صفحات العالم

الرباعية الاقليمية حول سوريا بلا أوهام


ملء فراغ دولي في الوقت الضائع؟

    روزانا بومنصف

لم يحظ اجتماع اللجنة الرباعية الذي دعت اليه مصر من اجل بحث الوضع في سوريا وضمت الى مصر كلا من تركيا والمملكة السعودية وايران بناء على مبادرة من الرئيس المصري محمد مرسي باهتمام كبير لدى متابعي الوضع السوري والمهتمين به بل بدا كأن الاجتماع حكم عليه سلفا بعدم القدرة على تقديم اي شيء جديد خصوصا لتزامنه مع انطلاق المبعوث الاممي العربي المشترك الاخضر الابرهيمي في مهمته الساعية الى ايجاد حل للوضع السوري . اذ يخشى هؤلاء ان التجاوب مع دعوة مرسي يتصل بالرغبة في اعطاء الرئيس المصري دفعا في انطلاقته نحو استعادة موقع مصر في العالم العربي وامام الخارج والمساهمة في اظهار قدرة النظام الجديد على المبادرة فورا وبعد اشهر قليلة من وصول مرسي الى الرئاسة المصرية خصوصا انه حظي بألق في مواقفه الاخيرة على وقع الازمة في سوريا يستطيع توظيفه في ظل بعض المعادلات السياسية القائمة بين سعي طهران الى جسر عربي والارادة الاقليمية في اقناعها بالمساهمة في الحل باقناع الاسد بالخروج من اللعبة السياسية. في حين ان الرغبة الايرانية في المشاركة تتصل باعتبارات متعددة يتصل بعضها بحجز ايران موقعا لها في ايجاد الحلول للوضع السوري في مقابل استبعادها في مجموعة الاتصال التي انعقدت في جنيف اواخر حزيران الماضي ومحاولة عدم ترك الامور للدول العربية وحدها من اجل تقرير مصير الوضع في سوريا اضافة الى الجلوس الى طاولة واحدة بما يساهم في تخفيف التوتر مع الدول العربية الاخرى، ولا يتصل غياب الاوهام حول قدرة هذه المجموعة على تقديم مخارج للوضع في سوريا برفض بعض الدول الغربية مشاركة ايران في هذه المجموعة باعتبارها جزءا من المشكلة من خلال استمرار دعمها للنظام السوري وفق ما عبر المسؤولون في بعض الدول، بل ايضا بكون النظام السوري لا يقبل ان تقرر مصيره او تساهم في تقرير مصيره دول عربية او اقليمية يناصبها النظام العداء كالمملكة السعودية وتركيا واخيرا مصر بعد اعتراض النظام على كلام الرئيس المصري في قمة عدم الانحياز في طهران والذي دعا فيه الاسد الى التنحي كما اعترض على كلمة مرسي في اجتماع وزراء الخارجية العرب اخيرا معتبرا ان هذه المواقف لا تؤهل الرئيس المصري للعب دور في موضوع سوريا. وتشير الاوساط المتابعة الى اقتراح طهران ضم كلا من العراق وفنزويلا الى اللجنة الرباعية على سبيل محاولة موازنة الاصوات التي هي ضد النظام ومع تنحي الرئيس السوري باصوات لا تزال تدعمه اي العراق وفنزويلا الى جانب ايران مما يعكس عدم جدية في السعي الى ايجاد حلول بل محاولة تمييع عمل اللجنة واغراقها بالشيء وضده في آن واحد ما دامت الدول الاخرى اي السعودية ومصر وتركيا مع تنحي الرئيس السوري كجزء لا يتجزأ من عملية الانتقال السياسي. وذلك علما ان طهران اعلنت ان لديها خطة لايجاد حل للوضع في سوريا لم تطرحها وليس واضحا اذا كانت ستحاول ان تضعها على الطاولة. لكن من الصعوبة بالنسبة الى المتابعين ان يتم التوافق على خطة تنهي الوضع المأسوي في سوريا في ظل الاصطفاف الاقليمي القائم ما لم ترغب ايران ان تبيع وتشتري في الوضع السوري مع الدول العربية وهو امر مستبعد باعتبار ان الصفقة الاهم هي التي تجريها الدول الغربية مع روسيا في هذا الشأن.

في اي حال، فإن هذا التحرك العربي بدا بالنسبة الى المتابعين المهتمين انفسهم كأنه مسعى لملء الفراغ الدولي القائم حول سوريا بالسعي الى شغله من جهة. كما ان الدول العربية تواجه احراجا من خلال عدم المبادرة في ظل التقاعس الدولي الذي يعزى الى انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية من جهة اخرى في حين ان هذه الدول تخشى من النزف المستمر في الوضع السوري الذي وصل الى حده الاقصى راهنا في ظل عدم امكان اي طرف حسم الموقف على الارض لصالحه . فالصورة الراسخة الان تقوم على عاملين وفقا للمتابعين انفسهم. العامل الاول ان لا افق منظورا لحل ما في سوريا في المستقبل القريب والاخر ان لا تصور واضحا لدى احد حول ماهية وقف العنف والمساهمة في عملية انتقال سياسي. فالابرهيمي من حيث المبدأ في صدد البحث عن الصيغة المناسبة وسط مزايدات مسبقة على وقع مطالبته باعتماد خطة سلفه كوفي انان او اتفاق جنيف في حين انه ينوي البدء بمهمته من النتيجة وليس من خطة انان كما رشح من بعض المتصلين به. في حين ان الدول العربية تواجه ايضا تخبطا غربيا في ظل مواقف متناقضة تساهم في اطالة امد الازمة جنبا الى جنب التوزان الميداني بين النظام ومعارضيه. ويكفي البعض من هذه المواقف التي رافقت انتقال الابرهيمي الى المنطقة كاعلان المفوضة السامية للشؤون الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي كاترين آشتون امام البرلمان الاوروبي المنعقد في ستراسبورغ قبل يومين ان “ليس لدينا حتى الان بديل حقيقيا من النظام القائم في دمشق “، او حتى اعلان وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند ان “الخيار العسكري ليس مستبعدا في التعامل مع الملف السوري معتبرا انه يجب ان يرحل الرئيس السوري” للدلالة على غموض في الرؤية الغربية لتحقيق الانتقال السياسي وايجاد الالية المناسبة لذلك .

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى