته الرأي العام الغربي وتنقله من شاشة فرنسية الى أخرى نروجية ومن صحيفة أميركية الى مجلة المانية، لم يُجديا. تقديمه نفسه شريكاً فاعلاً وموثوقاً به لمواجهة الجهاديين في سوريا وربما العالم لم ينطل على كثيرين. محاولته استغلال بعض الأصوات التي بدأت ترتفع في الغرب مطالبة حكوماتها باعادة التواصل مع نظامه، لم تعد مضمونة النتائج. على الأرض، يبدو نظامه في وضع قد يكون الأصعب منذ بدء الحرب قبل أكثر من أربع سنوات.

الزخم المستجد الذي اكتسبته التنظيمات المعارضة للنظام السوري على اختلاف مشاربها توحي بمعادلة جديدة في النزاع الذي فضح هشاشة المجتمع الدولي. السقوط السريع لجسر الشغور، بعد قرابة اسبوعين من انهيار ادلب وبينهما معبر نصيب الحدودي بين سوريا والاردن، يبدد ادعاءات بعضهم أن بقاء بشار الاسد ضرورة كنقطة توازن في مواجهة “الدولة الاسلامية”.

وفي المقابل، يبدو من المبالغة القول إنها نهاية النظام، خصوصاً أن دمشق، حصن الأسد وعرينه، لا تزال بعيدة من الخطر. وايران التي استثمرت فيه ولا تزال كثيراً من المال والجهد، لن تتخلى عنه بسهولة، على الأقل ليس قبل أن يصير الاتفاق النووي مع الغرب في جيبها وتتحرر من العقوبات.

منذ أكثر من أربع سنوات والنزاع السوري كرّ وفرّ بين النظام ومعارضيه. لكن الزخم الأخير للمعارضة يكتسب أبعاداً أخرى، خصوصاً أنه يتزامن مع التقارب بين السعودية من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى. الجانبان وضعا خلافهما على “الاخوان المسلمين” جانباً، أقله في ما يتعلق بسوريا. فمنذ تولّي الملك سلمان بن عبد العزيز السلطة في المملكة، كثرت الرهانات على هذا المحور الثلاثي لمواجهة المدّ الايراني في المنطقة. واذ تجلى التعاون بخجل في اليمن، تبدو سوريا ساحته الرئيسية، وخصوصاً في ظل اصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ان تكون اطاحة الاسد شرطاً لتعاون تركي جدي في سوريا.

تقدم “جبهة النصرة” وتحالف مجموعات مختلفة من الألوية، أكثرها من الاسلاميين، لا يبدوان أنهما يقلقان السعودية ومعها تركيا بطبيعة الحال، ما دام تنظيم “الدولة الاسلامية” ليس فيها. لكن هذا المشهد الجديد، اذا تكرس، يثير تساؤلات كبيرة عن المرحلة التالية من النزاع، وتداعياته على محادثات جنيف المرتقبة، اضافة الى مصير البرنامج الاميركي لتدريب المعارضة المعتدلة.

رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” خالد خوجة كان محقاً في قوله إنه إذا تمت تنحية الأسد أو إبعاده عن آلية صنع القرار “فإنه على الأقل يكون قد تم حلّ نصف المشكلة”. ما لم يقله خوجة هو أن ضعف المعارضة السورية المعتدلة هو النصف الآخر من المشكلة.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى