صفحات سوريةفايز ساره

السوريون يجددون ثورتهم سلمياً


فايز سارة

تشهد سوريا في اللحظة الراهنة حراكاً نوعياً في المستويين السياسي والشعبي، ربما هو الاول من نوعه منذ انطلقت ثورة «الحرية والكرامة»، ولعل الدافع الرئيس لهذا الحراك يكمن في ثلاثة اسباب، اول هذه الاسباب يمثله التصعيد الامني ـ العسكري في اطار الحل الذي اختارته السلطات السورية منذ بدء الثورة، وهو المواجهة المفتوحة مع المتظاهرين والمحتجين وحواضنهم الاجتماعية والجغرافية، والابرز في حملة التصعيد حصار مناطق سكنية وقصفها ثم اجتياحها تحت ذريعة «مواجهة المسلحين والعصابات الارهابية».

اما السبب الثاني فهو ضعف الحراك الاقليمي والدولي الهادف الى معالجة الازمة في سوريا، وايجاد مخارج لها توقف نزف الدم السوري والانتهاكات الشديدة في ميدان حقوق الانسان، ثم وضع البلاد على قاعدة حل سياسي وتسوية للازمة عبر مرحلة انتقالية تجنب البلاد ما صار يلوح في الافق من حرب داخلية، قد تمتد الى الاقليم، وقد تترافق مع تدخل عسكري دولي، وهي تطورات لن يدفع السوريون فاتورتها وحدهم، بل سيشارك في دفع الفاتورة آخرون من قوى اقليمية ودولية.

والسبب الثالث في دوافع الحراك السياسي والشعبي الحالي، يمثله قلق السوريين من الاجابة عن سؤال عن المستقبل الذي يمكن ان تذهب اليه بلادهم وحياتهم في حال استمرت فصول التصعيد الامني ـ العسكري من جانب السلطات واستمر ضعف الاهتمام الاقليمي والدولي بالوضع السوري، ما يجعل الوضع مفتوحاً على المجهول بمحتواه العنيف وخسائره البشرية والمادية، التي قد لا يستطيع السوريون وكيانهم احتمالها.

وسط تلك اللوحة القاتمة يمثل سؤال السوريين عن المستقبل بوابة تحول نوعي في ثورة جربت، وان يكن بحدود ومستويات معينة اشكالاً متعددة في الصراع مع السلطات، شملت حركات الاحتجاج والتظاهر والاضرابات، وصولاَ الى الحماية المسلحة للحراك الشعبي، وآخرها القيام بعمليات ضد اهداف امنية وعسكرية، لكنها لم تؤد الى حدوث تبدلات نوعية في ميزان القوى الداخلي القائم اصلاً على اغلبية شعبية مدنية في صف الثورة، واغلبية مسلحة في صف النظام، وما لم يحدث تحول نوعي في هذا التوازن، فان الازمة باقية ومتصاعدة في اتجاه اخذ سوريا الى الخراب والسوريين الى الموت.

وقاد الوضع بما هو عليه الى ذهاب السوريين في حراكهم العام والسياسي نحو سياسات وخطوات، لعل الاهم فيها هو اعادة الاعتبار للطبيعة السلمية للثورة وعموميتها لكل السوريين، وهو توجه يتضمن في حيثياته نبذ العنف الذي بدأه النظام، ويمعن في استمراره، ورفض الاصطفافات التصادمية للمنخرطين في اطار الجماعة الوطنية ومنها اصطفافات عرقية او دينية او طائفية.

ويتزامن مع اعادة الاعتبار للطبيعة السلمية لثورة السوريين ميل الحراك الشعبي والسياسي باتجاه حل سياسي للوضع القائم، جرى التعبير عنه بموافقة واسعة من جانب غالبية القوى السياسية على خطة انان، ولا يخفف من الرغبة فيه، ما يتردد من اقوال تؤكد ضرورة مواجهة النظام بالقوة، نتيجة العنف الواسع الذي يشيعه في البلاد، ولا يستطيع احد كبحه او الحد منه.

كاتب وناشط سوري

لمتابعة المقال كاملاً يرجى زيارة موقع «السفير»

www.asafir.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى