البلد بخيـر!
عم تعذّب حالـــك…
مرض حاتم بمرض مستعصي، وبدأ بالموت تدريجيا، فجاءت حبيبته ميس لزيارته وأخذت تبكي، ودموعها تهطل على وجنتي حاتم الذابلتين. ذات مرة طالب بها بشدة فجاءت مسرعة، وبما أنه تعب جدا ولا يمكنه فتح عينيه بشكل جيد، فقد عرف أنها قد جاءت عندما سالت الدموع الغزيرة على وجنتيه الذابلتين.
قالت: حبيبي حاتم .. أعطني قليلا من اهتمامك وتكلم معي..
نظر إليها، وقال بصعوبة: محمول…
فقامت مسرعة ونادت شقيقه محمود!!
قال حاتم: محمول.. لابتوب..
نظرت إلى أخيه مستغربة وهمست: هل يهلوس؟
جلب له اللابتوب، فطلب اتصال بالنت!!
قالت ميس لمحمود هامسة أيضا: ألا يزول الإدمان على هذا الشيء حتى في مثل هذه الحالات؟
قال محمود متوجسا: حاتم ماذا تريد من النت لأنه بطيء…
ثم همس بحزن: أخشى أن لا يلحق رؤية الصفحة التي سيطلبها.
قالت ميس: قل لنا حاتم ماذا تريد من النت؟ وسنجلب لك ما تريد فورا من جارتنا أم عارف لأن لديها انترنت سريع!!
حاتم: أخبروني ماذا يحدث في البلد؟
نظرت ميس الى محمود بحيرة وتلبك، فرد محمود: لا شيء يستحق الذكر!!
حاتم: لماذا إذا… تشاهدون التلفاز… طوال الوقت… ولا أسمع… إلا كلمات شهداء… وقتلى… والله يرحمه.
قال العبارة السابقة بصعوبة بالغة فسقوه ماء وصححوا جلسته لأن الجلسة القديمة بدأت تسبب له الألم.
قال محمود: البلد بألف خير حاتم لا تقلق أبدا.
وبنظرة ذات دلالة معينة قال حاتم: بألف خير… يا محمود؟
محمود: معك حق ربما مئة خير.
أكدت ميس: نعم الرقم شبه دقيق! البلد بمائة خير!
حرك يده وأمسك يد ميس وحاول شدها بأعصابه المرتخية: مئة خير… هل أنت متأكدة… من الرقم؟
تحركت ميس مرتبكة ونظرت الى محمود الذي قال: ربما ليس مائة ولكن البلد بخير.
سأل حاتم: لقد سمعتهم… يكررون… اسم صديقي روبير… كثيرا… ماذا حصل معه؟
فتّح محمود عينيه مخافة أن تخطئ ميس، وتخبره أنه قد استشهد فقال مسرعا: روبير بخير!
سالت دموع حاتم، وقال بحزن وألم مضاعف: فهمت… البلد بخير كما أن روبير الميت بخير.
قفزت ميس لتنفي: روبير بألف خير..
محمود: إنها تقصد مئة..
قال حاتم: متى قال الأطباء أنني سأكون بخير في قبري؟
http://kenanphoenix.wordpress.com/