الاستخارة الأخيرة
حسام القطلبي
كما يليق بسوبر ستار، خرج الشيخ معاذ الخطيب اليوم في آخر إصدارات قنابله الإعلامية ليقول أنه التقى محمد حمشو وراتب الشلاح في القاهرة. وكان الخطيب قد أكد مراراً أنه لم يلتق بمبعوثين من النظام مطلقاً. جاء هذا في سياق تساؤلات عديدة رسمت حول الصعود المفاجئ للرجل إثر استخارة ليلية في ريتز كارلتون الدوحة. ويبدو الرجل مستسيغاً لوضعه الإشكالي ومستمتعاً بإشارات الاستفهام العديدة التي تدور حوله. ولا يكف عن تغذيتها باستقالة فيسبوكية يعود ليوضح مدى جديتها على الشاشات، ثم استقالة أخرى على طاولة عشاء أصدقاء سوريا ليعود عنها بدلعونا قانونية عزفها هيثم المالح رئيس المكتب القانوني للائتلاف ورافقه على الإيقاع عندها عدد من أعضاء الائتلاف. وبعد هاتين الاستقالتين يعود ليظهر إعلامياً مستخدماً صفة رئيس الإئتلاف الوطني.
شيخنا كان قد بدأ كل هذه النجومية منذ أول ستاتس شهير له على الفيس بوك طرح فيه ما اعتبر مبادرته للتفاوض مع النظام على خطوات الحل في سوريا. ثم ذهب منفرداً ومتحدياً إرادة جميع شركائه السياسيين ليلتقي وزير الخارجية الإيراني في ميونخ. إلى جانب اجتماع آخر هناك ضمه إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد أن كان قد رفض لقاء هذا الأخير قبل عشرة أيام فقط إلا إن اعتذرت روسيا للشعب السوري عن دعمها لنظام الأسد، وحصد حينها ما يكفي من التصفيق على هذا الموقف الأنتي روسي.
جملة التناقضات والإرباكات هذه اتسمت بسلوك سياسي نيو إسلامي من النوع الذي يدفعه لتبييت استخارة مثلاً عند دعوة الحكومة الأميركية له لزيارة واشنطن. ولم يلب الدعوة عندما اتضح له، استخاراتياً، أن الزيارة ستكون سيئة التوقيت.
الخطيب لا يجد غضاضة في أن يظهر إعلامياً أو في اجتماعات دولية مدافعاً عن جبهة النصرة و معتبراً أنها مكوّن من مكونات الثورة السورية ومطالباً بتسليح مجموعات الجيش الحر. ثم يعود إلى فيسبوكيته الأولى مؤمناً بجدوى سلمية الثورة ومطالباً بالعودة إلى أشكال النضال السلمي الذي اتسمت به الثورة في البداية ومديناً قوى التطرف الديني و معتبراً إياها خطراً على الثورة وعلى التعايش الاجتماعي المستقبلي في سوريا.
يعد شيخنا بكشف مستور ما وفضح حقائق لديه، خالقاً نوعاً من السسبنس الثوري. وبما أن التجاوب الجماهيري لا يبدو أنه في مستوى توقعاته، فهو يعيد الكرّة مجدداً أملاً بارتفاع الطلب عليه هذه المرة. لكن أقداره لا تتيح. فهو جاء في وقت ملّ فيه الجميع هذا النوع من الأكشن. ولأن حسب الرجل أنه لا يفقد الأمل، فهناك كلمة السر التي ترقص لها الآذان في الشرق الأوسط. اسرائيل! نعم ومن غيرها؟ خرج اليوم، وفي نفس اللقاء، ليقول أن ثمة معارضين حاول مبعوثون اسرائيليون اللقاء بهم سراً. ملمحاً إلى أن هؤلاء هم من يحاولون عرقلة مسيرته السياسية المظفرة. لكنه وبقلب الشيخ الكبير يرفض تسمية هؤلاء المعارضين المزعومين. وهل نجحت محاولات الاسرائليين للقاء بهم أم لا. تاركاً المجال للتكهنات لكسب مزيد من التشويق في القصة. وربما لعرض أجزاء أخرى من المسلسل، من يدري!؟
لا أدري إن كان هناك من يستطيع إخبار الشيخ الجليل أن السأم تسلل إلى القصة برمتها. وأن اعتزال السوبر ستار يكون له الصدى الأقوى عندما يصل إلى القمة. وأن الاستخارة السياسية الأخيرة قد يكون حان وقتها. وأنه وأننا بحاجة ملحّة إلى فاعل سياسي على رأس الائتلاف الوطني. وأن الفيس بوك سيبقى متاحاً له طبعاً بعد ذلك.
“نشر النص في جريدة حريات”