السحابةُ بظهرها المحني
ياسر خنجر
أقيسُ المسافةَ بالفقدِ،
حين تؤجّلُ موعدنا
لثغةٌ في لسانِ القدر.
يُوشكُ القلبُ أن يتداركَ
تعويذةَ الهاويةِ، كلما أومت إليهِ السحابةُ،
محنيةَ الظهر، كامرأةٍ متلفعةٍ بالكهولةِ
لا تكفُ توشوشُ قمحَ البراري
كنوزَ حكمتها، مموهةً بفرطِ أمومةٍ،
نضجت ولم تنجب من الحلمِ
إلا تهجئةَ الطريقِ،
فلُذ بالشكِّ يا قلبُ
تنزاحُ عن كاهلكَ الكآبةُ.
ما عاد خفقُكَ كافياً
ليصُدَّ سيفاً مُسلطاً عليكَ،
ويرممَ الصدعَ الذي بينَ خطاكَ وبينك.
فلذ بالشكِ تهتدي،
وتتوبُ عن غبشِ الطمأنينةِ
في حُلكةِ الهاويةِ.
ما عَاد خفقُكَ كافياً
لتصرخَ في وجهِ الرّيحِ،
أن كُنتَ وحياً في طريق القافلة،
أو رشفةَ ماءٍ تبلُ الظمأ،
فأذن لخفقِكَ أن يبوحَ
بما وَهجتَ من قلقٍ،
تكن حرفاً بالغَ التكوينِ
في سطر النملِ الذاهبِ صوبَ الحلمِ،
الواثقِ أن صبحاً يوغلُ
في طقسِ تحرّرهِ من لعنةِ هذا الليلِ،
يَبرَأُ من حدودِ المستحيل
وتفتنهُ احتمالات الأفقِ.
***
يوشكُ القلبُ أن يتملّكَ
ناصيةَ النبضِ لولا ازدحامَ الضغائنِ،
مخبوءةً أو طافيةً
منسولةً من وحيٍ… موروثةً،
مغروسةٌ عمداً لتغتالَ في روحكَ المغفرة.
لا تسعفُ التائه بوصلةُ
إذا تعثر في الوعرِ قلبهُ،
وما من زيتَ في القنديلِ
يُضيء موضعَ القدمِ.
كل الجهاتِ رهنُ فراستكَ،
وواضحةٌ طريقُ الفجرِ، إن شئتَ
مخاصرةَ الهواجسِ في يقظةٍ
تُنبِؤكَ ضفافَ البرزخ.
***
خذلتكَ مئذنةٌ تُكبرُ باسمِ قاتلها،
فهل حقاً وثِقتَ بها
وأسلمتَ المشيئة !.
خذلتكَ أهواءُ العبيدِ فهل حقاً
وَثقتَ بمخلبِ العتمِ
يَفكُ خيوطَ حُلكتهِ،
ويأتيكَ بأفقٍ ساطعَ الشمسِ !.
خذلتكَ مرآةٌ يُعلقها الغريبُ
على جدارِ البيتِ،
كي تتقمصَ الوجه الذي يختار،
فتنسى أن وجهَ الضحّيةِ وجهكَ،
عيناه عيناكَ، لولا أطفأت شمسهما
زفرةٌ من بندقيةٍ.
خذلتكَ الرصاصةُ، حيثما أطلقتها
لا تصيبُ غيركَ،
تملي عليكَ وصايا الدمِ،
ترثيكَ وأنتَ بَعدُ في اليفاعةِ،
فهل تحتار بين غمامةٍ
تذرفُ الماءَ فوقَ يباسكَ،
وعود ثقابٍ يستحلفُ اللهبَّ أن ينبهكَ !.
***
يا قلبُ خذني في مهبِ فطنتكَ،
إلى صبحيَ المشتهى
حيثُ الضوءُ يسودُ، وأسئلةٌ
تُهيئُ للحلمِ أرضاً يعيثُ بها زرعاً.
حيثُ أجنحةُ الهواجسِ طليقةٌ،
ولا يتصيدُ القناصُ وجهتها.
يا قلبُ خذني في مهبِ فطنتكَ،
إلى صبح دمشقَ المشتَهى.
من داخل سجن تسلمون
13-9-2012
خاص – صفحات سورية –