الحرية يا شباب سوريا
زهير قوطرش
التاريخ ليس أقداراً مكتوبة ,بدون المشاركة الواعية لمن يصنع التاريخ من جماهير الشعوب المفقرة والمقهورة. إن ما جرى في تونس وفي مصر ,أسقط كل الدراسات والنظريات التي كانت تعتمد مبدأ أن هناك شعوباً غير قادرة لوحدها على فعل التغير ,وكذلك سقطت نظرية الأحزاب الثورية ,والرجال القادة الذين يلعبون الدور الأساس في تغير الأنظمة السياسية.
فكما سقط نظام مبارك ,ونظام زين العابدين ,ستسقط كل الأنظمة العربية بما فيها النظام في سوريا ,مهما حاول تزين صورته ,وإطلاق وعوده في الإصلاح ,وفي محاربة الفساد .والسبب يكمن في هيكلية النظام القائم على سيطرة الأمن على كل مرافق الحياة ,ومشاركة الأمن مشاركة فعالة ومصلحية للفساد والمفسدين ,وهو المدافع عنهم وعن وجودهم.
الشباب في الوطن العربي ,وفي سوريا خاصة ما عادت تهمهم وما عادت تعنيهم الاتهامات العشوائية الغير مستندة إلى دلائل ,من أمثال أن هناك مؤامرة سلفية ,وأن هناك مؤامرة سعودية لبنانية تريد تقويض الوحدة الوطنية في سوريا ,ولا موقف الدول الغربية المساندة لنظام الأسد ,ولا الموقف الأمريكي الذي يغازل النظام ,ولا حتى التصريحات الإسرائيلية التي تتسرب من هنا وهناك داعمة وجود هكذا نظام في سوريا.
الشباب خرج إلى الشوارع بغض النظر عن مواقف من يدعمون النظام يدعو إلى الحرية والعدالة والديمقراطية . يدعو إلى الكرامة الإنسانية التي هي أساس كل وحدة وطنية .
وكما لاحظنا ذلك في تونس وفي مصر ,لم يطلق الشباب أي شعار يعالج موضوع الصمود والممانعة وكذلك في سوريا,لأن وعي الشباب السوري كان أكبر من نفاق النظام الذي استخدم تلك الشعارات وسوقها في الوقت الذي مارس فيه الاستبداد ,والتفقير على شريحة واسعة من مكونات الشعب, وأدرك الشباب السوري بوعيه أنه لا يمكن تفعيل الشعارات الوطنية بدون الحرية والعدالة والديمقراطية.
كثيرون من منافقي النظام من سياسين وصحفين ,الذين سيذكر لهم التاريخ مواقفهم التي عبروا فيها عن موقفهم من الحراك الشبابي ,بقولهم …..(بتهكم وسخرية ),بأن الذين خرجوا إلى الشوراع ,لو سألتهم عن معنى الحرية ,ستجدهم لا يفقهون ما معنى الحرية ,ولم يضطلعوا أصلاً حتى على قانون الطوارئ الذي يطالبون بإلغائه.
قبحكم الله ….إذا كان الشباب في سوريا لا يفهم معنى الحرية ,ولم يضطلع على قانون الطوارئ خلال حكمكم ,فعلى من تقع المسؤولية
يا أغبياء ,أليس عليكم وعلى النظام!!!!!!! .
ألم تحولوا جماهير الشباب إلى جماهير مغيبة ,مقهورة ,مستغلة .
لكن لعلمكم أن هذه الجماهير الشبابية ,اكتشفت اليوم بفعل تجربتها وما تراه من ممارسات الأجهزة الأمنية البلطجية أن معنى الحرية هو الانتهاء وإلى الأبد من بطش الأمن وتدخله في حياتهم
لقد أدرك الشباب أن الحرية هي المفتاح والأداة لبناء مجتمع يستطيع المواطن من خلالها العيش بدون خوف ,في حدود القانون الذي يسري على الجميع ,وأن الحرية هي التي ستعطي الفرص للتقدم ومحاربة كل المساوئ الذي اعتاش عليها نظام القمع .
في النهاية , لقد أثبتت جماهير الشباب في سوريا ومصر وتونس واليمن وليبيا
أن الحرية ليست حكراً على الدول المتطورة ,بل هي قيمة يتحصل عليها من أراد أن يعيش حراً.