الثقافة ظهير الإنتفاضة السورية …
خلدون جاويد
تغذي القصيدة والهتاف والمنشور ، في خضم التظاهرة او زمن الإعداد لها ، روح التحدي . والثقافة كظهير هي دم حار للتوثب . قالوا استخفافا بحق الكلام : ” كلمات كلمات كلمات … هاملت ” والقول إياه رد على الكذب او الوهم ويقال عموما لعدم مجاراة التطبيق للنظرية . أما الكلمات التي تستحيل الى طاقة وطاقة ثورية فهي في القلب من قوة التصريح وصدق الفعل . ولاحكمة او مَثـَل او بيت شعر بدون أثر كامن نرجع اليه في تحديد او اطلاق تصرفاتنا . الثقافة ظهير ثوري وسايكولوجي لايموت .. بيانات السلطة السياسية الجوفاء هي التي تموت لأنها ” كلمات .. كلمات …كلمات “، البرامج الحزبية الساقطة في الأزمان تموت ، الكتاب الأخضر ، لغة التبييت ، مخططات التآمر ….الخ .
من يهزأ من الثقافة يهزأ من أغنى كنوز البشرية . إنها الأرض التي تهتز في المنعطفات التاريخية لتـُسقط القادة والترسانات . وكلما خافوا من الثقافة وتنوعاتها جراء أصنمتهم للفكر ، كلما طاحوا في الهاوية . انهم حزبويون الى حد التحجر ولذا فالقصيدة على سبيل المثال ، خطر عليهم .. ها هي تقول في الثورة السورية :
” شبّان سوريّا الذين تناوشوا قمم السحاب ِ
والمبذلين برأيهم في الليل عن قبس الشهاب ِ
المالكي الأدب الصميم ووارثي الشرفِ اللباب ِ
لكم العتاب وانما عتب الشباب على الشباب ِ
سورية ٌ اُم الضراغم اصبحت مرعى الذئآب ِ
إنها القصيدة اللهيب خطيرة على من تذاءَبَ وتكالب على حقوق الانسان على قوْتِهِ على حق الكلام والرأي . انها القصيدة كما الرواية كما المسرح وكل المصنفات الابداعية الناقدة والجريئة هي مرجع ، كنز ، منبع يُنتهل منه ، كدْس من السلاح .
قال الشاعر صاحب المقاطع اعلاه بما يخيف ويرعب المهزوزين والدجالين في دست السلطة .
سوريّة اُم الضراغم أصبحت مرعى الذئاب ِ
مثل الوديع من الطيور تعاوَرِتـْهُ يد الكلاب ِ
باتت بليلة ذي جروح مستفيضات رغاب ِ
وسهرتم متضاربي النزعات مختلفي الثياب ِ
هنا تتألق القصيدة بالتحليل الذي هو كما في السينما ” الكاميرا عين ” وكما بدور الرواية في شرح الكامن والمخبوء والغامض .. والمفارقة هنا قديمة وجديدة فالسؤآل هو هل نستعرض ونؤبد الأحوال على طريقة ” افلاطون ” ام نحلل باتجاه الانقلاب ومايجب ان يكون عليه الحال اي كما دعا “ارسطوطاليس ” ؟.
الكون ارسطوطاليسي النزعة ، الحزبوية الإقليموية القومانية الدِينوية افلاطونية الانتماء تـُبقي على الموجود وتخشى الجديد المتحرك تخاف من ” الفوضى” لاتؤمن بأن جديدا متوازنا وعلى الدوام أفضل من سكون لانهائي . التحرر بانقلاب هو رعبها وذعرها !، قالت القصيدة اعلاه مجانفة ً للوصفية وصعودا الى الثورة وهي أدناه عن سوريا المتفجرة .
من كان حابى أن يقول الحق إني لا اُحابي
لابدّ أن ياتي الزمان على بلادي بانقلاب ِ
ويرى الذين توطنوا أن الغنيمة في الاياب ِ
ماذا يقول المالئو الاكراش من هذي النـَهاب ِ
إن دال تصريف الزمان وآن تصفية الحساب ِ
الأمس المتشبث بتلابيب حسنه وجماله ، سيأتي عليه نهار يتطلب حسنا ً آخر شكلا ومضمونا آخر . يدرك ذلك الشعراء والادباء والصحفيون والفنانون في المسرح والسينما وفي كل مجال ابداعي . المودة تتغير الديكور لغة الخطاب السياسي البيانات الحزبية وفي عملية من التهديم واعادة البناء في تبديل الوجوه والرؤساء والمدراء . والجميع يدرك ذلك بما فيهم الجاثمون على خناق السلطة لكنهم لايريدون التغيير لأنهم بكل بساطة مستفيدون ، آكلو لحم اخوتهم ، دراكيولات دم شعبهم . لا أهمية للجدة والتطور والتنويعات الحضارية . المهم هم الى الأبد . يابشار الأسسسسسسسسسسسسسسد !.
*******
توقٌ أخيرٌ :
ـ لو ان الشاعرمحمد مهدي الجواهري قد قال قصيدته اعلاه بحق الانتفاضة السورية الحالية لشنق الف مرة .
ـ القصيدة اعلاه نظمت عام 1926 وهي ضد الاستعمار الفرنسي.
ـ تصلح القصيدة للقراءة في كل البلدان المجثوم على خناقها ، ولذا خرجت هي ذاتها مرة اخرى من كنوز الأدب الرفيع . ولتقول ايضا ان الأدب العظيم يصلح ظهيرا للشعوب وان الثقافة هي اُم الأرض والانسان . وأنْ لاثقافة بدون تأثير حتى لو بعد زمن يقصر او يطول . انها كامنة في اعماق الناس وعلينا أن نفعلـّها مع إضافة ثورية من متطلبات الحاضر . .
2/4/2011