الثورة السورية بدأت ولا عزاء للمتفرجين
خلف علي الخلف
مثل كل البلدان فاجأت سوريا العالم باحتجاجاتها..
لم يكن أحد يتوقع أن يخرج الشعب التونسي “يريد الحياة” ليأخذها بجدارة من فم الديكتاتور بن علي. وما كان أي حالم يتوقع أن يطيح المصريون بدكتاتور كـ مبارك ونظامه في 18 يوماً. وما كان أحد على وجه البسيطة يمكن أن يخمن أن شعب ليبيا سيطيح بملك ملوك أفريقيا… لم يكن أحد يتوقع يأن خرج العُمانيون.. وكان المحللون الذين يلوكون نفس المفردات منذ عقود يقولون أن اليمن “المسلح” لا يمكن أن تكون ثورته سلمية.. ولا أحد كان يتخيل أن لا يبق أمام الأسرة الحاكمة في البحرين سوى استدعاء القوات “الغازية” الشقيقة لتبق عرشهم مستقراً…
وهكذا.. ورغم هذا ظل هناك من يردد أن سوريا “غير” وأكثر الذين كانوا يرطنون بهذا الكلام هم النظام في سوريا ومخابراته ومنتفعيه، فصورت لهم مخيلتهم أن الشعب السوري هو كائنا فضائية من جينات أخرى غير جينات شعوب المنطقة، وزينت لهذا النظام نفسه أن ما يردده إعلامه عن تلاحم القيادة والشعب هو حقيقة لن تهتز.. وخرج علينا رأس النظام قبل أيام قليلة ليقول برطانة أحسده عليها أن “لب المسألة” هي الاستجابة لتطلعات الشعب، وهو يعتقد أنه حقق للشعب السوري مالم تحققه ملكة فنلندا لشعبها! لذلك فهو آمن من الثورات التي هزت العروش والكراسي والطغاة.
خرج الشعب السوري آخيراً..
ومرة أخرى متحدياً خبراء “الفضائيات”، ومرة أخرى يثبت أن هذه الأنظمة لا تمتلك من الأسلحة سوى خوفنا؛ وبمجرد كسر حاجز الخوف هذا سيتداعى أي نظام كنمر ورقي تافه، أو كفزاعة اهترأت من الشمس..
خرج شعبنا في درعا ودير الزور ودمشق وحلب وحمص وبانياس والقامشلي وغدا أو بعده ستتنفس المدن الأخرى ريح الثورة وروحها وتخرج هاتفة بإرادة الحرية.
لاوقت لإعادة الكلام السابق على الثورة، ولا وقت للحسابات الشخصية أو غير الشخصية، ولا وقت للخوف الذي كسره شعبنا وأثبت في درعا أن هذا النظام الأمني مثله مثل كل الأنظمة العربية الأخرى يتداعى سريعا أمام الإرادة. وأثبت شعبنا في دير الزور أن المخابرات يفرون أمام روح تريد الحرية وتتوق لها.. وفي كل المدن الأخرى تحدى شعبنا بعبع الخوف وخرج لنكتشف أن الحرية إرادة، وإذا الشعب أراد الحياة فسيرحل الطغاة.
لا وقت للخوف .. فلا تتركوا هذات النظام يستفرد بالمدن السورية واحدة واحدة..
لا وقت للإنتظار و”التفرج” على الفضائيات على عدد الضحايا..
إنه عصر الشوارع والميادين والساحات.. من يرد الحرية عليه أن يدفع ثمنها.. كان المصريون يرددون هتافا عالياً كل يوم ” ما تعبناش ما تعبناش .. الحرية مش ببلاش”.
لنناشد أبناءنا وأمهاتنا وأطفالنا الخروج إلى الشوارع .. لن يستطيع هذا النظام أن يعتقل كل الشعب ولن يستطيع أن يبيد كل الشعب.. لقد ولى زمن استباحة المدن دون خبر ودون تدخل.. إرادة الشعب ستهزم أعتى الأسلحة هذا ما قاله لنا شعب ليبيا وهو يواجه أحد أحط الطغاة
لنناشد ابناءنا وأخوتنا وأباءنا في أجهزة النظام أن يتخلوا عنه، وأن لا يقاتلوا أهلهم من أجل أن يبقى الطاغية على كرسيه.. نناشد أبناءنا في الجيش والأجهزة الأمنية أن لا يواجهوا شعبهم من أجل عرش الطاغية الذي سيرحل ويبقى شعبنا
لم يخرج شعب في هذه المنطقة وعاد دون خلع طاغيته.. فيا أيها المترددون لن يعود هذا الشعب قبل أن ينال حريته فهذا يومكم.. ومن لا يخرج مع شعبه في هذا اليوم الذي نشهد فيه التاريخ يتشكل من جديد لا يستحق الحرية
هذا زمن الشعوب لا زمن الطغاة .. إلى الأمام يا شعبنا العظيم.. أنت تستحق الحرية