الاسد يقرّر غداً مصير مهمة “اللجنة”
سركيس نعوم
أعلن قبل يومين رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم بوصفه رئيساً للجنة الوزارية التي كلفها مجلس وزراء خارجية الدول العربية البحث مع الرئيس السوري بشار الاسد في حل لـ”الازمة السورية” يوقف اهراق الدماء وقمع المدنيين، ويعيد القوى الامنية والعسكرية الى ثكنها، ويطلق سراح المعتقلين، ويساعد على بدء حوار بين النظام والمعارضة الثائرة في الشوارع السورية، ويحقق اصلاحاً جدياً يعيد الاستقرار الى سوريا، واعلن “حرصه على حل الازمة المذكورة من دون تدخّل اطراف اجانب على قدر الامكان”.
وأكد ان الرئيس الاسد “لم يوافق على كل ما طرحناه” رغم التفاوض الصريح الذي جرى معه. وأعرب عن اعتقاده ان “الاحد المقبل سيكون يوم رد القيادة السورية على المقترحات العربية”، اي في اثناء الاجتماع الثاني الذي قرر الاسد واللجنة عقده لمتابعة المناقشة والتفاوض او لأعطاء الجواب.
ولفت نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بعد شبه احتجاب عن الإعلام منذ اندلاع الانتفاضة السورية او الثورة في 15 آذار الماضي الى “اهمية الحوار الوطني الذي تحضّر له سوريا”.
ورجحت وسائل إعلام لبنانية واخرى غير لبنانية ان يكون موقف الاسد استقبال اللجنة العربية برئيسها القطري، رغم تدهور العلاقة بين دمشق والدوحة لأسباب يعرفها الرأي العام العربي جيداً، ورغم تحفّظه سابقاً على مضمون البيان الذي صدر في مجلس وزراء الخارجية العرب وعلى ترؤس قطر اللجنة كونها طرفاً في “المواجهة” التي تخوضها سوريا مع الغرب واسرائيل وقوى التكفير، رجحت هذه الوسائل ان وراء الاستقبال ادراكه (اي الاسد) ان فشل “تعريب” الحل لأزمته وأزمة بلاده سيفتح الباب واسعاً امام “التدويل”.
وفي ذلك “مخاطرة” كبيرة وخصوصاً بعدما رأى العرب كلهم وفي مقدمهم سوريا والنظام نتيجة التدويل في ليبيا، وذلك رغم “الصدق المصلحي” لدولتين كبريين في العالم في تعاملهما مع سوريا النظام، بل في مواجهتهما محاولات اميركا واوروبا وغالبية المجتمع الدولي ارغامها على الاصلاح او على السقوط، او فقط على السقوط لأن لا إصلاح ممكناً معها.
اما “الموقف هذا النهار” الذي صدر صباح امس فقد عرض لمعلومات واردة من واشنطن تفيد انها تنتظر نتائج تحرك اللجنة العربية لتبني على الشيء مقتضاه. اي لتساعد في الحل، او لتُصعِّد الضغط على نظام الاسد، سواء من خلال عقوبات صارمة اقتصادية وغير اقتصادية، او من خلال حظر الطيران في اجواء سوريا او… مع الاشارة هنا الى ان المعلومات استبعدت كلياً اللجوء الى العمل العسكري ضد النظام الحاكم فيها.
ماذا يعني كل ذلك؟
يعني ان حظوظ قبول الرئيس الاسد بيان اللجنة العربية بكامله وتالياً التزام تطبيقه فوراً ليست كبيرة. ومن يقرأ البيان في تمعن، ويدقّق في حقيقة ما تشهده سوريا وجوهر الصراع الدائر فيها وجوهر المواقف العربية والدولية من نظامها، يوافق على هذا الاستنتاج.
والامر نفسه بالنسبة الى من يدقق في تعليق رئيس اللجنة حمد بن جاسم على المحادثات مع الاسد، وكذلك بالنسبة الى من يتفحّص كلام نائب الرئيس الشرع الذي تضمن اصراراً على حوار بدأ رئيسه اعداده منذ اشهر ولكن مع “المعارضة” الموالية له، والاخرى الراغبة في تغيير جوهري داخل بلادها، ولكن التي يمنعها موقفها المعادي لاميركا والرافض دورها في قضايا العرب والمسلمين وتدخلها في بلادهم بل ادارتهم لها.
فضلاً عن المعارضة التي لا تزال تؤمن بسياسات سقطت مع سقوط الاتحاد السوفياتي. وتصريح كهذا يعني استبعاد الحوار مع “ثوار الشارع” و”ثوار الخارج” الذين يشكلون على الارجح الغالبية.
ومن يدقق ايضاً في مقولة الهروب من التدويل الى التعريب يدرك ان اصحابها قد يكونون من اصحاب “الفكر الامنياتي”. اذ لا فرق في المرحلة الراهنة بين التعريب والتدويل بالنسبة الى سوريا وحتى بالنسبة الى ايران الاسلامية. فالغالبية الساحقة من الدول العربية او الانظمة تقف مع الغرب بزعامة اميركا بل مع المجتمع الدولي لمواجهة الخطر الكبير للثانية. ويشكل إسقاط نظام سوريا او اضعافه الى درجة الشلل وسيلة ناجعة في رأيها للنيل جدياً من ايران، بل لضرب جزء كبير من استراتيجيا التوسع الاقليمي التي طبقتها في نجاح. ويشمل الجزء سوريا ولبنان وفلسطين.
ماذا اذا فشلت اللجنة العربية في “مبادرتها” السورية – الاسدية؟ وهل فشلها سيكون عفوياً او متعمّداً؟ ولماذا؟ وهل يحسم الاسد مهمتها اليوم سلباً او ايجاباً؟
النهار