الاختباء خلف “الباتريوت”
سميح صعب
كل التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الاتراك تؤكد ان النظام السوري يشارف السقوط. وما دام الامر كذلك ويصل الى حد اليقين المطلق، فإن ثمة سؤالاً يطرح نفسه ألا وهو: لماذا تحصن تركيا نفسها بصواريخ “باتريوت” وهي تعلم ان النظام الذي سينشأ في سوريا في أمد ليس ببعيد سيكون نظاماً موالياً لتركيا يستلهم خطى حزب العدالة والتنيمة الحاكم برئاسة رجب طيب اردوغان تماماً كما هو نظام محمد مرسي الاخواني في مصر؟
ولماذا يتكبد جنود اميركيون والمان وهولنديون مشقة المجيء الى تركيا لنشر “الباتريوت” على الحدود مع سوريا ما دام النظام في هذا البلد الذي يعتبرونه معادياً اليوم، يعيش ايامه الاخيرة؟ إلا اذا كان الزعماء الاتراك غير موقنين فعلاً من حدسهم بقرب سقوط النظام السوري فعلاً، وإلا اذا كانوا ينوون في مرحلة من المراحل التدخل مباشرة لحسم حرب يرون ان اطالتها لا تصب في مصلحة مشروعهم لبسط النفوذ التركي على المنطقة متلبساً عباءة الدين.
وليس من شأن الاندفاع التركي الجديد الذي يستند
الى بعث مشروع “الاخوان المسلمين” من تركيا الى ليبيا مروراً بسوريا ومصر سوى اثارة الشكوك في المرامي والتوجهات التي تقف وراء هذا المشروع. فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يعبر علناً عن ان سياسة اردوغان ايقظت النعرات الطائفية في المنطقة. وما ينقل عن العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين لا يقل قلقاً عما يساور المالكي، وقد ترجم الاردن خوفه من الصعود الاخواني في نأي بالنفس غير معلن عن الازمة السورية وفي اتخاذ موقف ادنى بكثير مما كانت تأمل الولايات المتحدة وبعض دول الخليج العربية التي ترجمت ذلك في التردد في دفع ما وعدت به الاردن من مساعدات مالية لمواجهة ما خسره الاقتصاد الاردني نتيجة الازمة السورية. أما مرسي فيبيع الاردن الغاز باضعاف ما كان يبيعه اياه مبارك وبسعر اعلى مما يبيعه لاسرائيل. ربما كان سبب ذلك حكمة لا يعلمها الا رعاة “الربيع العربي” والراسخون في العلم. ولا بد من التوقف عندما بدأ يثيره التمدد الاخواني في دولة الامارات العربية المتحدة من أزمة في العلاقات بين أبوظبي والقاهرة.
على خلفية ذلك، يحصن اردوغان نفسه بـ”الباتريوت” ويعد نفسه للحرب بينما يبشر بالسلام. ويعتقد ان هذا السلام متوقف على سقوط الرئيس السوري بشار الاسد وبعده سيغمر “الربيع العربي” بنعمه المنطقة. حري باردوغان ان ينظر الى الدماء التي سالت والخراب الذي حل بالدول التي حل “الربيع” عليها ضيفاً. ولم يجانب الامير خالد الفيصل الحقيقة برأيه في هذا “الربيع”.
النهار