الأمثال الشعبية في حديث وليد المعلم!
جورج كدر
ديبلوماسية ستنا حواء مع أبونا آدم، يريدها وزير الخارجية السوري وليد المعلم في علاقة النظام السوري مع الجامعة العربية لحل المشكلة التي تستعصي أكثر فأكثر مع كل يوم جديد، الغريب أن هذه الوصفة السحرية التي نطق بها المعلم لم يطبقها النظام السوري ذاته في بدايات الأحداث التي انطلقت في سورية، رغم أن هذه الديبلوماسية كانت ستفعل فعلها وتقي سورية كم الدماء الهائل الذي سال على ترابها المقدس.
تناقض كبير وقع به المعلم في مؤتمره، يدفع للتساؤل عما إذا كان هناك استراتيجية واضحة للنظام السوري في التعامل مع تطورات الأحداث على الساحة السورية، أم أنها لم تزل على مدى تسعة أشهر، مجرد ردات فعل.
الأمثال الشعبية في مواجهة التطورات
الوزير المعلم، لم يكتف بشهير الأمثال الشعبية السورية في مؤتمره الصحفي الأخير الذي خصصه للرد على التطور الدراماتيكي في مواقف الجامعة العربية تجاه سورية، وإنما استعان بالأمثال الأمريكية التي خبرها جيدا خلال عمله كسفير لسورية في أمريكيا سابقا.
اللافت أن الأمثال التي فرضت نفسها على حديث المعلم لامست النقاط المفصلية تجاه الموقف السوري من مستجدات الأحداث، إذ ختم أغلب المواقف السياسية الرسمية بـ’مثل شعبي’. لماذا يستعين وزير خارجية، يفترض به أن يوجه خطابه للخارج بحكم منصبه، بالأمثال الشعبية التي يفهمها أهل بلده أكثر من أي شخص آخر، بكل مضامينها، من تهديد ووعيد وحكمة ومعرفة؟ في العرف الشعبي الأمثال حكمة الأجداد، تختصر ببضع كلمات ‘سطورا مسطرة’، ما يعني أن الهدف من استحضارها في الخطاب الرسمي السياسي، هو محاولة لإيصال رسالة محددة ببضع كلمات بعيدا عن اللف والدوران السياسي.
هنا تبرز أهمية تسليط الضوء على الأمثال التي ذكرها المعلم والتي تؤكد بما لا يقبل مجالا للشك بأن تصريحات المعلم، موجهة أساسا للشارع السوري وليس للخارج، لماذا؟ يجيبا عن ذلك المثل التالي: كل شي مفاجئ عم يصير (قاله استغرابا على استعجال الجامعة في القرارات التي تتخذها حيال سورية) ولكن إذا كانت ‘التفاجؤ’ هو سيد الموقف السوري حيال المواقف الخارجية لكن ذلك لا يعني السكوت، عند هذه النقطة نقوم بسرد الأمثال لنعرف سبب السكوت؟ وماذا تأمل سورية من الجامعة؟ وعلى ماذا تراهن؟
أمثال المعلم
ـ هذا الخد تعوّد ع اللطم (قاله ردا على الضغوط الخارجية)
ـ ستنا حواء وقت يلي عطت آدم التفاحة عطيتوا ياها بدبلوماسية حتى قبلها..(قاله ردا على سؤال عما إذا كان لا يزال هناك حديث ديبلوماسية تنفع بعد كل ما جرى)
ـ بدك دبلوماسية بين البوارج والجيش..كيف…؟؟؟ (قاله نفيا لأن تكون البوارج الروسية في مياه المتوسط رسالة لمن يعمل على إسقاط النظام السوري وتمسك سورية بالحل العربي الديبلوماسي)
ـ نحن لسنا في حالة حرب (وهو مثل شعبي يقال لمن يقوم بموقف زائد عن حده في مواجهة مشكلة ما… يمكن أن تسمع في الشارع شخص يقول لآخر: يا أخي ليش هيك عم تعمل..روقنا شوي..أي شو نحنا عم نحارب يا زلمي)
ـ صبرنا كبير… ولا نكل ولا نمل(قاله تأكيد على الحرص من التعامل مع مبادرات الجامعة العربية رغم ردودهم على أي رد سوري تجاه تلك المبادرات) ـ لن نترك طاقة صغيرة ولا نافذة صغير إلا ولجنا من خلالها(قاله تأكيد على إصرار الموقف السوري على البقاء في الجامعة حتى يقول لنا العرب: لا نريدكم في الجامعة)
ـ أملنا بشعبنا ولا أمل لنا غيره
‘ويشفول ثينكينك’
المعلم الذي استعان بالأمثال الشعبية السورية ليوجه رسالته للأنظمة العربية، استعان بالمقابل بالأمثال الأمريكية ليرد على التصعيد الأمريكي الذي تجلى في تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كليتنون. قال المعلم: كلينتـــــون قالت إن المعارضة السورية، مسلحة جيدا وممولة جيدا ونخشى من الحرب الأهلية.. لذلك ‘ويشفول ثنكــينكwishfull thinking’أي ‘هم من يتمنون ذلك ‘
تحليل مضمون:
المعلم ذاته الذي قـــال إن الديبلوماسية لا تنفع مع الجيش وتحدث عن ديبــلوماسية ستنا حــــواء، لم يتحــدث عن ديبلوماسية الحوار وهل تنفع مع بوجود الجيش!!
هو ذاته الذي قال ‘الصبر جميل’ و’صبرنا كبير’، لم يقل لماذا نفذ الصبر بكل تلك السرعة على الحراك السلمي الذي وسم بداية المظاهرات في الشارع السوري.
صراحة، لم أستطع تحليل المثل الذي ساقه عن الضغوط الخارجية الكبيرة بقوله ‘هذا الخد تعود على اللطم’ خاصة أن اللطم يؤدي لتورم الشخص وتضخم جسده لكثرة الكدمات المؤلمة التي يتعرض لها، وهو ما تثبته كثير من الصور التي يبثها اليوتيوب في التعامل مع الحراك في الشارع السوري، فكيف ‘سيسمح اللطم’ بتنفيذ استراتيجية المقبلة التي سينحو نحوها الموقف الرسمي السوري والتي اختصرها المعلم بهذا المثل:’لن نترك طاقة صغيرة ولا نافذة صغير إلا ولجنا من خلالها’ .
كاتب وإعلامي سوري
القدس العربي